وإنّما عبّر بالحكم لصحّة إطلاق الحكم على المحمول المنتسب إلى الموضوع كتصرّف زيد فيما بيده ، وكون المرأة في حبالته ، وذبح المسلم ، وكون الشاهد حسن الظاهر ، وكون زيد منتسبا إلى عمرو بالبنوّة أو الاخوة أو العمومة أو نحو ذلك.
وتقريب الاستدلال : أنّ الرواية تدلّ على حجّية الظاهر وتقدّمه على الأصل في الأشياء الخمس.
ومن جملة ذلك ظهور الولايات وهي كون الرجل يلي أمر شيء ، على معنى القيام به بالأخذ والإعطاء والتقلّب والتولّي في الاستحقاق ولو بعنوان المالكيّة كما في تصرّف ذي اليد فيما بيده.
ومن المعلوم أنّ الولايات عامّ يتناول تولّي المفتي للإفتاء بمشهد من الناس الراجعين إليه في الاستفتاء على وجه الإذعان والقبول ، وهو على الوجه المذكور ظاهر في أهليّته للفتوى فيجب الأخذ بهذا الظاهر بمقتضى الرواية.
هذا ولكن يشكل الحال في جواز التعويل على هذه الدلالة ، حيث لم نقف من الأصحاب على آخذ بها وعامل عليها ، وإن كان السيّد في المفاتيح أيّد ما اختاره من جواز الاعتماد على الظنّ هنا بالرواية المذكورة.
وكيف كان فالمسألة لعدم وضوح دليل واضح على حجّية الظنّ هنا مع مصير الأكثر إلى الحجّية في غاية الإشكال ، وسلوك طريق الاحتياط بعدم التخطّي عن العلم بالاجتهاد وأهليّة الفتوى طريق النجاة ، وفي ثبوت الاجتهاد بشهادة العدلين وعدمه قولان أشهرهما الأوّل وهو أقوى للسيرة القطعيّة.
وعن بعض المحقّقين دلالة رواية صحيحة على حجّية شهادة العدلين مطلقا.
وقد يستدلّ عليه بفحوى ما دلّ على ثبوت ولاية القاضي المنصوب من الإمام بها كما صرّح به جمع من غير نقل خلاف ، وليس ببعيد وإن كان لا يخلو عن تأمّل.
وفي ثبوته بشهادة عدل واحد إشكال أقربه العدم ، وفي اشتراط كون الشاهدين من أهل الاجتهاد أو من أهل الخبرة به [ وجهان ] والأقرب هنا أيضا العدم.
وليعلم أنّ الاجتهاد الّذي هو من شروط المفتي من حيث إفتائه عبارة عن مجموع الملكة الراسخة والإدراكات الناشئة ولا يكفي وجود إحداهما ، وهو معتبر في الأخذ والعمل معا ، ولا يكفي وجوده في ابتداء العمل بل يعتبر بقاؤه في جميع آنات العمل.