درج الدّرر في تفسير القرآن ّالعظيم - ج ٢

عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني

درج الدّرر في تفسير القرآن ّالعظيم - ج ٢

المؤلف:

عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني


المحقق: د. طلعت صلاح الفرحات / د. محمّد أديب شكور
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر ناشرون وموزعون
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
9957-07-514-9

الصفحات: ٨٠٢
الجزء ١ الجزء ٢

يجوز بها كون المنكورة على أنّه صفة تدركها الأوهام ، تقديره : جندنا كان كيف كان (١). فإن صحّ أحد هذين المعنيين فالإشارة بهنالك واقعة إلى بدر (٢) أو بعض المشاهد التي انهزم (٢٨٢ و) فيه المشركون ، (٣) وتكون (من) للجنس ، أي : جند من جنس الأحزاب (٤).

و (الْأَحْزابِ) : الذين تحزّبوا على أنبياء الله عليهم‌السلام. (٥)

١٢ ـ (ذُو الْأَوْتادِ) : جمع وتد ، وهي ما نركزه (٦) في الأرض. (٧) وقيل : المراد بالأوتاد قصوره الثابتة في الأرض مثل الجبال. (٨) وقيل : أربعة أوتاد كان يمدّ بينها من يعذبه من النّاس. (٩) وقيل : كانت أوتادا (١٠) تلعب (١١) السّحرة عليها بين يديه. (١٢)

١٥ ـ (فَواقٍ) : مقدار استراحة النّاقة بين الحلبتين ، (١٣) وعنه عليه‌السلام : «العيادة مقدار فواق النّاقة» (١٤).

١٦ ـ (وَقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا) : اتصاله صرف الله نبيّه (١٥) عن أذى قومه إلى ما يتسلّى بها ، أو يذكر الله ما ابتلي به داود عليه‌السلام ؛ ليهوّن على رسول الله على (١٦) كلمة الإخلاص أن تدين لهم بها العرب وتعطي العجم جزيتها ، فإنّ داود عليه‌السلام أوتي ما أوتي بكلمة لا إله إلا الله ، وكانت قريش وسائر العرب يعرفون داود عليه‌السلام ، ويعترفون بسلطانه في الأرض.

١٨ ـ وعن ابن عبّاس : لم أدر ما صلاة الضّحى حتى أتيت على هذه الآية : (يُسَبِّحْنَ

__________________

(١) ساقطة من ك.

(٢) ينظر : تفسير السمعاني ٤ / ٤٢٧.

(٣) ينظر : تفسير مقاتل بن سليمان ٣ / ١١٤ ، وتفسير القرطبي ١٥ / ١٥٣.

(٤) (أي : جند من جنس الأحزاب) ، ساقط من أ.

(٥) ينظر : تفسير غريب القرآن ٣٧٧.

(٦) أ : يذكره.

(٧) ينظر : لسان العرب ٣ / ٤٤٤.

(٨) ينظر : تفسير الطبري ١٠ / ٥٥٦ ، وزاد المسير ٧ / ٩.

(٩) ينظر : تفسير الطبري ١٠ / ٥٥٦ ، وزاد المسير ٧ / ٩ عن ابن مسعود وابن عباس ، والكشاف ٤ / ٧٨.

(١٠) الأصول المخطوطة : أوتاد ، والصواب ما أثبت لأنه خبر كان.

(١١) أ : تعلب.

(١٢) ينظر : تفسير الصنعاني ٣ / ٣٧١ عن قتادة ، وتفسير الطبري ١٠ / ٥٥٦ ، وزاد المسير ٧ / ٩ عن قتادة وعطاء.

(١٣) ينظر : تفسير غريب القرآن ٣٧٨ ، وإيجاز البيان عن معاني القرآن ٢ / ٧٠٧ ، ومفاتيح الأغاني ٣٥٣.

(١٤) ينظر : أخرجه ابن أبي الدنيا في المرض والكفارات ١٤٢.

(١٥) ك : عليه ، وقومه التي بعدها : قوم.

(١٦) ساقطة من ع.

٥٢١

بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ)، (١) إذا أشرقت الشّمس.

٢٠ ـ (وَفَصْلَ الْخِطابِ) : فصل القضاء بالشّهود والأيمان ، عند مجاهد (٢) والحسن (٣). وعن الشّعبيّ ، عن زياد : أنّه قول الخطيب : أمّا بعد. (٤)

٢١ ـ (وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ) : مصدر ، (٥) ويجوز أن يكون اسما كالضّيف.

(إِذْ تَسَوَّرُوا) : تسلّقوا. (٦)

٢٢ ـ (إِذْ دَخَلُوا) : يعني : ملكان ، مع كل واحد عنزة معين له. وقيل : لم يدخل عليه إلا ملكان ، لكن كنّى بلفظ الجماعة لاعتبار وجود معنى الجمع والضّمّ ، (٧) قال الله تعالى : (إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ)، ثم قال : (وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ) [الأنبياء : ٧٨] ، وقال لآدم وحواء : (اهْبِطُوا) [البقرة : ٣٨] ، وكون الاثنتين والأختين كما فوقهما في الميراث.

(خَصْمانِ) : أي : نحن خصمان. (٨)

٢٣ ـ (نَعْجَةً) : وهي الأنثى من الضّأن والبقر أو البقر الوحش والشّاء الجبليّ ، وجمعها نعاج ، (٩) وهذا مثل ضرباه (١٠) للنّساء ، (١١) وكان داود تحته تسع وتسعون امرأة ، وكانت (١٢) عند أوريا امرأة واحدة.

(أَكْفِلْنِيها) : أي : سلّمها إليّ ، واجعلني كفيلها. (١٣)

والقصة فيه : أنّ داود عليه‌السلام دعا ربّه ذات يوم ، فقال : في دعائه : يا ربّ ، اجر ذكري

__________________

(١) جزء من حديث أخرجه الحاكم في المستدرك ٤ / ٥٩.

(٢) ينظر : معاني القرآن للفراء ٢ / ٤٠١.

(٣) جاء في زاد المسير ٧ / ١٣ عن الحسن : أنه علم القضاء والعدل.

(٤) ينظر : معاني القرآن للفراء ٢ / ٤٠١ عن بعض المفسرين ، وتفسير غريب القرآن ٣٧٨ ، وتفسير الطبري ١٠ / ٥٦٥ ، وزاد المسير ٧ / ١٣ عن الشعبي.

(٥) ينظر : البيان في غريب إعراب القرآن ٢ / ٢٦٢ ، ومعاني القرآن وإعرابه ٤ / ٣٢٥ ، وإيجاز البيان عن معاني القرآن ٢ / ٧٠٩.

(٦) ينظر : تفسير غريب القرآن ٣٧٨ ، والكشاف ٤ / ٨٥.

(٧) ينظر : زاد المسير ٧ / ١٦ ، وتفسير مبهمات القرآن ٢ / ٤٢٤ وسمى الملكين فقال : هما جبريل وميكائيل.

(٨) معاني القرآن للفراء ٢ / ٤٠١ ، والبيان في غريب إعراب القرآن ٢ / ٢٦٣ ، والكشاف ٤ / ٨٥.

(٩) ينظر : لسان العرب ٢ / ٣٨٠.

(١٠) أ : ضربناه.

(١١) ينظر : تفسير مبهمات القرآن ٢ / ٤٢٥.

(١٢) ع : وكان.

(١٣) ينظر : تفسير غريب القرآن ٣٧٩ ، وتأويلات أهل السنة ٤ / ٢٦٥.

