إنّما هو باجتماع الأوصاف أجمع.
وقد يحرز الأوصاف مع ذكر هذا اللفظ بملاحظة سائر القرائن وضمّ بعضها إلى بعض ، كوصفه بكونه من أصحابنا أو من أجلاّء أصحابنا إذا كان القائل إماميّا ، أو كونه فاضلا أو فقيها أو ذا أصل أو كونه من مشايخ الإجازة أو شيخا للأجلاّء من أصحابنا الموثوق بهم أو نحو ذلك ممّا يطّلع عليه المتتبّع.
وقال المحقّق البهبهاني في فوائده الرجاليّة : « لا يخفى أنّ الرواية المتعارفة المسلّمة المقبولة أنّه إذا قال عدل إمامي ـ نجاشيّ كان أو غيره ـ : « فلان ثقة » أنّهم يحكمون بمجرّد هذا القول بأنّه عدل إمامي كما هو ظاهر إمّا لما ذكر ـ يشير به إلى ما تقدّم عن المحقّق (١) وغيره ـ أو لأنّ الظاهر من الرواة التشيّع والظاهر من الشيعة حسن العقيدة ، أو لأنّهم وجدوا منهم أنّهم اصطلحوا على ذلك في الإماميّة ـ وإن كانوا يطلقونه على غيرهم مع القرينة ـ بأنّ معنى ثقة : عادل ، أو عادل ثبت ، فكما أنّ عادلا ظاهر فيهم فكذا ثقة ، أو لأنّ المطلق ينصرف إلى الكامل ، أو لغير ذلك على منع الخلوّ » انتهى (٢).
ومع الغضّ عمّا ذكر فغاية ما في المناقشة القدح في دلالة هذا اللفظ على الأوصاف الثلاث بأجمعها ، لكن طريق معرفة اجتماعها غير منحصر في ملاحظة هذا اللفظ ، بل كثيرا مّا يحصل بملاحظته مع مجموع سائر القرائن والأوصاف والألقاب الّتي لا تعرف إلاّ بمراجعة علماء الرجال كما عرفت.
ومع الغضّ عن ذلك أيضا فأقصى ما هنا لك انهدام ما أسّسه المتأخّرون من العلاّمة وغيره في تنويع الحديث أربعة أنواع وتخصيصهم كلّ نوع باسم ، حتّى أنّهم اصطلحوا فيها بالصحاح والموثّقات والحسان والضعاف ، لما قيل في وجهه ـ كما عن شيخنا البهائي في مشرق الشمسين (٣) وقبله المصنّف في مقدّمات كتاب المنتقى ـ ملخّصا من : « أنّ السبب الداعي إلى تقرير المتأخّرين رضوان الله عليهم هذا الاصطلاح في تنويع الحديث إلى الأنواع الأربعة هو أنّه لما طالت المدّة بينهم وبين الصدر الأوّل وبعدت عليهم الشقّة وخفيت عليهم ما كان متّسعا على غيرهم ، التجأوا إلى العمل بالظنّ بعد فقد العلم لكونه أقرب مجاز إلى الحقيقة عند تعذّرها ، وبسبب التباس الأخبار غثّها بسمينها وصحيحها بسقيمها التجأوا إلى
__________________
(١) هو : المحقّق الشيخ محمّد بن الحسن بن الشهيد الثاني.
(٢) انظر : منتهى المقال ١ : ٤٣ ـ عدة الرجال ـ للكاظمي ـ : ١٧ ، الفائدة الخامسة.
(٣) مشرق الشمسين : ٢٧٠.