درج الدّرر في تفسير القرآن ّالعظيم - ج ٢

عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني

درج الدّرر في تفسير القرآن ّالعظيم - ج ٢

المؤلف:

عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني


المحقق: د. طلعت صلاح الفرحات / د. محمّد أديب شكور
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر ناشرون وموزعون
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
9957-07-514-9

الصفحات: ٨٠٢
الجزء ١ الجزء ٢

٢٩ ـ (بِخَبَرٍ) : أي : خبر الطريق ، فإنّهم كانوا محتاجين إليه.

(أَوْ جَذْوَةٍ) : خشبة يشعل فيها النار.

٣٠ ـ (شاطِئِ الْوادِ) : وشطّه شقّيه (١).

(الْأَيْمَنِ) : ضدّ الأشأم ، وهو نعت (الشاطئ) ، وأيمن الوادي من يسلكه ويعبره.

(الْبُقْعَةِ) : القطعة المتميزة من الأرض ، جمعها بقع ، كتحفة وتحف ، ونطفة ونطف ، والبقاع جمع بقعة ، بفتح الباء ، كقصعة وقصاع.

٣٢ ـ (وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ) : يحتمل معنيين : التجمع والنقيض ؛ لاستدراك القوة ، وإزالة الرهبة من الحيّة ، والثاني : التضاؤل والتواضع من رهب الله تعالى. يحتمل قوله : (وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ) متصلا بقوله : (اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ)(٢) [القصص : ٣٢].

وقوله : (مِنَ الرَّهْبِ) عائد إلى قوله : (وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ). وعن مقاتل : (الرَّهْبِ) الكمّ ، قال : وضعت الشيء في الرهب (٣) ، أي : في الكمّ (٤) ، وهذا تأويل بعيد.

٣٤ ـ (أَفْصَحُ) : أقدر على البيان.

٣٦ ـ (بِآياتِنا) : يجوز أن يتّصل بما قبله ، وأن يتّصل بما بعده.

٣٨ ـ (فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ) : لتتّخذ آجرّا فتبني الصّرح منه.

وتعدية الاطلاع (٥) تجوز بعلى وإلى.

أراد أن يلبّس الأمر على الجهّال من قومه ، أو لجهالته وسفهه (٦) ، وكأنّه كان يتوهّم كون السماء مقرونة بالسحاب دون الأفلاك ودون النار.

٤٢ ـ (الْمَقْبُوحِينَ) : المطرودين المبعدين ، وفي حديث عمار (٧) : «اسكت مقبوحا

__________________

(١) ك : بنفسه.

(٢) الأصول المخطوطة : وأدخل يدك في جيبك.

(٣) ع : هب.

(٤) أ : اللم. وينظر : الغريبين ٣ / ٧٩٦ ، ونهج البيان ٤ / ١٥٨ من غير نسبة. وقال الأزهري في التهذيب ٢ / ١٤٨٤ : ولو وجدت إماما من السلف يجعل الرهب كمّا لذهبت إليه ؛ لأنه صحيح في العربية ، وهو أشبه بسياق الكلام والتفسير ، والله أعلم بما أراد.

(٥) في قوله تعالى : (لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى).

(٦) ع : الجهالة وسفرته.

(٧) أبو اليقظان عمار بن ياسر بن عمار العنسي المكي ، مولى بني مخزوم ، أحد السابقين إلى الإسلام ، توفي سنة ٣٧ ه‍. ينظر : التعديل والتبريح ٣ / ١٠٣٦ ، وصفة الصفوة ١ / ٤٤٢ ، وسير أعلام النبلاء ١ / ٤٠٦.

٤٢١

مشقوحا منبوحا». (١)

٤٤ ـ (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ) : فائدة النفي التنبيه على كونه عليه‌السلام مخبرا عن الغيب الذي لا يعلمه مثله إلا بوحي إلهيّ.

(وَلكِنَّا كُنَّا) : وجه العطف تبعيد ما بين موسى ونبيّنا عليهما‌السلام باعتداد الزمان ، وتطاول العمر ، واستطالته وطوله (٢) ، بمعنى قال الله تعالى : (فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ) [الحديد : ١٦].

٤٥ ـ (وَما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ) : أي : ما أنت بالذي كان فيما بينهم.

(تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا) : فرجعت إلى عادتك.

(وَلكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ) : إيّاه كما أرسلناك (٣).

٤٦ ـ عن الضحّاك بن مزاحم ، عن ابن عباس في قوله : (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا) قال : لمّا أخذ موسى الألواح ونظر فيها قال : إلهي (٢٥٣ ظ) لقد أكرمتني بكرامة لم تكرم بها أحدا من قبلي ، فأوحى الله : يا موسى ، إنّي اطّلعت على قلوب عبادي فلم أجد أشدّ تواضعا من قلبك (اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ) [الأعراف : ١٤٤] بجدّ ومحافظة ، وكن من الشاكرين ، يعني : شهادة أن لا إله إلا الله ، ومت على التوحيد ، يعني : حبّ محمد عليه‌السلام ، قال موسى : إلهي ، وما محمد؟ فأوحى الله تعالى إليه : محمد مكتوب على ساق العرش من قبل أن أخلق السماء والأرض بألفي عام ، إنّه نبيّي وصفيّي وخيرتي من خلقي ، وهو أحبّ إليّ من جميع خلقي ومن (٤) ملائكتي ، فقال موسى : إلهي إن كان محمد أكرم عليك من جميع خلقك ، وجميع ملائكتك ، فهل خلقت أمّة أكرم من أمّتي؟ ظلّلت عليهم الغمام ، وأنزلت عليهم المنّ والسلوى ، فأوحى الله تبارك وتعالى : يا موسى ، إنّ فضل أمّة محمد عليه‌السلام على سائر الأمم كفضلي على خلقي ، قال موسى : يا ليتني رأيت أمّة محمد عليه‌السلام ، قال : يا موسى ، لن تراهم ، ولكن تحبّ أن تسمع كلامهم ، قال : نعم يا ربّ ، فنادى ربّنا عزوجل : يا أمّة محمد ، فأجابوه بالتلبية ، لبّيك اللهم لبّيك ، لبّيك لا شريك لك ، إنّ الحمد

__________________

(١) أخرجه أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة ٢ / ٨٧٦ ، والبيهقي في الاعتقاد ١ / ٣٢٩ ، وأبو موسى الأصبهاني في نزهة الحفاظ ١ / ٩٢. والمشقوح : المكسور أو المبعد ، من الكسر أو البعد. النهاية في غريب الحديث والأثر ٢ / ٤٨٩ ، ومقبوحا : مبعدا. المرجع السابق ٤ / ٣ ، والمنبوح : المشتوم. المرجع السابق ٥ / ٤.

(٢) أ : وقوله.

(٣) ع : أرسلنا.

(٤) ع : قال.

٤٢٢

والنعمة لك والملك ، لا شريك لك ، فجعل ذلك إجابة (١) شعائر الحجّ ، ثم نادى : يا أمّة محمد ، إنّ رحمتي سبقت غضبي ، قد غفرت لكم من قبل أن تدعوني ، وأعطيتكم من قبل أن تسألوني ، وغفرت لكم من قبل أن تعصوني ، فمن جاء منكم بشهادة أن لا إله إلا الله صادقا من قلبه أدخله (٢) الجنّة وإن كانت ذنوبه أكثر من زبد البحر. (٣)

(وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) : أي : ولكن أخبرناك بالغيب رحمة عليك وعلى المتذكرين من قومك.

٤٧ ـ (وَلَوْ لا أَنْ تُصِيبَهُمْ) : جواب مضمر في آخر الآية : لما أرسلناك إليهم.

(لَوْ لا أَرْسَلْتَ) : هلا أرسلت.

٤٨ ـ (قالُوا لَوْ لا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى) : المراد بالكتابين التوراة والقرآن ، وبالنبيين موسى ومحمد عليهما‌السلام ، وقيل : التوراة والإنجيل ، (٤) وموسى وعيسى عليهما‌السلام ، (٥) وقيل : إنّه موسى وهارون (٦) والنبيين هما عليهما‌السلام. (٧)

٤٩ ـ (قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ) : المراد بالكتاب الذي وقع به (٨) التحدّي بالإتيان به كتاب مخالف لهما غير كتاب مصدق لهما ، وفحوى الخطاب دالة عليه.

٥٢ ـ (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ) : هم مؤمنو أهل الكتاب يؤتون أجرهم مرّتين لإيمانهم (٩).

٥٤ ـ (وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) : يدفعون الكفر بالإيمان ، والإنكار بالإقرار.