٥٢٢

بعد وفاتي في أفواه بني إسرائيل ، ليذكرونني في صلاتهم ، كما يذكرون إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب عليهم‌السلام ، فأوحى الله تعالى : أن هؤلاء ابتليتهم ، وأنت لم تبتل (١) بشيء من بلوائه ، فقال : إلهي ، وبم ابتليتهم؟ فأوحى الله إليه : أنّي ابتليت إبراهيم فصبر على النّار ، فصيّرتها عليه بردا وسلاما ، وابتليت إسماعيل (٢٨٢ ظ) بالغربة عن أبيه ، فصبر ، فآويته وأحسنت مثواه ومثوبته ، وأوفدت إليه أمّة من النّاس ، فأمّنت بهم وحشته ، وأغنيت بهم فقره ، ولممت بهم شعثه ، وابتليت إسحاق بالذّبح ، فصبر لأمري ، ورضي بقضائي ، ففديته بذبح عظيم ، ونجّيته من الكرب الشّديد ، وابتليت يعقوب بفقد حبيبه يوسف ، فقال داود : إلهي فابتليني واجعل اسمي مع أسمائهم في أفواه بني إسرائيل عند صلاتهم ، فأوحى الله إليه : إذ (٢) لم تقبل العافية فستأتيك البليّة ، ثمّ أمهله الله عزوجل حتى نسي مسألته ، فبينا هو ذات يوم في مسجده (٣) يقرأ الزّبور ، وكان ذلك المسجد مشرفا على بستان من بساتين بني إسرائيل ، وفي ذلك البستان عين ماء تنتهي إلى حوض معمول لنساء بني إسرائيل ليغتسلن فيه عند حيضتهنّ ، فبينا هو كذلك إذا سقط حمامة أمامه كأنّها من ذهب ، وجناحاه كالياقوت الأحمر ، وذنبها كالزّمرد (٤) الأخضر ، ومنقارها كالدّرّ الأبيض ، ومخالبها كالفيروزج (٥) الأزرق ، فلمّا رآها أعجبه حسنها ، فظنّ أنّها من طيور الجنّة ، فقام ليأخذها ، فطارت حتى سقطت على حائط ذلك البستان ، فمشى نحوها ، وأهوى بيده إليها ، فأصاب طرف أصابعه جناحها ، وانقضت في البستان ، فظنّ أنّه صرعها ، فأشرف على البستان ، فإذا هو بامرأة من نساء بني إسرائيل تغتسل في ذلك الحوض من أجمل ما يكون من النّساء ، فبقي مسترخيا ينظر إلى جمالها ، وحسن خلقها ، ونظرت المرأة إلى صورة رجل في الماء ، فرفعت رأسها فإذا هي بداود عليه‌السلام مشرفا عليها ، فأرخت شعرها ، فجلّل ما بين رأسها إلى قدميها ، فوقعت بقلب داود عليه‌السلام ، وسأل عنها ، فأخبر أنّها امرأة أوريا ، وكان أوريا بناحية من أرض الشّام في خيل عظيمة عليها ابن أخت لداود يقاتل خيلا من كفّار ذلك العصر ، ومعهم التّابوت (٦) التي ذكره الله في كتابه : (فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ) [البقرة : ٢٤٨] ، فكان من تقدّم من بني إسرائيل على التّابوت يوم القيامة ، لم ينصرف حتى يقتل أو يظفر ، فكتب داود إلى ابن أخته يأمره أن يقدّم أوريا أمام التابوت ، فلمّا قرئ الكتاب على أوريا قال : إنّ نبيّ الله داود لم يقدّمني إلا وقد علم

__________________

(١) ك : لتبلك ، وفي ا : تبتلى.

(٢) ع : إن.

(٣) ك : مستجده ، وفي أ : مسجد.

(٤) ع : كالزمر.

(٥) ع : كالفيروج.

(٦) أ : الياقوت.

٥٢٣

أنّني مقتول ، فتقدّم حتى قتل هو و (١) من كان معه ، فأمهل داود (٢٨٣ و) المرأة حتى انقضت عدتها ، ثمّ تزوج بها ، فبينا يصلّي داود عليه‌السلام ذات يوم في المحراب إذ تسوّر عليه الملكان المحراب حتى هبطا عليه في صورة رجلين ، فخاف أنّهما يريدانه بسوء ، وغضب على أحارسه ، فقالا : لا تخف ، فإنّا خصمان ، قال لهما : ارجعا ليس هذا يوم قضاء ، قالا : حاجتنا يسيرة ، قال : هاتيا ، قال أحدهما : (إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً) إلى آخر الآية ، فحكم بينهما ، فارتفعا في السّماء ، وهو ينظر إليهما ، وهما يقولان : يا داود حكمت على نفسك ، فعلم عند ذلك أنّه مفتون ، فخرّ مغشيا عليه ، ثمّ أفاق وهو يقول : إلهي ، كيف أعمل ، ولست تغفل عنّي؟ إلهي ، كيف أعمل إن لم تقبل توبتي؟ ، إلهي ، كيف أعمل؟ وكيف أتوب؟ وكيف توبتي؟ إلهي ، كيف أعتذر ولا عذر لي؟ إلهي ، كيف ألقاك وأنا صاحب الخطيئة؟ إلهي ، كيف ألقاك وأنا صاحب البليّة؟ إلهي ، ما حجّتي يوم ألقاك وأنا صاحب الزّلّة؟ إلهي ، ما حجّتي يوم ألقاك وأنا صاحب أوريا؟ إلهي ما حجّتي يوم (٢) ألقاك وأنا صاحب الذّنب العظيم؟ فأوحى الله إليه : أجائع أنت فأشبعك؟ أم عطشان فأرويك؟ أم عار فأكسوك؟ فقال : إلهي ، أنت أعلم بحاجتي ، قال : فأوحى الله تعالى أن انطلق إلى قبر أوريا ، فإنّي قد أذنت له في كلامك ، فاستوهبه الذّنب ، فإن وهبه لك غفرته لك ، فانطلق داود عليه‌السلام إلى قبر أوريا ، وكان قد نقل إلى بيت المقدس ، فدعاه داود عليه‌السلام ، فأجاب أوريا : من الذي أيقظني من نومي ، وقطع عليّ لذّتي؟ قال داود عليه‌السلام : أنا أخوك داود ، قال : مرحبا بك يا نبيّ الله ، فما حاجتك إليّ؟ قال : ذنب كان منّي إليك ، قال : جعلتك في حلّ ، قال : فانصرف داود ، وقد ذهب بعض همّه ، فبينا هو يمشي منصرفا إذ أوحى الله إليه : يا داود ، إنّي حكم عدل لا أحكم بالغيب ، فانصرف إليه ، وبيّن له الذّنب ، فانصرف داود عليه‌السلام على فوره إلى قبره ، ثمّ دعاه ، فأجابه : من هذا الذي أيقظني من نومتي وقطع عليّ لذّتي؟ قال : أنا أخوك داود ، قال : فيما عدت إليّ يا نبيّ الله؟ قال : أستوهبك الذّنب الذي كان منّي إليك ، قال : أولم أجعلك في حلّ؟ قال : إنّ ربّي أمرني أن أخبرك به ، قال : وما هو؟ قال : إنّي عرّضتك للمكاره والمهالك (٣) من أجل امرأتك ، قال : صنعت لماذا (٤) قال : لأتزوج من بعدك ، قال : فهل تزوّجت بها؟ قال : نعم ، قال : لست أجعلك في حلّ حتى أخاصمك يوم القيامة بين يدي (٥) الله عزوجل ، فوضع يده على رأسه ، وخرّ

__________________

(١) ساقطة من أ.

(٢) (وأنا صاحب الزلة؟ ... إلهي ما حجتي يوم) ، ساقط من ك.

(٣) ع : للمهالك والمكاره.

(٤) الأصل وك : لما ذي.

(٥) أ : يد.

٥٢٤

صائحا سائحا (٢٨٣ ظ) والها حيران يبكي وينتحب ، ثمّ سقط مغشيا عليه يوما وليلة ، ثمّ أفاق حتى أصبح ، فمكث بذلك المكان شهرا يبكي بدمع هتين (١) ، وقلب حزين حتى نبت العشب في ذلك المكان من دموع عينه ، فرحم الله طول بكائه وتضرعه ، فأوحى الله إليه أن ارفع رأسك يا داود ، فقد غفرنا لك ، فقال : إلهي ، وكيف تغفر لي وأنت عدل لا تجور؟ فأوحى الله إليه : أن أري أوريا (٢) في الجنّة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ، فيسألني لمن هذا يا ربّ؟ فيقول : لمن غفر لأخيه ذنبه إليه ، فقال : إلهي وسيّدي ، علمت الآن أنّك غفرت لي ، ثمّ لم يزل باكيا على خطيئته أيام حياته ، وكان يلبس الصّوف ، ويفترش الشعر ، ويصوم يوما ، ويفطر يوما على خبز شعير بملح جريش ، وكان إذ ذكر خطيئته خرّ مغشيّا عليه حتى ربط الله [قلبه](٣) بالصّبر والإيمان ، فألقى الله في قلوب بني إسرائيل أن يخرجوا في طلبه ، ويردّوه إلى دار مملكته ، فإنّ داود عليه‌السلام ولد له سليمان من تلك المرأة ، واسمها بتشايع. (٤)

٢٤ ـ (قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ) : خاطب الذي يصوّر له أنّه مظلوم دون الذي تصوّر له أنّه ظالم ، إعزاز الذليل وإهانة الظالم (٥).

(وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) : يجوز أن يكون من كلام داود عليه‌السلام ، ويجوز أن يكون كلاما عارضا في أثناء القصّة من جهة الله ، ويجوز أن يكون من كلام الخصمين بإضمار القول.

(الْخُلَطاءِ) : جمع خليط ، وهو الشّريك. (٦)

(وَظَنَّ داوُدُ) أي : علم وتيقّن. (٧)

(وَقَلِيلٌ ما هُمْ) : يجوز أن تكون (ما) صلة ، (٨) ويجوز أن تكون اسما ، (٩) أي : قليل الذين يؤمنون ، وإنّما هي التي تدخل الحرف النّاصب على الأفعال.

__________________

(١) الأصل وك وأ : هتين.

(٢) الأصل وأ : رؤيا.

(٣) زيادة يقتضيها السياق.

(٤) هل يعقل أن يكون نبي من أنبياء الله تعالى بهذا الشكل ، ويعمل بهذا العمل ، اللهم لا ، ولا أريد أن أعلق بأكثر من هذا ففي الرد على مثل هذه الإسرائيلية سهل ، وعدم التصديق بها يدركه كل مؤمن آمن بأنبياء الله تعالى على أنهم معصومون من الله تعالى عصمة لا يمكن أن تحدث معها مثل هذه الأعمال. والله أعلم. وينظر : قصة داود عليه‌السلام وابتلائه في تعظيم قدر الصلاة ١ / ١٠٣ ـ ١٠٥.

