بأنّ إسقاطهما موجب لإسقاط ما ثبت من الشرع اعتباره ، بل التساقط بنفس مفهومه يقتضي الحجّية الذاتيّة لظهوره في استناد سقوط كلا المتعارضين عن درجة الاعتبار في مقام العمل وعدم العمل بهما معا إلى وجود المانع ـ وهو التعارض ـ لا إلى فقد المقتضي وهو الحجّية الذاتيّة.
وإن كان لتوهّم طروّ الإجمال لمعقد الإجماع (١) ، كما هو ظاهر البيان المتقدّم لمنع تناول الإجماع.
ففيه : منع الإجمال من حيث الكمّيّة وهو عموم الحجّية الذاتيّة لكلّ دليل غير علمي من غير نظر إلى حالة [ التعارض ] وعدمها ، لأنّ المحرز للمقتضي إنّما يحرزه لا بشرط وجود المانع وفقده.
ولقد عرفت أنّ نفس الاختلاف في عنوان « التعادل » دليل على عموم الحجّية للمتعارضين.
نعم فيه إجمال من حيث كيفيّة العمل في المتعارضين حيث لا تعرّض في الإجماع لبيانها ، بل لابدّ من استفادته من الأدلّة الخارجيّة من العقل فقط أو الشرع كذلك أو العقل والشرع معا ، وهذا لا يستلزم الإجمال من حيث الكمّيّة كما في الإجماع المنعقد على وجوب الصلاة المتناول لجميع آحاد المكلّفين مع إجمال معقده من حيث الكيفيّة المختلفة على حسب اختلاف حالات المكلّف من حيث الحضر والسفر والصحّة والمرض والقدرة والعجز وغيرها.
وأمّا الثاني : فلأنّ ما لا معارض له في الأدلّة الغير العلميّة في غاية الندرة ، إذ قلّما يوجد فيها ما لا معارض له أصلا.
فدعوى انصراف الإطلاق في أدلّة الحجّية إليه من غرائب الكلام ، بل لو كان هناك انصراف لوجب الإذعان بكونه في جانب ما له معارض لغلبته ، بضابطة أنّ المطلق ينصرف إلى مورد الغالب ، ودعوى أنّ الحاضر في الأذهان هو ما لا معارض له ممنوعة على مدّعيها ، بل الإنصاف ومجانبة الاعتساف يقتضي منع الانصراف رأسا بالنسبة إلى كلا الجانبين ، بتقريب : أنّ الحاضر في الأذهان في لحاظ مطلقات الأدلّة اللفظيّة ليس إلاّ ذات الدليل الغير العلمي أعني خبر الواحد مثلا بعنوان أنّه خبر لا بوصف المعارضة ولا بوصف عدم المعارضة ، والتعارض إنّما يلتفت إليه في لحاظ العمل بعد الفراغ عن إحراز المقتضي لجوازه بل
__________________
(١) عطف على قوله : « فلأنّ الاسترابة في تناول الإجماع إن كان لوجود القول بالخلاف الخ ».