درج الدّرر في تفسير القرآن ّالعظيم - ج ٢

عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني

درج الدّرر في تفسير القرآن ّالعظيم - ج ٢

المؤلف:

عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني


المحقق: د. طلعت صلاح الفرحات / د. محمّد أديب شكور
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر ناشرون وموزعون
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
9957-07-514-9

الصفحات: ٨٠٢
الجزء ١ الجزء ٢

الفردوس رأس الثور الذي عليه الأرض ، وكبد النّون (١) ، فذلك مقيل المؤمنين يوم القيامة ، كما قال : (وَأَحْسَنُ مَقِيلاً) [الفرقان : ٢٤]. أبو أمامة الباهليّ (٢) : أنّ الفردوس سرّة الجنة. (٣) وعن كعب : أنّها التي فيها الأعناب. (٤)

١٠٨ ـ (حِوَلاً) : تحوّلا (٥) وانتقالا ، ولا وصف لطيب المكان أبلغ من نفي ابتغاء التحول عن نازلته ، فإنّ الإنسان يسأم الحياة ، فكيف بما دونها.

١٠٩ ـ (قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً) : قال الكلبيّ : نزلت في اليهود حيث أنكروا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قوله : (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) [الإسراء : ٨٥]. (٦) والمداد والمدد : مصدران على سعة علمه ، وقلّة علوم العالمين في جنب علمه (٧).

١١٠ ـ (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) : قيل : جاء رجل إلى النبيّ عليه‌السلام فقال : يا رسول الله ، إنّي لأصلّي (٨) وأصوم ، وأتصدّق وأصنع المعروف ، وأنا والله أحبّ أن أذكر بذلك ، قال : فسكت النبيّ عليه‌السلام ، فنزلت : (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ ...) الآية ، قال : فأرسل النبيّ عليه‌السلام إلى الرجل ، فتلاها عليه. (٩) قال : وكان أصحاب النبيّ عليه‌السلام يقولون : ما نزلت إلا في الرياء (١٠). وعن سهل بن سعد الساعديّ (١١) قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «المؤمن نيّته خير من عمله ، وعمل المنافق خير من نيّته ، وكلّ يعمل على نيّته ، وليس من مؤمن يعمل عملا إلا سار في قلبه سورتان ، فإن كانت الأولى لله ، فلا تهدينّه (١٢) الآخرة» (١٣).

__________________

(١) النون : الحوت. مشارق الأنوار ٢ / ٣٢ ، وفتح الباري ٧ / ٢٧٣.

(٢) هو الصدي بن عجلان بن وهب الباهلي ، صاحب رسول الله عليه‌السلام ، سكن حمص ، توفي سنة ٨٦ ه‍. ينظر : طبقات خليفة ٣٠٢ ، وتاريخ دمشق ٢٤ / ٥٥ ، والاستيعاب ٢ / ٧٣٦.

(٣) ينظر : الزهد لهناد ١ / ٦٧ (٤٩) ، وتفسير الطبري ٨ / ٢٩٨ ، وابن كثير ٣ / ١٤٦.

(٤) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ٢٩٦ ، وتفسير الماوردي ٣ / ٣٤٨ ، وتفسير البغوي ٥ / ٢١١ ، والدر المنثور ٥ / ٤١٢.

(٥) ع : تحويلا.

(٦) ينظر : الترمذي (٣١٤٠) وقال : هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه ، ومسند أبي يعلى (٢٥٠٢) ، والمستدرك ٢ / ٥٧٩.

(٧) (في جنب علمه) ، ساقطة من ك.

(٨) الأصول المخطوطة : لأصل.

(٩) ينظر : تفسير الصنعاني ٢ / ٤١٤ عن طاوس وهو مرسل ، والمستدرك ٢ / ١٢٢ عن ابن عباس.

(١٠) ك : في الرؤيا. ينظر : التمهيد ٢١ / ٢٧٢.

(١١) أبو العباس سهل بن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة الخزرجي الساعدي الأنصاري ، المعمر ، صاحب رسول الله عليه‌السلام ، توفي سنة ٨٨ ه‍. ينظر : التاريخ الأوسط للبخاري ١ / ١٨١ ، ومعجم الصحابة ١ / ٢٦٩ ، والإصابة ٢ / ٨٨.

(١٢) الأصول المخطوطة : تهدم ، والتصحيح من مصادر التخريج. والمعنى لا تصرفنه.

(١٣) أخرجه بمعناه الطبراني في الكبير (٥٦٤٢) ، وحلية الأولياء ٣ / ٢٥٥ ، وتاريخ بغداد ٩ / ٢٣٧.

