فنقول : إنّ الترجيح بالأظهريّة قد يكون منوطا بالأشخاص والخصوصيّات الّتي تختلف باختلاف الموارد والمقامات والأحوال والأزمنة والأمكنة وغيرها من طوارئ الاستعمال ، وقد يكون منوطا بالأنواع والكلّيات كنوع التخصيص والمجاز وغيرهما إذا دار الأمر بينهما ونحو ذلك ممّا يذكر مفصّلا ، ولا كلام لنا في القسم الأوّل لأنّ الأشخاص والخصوصيّات الموجبة للرجحان والمرجوحيّة والظهور والأظهريّة غير منضبطة ولا محصورة ، فليست قابلة لأن يتكلّم عنها في المسألة العلميّة ، فانحصر موضوع البحث هنا في القسم الثاني ، وهذا يتضمّن مقامين لأنّ المتعارضين بحسب النوع إمّا أن يكونا من سنخ واحد كمجازين أو تخصيصين أو إضمارين ، أو يكونا من سنخين كمجاز وتخصيص ، ومجاز وإضمار ، وتخصيص وإضمار ، وقد جرت العادة بتسمية الثاني بتعارض الأحوال ، وكون المتعارضين من نوع واحد خارج عن هذا العنوان بحسب الاصطلاح وإن دخل فيه بحسب المفهوم.
ثمّ إنّ الأحوال الّتي ذكروها في باب تعارض الأحوال ترد على قسمين :
أحدهما : ما يرجع إلى وضع اللفظ وتشخيص حاله من حيث نوعه لا من حيث وروده في كلام متكلّم خاصّ كالنقل والاشتراك إذا دار الأمر بينهما.
وثانيهما : ما يرجع إلى استعمال اللفظ وتشخيص المراد منه من حيث وروده في كلام متكلّم خاصّ كالمجاز والإضمار مثلا.
والبحث في المقام إنّما هو في الثاني لأنّه الّذي يناسب ذكره في باب التعارض بمعنى تنافي مدلولي الدليلين ، والأحوال الراجعة إلى اللفظ من حيث تشخيص المرادات منحصرة في الخمس المعروفة : المجاز والإضمار والتخصيص والتقييد والنسخ ، والإضمار ليس قسما من المجاز كما توهّم وإطلاق المجاز عليه مجاز إذ لا يستعمل معه لفظ في غير معناه ، ضرورة أنّ « القرية » في « اسئل القرية » بناء على احتمال الإضمار لم يرد منها إلاّ معناها الحقيقي.
نعم يعرب معه لفظ بإعراب لفظ آخر محذوف في الكلام ، ولذا قد يعبّر عنه بالمجاز في الأعراب ، هذا إذا قلنا إنّ ما في القرية من الإعراب ليس إعرابه الأصلي حتّى يكون من باب الإضمار ، وأمّا إن قلنا بأنّه إعرابه الأصلي فحينئذ إن اريد بها غير معناها كمعنى « الأهل » كان مجازا في اللفظ وهو المجاز المصطلح ، وإلاّ لا مناص من التزام المجاز في الإسناد.
ثمّ إنّ كلاّ من الحالات الخمس المذكورة يرد في الكلام على خلاف الظاهر حسبما يقتضيه قرينة المقابلة ، فإنّ هاهنا بحسب النوع ظهورات خمس ، أي أنواع خمس من