درج الدّرر في تفسير القرآن ّالعظيم - ج ٢

عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني

درج الدّرر في تفسير القرآن ّالعظيم - ج ٢

المؤلف:

عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني


المحقق: د. طلعت صلاح الفرحات / د. محمّد أديب شكور
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر ناشرون وموزعون
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
9957-07-514-9

الصفحات: ٨٠٢
الجزء ١ الجزء ٢

٧٥ ـ (قالُوا جَزاؤُهُ) : أي : السرقة ، وحدّها : هو حبس من وجد في رحله واسترقاقه.

(نَجْزِي الظَّالِمِينَ) : فما بيننا شريعتنا.

٧٦ ـ الوعاء : الظرف ، والمراد به : الجوالق ، وإنّما بدأ بأوعيتهم لئلا يعلموا بأنه حيلة.

(اسْتَخْرَجَها) : أي : الصاع ، وهو يذكر ويؤنث.

(ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ) : في سلطان الملك وطاعته إلا بمشيئة الله. قيل : شاء الله ذلك ، وأذن له فيها بإلهامه الكيد. (١) ويقال : لم (٢) يشأ الله ذلك ؛ ولذلك وفقه لسؤال إخوته : (فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ) [يوسف : ٧٤] فأخذ بقولهم ، وحكمهم دون حكم الملك. (٣)

٧٧ ـ (فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ) يعنون : يوسف. وهب : إنه يخبئ طعاما من المائدة للفقراء إذ (٤) كان صبيا. (٥) كعب (٦) : رفع عناقا من (٧) السائمة إلى السائل. (٨) قتادة ، وابن جبير (٩) : سرق صنما كان لأبي أمه في بيت يعقوب ، فألقاه بين الجيف ، وغطاه في التراب. (١٠) مجاهد : إن عمته رحمة بنت إسحاق احتضنته بعد موت أمه ، فلما شب ألفته ، ولم تحب أن ينتزعه يعقوب عليه‌السلام منها ، فشدّت على وسطه من تحت القميص منطقة أبيها ، ثم افتقدتها ، فأوهمت أنها وجدتها (١١) عند يوسف ، وأنه كان قد استرقها ، فأمسكته عند نفسها بهذه الحيلة.

فلما ذكر إخوة يوسف ذلك الأمر بأقبح صورة ، فساء يوسف قولهم. (١٢)

(قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً) : منزلة.

٧٩ ـ (مَعاذَ اللهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ) : ولم يقل : إلا السارق ؛ لأنه علم

__________________

(١) ينظر : تفسير كتاب الله العزيز ٢ / ٢٨١ ، تفسير الخازن ٢ / ٥٤٥ ، ومراح لبيد ١ / ٥٤٣.

(٢) أ : لمن.

(٣) ينظر : تفسير الوسيط ٢ / ٦٢٤ ، وتفسير البغوي ٣ / ٣٩٩ ، والتفسير الكبير ٦ / ٤٨٩.

(٤) ك وع : و.

(٥) ينظر : التفسير الكبير ٦ / ٤٩٠ ، وتفسير الخازن ٢ / ٥٤٦.

(٦) هو أبو إسحاق كعب بن ماتع الحميري ، المعروف بكعب الأحبار ، من آل ذي رعين ، توفي سنة أربع وثلاثين هجرية.

ينظر : التاريخ لابن معين ٣ / ٩ ، وتهذيب الكمال ٢٤ / ١٨٩ ، وتهذيب الأسماء ٢ / ٣٧٧.

(٧) الأصول المخطوطة : عن ، والتصحيح من المصادر.

(٨) ينظر : تفسير الوسيط ٢ / ٦٢٤ عن ابن عباس ، والتفسير الكبير ٦ / ٦٢٤.

(٩) هو أبو محمد سعيد بن جبير بن هشام الأسدي الوالبي ، مولاهم الكوفي ، الإمام المقرئ المفسر الشهيد ، استشهد سنة أربع وتسعين هجرية. ينظر : المعارف ٤٤٥ ، ومعرفة القراء الكبار ١ / ٦٨ ، والعقد الثمين في أخبار البلد الأمين ٥ / ٥٤٩.

(١٠) ينظر : تفسير كتاب الله العزيز ٢ / ٢٨٠ ، وتفسير الطبري ٧ / ٢٦٥ ، والدر المنثور ٤ / ٥٦٤.

(١١) الأصول المخطوطة : وجدته.

(١٢) ينظر : الكامل في التاريخ ١ / ١٣٧ ، وتاريخ الطبري ١ / ١٦٩ ، والمحرر الوجيز ٨ / ٣٨ ، وتفسير الخازن ٢ / ٥٤٦.

١٤١

أن بنيامين ليس بسارق ، فلذلك عرّض بقوله : (إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ) إن أمسكنا غير بنيامين ؛ لأن بنيامين كان راضيا بالإمساك ، وغيره لم يكن راضيا به.

٨٠ ـ (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا) : افتعال من اليأس ، أو من الإياس.

(خَلَصُوا نَجِيًّا) : خرجوا متناجين.

(أَلَمْ تَعْلَمُوا) : تفريطكم فيه (١٧٠ و) من قبل.

(كَبِيرُهُمْ) : كعب : إنه روبيل أكبرهم سنا. (١) وهب (٢) : يهوذا كان أرجحهم عقلا. (٣)

(أَبْرَحَ) : أزول.

(أَوْ يَحْكُمَ اللهُ) : في تخليص بنيامين ، والرجوع معه.

٨١ ـ (إِلَّا بِما عَلِمْنا) : أي : بما علمنا من طريق المشاهدة ، وهو استخراج الصاع من رحله.

(وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ) : لما لم نشاهده من كيفية الدسّ ، أكان كدسّ البضاعة في رحالنا أول مرة ، أو كان خيانة من جهة بنيامين؟ كان يعقوب (٤) عليه‌السلام يرده عليهم بقوله :

٨٣ ـ (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ) :(٥) : صادقا ؛ لأن بنيامين لم يكن سرق في الحقيقة (٦) ، وفي (سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً) [يوسف : ١٨] صادقا أيضا ؛ لأنّ هذه الحادثة الثانية كانت من جريرة أنفسهم إياهم أول مرة في شأن يوسف عليه‌السلام.

(بِهِمْ) :(٧) بيوسف ، وبنيامين ، وكبيرهم.

٨٤ ـ (يا أَسَفى) : تأسّفّ على يوسف ، والتأسّف : التلهف ؛ لأن المحن توالت بعد غيبته ، فتأسف على حالة [عدم](٨) وجوده وحضوره عنده.

٨٥ ـ (تَفْتَؤُا) : لا تفتؤا ، أي : لا تزال ، وحذف لا مع الأيمان جائز.

(تَكُونَ (٩) حَرَضاً) : والحرض : فساد الذهن والجسم.

__________________

(١) ينظر : تفسير الطبري ٧ / ٢٧٠ ، وتفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان ٤ / ١١٣.

(٢) أ : ذهب ، وهو تحريف.

(٣) ينظر : تفسير ابن كثير ٤ / ٤٠٣ ، وتفسير غرائب القرآن ٤ / ١١٣ ، وتفسير العز ٢ / ١٣٤ ، والتفسير الكبير ٦ / ٤٩٢.

(٤) ساقطة من ع.

(٥) ك : زيادة قوله تعالى : (أَنْفُسُكُمْ) أمرا.

(٦) أ : بالحقيقة

(٧) غير موجودة في ع.

(٨) زيادة يقتضيها السياق.

(٩) حذفت من ك وأ.

١٤٢

٨٦ ـ (بَثِّي) : البث : أشد الحزن ، وإنّما جمع للتأكيد.

(وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ) : من لطفه وصنعه.

٨٧ ـ (يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا) : كان يعقوب عليه‌السلام غير شاك في يوسف أنه لم يأكله الذئب ، ولم يقتله إخوته ، ولم يقبضه ملك الموت بعلمه بأن الله سيجتبيه ، ويعلمه تأويل الأحاديث ، ويحقّ رؤياه ، ولكنه كان يحزن لفقده ، فلذلك أمر بنيه أن يتحسسوا من أمره ، وإنّما أمر الذين غيبوه لأنه (١) لا يجد غيرهم ، أو لأنه كان قد أحس بشيء من ندامتهم. والتحسس : طلب الأخبار بالحس. ابن عباس : التحسس والتجسس مقاربان إلا أن (٢) الحاء (٣) في الخير ، وبالجيم في الشر. (٤)

(مِنْ رَوْحِ اللهِ) : الرّوح : الرحمة ، والراحة ، والفرح.