٢٦١

وعن أبي (١) سعد بن أبي فضالة (٢٠٥ ظ) الأنصاريّ قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إذا جمع الناس يوم القيامة ليوم لا ريب فيه نادى مناد (٢) : من كان أشرك في عمل عمله لله أحدا ، فليطلب ثوابه عند غير الله ، فإنّ الله أغنى الشركاء عن الشريك». (٣)

قال البراء بن عازب (٤) : بينما رجل يقرأ سورة الكهف إذا رأى دابّته تركض ، فنظر فإذا مثل الغمامة أو السحابة (٥) ، فأتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فذكر ذلك له ، فقال عليه‌السلام : «تلك السّكينة نزلت مع القرآن ، أو نزلت على القرآن». (٦) وعن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّه أوحي إليّ من قال : (فَمَنْ (٧) كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) كان له نور من عدن أبين (٨) إلى مكة حشوه الملائكة». (٩)

__________________

(١) ساقطة من ع. وأبو سعد بن أبي فضالة الأنصاري الحارثي ، له صحبة ، توفي سنة ٩١ ه‍. ينظر : الطبقات الكبرى ٥ / ٤٥٣ ، والاستيعاب ٤ / ١٦٦٨ ، وتهذيب الكمال ٣٣ / ٣٤٣.

(٢) الأصل وك : منادي.

(٣) أخرجه أحمد في المسند ٣ / ٤٦٦ ، والترمذي في السنن (٣١٥٤) وقال : هذا حديث حسن غريب ، إنما نعرفه من هذا الوجه مثل هذا ، وابن ماجه السنن (٤٢٠٣) ، والدولابي في الكنى ١ / ٣٥.

(٤) أبو عمارة البراء بن عازب بن الحارث الأنصاري الأوسي الحارثي المدني ، الفقيه الكبير ، توفي سنة ٧١ ه‍. ينظر : الطبقات الكبرى ٤ / ٢٦٤ ، ومعجم الصحابة ١ / ٨٦ ، تهذيب الأسماء ١ / ١٤١.

(٥) ع : السحابة أو الغمامة.

(٦) أخرجه البخاري في الصحيح (٤٧٢٤) ، ومسلم في الصحيح (٧٩٥) ، والطبراني في الأوسط (١٨٠) ، والطيالسي في المسند ١ / ٩٧ (٧١٤).

(٧) الأصول المخطوطة : من.

(٨) ساقطة من ع.

(٩) أخرجه البزار في مسنده ١ / ٤٢١ ، وينظر : الترغيب والترهيب ٢ / ٢٩٤ ، ومجمع الزوائد ١٠ / ١٢٦.

٢٦٢

سورة مريم

مكية. (١)

وهي ثمان (٢) وتسعون آية في غير عدد أهل مكة وإسماعيل. والله أعلم بذلك.

بسم الله الرّحمن الرّحيم

١ ـ (كهيعص) : ابن عباس : هذه الحروف ثناء أثنى الله بها على نفسه ، قال : كاف هاد عليّ صادق. (٣) وروي عن ابن عباس : كاف من كريم (٤) ، وها من هاد ، ويا من أمين ، وعين من عليم ، وصاد من صادق. (٥) وعن سعيد بن جبير قال : كاف هاد أمين (٦) عالم صادق. (٧) قال الأمير : ويحتمل كفيناك هديناك يمنّاك (٨) علّمناك صدّقناك ، أو عصمناك ، وأصلحناك. ويحتمل : أنّه يتّصل بما بعده ، والتقدير : كتابنا هدانا بها العالم الصادق.

٢ و ٣ ـ (ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا) ... (نِداءً خَفِيًّا (٩)) : قال عليه‌السلام : «خير الدّعاء الخفيّ ، وخير الرزق ما يكفي». (١٠)

٤ ـ (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ) : شبّه بياض الشعر باشتعال (١١) الفتيلة (١٢).

(بِدُعائِكَ) : بعبادتك.

(شَقِيًّا) : وإنّما قال ذلك لأحد معان (١٣) أربعة : إما لنفي ما أصابه من وهن العظم ، وشيب الرأس أن يكون أصابه لمقاساته شدّة العبادة ، واحتماله أعباءها كما في نبيّنا عليه‌السلام

__________________

(١) قال القرطبي في التفسير ١١ / ٧٢ : سورة مريم مكية بإجماع.

(٢) في فنون الأفنان ١٤١ ، وجمال القراء ٢ / ٥٣٠ ومنار الهدى ٤٧٥ : تسع وثمانون عند غير عدد أهل مكة والمدني الأول ، أما المدني الأول والمكي تسع وتسعون آية.

(٣) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ٣٠١ ـ ٣٠٥ ، والدر المنثور ٥ / ٤٢٢ عن عكرمة.

(٤) ك : مريم.

(٥) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ٣٠١ ـ ٣٠٥ ، وزاد المسير ٥ / ١٥٢ ـ ١٥٣ ، والدر المنثور ٥ / ٤٢١.

