درج الدّرر في تفسير القرآن ّالعظيم - ج ٢

عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني

درج الدّرر في تفسير القرآن ّالعظيم - ج ٢

المؤلف:

عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني


المحقق: د. طلعت صلاح الفرحات / د. محمّد أديب شكور
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر ناشرون وموزعون
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
9957-07-514-9

الصفحات: ٨٠٢
الجزء ١ الجزء ٢

فاجعل في أرضنا زرعا وينبوعا ، وإنّها أرض ضيّقة جدبة ، شديد (١) عيشها ، بعيد ماؤها ، وإلا فاعطنا مالا نتبعك عليه ، فإنّ المال يفتن الناس عن دينهم ، فاعطنا مالا لعلّنا نفتتن عن ديننا ، ونتّبع دينك ، فإن لم تستطع ذلك فاسند لنا إلى السماء سلّما نكلّم الله ثمّ نراه ، أو ائتنا بالملائكة ، إن كنت من الصادقين ، وإلا فإنّا تقدمنا إليك بالمعذرة ، وإن نراك فقيرا ضعيفا ، إن تعد لمقالتك نهلكك (٢) ، أفعجز الله أن يجعل في الأرض نبيّا من خيرته ، أو يبعث من الملائكة من يصطفي ، أو يختار رجلا من القريتين عظيما ، إمّا من مكة وإمّا من الطائف؟ لقد جئت قومك بأمر عظيم ، أجبنا يا ابن عبد المطلب ، فقال رسول الله : إنّي آمنت بربّي وربّكم ، لي عملي ولكم عملكم ، أنتم بريؤون ممّا أعمل ، وأنا بريء ممّا تعملون ، ثمّ قال عبد الله بن أبي أميّة : با ابن عبد المطلب ، أما تستطيع أن تأتي قومك بما يقولون لك؟ قال : لا ، قال : فأتنا بالله والملائكة قبيلا حتى يشهدوا أنّك رسوله ، فو الله لا أؤمن لك حتى تسند سلّما (٢٤٢ و) إلى السماء ، ثمّ تصعد عليه وأنا أنظر ، ثمّ تأتي بكتاب منشور من عند الله أقرؤه ، وتأتي بأربعة من الملائكة يشهدون لك أنّه من الله ، وايم الله أن لو فعلت لظننت أنّي لا أصدقك ، ثمّ قال العاص بن وائل السهميّ وقريش معه : قد تعلم ، يا محمد ، أنّه لا بلاد أضيق من بلادنا ، ولا أقلّ أنهارا أو زروعا ، ولا أشدّ عيشا ، فادع ربّك أن يسيّر عنّا هذه الجبال التي في أرضنا ، فقد ضيّقت علينا لتنفسخ بلادنا ، فنعرف فضلك عند ربّك ، وابعث لنا من مضى من آبائنا لنسألهم عمّا تقول ، فيصدّقوك أو يكذّبوك ، وليكن ممّن يبعث لنا قصيّ بن كلاب ، وإنّه كان شيخا صدوقا ، وقد جئتنا بذكر الرحمن ، ونحن لا نعرف إلا الله ، فأمّا الرحمن فقد علمنا أنّه كذّاب باليمامة يعلّمك هذه الأحاديث ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : الرحمن اسم من أسمائه (٣) كريم شريف ، ولم أبعث بما سألتموني ، وإنّما بعثت داعيا إلى الله ، قالوا : فخذ لأهل بيتك بعض ما سألناك لنعرف فضلهم ، أو فليكن لك جنّة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا ، قال : لا أقدر على ذلك ، وليس ذلك إليّ ، قال : فخذ حذرك فإنّا نراك يصيبك من الزلازل ما يصيبنا ، ونراك تمشي في الأسواق معنا ، تبتغي من يسير العيش (٤) ، فسل ربك أن يجعل لك جنانا وقصورا وكنوزا من ذهب ، وليبعث معك من (٥) يصدّقك ويكلّمنا دونك ، فقال رسول الله : ما ذاك إليّ ، إنّما أدعو إلى الله عزوجل يصنع فيه ما يشاء ، قالوا : يا محمد ، إنّا ناظروك بسحرك هذا ثلاث ليال ، ففكّر بينك وبين نفسك ، فلا تبقينّ إلا عليها ، إمّا أن نتّخذك لنا عدوّا ، وإمّا أن نجعلك من المهلكين ، وإمّا أن تأتينا بأمر شاف

__________________

(١) ك : شديدة.

(٢) الأصل : فهلكك.

(٣) أ : أسماء الله.

(٤) (في الأسواق معنا) ، مكررة في ع.

(٥) ساقطة من ع وأ.

٣٨١

نرضاه ، فرجع رسول الله مهتمّا حزينا قد شقّ عليه ما قال قومه ، وما ردّوا عليه من أمره ، فأنزل. (١)

(يَمْشِي فِي الْأَسْواقِ) : جمع سوق ، والسوق موضع البيع والشراء ، يذكّر ويؤنّث.

٩ ـ (ضَرَبُوا لَكَ (٢) الْأَمْثالَ) : ضربهم الأمثال لرسول الله وصفهم إيّاه بأنّه ساحر ومسحور وشاعر وصنبور (٣).

(فَلا يَسْتَطِيعُونَ) : ضربت عليهم الضلالة ، أي : ما داموا مصرّين على الضلالة لم يستطيعوا أن يصدقوا في وصفك ، فقال : لا يستطيعون حيلة في أمرك ، أي : في قهرك.

١٠ ـ (تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً) : عن خيثمة قال : قيل للنبيّ عليه‌السلام : نعطيك خزائن الأرض ومفاتيحها ، لم نعطها أحدا قبلك ، لا ينقصك ذلك عند الله شيئا ، فقال : اجمعها لي في الآخرة ، فقال الله : (تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ.)(٤) (٢٤٢ ظ) وعن ابن عباس قال : بينما رسول الله جالس وجبريل معه ، قال جبريل : هذا ملك قد نزل من السماء لم ينزل قطّ ، استأذن ربّه في زيارتك ، فلم يمكث إلا قليلا حتى جاء الملك وقال : السّلام عليكم يا رسول الله ، إنّ الله يخيّرك أن يعطيك خزائن كلّ شيء ، ومفاتيح كلّ شيء لم يعطه أحدا (٥) قبلك ، ولا يعطيه أحدا بعدك من غير أن ينقص لك ممّا دخر (٦) لك شيئا ، فقال النبيّ عليه‌السلام : بل يجمعها لي جميعا يوم القيامة ، فنزلت. (٧) وعن ابن عباس قال : قال النبيّ عليه‌السلام : عرض عليّ جبريل بطحاء مكة ذهبا ، فقلت : بل شبعة وثلاث جوعات ، وذلك أكثر لذكري (٨)

 ... (٩) مستجازه تقول : ذلك الجبل ينظر إلينا ، ويحتمل : أنّ الله تعالى يحدث للنار رؤية كما يحدث لها نطقا.

و (سماع التّغيّظ) : لغليان صدر المتغيّظ واحتناقه ، وتتابع أنفاسه.

١٣ ـ (مَكاناً ضَيِّقاً) أي : في مكان ضيّق.

__________________

(١) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ١٤٩ ـ ١٥١ بألفاظ متقاربة ، والدر المنثور ٦ / ٢١٦ مختصرا.

(٢) الأصل وأ : لملك. وهذا من ك وع.

(٣) الصنبور : الأبتر الذي لا عقب له ولا ناصر. ينظر : النهاية في غريب الحديث والأثر ٣ / ٥٥ ، ولسان العرب ٤ / ٤٦٩.

