أمّا حياة الإمام الحسين (عليه السّلام)
فقد شقّت أجواء التاريخ وهي تحمل النور والهدى لجميع الناس ، كما تحمل شارات الموت
والدمار للمخرّبين والظالمين في جميع الأجيال.
لقد تفاعلت حياة الإمام الحسين مع أرواح
الناس وامتزجت بعواطفهم ومشاعرهم ، وهي نَديّة عاطرة تتدفّق بالعزّة والكرامة ،
وتدفع المجتمع إلى ساحات النضال لتحقيق أهدافه وتقرير مصيره.
إنّها مدرسة الأجيال الكبرى التي تفيض
بالخير والعطاء على الناس جميعاً متّفقين ومختلفين ، فهي تغذّيهم بالوفاء والصبر ،
وتدفعهم إلى الايمان بالله ، وتعمل على توجيههم الوجهة الصالحة ، المتّسمة
بالكرامة وحسن السلوك ، كما تعمل على تهذيب الضمائر ، وتكوين العواطف وتنمية
الوعي.
فهي أجدر بالبقاء من كل كائن حي ، بل
أحقّ بالخلود من هذا الكوكب الذي يعيش فيه الإنسان ؛ لأنّها إطار لأسمى معاني
الكرامة الإنسانية.
إنّ حياة ريحانة الرسول ومثُله ستبقى
حيّة وخالدة إلى الأبد ؛ لأنّها استهدفت القضايا المصيرية لجميع الشعوب ، فإنّ
الإمام لم ينشد في ثورته الخالدة أي مطمع سياسي أو نفع مادي ، وإنّما استهدف
المصلحة الاجتماعية ، وعنى بأمر الناس جميعاً ؛ ليوفّر لهم العدل السياسي والعدل
الاجتماعي ، وقد أعلن (سلام الله عليه) أهدافه المشرقة بقوله : «إنّي لم أخرج
أشراً ولا بطراً ، ولا ظالماً ولا مفسداً ، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في اُمّة
جدّي ؛ اُريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر».
من أجل هذه المبادئ العليا خُلّدت قصّة
الحسين واستوعبت جميع لغات الأرض ، وأخذ الناس يقيمون لها الذكرى مقتبسين منها
الايمان بالله ، ومقتبسين منها العِبَر والعظات التي تنفعهم في جميع ميادين حياتهم
... إنّها