٥٦ ـ عن أبي هريرة (١٠) قال : قال رسول الله عليه‌السلام لعمّه : «قل : لا إله إلا الله أشهد لك بها يوم القيامة» ، قال : لو لا أن تعيّرني قريش ، إنّما يحمله عليه الجزع لأقررت بها عينك ،

__________________

(١) الأصل وك وع : الإجابة.

(٢) ك : أدخلته.

(٣) ينظر : تفسير البغوي ٦ / ٢١١ ، والدر المنثور ٦ / ٣٧٢ مختصرا ، والمحتضر ١٥٧ بألفاظ متقاربة.

(٤) تفسير الطبري ١٠ / ٨١ عن الحسن وأبو جعفر ، وتفسير ابن أبي حاتم (١٦٩٦٠) عن أبي رزين ، وزاد المسير ٦ / ١٠٩ عن أبي مجلز وإسماعيل.

(٥) ينظر : تفسير الطبري ١٠ / ٨١ ، وتفسير ابن أبي حاتم (١٦٩٥٦) عن ابن جبير.

(٦) ينظر : تفسير الطبري ١٠ / ٨٠ ، والسمرقندي ٣ / ٥٢٠ عن ابن جبير ، وزاد المسير ٦ / ١٠٩ عن مجاهد.

(٧) (وقيل : التوراة والإنجيل ، وموسى وعيسى عليهما‌السلام ، وقيل : إنه موسى وهارون والنبيين هما عليهما‌السلام) ، ساقطة من ع.

(٨) ك : فيه.

(٩) ساقطة من أ.

(١٠) (عن أبي هريرة) ، ساقطة من ع.

٤٢٣

فأنزل الله تعالى : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ). (١) وعن ابن (٢) عمر قال : نزلت (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ)(٣) (٢٥٤ و) في أبي طالب. وعن سعيد بن المسيّب ، عن أبيه (٤) قال : لمّا حضرت أبا (٥) طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي أميّة بن المغيرة ، قال : أي عم ، قل : لا إله إلا الله كلمة أحاجّ لك بها عند الله ، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أميّة : أترغب عن ملّة عبد المطّلب؟ فلم يزل رسول الله يعرضها عليه ، ويعاودانه بتلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلّمهم : على ملّة عبد المطلب ، وأبى أن يقول : لا إله إلا الله ، قال رسول الله : لأستغفرنّ لك ما لم أنه عنك ، فأنزل الله : (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ) [التوبة : ١١٣] ، فأنزل الله بأبي طالب ، فقال لرسول (٦) الله : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) إيمانه ، مثل أبي طالب ، لكنّ الله يهدي من يشاء ، مثل حمزة والعباس وأروى وصفيّة وعاتكة.

٥٧ ـ (وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ) : كانوا يعتذرون إلى رسول الله بأنّهم لا يقاومون العرب قاطبة حواليهم إن خالفوا دينهم ، فردّ الله عليهم عذرهم بأنّه هيّأ أسباب الحرمة ، وهم (٧) كفّار جهّال ، فكيف لو اعتصموا بالعروة الوثقى.

(يُجْبى) : يجمع ويحمل.

٥٨ ـ (إِلَّا قَلِيلاً) : إلا سكونا قليلا.

٦١ ـ (مِنَ الْمُحْضَرِينَ) : في النار (٨).

٦٣ ـ (الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) : المتبوعين في الضلالة دون المعبودين.

٦٤ ـ (وَرَأَوُا الْعَذابَ) : وودوا ، أي : وتمنّوا أنّهم كانوا يهتدون. ويحتمل : أنّ المراد به

__________________

(١) أخرجه مسلم في الصحيح (٢٤) ، والهراني في المسند المستخرج على صحيح مسلم ١ / ١١٨ ، والترمذي في السنن (٣١٨٨).

(٢) ساقطة من ع.

(٣) (وعن ابن عمر قال : (نزلت إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ)) ساقطة من أ.

(٤) ع : عن أبيه عن جده. وأبو سعيد هو المسيب بن حزن بن أبي وهب القرشي الخزومي ، له صحبة ، وشهد فتوح الشام ، عاش إلى خلافة عمر رضي الله عنهما. ينظر : معجم الصحابة ٣ / ١٢٦ ، والاستيعاب ٣ / ١٤٠٠ ، وتقريب التهذيب ٢ / ٢٥٠.

(٥) ع : أبي طالب.

(٦) الأصول المخطوطة : قال رسول الله ، والصواب ما أثبت. ينظر : صحيح البخاري (٤٧٧٢) ، وصحيح مسلم (٢٤) ، والمسند المستخرج على صحيح مسلم ١ / ١١٨.

(٧) ك : وكانوا.

(٨) (إلى النار) في تفسير غريب القرآن لابن قتيبة ٣٣٤ ، إيجاز البيان ٢ / ٦٤٤ ، ووضح البرهان في مشكلات القرآن ٢ / ١٥٣.

٤٢٤

رؤية العذاب عن الذين يحشرون على وجوههم عميا وبكما وصمّا.

٦٨ ـ (وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) : الخيرة والخيرة كالطيرة والطيرة.

والآية في ردّ قولهم : (لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) [الزخرف : ٣١].

فيها دلالة أنّ المختار للإمامة من ميّزه الله تعالى بالتوفيق دون من ميّزه بالتخليق ، وعلى فساد اختيار الناس إماما غير موافق للسنّة والجماعة.

٧١ ـ (سَرْمَداً) : دائما أبديّا.

٧٥ ـ (شَهِيداً) : أي : يشهد عليهم.

(فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ) : يجوز أن يكون خطابا للشهداء على سبيل التوفيق ، ويجوز أن يكون خطابا للمشهود عليه على سبيل التحدّي والتقريع.

٧٦ ـ (إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى) : ذكر الحدادي (١) في تاريخه : أنّ قارون ابن عمّ موسى ، وكان فرعون قد ملّكه على بني إسرائيل حين كان بمصر ، فلما قطع موسى البحر ببني إسرائيل ومعه قارون ، وأغرق (٢) الله فرعون وجنوده ، وجعلت الحبورة لهارون ، وهو الرئيس الذي يقرّب القربان وبيده المذبح ، وجعلت الرسالة لموسى عليه‌السلام ، وجد قارون في ذلك من نفسه ، فلم يزل كذلك حتى دخل التيه ، فقال قارون لموسى : يا موسى ، لك الرسالة ، ولهارون الحبورة ، ولست في شيء من ذلك ، لا أصبر على هذا ، قال موسى : (٢٥٤ ظ) والله ما أنا صنعت (٣) ذلك لهارون بل جعله الله له ، قال : لا ، والله لا أصدّقك أبدا حتى تريني آية أعرف بها أنّ الله جعل ذلك لهارون ، قال : فأمر موسى رؤساء بني إسرائيل أن يجيء كلّ رجل منهم بعصا ، ثم يحزمها ، ثمّ ألقى في القبّة التي كان يوحى إليه فيها ، ودعا موسى ربّه أن يريهم بيان ذلك ، فباتوا يحرسون عصيّهم ، فأصبحت عصا هارون تهتزّ لها ورق ، وكان من شجرة اللّوز ، قال موسى : يا قارون ، أترى أنّ الله صنعه لهارون ، قال قارون لموسى : ما هذا بأعجب ممّا يصنع من السحر؟ واعتزل قارون (٤) على حدة ، وولّي هارون الحبورة ، فكان معه القربان والمذبح ، فكان بنو (٥) إسرائيل يأتون بهديهم إلى هارون فيضعها إلى المذبح ، فتنزل نار من السماء فتأكلها ، فقال قارون : والله ما هذه النار إلا مثل نارنا ، فإن (٦) شئت ، يا موسى ، جئتك بنار ، فإن لم تفعل

__________________

(١) الأصل وك وأ : الحردادبهي.

(٢) ع وأ : أغرق.

(٣) ع : ما صنعت أنا.

(٤) (أترى أن الله صنعه لهارون ، ... السحر؟ واعتزل قارون) ، ساقطة من ك.

(٥) ع : بني.

(٦) ع : وإن.

