درج الدّرر في تفسير القرآن ّالعظيم - ج ٢

عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني

درج الدّرر في تفسير القرآن ّالعظيم - ج ٢

المؤلف:

عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني


المحقق: د. طلعت صلاح الفرحات / د. محمّد أديب شكور
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر ناشرون وموزعون
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
9957-07-514-9

الصفحات: ٨٠٢
الجزء ١ الجزء ٢

المسيّب : كان لقمان النبيّ عليه‌السلام خيّاطا. قال طاوس (١) : الحكمة التي أوتيها [العقل](٢) ، فمن كان عاقلا فهو عند الله حكيم. (٣) عن أنس : أنّ النبيّ عليه‌السلام قال : «رأس العقل بعد الإيمان بالله التودّد إلى الناس». (٤) وعن أنس ، عنه عليه‌السلام أنّه قال : «من أعطي أربع خصال فقد أعطي الدنيا والآخرة : قلب شاكر ، ولسان ذاكر ، وبدن صابر ، وزوجة صالحة». (٥)

إنّما خصّ لقمان ابنه من بين سائر الناس لاعتبار الأهمّ فالأهمّ ألا ترى قال : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) [الشعراء : ٢١٤] ، وقال عليه‌السلام : «ما نحل والد ولدا أحسن من أدب حسن». (٦) وقال عليه‌السلام : «لأن يؤدّب [الرجل](٧) ولده خير (٢٥٩ و) من أن يتصدّق كلّ يوم بصاع». (٨)

١٣ ـ وعن علقمة (٩) ، عن عبد الله قال : لّما نزلت : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) [الأنعام : ٨٢] شقّ ذلك على أصحاب النبيّ عليه‌السلام ، فقالوا : أيّنا لا يظلم نفسه؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ليس كما تظنّون ، إنّما قال لقمان لابنه : (لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)». (١٠) كفى برسول الله ، فإنّ الشرك أخفى في هذه الأمّة من أثر النملة في الصخرة الصمّاء ، ولهذا كره (١١) للإمام الراكع إذا سمع خفق نعل أن ينتظره.

١٤ ـ (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ) : نزلت في شأن سعد بن أبي وقّاص ، (١٢) وحسن كونه

__________________

(١) أبو عبد الرحمن طاووس بن كيسان الفارسي ثم اليمني الجنديّ الحافظ ، توفي سنة (١٠٦ ه‍). ينظر : طبقات ابن سعد ٥ / ٥٣٧ ، وطبقات الفقهاء للشيرازي ٧٣ ، وسير أعلام النبلاء ٣٨.

(٢) زيادة يقتضيها السياق.

(٣) ينظر : إيجاز البيان ٢ / ٦٥٨ ، وما بين المعقوفتين منه.

(٤) أخرجه أبو بكر القرشي في الإخوان ١٩٣ ، وابن أبي الدنيا في الإشراف في منازل الأشراف ١٧٧ ، وكذلك في العقل وفضله ٤٥ ، والدارقطني في جزء أبي الطاهر ٣١.

(٥) ينظر : الجامع للأزدي ١١ / ٣٠٤ ، ومصنف عبد الرزاق (٢٠٦٠٦) جزء من حديث قتادة عن نبي الله داود عليه‌السلام ، ونزهة الناظر وتنبيه الخاطر ٢٤ ، وتفسير كنز الدقائق ٢ / ٥٨٧ عن النبي عليه‌السلام.

(٦) أخرجه ابن أبي الدنيا في العيال ١ / ٤٩٨ ، والترمذي في السنن (١٩٥٢) ، والخطيب البغدادي في أوهام الجمع والتفريق ٢ / ٣٥٣٥ ، وقال الترمذي : هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عامر بن أبي عامر الخزاز.

(٧) زيادة من مصادر التخريج.

(٨) أخرجه ابن أبي الدنيا في العيال ١ / ٥٠١ ، والترمذي في السنن (١٩٥١) ، والمروزي في البرّ والصلة ٨٦ ، والحاكم في المستدرك ٤ / ٢٩٢ ، عن جابر بن سمرة ، وقال الترمذي : هذا حديث غريب ...

(٩) (عن علقمة) ، ساقطة من ك. وعلقمة هو : أبو شبل علقمة بن قيس بن عبد الله النخعيّ الكوفيّ ، ولد في حياة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، توفي سنة (٦٥ ه‍). ينظر : طبقات ابن سعد ٦ / ٨٦ ، وتهذيب الكمال ٢٠ / ٣٠٠ ، وسير أعلام النبلاء ٤ / ٥٣.

(١٠) أخرجه البخاري في الصحيح (٦٩٣٧) ، ومسلم في صحيح (١٢٤) ، وأبو عوانة في المسند ١ / ٧٣ ، والشاشي في المسند ١ / ٣٥١.

(١١) ساقطة من ك.

(١٢) تقدم في سورة الإسراء آية ٢٣ ، وسورة العنكبوت آية ٨.

٤٤١

عارضا في أثناء الكلام من ثلاثة أوجه : أحدها : اعتبار ما يجري بين لقمان الوالد وولده ، والثاني : اعتبار النهي عن الشكّ ، والثالث : الأمر بالشكر الذي هو حكمة لقمان.

وإنّما لم يكن للوالدين إلا حق المصاحبة في الدنيا بمعروف ؛ لأنّ الولد ليس يفزع للوالدين (١) إلا على حكم المشاهدة فأمّا في المعقول : فكلّ مخلوق مفرد بالإنشاء ، يقول الله تعالى : (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ) [المؤمنون : ١٠١].

١٦ ـ الضمير في (إِنَّها) عماد كما في قوله : (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ) [الحج : ٤٦].

وما تبت قوله : (إِنْ تَكُ) لاعتبار الحبّة ، وهذه الآية كقوله : (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) [البقرة : ١٤٨].

(فِي صَخْرَةٍ) : من الصخور ، وفي التفسير المراد بالصخرة : السجّين ، وهي تحت ، وفيها تنسخ أعمال الفجّار. (٢)

١٧ ـ (وَأْمُرْ (٣) بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ) : حقيقة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند (٤) العلماء بالقول ألا ترى : أنّ نوحا وهودا وصالحا وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ولوطا وشعيبا وغيرهم من الأنبياء يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر بألسنتهم. وعن ابن عمر قال : قال رسول الله عليه‌السلام : «مروا بالمعروف وإن لم تعملوا به ، وانهوا عن المنكر وإن لم تنتهوا عنه». (٥) ولأنّهم لو لم يفعلوا إلا أن يهذّبوا أنفسهم لتعطّلت الأحكام ، وخربت دار الإسلام.

١٨ ـ (لا تُصَعِّرْ) : لا تتكبّر على الناس ، ولا تعرض عنهم تكبّرا.

(خَدَّكَ) يعني : ما تحت الوجنة العارض.

(مَرَحاً) : أشرا (٦) وبطرا.

١٩ ـ (٧) كون صوت الحمير أنكر ؛ لأنّه يكلّف خلقه من الصوت ما يختنق به.

عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ليس المؤمن بالطعّان (٨) ولا اللعّان ولا الفحّاش

__________________

(١) أ : الوالدين.

(٢) ينظر : تفسير الماوردي ٤ / ٣٣٧ ، وتفسير البغوي ٦ / ٢٨٨ عن ابن عباس ، وتفسير ابن كثير ٣ / ٥٩٣ وقال ابن كثير : «كأنه متلقى من الإسرائيليات التي لا تصدق ولا تكذب ، والظاهر ، والله أعلم ، أنّ هذه الحبّة في حقارتها لو كانت داخل صخرة فإنّ الله سيبديها ، ويظهرها بلطيف علمه».

(٣) أ : وأما.

(٤) الأصول المخطوطة : عن.

(٥) أخرجه الطبراني في الصغير (٩٨١) ، والبيهقي في شعب الإيمان (٧٥٧٠) ، والحسيني في البيان والتعريف ٢ / ٢٠٢.

(٦) ك وأ : شرا.

(٧) في قول الله تعالى : (إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ).

(٨) أ : الطعام.

٤٤٢

ولا البذيء». (١) وعن عائشة قالت : قال رسول الله عليه‌السلام : «إنّ هذه الأخلاق منائح ، فإذا أحبّ عبدا منحه خلقا حسنا ، وإذا أبغض عبدا منحه خلقا (٢) سيّئا». (٣)

٢٠ ـ (وَأَسْبَغَ) : أتمّ. قال : كانت الآية عامّة ، فالنعمة الظاهرة صحّة الجسد وكثر العدد والعدد ، والنعمة الباطنة تيسير اعتبار ، والاختيار والتمكين من الاختيار. وإن كانت خاصّة فالنعمة الظاهرة هو التوفيق لإذلال الطبيعة على استعمال الشريعة ، والنعمة الباطنة هو التوفيق للاتّحاد بعد حسن الاعتقاد.

