درج الدّرر في تفسير القرآن ّالعظيم - ج ٢

عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني

درج الدّرر في تفسير القرآن ّالعظيم - ج ٢

المؤلف:

عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني


المحقق: د. طلعت صلاح الفرحات / د. محمّد أديب شكور
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر ناشرون وموزعون
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
9957-07-514-9

الصفحات: ٨٠٢
الجزء ١ الجزء ٢

سورة التغابن

مدنيّة. (١) وعن ابن عبّاس مكيّة إلا ثلاث آيات من قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ) [التغابن : ١٤] ، نزلن في عوف بن مالك. (٢)

وهي ثماني عشرة آية بلا خلاف. (٣)

بسم الله الرّحمن الرّحيم

٩ ـ (ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ) : أي : يوم ظهور التّغابن ، وإنّما كان التّغابن في يوم القيامة بترك مزاحمة المصلحين المفسدين في شهواتهم في الدّنيا ، واغتنامهم العبادة الموجبة للدّرجات الجنّويّة مسلّمة لهم عند الله. وقيل : أراد بالتّغابن أخذ بعض الخصماء حسنات بعض من المظلمة. وأصل الغبن النّقص. (٤) وعن الضّحّاك : أنّ التّغابن من أسماء القيامة. (٥) وعن الضّحّاك قال : قال عبد الله : ما أحد بأكسب من أحد (٦) ، قسم الله المصيبة والأجل ، وقسم المعيشة والعمل ، والنّاس يجرون إلى منتهى. (٧)

١٤ ـ وعن عكرمة ، عن ابن عبّاس : أنّ رجلا سأله عن قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ) قال : هؤلاء رجال من أهل مكّة أرادوا أن يأتوا النّبيّ عليه‌السلام ، فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم أن يأتوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلمّا أتوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم رأوا النّاس قد فقهوا في الدّين فهمّوا في (٨) الذين [منعوهم](٩) أن يعاقبوهم ، فأنزل الله الآية. (١٠)

__________________

(١) تفسير السمعاني ٥ / ٤٤٨ ، وزاد المسير ٨ / ٦٣ وقال : قاله الجمهور ، والدر المنثور ٨ / ١٧٠ عن ابن عباس وابن الزبير.

(٢) البيان في عد آي القرآن ٢٤٨ ، وتفسير القرطبي ١٨ / ١٣١ ، والدر المنثور ٨ / ١٧٠.

(٣) التبيان في عد آي القرآن ٢٤٨ ، والتلخيص في القراءات الثمان ٤٣٨ ، وفنون الأفنان ٣١٤ ، وجمال القراء ٢ / ٥٤٩.

(٤) الغريبين ٤ / ١٣٥٩ ، وعمدة الحفاظ ٣ / ١٨٣.

(٥) ينظر : تفسير الطبري ١٢ / ١١٥ ، والدر المنثور ٨ / ١٧٢ عن ابن عباس.

(٦) (بأكسب من أحد) ، ساقط من أ.

(٧) أخرجه الإسماعيلي في معجم الشيوخ ٢ / ٦٢٢ ، وأبو نعيم في الحلية ٦ / ١١٦ مرفوعا إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وضعفه في كشف الخفاء ١ / ٢٧٩.

(٨) ساقطة من ك.

(٩) زيادة يقتضيها السياق.

(١٠) أخرجه الترمذي في السنن (٣٣١٧) ، والحاكم في المستدرك ٢ / ٥٣٢ ، والطبراني في الكبير (١١٧٢٠).

٦٤١

سورة الطلاق

مدنيّة. (١)

وهي اثنتا عشرة آية في غير عدد أهل البصرة (٢). (٣)

بسم الله الرّحمن الرّحيم (٢١٠ و)

١ ـ (لِعِدَّتِهِنَّ) : اللّام للتّاريخ ، أي : طلّقوهنّ لوقت يحتسبنه من عدّتهنّ ، وهو الطّلاق في طهر لا جماع (٤) فيه. (٥) وعن أبي الأحوص ، عن عبد الله : (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ) قال : طاهرا من غير جماع. (٦)

و (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ) : في غير المبتوتات ، (٧) بدليل قوله : (لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) [الطلاق : ٢] ، ولكنّ المبتوتات دخلن من وجه آخر وهو أنّه لو طلّق امرأته بطلقتين فيما مضى ، وأمسكها سنون ، وولدت أولادا ، ثمّ عزم على طلاقها لا شكّ أن يطلّقها للعدّة.

عن الأسود : أنّ عمر بن الخطّاب و (٨) عبد الله بن مسعود قالا في المطّلقة ثلاثا : لها السّكنى والنّفقة. (٩) وعن أبي إسحاق قال : كنت مع الأسود بن يزيد في المسجد الأعظم ومعنا الشّعبيّ ، فذكروا المطلّقة ثلاثا ، فقال الشّعبيّ : حدثتني فاطمة بنت قيس : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لا سكن لك ولا نفقة» ، قال : فرمى الأسود بحصى ، ثمّ قال : ويلك أتحدّث بمثل هذا ، قد رفع ذلك إلى عمر بن الخطّاب فقال : لسنا بتاركي كتاب ربّنا وسنّة نبيّنا [لقول](١٠) امرأة لا ندري لعلّها

__________________

(١) تفسير السمعاني ٥ / ٤٥٧ ، وزاد المسير ٨ / ٦٩ ، وتفسير القرطبي ١٨ / ١٤٧ وقالوا : بالإجماع.

(٢) (في غير عدد أهل البصرة) ، ساقط من ع.

(٣) وعدد آيها عند أهل البصرة إحدى عشرة آية. البيان في عد آي القرآن ٢٤٩ ، وفنون الأفنان ٣١٤ ، وجمال القراء ٢ / ٥٥٠.

(٤) ع : الإجماع.

(٥) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ٥ / ١٨٣ ، وتفسير الطبري ١٢ / ١٢١ ، والتفسير الكبير ١٠ / ٥٥٩ ، والدر المصون ٦ / ٣٢٩.

(٦) مصنف عبد الرزاق ٦ / ٣٠٢ ، والمعجم الكبير للطبراني (٩٦١١) ، وسنن البيهقي ٧ / ٣٢٥.

(٧) ينظر : تفسير الطبري ١٢ / ١٢٥ عن ابن عباس وقتادة.

(٨) ك : وعن.

(٩) مصنف ابن أبي شيبة ٤ / ١٣٦ ، وسنن الترمذي ٣ / ٤٨٥ عنهما.

(١٠) زيادة من كتب التخريج.

٦٤٢

كذبت ، قال الله تعالى : (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ). (١) وعن الأسود قال : ذكر لعائشة أمر فاطمة بنت قيس فقالت : إنّما أمرها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن تعتدّ في بيت ابن أمّ مكتوم لسوء خلقها.

وعن ابن عبّاس قال : الفاحشة المبيّنة أن تبذو على أهلها. (٢) وعن عكرمة ، عنه : الفاحشة المبيّنة أن تفحش على أهل الرّجل وتؤذيهم. (٣) وعن ابن مسعود : أن تزني فيخرجوها لإقامة الحدود. (٤) قال أبو يوسف : وعن ابن عمر : أنّها تعصي فتخرج بنفسها. (٥) والاستثناء على هذا منقطع ، وبه أخذ إبراهيم النّخعي ، وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه‌الله.

والمراد بقوله : (لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً) : مودة المطلّقة (٦) ، والنّدامة عن (٧) الطّلاق ليرتجعها (٨).

٢ ـ (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) : أمر للأخذ بالاحتياط كقوله : (وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ) [البقرة : ٢٨٢] ، وفائدته قطع أسباب التّجاحد. وعن ابن سيرين ، عن (٩) عمران بن حصين في رجل طلّق امرأته ، ولم يشهد ، وراجع ولم يشهد (١٠) ، قال : بئس ما صنع طلّق في عدّة (١١) ، وراجع في غير سنّة ، ليشهدوا (١٢) على ما صنع. (١٣) ولا يخالف له من (١٤) الصحابة.

٢ و ٣ ـ (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (٣) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) : في أمر النّكاح والطّلاق. وعن الكلبيّ ، عن أبي صالح ، عن ابن عبّاس : أسر المشركون ابن رجل من المسلمين ، فشكا ذلك إلى النّبيّ عليه‌السلام قال : «أرسل إليه فليكثر من قول : لا حول ولا قوّة

__________________

(١) أخرجه مسلم في الصحيح (١٤٨٠) ، وأبو عوانة في مسنده ٣ / ١٨٣ ، والدارقطني في السنن ٤ / ٢٥.