٤٢٥

مثل ما (١) تفعل (٢) هذه النار فأنا كذّاب ، فقال موسى : فابعث إذا بنار ، فانتدب لقارون خمسون ومئتا (٣) رجل يأخذون نارا من أوّل نارهم ، ثمّ يجعلونها في مجامرهم ، فجاؤوا بها إلى القربان ، فلمّا انتهوا إلى القربان (٤) نزلت نار من السماء ، فأكلتهم كلّهم ، فجعل ابنان لقارون يسكّنان النار ، فلما انتهيا إلى النار أحرقتهما (٥) ، فقيل لأبيهما : إنّي قد قضيت أن لا يجيء رجل بنار غريبة إلا أحرقته ، وإنّي قد جعلتهما شهيدين. فاعتزل (٦) قارون ومن تبعه ، وكان كثير المال والتبع من بني إسرائيل ، فاعتزل موسى ، فلم يكن يأتيه ولا يجالسه ، فقال موسى : يا رب ، إنّ قارون قد أفسد عليّ بني إسرائيل ، فمر الأرض أن تطيعني فيه وفيمن معه ، فأمرت أن تطيعه ، فأقبل موسى إلى قارون ومن معه حتى انتهى إليهم ، قال : يا بني إسرائيل ، إنّ الله بعثني إلى قارون كما بعثني إلى (٧) فرعون ، فإن مات بغير ما يموت الناس (٨) ، أو تغيّرت به الأرض عن حالها ، فإنّي صادق فيما قلت ، فمن كان معي فليعتزل ، ومن كان معه فيلثبت مكانه ، فلمّا سمعوا ذلك عرفوا أنّ موسى صادق ، فاعتزلوا غير رجلين من بني روبيل ، فقال موسى عليه‌السلام : يا أرض التقميهم (٩) فابتلعتهم ، فقال : يا موسى أنشدك الله والرحم ، فلم يرقّ بهم (١٠) ، فقال الله : أما وعزّتي لو إيّاي دعا لنجّيته ، ثم دعا أيضا موسى على ماله (١١) ، فخسف به ، قال : فهو يتجلجل (١٢) بها كلّ يوم قدر قامته إلى أن تقوم الساعة. وعن الحسن البصري قال : أوّل من شرّف الشرف قارون ، وإنّه لّما بنى داره وفرغ منها وشرّفها صنع للناس طعاما سبعة أيام ، يجمعهم كلّ يوم فيطعمهم ، ثمّ (١٣) أرسل إلى بغيّ من بني إسرائيل لم تكن في بني إسرائيل امرأة أجمل منها ، فقال لها قارون : لك عندي كلّ (٢٥٥ و) شيء نطقت به وأردته على أن تفعلي ما آمرك ، فقالت له : وما (١٤) هو؟ قال : أنا (١٥)

__________________

(١) ساقطة من ك.

(٢) ك : مفعل.

(٣) ع : مئتي.

(٤) (فلما انتهى إلى القربان) ، ساقط من أ.

(٥) أ : حرقتهما.

(٦) ك أ : واعتزل.

(٧) (قارون كما بعثني إلى) ، ساقطة من أ.

(٨) أ : للناس.

(٩) الأصل وأ : الهميهم ، وك : فالقميهم.

(١٠) أ : لهم.

(١١) ع : قومه.

(١٢) أي : يغوص فيها. النهاية في غريب الحديث والأثر ١ / ٢٨٤ ، ولسان العرب ١١ / ١٢٢.

(١٣) ساقطة من ع.

(١٤) أ : وما.

(١٥) ساقطة من ع.

٤٢٦

إذا جلست (١) للناس غدا ، وأذنت له ، فأتيني فاستعدي على موسى ، وقولي : إنّه أرادني على نفسي (٢) ، قالت : نعم ، فلمّا كان الغد ، واجتمع الناس في داره حتى ملؤوها أبطأت عليه ، فلم تجئه ، فأرسل إليها ، فجيء بها ، ثمّ أرسل إلى موسى ، فجيء به (٣) ، فقال له قارون : ما لهذه المرأة تشكوك؟ قال له موسى : ما أدري ما لها؟ قال لها قارون : أخبريه ، فقالت المرأة : يا موسى ، إنّ هذا جعل لي ما نطقت به وما أردته على أن أزعم على رؤوس الناس أنّك تراودني عن نفسي ، وإنّي ، والله ، ما كنت لأفعل ، معاذ الله ، لقد برّأك الله من ذلك ، فغضب موسى عليه‌السلام ، واشتدّ غضبه ، ثمّ قال : يا عدوّ الله ، قد بلغ جرأتك على هذا ، وقال له قولا غليظا ، فخرج من عنده مغضبا ، فدعا الله تعالى ، فقال : عبدك قارون الذي عبد دونك وجحدك ، وأنكر ربوبيّتك ، ثمّ قد أراد أن يرميني به (٤) حتى متى تمهله ، يا رب ، فأوحى الله إلى موسى : أن قد أمرت الأرض أن تطيعك فمرها بما شئت ، فجاء موسى وهو فرح ، فدخل على قارون حين اجتمع الناس في داره وملؤوها ، فقال : يا عدوّ الله ، كربتني ، وجحدت الله ، وعبدت من دونه في كلام غليظ حتى غضب قارون ، وأقبل عليه بكلام شديد ، وهمّ به ، فلمّا رأى ذلك موسى عليه‌السلام فقال : يا أرض خذيهم ، وكان قارون على فرش على سرير مرتفع في السماء ، فأخذت الأرض بأقدامهم ، وغاب سريره ومجلسه في الأرض ، وأخذت الأرض بقدميه ، وقد دخل من الدار في الأرض مثل ما أخذت منهم على قدرها ، وأقبل موسى يوبّخهم ، ويغلظ لهم المقالة ، فلمّا رأى القوم ما نزل بهم عرفوا أنّ هذا أمر ليس لهم به قوة ، قال : فنادوا يا موسى ، ارحمنا وكفّ عنّا ، وجعلوا يتضرّعون ، ويطلبون إليه ، وهو لا يزداد إلا غضبا وتوبيخا لهم ، ثمّ قال : يا أرض خذيهم ، فأخذتهم إلى أوراكهم ، فجعلوا يتضرّعون إليه ويسألونه ، ثمّ قال : يا أرض خذيهم (٥) ، فأخذتهم الى أوساطهم ، ثم قال : يا أرض خذيهم ، فأخذتهم إلى (٦) آباطهم ، فمدوا أيديهم على وجه الأرض رجاء أن يمتنعوا بها ، ثمّ قال : يا أرض خذيهم ، فأخذتهم إلى أعناقهم ، فلم يبق على وجه الأرض إلا رؤوسهم ، ولم يبق من الدار إلا شرفها ، وكانت الأرض تأخذ من الدار كلّ مرّة مثل ما تأخذه منهم ، وهم يتضرّعون في ذلك إلى موسى عليه‌السلام ويسألونه ، ثمّ قال : يا أرض خذيهم ، فاستوت عليهم وعلى الدار ، فانطلق موسى وهو فرح بذلك (٢٥٥ ظ) فأوحى الله إليه أن يا موسى تضرّع عبادي إليك ودعوك وسألوك فلم ترحمهم ،

__________________

(١) ع : أذنت.

(٢) (على نفسي) ، ساقطة من ك.

(٣) (فجيء به) ، ساقط من ك.

(٤) ساقطة من ع.

(٥) (فأخذتهم إلى أوراكهم ، فجعلوا يتضرعون إليه ، ويسألونه ، ثم قال : يا أرض خذيهم) ، ساقطة من ك.

(٦) (أوساطهم ، ثم قال : يا أرض خذيهم ، فأخذتهم إلى) ، ساقطة من ع.

٤٢٧

أما وعزّتي وجلالي وكرمي لو أنّ إيّاي دعوا واستغاثوا لأخرجتهم (١) منها ، ولكنهم تركوا أن يجعلوا رغبتهم ودعاءهم (٢) إليّ ، ومسألتهم منّي ، وجعلوها إليك فتركتهم. (٣)

(لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ) : لا تنوء إلا بالعصبة ، أي : لا تنهض إلا بنهوضهم. وقيل : لتميل بهم من ثقلها. (٤) وذكر الكلبي (٥) : أنّ خزائنه (٦) كانت أربع مئة ألف يحملها أربعون رجلا.

(إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) : بما يلهي عن الحقّ.

