وملخّصه : أنّ إحراز الصحّة في الكتب الأربعة بالاجتهاد كما هو مفاد الوجه المذكور على فرض التسليم بالمعنى المصطلح عليه عند القدماء أو المتأخّرين أعمّ من الصحّة الواقعيّة ، كما أنّ الصحّة الواقعيّة بالمعنى المذكور أعمّ من الصدور ، كما أنّ الأخذ من الاصول المعتبرة أعمّ من الأخذ بالأخبار الصادرة على وجه اليقين ، لعدم العلم بكون جميع الأدلّة معروضة على الأئمّة عليهمالسلام بل المعلوم خلافه كما قيل ، وكون جميع ما في الكتب الأربعة وغيرها ممّا هو موجود الآن من الأخبار المعروضة عليهم عليهمالسلام أيضا غير معلوم.
وعن ثانيها : أيضا يعلم ممّا ذكر ، فإنّ كلاّ من تمهيد اصول معتبرة والأمر بكتابة الأحاديث المسموعة وجمعها وتأليفها والعمل بها في الحضور والغيبة وكون جملة من تلك الاصول معروضة عليهم أمر معلوم لا إشكال فيه ولا ينكره أحد ، غير أنّه لا يقضي بعلميّة جميع ما في الكتب الأربعة حتّى بالقياس إلى أربابها ، وإذعانهم بالاعتبار والحجّية ـ لو سلّمناه في جميع ما فيها ـ ليس من الإذعان بالصدور في شيء ، وانقطاع أهل زمان الغيبة عن الاصول المعلومة صدورا أو اعتبارا بكيد الكائدين وعناد المعاندين أو غير ذلك من الأسباب الخارجيّة والدواعي الطارئة لا ينافي حصول العمل بمقتضى الحكمة والخروج عن عهدة موجبات الشفقة والرأفة ، كيف وهو ليس بأعظم من انقطاعنا عن نفس الحجّة الّذي هو الأصل والعمدة.
وعن ثالثها : أيضا يعلم ممّا تقدّم ، فإنّ الشهادة الناشئة عن الاجتهاد الغير المأمون عن الخطأ لا تفيد العلم بالمشهود به وإن تعدّدت وتكثّرت.
هذا مع ما عرفت عن الصدوق من الاكتفاء بتصحيح شيخه ، وعن الشيخ من استضعاف جملة من أخبار التهذيبين وحمل جملة منها على التقيّة مع عدم كون المحكيّ عنه في العدّة صريحا في الشهادة بصحّة جميع ما أورده فيهما ، بل غايته التصريح بالاقتصار في العمل على الصحاح ، وكون اتّفاق شهاداتهم أولى في إفادة العلم ممّا نقله ثقة واحد من فتوى أبي حنيفة وغيره في محلّ المنع ، لأنّ ذلك نقل عن علم مستند إلى الحسّ بخلاف شهاداتهم الناشئة عن الاجتهاد ، وعلى فرض إفادتها العلم فهو علم بالصحّة أو الاعتبار ، لكون المشهود به بتلك الشهادة هو هذا والعلم بهما أعمّ من العلم بالصدور ، وليس في شهادتهم ما يوجب حصوله جزما.
هذا كلّه بناء على الإغماض عمّا هو بيان الواقع ، وإلاّ ففي أوّل التهذيبين ما ينافي