(٥) (إعزاز الذليل وإهانة) ، مكرر في الأصل وك وأ.

(٦) ينظر : تفسير غريب القرآن ٣٧٩ ، وزاد المسير ٧ / ١٩ ، والكشاف ٤ / ٨٨.

(٧) ينظر : معاني القرآن للفراء ٢ / ٤٠٤ ، والبيان في غريب إعراب القرآن ٢ / ٢٦٣ ، وزاد المسير ٧ / ١٩.

(٨) ينظر : تفسير السمعاني ٤ / ٤٣٥ ، والبيان في غريب إعراب القرآن ٢ / ٢٦٣ ، واللباب في علوم الكتاب ١٦ / ٤٠٦.

(٩) تفسير الطبري ١٠ / ٥٦٩ ، وتفسير القرطبي ١٥ / ١٧٩.

٥٢٥

عن أبي سعيد الخدريّ : أنّ رسول الله عليه‌السلام أنّه سجد في ص. (١) وعن مجاهد قال : قلت لابن عباس : السجدة في ص من أين أخذت؟ فتلا عليّ هؤلاء الآيات من الأنعام : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ) [الأنعام : ٨٤] إلى قوله : (فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) [الأنعام : ٩٠] ، فقال : كان داود عليه‌السلام ممّن أمر نبيكم أن يقتدي به. (٢) وعن ابن عباس قال أتى (٣) رجل إلى النّبيّ عليه‌السلام قال : يا رسول الله ، إنّي رأيت اللّيلة ، وأنا نائم ، كأنّي أصلّي خلف شجرة ، فسجدت فسجدت الشجرة لسجودي ، فسمعتها وهي تقول : اللهم اكتب لي بها عندك أجرا ، وضع عني بها وزرا ، واجعلها لي عندك دخرا ، وتقبّلها منّي كما تقبّلتها (٤) من عبدك داود. (٥) وعن الكلبيّ : أنّه بلغه عن عبد الرحمن بن سابط قال : بلغني أنّ داود عليه‌السلام يبعث يوم القيامة من قبره (٢٨٤ و) وهو ينتفض انتفاض العصفور شفقا (٦) من خطيئته ، فلا يزال كذلك حتى يدنيه ربّه فيمسّ بعض جوانبه ، فيطمئنّ. تعالى الله عن المسيس الذي نعرفه ، ولكنّه يظهر سلطانه على ما شاء الله ممّن شاء.

٢٨ ـ (أَمْ نَجْعَلُ) : بمعنى ألف الاستفهام. (٧) وذكر الكلبيّ قوله : (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا)(٨) نزلت في حمزة وعليّ وسفيان وبني عبد المطّلب وعتبة وشيبة والوليد ، فإن كان كذلك فالآية مدنيّة. (٩)

٣١ ـ العامل في (إِذْ) مضمر. (١٠) وقيل : قوله : (أَوَّابٌ) [ص : ٣٠]. (١١)

(الصَّافِناتُ) : القائمات على ثلاث قوائم ، (١٢) والصّافن من الرّجال الذي يصفّ قدميه.

(الْجِيادُ) : الخيل العتاق. (١٣)

__________________

(١) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ١ / ٣٦١.

(٢) ينظر : تاريخ دمشق ١٧ / ٨٥ ، وتغليق التعليق ٤ / ٢١٢ ، ومعتصر المختصر ١ / ٨٤.

(٣) ساقطة من الأصل وك وأ.

(٤) (مني كما تقبلتها) ، ساقط من أ.

(٥) أخرجه الترمذي (٥٧٩) ، ومحمد بن محمد الحاكم في شعار أصحاب الحديث ٦٣.

(٦) ع : مشفقا.

(٧) ينظر : الكشاف ٤ / ٩١ ، والتسهيل لعلوم التنزيل ٣ / ١٨٤ ، واللباب في علوم الكتاب ١٦ / ٤١١.

(٨) ع زيادة : (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ).

(٩) ينظر : تفسير السمرقندي ٣ / ١٥٨.

(١٠) ينظر : التبيان في إعراب القرآن ٢ / ٣١١.

(١١) ينظر : التبيان في إعراب القرآن ٢ / ٣١١ ، وتفسير البيضاوي ٥ / ٢٩.

(١٢) ينظر : معاني القرآن للفراء ٢ / ٤٠٥ ، وتفسير غريب القرآن ٣٧٩ ، وإيجاز البيان عن معاني القرآن ٢ / ٧١١.

(١٣) ينظر : تفسير السمعاني ٤ / ٤٣٩.

٥٢٦

٣٢ ـ و (١)(حُبَّ الْخَيْرِ) : المال. (٢) ووجه التعدية ب (عن) إضمار الميل ، تقديره : ملت إلى حبّ الخير عن ذكر ربّي. وذكر أبو عبيد (٣) الهرويّ وغيره : أنّ المراد بالمحبّة الإيثار (٤) ، وأنّ (عن) بمعنى (على). (٥)

والقصّة في ذلك : أنّ قبائل من قبائل العرب النّازلين بحدود دمشق ونصيبين تحزّبوا على سليمان ليقاتلوه ، فأظفره الله تعالى عليهم ، وأخذ ألف رأس من خيلهم ، فلما راح من المعركة إلى منزله عرض الخيول ، فكان الله قد أتاه (٦) من الهيبة ما لا يبدأ بكلام ، ولا يذكر شيئا حتى يكون هو الذي يبدأ ويذكر ، فابتلاه الله يوم عرض الخيل بنسيان العصر حتى توارت بالحجاب ، فغضب على نفسه ، وعاقبها بأن فوّت عليها ما أعجبها. (٧)

٣٣ ـ (مَسْحاً) : قطعا. (٨) قيل : إنّه عقر يومئذ تسع مئة فرس ، وترك مئة ، فما أبدى النّاس من الخيل العراب فمن نسل تلك المئة. (٩)

٣٦ ـ (رُخاءً) : ريحا طيبة. (١٠) وقيل : لينة. (١١)

والقصّة فيه : أنّ الجنّ أخبرت سليمان عليه‌السلام بأمر ملك أندلس وطنجة وفرنجة وأفريقية ، وما آتاه الله من النّعمة والسلطان ، وهو كافر بربه يعبد الأصنام من دونه ، فسار سليمان نحوه تحمله الرّيح وتظلّه الطّير ، فلمّا انتهى إليه أرسل إليه رسولا يدعوه إلى توحيد الله ودين الإسلام ، فاستشار ذلك الملك قومه ، فأشاروا عليه بالطاعة ، فتكبّر عنها ، وقال : لو كلّفني خراجا لتحمّلته ، وأما ترك الآلهة فلا أتركها ، وأمر قومه بأن يستعدّوا للقتال ، فاستعدوا وقاتلوا سليمان عليه‌السلام ، فلم يلبثوا إلا ساعة من نهار قتل الملك فيمن معه (١٢) ، واستسلم سائر الأرض ، وكان (١٣) لذلك بنت تسمّى سحور ، وكانت أجمل من بلقيس ، فلمّا رآها سليمان عليه

__________________

(١) ساقطة من ع وأ.

(٢) ينظر : إيجاز البيان عن معاني القرآن ٢ / ٧١١ ، وزاد المسير ٧ / ٢٣ ، والكشاف ٤ / ٩٣.

(٣) ع وأ : عبيدة.

(٤) ع : الإتيان.

(٥) ينظر : الغريبين ٢ / ٣٩٥.

(٦) الأصل وك وأ زيادة : الله.

(٧) ينظر : تفسير السمرقندي ٣ / ١٥٩ عن الكلبي.

(٨) ينظر : معاني القرآن للفراء ٢ / ٤٠٥ ، وزاد المسير ٧ / ٢٤ عن السدي ومقاتل وغيرهما ، وهو قول الجمهور ، والكشاف ٤ / ٩٤.

(٩) ينظر : تفسير السمرقندي ٣ / ١٥٩ عن الكلبي.

(١٠) تفسير مجاهد ٥٥١ ، وزاد المسير ٧ / ٢٩ عن مجاهد.

(١١) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٣٣٣ ، وزاد المسير ٧ / ٢٩ ، والنهاية في غريب الحديث ٢ / ٦٨٠.

(١٢) ساقطة من أ.