٧٧ ـ (وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ)(٧) : في معنى قوله : «يقول ابن آدم : مالي ، وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبليت ، أو تصدّقت فأمضيت؟». (٨)

وقوله : (وَأَحْسِنْ) في معنى قوله عليه‌السلام : «إذا أنعم الله على عبد نعمة أحبّ أن يرى أثرها عليه». (٩)

٧٨ ـ (عَلى عِلْمٍ عِنْدِي) : قيل : إنّ قارون كان يقرأ التوراة كلّها ، فادّعى أنّه إنّما أوتي ما أوتي كرامة له على علمه. (١٠) وقيل : إنّه كان يقول : فيّ علم وشيء ، فلذلك أكرمني بهذا المال. وقيل : إنّ الله تعالى علّم موسى عليه‌السلام الكيمياء ، فعلّم موسى ثلث ذلك العلم هارون عليه‌السلام ، وثلثه يوشع عليه‌السلام ، وثلثه قارون لعنه الله لا يقدر أحد الثلاثة إلا بإعانة صاحبيه ، فاحتال قارون في تحصيل العلم ، فذلك العلم الذي أدّعاه. (١١)

(وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ) أي : ولا يسأل المجرمون عن ذنوبهم (١٢) ، ولكنّهم يعرفون بسيماهم. وهذه إحدى حالتيهم يوم القيامة.

__________________

(١) أ : لأجرتهم.

(٢) ع : ومعاهم ، وفي أ : وهاهم.

(٣) ينظر : تاريخ دمشق ٦١ ، وتخريج الأحاديث والآثار ٣ / ٣٤ ، وقصص الأنبياء للجزائري ٣١٩ نحوه باختصار.

(٤) ينظر : تفسير غريب القرآن لابن قتيبة ٣٣٤ ، ومعاني القرآن للفراء ٢ / ٣١٠ ، والتبيان في تفسير غريب القرآن ٣٣٠ ، وإيجاز البيان في تفسير غريب القرآن ٢ / ٣١٠.

(٥) ع : الكرخي.

(٦) بياض في أ.

(٧) ك وع زيادة : من الدنيا.

(٨) أخرجه مسلم في الصحيح (٢٩٥٨) ، والترمذي في السنن (٢٣٤٢ و ٣٣٥٤) ، والزهد الكبير ٢ / ١٣٣ ، وأبو نعيم في الحلية ٢ / ١٣٣.

(٩) أخرجه أحمد في المسند ٢ / ٤٠٣ ، وأبو بكر الإسماعلي في معجم الشيوخ ٢ / ٥٩٤ ، والطبراني في الكبير ١٨ / (٢٨١ و ٤١٨) ، وأبو عبد الله القضاعي في مسند الشهاب ٢ / ١٦١.

(١٠) ينظر : تفسير السمرقندي ٣ / ٥٢٧ عن الكلبي ، ومجمع البيان ٧ / ٣٦٤.

(١١) ينظر : تفسير البغوي ٦ / ٢٢٢ عن ابن المسيب ، وتفسير العز بن عبد السّلام ٢ / ٥٠٠ ، وتفسير القرطبي ١٣ / ٣١٥.

(١٢) أ : ذبهم.

٤٢٨

٧٩ ـ (فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ) : ركوبه الخيل الشهب في ثلاث مئة من الجواري والغلمان ، لباسهم الأرجوانيّ ، وتحت كلّ واحد منهم قطيفة حمراء.

٨٢ ـ (وَيْكَأَنَّ) : معناه : ويلك إنّ الله ، أي : اعلم أنّ الله. وأنكر الفراء (١) وقال : لا يجوز إضمار الأعلام في أوّل الكلام ، وليس ببعيد كون لفظة ويلك قائمة مقام قوله : اعلم ؛ لما في الدعاء بالويل من التنبيه؟ وقيل : وي منفصلة من كأنّ على سبيل التعجّب والتخمين. (٢) وقيل : ويكأنّ كلمة على حدتها ، (٣) ومعناها التقدير إلى معاد.

(الدَّارُ الْآخِرَةُ) : وهي الفردوس منها خرج وإليها عاد. قال العباس (٤) [من الوافر] :

من قبلنا (٥) طبت في الظّلال وفي

مستودع حيث يخصف الورق

٨٥ ـ وقال ابن عباس : أراد بالمعاد (٦) مكة. هاجر منها مختفيا ، ثم عاد إليها يوم الفتح ظاهرا مستوليا بفضل من الله ورحمته.

٨٦ ـ (إِلَّا رَحْمَةً)(٧) : استثناء منقطع.

٨٨ ـ (إِلَّا وَجْهَهُ) : من الأعمال الصالحة ، كقوله : (وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ) [الكهف : ٤٦]. وقيل : كلّ شيء يجوز عليه الهلاك والفساد إلا هو. (٨) ويجوز دخول الآخرة في عموم هذه الآية ؛ لأنّها ممّا يتوهم هلاكها ، لو لا تبقية الله إيّاها ، فالبقاء (٩) في الحقيقة لله الذي يبقيهما.

عن أبيّ بن كعب ، عنه (٢٥٦ و) عليه‌السلام : «من قرأ طسم القصص كان له من الأجر بعدد من صدّق موسى وكذّبه ، ولم يبق ملك في السماوات والأرض إلا شهد له يوم القيامة أنّه كان صادقا في قوله : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [القصص : ٨٨]». (١٠)

__________________

(١) معاني القرآن للفراء ٢ / ٣١٢.

(٢) ينظر : العين ٨ / ٤٤٢ ـ ٤٤٣ ، والخصائص ٣ / ٤٠ و ١٦٠ ، وشرح الرضي على الكافية ٣ / ١٢٥ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٢٩.

(٣) ينظر : تهذيب اللغة ٤ / ٣٩٦٩.

(٤) في النسخ المخطوطة : ابن عباس ، والتصحيح من كتب التخريج. ينظر : تأويل مختلف الحديث ٨٨ ، والمستدرك على الصحيحين ٣ / ٣٦٩ ، وصفة الصفوة ١ / ٥٤ ، وسير أعلام النبلاء ٢ / ١٠٢.

(٥) كذا في الأصول المخطوطة ، وفي كتب التخريج : قبلها.

(٦) في ع : با. وينظر : زاد المسير ٦ / ١٢٣ ، وابن كثير ٣ / ٥٣٥ ، وجامع البيان في تفسير القرآن للإيجي ٣ / ٢٦٨.

(٧) في أ : إلا رحمته.

(٨) ينظر : معاني القرآن للنحاس ٥ / ٣٠٨ ، وحقائق التأويل في متشابه التنزيل ٧٩ ، ومفردات غريب القرآن للأصبهاني ٥١٣ ، ودفع شبه التشبيه بأكف التنزيه ١١٣.

(٩) أ : بالبقاء.

(١٠) ينظر : الكشاف ٣ / ٤٤١ ، ومجمع البيان ٧ / ٣٢٧.

٤٢٩

سورة العنكبوت

مكية. (١) وعن الحسن : أنّ عشر آيات من أوّلها مدنيّات. (٢) وعن المعدّل ، عن ابن عباس : أنّ هذه السورة مدنيّة. (٣)

وهي تسع وستون آية. (٤)

بسم الله الرّحمن الرّحيم

٢ ـ (أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا) : بيان للترك الذي حسبوه ، وهذه كقوله : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ ..) الآية [البقرة : ٢١٤].

٣ ـ (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) : ما ذكر في أثناء القرآن من الأقاصيص العجيبة.

عن عبد الله ، عنه عليه‌السلام : «يكون في هذه الأمة أربع فتن في آخرها الفناء». (٥) عبد الله بن عمر : كنّا قعودا عند رسول الله فذكر الفتن ، فأكثر في ذكرها حتى ذكر فتنة الاحلاس ، فقال قائل (٦) : وما فتنة الأحلاس يا رسول الله؟ قال : «هي هرب وحرب ، ثم فتنة السّرّاء دخنها من تحت (٧) قدمي رجل من أهل بيتي ، يزعم أنّه منّي (٨) وليس منّي ، إنّما أوليائي المتّقون ، ثمّ يصلح (٩) الناس على رجل كورك على ضلع ، ثمّ فتنة الدّهيماء (١٠) ، لا تدع (١١) أحدا من هذه الأمّة إلا لطمته لطمة ، فإذا قيل : انقضت تمادت ، يصبح الرجل فيها مؤمنا ، ويمسي كافرا حتى يصير الناس إلى فسطاطين : فسطاط إيمان لا نفاق فيه ، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه ، إذا كان ذلكم فانتظروا الدّجال من يومه أو من غد (١٢)» (١٣).

__________________

(١) ينظر : التلخيص ٣٦٢ ، ومنار الهدى ٥٩٠.

(٢) ينظر : البيان في عد آي القرآن ٢٠٣ ،

(٣) ينظر : تفسير الماوردي ٤ / ٢٧٤ ، وتفسير السمعاني ٤ / ١٦٥ ، وزاد المسير ٦ / ١٢٥ ، وتفسير القرطبي ١٣ / ٣٢٣. وهذا القول لا يقوى على معارضة ما روي عنهما ، وعن غيرهما من أنّ السورة مكية سوى ما استثني منها ، أو أنها مكية بالكامل.