(٢) مصنف ابن أبي شيبة ٤ / ١٨٩ ، وسنن الدارمي ٢ / ١٨٢ ، وتفسير الطبري ١٢ / ١٢٦ ، وسنن البيهقي الكبرى ٧ / ٤٣١.

(٣) تفسير البغوي ٨ / ١٤٩ ـ ١٥٠ ، والخازن ٤ / ٣٠٦ ، والدر المنثور ٨ / ١٨٢.

(٤) تفسير البغوي ٨ / ١٥٠ ، والخازن ٤ / ٣٠٦.

(٥) ينظر : المستدرك ٢ / ٥٣٣ ، وزاد المسير ٨ / ٧٠.

(٦) بياض في أ.

(٧) ع : على.

(٨) لترجعلها. وينظر : تفسير الطبري ١٢ / ١٢٧ ـ ١٢٨ ، وزاد المسير ٨ / ٧٠ ، وتفسير البغوي ٨ / ١٥٠.

(٩) الأصول المخطوطة : عن ابن عمران ، والتصويب من كتب التخريج.

(١٠) (وراجع ولم يشهد) ، ساقط من أ.

(١١) الأصل وك وأ : عدته.

(١٢) هكذا في الأصول المخطوطة ، وفي كتب التخريج : ليشهد.

(١٣) مصنف عبد الرزاق ٦ / ١٣٦ ، ومصنف ابن أبي شيبة ٤ / ٦٠ ، والمعجم الكبير للطبراني ١٨ / (٤١٩).

(١٤) ع : أمر بدلا من : له من.

٦٤٣

إلا بالله» ، ففعل ، فغفلوا عنه ، فركب فحلا لهم ، وأتبعته الإبل ، فأنزل الله تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (٣) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ). (١)

(لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) : لكلّ مخلوق مقدارا. (٢)

٤ ـ (يَئِسْنَ) : الآيسات (٣) القواعد اللّاتي انقطع دم حيضهنّ. (٤)

(إِنِ ارْتَبْتُمْ) (٣١٠ ظ) : في فراغ أرحامهن لاعتبار غالب (٥) الأحوال. والأصحّ إن ارتبتم في حكمهن فاعلموا أنّ أرحامهنّ.

(ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) : إن كان معطوفا على (وَاللَّائِي يَئِسْنَ)(٦) فالارتياب فيهنّ كالارتياب في الآيسات ، وإن كان معطوفا على الضّمير المجرور في قوله : (فَعِدَّتُهُنَ) فلا ارتياب فيهنّ. وعن عمر بن الخطّاب : إن وضعت ما في بطنها وزوجها على السّرير قبل أن يدلّى في حفرته فقد انقضت عدّتها. (٧) وروي : أنّ سبيعة بنت الحارث وضعت بعد وفاة زوجها بعشرين ليلة ، فأتت النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأمرها أن تتزوّج. (٨)

٦ ـ (أَسْكِنُوهُنَّ) : خطاب للأزواج (٩).

(مِنْ وُجْدِكُمْ) : ما تملكونه ، ويبطل ذلك عدّتهم لانتقال الملك إلى الورثة.

(وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ) : شرط لامتداد نفقتهنّ إلى وضع الحمل وانقطاعها بالوضع ، طالت أو قصرت ، أو لبيان حكم النّفقة قبل الوضع أنّه مخالف لحكم النّفقة بعد الوضع من الأولى نفقة عدّة يلزم الأزواج ، ويلزم سائر الورثة ، وهذا الشّرط لا يدلّ على سقوط نفقة سائر المعتدّات ، لقول عمر رضي الله عنه وابن مسعود رضي الله عنه ، وردّهما حديث فاطمة بنت قيس. وعن ابن عبّاس : إذا مات عن المرأة زوجها وهي حبلى أو غير حبلى ، فنفقتها من

__________________

(١) ينظر : والدر المنثور ٨ / ١٨٥ وقال : أخرجه ابن مردويه من هذا الطريق.

(٢) ينظر : عمدة الحفاظ ٣ / ٣٢٨.

(٣) ع وأ : الآيات.

(٤) ينظر : تفسير القرطبي ١٨ / ١٦٣ ، وتفسير الخازن ٤ / ٣٠٨ ، والتسهيل لعلوم التنزيل ٤ / ١٢٧.

(٥) أ : كمال.

(٦) ينظر : إعراب القرآن للنحاس ٤ / ٤٥٢.

(٧) ينظر : مصنف ابن أبي شيبة ٣ / ٥٥٤ ، والاستذكار ٦ / ٢١١.

(٨) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٨ / ٢٨٧ ، وأحمد في المسند ٦ / ٢٨٩ ، والطبراني في الكبير ٢٣ / (٢٥٨) عن أم سلمة رضي الله عنها.

(٩) أ : الأزواج. وينظر : أحكام القرآن للجصاص.

٦٤٤

نصيبها. (١) وعن جابر بن عبد الله : ليس للمتوفّى عنها زوجها نفقة ، حسبها الميراث. (٢)

(تَعاسَرْتُمْ) : تضايقتم في نفقة الرّضاع ، وهو أن لا ترضى الوالدة بنفقة ترضى بها مثلها. (٣)

١٠ و ١١ ـ (قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً (١٠) رَسُولاً) : قال الحسن البصريّ : الذّكر هو الرّسول. (٤) مصدر بمعنى الاسم ، أي : ذاكرا أو مذكرا.

١١ ـ (رَسُولاً) : نصب على البدل ، (٥) ويحتمل : بفعل مضمر ، أي : أنزلنا ذكرا وأرسلنا رسولا ، (٦) سقط الواو ؛ لأنّه رأس آية.

١٢ ـ (وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ) : أي : خلق من الأرض مثلهنّ (٧) ، والمماثلة في الكمّيّة. (٨) وقيل : في الطبيعة. وقيل : في كون بعضهن فوق بعض. (٩) وقيل : في كون بعضهنّ منفصلا عن بعض بالهواء المتخلّل بينهنّ. وقيل : بالتدوير. وقيل : بالتسطيح. وقيل : في كون كلّ جنس منهنّ محلّا للحيوان ، وللأمر والنّهي. (١٠) وعن ابن عباس قال : مثل السّماوات والأرضين ، وبما وراءهن من الهواء حيث لا سماء ولا أرض إلا كمثل فسطاط ضربته بصحراء من الأرض. وعن مجاهد ، عن ابن عبّاس في قوله : (خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَ) قال : لو أخبرتكم تفسيرها لكفرتم ، وكفركم تكذيبكم. (١١)

__________________

(١) ينظر : مصنف ابن أبي شيبة ٤ / ١٦٦ ، ومختصر اختلاف العلماء ٢ / ٤٠١ ، والمحلى ١٠ / ٢٨٩.

(٢) مسند الشافعي ٣٠٠ ، ومصنف عبد الرزاق ٧ / ٣٧ ، وسنن البيهقي الكبرى ٧ / ٤٣٠.

(٣) ينظر : تفسير السمعاني ٥ / ٤٦٦ ، وأحكام القرآن للجصاص ٥ / ٣٦١ ، المحرر الوجيز ١٤ / ٥٠٢.

(٤) ينظر : البحر المحيط عن الحسن بن الفضل.

(٥) ينظر : إعراب القرآن للنحاس ٤ / ٤٥٦ ، وكشف المشكلات وإيضاح المعضلات ٢ / ٣٧٠.

(٦) ينظر : إعراب القرآن للنحاس ٤ / ٤٥٦ ، والكشاف ٤ / ٥٦٤ ، وكشف المشكلات وإيضاح المعضلات ٢ / ٣٧٠.

(٧) (أي : خلق من الأرض مثلهن) ، ساقط من أ.

(٨) ينظر : زاد المسير ٨ / ٧٦ ، وتفسير القرطبي ١ / ٢٥٨ ورجحه ، والدر المصون ٦ / ٣٣٣.

(٩) ينظر : تفسير السمعاني ٥ / ٤٦٨ عن ابن عباس ، والقرطبي ١٨ / ١٧٥ ـ ١٧٦.

(١٠) ينظر : تفسير الطبري ١٢ / ١٤٥ ، والدر المنثور ٨ / ١٩٦ عن قتادة.