(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ٦ / ٣٢٧ ، وتفسير ابن أبي حاتم (١٤٩٩١) ، ومعاني القرآن للنحاس ٥ / ١٠.

(٥) ع : أحد ، وكذلك التي بعدها.

(٦) ع : ذكر.

(٧) ينظر : الدر المنثور ٦ / ٢١٧ بغير هذا السياق.

(٨) ينظر : سنن الترمذي (٢٣٤٨) ، والطبراني في الكبير (٧٨٣٦) ، وشعب الإيمان ٢ / ١٧٢ عن أبي أمامة الباهلي.

(٩) هنا نقص في النسخ المخطوطة ، وكأنه يفسر قوله تعالى : (إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ).

٣٨٢

(مُقَرَّنِينَ) :(١) مسلسلين ، أيمانهم عند أعناقهم. وقيل : يجمع بين ناصية الكافر وعقبيه (٢). وقيل : يجمع بينه وبين شيطانه وقرينه. (٣)

(ثُبُوراً) : هلاكا ، وحرمانا من خير ، ودعاؤهم واثبوراه ، والثّبور مصدر ، ولذلك لم يجمع.

١٦ ـ (لَهُمْ (٤) فِيها ما يَشاؤُنَ) : دليل على أهل الجنة مخيّرون في أنواع ما يخطر ببالهم من الخير.

١٨ ـ (نَسُوا الذِّكْرَ) : تغافلوا وأعرضوا عن الاتّعاظ بالموعظة.

(بُوراً) : جمع بائر وهو الهالك.

١٩ ـ (وَمَنْ يَظْلِمْ) : بالإصرار (٥) على الشركاء والزيادة على الكفر. وقيل : جحودهم يوم القيامة بقولهم : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) [الأنعام : ٢٣] ، ليكون العذاب الكبير الختم على الأفواه ، وإنطاق الجلود. (٦)

٢٠ ـ (أَتَصْبِرُونَ) : أمر كقوله : (هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ) [الصافات : ٥٤]. وقيل : على سبيل الاختصار ، أي : فتصبرون فنقرّكم عليها أم لا تصبرون فنهلككم ونستخلف قوما غيركم. (٧)

٢١ ـ (لا يَرْجُونَ) : لا يخافون. ويحتمل : أنّه حقيقة الرجاء ؛ لأنّ ضدّه الإياس ، والإياس كفر.

٢٢ ـ (يَوْمَ) : نصب على الظرف (٨).

(لا بُشْرى) : لكم بالأمن (٩) ودخول الجنّة.

(حِجْراً مَحْجُوراً) : حراما محرما على سبيل الإيجاب والدعاء.

__________________

(١) ع : متقرنين.

(٢) (وقيل : يجمع ... وعقبيه) ، ساقطة من أ.

(٣) ينظر : تفسير البغوي ٦ / ٧٥ ، والتفسير الكبير ٨ / ٤٣٨ ، وروح المعاني ٩ / ٤٣٢ من غير نسبة.

(٤) أ : لم.

(٥) ع : بالإسرار.

(٦)؟؟؟

(٧) ينظر : وضح البرهان في مشكلات القرآن ٢ / ١٢٢ ، والتفسير الكبير ٨ / ٤٤٨.

(٨) ع : الظرفية.

(٩) ك : بالإياس.

٣٨٣

٢٣ ـ عن الكلبيّ ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس في قوله : (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا) أي : وعهدنا إلى ما عملوا من عمل لغير الله في الدنيا ، فجعلناه في الآخرة هباء ، يقول : بطلت أعمالهم فلم تقبل ، جعلت كالهباء المنثور. و (الهباء) : ما يدخل من شعاع الشمس من الكوّة.

٢٤ ـ (مَقِيلاً) : وقت قيلولة في نصف النهار.

٢٥ ـ (يَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ) : قال الفرّاء : بالغمام وعن الغمام كقولك : رميت بالقوس وعن القوس ، فهذا الغمام فوق السماء. (١)

٢٧ ـ (يَعَضُ)(٢) : يمضغ (٣) ، وهو الكدم (٤) من ذوي الخفّ ، واللّسع من الحيّة ، والمراد به : التأسّف.

والمراد ب (الظَّالِمُ) الجنس ، أي : كلّ ظالم ، كقوله : (وَيَقُولُ الْكافِرُ)(٥) [النبأ : ٤٠] ، وقال ابن عباس (٢٤٣ و) في رواية الكلبيّ : نزلت في عقبة بن أبي معيط ، وذلك أنّه لا يقدم من سفر إلا صنع طعاما ، فدعا عليه جيرانه وأهل مكة كلّهم ، قال : وكان (٦) يكثر مجالسة النبيّ عليه‌السلام ، ويعجبه حديثه ، ويغلب عليه الشقاء ، فقدم ذات يوم من سفره ، فصنع طعاما ، ثمّ دعا رسول الله إلى طعامه فقال : ما أنا بالذي آكل من طعامك حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأنّي رسول الله ، فقال : اطعم يا أخي (٧) ، فقال : ما أنا بالذي أفعل حتى تقول ، فشهد بذلك ، قال : وطعم من طعامه ، قال : وبلغ ذلك أبيّ بن خلف (٨) ، فأتاه فقال له : صبوت يا عقبة ، وكان خليله ، فقال : لا والله ما صبوت ، ولكن دخل عليّ رجل فأبى أن يطعم من طعامي إلا أن أشهد له ، واستحييت أن يخرج من بيتي قبل أن يطعم ، فقال أبيّ بن خلف : ما أنا بالذي أرضى عنك أبدا حتى تأتيه فتبزق في وجهه ، وتطأ على عنقه ، قال : ففعل عقبة ذلك ، وأخذ رهم دابة وألقى به (٩) بين كتفيه ، فقال رسول الله : لا ألقاك خارجا من مكة إلا علوت رأسك بالسيف ، فأنزل. ثمّ أسر عقبة بن أبي معيط يوم بدر ، فقتله ثابت بن الأفلح صبرا ، ولم يقتل من الأسارى يومئذ

__________________

(١) ينظر : معاني القرآن للفراء ٢ / ٢٦٧.

(٢) غير موجودة في ع.

(٣) ع : بموضع.

(٤) الكدم : العض. الفائق ١ / ٢٤٥.

(٥) (والمراد ب (الظَّالِمُ) الجنس ، أي : كل ظالم ، كقوله : (وَيَقُولُ الْكافِرُ)) ، ساقط من ع.

(٦) ك : فكان.

(٧) (فقال : ما أنا بالذي ... يا أخي) ، ساقطة من ك.

(٨) الأصول المخطوطة زيادة : ذلك.

(٩) أ : بألقابيه.

٣٨٤

غيره ، وغير النضر بن الحارث بن كلدة. (١)

ذكر الواقديّ وعن ابن عباس قال : كان أميّة بن خلف صديقا لعقبة بن أبي معيط وخليلا ، وكان قد غشي رسول الله حتى كاد يسلم (٢) ، فلقيه أميّة بن خلف ، فقال : بلغني أنّك صبوت واتّبعت دين محمد؟ فقال عقبة : ما فعلت ، قال أميّة : وجهي من وجهك حرام إلا أن تأتيه فتتفل في وجهه ، وتبرأ من دينه ، وتعلم قومك أنّك عدوّ لمن عاداهم ، وفرّق جماعتهم ، قال : فخرج عقبة ، فلمّا نظر في وجهه تفل في وجهه ، فلم يصب وجه النبيّ عليه‌السلام ، ثمّ رجع إلى أميّة فأخبره ، فسرّ بذلك ، فأنزل. (٣)

٢٨ ـ (فُلاناً خَلِيلاً) : أبيّ (٤) بن خلف ، وقال الزجاج : أبيّ بن خلف (٥) على ما ذكره الواقديّ ، والظاهر أنّ فلانا اسم مبهم ينطلق على كلّ قرين سوء مضلّ.