(١٣) ك وع : كانت

٥٢٧

السّلام تسرّى بها ، وترفّعت المرأة أن تكون سرّية له فطلبت من سليمان عليه‌السلام أن يتزوّجها ، فتزوجها سليمان ، وهو كالمنهيّ من جهة (١) الله تعالى بعد بلقيس بامرأة غير إسرائيليّة ، فكان ذلك سبب الفتنة ، ثمّ إنّ المرأة أظهرت بكاء وتأسّفا على أبيها وأمّها ، (٢٨٤ ظ) وقالت لسليمان عليه‌السلام : حاجتي إليك أن تأمر (٢) الجنّ ليصورهما (٣) لي ، فأمر سليمان بذلك ، فصورهما لها ، فعبدتهما من دون الله تعالى ، ودعت جواريها وخدمها إلى عبادة هاتين الصّورتين ، فأجابوها إلى ذلك ، واتّصل ذلك الخبر سائر نساء سليمان وسراريه ، فلم يحسنوا أن يخبروا سليمان عليه‌السلام بذلك ، وبلغ الخبر آصف بن برخيا ، فدخل على سليمان عليه‌السلام وقال : يا نبيّ الله ، إنّه قد كبر سنّي ، ورقّ جلدي ، ودقّ عظمي ، فأذن لي أن أخطب بني إسرائيل خطبة قبل موتي ، فأذن له سليمان عليه‌السلام ، فقال : يا نبيّ الله ، أحبّ أن أخطب وأنت حاضر ، فحضر سليمان عليه‌السلام ، فلما صعد المنبر حمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، وصلّى على أنبيائه ورسله عليهم‌السلام ، يذكر نبيّا بعد نبيّ من آدم عليه‌السلام ، وأمسك عن ذكر سليمان ، ثمّ نزل عن المنبر ، فعاتبه سليمان على فعله ، فقال آصف : يا نبيّ الله ، لم يتهيأ إليّ أن أذكرك ، قد (٤) تزوجت بامرأة لم يؤذن لك في تزوّجها ، وأنّها تعبد الصّورة في دارك من دون الله تعالى ، فهذا الذي منعني من أن أذكرك بالجميل ، قال : ففزع سليمان من ذلك ، واغتمّ غمّا شديدا حتى ظهر ذلك عليه ، فطلّقها وأخرجها من بيته ، وأمر بالصّورتين فكسرتا ، واغتمّت الجارية لذلك غمّا شديدا ، فماتت من شدّة الغمّ ، واغتمّ سليمان غمّا ، فأوحى الله إليه يا ابن داود ، أتغتم (٥) وتظهر الغمّ على امرأة لم آذن لك في تزوّجها ، وقد عبدت الصّورة في دارك من دوني ، فاستعد الآن للفتنة والبلاء ، فلأبلونّك بليّة أنسيك فيها بلية أبيك داود ، ثمّ إنّ الله تعالى قيّض له شيطانا بصورة جارية لسليمان عليه‌السلام ، تسمّى الأمينة ، وكان سليمان إذا أراد الخلوة مع نسائه دفع الخاتم إلى هذه الجارية ، فدفع يومئذ إلى الشّيطان على ظنّ أنّه الأمينة (٦) ، واسم ذلك الشيطان صخر ، فلما صار الخاتم في يده لم يستقر في يده ، فرمي في البحر ، وجاء حوت وابتلع الخاتم ، ومضى صخر الجنّيّ ، وقد ألقي عليه شبه سليمان ، فجلس على كرسيّ سليمان ، وخرج سليمان وقد تصوّر للأمينة بصورة صخر الجنّيّ ، فقالت : أعوذ بالله منك ، إنّي قد دفعت الخاتم

__________________

(١) أ : حرمة.

(٢) ك : أمر.

(٣) ع وأ : ليصوروهما ، وكذلك التي تليها.

(٤) ع : وقد.

(٥) ك : تغتم.

(٦) الأصول المخطوطة : الأمين ، والسياق يقتضي ذلك.

٥٢٨

إلى سليمان ، فعلم (١) أنّه مفتون ، فلم يدر ما يفعل ، كلّما قال : أنا سليمان بن داود استهزأ النّاس به ، وسخروا منه (٢) ، وطردوه وشتموه ، وجعل آصف يقول : أقسم بالله ، لقد بلي سليمان بأمر عظيم ، وذلك أنّ (٣) ثرى الطيّب قد نفرت ، فلسنا نسمع لها حسّا ، قالوا : قال ابن عبّاس رضي الله عنه : إنّ صخرا الجنّي لم يقدر على امرأة من نسائه (٤) ولا على شيء من ماله وخدمه وحشمه ، وإنّما كان جالسا على ذلك الكرسيّ ، فلمّا لم يدخل على النّساء أنكرن (٥) ذلك منه ، وعلمن أنّه (٢٨٥ و) ليس سليمان على الكرسيّ ، وكانوا يهابونه أن يعترضوا حتى دخل سليمان عليه‌السلام قرية (٦) من القرى ، وفي تلك (٧) القرية بيت ملك ، فجعل سليمان يقول : أيّها النّاس ، أطعموني شيئا من الطّعام ، فأيّكم أطعمني ، وأشبع جوعي فله عليّ أنّ إعطاءه كذا وكذا إن ردّ الله عليّ ملكي ، فإنّي أنا سليمان بن داود نزع الله منّي ملكي ، وجعله لعدوّ من أعدائي بسبب خطيئة أتيتها ، وأنا أرجو ربّي أن يردّ عليّ ملكي ، قال : فأشرفت عليه تلك الجارية ، فقالت : يا هذا ، إنّا رأينا الكاذبين فما رأينا أكذب على الله منك ، أتزعم أنّك سليمان مع هذه الخلقة الوحشيّة ، وسليمان (٨) في منزلة على كرسيّة ، اخرج من قريتنا وإلا أمرت بدوس بطنك يا كذا (٩) وكذا ، فقال سليمان : إلهي وسيّدي ، إنّك قد ابتليت الأنبياء من قبل غير أنّك لم تحبس عنهم رزقك ، ولم تلق لهم البغضاء في قلوب النّاس ، إلهي وسيّدي ، أسألك وأرجوك ولا أرجو سواك ، فاعف عنّي ، واغفر لي ، فإنّي لا أعود لشيء كرهته منّي ، فلم يزل كذلك أربعين يوما ، ثمّ إنّه وجد قرصا يابسا ، فلم يقدر على كسره ، فأتى ساحل البحر ليبلّ ذلك القرص ، ثمّ يأكله ، فجاءت موجة فحملت ذلك القرص ومرّت به ، فقال : إلهي وسيدي ، رزقتني قرصا من طعام على رأس أربعين يوما ، فانتزعه البحر منّي ، إلهي وسيّدي ، أنت المتكفّل ، يا رزّاق العباد ، وأنا عبدك المذنب فلا تحبس عنّي رزقك ، فإنّك أنت الرّزاق الكريم ، وجعل يمشي على البحر ، وهو يبكي ، فإذا هو بقوم صيّادين ، فسألهم أن يطعموه سمكة ، فقالوا : انصرف منا (١٠) ، فما رأينا أقبح منك وجها ، فقال سليمان : وما عليكم من قبحي ، إنّما سألتكم سمكة أسدّ بها جوعي ، قالوا : وحقّ نبيّ الله

__________________

(١) زيادة من ع ، وهي ساقطة من الأصل وك وأ.

(٢) الأصل وك وأ : معه.

(٣) الأصل وك وأ : أنا.

(٤) الأصل وأ : نساءه.

(٥) ساقطة من أ.

(٦) أ : قومه.

(٧) الأصول المخطوطة : ذلك.

(٨) الأصل وك : السليمان ، وأ : لسليمان.

(٩) ع : بكذا.

(١٠) ك وع : عنا.

٥٢٩

سليمان ، لئن لم ترجع قمنا إليك ، وضربناك ، فلمّا رآهم يحلفون باسمه ، أما إنّكم لو علمتم من أنا لأطعمتموني قالوا : من أنت (١)؟ قال : أنا سليمان ، فجعلوا يضحكون ويتغامزون به ، ثمّ أقبل عليه بعض القوم ، فضربه بعصا كانت في يده ، وقال : مثلك (٢) يزعم أنّه سليمان النّبيّ ، فبكى سليمان ، وبكت الملائكة في السماوات ، قالوا : إلهنا وسيّدنا ، عبدك ونبيّك أذنب ذنبا ، وأنت الغفور الرّحيم ، فقال الله تبارك وتعالى : ملائكي (٣) ، هذه بليّة الرّحمة ، وليست بليّة العذاب ، وسأردّ عليه ملكه ، وأظهره على عدوّه ، وأنا الذي لا أخلف الميعاد ، ثمّ إنّ الله ألقى في قلوب الصّيّادين رحمة عليه ، فقالوا : يا هذا ، لقد قرّحت قلوبنا ببكائك ، وإنّك لفي موضع رحمة ، خذ هذه السّمكة وهذه السّكين ، فشقّها بها ، واغسلها وأت بها إلى هذه النّار ، فاشوها ، فأخذ سليمان تلك السّمكة ، فلمّا شقّ بطنها وجد خاتمه ، فتختم به سريعا ، وسمع الأصوات من كل جانب (٢٨٥ ظ) لبيك يا ابن داود ، ومضى يريد قصره ، فجعل يمرّ بتلك القرى ، التي كانوا يطردونه منها إذا نظروا إليه تعادوا إليه ، وخرّوا سجّدا ، وبلغ ذلك صخر الجنّيّ فهرب ، وأقبل سليمان عليه‌السلام حتى دخل إلى قصره ، واجتمعت عليه الإنس والجنّ ، والوحش والسّباع ، والطّير والهوام ، ووفقه الله تعالى ليزداد لربّه عبادة وذكرا وخشوعا ، ثمّ بعث العفاريت في طلب صخر الجنّيّ ، فطلبوه حتى قدروا عليه ، فأمر سليمان بأن ينقر له بين صخرتين ، وصفّده بالحديد ، وألقاه بين الصخرتين (٤) ، وأمر الشياطين بأن سدّوا عليه الصخرتين بالحديد ، ثمّ أمر أن يلقى في بحيرة الطّبريّة. (٥)

٤٥ ـ (أُولِي الْأَيْدِي) : القوة (٦) أو الصّنائع (٧) ، إن شاء الله.