(١١) تفسير مقاتل بن سليمان ٣ / ٣٧٥ ، وتفسير الطبري ١٢ / ١٤٥ ، والدر المنثور ٨ / ١٩٧.

٦٤٥

سورة التحريم

مدنيّة. (١)

وهي اثنتا عشرة آية بلا خلاف. (٢)

بسم الله الرّحمن الرّحيم

١ ـ ذكر الكلبيّ : أنّ النّبيّ عليه‌السلام دخل بيت حفصة ذات يوم ، واليوم يوم عائشة ، فوجد (٣) البيت خاليا ، وحفصة خارجة إلى بيت أبيها زائرة ، فاغتنم ذلك مارية القبطيّة ، وجلس معها خاليا ، فرجعت حفصة بعد ساعة (٤) ، وأبصرت الجارية ، وأخذت (٣١١ و) تعاتبه ، وتقول : قد رأيت من (٥) كانت عندك ، فقال لها النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : حرّمت هذه الجارية على نفسي ، فاكتمي على هذا الحديث ، ولا تخبري عائشة ، ولك عندي بشارة ، قالت : وما هي؟ قال : إنّ أبا بكر وأباك سيملكان هذه الأمة بعدي ، ولا تخبري هذه البشارة أحدا ، فلم تصبر حفصة حتى أخبرت عائشة بالأمرين جميعا ، فأظهر الله نبيّه على إفشائها ، فعاتبها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على حديث مارية ؛ لأنّه لم يبال بإظهاره وتكراره ، ولم يتعرّض بحديث (٦) البشارة منعا ، فلاعنها ؛ لأنّه لم يحب إظهارها (٧) وتكرارها ، ثمّ اعتزل نساءه جميعا شهرا ، وظنّ بعض النّاس (٨) أنّه طلقهنّ ، فدخل عمر بن الخطّاب على ابنته حفصة ، وبالغ في لومها والإنكار عليها ، وقال لها : والله لئن كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد طلّقك تطليقة لما كلّمتك أبدا ، فقالت : لم يطلقني ، وإنّي لعلى شرف ذلك ، وهي تبكي ، فأنزل الله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ ... تُحَرِّمُ) الآيات. واختار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لكفارة يمينه عتق رقبة. واليمين هي تحريم ما أحلّ الله له من صحبة مارية القبطيّة ، فأعتق رقبة ورجع إلى مارية ، وهي أمّ إبراهيم بن محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وعن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس ، عن عمر بن الخطّاب : أنّ النّبيّ عليه‌السلام طلّق حفصة ، ثمّ راجعها. (٩) وصححه الطّحّاويّ في

__________________

(١) زاد المسير ٨ / ٧٨ ، والدر المنثور ٨ / ١٩٩ عن ابن عباس وابن الزبير.

(٢) البيان في عد آي القرآن ٢٥٠ ، والتخليص في القراءات الثمان ٤٤٠ ، وفنون الأفنان ٣١٥.

(٣) الأصول المخطوطة : فيجد.

(٤) ك : سماعه.

(٥) ك : من قد.

(٦) ك : لحديث.

(٧) ع : إظهاره.

(٨) ك : النساء.

(٩) أخرجه أبو داود في السنن (٢٢٨٣) ، وابن ماجه في السنن (٢٠١٦) ، والنسائي في الصغرى ٦ / ٢١٣.

٦٤٦

تأويل مشكل الأخبار (١) ، وهذا يصدّق قصّة الكلبيّ من قول عمر.

وعن عبيد بن عمير قال : سمعت عائشة زوج النبي عليه‌السلام : أن النبي عليه‌السلام كان يمكث عند زينب بنت جحش ، ويشرب عندها عسلا ، فتواصيت أنا وحفصة أيّتنا ما دخل عليها النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلتقل : إني لأجد منك مغافير ، فدخل صلى‌الله‌عليه‌وسلم على إحداهما فقالت ذلك له ، فقال : بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ، ولن أعود له ، فنزلت (٢) : (لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ). (٣)

٤ ـ (إِنْ تَتُوبا) : لعائشة وحفصة. (٤)

وعن ابن عبّاس قال : لم أزل حريصا أن أسأل عمر عن المرأتين من أزواج النّبيّ عليه‌السلام ، قال الله تعالى : (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) حتى حجّ عمر ، وحججت معه ، فصببت عليه من الإداوة ، فتوضأ ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، من المرأتان (٥) من أزواج النبي عليه‌السلام اللّتان قال الله : (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ)؟ فقال لي : وا عجبا لك يا ابن عبّاس ، قال الزهري : وكره والله ، ما سأل عنه ، ولم يكتمه ، فقال : هي عائشة وحفصة ، ثمّ أنشأ يحدّثني الحديث ، قال : كنّا معشر قريش نغلب النّساء ، فلمّا قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم ، وطفق (٦) نساؤنا يتعلّمن من نسائهم ، فتغضّبت على امرأتي يوما ، فإذا هي تراجعني ، فأنكرت من أن تراجعني ، فقالت : ما تنكر ذلك؟ فو الله إنّ أزواج النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليراجعنه ، وتهجره إحداهنّ اليوم إلى اللّيل ، (٣١١ ظ) قال : فقلت في نفسي قد خابت مّن فعل ذلك منهنّ وخسرت ، قال : وكان منزلي بالعوالي في بني أميّة ، وكان لي (٧) جار من الأنصار كنّا نتناوب النزول إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : فينزل يوما ، فيأتيني بخبر الوحي وغيره ، وأنزل يوما ، فآتيه بمثل ذلك ، قال : فكنّا نحدّث أنّ غسّان تنقل الخيل (٨) لتغزونا ، قال : فجاء يوما عشاء ، وهو يضرب عليّ الباب ، فخرجت إليه ، فقال : حدث أمر عظيم ، قلت : أجاءت غسّان؟ قال : أعظم من ذلك ، طلّق

__________________

(١) ينظر : تأويل مشكل الآثار ١٢ / ٢٨ ـ ٢٩.

(٢) ساقطة من ع.

(٣) أخرجه البخاري في الصحيح (٥٢٦٧) ، ومسلم في الصحيح (١٤٧٤) ، وأبو داود في السنن (٣٧١٤).

(٤) تفسير مقاتل بن سليمان ٣ / ٣٧٧ ، ومعاني القرآن وإعرابه ٥ / ١٩٣ ، وتفسير السمعاني ٥ / ٤٧٣ ، والجواهر الحسان ٣ / ٣٥١.

(٥) ع : المرأتين.

(٦) ع وأ : فطفق.

(٧) أ : في.

(٨) ك : الخير.