٢٩ ـ (لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ) : أي : الشهادة بالتوحيد والرسالة.

٣٠ ـ (وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ) : قيل : قاله رسول الله حين أيس (٦) من قومه ، فأخبر الله عنه. (٧)

(مَهْجُوراً) : متروكا. وقال مجاهد : مهجورا فيه ؛ (٨) لأنّه قال : (وَالْغَوْا فِيهِ) [فصلت : ٢٦]. ويحتمل : أنّه سيقوله رسول الله في القيامة حين يشهد على أمّته بالكفر والإيمان.

٣٢ ـ (جُمْلَةً واحِدَةً) : الجملة : تأليف الأجزاء المتفرّقة ، تقديره : بل ننزّله متفرّقا ، أو تقديره : لو لا أنزل عليه القرآن جملة واحدة.

(كَذلِكَ) : أي : كالتوراة بل ننزّله متفرّقا.

و (رتّلنا) : فصّلنا.

٣٣ ـ (وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ) : اتصالها من حيث اعتبارهم وصفهم ما يتمنونه من القرآن أنّ (٩) تنزّله جملة واحدة ، واعتبار ردّ الله ذلك عليهم (٢٤٣ ظ) بعلّة (١٠) معقولة وهي

__________________

(١) ينظر : دلائل النبوة لأبي نعيم ٤٠٤ ـ ٤٠٥ ، وتفسير البغوي ٦ / ٨١ ، والفتح السماوي للمناوي ٢ / ٨٨٠ ، وسبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد ٢ / ٦١٦.

(٢) ك وأ : يعلم.

(٣) ينظر : معاني القرآن للنحاس ٥ / ٢١ ،

(٤) أ : أي.

(٥) ينظر : معاني القرآن الكريم للنحاس ٥ / ٢١.

(٦) أ : ليس ، و (فأخبر) التي بعدها : (وأخبر).

(٧) ينظر : زاد المسير ٦ / ١٤ ، وروح المعاني ١٠ / ١٤.

(٨) ينظر : تفسير مجاهد ٤٥٢.

(٩) أ : أي.

(١٠) أ : بلغة.

٣٨٥

تثبيت الفؤاد بحفظ القرآن ؛ لأنّ التوراة أنزلت مكتوبة ، ولم يكن إعجاز موسى في كونه أميّا ، وكان هذا معجزة نبيّنا عليه‌السلام ، فهيّأ الله له أسباب الحفظ منها : أن يتلقّن شيئا بعد شيء على سبيل التراخي.

(وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً)(١) : أي : كشف المراد عن اللفظ المشكل ، مأخوذ من الفسر وهو الكشف. وقيل : مقلوب من قوله : سفرت البيت ، أي : كنست. (٢)

٣٤ ـ (وَأَضَلُّ سَبِيلاً) : وقع التفضيل على زعم الكفّار من إضافة الشرّ والضلالة إلى المؤمنين.

٣٦ ـ (اذْهَبا) : يعني : أنت وأخوك.

٣٧ ـ (وَقَوْمَ) : نصب بالتدمير. وقيل : بالإغراق المضمر. (٣)

٣٨ ـ (الرَّسِّ) : البئر الذي لم يطو. وقال عكرمة : أصحاب الرسّ رسّوا نبيّهم في بئر. (٤) وقال الكلبي : قوم كانوا باليمامة بفلج. (٥)

٣٩ ـ (وَكُلًّا) : نصب ب (ضَرَبْنا). وقيل : على سبيل اتباع اللفظ. (٦)

٤٠ ـ (عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ) : أي : قرية لوط.

٤٣ ـ (مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) : اتّخاذهم ذلك ، عبادتهم للخواطر التي يتوهّمونها بالشّبهات ، فيتمنّونها بالشهوات.

٤٥ ـ (كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ) : هو أن يمتلئ بالليل جوف كلّ واد ، ويغيب الأفق ، قال الله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً ...) الآية [القصص : ٧١].

(ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً) : هو انفلاق الصبح ليبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود ، والصبح من مقدّمات ضياء الشمس لا محالة ، فلا يزال ينبسط ، وينتشر هذا ، وينزوي ويستتر هذا إلى أن يفيض الليل كلّه فيضا سهلا رفيعا من غير فزع ولا خطر ، وقد بدى الشمس على ظلال الأشخاص بالنهار أيضا.

__________________

(١) غير موجودة في الأصل.

(٢) ينظر : غريب الحديث لأبي عبيد ١ / ٦٣ ، ولسان العرب ٤ / ٣٧١.

(٣) ينظر : المحرر الوجيز ١١ / ٣٩ ، والبيان في غريب القرآن ٢ / ٢٠٤ ، والتبيان في إعراب القرآن ٢ / ١٦٣ ، اللباب في علوم الكتاب ١٤ / ٥٣٢.

(٤) ينظر : تفسير ابن أبي حاتم (١٥١٧٦) ، وتفسير الماوردي ٤ / ٢٤٥ ، وزاد المسير ٦ / ١٦.

(٥) ينظر : تفسير البغوي ٦ / ٨٤ ، ومجمع البيان ٧ / ٢٤٥.

(٦) ينظر : البيان في إعراب القرآن ٢ / ٢٠٥ ، واللباب في علوم الكتاب ١٤ / ٥٣٤.

٣٨٦

٤٦ ـ (ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا) : إلى حكمنا الغيب.

٤٧ ـ (اللَّيْلَ لِباساً) : التشبيه من حيث وقوع التّستّر به.

(سُباتاً) : استراحة في استرخاء.

(نُشُوراً) : أي : وقت نشور وانتشار.

٤٩ ـ (مِمَّا خَلَقْنا) : مقدّم في اللفظ مؤخّر في المعنى ؛ لاعتبار نظم رؤوس الآي.

(وَأَناسِيَّ كَثِيراً) : قال الفرّاء : أصل إنسان إنسيان ؛ لأنّ (١) تصغيره أنيسيان ، فالأناسيّ في الأصل أناسين أبدلوا [من](٢) النون ياء كزبرقان وزباريق. (٣) وقيل : جمع إنسان كقرطاس وقراطيس. (٤) وقيل : جمع إنسيّ على النسبة ككرسيّ وكراسيّ. (٥)

٥٠ ـ (وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ) : أي : القرآن. وقيل : الماء الطهور. (٦)

٥٢ ـ (وَجاهِدْهُمْ بِهِ) : أي : بالقرآن ، والكلام دون السيف ؛ لأنّ الآية مكية.

٥٣ ـ (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ) : مزج.

(هذا)(٧) : إشارة إلى ما يتصوّره المخاطب في قلبه (٨) كأنّه ينظر إليه ، قال الله تعالى : (هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ) [القصص : ١٥].

(مِلْحٌ) : ماء فيه ملوحة.

(أُجاجٌ) : ماء في غاية الملوحة.

و (العذب) : الماء الطيّب.

(الفرات) : (٢٤٤ و) في غاية العذوبة.

(بَرْزَخاً) : يعني : الجزائر الواسعة.

ويحتمل : أنّ المراد بالبحرين بحر مجاور للساحل ، وبحر كمين في الساحل. وقيل : بحر بحراء

__________________

(١) أ : لا.

(٢) زيادة يقتضيها السياق.

(٣) ينظر : معاني القرآن للفراء ٢ / ٢٦٩ ـ ٢٧٠.

