ولا يكون ذلك مقتضيا لقبحه كما لم يكن ما يقع عند فعل الصلاة واجتناب الزنا من القبيح مصلحة مقتضية لقبحهما لما سلف إيضاحه.
وبعد فالجهاد وان كان من عبادات المجاهد فالمقصود منه عقاب المجاهد على ماضى كفره كالحدود ، فكما لا يقتضي قبح استيفائها (١) إيثار من يستحق عليه القبيح عندها باتفاق وكذلك حكم الجهاد ولهذا يجب القصد به الى إضرار الكافر على جهة الاستحقاق والنكال كالحدود ، وليست هذه حال الأمر والنهى المقصود بهما وقوع الواجب وارتفاع القبيح دون إضرار المأمور المنهي.
وببعض ما ذكرناه تسقط شبهة من يقدح في النبوات بجهاد الكفار ، من حيث كان ذلك يقتضي إلجاء هم الى الايمان ، الذي لا يصح التكليف معه ، لان كونه عقابا على ماضى الكفر يسقط الشبهة المبنية على كون الجهاد مقصودا به ايمان الكفار ، فاذا لم يكن كذلك زال الترتيب (٢) في سقوطها.
على أنه لو كان مختصا بالحمل على الإيمان كالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر لكان الوجه فيه ما تقدم بيانه من مصلحة المجاهِد والمجاهَد وغيرهما على الوجه الذي يصح ذلك (٣).
__________________
(١) استينافها ، كذا في بعض النسخ.
(٢) كذا في النسخ ، ولعل الصحيح : الريب.
(٣) هنا بياض في أكثر النسخ ، وفي بعضها : تم الكتاب بعون الله.