يبكي حتّى تسيل
دموعه على خديه كأنها نظام اللؤلؤ ، وهو يصعد آهاته ويقول : يوم الخميس ، وما يوم
الخميس؟! قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : «ائتوني بالكتف والدواة أكتب لكم
كتاباً لن تضلوا بعده أبداً». فقالوا : إنّ رسول الله يهجر .
حقّاً إنّها رزية الإسلام الكبرى ، فقد
حيل بين المسلمين وبين سعادتهم وتقدّمهم في ميادين الحق والعدل.
فجيعة الزهراء (عليها السّلام) :
ونخب الحزن قلب بضعة الرسول (صلّى الله
عليه وآله) وريحانته ، وبرح بها الألم وأضناها الأسى حينما علمت أنّ أباها مفارق
لهذه الحياة ، فقد جاءت إليه تتعثّر بخطاها وهي مذهولة كأنها تعاني آلام الاحتضار
، فجلست إلى جانبه وهي محدقة بوجهه وسمعته يقول : «وا كرباه!».
ويمتلئ قلبها الطاهر بالأسى والحزن
والحسرات فتسرع إليه قائلة : «وا كربي لكربك يا أبتي!». فأشفق الرسول (صلّى الله
عليه وآله) حينما رأى حبيبته كأنها صورة جثمان قد فارقته الحياة فقال لها مسلّياً
: «لا كرب على أبيك بعد اليوم» .
فكانت هذه الكلمات أشدّ على نفسها من
هول الصاعقة ، فقد علمت أنّ أباها سيفارقها ، ورأها النبي (صلّى الله عليه وآله) وهي
ولهى حائرة ، قد خطف
__________________