٤٦ ـ (ذِكْرَى الدَّارِ) : ذكراهم دار الآخرة ، (٨) وهي إيمانهم بالبعث والثّواب والعقاب ، فمعنى الآية : وقضاهم بهذه الخصلة الخالصة.

٤٨ ـ (وَكُلٌّ) : لعطف الجملة.

__________________

(١) ساقطة من ك.

(٢) أ : ملك.

(٣) ك : لائكي.

(٤) أ : الصخر.

(٥) حاش لله سبحانه وتعالى أن يفعل هذا الفعل بنبي من أنبيائه عليهم‌السلام ، فالله أكرم من ذلك ، وأنبياء الله أعز وأكرم من هذا المهانة والذل ، فسليمان عليه‌السلام معصوم من أن يخالف أمر الله تعالى ، وأن يتزوج امرأة منهي عليه زواجها ، وإنما هذه القصة مختلقة مكذوبة ، ولو نزه المؤلف كتابه عنها ، وعما شابهها لكان أفضل ، بل لو نبه على ضعفها أو وضعها لكان خيرا.

(٦) معاني القرآن للفراء ٢ / ٤٠٦ ، وزاد المسير ٧ / ٣٢.

(٧) ينظر : الكشاف ٤ / ١٠٠.

(٨) معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٣٣٦ ، وزاد المسير ٧ / ٣٢ ، والكشاف ٤ / ١٠١.

٥٣٠

٤٩ ـ (هذا) : إشارة إلى ما سبق ذكره. (١)

٥٠ ـ (الْأَبْوابُ) : رفع لتقدير الإضافة فيها ، أي : مفتّحة أبوابها. (٢)

٥٢ ـ (أَتْرابٌ) : جمع ترب ، وهي اللّدة (٣) والقرين.

٥٦ ـ (حَمِيمٌ) : رفع على أنّه خبر (هذا)، والأمر عارض بين المبتدأ والخبر ، (٤) كقولك : هذا فاضربه زيدا ، وارتفع بتقدير من ، أي : منه حميم ومنه غسّاق.

٥٨ ـ (مِنْ شَكْلِهِ) : أي : من مثل العذاب الأوّل. (٥)

٥٩ ـ فالقول مضمر عند قوله : (هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ)، (٦) (الاقتحام) : الدّخول على خطر أو مشقّة من غير تثبّت. (٧)

والقول عند قوله : (لا مَرْحَباً بِهِمْ) : مضمر. (٨) (مرحبا) : اسم من الرّحب استعمله العرب في الخير والشّرّ ، فكلّ من رضيت بمكانه قالت : مرحبا به ، على سبيل الدّعاء له ، وكلّ من لم ترض بمكانه قالت : لا مرحبا به ، على سبيل الدّعاء عليه.

٦٣ ـ وحسن دخول الاستفهام وكونه مرادا (أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا) إنّما هو لكونهم غير متّخذين إيّاهم سخريا (٩) لو كانوا أشرارا على الحقيقة داخلين معهم النّار ؛ لأنّ الاتخاذ يدلّ على صرف الشّيء عن حقيقته في الغالب ، فكأنّهم قالوا : أسأنا الظنّ بهم والقول فيهم : أتخذناهم سخريا أم صدقناهم فهم معنا في النّار قد زاغت عنهم الأبصار.

٦٤ ـ (تَخاصُمُ) : رفع بتقدير ضمير ، أي : هو تخاصم. (١٠)

عن معاذ بن جبل قال : احتبس عنّا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذات غداة عن صلاة الصّبح حتى كدنا نتراءى عين الشّمس ، فخرج سريعا ، فثوّب (١١) بالصّلاة ، فصلّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وتجوّز في

__________________

(١) ينظر : اللباب في علوم الكتاب ١٦ / ٤٣٥.

(٢) ينظر : التبيان في إعراب القرآن ٢ / ٣١٣ ، وتفسير القرطبي ٢١٩.

(٣) ينظر : القاموس المحيط ١ / ٧٨ ، والكشاف ٤ / ١٠٢ ، ولسان العرب ١ / ٢٣١.

(٤) ينظر : البيان في غريب إعراب القرآن ٢ / ٢٦٥ ، ومعان القرآن وإعرابه ٤ / ٣٣٨ ، واللباب في علوم الكتاب ١٦ / ٤٤٠.

(٥) ينظر : مفاتيح الأغاني ٣٥٥ ، والتسهيل لعلوم التنزيل ٣ / ١٨٨.

(٦) ينظر : الكشاف ٤ / ١٠٣ ، وتفسير أبي السعود ٧ / ٢٣٢.

(٧) ينظر : الغريبين ٥ / ١٥٠٥.

(٨) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٣٣٩.

(٩) (إنما هو لكونهم غير متخذين إياهم سخريا) ، ساقط من ع.

(١٠) ينظر : البيان في غريب إعراب القرآن ٢ / ٢٦٧ ، والتبيان في إعراب القرآن ٢ / ٣١٥ ، واللباب في علوم الكتاب ١٦ / ٤٤٩.

(١١) أ : فوثب.

٥٣١

صلاته ، فلمّا سلّم دعا بصوته ، فقال (١) لنا : «على مصافّكم كما أنتم» ، ثمّ انفتل (٢) إلينا فقال : «أما إنّي سأحدّثكم ما حبسني عنكم الغداة : إنّي قمت من اللّيل فتوضّأت وصلّيت ما قدّر لي فنعست في صلاتي حتى استثقلت ، (٢٨٦ و) فإذا أنا بربي تبارك (٣) وتعالى في أحسن صورة ، فقال (٤) : يا محمد ، قلت : لبيك يا ربّ ، قال : فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت : لا أدري ، قالها ثلاثا ، قال : فرأيته وضع كفّه بين كتفيّ حتى وجدت برد أنامله بين ثدييّ ، فتجلّى كلّ شيء وعرفت يده (٥) ، فقال : يا محمد ، قلت : لبيك يا رب ، قال : فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت : في الكفّارات ، يا ربّ ، قال : ما هو؟ قلت : مشي الأقدام إلى الجماعات ، والجلوس في المساجد بعد الصّلوات ، وإسباع الوضوء حين الكريهات ، قال : ثمّ فيم؟ قال : قلت : إطعام الطّعام ، ولين الكلام ، والصّلاة والنّاس نيام ، قال : سل ، قلت : اللهم إنّي أسألك فعل الخيرات ، وترك المنكرات ، وحبّ المساكين ، وأن تغفر لي وترحمني ، وإذا أردت فتنة في قومي فتوفّني غير مفتون ، وأسألك حبّك وحبّ من يحبّك ، وحبّ عمل يقرّب إلى حبّك ، فقال : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إنّها حقّ فادرسوها ، ثمّ تعلّموها» (٦). قال : تعالى الله عن التّصوّر والتقدر والتّحيّز إلى الجهات والحلول في الصّور ، ولكنه عزوجل يحلّ روح خطابه محلا محسوسا كإحالة القرآن في المصاحف ، والتوراة في الألواح ، ثمّ يظهر على المحسوس من آياته ما يفيد علما ضروريا.

٧٥ ـ (قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ) : لم يكن إبليس ، لعنه الله ، بعد إنكاره على الله سبحانه وتعالى تفضيل آدم عليه‌السلام عارفا إيّاه على الحقيقة ، ولكنّه كان يخاطب مخاطبا له من الغيب على سبيل الظّنّ ، ويحلف باسمه (٧) على سبيل العرف والعدة من قبل إنكاره ، كهؤلاء المشركين من أهل الكتاب في أدعيتهم بعد إنكارهم على الله إنزال القرآن على رسوله ، ونسخ الشرائع المتّقدّمة.

٨٦ ـ (مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) : المقوّلين للقرآن ، والمخترعين من ذات نفسه. (٨) ويحتمل : أنّه نفى التّعرّض لعلم الغيب بالكسب والحيلة على طريقة الكهنة والمنجّمة.

__________________

(١) ساقطة من ك.

(٢) ع : أقبل.

(٣) ع : سبحانه.

(٤) ع : قال.

(٥) هذه الكلمة غير موجودة في كتب التخريج. وحذفها هو الصواب.

(٦) أخرجه أحمد في المسند ٥ / ٢٤٣ ، والترمذي في السنن (٣٢٣٥) ، والدارقطني في رؤية الله ١٦٧ ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ، سألت محمد بن إسماعيل [البخاري] عن هذا الحديث فقال : هذا حديث حسن صحيح.

