القطع ، وأمّا ما كان منها ظنّية فلا تعويل على الظنّ فيها إلاّ إذا رجع الظنّ فيها إلى الظنّ في المسائل الفرعيّة فيجوز العمل به حينئذ من حيث رجوعه إلى المسألة الفرعيّة لا من حيث كونه في المسألة الاصوليّة ، مع أنّ التكلّم في حجّية الظنّ فيها ممّا لا يكاد يرجع إلى طائل لانفتاح باب العلم فيها غالبا من جهة ابتنائها في الغالب على الطرق العلميّة من العرف والعقل والنقل المقطوع به ، فلا يكثر فيها الحاجة إلى إعمال الظنون لينظر في حكمها ، وهذا هو الوجه الباعث على قبولها التجزّي المدّعى فيه عدم الخلاف ، نظرا إلى وضوح مداركها وعدم اتّفاق معارض لها بحيث يتوقّف استعلامه أو إحراز فقده على الفحص والتتبّع والإحاطة بمدارك جميع المسائل حسبما يدّعيه المانع من التجزئة في المقام الأوّل.
وأمّا الاستناد لإثبات الحجّية فيها تارة إلى دليل الانسداد ، واخرى إلى قاعدة الاستلزام ، وثالثة إلى الأولويّة بالقياس إلى حجّية الظنّ في المسائل الفرعيّة الّتي اعتبرت المسائل الاصوليّة مقدّمة لها والأمر في المقدّمة أهون منه في ذيها ، فليس على ما ينبغي.
أمّا الأوّل : فلانتفاء الانسداد الأغلبي.
وأمّا الثاني : فلمنع الملازمة ، لبناء الحجّية وعدمها على دليل جار في الفروع غير جار في الاصول فلا يلزم من حجّية اللازم حجّية الملزوم.
وأمّا الثالث : فلمنع الأولويّة ، فإنّ المقدّمة إذا اخذت على وجه المبنائيّة كان الاهتمام في استحكامها في نظر العقل والعادة أكثر منه في ذيها ، ويتسامح في ذيها ما لا يتسامح فيها ، مع أنّ حجّية الظنّ في ذيها إنّما هي لعلّة غير موجودة فيها فحصل الفارق.
نعم لو فرض غلبة الاحتياج فيها إلى إعمال الظنون أمكن القول بحجّيتها بالنظر إلى قاعدة المقدّمة لو وجب الاجتهاد واستنباط الأحكام الفرعيّة من الأدلّة الشرعيّة عينا أو كفاية.
بتقريب : أنّ هذا الواجب لا يتمّ إلاّ بإعمال المسائل الاصوليّة الظنّية ، وما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب.
ولا يعني من حجّية الظنّ في المسائل الاصوليّة إلاّ وجوب إعمال المسائل الظنّية منها في استنباط الفرعيّات ، ولا اختصاص لإثبات الحجّية بهذا الطريق بالمسائل الاصوليّة بل يعمّه وكلّ ما يتوقّف عليه الاستنباط من مسائل سائر العلوم نحويّة وغيرها إذا تعذّر العلم فيها ، ولعلّه إلى ذلك ينظر ما في كلام بعض الأفاضل من « أنّ البلوغ إلى درجة الاجتهاد