(٦) الأصول المخطوطة : يمين ، والتصحيح من مصادر التخريج.

(٧) تفسير الطبري ٨ / ٣٠١ ـ ٣٠٥ ، والدر المنثور ٥ / ٤٢٢.

(٨) أ : عناك.

(٩) ((نِداءً خَفِيًّا)) غير موجود في أ.

(١٠) أخرجه ابن المبارك في المسند ١ / ١٥٤ ، وأحمد في المسند ١ / ١٧٢ ، والدورقي في مسند سعد ١ / ١٣٤ ، والهيثمي في موارد الظمآن ١ / ٥٧٧ بلفظ : «خير الذكر ...» عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.

(١١) الأصول المخطوطة : باشتعاله.

(١٢) أ : الثقيلة.

(١٣) الأصول المخطوطة : معاني.

٢٦٣

(طه (١) ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى (٢)) [طه : ١ ـ ٢] ، وإما لنفي الخيبة عن نفسه ، فإنّ الخائب هو الشقيّ ، فكأنّه يقول : لم أكن بسبب عبادتي إيّاك ، وإيماني بك خائبا من لطائف (١) صنعك ، وإمّا لنفي الكفر عن نفسه ، فكأنّه يقول : لم أكن بعبادتك وتوحيدك كافرا ، فأنا متوسّل بذلك إليك ، وإمّا لنفي الحرمان عن نفسه ، فكأنه يقول : لم أكن في عبادتك محروما ، فإنّك وفّقتني لها ، ويسّرتها عليّ لأستأهل إجابة الدعوة منك.

٥ ـ (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ) : أن ينقرضوا ، فإنّهم قد خفّوا وقلّوا ، وأراد بنو الأعمام دون ذوي الأرحام.

(يَرِثُنِي) : العلم والكتاب ، فإنّ الأنبياء عليهم‌السلام لم يورّثوا دينارا ولا درهما ، وإنّما ورّثوا العلم ، فمن أخذ العلم فقد أخذ بحظ وافر. (٢) ويحتمل : أنّه أراد رتبة الحبورة ، وشرف النبوّة (٢٠٦ و) فإنّهما يختصّان بأهل بيت النبيّ عليه‌السلام ، ويحتمل : أنّه أراد النبوّة بعينها ، أي : اجعله اللهمّ وارثا نبوّتي.

(رَضِيًّا) : مرضيّ السيرة في حبورته وشرفه بخلاف الأحبار الذين يرتشون ، ويحرّفون ، ويبدّلون ، وبخلاف الأشراف الذين يتعاطون (٣) ما يحطّ من شرفهم ، أو (٤) اجعله نبيّا يرتضيه (٥) الناس ، فيؤمنوا به.

(عَلَيَّ هَيِّنٌ) : يسير غير ممتنع.

٩ ـ وفي قوله : (وَلَمْ تَكُ شَيْئاً) دلالة على أنّ حقيقة اسم الشيء غير منطلق على الموهوم في حدّ الليسيّة ، وأنّ المعدوم غير كمين.

وفيها ردّ على المعتزلة والدهريّة.

١٠ ـ (سَوِيًّا) : تماما.

١٢ ـ (يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ) : أي : التوراة والزبور ، والوحي المختصّ بيحيى عليه‌السلام.

والمراد ب (الْحُكْمَ) حكم التوراة والزبور. ويحتمل : حكم انصياع (٦) التائبين على يديه

__________________

(١) أ : لطائفه.

(٢) هذا جزء من حديث أبي الدرداء عن النبي عليه‌السلام ، أخرجه أحمد في المسند ٥ / ١٩٦ ، وأبو داود في السنن (٣٦٤١) ، والترمذي في السنن (٢٦٨٢) ، والدارمي في سننه ١ / ١١٠.

(٣) أ : كلمة غير مفهومة.

(٤) ساقطة من ع.

(٥) ك : من قضية.

(٦) ع : انطباع.

٢٦٤

بماء الأردنّ ، واستغفاره لهم.

١٣ ـ (وَحَناناً) : عطفا ورحمة ورزقا وبركة ، تقول العرب : حنانك ، وحنانيك ربّنا.

١٤ ـ (عَصِيًّا) : نعت من العصيان على وزن فعيل.

١٥ ـ (سَلامٌ) : مرتفع بالابتداء. أراد (١) التحية والدعاء ، وذلك من الله تعالى إيجاب ، فسلامة الميلاد في إحكام الفطرة ، وسلامة الموت في إتمام الفطرة ، وسلامة البعث في ختام الفطرة ، فمن استحكمت طبيعته بحبّ الإيمان والإحسان ، وكراهة الفسوق والعصيان ، ومات ووصيّته هذا ، بعث (٢) مبيضّ الوجه ، مشروح الجنان ، قال : (وَسَلامٌ (٣) عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا).

