الْحُسْنى) أي وكل واحد من الفريقين وعد الله المثوبة الحسنى ـ وهي الجنة ـ مع تفاوت الدرجات. وقرأ ابن عامر «وكل» بالرفع على الابتداء ، أي وكل وعده الله الحسنى ، (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (١٠) فيوصل الثواب إليكم بحسب استحقاقكم له (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) أي من ذا لذي ينفق ماله في طاعته تعالى بالصدق من قلبه رجاء أن يعوضه.
وقال بعض العلماء : لا يكون القرض حسنا حتى يجمع أوصافا عشرة :
الأول : أن يكون القرض من الحلال.
والثاني : أن يكون من أكرم ما تملكه دون أن تنفق الرديء.
والثالث : أن تصدق بما تملكه وأنت تحتاج إليه بأن ترجو الحياة.
والرابع : أن تصرف صدقتك إلى الأحوج.
والخامس : أن تكتم الصدقة ما أمكنك.
والسادس : أن لا تتبعها منا ولا أذى.
والسابع : أن تقصد بها وجه الله ولا ترائي.
والثامن : أن تستحقر ما تعطي وإن كثر.
والتاسع : أن يكون المعطى من أحب أموالك إليك.
والعاشر : أن لا ترى عز نفسك وذل الفقير بل ترى نفسك تحت دين الفقير ، وترى الفقير كأن الله تعالى أحال عليك رزقه الذي قبله منك. (يُضاعَفُ لَهُمْ) أي فيعطيه الله أجره أضعافا. وقرأ عاصم بالألف والنصب ، ونافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي بالألف والرفع ، وابن كثير بالتشديد في العين والرفع ، وابن عامر بالنصب. فالرفع على العطف على «يقرض» أو على الاستئناف على تقدير مبتدأ ، أي فهو يضاعفه ، والنصب على جواب الاستفهام بالفاء. (وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ) (١١) أي وللقرض ثواب حسن في نفسه ، حقيق بأن يتنافس فيه المتنافسون ، وإن لم يضعّف فكيف وقد ضعّف أضعافا كثيرة إلى أكثر من سبعمائة نزلت هذه الآية في أبي دحداح ، (يَوْمَ) ظرف لقوله تعالى : (فَيُضاعِفَهُ) أو للاستقرار العالم في وله أجر ، أي استقر له أجر يوم (تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ) ، وهذا النور هو ما يكون سببا للنجاة وإنما قال تعالى : (بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ) لأن السعداء يؤتون صحائف أعمالهم من هاتين الجهتين ، كما أن الأشقياء يؤتونها من شمائلهم وراء ظهورهم ، فإذا مروا على الصراط يسعى معهم نور الإيمان والأعمال المقبولة أمامهم ، ونور الإنفاق في جهة أيمانهم ، لأن الإنفاق يكون بالإيمان ومراتب الأنوار مختلفة على قدر الأعمال ، فمنهم من يضيء له نوره كما بين عدن وصنعاء ومنهم من نوره مثل الجبل ، ومنهم من لا يضيء له نوره إلّا موضع قدميه وأدناهم نورا من يكون نوره على إبهاميه ينطفئ مرة ويتقد أخرى ، وهذا القول منقول عن ابن مسعود وقتادة وغيرهما. وقرأ