٨٨ ـ (بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ) : من متاع البادية ، وهو الصوف والسمن والأقط ، عن عبد الله بن الحارث. (٥) والصنوبر (٦) ، والحنة الخضراء ، عن أبي صالح. (٧) والغرائر ، والحبال ، عن (٨) ابن زيد. (٩) والمزجاة : القليلة اليسيرة التي يتبلغ بها ، ويزجى بها (١٠) العيش ، ولا يدخر. وقيل : وهي التي لا تصلح إلا للنقل من يد إلى يد ، فهي تصرف إلى الوجوه ، ولا تمسك ، ولا تكنز.

(تَصَدَّقْ عَلَيْنا) : قيل : المحاباة في البيع. (١١) وقيل : الصدقة الظاهرة ؛ لأن الصدقة لم تكن محرمة إلا على آل نبينا ، ولو كانت محرمة (١٢) على آل إبراهيم ، لحرمت على ربيعة ومضر ، ولو

__________________

(١) ع : لأنهم.

(٢) ك : بأن.

(٣) أ : بالحاء.

(٤) ينظر : الغريبين ٢ / ٤٤١ من غير نسبة.

(٥) ينظر : تفسير الطبري ٧ / ٢٨٦ ، وتفسير الخازن ٢ / ٥٥٢ ، والدر المنثور ٤ / ٥٧٦. هو أبو محمد عبد الله بن الحارث بن نوفل ، ابن عم النبي عليه‌السلام ، يلقب ب (ببّة) ، تابعي ، توفي سنة أربع وثمانين ، وقيل غير ذلك. ينظر : نسب قريش ٣٠ و ٣١ ، ومولد العلماء ووفياتهم ١ / ٢٠٩ ، والعقد الثمين ٥ / ١٢٨.

(٦) أ : الصنوبه.

(٧) ينظر : تفسير الطبري ٧ / ٢٨٦ ، وتفسير ابن كثير ٤ / ٤٠٧ ، وتفسير الخازن ٢ / ٥٥٢ ، والدر المنثور ٤ / ٥٧٦.

(٨) (بن الحارث. والصنوبر ، ... والغرائر ، والحبال ، عن) ساقطة من ك.

(٩) ينظر : تفسير الطبري ٧ / ٢٨٦ ، وتفسير ابن كثير ٤ / ٤٠٧ ، وتفسير الخازن ٢ / ٥٥٢ ، وتفسير القرطبي ٩ / ٢٥٣ عن ابن عباس. وابن زيد هو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، مولى عمر بن الخطاب ، توفي سنة ٨٢ ه‍. ينظر : التاريخ الكبير للبخاري ٥ / ٢٨٤ ، وطبقات المفسرين للداودي ١ / ٢٧١ ، ونيل السائرين ٢٢.

(١٠) الأصول المخطوطة : به.

(١١) تفسير البيضاوي ٣ / ١٧٥

(١٢) (إلا على آل نبينا ، ولو كانت محرمة) ، ساقطة من أ.

١٤٣

كانت محرمة على آل يعقوب لكانت محرمة على [بني](١) إسرائيل اليوم. (٢)

٨٩ ـ (هَلْ عَلِمْتُمْ) : على (١٧٠ ظ) سبيل العتاب ؛ لئلا يعتقدوا أن لا ملام عليهم في الحقيقة ، أو ليفيدهم طهارة بالندامة والخجل عند العتاب ، وإنّما ذكر جهلهم ليمهّد لهم عذرا ، فلا يخافوا كلّ الخوف ، كقوله : (يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ) [النساء : ١٧] ، وأراد : علمتم قبح صنيعكم (٣) ، فكأنه يقول : هل تبين؟ هل وضح لكم قبح ما صنعتم بيوسف وأخيه إذ (٤) كنتم جاهلين؟ فالعامل في إذ صنيعهم (٥). أما صنيعهم بيوسف فظاهر ، وصنيعهم بأخيه : سلبهم أخاه ، وتركه فردا وحيدا (٦) ، وتركهم إياه عند يوسف متهما بالسرقة من غير بينة واعتراف ، إذ أبيتم أن تقولوا : أنت أمرت بدس الصاع في رحله ، كما أمرت بدس بضاعتنا في رحالنا أول مرة.

(أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي) : زاد الجواب ؛ لئلا يفرد نفسه بالثناء عليها ، فيتداخله العجب ، فيرده من حيّز الشكر إلى حيز الفقر.

٩١ ـ (آثَرَكَ) : اختارك.

(لَخاطِئِينَ) : آثمين ، من الخطأ ، والخطيئة : الإثم وتعمد الخطأ.

٩٢ ـ (لا تَثْرِيبَ) : لا تقريع وتعذير الذنوب.

٩٣ ـ (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي) : قيل : كان القميص من كسوة الجنة ، كساه الله إبراهيم ، وإبراهيم إسحق ، وإسحاق يعقوب ، تمّ طيّه في قصبة ، وعلقها (٧) من يوسف عليه‌السلام. (٨) وقيل : هذا القميص الذي قدّ من دبر جعله الله آية له ، ومعجزة على صدق دعواه.

(يَأْتِ بَصِيراً) : يعود كما كان لا بياض في مقلته.

٩٤ ـ (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ) : إنّما وجد لرفع الله الابتلاء ، وكشفه حجب الفراق ، وتعويضه منها أسباب الوصال. قال النبي عليه‌السلام : «إن لربكم نفحات في أيام دهركم ، فتعرضوا لها ، فعسى أن تدرككم ، فلا تشقون (٩) أبدا». (١٠)

__________________

(١) سواد في الأصل.

(٢) ينظر : الكشاف ٢ / ٤٧١ ، والمحرر الوجيز ٨ / ٦٣ ، وعزاه لسفيان بن عيينة.

(٣) الأصل وك وأ : صنيعهم.

(٤) أ : إن.

(٥) ك : صنعهم.

(٦) ك : وحيد.

(٧) أ : كساه الله إبراهيم وإسحاق ويعقوب ، ثم طيه وعلقها.

(٨) ينظر : تفسير الخازن ٢ / ٥٥٤ ، وتفسير البغوي ٣ / ٤١٣ ، والبحر المديد ٣ / ٣٠٤ ـ ٣٠٥ ، وتفسير النسفي ٢ / ١٣٣.

(٩) الأصول المخطوطة : تشقوا.

(١٠) أخرجه من رواية محمد بن مسلمة الطبراني في الكبير ١٩ / (٥١٩) ، وفي الأوسط (٢٨٥٦) و (٦٢٤٣) ، وفي مجمع الزوائد (١٧٧١٣) قال الهيثمي : فيه من لم أعرفه. وهو حديث ضعيف كما قال المحقق.

١٤٤

(تُفَنِّدُونِ) : نسبة إلى الفند ، وهو الخرف (١) ، وضعف الرأي ، فكأنّه يقول : إني لأفندكم علما بوجودي ريح يوسف لو لا تفنيدكم إياي ؛ وذلك لامتناع وقوع العلم لهم بصدق مخبره بعد تفنيدهم إياه.

٩٥ ـ (إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ) : قول أولاده أولاده ، ضللوه مثل آبائهم من قبل.

(الْقَدِيمِ) : المقدم كونه.

٩٦ ـ (جاءَ الْبَشِيرُ) : هو الذي كان ابتدأ بقوله : (فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ) [يوسف : ١٧] ، وبقوله : (إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ) [يوسف : ٨١]. وقيل : هو الذي كان تخلف بأرض مصر ، وقال : (فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ) [يوسف : ٨٠].

٩٨ ـ (٢) عجّل يوسف الاستغفار عند اعترافهم ، وأرجأ (٣) يعقوب استغفارهم بسوف عند مطالبتهم إياه به ؛ لانتفاع من المصلحة ، وهذا مثل في وقار المشايخ.