٢٧ ـ (وَلَوْ أَنَّ ما (٤) فِي الْأَرْضِ (٢٥٩ ظ) مِنْ شَجَرَةٍ) : قال ابن عباس : هذه الآية مدنيّة. (٥) والسبب في نزولها : أنّ النبيّ عليه‌السلام لّما (٦) قرأ قوله : (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً)(٧) أتته أحبار اليهود فقالت (٨) : إنّك إن عنيت بها قومك فأنت أعلم (٩) بهم ، وإن عنيتنا فكيف تقول ذلك وأنت تعلم أنّ الله أنزل التوراة على موسى وفيها أنباء كلّ شيء ، وخلّفها موسى فينا ، وهي معنا؟ فقال النبي عليه‌السلام لليهود : «التوراة وما فيها من الأنباء قليل في علم الله عزوجل» ، فأنزل. (١٠) وذكر الكلبيّ : أنّ السبب في نزولهنّ دعوى المشركين التناقض بين قوله : (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) وقوله : (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) فبيّن بهذه (١١) الآية أنّ الحكمة خير كثير في جنب علم العالمين ، وهي قليل في جنب كلمات الله.

٢٨ ـ (إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ) :(١٢) قال الفراء (١٣) : التشبيه واقع بمضاف مضمر تقديره (١٤) : كخلق نفس واحدة وبعثها.

__________________

(١) أخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت ١٨٣ ، والترمذي في السنن (١٩٧٨) ، والطبراني في الدعاء (٢٠٧٣ و ٢٠٧٤) ، وأبو عبد الله الزرعي في حاشية ابن القيم ١٣ / ١٧٢.

(٢) (حسنا وإذا أبغض عبدا منحه خلقا) ، ساقطة من أ.

(٣) ينظر : فيض القدير شرح الجامع الصغير (٢٥١٦).

(٤) أ : أن.

(٥) ينظر : معاني القرآن للنحاس ٥ / ٢٧٧ ، ومجمع البيان ٨ / ٥٧ ، والدر المنثور ٦ / ٤٤٢.

(٦) ساقطة من أ.

(٧) أ : أوتيتم ومن أوتيتم.

(٨) الأصول المخطوطة : قال.

(٩) ع : أخبر.

(١٠) ينظر : معاني القرآن للنحاس ٥ / ٢٩١.

(١١) أ : هذه.

(١٢) هنا في أزيادة : وبعثها ووجه الاتصال.

(١٣) ينظر : معاني القرآن للفراء ٢ / ٣٢٩.

(١٤) مكررة في أ.

٤٤٣

ووجه الاتصال من حيث ذكر الكلمات التي هي علم الله.

٢٩ ـ (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) : وهو وقت استقرار (١) الطوالع.

٣٢ ـ (خَتَّارٍ كَفُورٍ) : قال ابن عرفة : «الختر : الفساد ، يكون ذلك في الغدر (٢) وغيره ، يقال : ختره الشراب إذا فسد نفسه». (٣) قال الأزهريّ : الختر أقبح الغدر. (٤) قال أحمد بن فارس (٥) : الختر : الغدر ، والتّختّر : مشية الكسلان. (٦)

٣٣ ـ (الْغَرُورُ) : الشيطان.

٣٤ ـ (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) : قال مقاتل : أتى وارث بن عمرو المحاربيّ (٧) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فسأله عن هذه المسائل ، فأنزل. (٨)

واتصال الآية من حيث قوله : (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ)، و (٩) من حيث قوله : (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ).

عن ابن عمر ، قال النبيّ عليه‌السلام : «مفاتيح الغيب خمس : (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) إلى آخر الآية». (١٠) وعن ابن مسعود قال : من (١١) كلّ شيء أوتي نبيّكم علما إلا من خمس : قول الله : (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ). (١٢)

«من قرأ سورة لقمان كان له لقمان رفيقا يوم القيامة ، وأعطي من الحسنات بعدد (١٣) من أمر بالمعروف ، ونهى عن المنكر». (١٤)

__________________

(١) ك وع وأ : استقراره.

(٢) ك : العذر ، وكذلك ما بعدها.

(٣) الغريبين ٢ / ٥٣٢.

(٤) ينظر : تهذيب اللغة ١ / ٩٨٣ ، وفيه (أسوأ) بدلا من (أقبح).

(٥) أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا القزويني الرازي اللغوي الكوفي ، توفي سنة (٣٩٥ ه‍). ينظر : التدوين في أخبار قزوين ٢ / ٢١٥ ، وبغية الوعاة ١ / ٣٥٢ ، والأعلام ١ / ١٩٣.

(٦) ينظر : مقاييس اللغة ٢ / ٢٤٤.

(٧) النسخ المخطوطة : والمحاربي ، والتصويب من كتب التخريج.

(٨) ينظر : البغوي ٦ / ٢٩٤ ـ ٢٦٥.

(٩) ساقطة من ك ، وع وأ : أو.

(١٠) أخرجه أحمد في المسند ٢ / ٥٢ ، البخاري في الصحيح (١٠٣٩) ، وابن أبي حاتم في التفسير (٧٣٦٧).

(١١) ساقطة من أ.

(١٢) أخرجه أحمد في المسند (٤٢٥٣) ، والطيالسي في المسند ٥١ ، والشاشي في المسند ٢ / ٣٠٧.

(١٣) ك : بعد.

(١٤) ينظر : الوسيط ٣ / ٤٤٠ ، ومجمع البيان ٨ / ٥٧ ، والكشاف ٣ / ٥١٢.

٤٤٤

سورة السجدة

مكية (١). وقيل : عن ابن عباس (٢) وعطاء (٣) والكلبيّ (٤) : إلا ثلاث آيات نزلن بالمدينة في عليّ والوليد بن عقبة بن أبي معيط ، (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً ...) الآيات [السجدة : ١٨].

وهي ثلاثون آية في غير عدد أهل البصرة. (٥)

بسم الله الرّحمن الرّحيم

٥ ـ ذكر الكلبيّ عن أبي صالح ، عن ابن عباس في قوله : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ) قال : في يوم من أيّام الدنيا (٦) ، ولو سار أحد من بني آدم لم يسره في ألف سنة. (٧) وهذه الرواية (٨) مخالفة لما سبق عن ابن عباس في هذا الباب ، فإن صحّت فيحمتل : أنّه فسّر هذه الآية لتوقيف ، أو لدلالة قامت له. ويحتمل : أنّ ما سبق قوله (٢٦٠ و) الأوّل ، وهذه قوله الثاني استفاده من عليّ أو أبيّ أو غيرهما ، أو فتح عليه بالإلهام ، وأدركته دعوة النبيّ عليه‌السلام : «اللهمّ فقّهه في الدين وعلّمه التأويل». (٩)

(مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ) : ويحتمل : أنّ كلّ من يحدث في العالم ما بين السماء والأرض ، كقولك : فلان يسوس الرعية من جيحون إلى فرات.

٧ ـ (أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) : عند صيانة شكله إليه ، ويعطف مثله إليه ، وإن كان قبيحا من وجه كما قيل : القرنبى (١٠) في عين أمّها حسنة.

__________________

(١) ساقطة من ع.

(٢) ينظر : معاني القرآن الكريم ٥ / ٢٩٧ ، والبحر المحيط ٨ / ٤٢٨ ، والدر المنثور ٦ / ٤٧٠ ، وفتح البيان للقنوجي ١١ / ٧.

(٣) ينظر : تفسير البغوي ٦ / ٢٩٩ ، وتفسير الخازن ٣ / ٤٠٢.

(٤) ينظر : تفسير الماوردي ٤ / ٣٥٢ ، وزاد المسير ٦ / ١٧٦ ، والبحر المحيط ٨ / ٤٢٨ ، وفتح البيان للقنوجي ١١ / ٧.

(٥) وفي عدد أهل البصرة تسع وعشرون آية ، ينظر : التلخيص في القراءات الثمان ٣٦٩ ، والبيان في عد آي القرآن ٢٠٧ ، وجمال القراء ٢ / ٥٣٧ ، وإتحاف فضلاء البشر ٤٤٧.

(٦) (في يوم من أيام الدنيا) ، مكررة في ع.

(٧) ينظر : تفسير ابن عباس صحيفة علي ٤٠٣ ، والطبري ١٠ / ٢٣١ ، والدر المنثور ٦ / ٤٧٤.

(٨) أ : إلى وأنه.