(٤) ليس في جملتها اختلاف ، ينظر : فنون الأفنان ١٤٧ ، وبصائر ذوي التمييز ١ / ٣٥٩ ، وجمال القراء ٢ / ٥٣٦.

(٥) أخرجه ابن أبي شيبة ٧ / ٥٠٢ ، ونعيم بن حماد في كتاب الفتن ٢٧ ، وأبو داود في السنن (٤٢٤١) ، والهندي في كنز العمال (٣٠٩٣٣).

(٦) ع : فإنك.

(٧) ألأصول المخطوطة : تحتي ، والتصحيح من كتب التخريج.

(٨) الأصول المخطوطة : منه. والتصحيح من كتب التخريج.

(٩) في كتب التخريج : يصطلح.

(١٠) ع : الدهماء.

(١١) ع : لا تضع.

(١٢) ك : من غداته.

(١٣) أخرجه : أحمد في المسند ٢ / ١٣٣ ، وأبو داود في السنن ٤ / ٩٤ ، ونعيم بن حماد في الفتن ١ / ٥٧ ، والبغوي في شرح السنة (٤٢٢٦).

٤٣٠

٤ ـ (أَمْ حَسِبَ) : مترتّبة على ألف الاستفهام.

وفي الآية ما يدلّ على وجوب الرهبة والرغبة جميعا. وذكر الكلبيّ : أنّ الآية نزلت في عتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة (١). وهي عامّة.

٥ ـ (مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ) : بشارة لأولياء الله خاصّة ولأهل السنّة والجماعة.

واتصالها (٢) من حيث اعتذار صبر المؤمنين على الفتنة ابتغاء وجه ربّهم.

٨ ـ مصعب بن سعد يحدّث عن أبيه سعد قال : أنزلت فيّ أربع آيات ، فذكر قصّته ، فقالت أمّ سعد : أليس قد أمر الله بالبرّ؟ والله لا أطعم طعاما ولا أشرب شرابا حتى أموت أو تكفر ، قال : فكانوا إذا أرادوا أن يطعموها شجروا (٣) فاها ، فنزلت : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً). (٤)

١٠ ـ عن عمرو بن دينار (٥) ، عن عكرمة : خرج من مكة ناس يريدون المدينة ، فأدركهم المشركون يفتنوهم ، فأعطوهم الفتنة ، فنزلت : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا). (٦)

وذكر الكلبيّ : أنّها نزلت في عيّاش بن أبي ربيعة المخزوميّ ، وهو ابن عمّ أبي جهل والحارث بن هشام وأخوهما (٢٥٦ ظ) لأمّهما ، وكان قد أسلم مع النبيّ عليه‌السلام ، فخرج من مكة هاربا منهم إلى المدينة ، وذلك قبل قدوم النبي عليه‌السلام المدينة ، وبلغ أمّهم الخبر ، فجزعت من ذلك جزعا شديدا ، فقالت لأبي جهل والحارث : لا والله لا يؤيني بيت ، ولا يدخل بطني طعام ولا شراب حتى تأتوني به ، فخرجوا في طلبه ، فظفروا به ، فلم يزالوا به حتى تابعهم ، فحملوا به إلى أمّه ، فعهدت إليه وقيدته ، وقالت : لا أحلّك من وثاقك حتى تكفر بمحمد عليه‌السلام ، ثمّ أقبلت تجلده بالسياط وتعذّبه حتى كفر بمحمد عليه‌السلام جزعا من ضرب أمّه ، فنزلت. (٧) وبقي محبوسا هو ورهط من المسلمين إلى أن هاجر رسول الله ، فلما بلغهم نزول هذه الآية أظهروا الإيمان ، وناصحوا الله ورسوله ، وكان رسول الله دعا لهم ليالي ، كلما قنت ، فقال : «اللهمّ نجّ المستضعفين بمكة ، اللهم اشدد وطأتك (٨) على مضر ، اللهمّ سنين

__________________

(١) ك : ربيعة.

(٢) أ : واتصا.

(٣) الشّجر : الفتح ، أي : فتحوا فمها بالشجر. غريب الحديث لابن قتيبة ٢ / ٤٤٦ ، والنهاية في غريب الحديث والأثر ٢ / ٤٤٦.

(٤) أخرجه الدورقي في مسند سعد ٩٠ ، ومسلم في الصحيح (١٧٤٨) ، والترمذي في السنن (٣١٨٩) ، وابن حبان في الصحيح (٦٩٩٢).

(٥) أبو محمد عمرو بن دينار الأثرم الجمحي مولاهم المكي ، أحد الأعلام ، وشيخ الحرم في زمانه ، توفي سنة (٢٢٥ ه‍). ينظر : طبقات بن سعد ٥ / ٤٧٩ ، وتهذيب الكمال ٢٢ / ٥ ، والعقد الثمين ٦ / ٣٧٤.

(٦) ينظر : معاني القرآن الكريم ٥ / ٢١٣ ـ ٢١٤.

(٧) ينظر : زاد المسير ، واسباب النزول للواحدي.

(٨) ع : و ـ الك.

٤٣١

كسنيّ يوسف». (١) ثم هاجر عيّاش بن أبي ربيعة ، وحسن (٢) إسلامه ، إنّما لم يكونوا معذورين في التقية ؛ لأنّهم لا يخافون بذلك التلف على أنفسهم.

١٢ ـ (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) : وذكر (٣) الكلبيّ : أنّ أبا سفيان بن حرب وأمية بن خلف وعتبة وشيبة ابني ربيعة هم الذين قالوا هذه المقالة لعمر بن الخطاب وخبّاب بن الأرت وجماعة من المؤمنين ، فمنهم من لم يقبل قولهم ، وثبت على دينه ، ومنهم من افتتن بقولهم ورجع عن الإسلام. (٤)

(وَلْنَحْمِلْ) : أمر منهم لأنفسهم.

(وَما هُمْ بِحامِلِينَ) : نفى عزمهم وقدرتهم ، أو نفى تخفيفهم عن تابعيهم.

١٣ ـ (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ) : في معنى قوله عليه‌السلام : «من سنّ سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شيء ، ومن سنّ سنّة سيّئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أوزارهم شيء». (٥)

(وَأَثْقالاً) : جمع ثقل ، وهو الوزر.

١٧ ـ (إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) : ما الكافّة.

٢٩ ـ (وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ) : يحتمل : إغارتهم على مارّة الطريق ، ويحتمل : الطريق ، ويحتمل : قطع سبيل الولادة باللواطة.

عن أمّ هانئ ، عنه عليه‌السلام في قوله : (وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) قال : «كانوا يحذفون أهل الأرض ، ويسخرون منهم». (٦) ونادي القوم : مجلسهم الذي يجتمعون فيه.

٣٨ ـ (مِنْ مَساكِنِهِمْ) : (من) قائمة مقام [بعض](٧) ، كما تقدّم.

(مُسْتَبْصِرِينَ) : مستيقنين. وقال قتادة : متعجّبين بضلالتهم يرون أنّها بصيرة. (٨)

__________________

(١) ينظر : صحيح البخاري (٤٥٩٨) ، وصحيح مسلم (٦٧٥) ، وتهذيب الآثار للطبري ١ / ٣٢٩ ، ودلائل النبوة للأصبهاني ٨٦ عن أبي هريرة.

(٢) أ : حسن أحسن.

(٣) أ : وذ.

(٤) ينظر : الوسيط ٣ / ٤١٥.

(٥) أخرجه معمر بن راشد في الجامع ١١ / ٤٦٦ ، والدارمي في السنن ١ / ١٤٠ ، وابن خزيمة في صحيحه ٤ / ١١٢ ، عن جرير بن عبد الله ، وأحمد بن أبي بكر الكناني في مصباح الزجاجة ١ / ٢٩ عن أبي جحيفة.

(٦) أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الصمت ١ / ١٦٧ ـ ١٦٨ ، والترمذي في السنن (٣٢٤٣) ، وابن أبي حاتم في التفسير (١٧٢٧١) ، والطبراني في الكبير ٢٤ / (١٠٠٢).

(٧) زيادة يقتضيها السياق.

(٨) ينظر : تفسير الطبري ١٠ / ١٤١ ورجحه ، والوسيط ٣ / ٤٢٠ ، وتفسير البغوي ٦ / ٢٤٢ ، ووضح البرهان في مشكلات القرآن ٢ / ١٦١.