١٦ ـ (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ) : اعتزلت وجلست نبذة منهم.

(مَكاناً) : موضع الكون.

(شَرْقِيًّا) : ما يلي الشمس عند طلوعها.

قال ابن عباس : لّما (٤) بلغت مريم سنّة النساء في الحيض كانت تكون في بيتها في المسجد ، قال : فبينما مريم في مشرفة لها في ناحية الدار بينها وبين أهلها حجاب ، يعني : سترا ، لتتطهّر وتمتشط ، إذ دخل عليها جبريل عليه‌السلام فتشبّه لها بشرا سويّا في صورة شابّ لم ينتقص (٥) ، فدنا منها ، وأنكرت مكان الرجل في ذلك المكان ، فقالت : (إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ) [مريم : ١٨] أرادت التذكير والتحذير (٦) ، ألا ترى شرطت التقوى (إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا) [مريم : ١٨] مطيعا لله ، قال لها جبريل عليه‌السلام : (أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا) [مريم : ١٩] ، قالت (٧) مريم لجبريل (٨) عليه‌السلام : يا سيّدي (٩) ، أنّى يكون لي ولد ولم يقربني زوج ، ولم أك فاجرة؟ قال لها جبريل : (كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ) [مريم : ٢١] ، أي : خلقه عليّ يسير ، (وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ) [مريم : ٢١] في ولادته من غير أب ، (وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا) [مريم : ٢١] ،

__________________

(١) ساقطة من أ.

(٢) الأصول المخطوطة : وبعث.

(٣) الأصل وك وأ : فالسلام ، وع : والسّلام.

(٤) ك : كما

(٥) (لم ينتقص) ، ساقط من ك.

(٦) ع : التحرير.

(٧) الأصل وك وأ : قال.

(٨) أ : لجبر.

(٩) (يا سيدي) ، ساقطة من ع.

٢٦٥

كائنا ، فاطمأنّت مريم إلى قوله ، فدنا منها فمدّ جيبها بأصبعه ، ثمّ نفخ في جيبها ، فوصلت تلك النفخة إلى بطنها ، فحملت بعيسى عليه‌السلام.

٢٢ ـ (فَحَمَلَتْهُ) : اختلف في مدّة الحمل ، فقيل : يوم واحد. (١) وقيل : ثمانية أشهر. (٢) وقيل : تسعة (٣) أشهر. (٤)

(مَكاناً قَصِيًّا) : هو أقصى دار خالتها. وقيل : موضع مجهول لا يعلم بها زكريّا. وقيل : ناصرة (٥) دمشق. (٢٠٦ ظ) وقيل : مصر.

٢٣ ـ (فَأَجاءَهَا) : تعدية من المجيء.

(الْمَخاضُ)(٦) : تمخّض الولد في بطن أمّه ، وهو تحركه للخروج.

(جِذْعِ النَّخْلَةِ) : ساقها ، أراد جذعا يابسا (٧).

وإنّما قالت ذلك (٨) لكراهتها الطبيعيّة المشقّة والأذى ، لا لكراهتها الاعتقادية الكرامة والعلى.

٢٤ ـ (فَناداها)(٩) : جبريل ، كان واقفا في أسفل الربوة. وقيل : المنادي عليها عيسى عليه‌السلام. (١٠) وهو الأشبه بظاهر [الآية](١١) ، ويمكن الجمع ، فقال : ناداها جبريل من لسان عيسى.

__________________

(١) ينظر : تفسير ابن وهب ١ / ٤٨٧ ، وتفسير الماوردي ٣ / ٣٦٢.

(٢) ينظر : تفسير السمعاني ٣ / ٢٨٥ ، وزاد المسير ٥ / ١٦٢ عن الزجاج ، وابن كثير ٣ / ١٥٨ عن عكرمة ، والتسهيل في علوم التنزيل ١ / ٤٨٩ من غير نسبة.

(٣) ع : تسعين.

(٤) ينظر : تفسير ابن وهب ١ / ٤٧٨ ، وزاد المسير ٥ / ١٦٢ عن سعيد ابن جبير وابن السائب ، والتفسير الكبير ٧ / ٥٢٥ ، وابن كثير ٣ / ١٥٨ عن جمهور المفسرين.

وقد ذكر في مدة حمل مريم بعيسى عليهما‌السلام أقوال عدة ، وصلت إلى سبعة أقوال ، وكل هذه الأقاويل ليس لها مستند صحيح من القرآن أو السنة النبوية الصحيحة ، إلا أن الذي عليه جمهور المفسرين هو أن مدة الحمل المعتادة تسعة أشهر ، وهو الأصح والذي رجحه ابن كثير ، واستغرب ما روي عن ابن عباس من أنه قال : لم يكن إلى أن حملت فوضعت ؛ لأن الفاء وإن كانت تفيد التعقيب ، إلا أن تعقيب كل شيء بحسبه ، فمدة الحمل عادة تسعة أشهر ، ولو كان حملها بخلاف عادة النساء لكان ذلك أولى بالذكر ؛ لأنه سيكون عندئذ معجزة أخرى لعيسى وأمه عليهما‌السلام ، ولم تتعرض لما تعرضت له من أسئلة.