٦٤٧

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم نساءه ، فقلت في نفسي : قد خابت حفصة وخسرت ، قد كنت أظنّ أنّ هذا كائن ، فلمّا صلّيت الصبح شددت عليّ ثيابي ، ثمّ انطلقت حتى دخلت على حفصة ، فإذا هي تبكي ، فقلت : أطلقكنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ قالت : لا أدري ، هو ذا (١) معتزل في هذه المشربة ، قال : فانطلقت إليه ، فأتيت غلاما أسودا (٢) ، فقلت : استأذن لعمر ، فدخل ، ثمّ خرج إليّ قال : فذكرتك له ، فلم يقل شيئا ، فانطلقت إلى المسجد ، فإذا حول المنبر نفر يبكون ، فجلست إليهم ، ثمّ غلبني ما أجد ، فأتيت الغلام ، فقلت : استأذن لعمر ، فدخل ، ثمّ خرج قال : فذكرتك له ، فلم يقل شيئا ، قال : فانطلقت إلى المسجد أيضا ، فجلست ، ثمّ غلبني (٣) ما أجد ، فأتيت الغلام ، فقلت : استأذن لعمر ، فدخل ، ثمّ خرج إليّ قال : فذكرتك فلم يقل شيئا ، فولّيت منطلقا ، فإذا الغلام يدعوني قال : ادخل قد أذن لك ، فدخلت فإذا النّبيّ عليه‌السلام يتكئ على رمل حصير رأيت أثره في جنبه ، فقلت : يا رسول الله ، أطلقت نساءك؟ قال : لا ، قلت : الله أكبر ، لو رأيتنا يا رسول الله ، وكنّا معشر قريش نغلب النّساء ، فلمّا قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم ، فطفق نساؤنا يتعلّمن من نسائهم ، فتغضّبت يوما على امرأتي ، فإذا هي تراجعني ، فأنكرت ذلك ، فقالت : ماذا تنكر؟ فو الله إنّ أزواج النّبيّ عليه‌السلام ليراجعنه ، وتهجره إحداهنّ اليوم إلى اللّيل ، قال : فقلت : لحفصة تراجعين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قالت : نعم ، تهجره إحدانا اليوم إلى اللّيل ، قال : فقلت (٤) : قد خابت من فعل ذلك منكنّ وخسرت ، أتأمن إحداكنّ أن يغضب الله عليها بغضب رسول (٥) الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فإذا هي قد هلكت ، فتبسّم النّبيّ عليه‌السلام ، قال : فقلت لحفصة : لا تراجعي رسول الله ، ولا تسأليه شيئا ، وسليني ما بدا لك ، فلا يغرّنّك أنّ صاحبتك أوسم منك ، وأحبّ إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : فتبسّم أخرى ، قلت : يا رسول الله ، أستأنس ، قال : نعم ، قال فرفعت رأسي فما رأيت إلا أهبة بيته ، فقلت : يا رسول الله ، ادع الله أن يوسّع على أمّتك ، فقد وسّع على فارس والرّوم ، وهم لا يعبدونه ، فاستوى جالسا فقال : أو في شكّ أنت يا ابن الخطّاب؟ أولئك قوم عجّلت لهم طيباتهم في الحياة الدّنيا ، (٣١٢ و) قال : وكان أقسم أن لا يدخل على نسائه شهرا ، فعاتبه الله في ذلك ، فجعل له كفّارة اليمين. قال الزهري : حدثني عروة عن عائشة قال : فلمّا مضت تسع وعشرون ليلة دخل عليّ بدأ بي ، قال (٦) : عائشة ، إنّي ذاكر لك شيئا ، فلا

__________________

(١) الأصول المخطوطة : ذي. وما أثبت من كتب التخريج.

(٢) ك وع وأ : أسود.

(٣) أ : فغلبني.

(٤) (لحفصة تراجعين ... الليل ، قال : فقلت) ، ساقط من ك.

(٥) ساقطة من أ.

(٦) ع : قال : قال.

٦٤٨

تعجلي حتى تستأمري أبويك ، ثمّ قرأ : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ) [الأحزاب : ٢٨] ، على ما سبق. (١)

(صَغَتْ قُلُوبُكُما)(٢) : مالت قلوبكما عن الحقّ ، (٣) وجزاؤه مضمر ، (٤) تقديره : إن تتوبا إلى الله توبا أو فأسرعا.

(وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) : أبو بكر وعمر وعليّ ، (٥) فتقديره : ومن صلح من المؤمنين.

(ظَهِيرٌ) : كالقعيد.

٥ ـ وعن عمر بن الخطّاب : وافقت الله في ثلاث ، ووافقني (٦) في ثلاث (٧) ، قلت : يا رسول الله ، لو اتّخذت من مقام إبراهيم مصلّى ، فأنزل الله : (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى) [البقرة : ١٢٥] ، فقلت : يا رسول الله ، إنّه يدخل عليك البرّ والفاجر ، فلو أمرت أمّهات المؤمنين ، فأنزل الله آية الحجاب ، وبلغني بعض معاتبة النّبيّ عليه‌السلام نساءه ، فاستقريت أمّهات المؤمنين ، فدخلت عليهنّ ، فجعلت أستقريهنّ واحدة واحدة ، فقلت : لئن (٨) انتهيتنّ أو ليبدلنّ الله رسوله أزواجا خيرا منكنّ حتى انتهيت إلى زينب ، أو بعض أزواجه ، فقالت : يا عمر ، أما في رسول الله ما يعظ (٩) أزواجه حتى تعظهنّ أنت ، فأنزل الله : (عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ). (١٠)

(سائِحاتٍ) : مهاجرات (١١) إلى الله ورسوله. وقيل : صائمات. (١٢) وقيل : حاجّات ومعتمرات. وقيل : سائحات بقلوبهنّ في ملكوت الله تعالى.

__________________

(١) أخرجه أحمد في المسند ١ / ٣٣ ، والبخاري في الصحيح (٢٤٦٨) ، ومسلم في الصحيح (١٤٧٩).

(٢) ك : (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما).

(٣) الغريبين ٤ / ١٠٨٠ ، وتفسير البغوي ٨ / ١٦٥ ، وتفسير الخازن ٤ / ٣١٣.

(٤) الدر المصون ٦ / ٣٣٥ ، واللباب في علوم الكتاب ١٩ / ١٩٧.

(٥) ينظر : تفسير السمرقندي ٣ / ٤٤٦ ، والكشاف ٤ / ٥٧١ ، وذكرا معهم عثمان رضي الله عنهم جميعا.

(٦) في مسند أحمد ١ / ٢٩٩ (الرسالة) : أو وافقني ، وقال المحقق : «في (ق) ووافقني ، وهو خطأ».

(٧) (ووافقني في ثلاث) ، ساقط من أ.

(٨) أ : أي.

(٩) ك : يعطي.

(١٠) أخرجه أحمد في فضائل الصحابة ١ / ٣١٥ ، والبخاري في الصحيح (٤٠٢) ، وابن حبان في صحيحه (٦٨٩٦).

(١١) أ : مفاخرات. وما أثبت الصواب ، ينظر : الطبري ١٢ / ١٥٦ ، وزاد المسير ٨ / ٨٢ ، وتفسير البغوي ٨ / ١٦٨ عن زيد بن أسلم.

(١٢) تفسير الطبري ١٢ / ١٥٦ ، وزاد المسير ٨ / ٨٢ ، وتفسير القرطبي ١٨ / ١٩٣ عن ابن عباس والجمهور.

٦٤٩

(ثَيِّباتٍ) : اللّواتي (١) كانت لهنّ أزواج. (٢)

(وَأَبْكاراً) : اللّواتي لم يكن لهنّ أزواج. (٣)

٦ ـ وكان عليّ رضي الله عنه إذا قرأ : (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً) يقول : علّموهم وأدّبوهم. (٤)

وعن ابن مسعود : (وَالْحِجارَةُ) : حجارة من كبريت خلقه الله كبريتا كما شاء. (٥)

والقول مضمر عند قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) أي : يقال لهم.

٨ ـ ابن عبّاس في قوله : (تَوْبَةً نَصُوحاً) قال : النّدم بالقلب ، والاستغفار باللّسان ، والإقلاع بالبدن ، والإضمار على أن لا يعود. (٦) وقال عمر : يتوب من الذّنب ، ثمّ لا يعود فيه. (٧)

١٠ و ١١ ـ وفائدة ضرب هذين المثلين هو الإعلام أنّه (لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) [فاطر : ١٨] ، (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) [النجم : ٣٩] الآيات.

__________________

(١) ع : اللاتي ، وكذلك التي بعدها.

(٢) ينظر : زاد المسير ٨ / ٨٢ ، وتفسير الخازن ٤ / ٣١٥ ، ولسان العرب ١ / ٢٤٨.

(٣) ينظر : مجمع البيان ١٠ / ٤٦ ، وغريب الحديث لابن الجوزي ١ / ٤٩.

(٤) البر والصلة ٩٩ ، والعيال ١ / ٤٩٥.

(٥) الرقائق لابن المبارك ٨٨ ، والزهد لابن سري ١ / ١٧٩ ، والمعجم الكبير للطبراني (٩٠٢٦) ، وبدلا من خلقه : خلقها.

(٦) تنوير المقباس ٤٤٧ ، وتفسير السمرقندي ٣ / ٤٤٨.

(٧) المستدرك ٢ / ٥٣٧ ، وسنن البيهقي الكبرى ١٠ / ١٥٤.

٦٥٠

سورة الملك

مكيّة. (١)

وهي ثلاثون آية في غير عدد أهل مكّة والمدنيّ الأخير. (٢)

بسم الله الرّحمن الرّحيم

وعن ابن (٣) بريدة ، عن أبيه قال : السّماء الدّنيا موج مكفوف (٤) ، والثّانية مرمرة بيضاء ، والثّالثة حديد ، والرّابعة صفر ، والخامسة نحاس ، والسّادسة فضّة ، والسّابعة ذهب ، وما بين السّماء السّابعة إلى الحجب صحارى من نور. (٥) (٣١٢ ظ) وعن كعب : كذلك ، غير أنّه قال : السّماء السّابعة من ياقوتة حمراء. (٦)

٣ ـ (مِنْ تَفاوُتٍ) : أن يفوت كلّ واحد من شيئين صاحبه في الإنفاق والانتظام ، فتختلفا. (٧)

(ما تَرى) : أن أبصر ما ترى.