٤٣٢

٤١ ـ (الْعَنْكَبُوتِ) : بوزن فعللوت (١) ، كالعنزروت والعضرفوط ، وتصغيره : عنيكب ، و [جمعه](٢) : عناكب ، والعنكبوت : دويبة تنسج نسجا طبيعيا ، وتنصب الحبائل للذباب.

وإن كان بيته أوهن البيوت لمعان خمسة (٣) : إمّا لكونه (٤) شيئا طبيعيا غير كسبيّ ليس فيه من (٥) أمارات الفطنة والذكاء (٢٥٧ و) شيء ، [و](٦) إمّا لخسّة صورته كالهباء ، وإمّا لخسّة قيمته وقلّة من فعته ، فإنّه لا يساوي شيئا ، وإمّا لسوء (٧) اختيارها مواضع البناء ، وسوء تهذّبها في ذلك ، وإمّا لكون بيته غير ظلّ ظليل ولا كنّ (٨) كنين ، ولا حصن حصين.

٤٥ ـ (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) : كونها منافية لهما وجودها فإنّها موقوفة على شرائط ، فيها الإيمان المضادّ للكفر ، والعقد مضادّ للكسر ، والطهارة المضادّة للجنابة المتصوّرة من الزنا واللّواطة ، والإنصات للكلام المتصوّر بهتانا (٩) وغيبة وشتما وجدالا ، وترك الأكل المتصور حراما ، والسّترة المضادّة للكشف ، وترك الفعل المتصوّر قتالا. وفيما راعني عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم تزد صلاته عند الله إلا مقتا». (١٠) قيل لسلمان (١١) : أيّ العمل أفضل؟ قال : ذكر الله أكبر. وعن ابن عباس قال : ذكر الله عند طعامك ومنامك ، فقيل له : أي فلانا يقول عنّي ذلك؟ قال : فأيّ شيء يقول؟ قال (١٢) : قال الله تعالى : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) [البقرة : ١٥٢] ، فلذكر الله أكبر من ذكرنا إيّاه ، قال : صدق. (١٣) عن عبد الله بن ربيعة (١٤) ، قال : سأل من ابن عباس عن قول الله عزوجل : (وَلَذِكْرُ اللهِ)؟ فقلت : هو التسبيح والتهليل والتقديس ، فقالوا : لو قلت شيئا عجيبا ،

__________________

(١) ك وع وأ : فعللول. ينظر : الكتاب لسيبويه ٤ / ٢٩٢.

(٢) زيادة يقتضيها السياق. ينظر : الكتاب لسيبويه ٣ / ٤٤٤ ، وتاج العروس ١ / ٤٠١.

(٣) الأصل وع هنا زيادة كلمة : (لمعان).

(٤) ك : كونهم.

(٥) ساقطة من أ.

(٦) زيادة يقتضيها السياق.

(٧) أ : السوء.

(٨) أ : ولكن.

(٩) ك : هتانا.

(١٠) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (١٧٣٤٠) ، والطبراني في الكبير (١١٠٢٥) ، والقضاعي في مسند الشهاب ١ / ٣٠٦ عن ابن عباس رضي الله عنهما.

(١١) الأصل وع وك : لسليمان ، وفي أ : لعثمان ، وفي شعب الإيمان للبيهقي ١ / ٤٤٨ سلمان.

(١٢) ساقطة من ع.

(١٣) ينظر : تفسير ابن أبي حاتم (١٧٣٤٩).

(١٤) عبد الله بن ربيعة بن فرقد السلمي الكوفي ، مختلف في صحبته. ينظر : تهذيب الكمال ١٤ / ٤٩٤ ، والإصابة ٤ / ٨٠.

٤٣٣

قال : وإنّما ذكر الله عزوجل العباد أكبر من ذكر (١) العباد إيّاه. (٢)

٤٨ ـ (وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ) : هو بيان البيان ، وهو تقييد العلم بالقلم ، والعرب تسمّي كلّ أثر طويل خطا.

٥١ ـ (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ) : عن يحيى بن جعدة (٣) : أنّ النبيّ عليه‌السلام أتي بكتاب في كتف ، فقال : «كفى بقوم حمقا أو ضلالا أن يرغبوا عمّا جاء به نبيّهم إلى نبيّ غير نبيّهم ، أو كتاب غير كتابهم» ، فنزلت. (٤) وإنّما الاشتغال بسائر الكتب مكروها ؛ لأنّ علم القرآن فريضة ، والاشتعال بسائر الكتب يمنع عن القيام بالفريضة ، ولاستغنائهم به عنها.

٥٥ ـ (وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) : تشبيه بغشي السحاب الشمس ، أو لاعتبار الإحاطة. عن الحسن قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من فرّ بدينه من أرض إلى أرض ، وإن كان شبرا ، استوجب الجنّة ، وكان رفيق أبيه إبراهيم». (٥)

٦٠ ـ وفي قوله : (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ) ردّ (٦) على القدرية.

٦٤ ـ (وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ) : واجب لأنّ اعتدال طبائعها على ضعف ، وتفاوتها إلى حتف ، ومسارّها مضارّها ، وانتظامها اخترامها ، قال :

يبشّرني الهلال بهدم عمري

وأفرح كلّما طلع الهلال

والمراد ب (الْحَيَوانُ)(٧) الحياة. قال الفراء : كلّ فعل فيه ذهاب ومجيء أو حركة ، فأنت في إثبات الألف والنون في مصدره بالخيار كالضّربان واللهيان والحدثان.

٦٩ ـ (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا) : المجاهدة افتقرت إلى (٢٥٧ ظ) التوفيق ، كالاهتداء يفتقر إلى الهداية ، والجهد غير متقدّم عن التوفيق ، ولا متأخّر عنه.

وعن أبيّ بن كعب ، عنه عليه‌السلام : «من قرأ سورة العنكبوت كان له من الأجر عشر حسنات بعدد المؤمنين والمنافقين». (٨)

__________________

(١) ساقطة من أ.

(٢) ينظر : تفسير الثوري ٢٣٥ ، والدعاء للضبي ٢٧٧ ، ومعاني القرآن للنحاس ٥ / ٢٢٩.

(٣) يحيى بن جعدة بن هبيرة بن أبي وهب المخزومي القرشي ، تابعي. ينظر : التاريخ الكبير ٨ / ٢٦٥ ، والجرح والتعديل ٩ / ١٣٣ ، والثقات لابن حبان ٥ / ٥٢٠.

(٤) أخرجه الدارمي في السنن ١ / ١٢٤ ، وأبو داود في المراسيل ٣٢٠ ، والنحاس في معاني القرآن ٥ / ٢٣٣ ، والقاضي عياض في الشفا بتعريف حقوق المصطفى ٢ / ١٧.

(٥) ينظر : تخريج الأحاديث والآثار ١ / ٣٥١ ، وزبدة البيان في أحكام القرآن للأردبيلي ٣١٥ ، ومجمع البحرين للطريحي ٤ / ٤٩٩ كلهم بزيادة : ونبيه محمد عليه‌السلام.

(٦) ساقطة من أ.

(٧) أ : الحياة.

(٨) ينظر : الوسيط ٣ / ٤١٢ ، والكشاف ٣ / ٤٧٠

٤٣٤

سورة الروم

مكية. وعن الحسن إلا آية ، وهي قوله : (حِينَ تُمْسُونَ) [الروم : ١٧]. (١)

وهي ستّون آية ، وغير المكيّ والمدنيّ الأخير. (٢)

بسم الله الرّحمن الرّحيم

١ و ٢ ـ عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله : (الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ) قال : غلبت ، وغلبت. (٣)

كان المشركون يحبّون أن يظهر أهل فارس (٤) على الروم ؛ لأنّهم وآباءهم أهل الأوثان ، وكان المسلمون يحبّون أن يظهر الروم على فارس ؛ لأنّهم أهل الكتاب ، فذكروه (٥) لأبي بكر ، فذكر أبو بكر لرسول الله فقال : «أما إنّهم سيغلبون» ، فذكره أبو بكر لهم ، فقالوا : اجعل بيننا وبينك أجلا ، فإن ظهرنا كان لنا كذا وكذا ، وإن ظهرتم كان لكم كذا وكذا ، فجعل الأجل خمس سنين ، فلم يظهروا ، فذكر ذلك لرسول الله فقال : «ألا جعلته إلى دون» ، قال : «أراه العشرة». قال : قال سعيد : والبضع : ما دون العشرة. ثمّ ظهرت الروم بعده ، فذلك قوله : (الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ). قال سفيان : سمعت أنّهم ظهروا عليهم يوم بدر. (٦)

٣ ـ (مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ) : قال الفراء : غلبتهم ، سقطت الهاء للإضافة. (٧)

٤ ـ (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) : في معنى قوله : (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ) [آل عمران : ١٤٠]. ويحتمل : أنّ معناه لتمكين دين الله كلا الأمرين ، فإنّه شغل (٨) بعضهم بعضهم (٩) ليظهر الإسلام على الدين كلّه ولو كره المشركون. عن أبي هريرة قال : قال رسول الله عليه‌السلام : «إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده ، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده ،

__________________

(١) ينظر : مجمع البيان ٨ / ٣٢ ، والرازي ٩ / ٧٩ من غير عزو ، وحاشية الشهاب ٧ / ٣٧٠.

