ومنها : ما اعتمد
عليه المحقّق المذكور أيضا في الحاشية المذكورة من : أنّه لو جاز العمل بقول
الفقيه بعد موته امتنع في زماننا هذا ، للإجماع على وجوب تقليد الأعلم والأورع من
المجتهدين ، والوقوف لأهل هذا العصر على الأعلم والأورع بالنسبة إلى الأعصار
السابقة كاد أن يكون ممتنعا.
وفيه : ـ مع أنّ
الوقوف على الأعلم والأورع من الأموات قد يتأتّى بمراجعة كتبهم وتصانيفهم واشتهاره
فيما بين الطائفة ، وكونه بحيث يعتنى بشأنه ويستشهد بقوله وفتواه في المسائل
الخلافيّة ـ منع الملازمة ، إذ غاية ما يلزم من امتناع الوقوف على الأعلم والأورع
منهم بعد العلم الضروري بوجوده فيما بينهم إجمالا إنّما هو سقوط اعتبار الأعلميّة
والأورعيّة لا امتناع تقليد الميّت ، وذلك لما تقدّم في بحث تقليد الأعلم أنّ
الأعلميّة والأورعيّة من باب المانع من تقليد غير الأعلم والأورع بل من باب المرجّح
لتقليد الأعلم والأورع عند الاختلاف بينه وبين غيره في المسائل الخلافيّة ، فإذا
تعذّر تشخيص محلّهما بعد العلم بوجودهما إجمالا سقط اعتبارهما ويثبت التخيير لعدم
غيره حتّى العمل بالاحتياط ، لأنّ التقليد في حقّ العامي الغير المتمكّن من
الاجتهاد إنّما يثبت مشروعيّته بعد الفراغ عن إثبات سقوط اعتبار الاحتياط لتعذّره
أو تعسّره.
وللمانعين من
تقليد الميّت حجج اخر واهية لا جدوى في التعرّض لها ولما فيها من وجوه الضعف ، وقد
تعرّض لإيراد أكثرها السيّد الطباطبائي قدسسره في مفاتيحه.
وللقول بجوازه
أيضا وجوه :
أوّلها : إطلاق
أدلّة مشروعيّة التقليد كتابا وسنّة ، أمّا الكتاب فكآيات النفر والكتمان والسؤال
فإنّه بإطلاقها تتناول الموتى وتدلّ على جواز الأخذ بفتاويهم والعمل بها.
وهذا كما ترى أضعف
شيء ذكر في المقام ، ويرد عليه ـ بعد الإغماض عمّا قدّمناه في محلّه من منع دلالة
هذه الآيات على أصل مشروعيّة التقليد فضلا عن تناولها لتقليد الميّت والبناء على
نهوض دلالاتها على المشروعيّة ـ منع الأطلاق تارة ووجوب الخروج عنه اخرى.
أمّا آية النفر :
فيرد على الاستدلال بها ظهورها في الأحياء ، فإنّ إسناد الإنذار إلى المتفقّهين
وتوقيته برجوعهم إلى قومهم ظاهر كالصريح في وجوب قبول فتاويهم والعمل بها حال
حياتهم.