فان كان مظهر الايمان والحجة به ومنكر الكفر والممتنع من إظهار شعاره في رتبة من يكون ذلك منه إعزازا للدين كرؤساء المسلمين في العلم والدين والعبادة وتنفيذ الأحكام ، فالأولى به إظهار الايمان والامتناع من كلمة الكفر ، فان قتل على ذلك فهو شهيد ، ويجوز له ما اكره عليه.
وان كان من أطراف الناس وممن لا يؤثر فعله ما اكره عليه أو اجتنابه عزا (١) في الدين ففرضه ما دعي اليه فليور في كلامه ما يخرج به عن الكذب ، ولا يحل له ما جاز لمن ذكرناه من رؤساء الملة على حال.
فإما الإكراه على مكان معين فحكمه حكم ما لا ينفك الإقامة منه ، فان كان ما يؤثر فيه الإكراه كتأخير الصلاة وأكل الميتة حل له المقام مع الإكراه وتعذر التخلص ، وان كان مما. (٢) بل أفحشها فما له قبحت الإقامة مع القبيح له يقبح معه (٣).
ولأنه مقتض لإجراء أحكام الكفر على مظهره (٤) فلا يجوز له ذلك مع الاختيار على حال.
الثاني ألا يكون الإقامة مؤثرة لوقوع قبيح ولإشعار كفر لولاها لم يقعا ، فيحل وان لم يتمكن المقيم من الإنكار بلسانه ولا يده ، فيقتصر على ما يختص القلب من كراهية القبيح والعزم على إنكاره متى تمكن منه.
وقلنا ذلك لان الإقامة لو قبحت بحيث يقع الكفر المتعذر إنكاره مع كراهية ، لقبحت الإقامة في كل دار وقع فيها كفر ما أو فسق لا يتمكن المقيم من
__________________
(١) كان في الأصل : عصا. والظاهر ما أثبتناه.
(٢) هنا بياض في النسخ.
(٣) كذا في النسخ.
(٤) كذا.