سورة البروج
مكية ، ثنتان وعشرون آية ، مائة وتسع كلمات ، أربعمائة وثمانية وخمسون حرفا
بسم الله الرحمن الرحيم
(وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ) (١) أي ذات المحال الاثني عشر ، والطرق التي تسير فيها الكواكب السبعة (وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ) (٢) ، وهو يوم القيامة فإن الله تعالى وعد أهل السماء وأهل الأرض أن يجتمعوا فيه ، (وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ) (٣) فالشاهد من يحضر في ذلك اليوم من الخلائق ، والمشهود ما في ذلك اليوم من العجائب. (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) (٤) وهذا دليل جواب قسم محذوف ، والتقدير : أقسم بهذه الأشياء إن كفار مكة ملعونون كما لعن أصحاب الأخدود ، وقيل : إن الجواب قوله تعالى : (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) [البروج : ١٢]. والأخدود شق مستطيل في الأرض كالنهر ، وذكر أن طوله أربعون ذراعا وعرضه اثنا عشر ذراعا. وأصحاب الأخدود هم أناس كانوا بمدارع اليمن كما قاله قتادة عن علي ، أو هم الحبشة كما قاله الحسن عن علي أيضا. (النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ) (٥) من النفط ، والزفت ، والحطب.
وقرئ بضم الواو بمعنى الاتقاد وقوله : «النار» بدل اشتمال من الأخدود ، ثم إن أصحاب الأخدود إما الجبابرة الذين قتلوا المؤمنين ، فحينئذ إن قوله تعالى : (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) إما خبر فالمعنى : أن أولئك القاتلين قتلوا بالنار على القول بأن الجبابرة لما أرادوا قتل المؤمنين بالنار عادت النار عليهم فقتلتهم فهم في تلك الحالة كانوا ملعونين ، فالمعنى : أنهم خسروا الدنيا والآخرة ، أو دعاء عليهم أي لعن أصحاب الأخدود ، وإما المؤمنون المقتولون بالإحراق بالنار. فيكون قوله تعالى : لعن أصحاب الأخدود خبرا لا دعاء. (إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ) (٦) ظرف لـ «قتل» أي لعنوا حين كانوا جالسين على شفير النار يعذبون المؤمنين ، فإن النار ارتفعت إليهم فهلكوا ، أو يقال لعنوا إذ المؤمنون مطرحون على النار ، (وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ) (٧) أي وهؤلاء الكفار مع ما يفعلون بالمؤمنين من الإحراق بالنار حضور لم تحصل في قلوبهم ، شفقة ولا رأفة لغاية قسوة قلوبهم والوقف هنا تام إن جعل جواب القسم (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) بتقدير لقد وجائزا لطول الكلام إن جعل جواب القسم (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) [البروج : ١٢].
روى مسلم عن صهيب أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «كان الملك فيمن قبلكم ساحر فلما كبر قال