الشهادة بصحّة جميع ما فيها من الأخبار والأحاديث ، فقال في أوّل التهذيب : « ذاكرني بعض الأصدقاء أيّده الله تعالى ممّن أوجب حقّه بأحاديث أصحابنا أيّدهم الله ورحم السلف منهم ، وما وقع فيها من الاختلاف والتباين والمنافاة والتضادّ ، حتّى لا يكاد يتّفق خبر إلاّ وبإزائه ما يضادّه ، ولا يسلم حديث إلاّ وفي مقابله ما ينافيه ، حتّى جعل مخالفونا ذلك من أعظم الطعون على مذهبنا ، وتطرّقوا بذلك إلى إبطال معتقدنا » ـ إلى أن قال ـ : و « ذكر ـ يعني بعض الأصدقاء ـ أنّه إذا كان الأمر على هذه الجملة ، فالاشتغال بشرح كتاب يحتوي على تأويل الأخبار المختلفة والأحاديث المتنافية من أعظم المهمّات في الدين ، ومن أقرب القربات إلى الله تعالى ، لما فيه من كثرة النفع للمبتدئ والريض في العلم.
وسألني أن أقصد إلى رسالة شيخنا أبي عبد الله أيّده الله الموسومة بالمقنعة. ـ إلى أن قال ـ : وأن أقصد إلى أوّل باب يتعلّق بالطهارة ـ إلى أن قال ـ : وأن اترجم كلّ باب على حسب ما ترجمه ، وأذكر مسألة مسألة فأستدلّ عليها إمّا من ظاهر القرآن أو صريحه أو فحواه أو دليله أو معناه (١) ، وإمّا من السنّة المقطوع بها من الأخبار المتواترة أو الأخبار الّتي تقترن إليها القرائن الّتي تدلّ على صحّتها ، وإمّا من إجماع المسلمين إن كان فيها أو إجماع الفرقة المحقّة.
ثمّ أذكر بعد ذلك ما ورد من أحاديث أصحابنا المشهورة في ذلك ، وأنظر فيما ورد بعد ذلك ما ينافيها ويضادّها ، وابيّن الوجه فيها إمّا بتأويل أجمع بينها وبينها ، أو أذكر وجه الفساد فيها إمّا من ضعف أسنادها أو عمل العصابة بخلاف متضمّنها ـ إلى أن قال ـ : ومهما تمكّنت من تأويل بعض الأحاديث من غير أن أطعن في أسانيدها فإنّي لا أتعدّاه ، وأجتهد أن أروي في معنى ما أتأوّل الحديث عليه حديثا آخر متضمّن ذلك المعنى إمّا من صريحه أو فحواه ، حتّى أكون عاملا على الفتيا والتأويل بالأثر ، وإن كان هذا ممّا لا يجب علينا لكنّه ممّا يؤنس بالتمسّك بالأحاديث ... » إلخ.
وقال في أوّل الاستبصار : « واعلم أنّ الأخبار على ضربين متواتر وغير متواتر ، فالمتواتر ما أوجب العلم فما هذا سبيله يجب العمل به ـ إلى أن قال ـ : وما ليس بمتواتر على ضربين ، فضرب منه يوجب العلم أيضا وهو كلّ خبر يقترن إليه قرينة توجب العلم ،
__________________
(١) الفحوى : هو مفهوم الموافقة ، والدليل : هو مفهوم المخالفة ، وقوله : « أو معناه » قيل في توجيهه : الظاهر أنّ المراد به ما يفهم منه الكلام بقرينة ( منه ).