(٥) الأصول المخطوطة : ناصر.

(٦) غير موجودة في أ.

(٧) الأصول : جذع يابس.

(٨) قوله تعالى على لسانها : (قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا).

(٩) بياض في أ.

(١٠) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ٣٢٧ ، وتفسير ابن أبي حاتم ٧ / ٢٤٠٤ ، وتفسير ابن كثير ٣ / ١٦٠ عن مجاهد والحسن وابن قتيبة وغيرهم.

(١١) زيادة يقتضيها السياق.

٢٦٦

و (السّريّ) : الجدول يسري فيه الماء. وقال الحسن : الولد النجيب ، يقال (١) [البحر الكامل] :

ابن السّريّ إذا سرى أسراهما

٢٥ ـ (وَهُزِّي)(٢) : حرّكي.

(بِجِذْعِ) : الباء مقحمة كهي (٣) في قوله : (تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ) [المؤمنون : ٢٠].

(رُطَباً)(٤) : يصير تمرا بالجفاف.

و (جَنِيًّا)(٥) : مجتنى.

٢٦ ـ (وَقَرِّي عَيْناً)(٦) : أي : طيبي نفسا ، نصب على التفسير ؛ لأنّ (٧) الفعل في الحقيقة لها.

(لِلرَّحْمنِ صَوْماً)(٨) : صمتا ؛ لأنّه إمساك.

وقوله : (فَقُولِي (٩) إِنِّي)(١٠) فالإشارة أوقع نفسك بحيث يسمعونه (١١) من غير مخاطبتك إيّاهم.

٢٧ ـ (شَيْئاً فَرِيًّا) : أمرا عظيما مستعظما. وقيل : أمرا عجبا. (١٢) وفي الحديث : «ما رأيت عبقريّا يفري فريه». (١٣)

٢٨ ـ (يا أُخْتَ هارُونَ)(١٤) : قال الكلبيّ : أراد بهارون أخوها من أبيها. (١٥) عن المغيرة بن شعبة قال : بعثني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى أهل نجران ، فقالوا لي : ألستم تقرؤون (يا أُخْتَ هارُونَ) بين موسى وعيسى وما كان ، فلم أدر ما أجيبهم ، فرجعت إلى النبيّ عليه‌السلام فأخبرته ، فقال :

__________________

(١) جزء من بيت شعر أوله : إن السريّ إذا سرى فبنفسه و ... قرى الضيف ٣ / ٢١٥.

(٢) بياض في أ.

(٣) أي مثل الباء في قوله تعالى المذكور ، فيكون التقدير هنا : وهزي إليك جذع النخلة. وينظر : التفسير الكبير ٧ / ٥٢٤.

(٤) بياض في أ.

(٥) بياض في أ.

(٦) بياض في أ.

(٧) ع : لها.

(٨) بياض في أ.

(٩) الأصل وك : قولي ، وهي في أبياض.

(١٠) غير موجودة في ع.

(١١) أ : يسمعونه.

(١٢) ينظر : تفسير السمعاني ٣ / ٢٨٨ ، وزاد المسير ٥ / ١٦٨ ، والتفسير الكبير ٧ / ٥٢٩.

(١٣) أخرجه أحمد في المسند ٢ / ٤٥٠ ، والبخاري في الصحيح (٣٦٨٢) ومسلم في الصحيح (٢٣٩٣) ، وأبو يعلى في المسند (٥٥١٤) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه.

(١٤) بياض في أ.

(١٥) ينظر : تفسير الماوردي ٣ / ٣٦٩ ، وتفسير السمعاني ٣ / ٢٨٩ ، والجواهر الحسان ٢ / ٣٢٥.

٢٦٧

«ألا أخبرتهم أنّهم كانوا يتسمّون بأنبيائهم والصالحين قبلهم». (١)

(أُمُّكِ بَغِيًّا) : مساعية بالفاحشة والبغاء ، والمساعاة بها من كان حالة الوجود دون ما مضى.

٢٩ ـ و (الإشارة) : الإيماء ، وهو النصّ بالدلالة على مشاهد ، أو ما يقوم مقامه.

(فِي الْمَهْدِ) : حالة المهد. وقيل : مهد في صخرة في بيت اللحم.

٣١ ـ (وَأَوْصانِي (٢) بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ)(٣) أي : الدعاء والصدقة. ويجوز أن يكون المراد بهما العبادتين المشروعتين على شريطة الإمكان.

