الشيطان وما ليس فيه رضا الرحمن ـ كما قاله ابن عباس ـ أو الذنب المدنس بعرضكم ، (أَهْلَ الْبَيْتِ) ، أي يا أهل بيت النبوة. وأخرج الترمذي حديثا أنه لما نزلت هذه الآية دعا النبي صلىاللهعليهوسلم فاطمة ، وحسنا ، وحسينا ، وعليا ، وقال : «اللهم هؤلاء أهل بيتي» (١). وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : نولت هذه الآية في نساء النبي صلىاللهعليهوسلم خاصة. (وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (٣٣) أي يلبسكم خلع الكرامة ، فذهاب الرجس كناية عن زوال عين النجاسة ، والتطهير كناية عن تطهير المحل. (وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ) أي اذكرن للناس بطريق العظة ما يتلى في بيوتكن من القرآن ، وكلمات النبي صلىاللهعليهوسلم (إِنَّ اللهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً) (٣٤) يعلم ويدبر ما يصلح في الدين ، (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ) أي إن المنقادين لحكم الله تعالى من الذكور والإناث ، (وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) أي المصدّقين بما يجب تصديقه من الفريقين (وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ) ، أي المداومين على الطاعات ، (وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقاتِ) في القول والعمل ، (وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ) على الطاعات وعن المعاصي ، (وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ) أي المتواضعين لله بقلوبهم وجوارحهم ، (وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ) بما وجب في مالهم ، (وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ) الصوم المفروض ، (وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ) عن الحرام ، (وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ) بقلوبهم وألسنتهم ، (أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ) بسبب ما عملوا من تلك الحسنات المذكورة (مَغْفِرَةً) للصغائر (وَأَجْراً عَظِيماً) (٣٥) على الطاعات. نزلت هذه الآية في قول أم سلمة ، ونسيبة بنت كعب الأحبار : يا رسول الله ما ترى الله يذكر النساء في شيء من الخير ، إنما ذكر الرجال ، ثم نزلت في زينب بنت جحش بنت عمة رسول الله ، وأميمة بنت عبد المطلب خطبها رسول الله لزيد بن حارثة فأبت هي وأخوها عبد الله ، وكانت بيضاء جميلة ، وزيد أسود وقالت : أنا بنت عمتك يا رسول الله فلا أرضاه لنفسي. وقيل : نزلت في أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وأخيها ، وكانت وهبت نفسها للنبي صلىاللهعليهوسلم فزوجها من زيد بعد ما طلق زينب بنت جحش ، فسخطت هي وأخوها وقالا : إنما أردنا رسول الله فزوجنا عبده. (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) ، أي وما صح لكل مؤمن وكل مؤمنة إذا أراد رسول الله أمرا أن يختاروا من أمرهم ما شاءوا ، بل يجب عليهم أن يجعلوا اختيارهم تبعا لاختياره صلىاللهعليهوسلم ، (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ) في أمر من الأمور كأن يعمل فيه برأيه (فَقَدْ ضَلَ) طريق الحق (ضَلالاً مُبِيناً) (٣٦) ، أي بين الانحراف عن سنن الصواب ، فلما نزلت هذه الآية رضيت زينب وأخوها ، وجعلا الأمر بيد رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأنكحها زيدا ، وساق إليها رسول الله عشرة دنانير وستين درهما وخمارا ودرعا ، وملحفة
__________________
(١) رواه مسلم في كتاب الحيض ، باب : ١٨ ، وأحمد في (م ٢ / ص ٣١٥).