(٢) وفي العدد المكي والمدني الأخير تسع وخمسون آية ، ينظر : التلخيص في القراءات الثمان ٣٦٥ ، والبيان في عد آي القرآن ٢٠٥ ، وإتحاف فضلاء البشر ٤٤٣ ، ومرشد الخلان ١٣٣.

(٣) تفسير القرطبي ١٤ / ١.

(٤) ع : فراس.

(٥) أ : قد رأوه.

(٦) أخرجه الترمذي في السنن (٣١٩٣) وقال : هذا حديث حسن صحيح غريب .. ، والنسائي في السنن الكبرى (١١٣٨٩) ، والمعجم الكبير للطبراني (١٢٣٧٨) عن ابن عباس.

(٧) ينظر : معاني القرآن للفراء ٢ / ٣١٩.

(٨) ساقطة من ع.

(٩) ساقطة من ك.

٤٣٥

والذي نفسي بيده لينفقنّ كنوزهما في سبيل الله». (١) يتفرّقون و (٢) يتميّزون.

١٥ ـ (رَوْضَةٍ) : مرج ، وهي البقعة التي قلّ ما يفارقها الماء والعشب. وقيل : للحوض روضة ، قال (٣) [من الرجز] :

وروضة سقيت فيها نضوتي (٤)

 ...

واستراض المكان أي : اتسع.

(يُحْبَرُونَ)(٥) : تسرّون ، رجل محبور ويحبور (٦) : مسرور.

١٧ ـ (فَسُبْحانَ) : نصب على المصدر ، وأراد بالتسبيح الصلاة المكتوبة. سأل نافع بن الأزرق ابن عباس فقال : أخبرني (٧) بالصلوات الخمس في القرآن ، قال ابن عباس : (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ) : المغرب ، (وَحِينَ تُصْبِحُونَ) : الصبح ، (وَعَشِيًّا) [الروم : ١٨] : العصر ، (وَحِينَ تُظْهِرُونَ) [الروم : ١٨] : الظهر ، قال : (وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ) [النور : ٥٨]. دلّ أنّ لكلّ صلاة وقتا (٨). (٩) وقيل : المراد بالتسبيح في أدبار الصلوات الخمس على سبيل الندب. عن عبد الله بن عمرو (١٠) قال : قال رسول الله : «خلقان هما يسير ، ومن يعمل بهما قليل ، ولا يواظب عليها مسلم إلا دخل الجنّة ، يسبّح دبر كلّ صلاة عشرا ، ويكبّر عشرا ، ويحمد عشرا ، فذلك خمسون ومئة على اللسان ، وألف وخمس مئة في الميزان ، وإذا آوى إلى فراشه حمد الله وسبّحه وكبّره مئة ، فذلك مئة على اللسان ، وألف في الميزان» ، قال عبد لله بن عمرو : (٢٥٨ و) فلقد (١١) رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يعقدهنّ ويقول : «أيّكم يعمل في اليوم

__________________

(١) أخرجه البخاري في الصحيح (٢٩٥٢) ، ومسلم في الصحيح (٢٩١٨) ، والشافعي في مسنده ٢٠٨ ، والأصبهاني في دلائل النبوة ٢٢٥.

(٢) ساقطة من ع.

(٣) القائل أبو عمرو ، ينظر : غريب الحديث لابن قتيبة ١ / ١٩٤ ، والصحاح ٣ / ١٠٨١ ، ومعجم البلدان ٣ / ٨٣ ، والقرطبي ١٤ / ١٣.

(٤) النضوة : الناقة المهزولة الضعيفة ، التي أنضتها الأسفار. ينظر : غريب الحديث لابن سلام ٤ / ٤١٥ ، والصحاح ٦ / ٢٥١١.

(٥) الأصل وع : تحبرون.

(٦) ساقطة من ع.

(٧) أ : أخبروني.

(٨) الأصل وع وأ : وقت.

(٩) ينظر : الطبري ١٠ / ١٧٤ ، ومعاني القرآن وإعرابه ٤ / ١٨٠ ـ ١٨١ ، والدر والمنثور ٦ / ٤٣٠.

(١٠) أ : عمر.

(١١) ع : ولقد.

٤٣٦

والليلة ألفين (١) وخمس مئة سيئة». (٢)

١٨ ـ (وَعَشِيًّا) : معطوفا على (حِينَ تُمْسُونَ) [الروم : ١٧].

(وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : كالعارض في أثناء الكلام.

٢٠ ـ (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ) : أقام خلقنا من تراب مقام المشاهدات في كونه آية الإلهيّة بعلمنا الضروريّ ، أي : أنفسنا هي خلاصة أجسادنا ، وأجسادنا خلاصة الأرض من الأرض (٣).

٢٥ ـ (إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) : أقام الخروج مقام المشاهدات ؛ لاعتبار كونه مشاهدا يومئذ ، أو لاعتبار ما دخل في حيّز المشاهدات ، أو من رجعة الطيور ، وعاميل وقوم حزقيل ، ومن أحياه عيسى بإذن الله.

٢٧ ـ (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) : أي : هيّن عليه ، قال الشاعر (٤) [من الطويل] :

تمنّى رجال أن أموت وإن أمت

فتلك سبيل لست فيها بأوحد

والضمير عائد إلى الأبد أو الإعادة جميعا. وقيل : إلى الإعادة أهون عليه ، أي : أيسر من البداءة في خواطركم وأوهامكم ، وإن كلا الأمرين عنده واحد. (٥) وقيل : الضمير عائد إلى الخلق الذي هو المخلوق ، (٦) وأهون من الهوان. أي : المخلوق أهون على الله من أن يعتديه (٧) في صفاته العلى ، ويتعرّف به إلى من قدّر له الهدى.

٢٨ ـ (ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً) : في مجادلة العرب ، وهم يقولون : العبد يقرع بالعصا ، والحرّ تكفيه الملامة ، (٨) وفي مجادلة سائر الأقوياء.

(فَأَنْتُمْ) أي : أنتم [و](٩) عبيدكم سواء ، أي : بالتملّك والتصرّف دون الاستمتاع.

__________________

(١) الأصول المخطوطة : ألفي ، والتصحيح من مصادر التخريج.

(٢) أخرجه أبو داود في السنن (٥٠٦٥) ، والنسائي في الصغرى ٣ / ٧٤ ، وعمل اليوم والليلة (٨٢٠) ، وابن حبان في صحيحه (٢٠١٨).

(٣) (من الأرض) ، ساقطة من أ.

(٤) القائل الإمام الشافعي رحمه‌الله ، ديوانه ٦٤.

(٥) ينظر : تفسير البغوي ٦ / ٢٦٧ ـ ٢٦٨ ، وتفسير الرازي ٩ / ٩٦ ، واللباب في علوم الكتاب ١٥ / ٤٠٤.

(٦) ينظر : الكشاف ٣ / ٤٨٢.

(٧) ع وأ : يعتدم.

(٨) ينظر : البيان والتبيين ١ / ٤٠٩ ، وجمهرة الأمثال ١ / ٢٦٣ ، ومجمع الأمثال ٢ / ١٩ ، والمستطرف في كل فن مستطرف ١ / ٦٩.

(٩) زيادة يقتضيها السياق.

٤٣٧

٢٨ ـ (تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ) : أي : تخافون العيب عليهم كخوفكم العيب على أنفسكم.

٣٠ ـ (فِطْرَتَ) : انتصابه كانتصاب (صِبْغَةَ) [البقرة : ١٣٨] ، (١) والفطرة : الخلقة المستوية والطبيعة المعتدلة التي فطر الله عليها آدم وحوّاء وأولادهما إلى أن أفسد قابيل ما أفسد (٢).

٣٥ ـ (أَمْ أَنْزَلْنا) : بمعنى الاستفهام.