٣٢ ـ (وَبَرًّا) : عطف على قوله : (مُبارَكاً)(٤) [مريم : ٣١].

عن أمّ سلمة (٥) زوج النبيّ عليه‌السلام قالت : لّما نزلنا بأرض الحبشة جاورنا خير جار ، أمنّا على ديننا ، وعبدنا الله لا نؤدّى ، ولا نسمع شيئا نكرهه حتى قدم عبد الله بن أبي ربيعة (٦) وعمرو بن العاص (٧) ، فلم يبق بطريق ، بطريق وبطارقة (٨) ، إلا وأوصلا إليه هديّة من جهة قريش ، وقالا له : إنّه قد ضوى (٩) إلى الملك ، غلمان سفهاء ، فارقوا دين (١٠) قومهم ، ولم يدخلوا في دين الملك ، وجاؤوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنتم ، فإذا كلّمنا الملك فأشيروا عليه بأن يسلمهم إلينا ، ولا يكلّمهم ، فإنّ قومهم أعلى بهم عينا (١١) ، وأعلم بما كانوا عليه ، فضمنت البطارقة لهما ذلك ، ثمّ إنّهما دخلا على النجاشيّ ، وقرّبا إليه (١٢) هداياه ، فقبلها ، ثمّ كلّماه ، فقالت بطارقته حوله : صدقوا أيّها الملك ، سلّمهم إليهم ليردّوهم إلى قومهم ، قالت أمّ سلمة :

__________________

(١) أخرجه أحمد في المسند ٤ / ٢٥٢ ، ومسلم في الصحيح (٢١٣٥) ، والترمذي في السنن (٣١٥٥) ، والنسائي في الكبرى (١١٣١٥).

(٢) ع : أوصاني.

(٣) بياض في أ.

(٤) أ : مشاركا.

(٥) هند بنت أبي أمية ، أم سلمة بن المغيرة المخزومية القرشية ، أم المؤمنين ، زوج النبي عليه‌السلام ، توفيت سنة ٥٩ ه‍. ينظر : والمنتخب من كتاب زوجات النبي ٤٢ ، والاستيعاب ٤ / ١٩٢٠ ، وصفة الصفوة ٢ / ٤٠.

(٦) أبو عبد الرحمن عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة القرشي المخزومي ، صحابي ، سقط من راحلته فمات قرب مكة في حصار عثمان رضي الله عنهما. ينظر : الطبقات الكبرى ٥ / ٤٤٤ ، وأنساب القرشيين ٣٣٦ ، ومعجم الصحابة ٢ / ٩٥.

(٧) أبو عبد الله عمرو بن العاص بن وائل السهمي القرشي المدني ، صحابي ، توفي سنة ٤٣ ه‍. ينظر : طبقات خليفة ٢٥ ، ومعجم الصحابة ٢ / ٢١٣ ، وإسعاف المبطأ ١ / ٢٣.

(٨) (بطريق وبطارقة) جاءت في المخطوطة بعد قوله : (ضوى إلى الملك) ، وحقّها هنا ، وكأنه يبيّن أنه جمع بطريق : بطارقة.

(٩) ع : انضم.

(١٠) أ : دين الله.

(١١) أي : أبصر بهم وأعلم بحالهم. ينظر : الروض الأنف ٢ / ٩٢.

(١٢) ع : إليها.