٩٩ ـ دخلوا عليه في ناحيته ومعسكره ، وكان قد استقبلهم في الطريق (١٧١ و) واستقبلهم (٤) فرعون كذلك إكراما ليوسف.

والمراد بأبويه : أبوه ، وخالته ، وهي بعض إخوته ، ولفظة : (ادْخُلُوا)، على معنى الخبر ، كقول الشاعر (٥) [من الوافر] :

لدوا للموت وابنوا للخراب

 ...

ولذلك دخله الاستثناء. وقيل : الاستثناء للأمن لا للدخول. (٦)

(آمِنِينَ) : نصب على الحال ، وذكر الأمن لئلا يظن إخوته أنهم يكونون في مصر كالأسارى والأرقاء.

١٠٠ ـ (أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ) : ذكر السجن ، ولم يذكر البئر ؛ لأن البئر كانت سجنا كذلك ، فالاسم مشتمل عليهما. وقيل : لئلا يخجل إخوته. (٧)

(مِنَ الْبَدْوِ) : البادية.

__________________

(١) ع : الخوف.

(٢) قوله تعالى : (قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي)

(٣) ك : رجا.

(٤) ساقطة من ع.

(٥) لأكثر من شاعر منهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وأبو العتاهية ، وصفي الدين الحلي ، ومطلعه عند علي بن أبي طالب هو : له ملك كل يوم ينادي ... ، وعجزه عند أبي العتاهية : ... فكلّكم يصير إلى الذهاب.

(٦) ينظر : تفسير الخازن ٢ / ٥٥٦ ، وتفسير البغوي ٣ / ٤١٧ ، وتفسير البيضاوي ٣ / ١٧٧ ، وحاشية زاده ٥ / ٧٩.

(٧) ينظر : تفسير الخازن ٢ / ٥٥٧ ، واللباب في علوم الكتاب ١١ / ٢١٦ ـ ٢١٧ ، والبحر المديد ٣ / ٣٠٨ ، وتيسير التفسير ٦ / ٢٢٩.

١٤٥

(لَطِيفٌ) : ملطف لما يشاء من الأعمال. وقيل : رفيق العمل (١) لما يشاء. (٢)

١٠١ ـ قوله (٣) : (آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) : اعتراف بالنعمة ، وسكن للمنعم.

وقوله : (أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) : توكل على الله ، وانقطاع إليه.

وقوله : (تَوَفَّنِي مُسْلِماً) : تقرب إلى الله بسؤال ما أوجبه الله له حتما ؛ ليكون الواجب موجودا على سبيل الاختيار دون الاضطرار (٤).

١٠٢ ـ (لَدَيْهِمْ) : عند إخوة يوسف عليه‌السلام.

١٠٣ ـ (وَما أَكْثَرُ النَّاسِ) : تعزية للنبي عليه‌السلام.

١٠٥ ـ (يَمُرُّونَ عَلَيْها) : المرور على الشيء وبالشيء واحد وهو الطواف ، والمراد به مشاهدة هذه للآيات.

١٠٦ ـ (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ) : إيمان باللسان ، وأهل الملك يوحدون الله بألسنتهم ، ثم يشركون في المقدمة (٥).

١٠٨ ـ (هذِهِ) : إشارة إلى السبيل ، أي : هذه السبيل سبيلي ، وهي الملّة الحنيفية.

(عَلى بَصِيرَةٍ) : بيان ويقين.

١٠٨ ـ (وَمَنِ اتَّبَعَنِي) : خلفاؤه ، والأئمة المهديّون ، والعلماء الراسخون ، والمؤمنون.

(وَسُبْحانَ اللهِ) : من أن يشاركه شريك ، أو (٦) يزاحمه مليك.

١٠٩ ـ (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي) : نزلت لنفي تعجبهم من نبوة نبينا عليه‌السلام متوهمين أن النبي عليه‌السلام لا يكون بشرا ، أو لا يسكن فيما بين العشيرة والأهل ، وليس في الآية امتناع ذلك.

١١٠ ـ (وَظَنُّوا) أي : المنافقين والكفار بأن الرسل قد كذبوا فيما وعدوا ، أو ظن الرسل بأنّ أصحابهم كذّبوهم في إظهار الموالاة.

__________________

(١) ك : القلب.

(٢) ينظر : النهاية في غريب الحديث ٤ / ٢٥١ ، ولسان العرب ٩ / ٣١٦.

(٣) أ : وقوله.

(٤) أ : الإطرار.

(٥) الأصول المخطوطة : القديمة ، وما أثبت في حاشية الأصل.

(٦) ع : زيادة أن بعد أو.

١٤٦

سورة الرعد

مكية. (١) وعن قتادة : مدنية. (٢) وعن الحسن : مدنية إلا آيتين : (وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا ...) [الرعد : ٣١] ، (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ ...) [الرعد : ٣١]. (٣) الكلبي : مكية (٤) إلا آية نزلت في عبد الله بن سلام (٥) ، وقوله : (١٧١ ظ) (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً) [الرعد : ٤٣]. (٦)

وهي أربع وأربعون آية حجازيّ. (٧)

بسم الله الرّحمن الرّحيم

١ ـ قوله : (وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ) : رفع بالابتداء ، و [خبره](٨)(الْحَقُّ) : ثم الجملة عطف على الجملة الأولى. وقيل : خفض بالعطف على الكتاب ، و (الْحَقُّ) : خبر مبتدأ محذوف ، أي : ذلك الحقّ. (٩)

٢ ـ (بِغَيْرِ عَمَدٍ) : جمع عماد ، كأهبة وإهاب على سبيل الخلقة والطبيعة. وقيل : على سبيل القهر والحبس (١٠). وقيل : بعمد لا ترونها ؛ (١١) لأنّ الفتق بالرياح ، وهي أجسام غير ملونة.

(لِأَجَلٍ مُسَمًّى) : يوم القيامة. وقيل : وقت الغروب ، (١٢) وكذلك قوله : (وَالشَّمْسُ

__________________

(١) قول ابن عباس ومجاهد وغيرهما. ينظر : البيان في عد آي القرآن ١٦٩ ، والمحرر الوجيز ٨ / ١٠٧ ، والإتقان ١ / ٤٢.

(٢) ينظر : زاد المسير ٤ / ٢٣٠ ، والمحرر الوجيز ٨ / ١٠٨ ، واللباب في علوم الكتاب ١١ / ٢٣٤.

(٣) جاء في زاد المسير ٤ / ٢٣٠ ، وفتح القدير ٣ / ٨٧ عن الحسن : أنها مكية ، وجاء هذا القول في فتح القدير ٣ / ٨٧ مرويا عن ابن عباس وقتادة.

(٤) ساقطة من ك.

(٥) أبو يوسف عبد الله بن سلام بن الحارث ، الإسرائيلي ، من بني قينقاع ، الحبر ، توفي بالمدينة المنورة سنة ثلاث وأربعين. ينظر : التعديل والتجريح ٢ / ٨٠٨ ، ومشاهير علماء الأمصار ١ / ١٦ وإسعاف المبطأ ١٦.

(٦) جاء في اللباب في علوم الكتاب ١١ / ٢٣٤ أنّ الكلبي قال : هي مدنية.

(٧) وعدد آياتها في العد الكوفي ثلاث وأربعون ، والبصري خمس وأربعون ، والشامي سبع وأربعون. ينظر : البيان في عد آي القرآن ١٦٩ ، وفنون الأفنان ١٣٧ ، وجمال القراء ٢ / ٥٢٧ ، ومنار الهدى ٤٠٢.

(٨) أدرجت هذه الكلمة لضرورة إتمام المعنى. ينظر : معاني القرآن للفراء ٢ / ٥٧ ـ ٥٨ ، وفتح القدير ٣ / ٨٨.

(٩) ينظر : معاني القرآن للفراء ٢ / ٥٧.

(١٠) ينظر : المحكم والمحيط الأعظم ٢ / ٣٦.

(١١) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير ٧ / ٢٢١٦ عن ابن عباس ومجاهد ، وينظر : المحرر الوجيز ٨ / ١١٠ ، والبحر المحيط ٥ / ٣٥٩.