(سُلْطاناً) : كتابا معجزا ناطقا بإباحة الشرك المضادّ للقرآن وسائر الكتب المنزّلة على الأنبياء عليهم (٣) السّلام وهكذا ، عن الضحاك.

٣٩ ـ (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً) : مجازه : من يؤت منكم ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله ، ومن يؤت منكم زكاة يريد بها وجه الله ، ولا اعتبار هذا المجاز. قيل : (فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ).

٤١ ـ (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) : الظاهر من فساد البرّ خرابه ، وغور مياهه ، وقلة نباته وخيره ، وكثرة السباع العادية ، والحشرات المؤذية فيه ، والظاهر من فساد البحر كثرة الرياح القاصفة ، وقلة السلامة ، وكثرة الحيوان العادية فيه ، وكلا الفسادين بشؤم ما كسبت أيدي الناس من المعاصي والذنوب. وقيل : المراد بالفساد المعاصي والذنوب ظهر في الأرض بكسب الناس إيّاها. (٤) وقيل : بالبرّ : البوادي ، وبالبحر : الأمصار. (٥)

٤٣ ـ (لا مَرَدَّ) : لا ردّ ، له معنيان : أحدهما : يأتي يوم قضاه الله وأمضاه وأنفذه (٢٥٨ ظ) ليس في حكمه ردّ لذلك اليوم ، والثاني : يأتي يوم من حكم الله وقضائه وقدره لا مردّ له عند واحد ، ولا تنافي بين المعنيين ، فإنّ ما ردّه الله لم ينفذه أحد ، وما نفذه الله لم يرده أحد.

(يَصَّدَّعُونَ) : يتصدّعون ويتفرّقون.

٤٤ ـ (يَمْهَدُونَ) : المهد والتمهيد بمعنى ، وهي توطئة المسير ، وأصله من توثير الفراش.

__________________

(١) أي : «ونصبه بإضمار فعل ، أي ابتغوا دين الله. وقيل : نصب على الإغراء ، أي : عليكم دين الله. وقيل : هو نصب بدل من قوله : (مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) [البقرة : ١٣٥] ، أي : دينا ، وانتصابها على التمييز ، كما تقول : زيد أحسن منك وجها». كشف المشكلات وإيضاح المعضلات ١ / ٢٣٩ ، وينظر : مشكل إعراب القرآن ٥٢٣.

(٢) الأصل وع وأ : فأفسد.

(٣) ع : النبي عليه.

(٤) ينظر : زاد المسير ٦ / ١٦٠ عن أبي عالية.

(٥) ينظر : الطبري ١٠ / ١٩٠ عن مجاهد وغيره ، والوسيط ٣ / ٤٣٥ ، وزاد المسير ٦ / ١٦٠ عن ابن عباس.

٤٣٨

٤٩ ـ (وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ) : قال قطرب (١) : (قَبْلِ) التنزيل ، (مِنْ قَبْلِهِ) للمطر (٢). وقيل : تكرار للتأكيد.

(فَرَأَوْهُ) : أي : أثر رحمة الله وهو الزرع والثمر.

٥١ ـ (مُصْفَرًّا) : جافّا قبل أوانه. وقيل : مصفرّا : مدركا.

(يَكْفُرُونَ) : يزرعون.

٥٤ ـ (مِنْ ضَعْفٍ)(٣) : من ضعيف كقوله : (مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) [المرسلات : ٢٠]. وقيل : هو كقوله : (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ) [الأنبياء : ٣٧](وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) [النساء : ٢٨] ، وضعف الطرفين دليل على الحدوث والفناء والابتداء والانتهاء.

٦٠ ـ (وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ) : كقوله : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) [النور : ٦٣] ، واستخفاف الإنسان ضدّ توقيره.

عن أبيّ بن كعب ، عنه عليه‌السلام : «من قرأ (٤) سورة الروم كان له من الأجر عشر حسنات بعدد كلّ من يسبّح الله بين السماء والأرض ، وأدرك ما صنع من ليلته». (٥)

__________________

(١) أبو علي محمد بن المستنير النحوي ، معروف بقطرب ، توفي سنة (٢٠٦ ه‍). ينظر : الفهرست ٧٨ ، وتاريخ بغداد ٣ / ٢٩٨ ، وبغية الوعاة ١ / ٢٤٢.

(٢) ينظر : تفسير البغوي ٦ / ٢٧٦ من غير نسبة.

(٣) الأصل : من ضعف.

(٤) أ : قراة ، وكلمة سورة ساقطة منها.

(٥) ينظر : الوسيط ٣ / ٤٢٧ ، والكشاف ٣ / ٤٩٥.

٤٣٩

سورة لقمان

مكية. (١) وعن ابن عباس : ما خلا ثلاث آيات ، وهنّ قوله : (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ ...) [لقمان : ٢٧] الآيات. (٢)

وهي ثلاث وثلاثون آية في عدد أهل الحجاز. (٣)

بسم الله الرّحمن الرّحيم

٦ ـ عن ابن عباس في قوله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ) قال : الغناء. (٤) وزاد ابن فضيل : الاستماع إليه. (٥) عن أبي أمامة ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا تبيعوا القينات ، ولا تشتروهنّ ، ولا تعلّموهنّ ، ولا خير في التجارة فيهنّ ، وثمنهنّ حرام ، في مثل هذا نزلت : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ ..) الآية» (٦). ومن قرأ قوله عليه‌السلام : «لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا حتى يريه (٧) خير له من أن يمتلئ شعرا». (٨) وكلّ شعر مله (٩) عن ذكر الله وعن الصلاة ؛ لأنّ النّبيّ عليه‌السلام استمع الشّعر وقال : «إنّ من الشّعر حكمة». (١٠)

١٠ ـ (بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) : كما خلقها الله تعالى.

١٢ ـ (وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ) : كان لقمان عبدا حبشيّا لرجل من بني إسرائيل ، فأعتقه وأعطاه مالا ، واسم ابنه ثاران ، ولم يكن نبيّا في قول أكثرهم. (١١) وعن سعيد بن

__________________

(١) هذا قول جمهور المفسرين ، وقد ذهب إليه ابن كثير والطاهر بن عاشور ٢١ / ١٣٧ ـ ١٣٨ ، وضعف ابن عاشور الآثار الواردة في استثناء آيتين أو ثلاث آيات.

(٢) ينظر : معاني القرآن للنحاس ٥ / ٢٧٧ ، وجمال القراء ١ / ١٣٤ ، والدر المنثور ٦ / ٤٤٣.

(٣) وأربع وثلاثون في عدد الباقين ، ينظر : التلخيص في القراءات الثمان ٣٦٧ ، والبيان في عد آي القرآن ٢٠٦ ، وفنون الأفنان ١٤٨ ، وإتحاف فضلاء البشر ٤٤٧.

(٤) تفسير الطبري ١٠ / ٢٠٣ ، وتفسير الماوردي ٤ / ٣٢٨ ، وتفسير البغوي ٦ / ٢٨٤ ، وزاد المسير ٦ / ١٦٧.

(٥) ينظر : تفسير الطبري ١٠ / ٢٠٣ ، وفيه : محمد بن فضيل عن عطاء ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : الغناء ونحوه.

(٦) أخرجه الترمذي في السنن (١٢٨٢) ، وابن الجوزي في العلل المتناهية ٢ / ٧٨٤ ، والشوكاني في نيل الأوطار ٥ / ٢٥٢ ، وقال الترمذي هذا حديث غريب ...

(٧) الوري : قيح شديد يقاء منه القيح والدم. لسان العرب ١٥ / ٣٨٦.

(٨) أخرجه البخاري في صحيحه (٦١٥٤) عن ابن عمر ، ومسلم في صحيحه (٢٢٥٨) عن سعد بن أبي وقاص ، وعبد الغني المقدسي في أحاديث الشعر ٨١ ، وأبو القاسم الرازي في الفوائد ١ / ٣١٤ عن عمر بن الخطاب.

(٩) الأصول المخطوطة : ملهي.

(١٠) أخرجه أبو عبد الرحمن الرملي في جزء المؤمل ٥٩ ، والبخاري في صحيحه (٦١٤٥) عن أبي بن كعب ، جزء ابن غطريف ٩١ ، وعبد الغني المقدسي في أحاديث الشعر ٥١ ، والفاداني في العجالة في الأحاديث المسلسلة ٧٢.

(١١) روي هذا القول عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ينظر : تاريخ دمشق ١٧ / ٨٥ ، وكنز العمال ١٤ / ٣٤.

٤٤٠