٢٦٨

فغضب النجاشيّ ، فقال : لا (١) هايم الله ، إذا لا أسلّمهم إليهم ، (٣٠٧ و) ولا أكاد حتى أدعوهم ، فإنّهم جيراني ، وأسألهم ما يقول هذان في أمرهم ، فإن كان كما يقولون أسلمتهم ، وإن كان غير ذلك منعتهم ، وأحسنت جوارهم ما جاوروني ، ثمّ أرسل إلى أصحاب النبيّ عليه‌السلام ، فدعاهم ، وقد جمع أساقفته ، فنشروا مصاحفهم حوله ، فلمّا جاءهم رسوله يدعوهم احتمطوا ، فقال بعضهم لبعض : ما نقول للرجل؟ قالوا : نقول والله ما علمنا وما أمرنا به ، كائن ما هو كائن ، فلمّا جاؤوه قال : ما هذا الدين الذي فارقتم منه (٢) قومكم ، ولم تدخلوا في ديني ، ولا في أحد من أهل الملل (٣) ، قالت : وقد كانوا قدّموا جعفر بن أبي طالب يكلّمه ، فكان الذي ولي كلامه ، فقال : أيّها الملك ، إنّا كنّا قوما أهل جاهلية ، نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونستقسم بالأزلام ، فكنّا على ذلك حتى بعث الله (٤) إلينا رسولا منّا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه (٥) ، قال النجاشيّ : من أيّكم هو؟ قال جعفر : هو ابن عمّي أخي أبي ، ثمّ دعانا إلى الله لنوحّده ونعبده ، ولا نشرك به شيئا ، ونخلع ما كنّا نعبد نحن وآباؤنا من دونه ، وأمرنا بالصلاة والصدقة (٦) والصدق ، والوفاء بالعهد ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، فآمنّا به ، واتّبعناه على ما جاء به من عند الله ، وعبدنا الله وحده لا شريك له ، وحرّمنا ما حرّم الله علينا ، وأحللنا ما أحلّ الله لنا ، فعدا علينا قومنا ، فعذّبونا ، وفتنونا عن ديننا ، ليردّونا (٧) إلى عبادة الأوثان ، وأن نستحلّ ما كنّا نستحلّ من الخبائث ، فلمّا قهرونا ، وحالوا بيننا وبين ديننا (٨) خرجنا إلى بلادك ، واخترناك على من سواك ، ورغبنا في جوارك ، ورجونا أن لا نظلم عندك ، أيّها الملك (٩) ، قال : فاقرأ عليّ ، فقرأ عليه : (كهيعص) [مريم : ١] ، قالت : فبكى النجاشيّ ، والله ، حتى اخضلّ لحيته ، وبكى أساقفته حتى اخضلّوا مصاحفهم حين سمعوا ما يتلى عليهم ، قال النجاشيّ : إنّ مخرج هذا الأمر لمن المشكاة التي خرج منها أمر موسى بن عمران ، انطلقا فلا والله لا أسلّمهما إليكما ، ولا أكاد ، فخرجوا من عنده ، فقال عمرو بن العاص : والله لآتيه غدا بما

__________________

(١) أ : ألا.

(٢) ع : سنة.

(٣) ك وع : الملك.

(٤) غير موجودة في ع.

(٥) ع : عفافته.

(٦) ع : الزكاة.

(٧) الأصل وك : ليردون.

(٨) (وبين ديننا) ، ساقط من أ.

(٩) مكررة في الأصل.

٢٦٩

أستأصل به خضراءهم (١) ، قالت : فقال ابن ربيعة ، وكان أتقى الرجلين فينا : لا تفعل ، فإنّ لهم أرحاما ، وإن خالفونا ، فقال : والله لأخبرنّه أنّهم يقولون : إنّ (٢) عيسى بن مريم عبد ، قالت : ثمّ غدا عليه الغد ، فقال : أيّها الملك ، إنّهم يقولون في عيسى قولا عظيما ، فأرسل إليهم ، فسألهم ما تقولون فيه؟ قالت : فأرسل إلينا ، قالت : ولم ينزل مثلها ، قالت : فاجتمع القوم ، وقال بعضهم لبعض : ماذا نقول في عيسى إن سألنا؟ فقالوا : نقول فيه الذي جاءنا به نبيّنا من عند الله (٣) ، كائن ما هو كائن ، فلمّا دخلوا عليه قال لهم : ماذا تقولون في عيسى بن مريم؟ قال جعفر : نقول فيه الذي جاءنا به نبيّنا (٢٠٧ ظ) من عند الله ، هو رسوله وروحه ، وكلمته ألقاها إلى العذراء البتول ، قالت (٤) : فضرب يده إلى الأرض ، فأخذ منها عودا ، قال : ما عدا ابن مريم ما قلت هذا العود ، فتناخرت بطارقته حوله حين قال ما قال (٥) فقال النجاشيّ : وإن نخرتم (٦) والله ، ثمّ قال لجعفر وأصحابه : اذهبوا فأنتم سيوم ، والسّيوم الآمنون بلغتهم ، من سبّكم غرّم ، يقولها ثلاثا. ثمّ ذكرت (٧) الحديث. (٨)

٣٧ ـ (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ) : أي : من جهة ذات بينهم من غير برهان.

٣٨ ـ (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) : في معنى قوله : (فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) [ق : ٢٢].

٣٩ ـ (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ) : عن أبي سعيد الخدريّ قال : قرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ) قال : «يؤتى بالموت (٩) كأنّه كبش أملح حتى يوقف على السور بين الجنة والنار ، فيقال : يا أهل الجنّة ، فيشرئبّون (١٠) ، ويقال : يا أهل النار ، فيشرئبّون ، فيقال : هل تعرفون هذا؟ فيقولون : نعم ، هذا الموت ، فيضجع ، فيذبح ، فلولا أنّ الله تعالى قضى لأهل الجنّة الحياة والبقاء لماتوا فرحا ، ولو لا أنّ الله تعالى قضى لأهل النار الحياة والبقاء لماتوا ترحا». (١١)

__________________

(١) في أ : خضرا ثم. خضراؤهم : أي خيرهم وغضارتهم ، أو خصبهم وسعتهم. ينظر : غريب الحديث لأبي عبيد ٢ / ٣٧٢ ، ولسان العرب ٤ / ٢٤٦.