(٧) أي يحلف باسم الله تعالى ، كما في قوله : (قالَ فَبِعِزَّتِكَ) [ص : ٨٢].

(٨) ينظر : تأويلات أهل السنة ٤ / ٢٨٧ ، وزاد المسير ٧ / ٣٩ ، والكشاف ٤ / ١١٠.

٥٣٢

سورة الزمر

مكيّة. (١) وعن ابن عبّاس وعطاء : إلا ثلاث آيات نزلن بالمدينة في وحشيّ ، قوله : (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا ...) [الزمر : ٥٣]. (٢)

وهي اثنتان وسبعون آية في عدد أهل الحجاز والبصرة. (٣)

بسم الله الرّحمن الرّحيم

٤ ـ قالوا : (لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ) لهذه الرّتبة بأتراب الوحدانيّة والقهر اللّذين هما إيتاء الإلهية من يشاء.

٥ ـ (يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ) : يلفّ ، من كوّر العمامة ، (٤) أو الإلقاء ، من قولهم : طعنته فكورته. (٥)

٦ ـ (ثُمَّ جَعَلَ مِنْها (٦)) : لترتيب الخبر دون المخبر عنه. (٧)

والمراد بالخلق الخلق الأوّل حين أخرج بني آدم من صلب آدم (٢٨٦ ظ) أمثال الذّرّ فقال : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) [الأعراف : ١٧٢].

٧ ـ (وَلا يَرْضى) : ليس بنفي للمشيئة ، تنطلق على المرضيّ والمكروه.

٨ ـ (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ) : نزلت في أبي حذيفة بن المغيرة ، وفي كلّ من كان مثله. وقيل : في أبي جهل.

ف (إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ) : أعطاها وأفادها ، (٨) والخول : الخدم. (٩)

(ما كانَ يَدْعُوا) : دعاؤه. (١٠)

__________________

(١) تفسير الماوردي ٣ / ٤٦٠ عن الحسن وعكرمة وعطاء ، والبحر المحيط ٩ / ١٨١ ، والدر المنثور ٧ / ١٨٢.

(٢) ينظر : البيان في عد آي القرآن ٢١٦ عنهما ، والبحر المحيط ٩ / ١٨١ ، والدر المنثور ٧ / ١٨٢ عن ابن عباس.

(٣) وعدد آياتها في الكوفي خمس وسبعون ، والشامي ثلاث وخمسون. البيان في عد آي القرآن ٢١٦ ، والتلخيص في القراءات الثمان ٣٨٩ ، وإتحاف فضلاء البشر ٤٨٠.

(٤) ينظر : تفسير غريب القرآن ٣٨٤.

(٥) ينظر : مفردات ألفاظ القرآن ٤٩٤.

(٦) الأصول المخطوطة : فيها.

(٧) ينظر : معاني القرآن للفراء ٢ / ٤١٥ ، والبحر المحيط ٩ / ١٨٥.

(٨) ينظر : معجم مفردات ألفاظ القرآن ١٨٠ ، وياقوتة الصراط ٤٤٤ ، والتفسير الكبير ٩ / ٤٢٧.

(٩) تفسير غريب ما في الصحيحين ٧٤ ، وفتح الباري ٥ / ١٧٤ ، وعمدة القارئ ١ / ٢٠٦.

(١٠) ينظر : معاني القرآن للفراء ٢ / ٤١٦.

٥٣٣

والضّمير في (إِلَيْهِ) عائد إلى ربّه تعالى ، (١) وتقدير الكلام عند الزّجاج (٢) : نسي تضرّعه الذي كان يتضرّع إلى ربّه عزوجل.

(تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً) : خبر بلفظ الأمر (٣).

١٠ ـ (قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا)(٤) : فحوى الآيات : أنّهن نزلن (٥) بمكة في المفتونين (٦) على سبيل الدّلالة على الهجرة ، أو الصّبر على الأذيّة ، وفي أعدائهم المشركين.

١٨ ـ وذكر الكلبيّ في قوله : (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ) : أنّه الرّجل يجلس مع القوم يستمع (٧) الحديث من الرّجال فيه محاسن ومساوئ ، فيحدّث (٨) بأحسن ما يسمع ، ويكفّ عمّا سوى ذلك. (٩)

٢٢ ـ (أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) : كالذي لم يشرح ، فقسا قلبه. (١٠)

٢٤ ـ (أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ) : وهو المشرك الذي غلّت يداه ، (١١) كالذي هو مؤمن آمن. (١٢)

٢٣ ـ (مُتَشابِهاً مَثانِيَ) : المكررات من القصص والأحكام والأمثال بعضها مثل بعضها. (١٣) وفائدة ذلك : التّنبيه على كون ما وقع به التّحدّي ممكنا غير محال لو لا الإعجاز الإلهيّ.

عن عبد الله بن المسور قال : لّما (١٤) نزلت هذه الآية (أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) [الزمر : ٢٢] قالوا : يا رسول الله ، وكيف ذلك؟ قال : «إذا دخل النّور في القلب انفسح وانشرح» ، قالوا : هل لذلك من علم يعرف به؟ قال : «نعم ، التّجافي عن دار الغرور ، والإنابة إلى

__________________

(١) ينظر : معاني القرآن للفراء ٢ / ٤١٦.

(٢) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٣٤٦.

(٣) ساقطة من أ. وينظر : تفسير البيضاوي ٥ / ٣٨ ، وتفسير القرطبي ١٥ / ٢٣٨.

(٤) الأصول المخطوطة : الذي أسرفوا.

(٥) ع : نزلت.

(٦) ينظر : التسهيل لعلوم التنزيل ٣ / ١٩٧.

(٧) ساقطة من أ.

(٨) أ : ويحدث.

(٩) تفسير السمرقندي ٣ / ١٧٣.

(١٠) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٣٥١ ، والتفسير الكبير ٩ / ٤٤١ ، والبحر المحيط ٩ / ١٩٤.

(١١) ينظر : معاني القرآن للفراء ٢ / ٤١٨.

(١٢) ينظر : التفسير الكبير ٩ / ٤٤٨.

(١٣) ينظر : معاني القرآن للفراء ٢ / ٤١٨ ، وتفسير غريب القرآن ٣٨٣ ، وتفسير الماوردي ٣ / ٤٦٨.

(١٤) أ : كما.

٥٣٤

دار الخلود ، والاستعداد للموت قبل نزول الموت» (١).

(تَقْشَعِرُّ) : ترتعد. (٢)

(يَهِيجُ) : تجفّ وتصفرّ. (٣) وعن عليّ : لا يهيج على التّقوى زرع قوم. (٤)

(حُطاماً) : تكسّر وتصير بمنزلة ما تحطّم ، (٥) والحطم الفاعل ، والحطم المنفعل.

٢٩ ـ (سَلَماً) : وسالما مسلما ، الذي لا دعوى فيه لأحد. (٦)

(مُتَشاكِسُونَ) : التّشاكس : سوء الخلق وصعوبته. (٧)

وإنما قيل : (مَثَلاً) لأنّهما جعلا مثلا واحدا ، قاله الفرّاء. (٨)

٣٠ ـ (إِنَّكَ مَيِّتٌ) : أطلق اسم المآل على الحال ، كقوله : (أَعْصِرُ خَمْراً) [يوسف : ٣٦] ، قال : أنا ميّت ، وعزّ من لا يموت ، قد تيقّنت أنّي سأموت ، وعلى هذا حمل الفرّاء قوله : (بِغُلامٍ عَلِيمٍ) [الحجر : ٥٣]. ويجوز أن يكون عليما في حال الصّغر.

٣١ ـ عن عبد الله بن الزّبير ، عن أبيه قال : لّما نزلت (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ) قال الزّبير : أتكرّر (٩) علينا الخصومة (١٠) بعد الذي كان بيننا في الدّنيا ، قال : نعم ، فقال : إنّ الأمر إذا لشديد. (١١) وعن إبراهيم (٢٨٧ و) قال : لّما نزلت قال أصحاب رسول الله : ما خصومتنا ونحن إخوان ، فلمّا قتل عثمان قالوا : هذه خصومتنا. (١٢)

__________________

(١) أخرجه الحاكم في المستدرك ٤ / ٣٤٦ ، والبيهفي في الشعب ٧ / ٣٥٢ ، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٤١ / ٤٦٢ عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

(٢) ينظر : تفسير السمرقندي ٣ / ١٧٥ ، ولسان العرب ٥ / ٩٥.

(٣) ينظر : مشارق الأنوار ٢ / ٢٧٤ ، والنهاية في غريب الحديث ٥ / ٢٨٥ ، ولسان العرب ٢ / ٣٩٥.

(٤) غريب الحديث لابن قتيبة ٢ / ١٢٠ ، وغريب القرآن للسجستاني ٥٢٢ ، والنهاية في غريب الحديث ٥ / ٢٨٥. قال في النهاية : «أراد من عمل عملا لله لم يفسد عمله ، ولم يبطل كما يهيج الزرع فيهلك».

(٥) ينظر : تفسير الثعلبي ٨ / ٢٢٩ ، وتفسير القرطبي ١٥ / ٢٤٦ ، ولسان العرب ١٢ / ١٣٨.

