جهة العلميّة
عنهما في الغالب لا يقضي بكون النظر في التعبّد بهما إلى جهة الظنّية باعتبار
الغالب ، ليكون المرجع بحسب الحقيقة هو الظنون المتعلّقة بهما سندا ومتنا ودلالة
ومعارضة كما هو المطلوب من الاستدلال بالإجماع ، لجواز كون النظر في التعبّد بهما
إليهما من حيث هما مع قطع النظر عن الظنّ وجهاته المذكورة.
ومحصّله كونهما
مرجعان من باب السببيّة المطلقة على قياس ما هو الحال في الأمارات التعبّديّة
الغير المنوطة بالظنّ كالبيّنة ونحوها.
والحاصل لم يعلم
من الإجماع المذكور كون مناط التعبّد بهما الظنّ المتعلّق بهما من الجهات المذكورة.
ويمكن دفعه : بأنّ
الحكم المجمع عليه معلّق على عنوان واقعي لا بدّ من إحرازه بطريق علمي أو ما يقوم
مقامه على تقدير تعذّره وهو الظنّ بمعنى الوثوق والاطمئنان وسكون النفس ، والمراد
بهذا العنوان « الكتاب والسنّة » الّتي هي عبارة عن قول المعصوم وفعله وتقريره ،
والكتاب من هذا العنوان وإن كان محرزا بطريق علمي للعلم بصدوره المستند إلى
التواتر.
وأمّا السنّة منه
فالمحرز منها بطريق علمي في غاية الندرة كما هو المفروض ، فلو كان نظر الإمام في
التعبّد بهما إلى هذا المقدار لزم إلغاء أكثر الأحكام الشرعيّة الثابتة في الواقع
ونفس الأمر بل غالبها ، على معنى كونه لا يريد امتثالها أصلا وهو خلاف الإجماع
والضرورة من الدين ، فيستفاد منه الرخصة في الرجوع إلى الظنّ بالمعنى المذكور
لإحراز ما تعذّر إحرازه من السنّة بطريق علمي ، على معنى تحصيل الوثوق والاطمئنان
وسكون النفس في قول أو فعل أو تقرير محكيّ عن الإمام إلى كونه قوله وفعله وتقريره
، ولو لا ذلك عاد المحذور ، إذ لا سنّة عندنا عدا السنّة المعلومة النادرة حتّى
نأخذها مرجعا ونتعبّد بها في امتثال أحكام الله تعالى ، وهذا هو معنى تعلّق الظنّ
بالكتاب والسنّة سندا ، وإلى اعتبار هذا المعنى يشير اصطلاح القدماء في صحيح
الحديث الّذي بنوا على حجّيته والتعبّد به يريدون به ما كان راويه متحرّزا عن
الكذب.
وقضيّة ذلك بناؤهم
في إحراز السنّة على لزوم مراعاة الوثوق والاطمئنان والسكون إلى الصدق ، إذ
بملاحظة التحرّز عن الكذب يحصل ذلك جدّا.
ثمّ بعد الفراغ من
إحراز الكتاب والسنّة باعتبار السند بأحد الطريقين لا بدّ من استفادة