(٤) ينظر : المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث ١ / ٩٧ ، ولسان العرب ٦ / ١٢.

(٥) ينظر : المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث ١ / ٩٧ ، والصحاح ٣ / ٩٠٤ ، والقاموس المحيط ٦٨٣.

(٦) ينظر : تفسير الماوردي ٤ / ١٤٩ ، وغرائب القرآن ورغائب الفرقان ٥ / ٢٤٧ ، وحاشية الشهاب على البيضاوي ٤ / ١٤٩.

(٧) غير موجودة في ك.

(٨) الأصول المخطوطة : قبله.

٣٨٧

وبحر قلزم ، فإنّ سواحلهما غير محاط بهما.

وفيه إشارة إلى الدمع فيه ملوحة (١) ، واللعاب فيه عذوبة ، والمملوح التي فيه قراره ، والالتحام الذي سنح لم يفسد شيء بمجاورة غيره ، وإلى اللبن الحليب من بين فرث ودم.

٥٤ ـ (نَسَباً وَصِهْراً) أي : مناسبا ومصاهرا يناسب بعضه بعضا (٢) ؛ لتبقية الإلفة وحفظ الأصل ، وتصاهر بعضه بعضا (٣) لاستفادة الإلفة ، وإنشاء النسل.

٥٥ ـ (ظَهِيراً) : معينا لمثله على إنكار ربّه ، وتبديل دينه ، ومعاداة نبيّه.

٥٧ ـ (إِلَّا مَنْ شاءَ) : استثناء كقوله : (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) [الشورى : ٢٣] ؛ لأنّ ذلك يوجب حسن الظنّ به ، وقوله : (ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ) [سبأ : ٤٧] أي : على زعمكم فهو مردود عليكم ما أريد منكم ذلك. وقيل : المودة في القربى هو لكم ، أي : حظّكم ونصيبكم. وقيل : طالبهم بالمودة في القربى ، ثمّ ترك واقتصر على المودة في الله. (٤)

٥٩ ـ (الرَّحْمنُ) : رفع بإسناد الاستواء إليه ، أو لتقديره مبتدأ.

(فَسْئَلْ بِهِ) : أي : عنه ، والضمير عائد إلى السماوات والأرض ، أو إلى الاستواء على العرش (٥) ، أو اسم الرحمن.

٦٠ ـ قال عليه‌السلام : «إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي ويقول : ويله ، أمر ابن آدم بالسجود». (٦)

محجلون من الوضوء.

٦١ ـ (سِراجاً) : مصباحا.

٦٢ ـ وفي قوله : (جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً) دلالة على جواز قضاء صلاة الليل بالنهار ، وقضاء صلاة النهار بالليل.

٦٣ ـ (وَعِبادُ) : مبتدأ.

(الَّذِينَ يَمْشُونَ) : خبره ، والمراد بهم أولياؤه وخاصّته.

__________________

(١) أ : ملوحته.

(٢) ساقطة من ك.

(٣) (لتبقية الألفة ... بعضه بعضا) ، ساقط من أ.

(٤) ينظر : تفسير البغوي ١٩١ ـ ١٩٢.

(٥) (على العرش) ، ساقطة من أ.

(٦) أخرجه وكيع في نسخته ٩٥ ، وأحمد في المسند ٢ / ٤٤٣ ، ومسلم في الصحيح (٨١) ، وابن ماجه في السنن (١٠٥٣) ، وتمامه : «فسجد فله الجنة ، وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار».

٣٨٨

(هَوْناً) : متواضعين.

(سَلاماً) : أي : قولا يؤدّي إلى المسالمة والمتاركة. وقيل : منسوخة بآية السيف. (١)

٦٥ ـ (غَراماً) : لزوما. وقال بعضهم : هلاكا. (٢) وهو غير مشهور.

٦٧ ـ الإقتار والقتر والتّقتير : تضييق النفقة.

وكان إنفاقهم (بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) : عدلا. وقيل : قوام الأمر قوامه ونظامه وملاكه. (٣)

٦٨ ـ (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ) : عن الكلبيّ ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس : أي : وحشيّا ، لمّا قتل حمزة مكث زمانا ، ثمّ وقع في قلبه الإسلام ، فأرسل إلى رسول الله يعلم أنّه وقع في قلبه الإسلام ، ويقول : سمعتك تقول : (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ ...) الآية ، وإنّي فعلتهنّ فهل من رخصة؟ فنزل جبريل فقال : قل له يا محمد : (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً ...) الآية ، فأرسل إليه ، فلمّا قرئت عليه قال : أرى في هذه الآية شروطا أخشى أن لا آتي بها ، ولا أجدني أطيق أن أعمل صالحا ، فهل عندك شيء ألين من هذا؟ فأنزل جبريل قوله : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ (٢٤٤ ظ) وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) [النساء : ٤٨] ، فأرسل بها رسول الله إليه ، فقرئت عليه ، فقال : إنّه يقول : (لِمَنْ يَشاءُ)(٤) وأنا لا يدرى لعلّي لا أكون ممّا يشاء؟ فنزل جبريل بقوله : (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ ...) الآية [الزمر : ٥٣] ، فأرسل بها رسول الله إليه ، فقرئت عليه ، فأسلم ، وأرسل إلى رسول الله أنّي أسلمت ، فأذن لي في إتيانك ، فأرسل إليه أن وار وجهك ، فإنّي لا أستطيع أن أملأ عيني من قاتل عمّي حمزة.

__________________

(١) ينظر : الناسخ والمنسوخ للنحاس ٦٠٣ ـ ٦٠٤ ، ونواسخ القرآن ٢٠٢ ، والناسخ والمنسوخ للكرمي ١٥٩ ،. وقال الكرمي : «هي محكمة ، إذ لا شك أن الإغضاء عن السفهاء ، وترك المقابلة بالمثل مستحسن في الأدب والمروءة والشرع ...».

وآية السيف : هي قوله تعالى : (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ) [التوبة : ٥] ، ينظر : الناسخ والمنسوخ للنحاس ١٢٢ ، والناسخ والمنسوخ لابن حزم ٣٠ ـ ٣١ ، وناسخ القرآن ومنسوخه ٢٢.

(٢) ينظر : تهذيب اللغة ٣ / ٢٦٦٠ عن القتيبي ، وتذكرة الأريب ٢ / ٣٦ ، ووضح البرهان في مشكلات القرآن ٢ / ١٢٦ ، وتفسير القاسمي ٥ / ٣٥٠.

(٣) ينظر : الصحاح ٥ / ٢٠١٧ ، ولسان العرب ١٢ / ٤٩٩ ، وعمدة الحفاظ ٣ / ٤١٤.

(٤) (فأرسل بها رسول الله ... يقول : لِمَنْ يَشاءُ) ، ساقطة من أ.

٣٨٩

(ذلِكَ) : إشارة إلى جميع ما تقدّم ، أو إلى الإشراك ، أو إلى فعل شيء متقدّم على سبيل الاستحلال.

(أَثاماً) : جزاء الإثم ، يقال : أثمه يأثمه إذا جازاه جزاء إثمه. (١)

٧٠ ـ (يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) : لها وجوه منها إنابته (٢) الندامة مقام ما كانت الندامة منه ، ومنها التوفيق للكفّارات والأعمال الصالحة ، ومنها الابتلاء بالمصائب والمكاره الممحّصة للذنوب الموجبة للثواب ، ومنها تقلب المباحات من أفعاله المقترنة بالكفر طاعات بعد التوبة كالأكل والشرب ، ولهذا قال عليّ : بقية عمر المرء لا ثمن له ، يصلح فيه ما أفسد ، ويستدرك به ما فات. (٣)

٧١ ـ (وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ) : إنّما جزاء التوبة التوبة ؛ لاتّصالها بزيادة وهي ذكر الله ، كأنّه قيل : ومن يتب عن المعاصي فإنّما يتوب إلى الله.