(فُطُورٍ) : شقوق. (٨)

٤ ـ (كَرَّتَيْنِ) : رجعتين. (٩)

٧ ـ (تَفُورُ) : تغلي ، وتشتدّ حركته. (١٠)

٨ ـ (تَمَيَّزُ) : تفرق وتشتت. (١١)

__________________

(١) الناسخ والمنسوخ للمقري ١٨٣ ، وزاد المسير ٨ / ٨٧ ، وتفسير القرطبي ١٨ / ٢٠٥.

(٢) وعند أهل مكة والمدني الأخير عدد آيها إحدى وثلاثون. البيان في عد آي القرآن ٢٥١ ، والتلخيص ٤٤١ ، وفنون الأفنان ٣١٥ ، وجمال القراء ٢ / ٥٥٠.

(٣) ساقطة من ع.

(٤) الأصول المخطوطة : المكفوفة ، والتصويب من كتب التخريج.

(٥) لم أجده عن ابن بريدة عن أبيه ، ووجدته بألفاظ مقاربة عن الربيع بن أنس موقوفا ، ينظر : المعجم الأوسط للطبراني (٥٦٦١) ، والعظمة ٣ / ١٠٤٤ ، وتفسير الثعلبي ٩ / ٣٥٧.

(٦) تفسير البغوي ٨ / ٢١٥ ، وتفسير الثعلبي ٩ / ٣٥٧.

(٧) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ٥ / ١٩٨ ، وزاد المسير ٨ / ٨٧ ، وتفسير البغوي ٨ / ١٧٦.

(٨) الغريبين ٥ / ١٤٥٩ ، وتفسير البغوي ٨ / ١٧٦ ، وتفسير الخازن ٤ / ٣١٩ ، والدر المنثور ٨ / ٢١٩ عن ابن عباس.

(٩) ينظر : الغريبين ٥ / ٥ / ١٦٢٤ ، وتفسير أبي السعود ٩ / ٤ ، وعمدة الحفاظ ٣ / ٤٥٣.

(١٠) ينظر : الغريبين ٥ / ١٤٨٠ ، وعمدة الحفاظ ٣ / ٣٠٢.

(١١) ينظر : تفسير السمرقندي ٣ / ٤٥٣ ، وتفسير الثعلبي ٩ / ٣٥٨.

٦٥١

١١ ـ وإنّما لم يجمع الذّنب ؛ لأنّه فعل. (١)

(فَسُحْقاً) : وبعدا (٢) إهلاكا (٣).

١٥ ـ (مَناكِبِها) : جبال الأرض. (٤) وقيل : طرقها. (٥)

١٦ ـ (مَنْ (٦) فِي السَّماءِ) :(أَتى أَمْرُ اللهِ) [النحل : ١] ، ينزّل الأمر من السّماء إلى الأرض.

وعن ابن غنم قال : سيكون حيّان متجاورين يشقّ بينهما نهر ، يستقيان (٧) منه قبسهم واحدة ، فيصبحان يوما من الأيّام قد خسف بأحدهما والآخر حيّ ، ويوشك أن تقعد أمتان على ثفال (٨) رحا يطحنان ، يخسف بأحدهما ، والأخرى تنظر. (٩)

٢٠ ـ (هذَا الَّذِي) : إشارة إلى موهوم لا شيء ، كقولك للّذي نطق أنّه محترم : من هذا الذي يحترمك ، وهو من مجاز الكلام.

٢١ ـ (لَجُّوا) : من اللّجاجة ، وهو الإصرار. (١٠)

٢٢ ـ (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا) : قال الكلبيّ : نزلت الآية في نبيّنا عليه‌السلام وفي أبي جهل. (١١)

٢٨ ـ (إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللهُ) : في تربّصهم الدّوائر بالمؤمنين ، يقول النّبيّ عليه‌السلام : هب كأنّما هلكنا ، فهل للمجرمين من عذاب الله نجاة. (١٢)

__________________

(١) ينظر : تفسير القرطبي ١٨ / ٢١٣ ، وقال : «لأن فيه معنى الفعل». وقال البيضاوي في تفسيره ٥ / ٢٢٩ : «لأنه في الأصل مصدر» ، وكذا في الدر المصون ٦ / ٣٤٣.

(٢) تفسير ابن أبي حاتم (١٨٩٣١) ، والدر المنثور ٨ / ٢٢٠ عن ابن عباس.

(٣) النهاية في غريب الحديث ١ / ١٤٠ ، وكأنه يريد أن البعد هو الإهلاك ، وينظر معنى البعد : تفسير السمعاني ٢ / ٤٣٢ ، وتفسير الثعلبي ٥ / ١٧٢ ، ولسان العرب ٣ / ٩١.

(٤) تفسير الصنعاني ٣ / ٣٠٥ عن قتادة ، ومعاني القرآن وإعرابه ٥ / ١٩٩ ، وزاد المسير ٨ / ٨٨ عن ابن عباس وقتادة ، ورجحه الزجاج.

(٥) معاني القرآن وإعرابه ٥ / ١٩٩ ، وتفسير السمرقندي ٣ / ٤٥٤ ، وزاد المسير ٨ / ٨٨ عن ابن عباس ومجاهد.

(٦) غير موجودة في ع وأ.

(٧) ع : ثم يستقيان.

(٨) الثفال : جلدة تبسط تحت رحا اليد ليقع عليها الدقيق ، ويسمى الحجر الأسف ثفالا بها. النهاية في غريب الحديث ١ / ٢١٥.

(٩) إغاثة اللهفان ١ / ٢٦٦ ، والفتن لابن حماد ١ / ٣٠٥.

(١٠) ينظر : مشارق الأنوار ١ / ٣٥٥ ، ولسان العرب ٢ / ٣٥٤.

(١١) ينظر : المحرر الوجيز ١٥ / ١٨ ، وتفسير القرطبي ١٨ / ٢١٩.

(١٢) ينظر : تفسير السمرقندي ٣ / ٤٥٦ ـ ٤٥٧ ، والتسهيل لعلوم التنزيل ٤ / ١٣٦.

٦٥٢

٣٠ ـ (غَوْراً) : مصدر من معنى الجمع كالصّيف والدور. (١)

(بِماءٍ مَعِينٍ) : قال ابن عبّاس : بماء ظاهر. (٢)

وعن عليّ ، عن النّبيّ عليه‌السلام قال لعليّ : «يا عليّ ، من قرأ سورة (تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ) جاء يوم القيامة راكبا أجنحة الملائكة ووجهه في الحسن كوجه يوسف الصّدّيق عليه (٣) السّلام ، وله بكلّ آية قرأها مثل ثواب شعيب عليه‌السلام».

وعن ابن مسعود قال : من قرأ سورة (تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ) كلّ ليلة عصم من فتنة القبر ، يؤتى من قبل رأسه فتقول : لا سبيل لكم إليه كان يقرأني ، ثم يؤتى من قبل رجله فتقول : لا سبيل لكم إليه قد كان يقرأني. (٤)

__________________

(١) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ٥ / ٢٠١ ، والجواهر الحسان ٣ / ٣٦١ ، وعمدة الحفاظ ٣ / ٢١٦.

(٢) تفسير ابن أبي حاتم (١٨٩٣٥) ، وتفسير القرطبي ١٨ / ٢٢٢ ، والدر المنثور ٨ / ٢٢٣.

(٣) ع : على.

(٤) أخرجه الحاكم في المستدرك ٢ / ٥٤٠ بألفاظ مقاربة.

