وبذلك كلّه يرتفع شبهة وقوع الاشتراك في أكثر أسامي الرجال ، فإنّ أسباب التمييز وافرة مقرّرة لديهم مضبوطة في كتبهم ، وهذا أيضا أحد مقتضيات الرجوع إلى تلك الكتب ، حيث إنّ الاسم المشترك لا يتميّز إلاّ بذلك ، كيف وكتاب المشتركات المعمول في هذا الفنّ موضوع لغرض رفع هذه الشبهة. وغاية حلّ هذا الإشكال لكلّ من لا يعرف الحال.
ولا يضرّ عدم كون ما يحصل فيها إلاّ تمييزا ظنّيا ، لما عرفت من أنّ بناء الأمر هنا ليس إلاّ على الظنّ الكافي بدليله القاطع ولو كان في أقلّ مراتبه إذا فرض تعذّر ما زاد عليه كفرض تعذّر العلم الّذي هو المرجع الأولي ، وإلاّ فالمعاين المحسوس بالوجدان حصول الاطمئنان الّذي هو أعلى مراتب الظنّ ولو في الغالب أو الأغلب أو الكثير ، والظنّ المنهيّ عن العمل به عقلا ونقلا كتابا وسنّة وإجماعا ليس هو هذا الظنّ على ما تقدّم تفصيل القول فيه.
ومنها : إنّ من تأمّل المنتقى وغيره من كتب الماهرين في معرفة الطبقات يعرف أنّ جملة من الروايات لا سيّما ما في كتب الشيخ مرسلة بالمعنى الأعمّ ، لسقوط واسطة أو واسطتين ، وغير العارف بالطبقة يظنّ الاتّصال فيصحّح السند وهو في الواقع ليس كذلك.
وأيضا يعلم أنّ كثيرا من الأسانيد وقع فيه الغلط والاشتباه في أسامي الرجال أو آبائهم أو كناهم أو ألقابهم ما لا يخفى ، وكذا كثيرا مّا يقع كلمة المجاوزة مكان « الواو » فيضعّف السند بضعف أحدهما وهو صحيح في الواقع ، وقد ينعكس الأمر فيصحّح السند بصحّة أحدهما وهو ضعيف في نفس الأمر ، وقد تكون كلمة المجاوزة مصحّفة من كلمة « ابن » فيشتبه الراوي ويضعّف السند بالوالد ولا دخل له فيه ، وقد ينعكس الحال أيضا فينعكس الحكم.
ومن هنا قد يقال : إنّ كثيرا ممّا رواه الشيخ عن موسى بن القاسم العجلي أخذه من كتابه ، وهو أيضا أخذه من كتاب جماعة فينقل عنهم من غير ذكر الوسائط اتكّالا على ذكرها في أوّل الكتاب فينقل الشيخ عن موسى عن أحد الجماعة من غير إشارة إلى الواسطة ، فيظنّ الغافل فيه الاتّصال مع أنّ الواقع الإرسال ، وجميع ذلك محتمل في جميع روايات الشيخ وغيره.
ومنه أيضا ما في روايات الشيخ المنقولة عن الكافي ، فإنّ الكليني كثيرا مّا يترك أوّل السند اعتمادا على سبق ذكره فيأخذ عنه الشيخ بإسقاط أوّل السند غفلة بزعم الاتّصال وعدم الإرسال ، وأيضا كما أنّه لا يمكن العلم بالمعدّل والمجروح غالبا بسبب اشتراك