٧٢ ـ (الزُّورَ) : الشرك ، عن الضحّاك ، (٤) وعن محمد بن الحنفية ، (٥) وأبي الجحاف (٦). (٧)

(اللّغو) : الغناء. (٨) عن إبراهيم بن ميسرة (٩) : أنّ ابن مسعود مرّ بلهو فلم يقف عليه ، فقال رسول الله : «لقد أصبح ابن مسعود كريما ، إذا مشى كريما» (١٠) ، إذا لم يستقرّوا ، ولم يصرّوا على تكذيبها.

٧٣ ـ (صُمًّا وَعُمْياناً) : لأنّ الاستقرار غاية السقوط ، وقضيته كالوجوب.

٧٤ ـ (قُرَّةَ أَعْيُنٍ) : عبارة عن المرضيّ ، وضدّه سخنة العين ، وسخين العين.

(وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً) : أي : وفّقنا للتقوى ، وأتبعنا ذرّيّاتنا بالتقوى ، وإنّما لم يقل

__________________

(١) ينظر : لسان العرب ١٢ / ٦.

(٢) أ : أيامه.

(٣) ينظر : كتاب الزهد الكبير ٢ / ٢٩٥ ، وجامع العلوم والحكم ١ / ٣٨٦ مختصرا.

(٤) ينظر : تفسير الطبري ٩ / ٤٢٠ ، وتفسير الماوردي ٤ / ١٥٩ ، وتفسير البغوي ٦ / ٩٨ ، وزاد المسير ٦ / ٢٩.

(٥) ينظر : تفسير السمعاني ٤ / ٣٥ ، زاد المسير ٦ / ٢٩ ، والدر المنثور ٦ / ٢٥٦.

(٦) داود بن أبي عوف ، واسمه سويد ، التميمي البرجميّ ، مولاهم ، الكوفي. ينظر : الكنى والأسماء ١ / ١٩٤ ، والجرح والتعديل ٣ / ٤٢١ ، وتهذيب الكمال ٨ / ٤٣٤.

(٧) ينظر : الدر المنثور ٦ / ٢٥٦.

(٨) ينظر : الدر المنثور ٦ / ٢٥٦.

(٩) إبراهيم بن ميسرة الطائفي ، نزيل مكة ، من الموالي ، توفي قريبا من سنة (١٣٢ ه‍). ينظر : رجال مسلم ١ / ٤٦ ، تاريخ دمشق ٧ / ٢٣٠ ، وسير أعلام النيلاء ٦ / ١٢٣.

(١٠) ينظر : تفسير ابن أبي حاتم (١٥٤٦٣) ، وتاريخ دمشق ٣٣ / ١٢٨.

٣٩٠

لاعتبار كلّ واحد من الراعين ، أو لاعتبار المصدر ، أو لاعتبار كون الاسم مشتقّا من الفعل ، كقوله : (إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ) [الشعراء : ١٦].

٧٥ ـ (الْغُرْفَةَ) : العلّيّة ، وهي المنزل الرفيع.

٧٧ ـ (يَعْبَؤُا) : يبالي ، فكأنّه قيل : هل يبالي الله بكم؟ وهل يراعي جانبكم بإصلاح المعيشة ، ورفع الآفات؟

(لَوْ لا دُعاؤُكُمْ) : دعاء بعضكم (١) (٢٤٥ و) يعني : المؤمنين. قال النبيّ عليه‌السلام : «لو لا رجال خشّع ، وصبيان رضّع ، وبهائم رتّع لصبّ عليكم العذاب صبّا». (٢) وقيل : لو لا دعاء بعضكم الذي ستدعون (٣) في علم الله أنّه سيؤمن. وقيل : لو لا دعاؤه إيّاكم إلى التوحيد على سبيل الوعظ والتمكين من الاختيار ، قاله الفراء. (٤) وقال القتيبي : معناه : ما يصنع الله بعذابكم لو لا دعاؤكم من دونه شركاء. (٥)

(لِزاماً) : هلاكا ، أو العذاب لازما ، يعني : يوم بدر.

أبيّ بن كعب ، عنه عليه‌السلام : «من قرأ الفرقان بعثه الله يوم القيامة وهو موقن أنّ الساعة آتية لا ريب فيها ، و (٦) دخل الجنّة بغير حساب». (٧)

__________________

(١) الصفحات (٢٤٣ و ، ٢٤٣ ظ ، ٢٤٤ و ، ٢٤٤ ظ) ، ساقطة من ع.

(٢) أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٩٦٥) ، والطبراني في الكبير ٢٢ / (٧٨٥) ، والفتني في الموضوعات ١٢٣.

(٣) الأصول المخطوطة : ستدعو.

(٤) ينظر : معاني القرآن للفراء ٢ / ٢٧٥.

(٥) ينظر : تأويل مشكل القرآن ٣٣٩.

(٦) ساقطة من ع.

(٧) ينظر : الوسيط ٣ / ٣٣٣ ، والكشاف ٣ / ٣٠٤.

٣٩١

سورة الشعراء

مكية. وعن ابن عباس : سوى أربع آيات من آخرها. (١)

وهي مئتان (٢) وسبع وعشرون آية ، كوفيّ شاميّ ومدنيّ أوّل (٣). (٤)

بسم الله الرّحمن الرّحيم

١ ـ (طسم) : قال ابن عباس : عمي على العلماء (٥) علمه. (٦) وعن قتادة (٧) وأبي روق (٨) : اسم من أسماء القرآن. (٩) وعن الأنماري : أنّه الظاهر المطلع على الغيوب ، السميع الساتر للعيوب ، المجيد بإعطاء السيوب (١٠). وقيل : هو «قسم بطول الله وسنائه وملكه». (١١) وقيل : قسم بطور سينين ومكة وهي البلد الأمين. (١٢) وقيل : أيّها الطاهر السعيد المجيد. (١٣)

٤ ـ (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ) : الشرط والجزاء على لفظ الاستقبال ، والمنسوخ على لفظ الماضي لاعتبار المعنى ، إذ المعنى واحد في نحو قولك : إن أكرمتني أكرمك.

(فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ) : وجوههم وأشرافهم ، عن مجاهد. (١٤) وقال الفرّاء : الطوائف العصائب ، من قولهم : رأيت الناس إلا فلانا عنقا (١٥). وقال الكسائي (١٦) : هي الأعضاء التي

__________________

(١) ينظر : تفسير الماوردي ٤ / ١٦٣ ، وزاد المسير ٦ / ٣٣ ، وجمال القراء ١ / ١٣٢.

(٢) الأصول المخطوطة : مئتا.

(٣) الأصول المخطوطة : الأول.

(٤) ينظر : التلخيص في القراءات الثمان ٣٤٩ ، والتبيان في عد آي القرآن ١٩٦ ، وفنون الأفنان ١٤٦ ، وإتحاف فضلاء البشر ٤٢٠.

(٥) ع : للما.

(٦) ينظر : المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث ٢ / ٣٥١ عن عكرمة.

(٧) ينظر : تفسير الصنعاني ٣ / ٧٣ و ٨٧ ، وتفسير الطبري ٩ / ٤٣٠ ، وتفسير ابن أبي حاتم (١٥٥٢٠ وغيره) ، وتفسير القرطبي ١٣ / ٨٨.