٦٥٣

سورة القلم

مكيّة. (١) وعن ابن عبّاس وقتادة : الفصل الأوّل إلى (الْخُرْطُومِ) [القلم : ١٦] مكيّ ، والفصل الثّاني إلى قوله : (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) [القلم : ٣٣] مدنيّ ، والفصل الثّالث إلى قوله : (فَهُمْ يَكْتُبُونَ) [القلم : ٤٧] مكيّ ، والفصل الرّابع إلى قوله : (مِنَ الصَّالِحِينَ) [القلم : ٥٠] مدنيّ ، والفصل الخامس مكيّ. (٢)

وهي اثنتان وخمسون آية بلا خلاف. (٣)

بسم الله الرّحمن الرّحيم

١ ـ عن أبي الضّحى ، عن ابن عبّاس قال : أول شيء خلق ربّي القلم ، ثمّ قال له : اكتب ، فكتب ما هو كائن إلى أن تقوم السّاعة ، ثمّ خلق النّون فوق الماء ، ثمّ كبس الأرض عليه. (٤) وعن ابن عبّاس قال : الأرض على النّون ، وهو الذي ذكره الله تعالى : (ن وَالْقَلَمِ)، والنّون على بحر ، والبحر على صخرة خضراء ، فخضرة ما ترون من السّماء من خضرة تلك الصّخرة التي ذكر الله تعالى في القرآن : (يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ) [لقمان : ١٦]. (٥)

والنّون إشارة إلى اسم الحوت. (٣١٣ و) وعن ابن عبّاس : النّون : الدّواة (٦). وعن قتادة ومجاهد : أنّها اسم للسّورة. وعن سهل التّستريّ : أنّها اسم من أسماء الله. (٧) وعن عبادة (٨) بن الصّامت ، عنه عليه‌السلام : «أنّ أوّل ما خلق الله القلم ، فقال له : اكتب ، فجرى بما هو كائن إلى الأبد» (٩).

__________________

(١) تفسير مقاتل ٣ / ٣٨٦ ، وزاد المسير ٨ / ٩٢ ، والدر المنثور ٨ / ٢٢٤ عن ابن عباس.

(٢) تفسير القرطبي ١٨ / ٢٢٢ ، وجمال القراء ١ / ١٤٥ عن ابن عباس وقتادة ، وتفسير الماوردي ٤ / ٢٧٧ عن ابن عباس.

(٣) التلخيص في القراءات الثمان ٤٤٢ ، وفنون الأفنان ٣١٥ ، وإتحاف فضلاء البشر ٥٥٢.

(٤) تفسير مجاهد ٦٨٧ ، وتفسير الطبري ١٢ / ١٧٦ ، والدر المنثور ٨ / ٢٢٦.

(٥) ينظر : تفسير البغوي ٥ / ٢٦٣ ، وتفسير القرطبي ١١ / ١٦٩.

(٦) الأصول المخطوطة : الدوات. والتصويب من كتب التخريج. تفسير الطبري ١٢ / ١٧٦ ، وزاد المسير ٨ / ٩٢ ، والدر المنثور ٨ / ٢٢٥.

(٧) ينظر : تنوير المقباس ٤٨٠ من غير نسبة.

(٨) ع : قتادة.

(٩) أخرجه أحمد في المسند ٥ / ٣١٧ ، والترمذي في السنن (٣٣١٩) ، ومسند الشاميين ٣ / ١٣٨ ، وقال الترمذي : حسن غريب.

٦٥٤

٤ ـ (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) : وعن سعد (١) بن هشام بن عامر قال : أتيت عائشة فقلت : يا أمّ المؤمنين ، أخبريني عن خلق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالت : أما تقرأ القرآن (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، قالت : كان خلقه القرآن. (٢) وعن أبي سعيد الخدريّ : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أشدّ حياء من العذراء في خدرها ، فكان إذا كره الشّيء عرفنا في وجهه. (٣) وعن عائشة قالت : ما ضرب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بيده شيئا إلا أن يجاهد في سبيل الله ، ولا ضرب خادما ولا امرأة. (٤)

٩ ـ (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) : أي : يحبّون أن تكفّ عن ذكر آلهتهم وكفرهم ، فيكفّوا عنك.

١٠ ـ (حَلَّافٍ) : كثير الحلف في الجدّ والهزل ، (٥) وهو عيب ؛ لأنّه إن كان باسم الله عزوجل ، فاسم الله لا يذكر بالهزل ، وإن كان باسم من دونه فالحلف به [ ...](٦) ، إذ قريب منه ، ولا شكّ فيمن كثر حلفه أن يكثر حنثه.

(مَهِينٍ) : حقير (٧) عند الله أو عند النّاس (٨).

١١ ـ (هَمَّازٍ) : غمّاز (٩) ، كأنّه يغمز بغمز جفنه ، يهمز حدقته ، أي : يضغطها ، وهو اللّمّاز. وقيل : الهمز بظهر الغيب ، واللّمز في حضرة الرّجل. (١٠)

(بِنَمِيمٍ) : بنميمة ، (١١) وهو الحديث المنقول المسوق من مجلس إلى مجلس ، والنّمام : القتّات ، (١٢) وفي الحديث : «لا يدخل الجنّة قتّات» (١٣).

__________________

(١) الأصول المخطوطة : سعيد ، والتصويب من كتب التخريج.

(٢) أخرجه أحمد في المسند ٦ / ٩١ ، وابن حبان في صحيحه (٢٥٥١) ، وتخريج الأحاديث والآثار ٤ / ٧٥.

(٣) أخرجه البخاري في الصحيح (٦١٠٢) ، ومسلم في الصحيح (٢٣٢٠) ، وابن ماجه في السنن (٤١٨٠).

(٤) أخرجه مسلم في الصحيح (٢٣٢٨) ، والدارمي في السنن ٢ / ١٩٨ ، والطبراني في الصغير (٨١٤).

(٥) ينظر : الكشاف ٤ / ٥٩١ ،

(٦) بياض في الأصول المخطوطة ، وأظنه : حرام أو غير جائز ، لأن هذا حكم الحلف بغير الله.

(٧) العين ٤ / ٦١ ، وتفسير السمعاني ٦ / ٢٠ ، والنهاية في غريب الحديث ١ / ٢٨١.

(٨) الكشاف ٤ / ٥٩١.

(٩) ينظر : جمهرة اللغة ٢ / ٧٣٠ ، ولسان العرب ٥ / ٤٢٥ ، والتبيان في تفسير غريب القرآن ٤٢١.

(١٠) الغريبين ٦ / ١٩٤ ، وعمدة الحفاظ ٤ / ٣٠٠ عن ابن الأعرابي.

(١١) تفسير السمعاني ٦ / ٢٠ ، وتفسير القرطبي ١٨ / ٢٣٢ ، والتسهيل لعلوم التنزيل ٤ / ١٣٨.

(١٢) غريب الحديث لابن سلام ١ / ٣٣٩ ، ولسان العرب ٢ / ٧٠.

(١٣) أخرجه البخاري في الصحيح (٦٠٥٦) ، ومسلم في الصحيح (١٠٥) ، وأبو داود في السنن (٤٨٧١) عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه.

٦٥٥

١٣ ـ (عُتُلٍّ) : الذي هو كالمنتفخ من سعة جوفه ، يقال (١) : رمح عتلّ إذا كان كذلك. (٢)

(زَنِيمٍ) : الذي في نسبه خلل. (٣)

وهذه الآيات عامّة في قضيّة الظّاهر ، وروي : أنّها نزلت في الوليد بن المغيرة ، (٤) وستأتي قصّته في سورة المدّثر ، إن شاء الله.

١٦ ـ (سَنَسِمُهُ) : الوسم : الكيّ والعلامة. (٥)

(الْخُرْطُومِ) : الأنف (٦) ، ولا يكاد يطلق هذا اللّفظ إلا على أنف فاحش وحش مثل الكلب والخنزير والفيل والبعوضة ، والمراد بالوسم معنى يتميّز به الموسوم عن سائر المعذّبين.

١٧ ـ (إِنَّا بَلَوْناهُمْ) : نزلت الآيات في سنوات الدّخان حين دعا رسول الله على قريش بسبع كسبع يوسف عليه‌السلام ، أكلوا العلهز (٧) والرّمّة من الحمير والمجاعة. (٨)

ضرب الله مثلا (٩) أصحاب الجنّة ، وهم ثلاثة إخوة باليمن في قرية (١٠) تسمّى صروان ، وكان أبوهم قد رسم للفقراء كلّ ما أخطأ المنجل من الزّرع ، وكلّ ما سقط عنش البسط من النّخل (١١) ، وكلّ ما أخطأه القطّاف من الكرم ، فكانوا يتعيّشون به ، فلما مات أبوهم ورثه هؤلاء البنون الثلاثة ، بخلوا بما رسمه أبوهم ، وقالوا : كانت يد أبينا يدا واحدة ، وفي العيال قلّة حين رسم هذا الرّسم ، وأما اليوم فلا نفعل ، وتواعدوا وتقاسموا ليصرمنّها مصبحين ، ولم يقولوا : إن شاء الله ، والصّرام (١٢) الحصاد ، فأرسل الله على أموالهم (٣١٣ ظ) باللّيل آفة ، (فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ) [القلم : ٢٠] ، وهو الحصيد ، وأصبحت الإخوة باكرين (١٣) من بيوتهم يتنادون : (أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ (٢٢) فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخافَتُونَ) [القلم : ٢٢ ـ ٢٣] ، أن لا تخلّوا

__________________

(١) مكررة في أ.

