علينا التجشّم لاستعلام صحّة ذلك أو فساده ، مع عدم جدواه في حالنا ولا سبيل لنا أيضا إلى معرفة حالهم وأوضاع زمنهم.
وثانيهما : ما هو المعروف عن الأخباريّة المعزى إلى أكثرهم من قطعيّة الصدور في كتب الأخبار المتداولة بين أصحابنا أو خصوص الأربعة المعروفة منها ، بزعم استفاد ذلك من امور يأتي إليها وإلى ضعفها الإشارة.
وفي كلام بعض أصحابنا : أنّ أوّل من فتح هذا الباب الأمين الأسترآبادي فتبعه غيره.
وقد يقال : لعلّ هذه الدعوى إنّما صدرت لدفع ما أورده المجتهدون على إيرادهم عليهم في استعمالهم الظنّ ـ كما نطق به حدّ الاجتهاد ـ المذموم في بعض الأخبار ، من أنّكم لا تسلمون عن استعمال الظنّ ، لأنّ أخبار الآحاد كلّها ظنّيّة السند والدلالة ، فالتزموا بقطعيّة السند بل الدلالة أيضا تفصّيا عن الإشكال.
وكيف كان فهذه الدعوى صدرت أوّلا من أمينهم الأسترآبادي في منع الحاجة في العمل بالأخبار إلى علم الرجال أوردناها هنا لتعلّقها بالمقام أيضا.
فقال : « إنّ أحاديثنا كلّها قطعيّة الصدور عن الأئمّة عليهمالسلام فلا حاجة إلى ملاحظة أسانيدها.
أمّا الكبرى : فظاهرة ، وأمّا الصغرى : فلأنّ أحاديثنا محفوفة بقرائن مفيدة لذلك.
منها : القرائن الحاليّة والمقاليّة في متونها واعتضاد بعضها ببعض ، وكون الراوي ثقة في نفسه أو في الرواية ، غير راض بالافتراء ، ولا متسامح في أمر الدين فيأخذ الرواية من غير ثقة أو مع فقد قرينة الاعتبار.
ومنها : نقل العالم الثقة الورع ـ في كتابه المؤلّف لهداية الناس وإرشادهم ورجوع الشيعة إليه ـ أصل رجل أو روايته على ظنّ مع تمكّنه من استعلام حال ذلك الأصل أو تلك الرواية ، وأخذ الأحكام بطريق القطع عنهم عليهمالسلام.
ومنها : تمسّكه بأحاديث ذلك الأصل أو بتلك الرواية ، مع تمكّنه من أن يتمسّك بروايات اخر صحيحة.
ومنها : أن يكون راويه أحد من الجماعة الّتي أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم.
ومنها : كونه ممّن نصّ في الروايات على توثيقه وأمر بالأخذ منه ومن كتابه ، أو أنّه المأمون في أمر الدين والدنيا.