(٩) أخرجه أحمد في المسند ١ / ٣٣٥ ، والبزار في المسند (٢٣٩١ ـ كشف الأستار) ، ومحمد بن محمد في سلاح المؤمن في الدعاء ٢٠٢ ، وأبو الشيخ الأصبهاني في أحاديث أبي الزبير ١٥٩.

(١٠) الأصول المخطوطة : القرينا ، وفي كتب التخريخ : القرنبى ، والقرنبى هي دويبة مثل الخنفسة ، منقطعة الظهر ، طويلة القوائم. مجمع الأمثال ٢ / ٩٧ ، وأدب الكاتب ١ / ٦٦ ، والمسقصى في أمثال العرب ١ / ٣٣٩ ، وصبح الأعشى في صناعة الإنشا ١٤ / ٩٧.

٤٤٥

٨ ـ (مَهِينٍ)(١) : حقير ذليل.

١٠ ـ (ضَلَلْنا) : أي : ضعنا وغبنا ، يقال : ضلّ الماء في اللبن إذا صار مستهلكا فيه.

١١ ـ (مَلَكُ الْمَوْتِ) : عزرائيل عليه‌السلام يتوفّى الأنفس بحول الله وقوّته.

١٣ ـ (كُلَّ نَفْسٍ هُداها) : أي : الإيمان الاختياريّ الذي شاءه الله للمؤمنين ، ويسّره لهم ، لم يشأه للكفار ، فعسّره عليهم ، دون الضروريّ عند معاينة البأس.

وفيها ردّ على القدرية.

١٦ ـ عن أنس بن مالك : أنّ قوله : (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ) نزلت في انتظار الصلاة ، التي تدعى العتمة. (٢) أنس ، عنه (٣) عليه‌السلام : «ما من إنسان يصلّي في بيت مظلم ركعتين بركوع تامّ وسجود تامّ إلا وجبت له الجنة بلا حساب ولا عذاب». (٤) وعن جابر ، عنه عليه‌السلام : «أنّ في الليل ساعة لا يوافقها عبد يسأل الله فيها شيئا إلا أعطاه ، وهي في كلّ ليلة». (٥)

عن أسماء بنت يزيد (٦) ، عنه عليه‌السلام قال : «يحشر الناس في صعيد واحد يسمعهم الداعي ، وينفذهم البصر ، ثمّ يقوم مناد ينادي : سيعلم أهل الجمع اليوم من أولى بالكرم ، فيقولون : أين (٧) الذين يحمدون الله في السرّاء والضرّاء؟ فيقومون ، وهم قليل ، فيدخلون الجنّة بغير حساب ، ثمّ يقوم فينادى : أين الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله؟ فيقومون ، وهم قليل ، فيدخلون الجنّة بغير حساب (٨) ، ثمّ ينادى : أين الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع؟ فيقومون ، وهم قليل ، فيدخلون الجنّة بغير حساب ، ثمّ يؤمر بسائر الناس فيحاسبون». (٩)

(تَتَجافى) : تتنحّى (١٠) وتتباعد.

__________________

(١) (حسنة (مَهِينٍ)،) ساقطة من أ.

(٢) ينظر : سنن الترمذي (٣١٩٦) ، وعلل الحديث ١ / ١٨٠ ، والدر المنثور ٦ / ٤٨٠ ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه من هذا الوجه.

(٣) ع : عنه عن أنس.

(٤) ينظر : الفردوس بمأثور الخطاب ٤ / ٣٧.

(٥) أخرجه ابن المبارك في المسند ٣٥ ، ومسلم في الصحيح (٧٥٧) ، والطبراني في الصغير (٨٤٨) ، وأبو عوانة في المسند ٢ / ٢٨٩.

(٦) أمّ سلمة أسماء بنت يزيد بن السّكن الأشهلية الأنصارية ، بايعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وشهدت اليرموك ، وعاشت بعد ذلك دهرا. تهذيب الكمال ٣٥ / ١٢٨ ، والإصابة ٤ / ٢٣٤ ـ ٢٣٥.

(٧) أ : إن.

(٨) (ثم يقوم فينادى : أين الذين لا تلهيهم ... فيدخلون الجنة بغير حساب) ، ساقطة من أ.

(٩) ينظر : الزهد لهناد ١ / ١٣٤ ، وكنز العمال ١٥ / ٨٥٣.

(١٠) ك : وتتنحى.

٤٤٦

(فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ ...) : عن أبي هريرة يبلغ به النبيّ عليه‌السلام قال : «قال الله عزوجل : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر» ، وتصديق [ذلك](١) في كتاب الله عزوجل : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ ...) الآية. (٢)

١٨ ـ (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً) : ظاهرها عامّة ، ولذلك قال : (لا يَسْتَوُونَ) وقيل : إنّ الوليد بن عقبة قال لعليّ : أنا أفصح منك لسانا ، وأحد سنانا (٣) ، وأردّ للكتيبة منك. فقال عليّ : اسكت فإنّك فاسق ، فأنزل الله (٤). وذلك لا يبطل مذهب العموم ؛ لأنّ أكثر آي القرآن على هذا السبيل.

١٩ ـ (فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلاً) : المغيرة بن شعبة ، عنه عليه‌السلام : (٢٦٠ ظ) «أنّ موسى عليه‌السلام سأل ربّه أي رب ، أيّ أهل الجنّة أدنى منزلة؟ قال : رجل يأتي بعد ما يدخل أهل الجنّة الجنّة (٥) ، فيقال له : ادخل ، فيقول : كيف أدخل ، نزلوا منازلهم (٦) ، وأخذوا أخذاتهم ، فيقال : أترضى أن يكون لك ما كان لملك من ملوك الدنيا؟ فيقول : نعم ، أي رب قد رضيت ، فيقال له (٧) : إنّ لك هذا ومثله ، فيقول : قد رضيت أي رب رضيت ، فيقال له : إنّ لك هذا وعشرة أمثالها ، فيقول : رضيت أي رب ، فيقال له : فإنّ لك مع هذا ما اشتهت نفسك ، ولذّت عينك». (٨)

٢١ ـ عن مسروق ، عن عبد الله قال : (الْعَذابِ الْأَدْنى) يوم بدر. (٩) وقال إبراهيم النخعي : إنّه السنون. (١٠)

٢٣ ـ لقوله : (فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ) ثلاثة أوجه : أحدها : أن يعود إلى قوله :

__________________

(١) زيادة يقتضيها السياق.

(٢) أخرجه همام بن منبه في الصحيفة ٣٥ ، والبخاري في الصحيح (٣٢٤٤) ، ومسلم في الصحيح (٢٨٢٤) ، واللالكائي في اعتقاد أهل السنة ٦ / ١١٨٨.

(٣) (وأحد سنانا) ، ساقطة من ع.

(٤) (فأنزل الله) ، ساقطة من ك. وينظر : تاريخ دمشق ٦٣ / ٢٣٥ ، وتخريج الأحاديث والآثار ٣ / ٨٧ ، وجمال القرّاء ١ / ١٣٤ ـ ١٣٥.

(٥) ساقطة من ك وأ.

(٦) ساقطة من أ.

(٧) ساقطة من ع.

(٨) أخرجه الترمذي في السنن (٣١٩٨) ، وابن حيان الأصبهاني في العظمة ٢ / ١١٢٢ ، والدارقطني في العلل ٧ / ١٣٠ ، وحلية الأولياء ٥ / ٨٦.

(٩) ينظر : تفسير الثوري ٢٤٠ ، والمستدرك على الصحيحين ٢ / ٤٤٩ ، والدر المنثور ٦ / ٤٤٨.

(١٠) ينظر : تفسير الطبري ١٠ / ٣٠٩ ، وتفسير الماوردي ٤ / ٣٦٥.

٤٤٧

(بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ) [السجدة : ١٠] ، والثاني : أن يكون ملاقاة محمد رسول الله وموسى عليهما‌السلام ببيت المقدس ليلة الإسراء ، والثالث : أن يكون المراد ملاقاتهما يوم السبت ، وذلك يوم الجمع يوم لا ريب فيه. ويحتمل : أن يكون المراد به لقاء موسى الجبل الذي جعله الله دكّا ، وتلقيه الكتاب من عند الله.

٢٦ ـ (أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ) : الهداية (١) مسندة إلى الكميّة تقديره : أفلم يبيّن لهم كمّية هلاك من أهلكنا ، أولم يروا علمه في الظاهر.

