أو دلّل عليه ، وإنّما كان مع بقية إخوانه من المهاجرين جنوداً في سرية اُسامة ، ولو كان قد رشّحه لمنصب الخلافة وأقامه علماً ومرجعاً للاُمّة لأقامه معه في يثرب ، وما أخرجه إلى ساحات الجهاد ، وهو (صلّى الله عليه وآله) في ساعاته الأخيرة من حياته.
وعلى أيّ حال ، فقد بادر أعضاء حزبه بسرعة خاطفة إلى بيعته خوفاً من تطور الأحداث ؛ فبايعه عمر ، وبشير ، واُسيد بن حضير ، وعويم بن ساعدة ، ومعن بن عدي ، وأبو عبيدة بن الجراح ، وسالم مولى أبي حذيفة ، وخالد بن الوليد ، واشتدّ هؤلاء في حمل الناس وإرغامهم على مبايعته ، وكان من أشدّهم اندفاعاً وحماساً عمر بن الخطاب ، فقد جعل يجول ويصول ويدفع الناس دفعاً إلى البيعة ، وقد لعبت درّته شوطاً في الميدان ، وسمع الأنصار وهم يقولون : قتلتم سعداً.
فاندفع يقول بثورة وعنف : اقتلوه قتله الله ، فإنه صاحب فتنة (١).
وكادوا يقتلون سعداً وهو مزمل وجع ، وحمل إلى داره وهو صفر اليدين قد انهارت آماله ، وتبدّدت أحلامه ، ولمّا تمّت البيعة إلى أبي بكر أقبل به حزبه يزفّونه إلى مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) زفاف العروس (٢) ، والنبي (صلّى الله عليه وآله) مسجّى في فراش الموت لم يغيبه عن عيون القوم مثواه ، قد انشغل الإمام أمير المؤمنين بتجهيزه ، ولمّا علم (عليه السّلام) ببيعة أبي بكر تمثّل بقول القائل :
__________________
(١) العقد الفريد ٣ / ٦٢.
(٢) شرح نهج البلاغة ٢ / ٨.