(١٢) هذا القول يشير إلى حديث أبي ذر الذي يروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم له حين غربت الشمس :((تدري أين تذهب؟)) قلت : الله ورسوله أعلم ، قال :((فإنها تذهب إلى حيث تسجد تحت العرش ، فتستأذن ، فيؤذن لها ، ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها ، وتستأذن فلا يؤذن لها ، يقال لها : ارجعي من حيث جئت ، فتطلع من مغربها)) ، فذلك قوله تعالى : (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ) الْعَلِيمِ [يس : ٣٨]. أخرجه البخاري في صحيحه (٣١٩٩ وغيره) ومسلم في صحيحه (١٥٩). وينظر : تفسير القرطبي ١٥ / ٢٧ ـ ٢٨.

١٤٧

تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها) [يس : ٣٨].

٣ ـ (رَواسِيَ) : هي الجبال الرّاسية ، جعلها الله تعالى للأرض كالأوتاد ، فهي من السهلة بمنزلة العصب ، والعظم من اللحم ؛ ليعتمد الرخو الصلب ، فلا تنحلّ ، والصعيد والأرض يتناول السهل والجبل.

(زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) : الذكر والأنثى.

إن كان المراد بالثمرات ثمرات النفوس ، والمتشابهات : المتجانسات. وإن كان ثمرات النبات ، ووجه التأكيد : نفي التوحيد ، كما في قوله : (لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ) [النحل : ٥١]. ويحتمل : أنّ المراد بالزوجين اثنين : الرطب واليابس ، أو الجيد والرديء ، أو المستطاب والمستبشع ، أو الربعيّ والحرفيّ ، أو ما يصلح للناس والدواب.

٤ ـ (قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ) : عرصات متلاصقات ، وفائدتها : الامتنان ، أو التنبيه على لطف الصّنعة في المخالفة مع طبائعها ، مع قرب المجاورة في حقّ الطوالع والغوارب ، والرياح والأمطار.

(صِنْوانٌ) : جمع صنو : مثلها النابت من أصلها. والفائدة في ذكر الصنوان ، وغير الصنوان الامتنان بالنوعين ، أو التنبيه على أنّ الفرع معدوم وموهوم ، أو مظنون.

٥ ـ (وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ) : عجبوا لبعده عن قياس العقل.

(أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) : أي : إنّا لنبعث في خلقة جديدة.

(أُولئِكَ) : إشارة إلى المتعجبين.

(الْأَغْلالُ) : جمع غلّ ، وهو طوق أسر وصغار ، والمراد به الذنوب ، والذي أعدّ لهم من أغلال النار في دار القرار.

٦ ـ (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ) : بإكفار قبل الإيمان لمن قدّر له الإيمان ، وقبل امتياز الخبيث من الطيب ، وليس ذلك من سنة الله (١٧٢ و) تعالى ؛ لأنّه (١)(قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ) والأشباه ، والنظائر ، (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً) [الأحزاب : ٦٢] ؛ لأنّ الأمم لم يهلكوا إلا بعد امتيازهم من المؤمنين.

عن ابن المسيب (٢) قال : لّما نزلت (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ ...) الآية ، قال عليه‌السلام :

__________________

(١) ساقطة من ع.

(٢) أبو محمد سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب المخزومي القرشي ، سيد التابعين ، توفي سنة ٩٤ ه‍. ينظر : المعارف ٤٣٧ ، وتهذيب الكمال ١١ / ٦٦ ، والعبر في خبر من غبر ١ / ٨٢.

١٤٨

«لو لا عفو الله ، وتجاوزه ما هنّأ (١) أحدا عيش ، ولو لا وعيده وعقابه لا تّكل كلّ أحد (٢)» (٣).

٧ ـ (لَوْ لا أُنْزِلَ (٤)) : آية (٥) ملجئة من الله (٦).

(إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ) : قال قتادة : إنّما أنت منذر وهاد لكلّ قوم ، ولست بملجئ قاهر. وقال مجاهد : إنّما أنت منذر ، ولست بملجئ ولا قاهر.

(وَلِكُلِّ قَوْمٍ) : فيما مضى كان هاد ومنذر مثلك. وقيل : إنّما أنت منذر ، ولست بقادر على إنزال الآيات ، وخلق الهداية فيهم. ولكل قوم هاد واحد لا ثاني له. (٧)

اتصال ما بعدها بها من حيث تكرار التعريف ، والتنبيه على التوحيد.

٨ ـ (ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى) : ماهية وكيفية.

(وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ)(٨) : كمية وتغيّر.

(وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ) : دليل أنّ الكمية متناهية إلى المقدار.

٩ ـ (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) : قيل : خمس لا يعلمها إلا الله ، وهو قوله : (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) الآية [لقمان : ٣٤]. (٩)

١٠ ـ (سارِبٌ)(١٠) : خارج ، يقال : ضلّ سربه ، أي : طريقه.

١١ ـ (لَهُ) : عائد إلى الرجلين ، ممّن أسرّ القول ، أو جهر ، أو من استخفى بالليل وسرب بالنهار.

(مُعَقِّباتٌ) : جماعات من الملائكة تعقب جماعة جماعة ، وتعقيب بعضهم بعضا.

__________________

(١) بياض في أ.

(٢) الأصل وع وأ : واحد. ينظر : كتب التخريج.

(٣) ينظر : تفسير ابن أبي حاتم (١٢١٤٥) ، وتفسير القرطبي ٩ / ٢٨٥ ، والمغني عن حمل الأسفار (تخريج أحاديث إحياء علوم الدين) ٤ / ١٨١.

(٤) ك : (لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ).

(٥) أ : أي.

(٦) ك وع وأ : من ربه.

(٧) ينظر : التفسير الكبير ٧ / ١٤ ، واللباب في علوم الكتاب ١١ / ٢٥٨.

(٨) الأصل وع وأ : حذفت كلمة ما من الآية.

(٩) وهذا القول يدل عليه الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام أحمد في المسند (٤٧٦٦) ، والبخاري في صحيحه (١٠٣٩) ، والبغوي في شرح السنة (١١٧٠) عن عبد الله بن عمر.

(١٠) ك : (وَسارِبٌ).

١٤٩

(يَحْفَظُونَهُ) : على الحالة الرضية. وعن الحسن : معقبات أمراء وولاة. (١) وقيل : كلمات الأمن والعافية. (٢)

(مِنْ أَمْرِ اللهِ) : بأمر الله لا يغيّر (٣) ما اقترن بقوم من الثواب العاجل بالعقاب العاجل حتى يغيّروه بتغيير ما أسلفوه وقدّموه ؛ وذلك (٤) لسبق رحمته ، ولو شاء لابتدأ الشرّ غير ظالم ، ولا استلب الخير غير جائر.

١٢ ـ (خَوْفاً وَطَمَعاً) : منصوبان على أنّه مفعول لهما ، فالخوف خوف المسافرين والنازلين في مجاز السبيل ، ومهابط (٥) الصواعق ، والطمع طمع أصحاب الزروع ، ورائدي (٦) الكلأ.

(وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ) : قيل : السحاب : شيء متركب من غبار البر ، وبخار البحر ، فيلبد في الجو ، ومن طبعه إلا أن (٧) الحرارة المنعكسة. وقيل : الريح بعينها تنكدر ، وتتلبّد في البعاد من الجو ؛ لبعدها عن حرارة الشمس ، وإنّما يكون هذا في النواحي الجنوبيّة ، والشمس في البروج الشامية حينئذ ، والزمان (١٧٢ ظ) قيظ ، ثم إذا جاوزت الشمس نقطة الاعتدال الميزاني الخريفي ، وانحدرت إلى البروج الجنوبيّة أثارت بحرارتها ما تكدّرت هناك ، وساقته إلى نحو الشمال.

١٣ ـ (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ) : وقيل : الرعد (٨) : اسم ملك. (٩) وقيل : صوت ملك يزجر السحاب ، (١٠) وهي اضطراب الرياح واضطرامها. وقيل : هي زفرات الشياطين في الهواء.

__________________

(١) مروي عن ابن عباس وعكرمة ، ينظر : وتفسير الطبري ٧ / ٣٥٢ ، وتفسير ابن أبي حاتم ٧ / ٢٢٣٠ ، ومعاني القرآن الكريم للنحاس ٣ / ٤٧٨ ، وتفسير القرطبي ٩ / ٢٩٢ ـ ٢٩٣.