٢٧ ـ وعن ابن عباس في قوله : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ) قال : «هي أرض باليمن». (٢)

٢٩ ـ (هذَا الْفَتْحُ) : فتح بدر (٣) ، وقيل : فتح مكّة. (٤) وقيل : يوم القيامة. (٥) وهي ظرف حلّ محلّ الخبر المقدّم على المبتدأ ، التقدير : هذا الفتح متى كان ، أو متى يكون ؛ لأنّ الظرف لا يصحّ أن يكون خبرا.

(يَوْمَ الْفَتْحِ) : نصب بالظرف ، والعامل (لا يَنْفَعُ) ، فإن حملنا الآية : الأوّل على يوم بدر فنفي النفع نفي العفو عنهم بغير فداء ، وإن حملناه على فتح مكة فنفي النفع هي كونهم مهاجرين غير طلقاء.

وذكر الكلبي : أنّ المراد بالفتح فتح مكة ، وبنفي نفع الإيمان قتل خالد بن الوليد يومئذ جماعة من خزاعة بعد ما أسلموا لأحنة كانت بينه وبينهم في الجاهليّة ، وكان أبو قتادة مع خالد يومئذ فاعتزل الحرب ، ثمّ أخبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فوداهم (٦) من غنائم خيبر حتى أرضاهم. وإن حملنا على يوم القيامة ، فنفي النّفع نفي دخولهم الجنّة وخلاصهم من النّار.

عن أبيّ بن كعب ، عن عليه‌السلام : «من قرأ سورة ألم تنزيل السجدة وتبارك الذي بيده الملك كان له من الأجر كأنّما أحيا ليلة القدر». (٧)

__________________

(١) ساقطة من ع.

(٢) تفسير السمعاني ٤ / ٢٥٤ ، وتفسير البغوي ٦ / ٣٠٩ ، وفتح البيان للقنوجي ١١ / ٣٥.

(٣) ساقطة من ك وأ.

(٤) معاني القرآن للفراء ٢ / ٣٣٣ ، وتفسير كتاب الله العزيز ٣ / ٣٥٠ ، وزاد المسير ٦ / ١٨٥ عن مجاهد.

(٥) تفسير الماوردي ٤ / ٣٦٨ ، وزاد المسير ٦ / ١٨٥ عن ابن السائب ، وإيجاز البيان ٢ / ٦٦٥.

(٦) ع : فأداهم.

(٧) ينظر : الوسيط ٣ / ٤٤٩ ، والكشاف ٣ / ٥٢٤.

٤٤٨

سورة الأحزاب

مكيّة. (١)

وهي ثلاث وسبعون آية. (٢)

بسم الله الرّحمن الرّحيم

عن زرّ قال : قال لي أبي بن كعب (٣) : كأين تعدّ الأحزاب؟ قلت : اثنتين وسبعين ، أو ثلاثا وسبعين ، قال : فإنها تعدل سورة البقرة ، كانت فيها آية الرّجم ، قلت : وما آية الرّجم؟ فقال : الشّيخ والشّيخة إذا زنيا فارجموهما نكالا من الله ، والله عزيز (٢٦١ و) حكيم. (٤)

وعن عائشة قالت : كانت سورة الأحزاب تعدّ على عهد رسول الله مئتي آية ، فإذا كتب المصحف لم يقدر منها (٥) إلا على ما هي الآن. (٦)

قال أبو بكر الأنباريّ : اللّفظ المذكور في آية الرّجم ترجمة التّنزيل لا عين (٧) التنزيل ؛ لأنّ عين التّنزيل (٨) معجز ، وهذا غير معجز. قال رضي الله عنه : ولا يبعد أن يكون (٩) اللّفظ لفظ القرآن بعينه ، لكنّه لمّا نسخت تلاوته نسخ إعجازه.

ذكر الكلبيّ : أنّ أبا سفيان بن حرب وعكرمة بن أبي جهل وأبا الأعور السلميّ قدموا على رسول الله المدينة (١٠) في الموادعة التي كانت بينهم ، فنزلوا على ابن أبيّ بن سلول ومعتب بن قشير وجدّ بن قيس (١١) ، فتكلّموا فيما بينهم ، فلمّا أجمعوا أمرهم أتوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فعرضوا أشياء كرهها منهم ، فهمّ بهم رسول الله والمسلمون أن يقتلوهم ، فأنزل : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ). (١٢)

__________________

(١) عند الجميع مدنية ، ينظر : البيان في عد آي القرآن ٢٠٨ ، ومنار الهدى ٦١٢ ، وقال القرطبي في تفسيره ١٤ / ١١٣ : مدنية في قول جميعهم.

(٢) ينظر : البيان في عد آي القرآن ٢٠٨ ، وجمال القراء ٢ / ٥٣٧ ، وقالا : ليس فيها اختلاف.

(٣) الأصول المخطوطة : عن زر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لي أبي بن كعب. والتصحيح من كتب التخريج.

(٤) أخرجه الطيالسي في المسند ١ / ٧٣ ، وابن أبي شيبة في المصنف ٣ / ٣٦٥ ، والطبري في تهذيب الآثار ٢ / ٨٧٣ ، والحاكم في المستدرك ٤ / ٤٠٠.

(٥) ساقطة من أ.

(٦) ينظر : المستدرك ٢ / ٤٥٠ ، وتفسير القرطبي ١٤ / ١١٣ ، والدر المنثور ٦ / ٤٩٤.

(٧) ك : غير ، وكذلك التي بعدها.

(٨) (لأن عين التنزيل) ، ساقط من ع.

(٩) ع : يكون هذا.

(١٠) ساقطة من ع.

(١١) ع : قشير.

(١٢) ينظر : الكشاف ٣ / ٥٢٧ ، ومجمع البيان ٨ / ٨٩ ، وتفسير القرطبي ١٤ / ١١٤.

٤٤٩

٤ ـ (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) : في إحالة مجاز القوم ، وذلك لنقلهم أحكام الحقائق إلى المجاز ، كمن يسمّي إنسانا هابا ، ثم يعتقده أنّه نار ، فيرفع إليه فتيلة مستوقدا ، ويعتقد [أنّ](١) الشّهاب الحقيقيّ إنسان ويأمره وينهاه ، واتصالها من حيث (وَلا تُطِعِ)، فإن النّفل كان من صنيعهم. وسئل ابن عباس عن (٢) هذه الآية فقال : قام نبي الله عليه‌السلام يوما (٣) يصلّي ، فخطر (٤) خطرة ، فقال المنافقون الّذين يصلّون معه : ألا ترى له قلبين : قلبا معكم ، وقلبا معهم ، وأنزل ، بمعنى قوله. (٥) وقال ابن جريج : هو رجل من بني فهر كان يقول : إنّ لي قلبين : أعقل بأحدهما ما يعقل محمد بقلبه ، وكذّب. (٦) زاد الكلبيّ : بيان اسم الرّجل معمر بن أسد ، قال : وتلقاه أبو سفيان بن حرب يوم بدر ، وهو معلّق إحدى نعليه ، والأخرى في رجليه ، فقال : يا أبا معمر ، ما يعمل الناس؟ فقال : انهزموا ، فقال : ما بال إحدى نعليك في يدك والأخرى في رجلك؟ قال : أبو معمر : ما شعرت إلا أنهما جميعا في رجلي ، فعرفوا يومئذ جميعا أنّه ذو قلب واحد ، ولو كان له قلبان لما نسي نعله في يده من شدّة الخوف. وهذا التأويل يروى عن مجاهد (٧) وابن بريدة (٨) وغيرهما. ويحتمل : نفي اجتماع عقيدتين مختلفين في قلب واحد ، على سبيل الإنكار على المنافقين الذين كانوا يلقون رسول الله بوجه والكفار بوجه (٩).

(وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللَّائِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ) : سنذكر (١٠) أحكامها في سورة المجادلة.

(وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ) : فستذكر (١١) في قصّة زيد. والأدعياء : جمع دعيّ ، وهذا (١٢) الذي يدّعيه على سبيل الاتّخاذ والاتّحاد ، وسبيل الافتراء والإلحاد (١٣).

__________________

(١) الأصل وك وع : أي ، وأ : أني. وما أثبت أقرب للصواب.

(٢) ع : في.

(٣) ع : يوما.

(٤) أ : فخط. والخطرة : الوسوسة. النهاية في غريب الحديث ٢ / ٤٦ ، ولسان العرب ٤ / ٢٥٠.

(٥) أخرجه أحمد في المسند ١ / ٢٦٧ ، والترمذي في السنن (٣١٩٩) ، وابن أبي حاتم في تفسيره (١٧٥٧٠) ، والطبراني في الكبير (١٢٦١٠).

(٦) ينظر : معاني القرآن ٥ / ٣١٨.

(٧) ينظر : تفسير الطبري ١٠ / ٢٥٥ ، ومعاني القرآن الكريم ٥ / ٣١٨.

