أوّلا ـ دراسة روايات البسملة وزمان روايتها ومكانها :
وجدنا في روايات الصحيحين وسائر كتب الحديث عن الصحابي أنس بن مالك أن رسول الله (ص) والخلفاء كانوا يجهرون بقراءة البسملة في سورة الحمد من الصلاة الجهرية.
ووجدنا ـ أيضا ـ فيها عن الصحابي أنس أنّه قال : صليت خلف النبيّ (ص) وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون بالحمد لله ربّ العالمين لا يذكرون بسم الله الرّحمن الرّحيم.
ولم نجد أي سبيل لحلّ هذا التناقض في معرفة الروايات الصحيحة منها إلّا في ضوء البحوث السابقة. فقد رأينا كيف تبرّع المتهم بالزندقة باختلاق رواية افترى بها على رسول الله تزلّفا للخليفة ، وتبرع المحدّث الثاني احتسابا للخير بإلحاق (الجناح) بالحديث تزلّفا إلى الخليفة وتبريرا لولعه بلعب الحمام.
وكذلك كان شأن من روى أنّ النبيّ (ص) والخلفاء كانوا يستفتحون بالحمد ولا يقرءون البسملة ، فإنّهم لمّا رأوا أنّ الخليفة معاوية عند ما أسقط البسملة عن الحمد في صلاته بالصحابة في مسجد الرسول (ص) ، ثار عليه الصحابة وقالوا له : أسرقت الصلاة أم نسيت؟ تبرعوا بوضع روايات عدم قراءة الرسول (ص) والخلفاء بعده البسملة في الحمد احتسابا للخير وحفظا لكرامة خليفة المسلمين معاوية!!
وبما أنّ المدينة لم تكن ـ في عصر الصحابة والتابعين الذين أنكروا على معاوية تركه قراءة البسملة ـ محلّا مناسبا لوضع روايات عدم قراءة الرسول (ص) والخلفاء البسملة ؛ نرى أن تلكم الروايات بادئ بدء رويت في غير المدينة مثل بلاد الشام الّتي استطاع معاوية ان يبعد الصحابة عنها ليخفي عن أهلها معالم