(٢) لعل هذا القول يشير إلى حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن عثمان بن عفان رضي الله عنه عند ما دخل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال يا رسول الله أخبرني عن العبد كم معه من ملك؟ فقال : ملك على يمينك على حسناتك ، وهو أمير على الذي على الشمال ، فإذا عملت حسنة كتبت عشرا وإذا عملت سيئة قال الذي على الشمال للذي على اليمين : اكتبها؟ قال : لا ، لعله يستغفر الله ويتوب ، فيستأذنه ثلاث مرات فإذا قال ثلاثا ، قال : اكتبها ، ... فيكون الاستغفار هو كلمات الأمن والعافية. ينظر : الزهد لهناد ٢ / ٤٦٢ ، وتفسير ابن كثير ٢ / ٦٦٢ ، وتفسير القرطبي ٩ / ٢٩٣ ، عن أبي أمامة بمعناه.

(٣) ساقطة من ك.

(٤) الأصول المخطوطة : لذلك.

(٥) أ : ومنها.

(٦) ك : الزرع وأيدي.

(٧) (طبعه) ساقطة من ك ، (وإلا أن) بدلا منها (الآن).

(٨) أ : اسم الرعد.

(٩) ينظر : التفسير الكبير ٧ / ٢٢ ، وتفسير القرطبي ٩ / ٢٩٦.

(١٠) ينظر : التفسير الكبير ٧ / ٢٢.

١٥٠

(الْمِحالِ) : الحوال (١) ، والحيلة. والميم عند الأزهريّ أصليّة ، (٢) وعند القتيبيّ (٣) غير أصليّة. (٤)

١٤ ـ (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ) : العبادة.

كان النبيّ عليه‌السلام يقول إذا سجد : «سجد وجهي للذي خلقه ، وشقّ سمعه وبصره» (٥). وكان داود عليه‌السلام يقول : سجد وجهي متعفّرا في التراب لخالقي ، وحقّ له (٦).

(كَباسِطِ كَفَّيْهِ) أي : الداعي كباسط كفّيه. وقال الفراء : هو الظمآن المشرف على الماء في البئر يدعوه بيديه ، وليس معه آلة الاستقاء. (٧) وقال مجاهد : هو الذي يدعو الماء بلسانه ، ويشير إليه بيديه. (٨) ويحتمل : أنّه الذي يعتمد بكفيه على الماء ليبلغ فاه ، فلا يتمّ له المقصود ؛ لتعذّر الاعتماد. ويحتمل : أنّه الذي شلّت يده مبسوطة لا تنقبض عند الاغتراف.

١٥ ـ (يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : بمعنى الطاعة والانقياد. عن الأحنف بن قيس (٩) قال : مررت برجل يصلي ، يكثر السجود ، قلت : يا عبد الله ، على شفع انصرفت أم على وتر؟ فقال : إن أك لا أدري فالله يدري ، ثم حدّثني حبيبي أبو القاسم صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أنّه ليس عبد يسجد لله سجدة إلا كتب الله له بها حسنة ، ورفع بها درجة ، وحطّ عنه بها سيئة». قال : قلت : من أنت يا عبد الله؟ قال : أبو ذر (١٠) صاحب رسول الله ، فتقاصرت إليّ نفسي. (١١)

__________________

(١) ساقطة من أ.

(٢) ينظر : تهذيب اللغة ٤ / ٣٣٥٣. والأزهري هو أبو منصور محمد بن أحمد بن الأزهر الأزهري الشافعي ، إمام في اللغة ، توفي سنة ٣٧٠ ه‍. ينظر : معجم الأدباء ١٧ / ١٦٤ ، تذكرة الحفاظ للذهبي ٣ / ٩٦٠ ، وطبقات الشافعية ١ / ٣٥.

(٣) أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري ، النحوي اللغوي ، توفي سنة ٢٦٧ ه‍. ينظر : المؤتلف والمختلف ١١٣ ، وسير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٩٦ ، وبغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة ٢ / ٦٣.

(٤) ينظر : أدب الكاتب ٤٩٤ ، وتهذيب اللغة ٤ / ٣٣٥٣ ، ومعجم مفردات ألفاظ القرآن ٤٨٤.

(٥) جزء من حديث لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ، أخرجه : أحمد في المسند ٦ / ٣٠ و ٢١٧ و ... ، ومسلم في صحيحه (٧٧١) ، وابن خزيمة في صحيحه (٤٦٣) ، وابن تيمية في الكلم الطيب ٣٨.

(٦) ساقطة من أ. وهذا القول لداود عليه‌السلام أخرجه ابن أبي شيبة ٢ / ٢١ من رواية قيس بن السكن الأسدي قال : وبلغني أن ... ، والدر المنثور ٣ / ٦٤٠.

(٧) ينظر : معاني القرآن للفراء ٢ / ٦٤٠.

(٨) ينظر : تفسير مجاهد ٣٢٦.

(٩) أبو بحر الأحنف بن قيس بن معاوية بن حصين التميمي ، اسمه الضحاك ، وقيل : صخر ، أحد من يضرب بحلمه وسؤدده المثل ، توفي ٦٧ ه‍ ، وقيل غير ذلك. ينظر : طبقات خليفة ١٩٥ ، ومعرفة الصحابة ٣ / ٣٩ ، وتحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل ٢٢.

(١٠) جندب بن جنادة ، وقيل : جندب بن السكن ، وقيل غير ذلك ، أحد السابقين الأولين للإسلام ، توفي سنة ٣٢ ه‍. ينظر : معجم الصحابة ١ / ١٣٥ ، وأسماء من يعرف بكنيته ٤٢ ، ورجال صحيح البخاري ١ / ١٤٦.

(١١) ساقطة من أ.

١٥١

١٦ ـ فائدة قوله : (قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : الإفحام. وفائدة الإتيان بالجواب هو الإثبات بعد الزوال ، أو بمعنى الاستفهام ، وهو متّصل بما مضى.

(شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ) : أي : خالقين مثله.

(فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ) : أي : التبس عليهم أقسام المخلوقات ، فأوجب ذلك الالتباس عبادتهم ، وإشراكهم بالله.

(قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) : أخبرنا من طريق الوحي : أنّه خالق الظلمات والنور ، والمنافع والمضارّ ، والخير والشرّ ، والحسن والقبيح ، والصامت والناطق ، وهو خالق أفعال العباد من الطاعة (١) والمعصية ، (١٧٣ و) والمباح والمضطرّ إليه ، وما يخطر ببالهم ، لا خالق على سبيل الابتداء والإيجاد إلا هو الله (٢) الواحد القهّار.

١٧ ـ (أَوْدِيَةٌ) : جمع واد ، كناد وأندية.

(بِقَدَرِها)(٣) : بمقدارها الذي يسعه ، ويحتمله.

(السَّيْلُ) : ما يسيل من الماء فوق عادته.

(زَبَداً رابِياً) : فالزّبد : ما يجتمع على وجه الماء (٤) من الوسخ والدرن. والربوّ : النموّ ، ونما الزبد بانتفاخه وطفوه.

(وَمِمَّا يُوقِدُونَ (٥) عَلَيْهِ فِي النَّارِ) : واو الاستئناف ، أي : ومن الأشياء التي يذيبونها بالنار ؛ ليتّخذوا منها حليّا وأمتعة زبدا مثل : زبد الهليل.

(كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ) : أي : المثل الحقّ ، والمثل الباطل.

(فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً) : أي : كلّ واحد من الزبدين يزول على وجه ما تريد عليه متلاشيا ، فيصفوا ما تحته ، كما تصحو السماء إذا انقشع عنها الغيم.

__________________

(١) ع : الطاغية.

(٢) لفظ الجلالة في ك غير موجود.

(٣) ك : مقدارها.

(٤) (فوق عادته ... وجه الماء) ، ساقطة من أ.

(٥) ع وك : (توقدون) على قراءة ابن عامر ونافع وعاصم من رواية أبي بكر ، ينظر : السبعة ٣٥٨ ، والتذكرة في القراءات ٣١٨ ، والرموز ومفتاح الكنوز في القراءات الأربع عشرة ٤٦٩.

