هذا الرجل لغير جهة ما ثبت في حقّه من توثيق الواحد.
ونحوه أيضا ما عليه المعظم من جبر الخبر الضعيف بالإرسال أو جهالة الراوي أو فسقه أو غيرها من الأسباب المضعّفة بالشهرة وعمل معظم الطائفة ، فإنّ ذلك ينهض قرينة على الصدق مورثة للوثوق بالصدور كما هو الأقوى.
ونحوه أيضا ما عن الحلّي من مصيره في مسألة المواسعة والمضائقة إلى المضائقة القاضية بتقديم الفائتة على الحاضرة استنادا إلى أخبارها الّتي هي أخبار آحاد ، تعويلا على إجماع القمّيين على العمل بها حيث لم يتعرّضوا في كتبهم إلاّ لذكرها من غير تعرّض لمعارضاتها من أخبار المواسعة ، وليس ذلك منه إلاّ من جهة أنّ إجماعهم المذكور ينهض أمارة لاعتبار تلك الأخبار كاشفة عن صدقها ، وإن كان قد يستشكل ذلك ـ بناء على مذهبه المتقدّم ذكره ـ نظرا إلى أنّ العمل بالخبر أعمّ من العلم بصدقه ، إذ قد يكون العمل لمجرّد التعبّد الشرعي الثابت عند من يقول به بدليله ، ولذا حكي عن بعض المتأخّرين اعتراضه عليه : « بأنّ هذا منه ينافي مذهبه في أخبار الآحاد ، فإنّ الاعتماد على إجماع القميّين على أخبار المضايقة يوجب الاعتماد على إجماعهم في جواز العمل بأخبار الآحاد لأنّه إجماع نشأ عن هذا الإجماع ».
ثمّ عرفت أنّه لا مخالف في المسألة إلاّ الفرقة الأخباريّة لدعواهم القطع بالصدور في كتب الأخبار المتداولة بين أصحابنا أو خصوص الأربعة المعروفة ونسب ذلك إلى أكثرهم ، وعن بعضهم أنّه راعى الإنصاف وتحرّز عن هذا الجزاف فبنى على اعتبار جميع ما في الكتب الأربعة لشهادة مصنّفيها الثقات بذلك ، فأخبارها وإن لم تكن قطعيّة الصدور إلاّ أنّها قطعيّة الاعتبار.
وقد يحكى قول آخر عن الأخباريّة ـ كما في حكاية أو مطلقا كما في اخرى ـ وهو التفصيل بين صورة التعارض وغيرها ، فاقتصروا في نفي الحاجة إلى الرجال على الثاني.
وقد يحتمل قول آخر وهو التفصيل بين صورة وجود الشهرة محقّقة أو محكيّة في خصوص بعض الأخبار المفيد لبعض الأقوال أو اختصاص الراجح منها بجانب وبين غيرها ، فيقتصر في الحاجة إلى الرجال على الأخير.
ولك أن تلحق القول بجواز الاكتفاء بتصحيح الغير مطلقا ـ كما عزى إلى أكثر العلماء في كتبهم الفقهيّة وغيرها ـ بمقالة المنكرين للحاجة إلى الرجال.