(٦) ينظر : وضح البرهان في مشكلات القرآن ٢ / ٢٥٨ ، وإيجاز البيان عن معاني القرآن ٢ / ٧٢٠ ، والدر المنثور ٧ / ١٩٤.

(٧) ينظر : القاموس المحيط ١ / ٧١١ ، ولسان العرب ٦ / ١١٢.

(٨) معاني القرآن للفراء ٢ / ٤١٩.

(٩) الأصول المخطوطة : أتكر. والتصويب من كتب التخريج.

(١٠) الأصول المخطوطة : لخصومة. والتصويب من مصادر التخريج.

(١١) أخرجه الحميدي في المسند ١ / ٣٣ ، وأحمد في المسند ١ / ١٦٧ ، والترمذي في السنن (٣٢٣٦) ، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح.

(١٢) ينظر : تاريخ دمشق ٣٩ / ٤٩٣ ، وتخريج الأحاديث والآثار ٣ / ٢٠٣.

٥٣٥

٣٠ ـ وقال عليّ لأبي بكر بعد وفاته : سمّاك الله عزوجل في التنزيل (١) صدّيقا قوله : (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ) أبو بكر. (٢)

٣٦ ـ (يُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) : ثمّ قال : (هَلْ هُنَ) [الزمر : ٣٨]؟ لأنّه إن كان المراد بهما الأرواح فالرّوح تذكّر وتؤنّث ، وإن كان المراد الأصنام (٣) فالصّورة مؤنّثة للفظها.

٤٢ ـ (وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ) : في محلّ النّصب لوقوع التوفّي عليه. (٤)

(مَنامِها) : ظرف لقوله : (يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ)، وهذه الآية كقوله : (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ) [الأنعام : ٦٠].

٤٥ ـ (اشْمَأَزَّتْ) : نفرت (٥) وانقبضت (٦).

٤٦ ـ قيل : دخل على الرّبيع بن خثيم رجل ممّن شهد قتل الحسين ، وكان ممّن يقاتله ، قال ابن خثيم : جئتم بها بعليتها (٧) ، يعني : الرؤوس ، ثمّ أدخل يده في حنكه تحت لسانه ، فقال : والله ، لقد قتلتم صبية (٨) لو أدركهم رسول الله لقبّلهم [من](٩) أفواههم ، وأجلسهم في حجره ، قرأ : (اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)، (١٠) أي : يختصمون.

٤٩ ـ (بَلْ هِيَ) : أي : النّعمة. (١١)

٥٠ ـ (قَدْ قالَهَا) : أي : المقالة أو الكلمة. وعن الضّحّاك : أنّ الآية في النضر ب الحارث بن كلدة. وقيل : في أبي حذيفة بن المغيرة. وقيل : إنّها عامّة في كلّ كافر هذه صفته.

٥٣ ـ عن أسماء بنت يزيد قالت : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقرأ (١٢) : (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ

__________________

(١) الأصول المخطوطة : تنزيل.

(٢) ينظر : تفسير الطبري ١١ / ٥ ، ومعاني القرآن وإعرابه ٤ / ٣٥٤ ، والدر المنثور ٧ / ١٩٧.

(٣) ينظر : تفسير الطبري ١١ / ٧ و ٨ ، ومعاني القرآن وإعرابه ٤ / ٣٥٥ ، والبحر المحيط ٩ / ٢٠٥ و ٢٠٨.

(٤) ينظر : البيان في غريب إعراب القرآن ٢ / ٢٧١.

(٥) ينظر : مجاز القرآن ٢ / ١٩٠ ، وتفسير الطبري ١١ / ١١ عن قتادة وغيره ، والدر المنثور ٧ / ٢٠١.

(٦) إيجاز البيان عن معاني القرآن ٢ / ٧٢١ ، ومعاني القرآن الكريم ٦ / ١٨١ عن مجاهد ، والكليات ١٢١.

(٧) أ : بكليتها.

(٨) مصدر التخريج : صفوة.

(٩) زيادة يقتضيها السياق.

(١٠) أخرجه الثعلبي في تفسير في ٨ / ٢٣٩ عن منذر الثوري.

(١١) ينظر : تفسير الطبري ١١ / ١٣ ، والتفسير الكبير ٩ / ٤٥٨ ، والبحر المحيط ٩ / ٢١٠.

(١٢) ساقطة من ك.

٥٣٦

(الرَّحِيمُ)، ولا يبالي» (١).

(قَدْ جاءَتْكَ) : بتذكير الخطاب لذي النّفس دون النّفس ، ومن أنّث جعل الخطاب للنّفس (٢).

٦٣ ـ (مَقالِيدُ) : جمع مقليد أو مقلود ، فالمقليد لغة في الإقليد وهو المفتاح ، (٣) والمقلود : هو الحبل المفتول ، (٤) وهو السّبب ، وفي الحديث : «قلدتنا السّماء قلدا في كلّ أسبوع وضاقت عليه» (٥).

٦٥ ـ (لَيَحْبَطَنَّ) : أراد النّكال والفضيحة العاجلة ، كما في قوله : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ).

٦٧ ـ وعن إبراهيم ، عن عبيدة ، عن عبد الله قال : جاء يهوديّ إلى النّبيّ عليه‌السلام فقال : يا محمد ، إنّ الله يمسك السّماوات على إصبع ، والأرضين على إصبع ، والخلائق على إصبع (٦) ، ثمّ يقول : أنا الملك ، قال : فضحك النّبيّ عليه‌السلام حتى بدت نواجذه ، قال : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ). (٧)

وعن عائشة قالت : يا رسول الله ، (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) فأين المؤمنون يومئذ؟ قال : «على الصّراط يا عائشة». (٨) وعن أبي سعيد الخدريّ قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «كيف أنعم وقد التقم صاحب القرن وحنى (٢٨٧ ظ) جبهته ، وأصغى سمعه ينتظر أن يؤمر أن ينفخ في الصّور ، فينفخ» ، فقال المسلمون : يا رسول الله ، كيف نقول؟ قال : «قولوا : حسبنا الله ونعم الوكيل ، توكّلنا على الله» ، وربّما قال : «على الله توكّلنا». (٩) عن أبي هريرة ، عن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «ينادي مناد (١٠) ، يعني : في الجنّة ، لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا ، وإنّ لكم أن تصحّوا فلا تسقموا أبدا ، وإنّ لكم أن تشبّوا فلا تهرموا أبدا ، وإنّ لكم أن تنعموا فلا تبؤسوا أبدا ، وذلك قوله : (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [الزخرف : ٧٢]». (١١)

__________________

(١) جزء فيه قراءات النبي ١٤٣ ، وأحمد في المسند ٦ / ٤٥٤ ، والترمذي في السنن (٣٢٣٧) ، وقال الترمذي : حديث حسن غريب.

(٢) ينظر : الكشاف ٤ / ١٤٠.

(٣) ينظر : مجاز القرآن ٢ / ١٩١ ، وتفسير غريب القرآن ٣٨٤ وقال : هو فارسي معرب (إكليد) ، وياقوتة الصراط ٤٤٧.

(٤) ينظر : القاموس المحيط ٣٩٨ ، ولسان العرب ٣ / ٣٦٦.

(٥) ينظر : جمهرة اللغة ٢ / ٦٧٥ ، ولسان العرب ٣ / ٣٦٧.

(٦) (والخلائق على إصبع) ، ساقط من ع.

(٧) أخرجه البخاري في الصحيح (٤٨١١) ، ومسلم في الصحيح (٢٧٨٦) ، وأبو يعلى في المسند (٥١٦٠).

(٨) أخرجه الترمذي في السنن (٣٢٤٢) ، والحاكم في المستدرك ٢ / ٤٧٣ ، والنسائي في الكبرى (١١٤٥٣) وقال الترمذي : حديث حسن صحيح.

(٩) أخرجه أحمد في المسند ٣ / ٧ ، والترمذي في السنن (٣٢٣٤) ، والطبراني في الكبير (١٢٦٧١) ، وقال الترمذي : حديث حسن.

(١٠) الأصول المخطوطة : منادي.

(١١) أخرجه أحمد في المسند ٢ / ٣١٩ ، ومسلم في الصحيح (٢٨٣٧) ، والطبراني في الصغير (٢١٣).