١٥٢

قال أبو عمرو بن العلاء (١) : أجفأت القدر ، إذا غلت فعلاها الزبد ، فإذا سكنت لم يبق منه شيء. (٢) وقال أبو عبيد الهروي (٣) : جفا الوادي ، وأجفأ : إذا ألقى غثاء على جانبيه ، وأجفأت القدر : إذا ألقت زبدها. (٤)

(فَيَمْكُثُ) : فيلبث.

هذا هو المثل المضروب للحق والباطل ، فالماء المنزّل مثل القرآن والوحي والإلهام والرؤيا النبويّة ، والأودية مثل القلوب من هذه العلوم ، مقدار ما تسعه ، والسيل مثل العلم الحاصل من هذه الجهات ، وزبده مثل ما يلقي الشيطان في الأمنية ، أو يوسوس في التأويل ، وما يذوب على النار من جواهر الحليّ والأمتعة مثل العلم المكتسب بالقرائح ، وإعمال الفكر في الاعتبار والاجتهاد ، وزبده هواجس النفس الأمّارة بالسوء (فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ) [الحج : ٥٢] ، ويهدي الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه ، ويبطل الآراء المدخولة بالرأي المتين الحنيفيّ ؛ ليتمّ نوره ولو كره الكافرون.

٢٥ ـ (لَهُمُ اللَّعْنَةُ) : عليهم اللعنة ، و (اللام) مكان (على). ويحتمل : أنّ اللام لازدواج الكلام ، واعتبار قوله : (لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ) [الرعد : ٢٢]. ويحتمل : أنّ المراد به : حظّهم ونصيبهم ونعمتهم ، وهذه الأشياء تضاف باللام.

٢٦ ـ (يَبْسُطُ الرِّزْقَ) : يعطي الفضل.

(وَيَقْدِرُ) : يعطي ما لا يكفي الأقلّ منه في الآخرة في قياس الآخرة ، وإضافتها إليها.

٢٧ ـ وجه الجواب في قوله : (إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ ...) الآية ، وهو أنّ إنزال الآية الملجئة المسخرة (١٧٣ ظ) غير واجب عليه ، فإنّ له أن يضلّ من يشاء بالخذلان واللبس ، ويوفّق للهداية إلى دينه من وفّقه الإنابة إلى الاعتبار الصالح أول مرة.

٢٨ ـ (الَّذِينَ آمَنُوا) : في محلّ الرفع.

(أَلا بِذِكْرِ) : عارض.

__________________

(١) أبو عمرو زبان بن العلاء بن عمار بن العريان التميمي ، شيخ القراء والعربية ، توفي سنة ١٥٧ ه‍. ينظر : أخبار النحويين البصريين ٢٢ ، ومعرفة القراء الكبار ١ / ١٠٠ ، والبلغة ٨١.

(٢) ينظر : مجاز القرآن لأبي عبيدة ١ / ٣٢٩ ، والطبري ٧ / ٣٧٢ ، ومعاني القرآن الكريم للنحاس ٣ / ٤٨٩.

(٣) القاسم بن سلام البغدادي ، اللغوي الفقيه المحدث ، توفي سنة ٢٢٤ ه‍. ينظر : مراتب النحويين ٩٣ ، والفهرست ٧٨ ، والبلغة ١٨٦ ، والمزهر ٢ / ٤١١.

(٤) ينظر : الغريبين في القرآن والحديث ١ / ٣٤٧.

١٥٣

٢٩ ـ (الَّذِينَ آمَنُوا) : بدل من المبتدأ الأوّل (١) ، والخبر قوله : (طُوبى لَهُمْ)، ويحتمل : أن يكون الأوّل في محلّ النصب ؛ لوقوع الهداية عليه بدلا عن قوله : (مَنْ أَنابَ) [الرعد : ٢٧] ، واطمئنان القلب بذكر الله أن يسأم ذكر غيره.

(طُوبى) : اسم على وزن فعلى ، وهو اسم جامع لكل ما يستطاب ، فكأنّها الحياة (٢) الطيبة بروح الاتحاد. وقيل : هي شجرة الخلد أصلها في دار نبيّنا عليه‌السلام ، ولا دار في الجنّة إلا وفيها غصن منها ، فهي تثمر ما يشاؤون فيها.

٣٠ ـ (كَذلِكَ) : إشارة إلى قوله : (أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ) [الرعد : ١٧] ، أو إلى قوله : (قُلْ إِنَّ اللهَ يُضِلُ) [الرعد : ٢٧] ، ويحتمل : إلى ما بعده من البيان والكيفيّة ، أي : كما تقول وتبيّن.

(يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ) : بالله تعالى. وقيل : هو إنكارهم تسمّيه ، وإلحادهم إلى كذّاب اليمامة. (٣)

٣١ ـ (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً) : جواب متقدم ، والفعل المشروط مضمر ، اكتفاء بدلالة الاسم عليه ، تقديره : وهم يكفرون بالرحمن ، ولو أنّ قرآنا موصوفا بهذه الصفات (٤) أنزل عليهم. فالقرآن دالّ على الإنزال ، مجازه : أنّهم يكفرون بالرحمن (٥) ، ويصرّون على كفرهم ، وإن أنزل إليهم قرآن موصوف بهذه الصفات. وكذلك قوله : (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ (٩٦) وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ) [يونس : ٩٦ ـ ٩٧]. وقيل : جواب لو محذوف ، (٦) تقديره : ولو أنّ قرآنا موصوفا بهذه الصفات قرئ عليهم ، آمنوا على سبيل الإلجاء ، ولم يك ينفعهم إيمانهم. ويحتمل : أنّ الكفار قالوا قبل النزول (٧) على سبيل الاقتراح : ولو أنّ قرآنا كذا

__________________

(١) ساقطة من ك.

(٢) أ : الحيرة.

(٣) جاء في زاد المسير ٤ / ٢٥٢ ، وتفسير البغوي ٣ / ٤٥١ ، التفسير الكبير ٧ / ٤١ ، وغيرها : أنهم لما أرادوا كتاب صلح الحديبية كتب عليّ رضي الله عنه : بسم الله الرحمن الرحيم ، فقال سهيل بن عمرو : ما نعرف الرحمن إلا مسيلمة. وعزوه إلى قتادة وابن جريج ومقاتل. وهذا لمن قال : إن الآية مدنية ، أما من قال : إن الآية مكية ، فجعل سبب نزولها هو : أن أبا جهل سمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو في الحجر يدعو يا الله ، ويدعو يا رحمن ، فرجع إلى المشركين وقال : إن محمدا يدعو إلهين : يدعو الله ويدعو الرحمن إلها آخر يسمى الرحمن ولا نعرف إلا رحمن اليمامة.

(٤) ساقطة من أ.

(٥) ع : محذوفة.

(٦) ينظر : معاني القرآن للفراء ٢ / ٦٣ ، وإعراب القرآن للنحاس ٢ / ١٧٢ ، وكشف المشكلات وإيضاح المعضلات ١ / ٥٥٨.

(٧) ك : الزوال.

١٥٤

وكذا أنزل علينا لآمنّا ، أو كان المؤمنون قالوا على سبيل الاشتهاء والحرص : لو أنّ قرآنا كذا وكذا أنزل إلى (١) هؤلاء المشركين لآمنوا.

(سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ) : نحّيت عن مواضعها لبرز ما تحت الأرض.

(أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ) : السير فيها على غير العادة ، والتشديد للتكثير والتّكرار. وقيل : تفجير الينابيع والقنوات والأنهار فيها.

(أَفَلَمْ يَيْأَسِ) : أفلم يعلم؟ وقال الفراء : أفلم يقنط؟ (٢)

(قارِعَةٌ) (١٧٤ و) : مصيبة وداهية ، مثل : يوم بدر ، وهلاك المستهزئين والقحط.

(أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ) : بدر الصغرى ، وافتتاح خيبر وفدك ، وغزوة المريسيع والحديبية ، ونحوها.

(وَعْدُ اللهِ) : فتح مكّة.

ويحتمل : أنّ المراد بالقوارع : إغارة خالد بن الوليد (٣) ، والمثنى بن حارثة (٤) ، وسعد بن أبي وقاص (٥) على تخوم أرض العجم ، وإغارة خالد (٦) ، وأبي عبيدة بن الجراح وغيرهما على أطراف نواحي الروم ، وإغارة سائر الغزاة على سائر أطراف بلاد الترك ، وحلولها قريبا من دارهم ، شحن الثغور بترتيب الجيوش فيها ، ووعد الله أن يتمّ نوره ، ويظهره على الدين كلّه ، ولو كره المشركون.