(٨) عطية بن الحارث الهمداني الكوفي ، صاحب التفسير. ينظر : التاريخ الكبير للبخاري ٧ / ١٣ ، والمقتنى في سرد الكنى ١ / ٢٤٢ ، وتقريب التهذيب ٢ / ٢٤.

(٩) ينظر : زاد المسير ٦ / ٣٣.

(١٠) السيوب : ما سيب وخلي فساب ، أي : ذهب. النهاية في غريب الحديث والأثر ٢ / ٤٣١ ، ولسان العرب ١ / ٤٧٧.

(١١) تذكرة الأريب في تفسير الغريب ١ / ٣٨ ، والمجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث ٢ / ٣٥١ عن القرظي ، وتفسير الوسيط ٣ / ٣٥٠.

(١٢) روي عن علي رضي الله عنه مرفوعا قال : الطاء : طور سيناء ، والسين الاسكندرية ، والميم مكة. الفردوس بمأثور الخطاب ٢ / ٤٥٩ ، والمجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث ٢ / ٣٥١ ، وزاد المسير ٦ / ٣٣.

(١٣) ينظر : تفسير الماوردي ٤ / ١٦٠ ، وتفسير البغوي ٦ / ٣٨ ، القرطبي ١٣ / ٨٩ ، وفيها (السعيد) بدلا من (السّلام).

(١٤) ينظر : معاني القرآن الكريم للنحاس ٥ / ٦٢ ، وتفسير القرطبي ١٣ / ٨٩.

(١٥) ساقطة من ع ، وينظر : معاني القرآن للفراء ٢ / ٢٧٧.

(١٦) أبو الحسن علي بن حمزة الكسائي ، الأسدي مولاهم ، الكوفي المقرئ النحوي ، أحد القراء السبعة ، توفي سنة ١٨٩ ه‍. ينظر : تاريخ بغداد ١ / ٤٠٣ ، ومعرفة القراء الكبار ١ / ١٢٠ ، وغاية النهاية ١ / ٥٣٥ ،

٣٩٢

عليها الرؤوس ، وإنّما جمعت بخاضعين لاعتبار الأعناق ، أو لمّا وصفت العقلاء وهو الخضوع للآيات ، جمعت جمع العقلاء. (١)

٧ ـ (كَرِيمٍ) : طيّب ، يقال : نخلة كريمة (٢) ، وشاة كريمة.

٨ ـ (ذلِكَ) : إشارة إلى القرآن ، أو إلى الإنبات (٣).

(أَكْثَرُهُمْ) : أكثر المستمعين للذّكر (٤) ، أو المشاهدين المذكورين.

٩ ـ ووصف الله بأنّه : (الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) للدعوة على سبيل الترهيب والترغيب.

١١ ـ (أَلا يَتَّقُونَ (٥)) : استفهام بمعنى الإنكار على المستفهم عن حالهم ، كقوله : (أَوَلا يَعْلَمُونَ) [البقرة : ٧٧].

١٣ ـ (فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ) : أيضا ليؤازرني ويعينني ، والرسول يقع على الواحد والجماعة كالعدوّ.

١٨ ـ (نُرَبِّكَ)(٦) : ننمّيك ونصلحك.

(وَلِيداً) : مولودا (٧) وهو الطفل المربّى. وقال القتيبيّ : التليد : الذي ولد في بلاد العجم ، ونشأ في بلاد العرب ، والمولّد : الذي ولد في الإسلام. (٨) وقال ابن شميل : هما واحد ، وهو الذي ولد (٢٤٥ ظ) عندك. (٩)

١٩ ـ (وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) : أي : كفران النعمة.

٢٠ ـ (فَعَلْتُها إِذاً) : أي : يومئذ.

(وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) : الجاهلين ، من الجهالة في شرائع دين الله ، لا الجهالة في الله ، ولا الجهالة في دين فرعون.

٢١ ـ (خِفْتُكُمْ) : أن تصيبوني بشرّ ، ويكون سبب مكروه قضاء الله وقدره.

__________________

(١) ينظر : لسان العرب ١٠ / ٢٧٣ من غير نسبة.

(٢) ساقطة من ع.

(٣) ع : الآيات.

(٤) ساقطة من أ.

(٥) الأصول المخطوطة : يتقون. وهي قراءة شاذة قرأ بها عبد الله بن يسار وحماد بن سلمة. ينظر : المحتسب ٢ / ١٧٠ ، ومختصر في شواذ القراءات ١٠٦ ، وإعراب القراءات الشواذ ٢ / ٢١٠.

(٦) ك : ونربك.

(٧) الأصل وك وأ : مولدا.

(٨) ينظر : الغريبين ٦ / ٢٠٣٣.

(٩) ينظر : الغريبين ٦ / ٢٠٣٣.

٣٩٣

٢٢ ـ (وَتِلْكَ) : إشارة إلى تربيته وليدا ؛ لأنّه لم يكن يربّي أولاد بني إسرائيل إلا لتعبيدهم وإذلالهم ، وهو على وجه الاستفهام تقديره : أو تلك.

(نِعْمَةٌ تَمُنُّها) : المنّ : تذكير المنعم نعمته ، ولا يحسن ذلك إلا من الله تعالى ؛ لأنّه هو المنعم على الحقيقة ، وأما غيره إذا منّ على أحد فقد تحلّى بما ليس له ، إذ هو سبب في تلك النعمة ، والمنعم في الحقيقة هو الله.

سمّاه به (١) للزومه جوابا واحدا مع تفنّن فرعون في السؤال ، وإنّما فعل موسى ذلك ليقرّر (٢) عندهم التسمية ويوقعها في قلوبهم بالمبالغة في التعريف.

٢٨ ـ (إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) : تعريض بأنّهم أولى بصفة الجنون منه ؛ لأنّهم لم يكونوا يعقلون ما ينبّئهم عليه من المشاهدات من الأفاعيل الإلهية ، فلمّا فرّ فرعون من الجدال إلى التهديد ، قابله موسى بالبرهان العتيد.

٣٢ ـ (ثُعْبانٌ) : حيّة بين الأفعوان والتنّين.

٣٩ ـ (هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ) : استفهام بمعنى الأمر.

٤٠ ـ (لَعَلَّنا نَتَّبِعُ (٣) السَّحَرَةَ) : في طاعة فرعون نتّبع السحرة (٤).

٤٤ ـ (بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ) : قسم السحرة ، وعزته : قلّة إذنه للناس أن يدخلوا عليه ، واحتجابه عنهم.

٥٠ ـ (لا ضَيْرَ) : لا بأس.

٥٤ ـ (لَشِرْذِمَةٌ) : لقطعة وفرقة ، وثوب شراذم ، أي : مقطع قطعا.

ووجه الجمع بالقليلين حسن وصف كلّ بعض من أبعاض الجملة بالقليل.

٥٥ ـ (لَغائِظُونَ) : لمغضبون (٥).

٥٦ ـ (حاذِرُونَ)(٦) : مخلوقون على صفة الحذر ، والحاذر : حامل السلاح والذي يحذر في الحال.

٦٠ ـ (مُشْرِقِينَ) : مصبحين.

__________________

(١) أي : بتكراره كلمة (رب) ليقرر هذه الكلمة في نفوس الحاضرين.

(٢) أ : ليتقرر.

(٣) الأصول المخطوطة : نتعلم.

(٤) ع : السحر.

(٥) أ : لمبغوضون.

(٦) الأصول المخطوطة : حذرون. قد تكون على رسم المصحف.

٣٩٤

٦٢ ـ (كَلَّا) : ردّ لكلام قومهم : (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ)(١) [الشعراء : ٦١].

(سَيَهْدِينِ) : إلى طريق النجاة.