(٨) أ : يزيد. والصواب ما أثببت ، ينظر : معاني القرآن الكريم ٥ / ٣٢٢.

(٩) الأصول المخطوطة : كانوا يقولون رسول الله بوجه الكفار بوجه. وما أثبت أقرب للصواب.

(١٠) الأصل وك وأ : سنذكرها.

(١١) ع : فتذكر.

(١٢) ع : وهو.

(١٣) ع : الاتحاد.

٤٥٠

٥ ـ عن سالم بن أبي الجعد : لّما نزل : (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) لم يعرف لسالم أب ، فقال : سالم من الصالحين. (١) وعن ابن عمر : (٢٦١ ظ) ما كنّا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد حتى نزل القرآن (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ). (٢)

٦ ـ (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ)(٣) : في تشريف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم والمجاوزة (٤) به من رتبة إلى رتبة الولاية ، وكان (٥) أولى بنا لكونه في غاية الاتحاد بروح (٦) الله ، وكون الشهادة به شطر الإيمان.

وأزواجه أمهاتنا (٧) ؛ لأنّ الأمومة غاية مراتب الحرمة والتّعظيم في حقّ النّساء.

(كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً) : اللّوح المحفوظ. (٨)

(مَسْطُوراً)(٩) : مكتوبا في كتاب الوصيّة على سبيل اعتبار غالب أحوال الوصيّة.

٧ ـ (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ) : عن قتادة : كان النّبي عليه‌السلام آخرا وبدئ (١٠) به أوّلا. (١١)

٨ ـ (لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ) : عن تبليغهم وتأديتهم الصدق لوجه الله. (١٢)

٩ ـ (إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ) : عن مجاهد قال : كانت الصّبا تكبّ القدور على أفواهها ، وتقطع الفسطاط حتى أظعنتهم. (١٣) وعنه عليه‌السلام قال (١٤) : «نصرت بالصّبا ، وأهلكت عاد

__________________

(١) ينظر : الدر المنثور.

(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (٤٧٨٢) ، ومسلم في صحيحه (٢٤٢٥) ، والترمذي في السنن (٣٢٠٧).

(٣) بعد قوله تعالى : (النَّبِيُّ) ، زاد في أ : صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(٤) ك : المجاوز.

(٥) ع : ولو كان.

(٦) ساقطة من ع.

(٧) في قوله تعالى : (وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ).

(٨) تفسير مقاتل بن سليمان ٣ / ٣٦ ، وتفسير السمرقندي ٣ / ٤٢ ، وتفسير السمعاني ٤ / ٢٦١.

(٩) الأصول المخطوطة : مستورا.

(١٠) (آخرا وبدئ) ، بياض في أ.

(١١) لعله يريد بذلك الحديث الذي يرويه قتادة عن الحسن عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : (كنت أول النبيين في الخلق ، وآخرهم في البعث ، فبدأ بي قبلهم) ، أخرجه : ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال ٣ / ٣٧٣ ، والطبراني في مسند الشاميين (٢٦٦٣) ، وأبو القاسم الرازي في الفوائد ٢ / ١٥.

(١٢) ينظر : تفسير السمعاني ٤ / ٢٦٢ ، وتفسير القرطبي ١٤ / ١٢٨.

(١٣) ينظر : معاني القرآن الكريم ٥ / ٣٢٨ ، والماوردي ٣ / ٣٨ ، والدر المنثور ٦ / ٥٠٣. والظعن : الارتحال ، ينظر : النهاية في غريب الحديث ٢ / ١٥٧.

(١٤) أ : وال.

٤٥١

بالدّبور». (١)

قال الأمير رضي الله عنه : كانت هذه الواقعة سنة خمس في غزوة الأحزاب ، وهي غزوة الخندق.

وكان سببها : أنّ النّبيّ عليه‌السلام لمّا أجلى بني النّضير ساروا إلى خيبر ورأسهم (٢) أبو رافع سلام بن أبي الحقيق ، فخرج حييّ بن أخطب وكنانة بن (٣) الربيع وأبو عمّار اليهوديّ في بضعة عشر رجلا إلى مكة ، فدعوا قريشا إلى حرب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ودعوا سائر القبائل كذلك ، فسارت قريش وأتباعها في (٤) أربعة آلاف قائدهم أبو سفيان ، وفيهم ثلاث مئة فرس ، وألف وخمس مئة بعير ، وسارت غطفان وفزارة في ألف يقودهم عيينة بن حصين الفزاريّ ، وسارت سليم في تسع مئة يقودهم أبو الأعور السلميّ ، وسارت بنو أسد في عدد كثير يقودهم طليحة [بن](٥) خويلد ، وسارت أشجع في أربع مئة يقودهم مسعر بن دحيلة ، وأقبلت يهود في عدد كبير ، فلما انتهوا إلى المدينة استعانوا ببني قريظة ، فأعانوهم (٦) ، وصاروا معهم إلى أن فرّق الله بينهم ، وعسكر رسول الله عليه‌السلام خارج المدينة نحوهم يوم الثلاثاء لثمان خلون من ذي القعدة ، ثمّ شاور (٧) أصحابه بإذن الله ، فأشار عليه سلمان الفارسيّ بحفر الخندق ، فأعجب المسلمون (٨) رأيه ، فجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سلعا (٩) خلفه ، وخندق بين يديه مقدار ما كان عورة ، وكان سائر المدينة كالحصن من جهة البنيان ، وأرسل النّسوان والصّبيان (١٠) إلى الآطام. (١١)

وعن البراء بن عازب : كان النبيّ عليه الصلاة والسّلام ينقل معهم التراب يوم الخندق ، وهو يقول :

«اللهمّ لا عيش إلا عيش الآخرة

فاغفر للأنصار والمهاجرة (١٢)» (١٣)

__________________

(١) أخرجه البخاري في الصحيح (١٠٣٥) ، ومسلم في الصحيح (٩٠٠) ، والشافعي في المسند ٨٣ عن ابن عباس رضي الله عنهما.

(٢) أ : ورايتهم.

(٣) أ : بن أبي الربيع.

(٤) ساقطة من ع.

(٥) زيادة من كتب التخريج.

(٦) ساقطة من ك.

(٧) أ : ساروا.

(٨) أ : المسلمين.

(٩) بياض في ع.

(١٠) ع : الصبيان والنسوان.

(١١) ينظر : سيرة ابن هشام ٣ / ١٧٠ ـ ١٧١ و ١٧٤ ، وتفسير الطبري ١٠ / ٢٦٥ ـ ٢٦٦.

(١٢) أ : والمهاجرين.

(١٣) أخرجه البخاري في الصحيح (٤٠٩٩) ، ومسلم في الصحيح (١٨٠٣).

٤٥٢

ويقول :

«اللهمّ (١) لو لا أنت ما اهتدينا

ولا تصدّقنا ولا صلّينا

فأنزلن سكينة علينا

وثبّت الأقدام إن لاقينا

إنّ الأولى قد بغوا علينا

إذا أرادوا فتنة أبينا»

ورفع بها صوته ، (٢) بأبينا.

وقتل عليّ (٢٦٢ و) رضي الله عنه يومئذ عمرو بن عبدودّ ، وقد أعطاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سيفه (٣) ، فقتله ، (٤) وقتل الزبير نوفل [بن](٥) عبد الله المخزوميّ ، ورمى حبان بن العرقة سعد بن معاذ فقطع أكحله ، (٦) ولم يمت حتى حكم (٧) حكمه في بني قريظة بإذن الله عزوجل ، ثم سأل الله الشهادة ، فانفجرت الجراحة. (٨)

وجاء نعيم بن مسعود الأشجعيّ ، فقال : يا رسول الله ، إنّي قد أسلمت ، وإنّ قومي لم (٩) يعلموا بإسلامي ، فمرني بما شئت ، فقال له رسول الله : «إن استطعت أن تخذّل عنّا النّاس فافعل» ، فأتى نعيم بن مسعود بني قريظة فأشار عليهم أن لا يقاتلوا مع قريش وغطفان حتى يأخذوا منهم رهائن يستوثقون بهم ، فصوّبوا رأيه ، ثمّ أتى أبا سفيان فأعلمه أنّ قريظة قد عزمت على أن تأخذ رهائن منكم ، وتسلّمهم إلى محمّد عليه‌السلام ، وحذّرهم أن يدفعوا إليهم الرّهائن ، ثمّ أتى غطفان ، فقال لهم مثل ذلك ، فوقع بين القوم ، وآيس بعضهم من بعض ، وأرسل الله ريح الصّبا ، فأطفأت نيرانهم ، وقطعت أطناب فساطيطهم ، وأظلم الجوّ عليهم بقسطل (١٠) سدّ الأفق ، فكان الرّجل لا يهتدي إلى رحله ، فارتحلوا منهزمين (١١). (١٢)

__________________

(١) ك وع وأ : والله. كذا في صحيح البخاري.

