الاجتهادي ، فإذا وجد الدليل ارتفع الشكّ وانتفى الشرط فيبقى بلا موضوع ، فترك العمل به وبالعامّ ليس طرحا لهما ، بل من جهة أنّه لا موضوع لهما ولا محلّ للعمل بهما.
وبالجملة مقتضى مرجّحية مخالفة العامّة وقابليّة العامّ الكتابي للتخصيص وصلاحية الخبر المخالف لأن يكون مخصّصا له نهوض ذلك الخبر لتخصيص العامّ الكتابي ، فيصير من العامّ المخصّص وخرج بذلك عن ظاهره ، فلم يبق للخبر الآخر موافقة له لأنّها أمر إضافيّ نسبي تنتفي بانتفاء أحد منتسبيه وهو هنا ظاهر الكتاب ، فلا يلزم منه طرح مرجّح اصلا ، بخلاف ما لو بنينا على تقديم الخبر الموافق فإنّه يستلزم طرح مرجّح ثابت المرجحيّة وطرح دليل محرز معه مقتضى الحجّية.
وربّما يتوهّم استلزامه الدور أيضا ، بتقريب : أنّ وجوب العمل به موقوف على موافقته الكتاب ، وهي موقوفة على عدم جواز العمل بالخبر المخالف ، وهو موقوف على وجوب العمل به ، فوجوب العمل به موقوف على وجوب العمل به وهو محال ، فتأمّل.
ثمّ قال : « قلت : جعلت فداك فإن وافقهما الخبران جميعا » أي وافقا الكتاب والعامّة فيما لو كانت المسألة من خلافيّات العامّة كما في البيع الفضولي مثلا بأن تقول فرقة بصحّته واخرى ببطلانه.
وبالجملة هذا سؤال عن موافقة الخبرين للعامّة والكتاب جميعا ، « قال : تنظر إلى ما هم إليه أميل حكّامهم وقضاتهم ، فيترك ، ويؤخذ الآخر » وقد جعل المرجّح أقلّيّة ميل الحكّام والقضاة.
ثمّ قال : « قلت : فإن وافق حكّامهم الخبرين جميعا؟ قال : إذا كان ذلك فارجه حتّى تلقى إمامك » وقد سئل عمّا لو كان الخبران بكليهما ممّا يميل إليه الحكّام ، وقوله عليهالسلام : « أرجه » إلى آخره ، أمر بالوقف بعد العجز عن الترجيح وفقد المرجّحات ثمّ السؤال عن حقيقة الحال عند الوصول إلى الإمام عليهالسلام ، ومن الظاهر أنّه فرع التمكّن من الوصول إلى حضرته ، فيدلّ ذلك على كونهم متمكّنين من العلم والسؤال ، ولأجل ذا قد يقال : إنّ هذا الخبر يدلّ على أنّ حجّية المرجّحات المذكورة فيه بل مطلق المرجّحات بناء على جواز التعدّي إلى غير المنصوصة ـ كما نبّهنا على استفادته من الخبر وسنوضحه أيضا ـ إنّما هو من باب الظنّ الخاصّ ، من حيث جواز الأخذ بها في حال إمكان العلم وانفتاح بابه من دون انحصاره بصورة تعذّر العلم وانسداد بابه ، باعتبار كون المجوّز للأخذ بها دليل الانسداد ، نظرا إلى أنّ الأمر بالوقف والسؤال الّذي هو فرع التمكّن من السؤال إنّما وقع عقيب الأمر