٦٣ ـ (فَانْفَلَقَ) : فانشقّ.

(كَالطَّوْدِ) : كالجبل.

٦٤ ـ (وَأَزْلَفْنا) : قرّبنا.

(ثَمَّ) : إشارة إلى بقعة يتوهمها المقصوص عليه ضرورة.

٧٧ ـ (إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ) : استثناء متصل على اعتبار الظاهر وهو المجاز ، أو منقطع على اعتبار الناظر وهو الحقيقة.

٨٠ و ٨١ ـ وقوله : (وَإِذا مَرِضْتُ) : فيه أدب حسن حيث لم يقل : والذي يمرّضني (٢) ، وليس كذلك (وَالَّذِي يُمِيتُنِي)؛ لأنّ الإماتة قد تكون إراحة ، وقد تكون إبادا.

٨٤ ـ (لِسانَ صِدْقٍ) : هو الذّكر الجميل ، وإنّما تمنّى ذلك ليؤمنوا به ، فيسعدوا ، ويصلوا عليه ، فيزاد بصلاتهم خيرا ورحمة.

٨٨ ـ (يَوْمَ لا يَنْفَعُ) : أي : لا ينفع المال والبنون أحدا ، والاستثناء يدلّ على هذا المضمر. (٢٤٦ و)

٨٩ ـ (بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) : مخلص ليس فيه مرض الكفر والنفاق ، ويسمّى المسلم الذي فيه بلاهة : سليم القلب ؛ لبعده عن الجدال والشقاق والخبث وسوء الأخلاق ، وإنّما ينفع سليم القلب وبنوه ليصرف ماله إلى الصدقات والقربات ، وكون أولاده تابعين له بإيمان داعين له بخير.

٩٠ ـ (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ) : عطف على يوم ، وهو (يَوْمَ لا يَنْفَعُ) [الشعراء : ٨٨] ، ويجوز أن يكون استئنافا بتقدير يومئذ ، أي : وأزلفت الجنّة يومئذ.

٩٤ ـ (فَكُبْكِبُوا) : فكبّوا على الوجوه ، وتكرار الحرف للمبالغة كالذبذبة والحثحثة.

١٠١ ـ (وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ) : خليل خاصّ ، وحامّة الرجل خاصّته.

١٠٢ ـ (فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً) : جواب لو (٣) مضمر ، وتقديره : فنكون لكنّا مفلحين ، والكرّة : الرجعة.

__________________

(١) أ : لمدركو.

(٢) أ : يرضني.

(٣) أ : أو.

٣٩٥

١٠٣ ـ و (ذلِكَ) : إشارة إلى القرآن ، أو إلى شأن إبراهيم عليه‌السلام.

١٠٥ ـ (قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ) : إنكارهم رسالة رسولهم المرسل إليهم تكذيب للجميع (١) ، فإنّ سائر المرسلين يشهدون لا محالة برسالته ، وهم ينكرونها ، فهم مخالفون مكذّبون بهم أجمعين.

١٠٦ ـ (أَخُوهُمْ) : للتنبيه ، أو لطول المجاورة.

١٠٧ ـ (رَسُولٌ أَمِينٌ) : مأمون (٢) في نفسه بصفات يستحقّ بها أن يؤتمن من الأمارات الدالّة على صدقه ، والبراهين الموجبة لدعواه.

١١٢ ـ (بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) : فيما مضى من أعمارهم قبل الإسلام والتوبة. ويحتمل : أنّ لفظة (كانُوا) صلة ، أي : بما (٣) يعملون.

١١٩ ـ (فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) : المملوء.

١٢١ ـ و (ذلِكَ) : إشارة إلى القرآن ، أو إلى شأن نوح عليه‌السلام.

١٢٨ ـ (رِيعٍ) : طريق مشرف ، قال إبراهيم (٤). وقيل : ما ارتفع من الأرض. (٥)

١٢٩ ـ (مَصانِعَ) : جمع مصنع ، وهو البناء المحكمة صنعته بتشييد الحجارة والتجصيص ونحوهما ، يتّخذ للماء وغيره.

١٣٠ ـ (بَطَشْتُمْ) : أخذتم على سبيل القهر (٦).

١٣٢ ـ (أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ) : هو إلزام حجة ، فإنّ التذكير لو وقع بإمدادهم بالهواء الذي فيه يتنفّسون ، وأمّا بالقوى (٧) التي بها يتحرّكون ، وبالحرّ والبرد اللذين بهما يتنعّمون ، وبالليل والنهار اللذين فيهما يتقلّبون لما كادوا يفهمون.

١٣٧ ـ (إِنْ هذا) : إن كان إشارة إلى رسومهم وعاداتهم ، فهو كقولهم : (وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ يَفْعَلُونَ) وإن كان إشارة إلى قول هود عليه‌السلام ، فهو كقولهم : (إِنْ

__________________

(١) ك : الجميع.

(٢) أ : مأمور.

(٣) ك وع : بما كانوا.

(٤) الأصل وك وع : ابر ، وفي أ : غير واضحة. ينظر : الغريبين ٣ / ٨٠٦ عن ابن عرفة.

(٥) ينظر : الغريبين ٣ / ٨٠٦ ، وتفسير القرطبي ١٣ / ١٢٢ ، عن ابن عباس ، وعمدة القاري ١٩ / ٩٨.

(٦) أ : القمير.

(٧) ك وأ : بالقرى.

٣٩٦

هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) [الأنعام : ٢٥].

١٣٩ ـ و (ذلِكَ) : إشارة إلى القرآن ، أو إلى شأن هود عليه‌السلام.

١٤٦ ـ (أَتُتْرَكُونَ) : إنذار بعذاب الله إن لم يؤمنوا ، أو تزهيد (١) في الدنيا (٢) والآخرة.

١٤٨ ـ (طَلْعُها) : طلع النخلة كفراها (٣) ، وهو أوّل (٤) ما يبدو من ثمرها.

(هَضِيمٌ) : منضمّ لم يتقشّر عنه جلده ، يقال : أهضم الكشحين. وقيل : الذي يتهشهش. (٥)

١٥٨ ـ و (ذلِكَ) : إشارة إلى القرآن ، أو إلى شأن صالح عليه‌السلام.

١٦٨ ـ (مِنَ الْقالِينَ) : الكارهين الماقتين ، قال الله : (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) [الضحى : ٣] ، وفي حديث أبي الدرداء : «وجدت النّاس أخبر تقله» (٦).

١٦٩ ـ (مِمَّا يَعْمَلُونَ) : أي : من عموم عذاب ما يعملون. وقيل : نجني (٧) من مشاهدة ما (٨) يعملون.

١٧٤ ـ و (ذلِكَ) : إشارة إلى القرآن ، أو إلى شأن لوط عليه‌السلام.

١٨٤ ـ (الْجِبِلَّةَ) : الخلق.

١٩٢ ـ (وَإِنَّهُ) : أي : القرآن.

١٩٣ ـ (الرُّوحُ الْأَمِينُ) : جبريل عليه‌السلام ائتمنه الله على تبليغ رسالاته ، ولم يأتمنه الروافض ، لعنهم الله.

١٩٦ ـ (وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ) : دليل على أنّ القرآن (٢٤٦ ظ) هو هذا المعنى المنظوم المكتسى بلفظ موسوم ، سواء كان عربيّا أو غير عربيّ ، معجزا أو غير معجز ، وإنّما أنزله

__________________

(١) أ : تهيد.

(٢) ع : الدعاء.

(٣) هكذا في الأصول المخطوطة ، وفي لسان العرب ١٢ / ٦١٤ : كوافيرها.

(٤) ع : أل.