(٢) ينظر : القاموس المحيط ١ / ١٣٣٠ ، ولسان العرب ١١ / ٤٢٣.

(٣) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ٥ / ٢٠٦ ، والغريبين ٣ / ٨٣٤ ، وزاد المسير ٨ / ٩٦.

(٤) تفسير السمرقندي ٣ / ٤٦٠ ، والكشاف ٤ / ٥٩١.

(٥) ينظر : العين ٧ / ٣٢١ ، وتهذيب اللغة ٤ / ٣٨٩٢ ، ومشارق الأنوار ٢ / ٢٩٥ ، ولسان العرب ١٢ / ٦٣٥.

(٦) الغريبين ٢ / ٥٤٥ عن ابن عرفة ، وعمدة الحفاظ ١ / ٥٧٤.

(٧) العلهز : هو شيء يتخذونه في سني المجاعة ، يخلطون الدم بأوبار الإبل ، ثم يشوونه بالنار ويأكلونه. النهاية في غريب الحديث ٣ / ٢٩٣.

(٨) ينظر : سنن النسائي الكبرى (١١٣٥٣) ، والمعجم الكبير للطبراني (١٢٠٣٩) ، والمستدرك ٢ / ٤٢٨.

(٩) ع : مثل.

(١٠) أ : قومه.

(١١) ك : المنجل.

(١٢) ع : الصرام.

(١٣) أ : باركرين.

٦٥٦

مسكينا يدخل عليكم اليوم. (١)

٢٥ ـ (عَلى حَرْدٍ) : قصد (٢).

(قادِرِينَ) : مستطيعين للصّرام ، (٣) أن أدركوا.

٢٦ ـ (فَلَمَّا رَأَوْها) : كالحصيد. (٤)

(قالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ) : الطّريق خاطئين جنّتنا. (٥)

٢٧ ـ ثمّ تيقّنوا أنّها جنّتهم أرسل الله عليها آفة فقالوا : (بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ). (٦)

٢٨ ـ (قالَ أَوْسَطُهُمْ) : أعدلهم قولا (٧).

(أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ) : هلّا تقولون إن شاء الله. (٨)

ورجعوا إلى تسبيح الله واعترفوا بالطّغيان ، وأحسنوا الظّنّ بالله في التّعويض. (٩)

٣٣ ـ يقول الله تعالى : (كَذلِكَ الْعَذابُ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) : لو كانت قريش تعلم.

٤٢ ـ (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ) : عبارة عن شدّة الأمر. (١٠)

٤٩ ـ (لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ) : غير مغفور له ، (١١) فلما سبقت الرّحمة ، وغفرت له الزّلّة نبذ بالعراء وهو سقيم غير مذموم.

٥١ ـ (إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ) : أطلق قريش اسم الجنون على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لمعنيين : أحدهما : أنّهم استبعدوا سيرته من قضيّة عقولهم الفاسدة ، والثّاني : أنّهم رأوه كاهنا تأتيه الجنّ بالأسجاع العجميّة ، فبرأه الله عزوجل ممّا قالوا من الوجهين.

__________________

(١) تنظر قصتهم في تفسير الثعلبي ١٠ / ١٦ ، والتسهيل لعلوم التنزيل ٤ / ١٣٨.

(٢) ساقطة من أ. معاني القرآن وإعرابه ٥ / ٢٠٧ ، والغريبين ٢ / ٤٢١ ـ ٤٢٢ ، وتفسير السمرقندي ٣ / ٤٦١.

(٣) ينظر : زاد المسير ٨ / ١٠٠ عن قتادة ، وتفسير البغوي ٨ / ١٩٦.

(٤) ينظر : الكشاف ٤ / ٥٩٥.

(٥) ينظر : تفسير الصنعاني ٣ / ٣٠٩ عن قتادة ، وتفسير السمعاني ٣ / ٤٦٢ ، وتفسير القرطبي ١٨ / ٢٤٤.

(٦) ينظر : تفسير السمعاني ٦ / ٢٥ ،

(٧) ساقطة من ع. ينظر : تفسير الصنعاني ٣ / ٣١٠ ، وتفسير الطبري ١٢ / ١٩٣ عن ابن عباس وجاهد وقتادة ، وتفسير السمرقندي ١ / ١٢٦ و ٣ / ٤٦٢ ، وعمدة الحفاظ ٤ / ٣٥٦.

(٨) تفسير مقاتل بن سليمان ٣ / ٣٨٨ ، وتفسير السمعاني ٦ / ٢٥ ، والقرطبي ١٨ / ٢٤٤.

(٩) ينظر : زاد المسير ٨ / ١٠٠ ـ ١٠١.

(١٠) ينظر : تفسير مقاتل بن سليمان ٣ / ٣٩٠ ، معاني القرآن وإعرابه ٥ / ٢١٠ ، وتفسير أبي السعود ٩ / ١٨ ، والتسهيل لعلوم التنزيل ٤ / ١٤٠.

(١١) ينظر : تفسير الطبري ١٢ / ٢٠٣ عن أبي بكر ، وتفسير القرطبي ١٨ / ٢٥٤ عن بكر بن عبد الله.

٦٥٧

سورة الحاقة

مكيّة. (١)

وهي اثنتان وخمسون آية في غير عدد (٢) أهل الشّام والبصرة. (٣)

بسم الله الرّحمن الرّحيم

١ ـ (الْحَاقَّةُ) : هي السّاعة ، سمّيت حاقّة ؛ لأنّها تحقّ لا محالة ، (٤) ورفع بالابتداء ، والاستفهام قائم مقام الخبر ، (٥) تقديره : الحاقّة ما هي (٦)؟ وذلك لتضمّنه معنى الخبر.

٣ ـ (وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ) : للتّعجّب وتفخيم الأمر. (٧)

ما (٨) القارعة؟ والحاقة (٩) سمّيت قارعة ؛ لأنّها تقرع الجبابرة. (١٠)

٥ ـ (بِالطَّاغِيَةِ) : بالصّيحة المجاوزة عن الحدّ. (١١)

٦ ـ (عاتِيَةٍ) : ريح مجاوزة عن الحدّ المعهود (١٢) ، سخّرها الله للهبوب. (١٣)

(حُسُوماً) : متتابعة (١٤) ، لا واحد لها. وعن ابن مسعود : (حُسُوماً) : متتابعات. (١٥)

١١ ـ (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ) : زمان طوفان نوح عليه‌السلام. (١٦)

__________________

(١) تفسير الثعلبي ١٠ / ٢٥ ، وزاد المسير ٨ / ١٠٧ ، وتفسير القرطبي ١٨ / ٢٥٦ ، والدر المنثور ٨ / ٢٤٥ عن ابن عباس وابن الزبير.

(٢) ع : عدد غير.

(٣) وعدد آيها عند أهل الشام والبصرة خمسون وآية. البيان في عد آي القرآن ٢٥٣ ، والتلخيص في القراءات الثمان ٤٤٤ ، وجمال القراء ٢ / ٥٥١.

(٤) ينظر : الوسيط ٤ / ٣٤٣ ، ومجمع البيان ١٠ / ٨٠ ، والتفسير الكبير ١٠ / ٦٢٠.

(٥) ينظر : المحرر الوجيز ١٥ / ٥٩.

(٦) أ : خاصر. وينظر : معاني القرآن وإعرابه ٥ / ٢١٣ ، والتفسير الكبير ١٠ / ٦٢٠ ، وتفسير أبي السعود ٩ / ٢١.

(٧) ينظر : تفسير السمعاني ٦ / ٣٤ ، وزاد المسير ٨ / ١٠٦ ، وتفسير البغوي ٨ / ٢٠٨.

(٨) ساقطة من أ.

(٩) ع وك : بالحاقة.