٣٣ ـ (أَفَمَنْ هُوَ) : حذف جوابه اكتفاء ؛ لأنّه يدلّ على الخبر بصفته ، تقديره : أفمن هذه صفته ، كمن ليست هذه صفته ، أو : أفمن هذه صفته خير وأحقّ بأن يعبد أم من ليست هذه صفته ، كقوله : (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ) [الزمر : ٩] بالتخفيف.

(قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) : هو تولّي كلّ نفس بتمكينه من كسب ما خلق له ،

__________________

(١) ع : على.

(٢) أنكر الفراء في كتابه معاني القرآن ٢ / ٦٣ ـ ٦٤ أن يكون يئس بمعنى علم على ما عليه كثير من أهل اللغة والتفسير ، وأنه لم يسمع أحد من العرب يقول : يئست بمعنى علمت. وينظر : البحر المحيط ٥ / ٣٩٢.

(٣) أبو سليمان خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي ، سيف الله المسلول ، توفي بحمص سنة ٢١ ه‍. ينظر : معجم الصحابة ١ / ٢٤٧ ، ورجال مسلم ١ / ١٨٢ ، وتهذيب التهذيب ٣ / ١٢٤.

(٤) المثنى بن حارثة بن سلمة الشيباني ، توفي سنة ١٤ ه‍ قبل القادسية. ينظر : مشاهير علماء الأمصار ٣٦ ، والإصابة ١ / ٣٦١ ، وموسوعة حياة الصحابة ٦ / ٣٢٦١.

(٥) أبو إسحاق سعد بن مالك بن وهيب القرشي ، أحد العشرة المبشرين بالجنة ، توفي بالعقيق سنة ٥٠ ه‍. ينظر : الكنى والأسماء ١ / ٣٣ ، وتهذيب الأسماء واللغات ١ / ٢١٣ ، وموسوعة حياة الصحابة ٣ / ١٢٤٣.

(٦) ك : خالد بن الوليد.

١٥٥

وتيسيره ، ومدّه في ذلك على سبيل التوفيق أو الخذلان.

(قُلْ سَمُّوهُمْ) : يجوز أن يكون على سبيل التهديد ، كقوله : (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) [فصلت : ٤٠] و (اسْتَفْزِزْ) [الإسراء : ٦٤] ، ويجوز أن يكون على سبيل التحدي بالتعيين ؛ لأنّ التعيين إنّما يكون بالإشارة إلى الذات ، أو إلى الفعل ، أو لتحذير الوصف ، وكانوا لا يقدرون على شيء من ذلك ؛ لأنّ إشارتهم لو وقعت إلى ذات لوقعت إلى جماد لا يستحقّ العبادة ، ولو وقعت إلى فعل لوقعت إلى أفعال الله تعالى ، وهم معترفون بذلك ، ولو قصدوا تحذيرا بالوصف لأحالوا كلامهم إلى مجهول.

(أَمْ تُنَبِّئُونَهُ) : مكان ألف الاستفهام على سبيل الإنكار ، أي : أتنبئون الله بما خفي عليه. وقيل : أم بمعنى بل ، (١) أي : بل تنبئون الله بلا شيء على سبيل الإحالة ، أم بظاهر يترتّب على أم الأولى.

٣٤ ـ (أَشَقُّ) : أكثر مشقة وعناء.

٣٥ ـ (مَثَلُ الْجَنَّةِ) : صفة الجنّة التي وعدها (٢) المتّقون.

٣٦ ـ (وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) : عن ابن عباس : أنّهم عبد الله بن سلام ، وأصحابه فرحوا بنزول تسمية الرحمن. (٣)

٣٧ ـ (وَكَذلِكَ) : إشارة (بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) والضمير عائد إلى القرآن ، وإنّما وصف بأنّه حكم لتضمنّه الأحكام.

(عَرَبِيًّا) : بلغة العرب ، وعبارتهم ، ويجوز أن يكون موصوفا (١٧٤ ظ) بأنّه عربيّ ؛ لمكان الحج والغزو والنحر والقصاص وبيعة الإمامة والأذان والخطبة وهذه الأشياء شعار العرب ، وهم معنيون ، والناس كالأتباع لهم.

٣٨ ـ (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا) : نزلت في تعجب المشركين من كون رسول الله بشرا مثلهم ، وفي تعجّبهم من تأخير العذاب ، والآيات الملجئة ، فنفى الله تعالى وجه تعجيبهم ، وأخبر بسنّته فيمن (٤) مضى من المرسلين والرسل.

واتصال قوله : (إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ)

__________________

(١) ينظر : الكشاف ٢ / ٥٠٠ ، والبحر المحيط ٦ / ٣٩٣ ، والمجيد في إعراب القرآن المجيد (١٧٨).

(٢) ع : وعد.

(٣) ينظر : زاد المسير ٤ / ٢٥٦ عن ابن عباس : أنهم مسلمو اليهود ، وعن قتادة : هم عبد الله بن سلام وأصحابه.

(٤) ك : فيما.

١٥٦

٣٩ ـ (١) والمحو والإثبات عام في الأعيان ، والأحكام كلها.

و (الكتاب) : هو ما قضى الله به من الحوادث في الأفهام أنّها تكون أو تكاد تكون ، أو لا تكاد تكون.

٣٩ ـ و (أُمُّ الْكِتابِ) : كلمة الله التي لا تبديل لها ؛ لاختصاصها بحقيقة المراد في علم الله تعالى.

٤٠ ـ (وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) : أي : إن أريناك في حياتك بعض ما نتوعّد به الكافرين ، ونعدّ للمسلمين ، أو إن توفّيناك قبل وجود ذلك ، ولم نرك شيئا منه ، فأنت مخبر صادق ليس عليك إلا البلاع ، وكأنّهم توهموا أنّ النبيّ عليه‌السلام لو لم يأت بنفسه بهذه المواعيد لكان كاذبا ، فبيّن أنّ صدقه غير متوقف على شيء.

٤١ ـ (نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) : إن كان المراد قريشا (٢) ، فنقصان الأرض من أطرافها فتح القرى حول مكّة ، وإن كان الكفّار فتحيّز الكفر إلى أقطار الأرض (٣) باتساع دولة الإسلام ، وإن كان جميع الناس ، فتراجع الأعمار إلى القصر ، وعود القوى ضعفا وشيبة ، واستحالة الصلاح إلى الفساد ، وقلّة نماء الحرث والنسل ، وذهاب الفقهاء والجياد. قال عليه‌السلام : «ما مات مسلم إلا انثلمت في الإسلام ثلمة ، لا يسدّها من بعده شيء». (٤)

(لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ) : أي : لا رادّ ، ولا راجع ، ولا مكرر ، ولا مستدرك له. ويحتمل : لا مؤخر.

٤٣ ـ (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً) : شهادة الله تعالى لنبيّنا عليه‌السلام هو فعله الإعجاز له.

وشهادة (مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) إظهارهم نعته ، ودلالتهم عليه ، واعترافهم به ، منهم عبد الله بن سلام.

__________________

(١) قول الله تعالى : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ).

(٢) الأصول المخطوطة : قريش.

(٣) ساقطة من ع.

(٤) أخرج الخطيب البغدادي في كتابه الجامع لأخلاق الراوي والسامع ١ / ١٩٩ حديثا لفظه : «إذا مات العالم انثلمت في الإسلام ثلمة ...».

١٥٧

سورة إبراهيم

مكية. وعن ابن عباس وقتادة : إلا آيتين منها في قتلى (١) بدر ، قوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ ...) الآيتين [إبراهيم : ٢٨]. (٢)

وهي أربع وخمسون آية في عدد أهل الحجاز. (٣) (١٧٥ و)

بسم الله الرّحمن الرّحيم

٣ ـ (الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ) : استحباب الشيء : اعتقاد محبته ، وإدخاله في عداد المحبوبات. والمراد به : الاختيار والإيثار ، ولذلك وقعت التعدية ب (على).

٤ ـ (إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ) : بعبارة قوم الرسول عامّة ، مشاهدته ومخاطبته.

(لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) : بالإعجاز ما يترجمون عنه على سبيل التواتر.

(فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ) : أي : فبعد البيان وقيام الحجّة ، يخذل الله من يشاء ؛ ليصرّ على الضلالة.

(وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) : ليعترف بالحقّ إن خرج ترجمة للوحي الذي في فحوى الإرسال ، أو ترجمة الآيات ، أو القول مضمر.

٥ ـ (قَوْمَكَ) : أي : بني إسرائيل.

(مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) : من الشبهات إلى اليقين.

(بِأَيَّامِ اللهِ) : أيّام أنجى الله إيّاهم من آل فرعون ، ومجاوزته بهم البحر ، وآيات إصابة القرون الماضية بأنواع العذاب على سبيل الانتقام. وفائدة التذكير بهذه الأيّام هي التنبيه على استحقاق الشكر والخوف (٤).

٧ ـ (وَإِذْ تَأَذَّنَ) : واذكروا حالة إيذانه (٥) إيّاكم ، والتأذّن والإيذان (٦) واحد ،

__________________

(١) الأصل : قتل.

(٢) ينظر : معاني القرآن الكريم للنحاس ٣ / ٥١٣ ، وتفسير الماوردي ٢ / ٣٣٧ ، وتفسير القرطبي ٩ / ٣٣٨ ، والإتقان ١ / ٤٦.

(٣) وفي العدد الشامي خمسون وخمس ، والكوفي خمسون وثنتان ، والبصري إحدى وخمسون. ينظر : البيان في عد آي القرآن ١٦٩ ، وفنون الأفنان ١٣٨ ، وجمال القراء ٢ / ٥٢٨.

(٤) أ : الحوت.

(٥) ع : إنذاره.

(٦) ع : والإنذار.

١٥٨

كالتوعّد (١) والإيعاد ، فإنّ (إذ) (٢) قائم مقام الجزاء ، فحواه (٣) : فلا يضرّونه شيئا ، فإنّه غير مفتقر إلى إيمانكم وحمدكم.

٩ ـ (أَلَمْ يَأْتِكُمْ) : حكاية عن موسى (٤). وقيل : خطاب لهذه الأمة. (٥)

(وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ) : الأمم المنقرضة في مشارق الأرض ومغاربها ، درست آثارهم وانقطعت أخبارهم.

(فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ) : عضّوا أناملهم غيظا. ويحتمل : معنى التعجب على ما جرت به العادة في العامّة ، كصكّ الوجه. ويحتمل : معنى الأهلال بالسكوت على سبيل الإشارة. (٦) ويحتمل : معنى الامتناع عن الإقرار على سبيل التشبيه ، أي : كأنّهم أخذوا على أفواههم متناكبين عن الإيمان والإقرار. ويحتمل : منعهم الرسل عن النطق على سبيل التشبيه ، فكأنّهم وضعوا أيديهم على أفواه الرسل ، وأسكتوهم. (٧) ويحتمل : معنى ردّهم الشيء القريب.

١٠ ـ (مِنْ ذُنُوبِكُمْ) : أي : شيئا ، أو كثيرا ، أو الكل من ذنوبكم.

(وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) : أي : صرف العذاب العاجل عنهم ، وتعميرهم إلى الموت المعهود.

(بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) : آية ملجئة التي توجب العلم مشاهدة.

١١ ـ (إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) : سلّموا للإنصاف في الجدال بما استدركوا الغلط في سائر دعاويهم بإثبات المشيئة لله في تفضيل بعض البشر على بعض بالخصال الحميدة ؛ لإفحامهم في الجدال لعجزهم عن إنكار المشاهدة.

١٤ ـ (خافَ مَقامِي) : أي : مقامه بين يديّ يوم العرض الأكبر ، ولقد صدق (٨) وعده لرسله ، وللخائفين مقامه ، والخائفين وعيده ، أولياء رسول الله ، والخلفاء ، والأئمة.

__________________

(١) ك : كالتعود.

(٢) الأصول المخطوطة : الله. وهو تحريف.

(٣) ساقطة من ع.

(٤) أ : طوسي.

(٥) ينظر : تفسير ابن كثير ٢ / ٥٢٥ ، وروح المعاني ٧ / ١٨٢.

(٦) قال الزمخشري في الكشاف ٢ / ٥١٠ :((أو أشاروا بأيديهم إلى ألسنتهم وما نطقت به)). وينظر : بصائر ذوي التمييز ٣ / ٥٩.

(٧) ينظر : معاني القرآن للفراء ٢ / ٦٩ ، وكشف المشكلات إيضاح المعضلات ٢ / ٦ ، وبصائر ذوي التمييز ٣ / ٦٠.

(٨) ساقطة من ع.

١٥٩

١٥ ـ (وَاسْتَفْتَحُوا) : أي : الأنبياء عليهم‌السلام ، كقوله (١) : (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا) [الأعراف : ٨٩] ، وقوله : (مَتى نَصْرُ اللهِ) [البقرة : ٢١٤] ، وقول موسى : (رَبَّنَا اطْمِسْ) [يونس : ٨٨] ، وقول لوط : (رَبِّ انْصُرْنِي) [العنكبوت : ٣٠] ، وإليه ذهب مجاهد (٢) ، وقتادة. (٣) وعن ابن عباس ، ومقاتل : استفتاح الكفّار ، كقوله : (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ) [يونس : ٤٨] ، (فَأْتِ بِآيَةٍ (٤)) [الشعراء : ١٥٤] ، (فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) [إبراهيم : ١٠]. (٥)

١٦ ـ (مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ) : أي : هو على شفا حفرة (٦) (١٧٥ ظ) منها ، ومآله إليها.

(مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ) : ممتزج من القيح والدّم ، ووصف الماء به لمعنيين : التشبيه أنّه ما أنتن وتكدّر بالإحماء (٧) والغلي ، والعرب تسمّي الماء الحارّ بالشمس : صديدا ، والثاني : اعتبار حقيقة العنصر ، فإنّ اسم الماء يشتمل على جنس المياهات بهذا (٨) الاعتبار ، ألا ترى سمّوا النطفة ماء؟

١٧ ـ (يَتَجَرَّعُهُ) : يتكلّف الشرب قليلا قليلا ، جرعة جرعة.

(وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ) : يستوخمه (٩) المتجرع ، ولا يكاد يستمريه للتضاد ، وعدم الإيجاد ، ثمّ تقبله الطبيعة قهرا لعجزها (١٠) عن دفعه ، فيفسد المزاج ، ولا علاج.

(وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ) : أي : تعرض له أسباب الموت من كلّ جهة ، وفي كلّ عضو وعرق ، ولا يموت لوجوب الخلود في النار ذات الوقود.

(مِنْ وَرائِهِ) : سوى هذا العذاب (عَذابٌ غَلِيظٌ).

١٨ ـ (مَثَلُ الَّذِينَ) : أي : هذا مثل الذين كفروا على سبيل ترجمة ، والفصل في الكتاب ، كقوله : (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ) [الرعد : ٣٥]. وقيل : إنه مبتدأ ، وقوله : (أَعْمالُهُمْ) خبره بإضمار أنّ أعمالهم الحسنة التي وقعت لا لوجه الله. (١١)

__________________

(١) ع : كقولهم.

(٢) ينظر : تفسير مجاهد ٣٣٤.

(٣) ينظر : تفسير الصنعاني ٢ / ٣٤١ ، ومعاني القرآن للنحاس ٣ / ٥٢١.

(٤) الأصل وك وأ : فأت ، وفي ع : به.

(٥) ينظر : تفسير الطبري ٧ / ٤٢٨ ، وتفسير القرطبي ٢ / ٢٧ ، وتفسير ابن كثير ٢ / ٥٢٧ عن عبد الرحمن بن زيد.

(٦) (هو على شفا حفرة) ، ساقطة من أ.

(٧) أ : بالأحجار.

(٨) ك : هذه.

(٩) أي : يستثقله ، ينظر : المجموع المغيث ٣ / ٣٩٦ ، والصحاح ٥ / ٢٠٤٩ ، ولسان العرب ١٢ / ٦٣١.

(١٠) ك : لمعجزها.

(١١) ينظر : التبيان في إعراب القرآن ٢ / ٦٧.

١٦٠