(٢) أخرجه البخاري في الصحيح (٢٨٣٧) ، ومسلم في الصحيح (١٨٠٣) ، والمقدسي في أحاديث الشعر ٤٦ ـ ٤٧.

(٣) أ : بسيفه.

(٤) ينظر : سيرة ابن هشام ٣ / ١٧٨ ، والطبقات الكبرى ٢ / ٦٨.

(٥) ساقطة من الأصل وك وأ. وينظر : دلائل النبوة للبيهقي ٣ / ٤٣٧.

(٦) ينظر : سيرة ابن هشام ٣ / ١٧٩ ، والطبقات الكبرى ٢ / ٦٧ ، والمنتظم ٣ / ٢٣٠.

(٧) ساقطة من أ.

(٨) ينظر : وسيرة ابن هشام ، و ٣ / ١٨٩ ، والمنتظم ٣ / ٢٤٤ ، والبداية والنهاية ٤ / ١٢٤.

(٩) أ : لا.

(١٠) القسطل : الغبار. العين ٥ / ٢٥٠ ، والنهاية في غريب الحديث ٤ / ٦١.

(١١) ع : مهزمين.

(١٢) ينظر : سيرة ابن هشام ٣ / ١٨١ ـ ١٨٢ ، والبدء والتاريخ ٤ / ٢١٩.

٤٥٣

وكان من دعاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يومئذ (١) : «اللهمّ منزّل الكتاب ، سريع الحساب اهزم أهل الأحزاب» (٢).

وكان المشركون قد شغلوا رسول الله عليه الصلاة والسّلام يومئذ عن صلاة الظّهر والعصر والمغرب والعشاء حتى كشفهم الله تعالى ، فأمر عليه الصلاة والسّلام بلالا فأدّن ، وأقام الظّهر ، وأقام لكل صلاة بعدها ، فقضاهنّ على التّرتيب ، (٣) ورجع إلى المدينة ، وقد استخلف عليها عبد الله بن أمّ مكتوم ، (٤) وكان زيد بن حارثة يومئذ يحمل لواءه الأعظم لواء المهاجرين ، وكان سعد بن عبادة صاحب لواء الأنصار. (٥)

وكان حسّان بن ثابت قد التجأ إلى حصن مع جماعة من النّساء فيهم صفيّة بنت عبد المطلب ، فقصده عشرة من اليهود يرمون ، وصفيّة تقول : دونك يا أبا الوليد ، وهو يأبى ، ولا يتجانس عليهم ، فدنا أحدهم من الباب يريد أن يدخل ، وآيست صفيّة وسائر النّساء من حسّان ، فاحتجزت صفيّة بثوبها ، وأخذت خشبة ، ونزلت إليه. (٦) غزوة الخندق على سبيل الاختصار.

١٠ ـ (إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ) : قال الكلبيّ : هذه في مجيء أبي الأعور السّلميّ من أسفل الوادي ، واعترض إلى أبي سفيان من قبل الخندق.

(وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ) : هما عبارتان عن شدّة الخوف. (٧) و (الحناجر) : جمع حنجرة ، وهي رأس الغلصمة. (٨)

(وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) : قال الكلبيّ : هو رجل واحد معتب بن قشير ، وإنّما قال ذلك حين أخبرهم (٢٦٢ ظ) بفتح فارس وملك الرّوم. (٩)

__________________

(١) ساقطة من ع.

(٢) أخرجه البخاري في الصحيح (٢٩٣٣) ، ومسلم في الصحيح (١٧٤٢) ، وابن ماجة في السنن (٢٧٩٦) ، عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه.

(٣) أخرجه أحمد في المسند ١ / ٣٧٥ ، والترمذي في السنن (١٧٩) ، والنسائي في الصغرى ٢ / ١٧ ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، وقال الترمذي : حديث عبد الله ليس بإسناده بأس إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من عبد الله.

(٤) ينظر : الطبقات الكبرى ٢ / ٦٦.

(٥) ينظر : الطبقات الكبرى ٢ / ٦٧ ،

(٦) ينظر : سيرة ابن هشام ٣ / ١٨٠ ـ ١٨٢. قال السهيلي : «ومجمل هذا الحديث عند الناس على أن حسان بن ثابت كان جبانا شديد الجبن ، وقد رفع هذا بعض العلماء ، وأنكره ، وذلك أنه حديث منقطع الإسناد ، وقال : لو صح هذا لهجي به حسان ، فإنه كان يهاجي الشعراء ، ... ، وكانوا يناقضونه ويردون عليه ، فما عيره أحد منهم بجبن ولا وسمه به ، فدل هذا على ضعف حديث ابن إسحاق ، ...».

(٧) ينظر : الطبري ١٠ / ٢٦٧ ، والتفسير الكبير ٩ / ١٦٠.

(٨) ينظر : مفردات ألفاظ القرآن الكريم ١٤٩ ، والبحر المحيط ٨ / ٤٤٨.

(٩) ينظر : الطبري ١٠ / ٢٦٨ ، والكشاف ٣ / ٥٣٥ ، والدر المنثور ٦ / ٥٠٧.

٤٥٤

١٣ ـ (وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ (١)): في المخلّفين (٢) عن المعسكر ، والراجفين إلى الحصن ، والمشيرين على أصحابهم بذلك ، يريدون به خذلان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فكانوا يعتذرون (٣) إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بأنّ بيوتنا عورتنا (٤).

(عَوْرَةٌ) : يخاف عليها السّرق ، وهم كاذبون (٥) فيما يقولون. (٦)

(يَثْرِبَ) : اسم المدينة في الجاهليّة ، سمّاها رسول الله طيبة ، (٧) فكانوا يلحدون إلى الاسم الأوّل لنفاقهم وبغضهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

٢٤ ـ (وَلَوْ دُخِلَتْ) : أي : المدينة. (٨)

(مِنْ أَقْطارِها) : أطرافها ونواحيها. (٩)

(ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ) : أي : طلبوا الكفر. (١٠)

(وَما تَلَبَّثُوا بِها إِلَّا يَسِيراً) : أي : لو آتوا الفتنة لما مهلّهم (١١) الله إلا قليلا. ويحتمل : أنهم آتوها ، ولم يتلبّثوا يروها وبالثّبات (١٢) على الإيمان إلا قليلا.

١٥ ـ (عاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ) : يعني : بيعة العقبة قبل الهجرة ، معقد عليهم ذلك العقد العبّاس (١٣) بن (١٤) عبد المطلب لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بإذن الله تعالى. (١٥)

١٨ ـ (الْمُعَوِّقِينَ) : المثبّطين ، والعائق : الصارف عن القصد. (١٦)

__________________

(١) غير موجودة في ع.

(٢) الأصول المخطوطة : المختلفين.

(٣) الأصل : يعتدون ، وهذه من باقي النسخ.

(٤) ساقطة من ع.

(٥) ك وأ : كذبون.

(٦) ينظر : مجمع البيان ٨ / ١٠٧ عن الحسن ، والرازي ٩ / ١٦٠.

(٧) ينظر : فتح الباري ٤ / ٧٢ ، وعمدة القاري ١٠ / ٢٢٧.

(٨) ينظر : الطبري ١٠ / ٢٧١ عن قتادة.

(٩) ينظر : تفسير القرطبي ١٤ / ١٤٩.

(١٠) ينظر : تفسير مقاتل بن سليمان ٣ / ٣٩ ، وتفسير الثعلبي ٨ / ١٩ ، والكشاف ٣ / ٥٣٦.

(١١) ع : أمهلم.

(١٢) أ : بالثبا.

(١٣) أ : القياس.

(١٤) الأصول المخطوطة : بني ، والصواب ما أثبت.

(١٥) ينظر : تفسير مقاتل بن سليمان ٣ / ٣٩ ، وتفسير السمرقندي ٣ / ٤٨ ، وتفسير السمعاني ٤ / ٢٦٧ عن مقاتل.

(١٦) ينظر : مفردات القرآن الكريم ٣٩٥.

٤٥٥

(هَلُمَّ) : كلمة دعوة ، قيل : أصلها هل الاستفهام والأمر من أمّ يؤمّ. (١)

١٩ ـ (أَشِحَّةً) : الظّاهر أنّه الشّحّ يمنع الموالاة والنّصر. (٢) وذكر الكلبيّ : أنّه يمنعهم النّفقة عن إخوانهم الذين كانوا في المعسكر.

(تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ) : في حماليقهم.

(كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ) : للدّهش والحيرة.

(سَلَقُوكُمْ) : سلخوكم ، تقول : سلقته بالسّوط ، وسلقت اللّحم عن العظم ، ومنه السّلاق وهو يقشر جلد اللّسان ، ولكنّه مستعار في الجهر بالقول السّيّئ ورفع الصّوت ، ومنه خطيب مسلاق ، (٣) وفي الحديث : «ليس منّا سلق أو حلق» (٤) ، وفي الحديث : «لعن الله السّالقة» (٥).

(حِدادٍ)(٦) : جمع حديد ، وهو ذا (٧) الحدّة.

٢٠ ـ (يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا) : في الذين خبّتوا (٨) عن القتال ، ولم يصدّقوا المؤمنين في انهزام الأحزاب. (٩)

(وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ) : مرّة أخرى (١٠).

يودّ (١١) هؤلاء المنافقون أن يكونوا متميّزين (١٢) عنكم.

(لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ يَسْئَلُونَ) : يستخبرون النّاس.

(عَنْ أَنْبائِكُمْ) : كالأجانب.

٢١ ـ (أُسْوَةٌ) : قدوة ، والتأسّي : الاقتداء. (١٣)

__________________

(١) ينظر : مفردات القرآن الكريم ٥٧٧ ، والزاهر في غريب ألفاظ الشافعي ٨٧ ، ولسان العرب ١٢ / ٦١٩.

(٢) ينظر : تفسير السمعاني ٤ / ٢٦٨.

(٣) ينظر : الغريبين ٣ / ٩١٩.

(٤) أخرجه أحمد في المسند ٤ / ٣٦٩ ، وأبو داود في السنن (٣١٣٠) ، والنسائي في الصغرى ٤ / ٢٠ ، وابن حبان في الصحيح (٣١٥١).

(٥) ينظر : غريب الحديث للجوزي ١ / ٤٩٣ ، والنهاية في غريب الحديث ٢ / ٣٩١ ، ولفظ الحديث في كتب الحديث : «إن الله بريء من السالقة ..» أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (٦٢٤) وغيره.

(٦) ع : وزاد.

(٧) ع : ذو.

(٨) أي : أفسدوا الناس عن القتال. ينظر : لسان العرب ٢ / ٢٨.

(٩) ينظر : مجمع البيان ٨ / ١٠٨ ، والدر المنثور ٦ / ٥١٣.

(١٠) ع : أخر. وينظر : تفسير الثعلبي ٨ / ٢٢ ، وتفسير البيضاوي ٤ / ٢٢٨ ، وتفسير أبي السعود ٧ / ٩٧.

(١١) في قوله تعالى : (يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ).

(١٢) ع : متمردين.

(١٣) ينظر : مفردات ألفاظ القرآن ٢٥ ، ولسان العرب ١٤ / ٣٥.

٤٥٦

٢٢ ـ (وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ) : لأنّ النّبيّ عليه‌السلام كان قد أخبرهم مجيء الأحزاب بسبع أو بتسع أنّهم يجيئون. (١)

٢٣ ـ عن أنس بن مالك : أن عمّه النضر بن أنس غاب عن قتال بدر ، فقال : غبت عن أوّل قتال قاتله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم المشركين ، لئن أشهدني قتالا للمشركين ليريّنّ الله كيف كيف (٢) أصنع؟ فلما كان يوم الأحد انكشف المسلمون ، فقال : اللهمّ إنّي أبرأ إليك ممّا جاء به هؤلاء ، يعني : المشركين ، وأعتذر إليك ممّا صنع هؤلاء ، يعني : أصحابه ، ثمّ تقدّم فلقيه سعد ، فقال : يا أخي ، ما فعلت فأنا معك ، (٢٦٣ و) قال : فلم أستطع أن أصنع ما صنع ، فوجد فيه بضع وثمانون من بين ضربة بسيف وطعنة برمح ورمية بسهم ، قال : فكنّا نقول فيه وفي أصحابه نزلت قوله : (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ). (٣)

وعن عائشة في قوله : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) : منهم طلحة بن عبيد الله ، (٤) ثبت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم أحد ، فأصيب (٥) فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أوجب طلحة الجنّة». (٦)

(لِيَجْزِيَ اللهُ) : اللام عائدة إلى قوله : (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً) ، [أو](٧) إلى قوله : (وَكانَ عَهْدُ اللهِ مَسْؤُلاً). الأوّل أظهر ؛ لأنّ الآية تليها : (وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) [الأحزاب : ٢٥] عائدة إلى أوّل القصّة على سبيل ردّ عجز الكلام على صدره.

٢٦ ـ (وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ) : نزلت في غزوة بني قريظة. (٨)

والسّبب في ذلك : أنّ النّبيّ عليه‌السلام لمّا علم بقدوم (٩) الأحزاب أرسل إليهم سعد بن معاذ الأنصاريّ وخوّات بن جبير يستنصرهم على الأحزاب على قضيّة الصّلح الذي كان بينهم

__________________

(١) ينظر : الكشاف ٣ / ٥٣٩.

(٢) مكررة في الأصل وك وأ ، وساقطة من ع.

(٣) أخرجه البخاري في الصحيح (٢٨٠٥) ، والترمذي في السنن (٣٢٠١) ، والطبراني في الكبير (٧٦٩).

(٤) هو حديث مرفوع إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن عائشة رضي الله عنها قال : «من سره أن ينظر إلى رجل قد قضى نحبه فلينظر إلى طلحة» ، أخرجه أبو يعلى في مسنده (٤٨٩٨) ، والطبراني في الأوسط (٩٣٨٢).

(٥) الأصول المخطوطة : أصيبت ، والتصويب من كتب التخريج.

(٦) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ٦ / ٣٧٦ ، وأحمد في المسند ١ / ١٦٥ ، والترمذي في السنن (١٦٩٢) عن الزبير بن العوام رضي الله عنه.

(٧) زيادة يقتضيها السياق.

(٨) ينظر : تفسير الطبري ١٠ / ٢٨٣ عن مجاهد وقتادة ، ومجمع البيان ٦ / ٥٢١ ، والتفسير الكبير ٩ / ١٦٤.

(٩) أ : قدم.

٤٥٧

وبين المسلمين ، فأبوا أن ينصروه ، ونقضوا العهد ، وشتموا الرّسول والمرسل ، وأظهروا حقدهم وتعصّبهم لبني النّضير الذين كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أجلاهم إلى الشّام قبل ذلك بسنتين ، فلما نزل المشركون بساحتهم استنصرهم حييّ بن أخطب ، وكان من بني النّضير ، فامتنعوا منه (١) بعض الامتناع ، ثمّ أجابوه ، وضمنوا إعانته على شريطة أن يدخل معهم الحصن ، إن كانت الدائرة (٢) عليهم ، ثمّ تخلّفت اليهود عن المشركين لمكان السبت ، وغضب أبو سفيان بن حرب ، فلم ينتظرهم ، فهزم الله الأحزاب بما (٣) ذكرنا. (٤)

ودخل حييّ بن أخطب الحصن مع بني قريظة ، (٥) ورجع رسول الله إلى المدينة فجعل يغسل رأسه ممّا لقي يوم الخندق ، فقالت عائشة يا رسول الله : إنّي لأرى دحية الكلبيّ عند المنبر ، فنظر عليه‌السلام فإذا هو جبريل يمسح الغبار عن وجهه ، فقال له (٦) جبريل : والله ، يا محمد ، ما وضع أهل السماء أسلحتهم ، وقد وضعتم أسلحتكم ، اخرج إلى بني قريظة ، فقال النّبيّ عليه‌السلام : كيف أصنع بهم وهم في حصنهم؟ قال : اخرج إليهم ، والله لأدقّنّهم بالخيل والرّجال كما تدقّ البيضة على الصّفا ، ولأخرجنّهم من حصنهم ، فنادى رسول الله في النّاس يأمرهم بالخروج إلى بني قريظة ، وخرج هو بنفسه ، على مقدمته عليّ بن أبي طالب ، وعلى الميمنة زيد بن حارثة ، وعلى الميسرة ثابت بن أثرم الأنصاريّ ، واستخلف على المدينة أبارهم كلثوم بن الحصين (٢٦٣ ظ) الغفاريّ ، فما انتهى إليهم استنزلهم ، فقال : انزلوا على حكم الله ورسوله يا إخوة القردة ، فنزل أسد وأسيد وثعلبة بنو شعبة بن عمرو مسلمين مؤمنين ، وامتنع الباقون عن النّزول ، فأرسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أبا لبابة بن عبد المنذر ، وقال : قل لحلفائك (٧) ينزلون على حكم الله ورسوله ، فأشار إليهم أبو لبابة ووضع يده على حلقه ينذرهم بالذّبح إن نزلوا ، وقالوا : لا ننزل ، فقال رسول الله : يا أبا لبابة ، خنت الله ورسوله ، قال : نعم يا رسول الله ، وندم على صنيعه ، فارتبط على سارية من سواري المسجد بضع عشرة ليلة حتى نزلت توبته ، فلبثوا خمسا (٨) وعشرين ليلة ، ثم استنزلهم على حكم سعد بن معاذ ، فنزلوا ، وكان سعد بن معاذ حكما ، فحكم بقتل مقاتلتهم ، وسبي ذراريهم ونسائهم ، وقسّموا أموالهم ، وقتل سراتهم ، وكانوا

__________________

(١) ع : عنه ، وفي أ : وامتنعو منه.