(١٠) ينظر : تفسير مقاتل ٣ / ٣٩٢ ، وزاد المسير ٨ / ١٠٦ عن مقاتل ، وتفسير البغوي ٨ / ٢٠٨.

(١١) ينظر : تفسير الطبري ١٢ / ٢٠٧ ورجحه ، والوسيط ٤ / ٣٤٤ ، وتفسير السمعاني ٦ / ٣٥.

(١٢) الأصول المخطوطة : المعمود.

(١٣) ينظر : تفسير الطبري ١٢ / ٢٠٧ ، وإعراب القرآن للنحاس ٥ / ١٩ ، والكشاف ٤ / ٦٠٣.

(١٤) ينظر : تفسير الطبري ١٢ / ٢٠٨ عن مجاهد ، وزاد المسير ٨ / ١٠٧ عن ابن عباس ، وتفسير البغوي ٨ / ٢٠٨ عن مجاهد وقتادة.

(١٥) المعجم الكبير للطبراني (٩٠٦١) ، والمستدرك ٢ / ٥٤٢ ، وتفسير الطبري ١٢ / ٢٠٨.

(١٦) ينظر : تفسير الطبري ١٢ / ٢١١ ـ ٢١٢ عن قتادة ، وتفسير البغوي ٨ / ٢٠٨ ـ ٢٠٩.

٦٥٨

١٢ ـ (أُذُنٌ واعِيَةٌ) : بين الحفظ والإدراك والتّحصيل.

١٦ ـ (واهِيَةٌ) : الوهي : زوال التماسك ، واقتراب التأليف من الانفساخ ، يقال : سقاء واه (١) إذا انفتق خرزه. (٢)

١٧ ـ (أَرْجائِها) : نواحيها (٣) ، واحدها رجى (٤).

١٨ ـ وعن عبد الله بن قيس قال : يعرض النّاس ثلاث عرضات : فأمّا عرضتان فجدال ومعاذير ، وأما الثّالثة : فتطاير الكتب ، فآخذ باليمين وآخذ بشماله. (٥)

١٩ ـ (هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ) : أي : خذوا (٦) ، ومن العرب من يقول : هايا رجل ، وهاؤما للاثنين ، وهاؤم للجماعة ، ومنهم من يقول : هاك وهاكما وهاكم. (٧)

٢١ ـ (عِيشَةٍ راضِيَةٍ) : أي : مرضيّة. (٨)

عن سلمان الفارسيّ ، عنه عليه‌السلام : «يعطى المؤمن جوازا على الصّراط ببسم الله الرّحمن الرّحيم هذا الكتاب من الله العزيز الحكيم لفلان بن فلان أدخلوه جنّة عالية» (٩).

٢٣ ـ (قُطُوفُها دانِيَةٌ) : والقطف كالصّرم والجزّ ، والقطوف : ما يقطف من عنقود. (١٠)

٢٤ ـ وعن ابن عبّاس : (٣١٤ و) أنّ قوله : (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ) قال : نزلت في الصّائم خاصّة. قال [رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم] : «من صام يوما تطوّعا لا يطّلع عليه (١١) إلا الله لم يرض الله له ثوابا دون الجنّة» (١٢).

__________________

(١) الأصول المخطوطة : واهي.

(٢) ينظر : الغريبين ٦ / ٢٠٤١.

(٣) ساقطة من ع. تفسير مقاتل بن سليمان ٣ / ٣٩٣ ، وتفسير الصنعاني ٣ / ٣١٣ عن قتادة ، وتفسير السمرقندي ٣ / ٤٦٧.

(٤) التبيان في تفسير غريب القرآن ٤٢٤ ، وغريب الحديث للخطابي ٢ / ٣٣٢.

(٥) الزهد لابن المبارك ٢ / ١١٧ ، وتاريخ دمشق ٣٢ / ٤٧٣ ، وقد روي مرفوعا إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولكن الموقوف أصح ، كذا قال الدارقطني في العلل ٧ / ٢٥١.

(٦) إيجاز البيان عن معاني القرآن ٢ / ٨٣٤ ، وزاد المسير ٨ / ١١١ عن أبي عبيدة.

(٧) ينظر : العين ٤ / ١٠٢ ، ومشارق الأنوار ٢ / ٢٦٣ ، والقاموس المحيط ١ / ٧٣.

(٨) ينظر : معاني الفراء ٣ / ١٨٣ ، وتأويل مشكل القرآن ٢٢٨ ، والدر المصون ٦ / ٣٦٦.

(٩) أخرجه الطبراني في الكبير (٦١٩١) ، وابن عدي في الكامل ١ / ٣٤٤ ، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ٥ / ٤.

(١٠) ينظر : الغريبين ٥ / ١٥٦٤.

(١١) ع : على.

(١٢) أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان ٢ / ٣٣٩ عن أبي هريرة ، وما بين المعقوفتين زيادة يقتضيها السياق.

٦٥٩

والهاءات المتّصلة بياء المتكلّم هاءات التّنفّس. (١)

٢٧ ـ (يا لَيْتَها) : أي : النّفخة ، يقول : يا ليتها نفخة إماتة ، ولم (٢) تكن نفخة بعث.

٣٢ ـ (ذَرْعُها) : مقدارها ، والذّرع : التقدير بالذّراع. (٣)

٣٦ ـ عن ابن عبّاس : ما أدري ما (غِسْلِينٍ). (٤)

وذكر أحمد بن فارس (٥) وأبو عبيد الهرويّ (٦) : أنّ (غِسْلِينٍ) ما ينغسل من أبدان الكفّار من النّار ، وهو الصّديد المضاف إلى الزّقوم ليكونا طعاما واحدا كالمنّ (٧) والسّلوى.

٣٨ ـ (فَلا (٨) أُقْسِمُ) : القسم بالمحسوس والمعقول ، والمراد خلقها.

٤٠ ـ و (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) : وهو جبريل عليه‌السلام ، (٩) أو نفس نطقت بالقرآن وصدرت حروفه من صدرها.

٤٣ ـ (تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) : لأنّه إنشاؤه إيّاه قولا من غير فعل ، ثمّ ألقاه في مسامع جبريل عليه‌السلام.

٤٤ ـ (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا) : يعني : محمد عليه‌السلام. (١٠) وقيل : جبريل.

٤٦ ـ قال أحمد بن فارس : (الْوَتِينَ) : عرق يسقي القلب. (١١) وقيل : (الْوَتِينَ) النّياط. (١٢) وقال صاحب الدّيوان : (الْوَتِينَ) : عرق في القلب إذا انقطع مات صاحبه. وأراد إماتة متميّزة عن المعهود على سبيل النّكال.

٥٠ ـ (وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ) : أي : القرآن حسرة عليهم يوم القيامة من حيث لم يؤمنوا به. (١٣)

__________________

(١) ينظر : المحرر الوجيز ١٥ / ٧٣ ، وتفسير البيضاوي ٥ / ٢٤١ ، والدر المصون ٦ / ٣٦٥ ـ ٣٦٦.

(٢) ك : ولكن.

(٣) ينظر : المحرر الوجيز ١٥ / ٧٥ ـ ٧٩.

(٤) تفسير ابن أبي حاتم (١٨٩٧٦) ، وتفسير السمرقندي ٣ / ٤٦٩ ، والتخويف من النار ١٠٩.

(٥) مقاييس اللغة ٤ / ٤٢٤.

(٦) الغريبين ٤ / ١٣٧٤.

(٧) أ : المن.

(٨) الأصل وأ : ولا.

(٩) الكشاف ٤ / ٧١١ ، وزاد المسير ٨ / ١١٣ عن ابن السائب ومقاتل ، والتسهيل لعلوم التنزيل ٤ / ١٤٤.

(١٠) ينظر : معاني القرآن للفراء ٣ / ٢٠ ، وتفسير الطبري ١٢ / ٢٢٣ ، ووضح البرهان في مشكلات القرآن ٢ / ٤٣٣.

(١١) مقاييس اللغة ٦ / ٨٤.

(١٢) تفسير الطبري ١٢ / ٢٢٣ ، وتفسير ابن أبي حاتم (١٨٩٨١) ، وتفسير الثعلبي ١٠ / ٣٣ عن ابن عباس.

(١٣) ينظر : تفسير السمرقندي ٣ / ٤٧٠ ، وزاد المسير ٨ / ١١٤.

٦٦٠