وهو بعينه موجود في الميّت المعدول عنه ، فليكن العمل بقوله أيضا جائزا.
وفيه أوّلا : منع بقاء الاجتهاد بعد الممات لما عرفت من زوال ظنونه الاجتهاديّة بالموت بسبب فناء القوى الحيوانيّة والإنسانيّة بأجمعها ، واللازم منه فناء جميع ملكاته الّتي منها ملكة الاجتهاد ، ولذا يقال : إنّ اجتهاد المجتهد وحياته متلازمان وجودا وعدما فلا يمكن بقاء الاجتهاد مع زوال الحياة.
ولو سلّم بقاؤه بعد الممات يتطرّق المنع إلى دعوى كون الاجتهاد هو المناط بل هو الاجتهاد مع الحياة ولو احتمالا ، والمعتبر في تنقيح المناط القطع بإلغاء الفارق ، فمع قيام احتمال مدخليّة الحياة لا معنى لتنقيح المناط ، فيؤول التعدّي حينئذ من الأصل إلى الفرع إلى القياس الّذي لا نقول به.
ومنها : السيرة ، لجريان عادة السلف إلى الخلف على بقاء المقلّدين على تقليد المجتهدين بعد موتهم من دون نكير ، ولا عدول إلى تقليد المجتهد الحيّ وإلاّ لنقل إلينا ، لتوفّر الدواعي من كثرة ابتلاء الناس بموت المجتهدين.
وفيه : منع واضح ، لعدم تحقّق السيرة على البقاء سواء اريد بها طريقة أهل أعصار الأئمّة عليهمالسلام أو طريقة السلف أو طريقة أهل أعصارنا هذه.
أمّا الأوّل : فلأنّا نعلم ضرورة أنّ أهل أعصار الأئمّة على فرق ، ففرقة كانوا يأخذون أحكامهم ومعالم دينهم من الأئمّة عليهمالسلام من غير واسطة ، واخرى كانوا يأخذون بروايات الموثّقين من أصحابهم والأخبار المعلوم صدورها عنهم ، وثالثة كانوا يأخذون بفتاوى الصلحاء والموثّقين من الرواة والمحدّثين تعبّدا.
ولا ريب أنّ العدول والبقاء لا يعقل في حقّ الفرقة الاولى ولا الفرقة الثانية لعدم كون عملهم من باب التقليد كما هو واضح.
وأمّا الفرقة الأخيرة فحالهم من حيث العدول والبقاء بعد موت مفتيهم غير معلومة ، ومن أين علم أنّهم استمرّوا على تقليدهم بعد الموت وعلم به الإمام ولم يردعهم؟ مع أنّ تقليد هؤلاء أيضا ربّما يفارق تقليد عوامنا لعلمائهم ، فإنّهم كانوا يأخذون من الواسطة بمسموعات الواسطة من إمامه فلا يقاس عليه الأخذ ممّن يفتي بظنونه الاجتهاديّة من دون استناد إلى السماع من الإمام.
ولا ريب أنّ الأخذ ممّن سمع من الإمام كالأخذ ممّن سمع من المجتهدين من عدول