(٢) ع : الديرة.

(٣) ع : كما.

(٤) ينظر : الآية ٩ من السورة نفسها.

(٥) ينظر : سيرة ابن هشام ٣ / ١٧٤ ، والطبقات الكبرى ٢ / ٦٧ ، وتفسير القرطبي ١٤ / ١٣٢.

(٦) ساقطة من ع.

(٧) أ : لحفائك.

(٨) الأصل وك : خمس ، وهذا من ع.

٤٥٨

تسع مئة وخمسين رجلا ، وقيل : أربع مئة وخمسين ، وجيئ بحييّ بن أخطب ، وعليه معطفة (١) حمراء ، فشقّها على نفسه مخافة أن يسلب ، فأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بضرب عنقه ، وكانت الخيل في هذه الغزوة في عسكر رسول الله ستة وثلاثين فرسا. (٢)

وروي في بعض التّاريخ : أنّ النّبيّ عليه‌السلام اصطفى من السّبي ريحانة بنت عمرو بن خنافة ، (٣) وليس بمعروف.

وكان يحمل رايته عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه. (٤)

وكانت امرأة من قريظة ألقت رحا من فوق الحصن فقتلت خلّاد بن سويد ، فأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بقتل تلك المرأة ، فقتلت. (٥)

ونهى في هذه الغزوة أن يفرّق بين الأمّ وولدها ، وبين الأختين إذا كانتا صغيرتين ، وبلغ عدد السّبي تسع مئة. (٦)

(مِنْ صَياصِيهِمْ) : جمع صيصية ، وهي كلّ ما يقع به الامتناع والتّحصّن ، وصياصيّ البقر قرونها ، وصيصيتا الدّيك شوكتاه ، (٧) وفي حديث أبي هريرة : «أصحاب الدّجال شواربهم كالصّياصيّ» (٨).

٢٧ ـ (وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ) : مزارعهم وبساتينهم. (٩)

(وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها) : بيوتهم وخزائنهم. وذكر الكلبيّ : أنّ الأرض التي لم يطؤوها خيبر. (١٠) أي : سيورّثكم. ويحتمل : أنّ الآية نزلت بعد فتح خيبر ، وأراد بالأرض ممّا أفاء الله على رسوله من أهل القرى لم يوجفوا (١١) خيلا ولا ركابا (١٢).

٢٨ ـ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ) : جابر بن عبد الله قال : مكث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوما في بيته لم يخرج ، فحضر النّاس في المسجد ينتظرونه ، فجاء أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ،

__________________

(١) أ : مقشطعة.

(٢) ينظر : سيرة ابن هشام ٣ / ١٨٥ ـ ١٨٦ ، وتفسير الطبري ١٠ / ٢٨٥ ـ ٢٨٩ ، وحدائق الأنوار ٢ / ٥٩٦ ـ ٥٩٨.

(٣) ينظر : سيرة ابن هشام ٣ / ١٩٢ ، والثقات ١ / ٢٧٨ ، والطبقات الكبرى ٢ / ٧٥.

(٤) سيرة ابن هشام ٣ / ١٨٤.

(٥) ينظر : سيرة ابن هشام ٣ / ١٩٠.

(٦) ينظر : سيرة ابن هشام ٣ / ١٨٤ ـ ١٨٦.

(٧) ينظر : مفردات ألفاظ القرآن الكريم ٣٢٦ ، والنهاية في غريب الحديث ٣ / ٦٧ ، وتفسير البيضاوي ٤ / ٢٢٩.

(٨) ينظر : غريب الحديث لابن الجوزي ١ / ٦١٢ ، ولسان العرب ٧ / ٥٢ ، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(٩) ينظر : تفسير الطبري ، وتفسير السمرقندي ٣ / ٥٤ ، وتفسير البيضاوي ٤ / ٢٣٠.

(١٠) ينظر : تفسير الماوردي ٣ / ٣١٨ ، وتفسير ابن عطية ١٢ / ٤٩ ، وتفسير الطبري ١٠ / ٢٨٨ عن السدي وابن زيد.

(١١) الأصل وك وأ : يرجعوا.

(١٢) الأصل وك وأ : ركبا. وينظر : قول الطبري في تفسيره ١٠ / ٢٨٨ ، والتفسير الكبير ٩ / ١٦٥.

٤٥٩

وقالوا : لو أنّ أبا بكر استأذن على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فاستأذن أبو بكر ، فردّ ، ثم استأذن عمر ، فردّ ، فجلسا مع النّاس ساعة ، فقال القوم لأبي [بكر](١) : استأذن ، فاستأذن ، فأذن (٢٦٤ و) له ، ثم استأذن عمر ، فدخلا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ونساؤه كلّهن حوله وهو ناكس رأسه ، ثم رفع رأسه ، فقال عمر : يا رسول الله ، لو رأيت ابنة زيد وقد سألتني النّفقة والكسوة ، فقمت إليها ، فوجأت رقبتها وجأة فخرّت (٢) ، فضحك رسول الله حتّى بدا نواجذه ، ثمّ قال : والله ما حبسني عنكم منذ اليوم إلا من تسألني النّفقة والكسوة ، فقام أبو بكر إلى عائشة فضربها ، فأمسكه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقام عمر إلى حفصة فقال : والله لا تسألين بعد هذا اليوم شيئا ، ثمّ خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فصلّى ، ثمّ نزل التّخيير ، فبدأ بعائشة ، فقال : يا عائشة ، إنّي عارض عليك أمرا فلا تعجلي حتى يأتيك أبوك وأمّك فتسأليهما ، فلمّا عرض عليها (٣) ، قالت : أنّى استشير فيك أبي وأمّي ، أنا أختار الله ورسوله والدار الآخرة ، وأحرّج (٤) عليك أن تخبر أحدا من صواحباتي ما ذا قلت ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : معاذ الله من ذلك ، إنّ الله لم يبعثني معنّفا ولا متعنّتا ، ولكن بعثني معلّما ميسّرا ، فلا تسألني امرأة إلا أخبرتها أنّك اخترت الله ورسوله والدار الآخرة ، فعرض عليهن ، فقلن ما قالت عائشة؟ فأخبرهنّ (٥) ما قالت ، فقلن : ونحن اخترنا الله ورسوله والدار الآخرة. (٦)

٣٠ ـ (يا نِساءَ النَّبِيِّ) : أزواجه وبناته وسائر الهاشميّات ، والخطاب قد تناولهنّ (٧) جميعا.

(يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ) : لأن المحنة على قدر النّعمة ، (٨) بدليل اختلاف المحصن وغير المحصن (٩) في حكم الزّنا.

٣٢ ـ (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ) : فلا تليّنّ الكلام ، ولا تلطّفن الصوت. (١٠)

(وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) : لا تغنّج فيه ولا ريبة.

٣٢ ـ عن ابن عباس قال : (الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى) كانت بين إدريس ونوح عليهما‌السلام ،

__________________

(١) زيادة من كتب التخريج.

(٢) الأصول المخطوطة : فحرته ، والتصويب من كتاب التخريج.

(٣) الأصل وك وأ : عارض عليهما.

(٤) بياض في ع.

(٥) ع : وأخبرهن.

(٦) أخرجه مسلم في صحيحه (١٤٧٨) ، والنسائي في الكبرى (٩٢٠٨) ، وأبو يعلى في المسند (٢٢٥٣).

(٧) الأصول المخطوطة : تناول.

(٨) ينظر : مجمع البيان ٨ / ١١٦ ، والتفسير الكبير ٩ / ١٦٧ ، وتفسير البيضاوي ٤ / ٢٣٠ ، وتفسير أبي السعود ٧ / ١٠١.

(٩) (وغير المحصن) ، ساقط من ع.

(١٠) ينظر : تفسير السمعاني ٤ / ٢٧٩.

٤٦٠