(٥) هش العود : إذا تكسر ، ويتهشهش بمعنى يتكسر. ينظر : لسان العرب ٦ / ٣٦٤ ـ ٣٦٥. وقد قال مجاهد : هو الذي إذا يبس تهشم وتفتت وتناثر. ابن كثير ٣ / ٤٥٧ ، وينظر : صحيح البخاري ٨ / ٤٦٩ ، وتغليق التعليق ٤ / ٢٧٢.

(٦) أخرجه ابن المبارك في الزهد ٦١ ، والشهاب في مسنده ١ / ٣٦٩ ، والذهبي في ميزان الاعتدال ٧ / ٣٣٥ ، والكامل في ضعفاء الرجال ٢ / ٣٨. ومعناه : «أنك إذا أخبرتهم وتعرفت أمرهم قليتهم ، أي : أبغضتهم ...» غريب الحديث لابن قتيبة ٢ / ٥٩٦.

(٧) أ : يحيي.

(٨) أ : مشاهدته.

٣٩٧

الله في ألفاظ عربيّة ، ليكون أبين للمخاطبين في عصر النزول ، وإنّما جعله معجزا ليكون برهانا كاليد والعصا ، وإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى.

١٩٧ ـ (يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ) : لأنّهم وجدوه مصدّقا لما بين يديه من التوراة ، وموعود على سبيل التعريض والتصريح.

١٩٨ ـ (بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ) : إن أراد الذين لا يحسنون تأدية حروف الهجاء ، وإقامة الإعراب لآفة في ألسنتهم ، فهو كقوله : (وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ) [الأنعام : ١١١] ، وإن أراد الأعجمين الذين لا يحسنون العربيّة والنطق بالحروف المختصّة بها ، كالضاد وحروف الإطباق ، فهو كقوله (١) : (إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ) [الأنعام : ١٥٦].

٢٠٧ ـ (ما أَغْنى) : نفي على سبيل الاستفهام والسؤال.

٢٠٨ ـ (إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ) : يدلّ على أنّ مشارق الأرض ومغاربها لم تخل من منذر وحجة لله (٢) تعالى على خلقه إلى ختم النبوّة بمحمد عليه‌السلام ، وجعل دعوة الإسلام شائعة سابقة مستفيضة.

٢٠٩ ـ (ذِكْرى) : في محلّ النصب ، أي : منذرون (٣) تذكرة ، أو في محلّ الرفع بإضمار مبتدأ.

٢١٠ ـ (وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ) : نفي الكهانة.

٢١١ ـ (وَما يَنْبَغِي لَهُمْ)(٤) : في نفي استيهالهم (٥) استغواء محمد عليه‌السلام لطهارته وأمانته وعفّته وصدق لهجته.

(وَما يَسْتَطِيعُونَ) : في نفي قدرتهم ، وذلك لعصمة الله تعالى ، وكونها حائلة بينه وبينهم.

٢١٢ ـ (إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ) : مصروفون بالرجم بالثواقب إذا أراد استراق السمع.

__________________

(١) أ : لقوله.

(٢) الأصول المخطوطة : الله.

(٣) أ : منداون.

(٤) ع : (وما يستطيعون).

(٥) هكذا في الأصول المخطوطة ، ولعلها :

٣٩٨

٢١٤ ـ (عَشِيرَتَكَ) : عشيرة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولد عدنان (١) ، ثمّ ولد مضر منهم ، ثمّ خنذف أقرب ، ثمّ الحمس ، ثمّ قريش ، ثمّ الأباطيح ، ثمّ المطّلبيون ، ثمّ بنو عبد مناف ، ثمّ بنو هاشم لا أقرب منهم.

وعن ابن عباس قال : لّما أنزل الله تعالى : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ) أتى رسول الله الصّفا ، فصعد عليه ، ثمّ نادى : يا صباحاه ، فاجتمع الناس إليه ، فبين رجل يجيء ، وبين رجل يبعث رسوله ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : يا بني عبد المطلب ، يا بني فهر ، يا بني .. أرأيتم لو أخبرتكم أنّ خيلا بسفح هذا الجبل يريدون أن يغيروا عليكم مصدقيّ أنتم؟ قالوا : نعم ، قال : فإنّي نذير لكم بين يدي عذاب شديد ، فقال أبو لهب : تبّا لكم سائر اليوم ، إنّما دعوتمونا لهذا؟ فنزلت : (تَبَّتْ يَدا (٢) أَبِي لَهَبٍ) [المسد : ١]. (٣)

٢١٨ ـ (حِينَ تَقُومُ) : للصلاة ، كقوله : (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً) [المزمل : ٢] ، وقيامه للجهاد والجدال كقوله : (يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا) [الصف : ٤] ، وقوله : (قُمْ فَأَنْذِرْ) [المدثر : ٢] ، أو قيامه للدعاء والوعظ ، كقوله : (وَتَرَكُوكَ قائِماً) [الجمعة : ١١] ، وفائدة التنبيه على رؤية قيامه هي البشارة بأنّ سعيه مقبول.

٢١٩ ـ (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) أي : في جملة المصلّين معه من حال إلى حال ، ومن ركن (٤) إلى ركن ، أو تقلّبه لمعاشه فيما بين المؤمنين بعد رجوعه عن مجاهدة (٥) المشركين ومجادلتهم (٢٤٧ و) وإنذارهم ، وأراد حركاته في مدّة حياته ، وأراد تقلّبه من صلب إلى صلب ، وسجود آبائهم كسجود الظلال يصرفونها.

٢٢٤ ـ (وَالشُّعَراءُ) : جمع شاعر ، كعلماء وعالم.

٢٢٥ ـ (فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ) : في كلّ فنّ من المدح والهجاء وغير ذلك.

(يَهِيمُونَ) : يخوضون ولا يبالون ، هام الرجل يهيم : إذا مضى على وجهه راكبا رأسه لا يثنيه شيء.

__________________

(١) (ولد عدنان) ، ساقطة من ع.

(٢) أ : يدي.

(٣) أخرجه البخاري في الصحيح (٤٧٧٠) ، ومسلم في الصحيح (٢٠٨) ، والنسائي في عمل اليوم والليلة (١ / ٥٤٣ ـ ٥٤٤) ، وابن مندة في الإيمان (٩٥٠).

(٤) الأصول المخطوطة : يكن.

(٥) ك وع : مجاهد.

٣٩٩

٢٢٧ ـ (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا ...) : الآية في معنى قوله : (لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ ...) الآية [النساء : ١٤٨].

روي أنّ عبد الله بن رواحة (١) وحسّان بن ثابت أتيا رسول الله حين نزلت : (وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) [الشعراء : ٢٢٤] ، فقال عليه‌السلام وهو يقرؤها عليهم : (وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) حتى إذا بلغ المقولة : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) قال : أنتم ، (وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً) قال : أنتم ، (وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا) قال : أنتم (٢).

__________________

(١) أبو محمد عبد الله بن رواحة بن ثعلبة الخزرجي الأنصاري ، صحابي ، شاعر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، شهد المشاهد كلها إلا الفتح ، واستشهد يوم مؤتة ، وهو أحد الأمراء. ينظر : معجم الصحابة ٢ / ١٢٨ ، والاستيعاب ٣ / ٨٩٨ ، وصفة الصفوة ١ / ٤٨١.

(٢) (قال : أنتم) ، ساقطة من أ. والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ٥ / ٢٧٧ ، وابن أبي حاتم في التفسير (١٦٠٧٤) ، والحاكم في المستدرك ٣ / ٥٥٦ ، وابن عبد البر في التمهيد ٢٢ / ١٩٦ ـ ١٩٧.

٤٠٠