٥٣٧

سورة المؤمن (غافر)

مكيّة. (١) وعن ابن عباس : إلا آيتين ، قوله : (إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ) [غافر : ٥٦ ـ ٥٧] نزلتا بالمدينة. (٢)

وهي أربع وثمانون آية حجازي. (٣)

بسم الله الرّحمن الرّحيم

١ ـ (حم) : عن ابن عباس فيه ثلاثة أقوال : أحدها : أنّه اسم الله الأعظم ؛ لما روي عن النّبيّ عليه‌السلام قال : «إذا بيّتم فقولوا : حم لا ينصرون» (٤). قال أبو عبيد (٥) : معناه اللهمّ لا ينصرون. والثاني : أنّه قسم (٦) قياسا على سائر الحروف. والثالث : أنّه من جملة الحروف (٧) المقطّعة التي يركّب فيها اسم الله عزوجل ، (٨) كالألف واللام والرّاء والحاء والجيم والميم والنّون. (٩)

وعن مجاهد ، عن ابن مسعود قال : حم ديباج القرآن. (١٠) وعن زرّ بن حبيش (١١) قال : قرأت على عليّ بن أبي طالب القرآن في المسجد الجامع بالكوفة ، فلمّا بلغت الحواميم قال : يا زرّ بن حبيش ، قد بلغت عرائس القرآن. (١٢)

وسأل عمر بن الخطاب رجالا من إخوانه كانوا بالشام ، فسأل عن رجل قالوا : ذاك أخو

__________________

(١) تفسير مقاتل بن سليمان ٣ / ١٤٢ ، وزاد المسير ٧ / ٦٨ عن ابن عباس وغيره ، وتفسير القرطبي ١٥ / ٢٨٨ عن الحسن وعطاء وعكرمة وجابر.

(٢) زاد المسير ٧ / ٦٨ ، وتفسير القرطبي ١٥ / ٢٨٨.

(٣) وعددها عن أهل البصرة ثمانون وآيتان ، والكوفة ثمانون وخمس ، والشام ست وثمانون. البيان في عد آي القرآن ٢١٨ ، وجمال القراء ٢ / ٥٤٢ ، وإتحاف فضلاء البشر ٤٨٤.

(٤) أخرجه أبو داود في السنن ٣ / ٣٣ ، والحاكم في المستدرك ٢ / ١١٧ ، والبيهقي في السنن الكبرى ٦ / ٣٦١ عن المهلب بن أبي صفرة عمن سمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وهو حديث مرسل.

(٥) أ : عبيدة. والصواب ما أثبت. ينظر : غريب القرآن لابن الجوزي ١ / ٢٤٥.

(٦) ع : قسما.

(٧) (والثالث : أنه من جملة الحروف) ، ساقط من أ.

(٨) ينظر : تفسير ابن أبي حاتم (٤٨)

(٩) تنظر أقوال ابن عباس رضي الله عنه في معاني القرآن الكريم وإعرابه ٤ / ٣٦٥ ، وتفسير البغوي ٧ / ١٣٧ ، وزاد المسير ٧ / ٦٩.

(١٠) ينظر : مصنف ابن أبي شيبة ٦ / ١٥٣ ، والمستدرك ٢ / ٤٧٤ ، وشعب الإيمان للبيهقي ٢ / ٤٨٣ ، والفردوس بمأثور الأخبار ٢ / ٢٢٢.

(١١) هكذا في الأصول المخطوطة ، وفي الدر المنثور : رزين بن حصين.

(١٢) ينظر : الدر المنثور ٧ / ٢٩٧.

٥٣٨

الشياطين ، أتى الشام فخالط أهل هذه الأشربة وجفا ، فكتب إليه : من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى فلان بن فلان ، سلام عليكم ، فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو غافر الذنب وقابل التوب ، شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير ، فلما جاءه الكتاب رجع عن فعله وتاب ، ثم قال : صدق الله ، ونصح لي عمر ، ثم أقبل على طريقة حسنة. (١)

٣ ـ (غافِرِ الذَّنْبِ) : وغيره (٢) ، يجوز أن يكون بدلا (٣) ، ويجوز أن يكون صفة (٤) ؛ لأنّ التّنكير متمحّض فيه ؛ لكونه مضافا إلى معرفة ، فكأنّه قيل : الغافر للذنب ، القابل للتّوب ، الشّديد عقابه. وعن الأخفش : أنّ التّوب جمع التوبة (٥). وهذا محمول على أنّ التّوب فعل عام ، وهو المصدر ، والتّوبة فعل مرّة.

٤ ـ (ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ) : اتصالها من حيث قوله : (شَدِيدِ الْعِقابِ) [غافر : ٣].

(ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ) : تسمية آيات القرآن شعرا وسحرا وسجعا ، وأساطير الأولين ، وأنّها (٦) خالقة أو مخلوقة. (٧)

٧ ـ (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ) : اتصالها من حيث قوله : (قابِلِ التَّوْبِ) [غافر : ٣]. وذكر الكلبيّ : أنّ ابتداء استغفار الملائكة للمؤمنين ، إنّما كان من لدن أمر هاروت وماروت. (٢٨٨ و)

١٠ ـ (يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ) : يوم القيامة إذا رأوا العذاب ، ولاموا أنفسهم ومقتوها. (٨)

١١ ـ (اثْنَتَيْنِ) : أي : مرّتين على ما سبق. (٩)

١٢ ـ (ذلِكُمْ) : إشارة إلى البداء (١٠).

__________________

(١) ينظر : تفسير مجاهد ٥٦٣ ، وتفسير ابن أبي حاتم (١٨٤١٦).

(٢) يريد بذلك والله أعلم : (وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ) [غافر : ٣] ، كلها على نسق واحد.

(٣) ينظر : معاني القرآن للأخفش ٥٧٢ ، وتفسير القرطبي ١٥ / ٢٩٠ ، واللباب في علوم الكتاب ١٧ / ٨.

(٤) ينظر : معاني القرآن للفراء ٣ / ٥ ، وتفسير القرطبي ١٥ / ٢٩٠ ، واللباب في علوم الكتاب ١٧ / ٨.

(٥) معاني القرآن للأخفش ٥٧٢.

(٦) ع : وأنها.

(٧) ينظر : تأويلات أهل السنة ٤ / ٣٢٩.

(٨) ينظر : تفسير غريب القرآن ٢٨٥ عن قتادة ، ومعاني القرآن للفراء ٣ / ٦ ، وتفسير البغوي ٧ / ١٤٢.

(٩) سبق في سورة البقرة آية ٢٨.

(١٠) هكذا في الأصول المخطوطة ، ولعل الصواب : البلاء.

٥٣٩

١٥ ـ (رَفِيعُ) : رفع بقوله : (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ) [غافر : ١٣]. (١)

(يَوْمَ التَّلاقِ) : تلاقي الخصوم (٢) يوم الجمع ، أو تلاقي المحسوس والمعقول ، (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ) [القلم : ٤٢].

١٦ ـ والقول مضمر عند قوله : (لِمَنِ الْمُلْكُ)، وكذلك عند قوله : (لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ). (٣) وعن الحسن ، عنه عليه‌السلام : «من قال : الحمد لله الذي تعزّز بالقدرة ، وقهر العباد بالموت ، نظر الله إليه ، ومن نظر الله إليه لم يعذبه ، واستغفر له كلّ ملك في السّماء ، وكلّ ملك في الأرض» (٤).

١٨ ـ (يَوْمَ الْآزِفَةِ) : وهو يوم الصّيحة ، الآزفة أو الرجفة ، الآزفة أو البعثرة ، الآزفة أو الزلزلة. الآزفة وأزف يأزف أزوفا إذا دنا. (٥)

(خائِنَةَ) : مصدر كالعافية ، (٦) وراغية الإبل ، وثاغية الشاء.

٢٤ ـ (إِلى فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَقارُونَ) : فيها دلالة على أنّ قارون لم يزل عدوّا لموسى عليه‌السلام ، باغيا على قومه ، متعصّبا لفرعون إلى أن أهلكه الله.

وفيها دلالة على أنّ فرعون ما كان يكفّ عن موسى عليه‌السلام ؛ لحلمه وكرمه ، ولكنّه يخاف اختلاف قومه في أمره إن قتله. (٧)

٢٦ ـ وقوله : (وَلْيَدْعُ رَبَّهُ) : على سبيل الاستهزاء ، وقلّة المبالاة ، أي : يمنعني عن قتله إلا مكانكم ، فإن أجمعتم على قتله ، وأشرتم عليّ بذلك ، فليدع ربّه حينئذ هل يمنعني عن قتله؟

(فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ) : أي : فساد مملكته الفاسدة.

٢٨ ـ (رَجُلٌ مُؤْمِنٌ) : هو حزبيل النّجار. (٨)

(يَكْتُمُ إِيمانَهُ) : إنّما يكتم قطعه بصدق موسى عليه‌السلام في دعوى الرّسالة

__________________

(١) ينظر : اللباب في علوم الكتاب ١٧ / ٢٢.

(٢) ينظر : تفسير البغوي ٧ / ١٤٣ ، وزاد المسير ٧ / ٧٣ عن ميمون بن مهران.

(٣) ينظر : تأويلات أهل السنة ٤ / ٣٣٦ ، وزاد المسير ٧ / ٧٤.

(٤) ينظر : تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة ٢ / ٣٢٨ من حديث أنس.

(٥) معاني القرآن الكريم ٦ / ٢١١ عن الكسائي ، ولسان العرب ٩ / ٤.

(٦) الكشاف ٤ / ١٦٣ ، وتفسير الثعلبي ٤ / ٣٨ عن المبرد ، والتبيان في تفسير غريب القرآن ١٨٠.

(٧) ينظر : الكشاف ٤ / ١٦٥.

(٨) ينظر : تفسير الماوردي ٣ / ٤٨٥ عن الكلبي ، والكشاف ٤ / ١٦٦ ، وزاد المسير ٧ / ٧٧.

٥٤٠