(٢) ساقطة من أ.

(٣) (من عند الله) ساقطة من ع ، وبدلا منها : عليه‌السلام.

(٤) الأصول المخطوطة : قال.

(٥) الأصل وع وأ : قال قال قال ، وك : فال قال مال ، والتصحيح من مصادر التخريج.

(٦) الأصول المخطوطة : لم نخرتم. والتصحيح من مصادر التخريج.

(٧) الأصل وك وع : ذكر.

(٨) أخرجه أحمد في المسند ١ / ٢٠٢ ، والسيرة النبوية لابن هشام ١ / ٣٥٧ ـ ٣٦٢ ، والبيهقي في دلائل النبوة ٢ / ٣٠١ ـ ٣٠٤.

(٩) ك : الموت.

(١٠) أي : يرفعون رؤوسهم لينظروا. النهاية في غريب الحديث والأثر ٢ / ٤٥٥ ، ولسان العرب ١ / ٤٩٣.

(١١) أخرجه هناد في الزهد ١ / ١٥٦ ، والبخاري في الصحيح (٤٧٣٠) ، والترمذي في السنن (٣١٥٦).

٢٧٠

٤٢ ـ (يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ) : فيه بيان غاية القبح والاستحالة ، وليس فيه ما يدلّ على جواز عبادة ما يسمع ويبصر.

وقوله : (وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً) يدلّ على امتناع جواز عبادة كلّ من هو دون الله.

٤٣ ـ (يا أَبَتِ إِنِّي (١) قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ) : فيه محافظة الأدب من وجهين : أحدهما : التبرؤ من الحول والقوّة لوجه الله تعالى. والثاني : ترك التفضّل على أبيه من ذات نفسه.

(فَاتَّبِعْنِي) : اقتد بي في طلب الحقّ ، أو في الاستدلال ، أو في ترك عبادة ما ظهر قبح عبادته.

(أَهْدِكَ) : بعد المتابعة.

(صِراطاً سَوِيًّا) : عين الحقّ والمدلول ، وهو ما يحسن عبادته.

٤٤ ـ (يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ) : إنّما نهاه لأنّ الشيطان يتصوّر للمشركين بصور آلهتهم ، فيكلّمهم فيها ، فترجع عبادتهم في الحقيقة إليه.

٤٥ ـ (يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ) : إنّما خاف أن ينزل عليه العذاب ، ولم يتيقّن بذلك ؛ لرجائه له الإسلام ، وإنّما لم يكن أنّه وليّ الشيطان في الحال لإرجائه أمره إلى الله تعالى كيف يختم عليه فإنّما الأعمال بالخواتيم؟

٤٦ ـ (لَأَرْجُمَنَّكَ) : أراد القذف والطرد والإبعاد. وقيل : الرجم بالحجارة. (٢)

(مَلِيًّا) : زمانا طويلا ، ومنه قوله : (وَأُمْلِي لَهُمْ) [الأعراف : ١٨٣] ، وقولهم : الملوان وملواه (٣) من الدهر. وقيل : (مَلِيًّا) : تباعد عني بلغة إبراهيم.

٤٧ ـ (قالَ سَلامٌ) : أراد الصفح به والمتاركة ، وقد سبق جواز استغفار المشركين ، وكيفيّته.

(حَفِيًّا) : بارّا وصولا. وقيل : عالما ، أي : أنّ الله تعالى عالم بهمّتي فيك. (٤)

٤٩ ـ (وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ) : إنّما تأخّر ذكر إسماعيل لكون بني إسرائيل [مقصودون](٥) بهذا الخطاب.

__________________

(١) ليست في الأصل وك وع.

(٢) ينظر : تفسير السمعاني ٣ / ٢٩٥ ، وزاد المسير ٥ / ١٧٦ عن الحسن ، والتفسير الكبير ٧ / ٥٤٦ ، وفتح القدير ٣ / ٢٠.

(٣) أ : ومأواه. والملوان : الليل والنهار. مقاييس اللغة ٥ / ٣٥٢.

(٤) ينظر : معاني القرآن للفراء ٢ / ١٦٩ ، وتفسير ابن وهب ١ / ٤٩٠ ، وتفسير الماوردي ٣ / ٣٧٥ عن الكلبي ، وفتح القدير ٣ / ٢٠.

(٥) زيادة يقتضيها لسياق.

٢٧١

٥٠ ـ (مِنْ رَحْمَتِنا) : من قائم مقام الاسم ، تقديره : (٢٠٨ و) شيئا من رحمتنا ، أي : نعمتنا.

(لِسانَ صِدْقٍ) : ثناء حسنا من جهة الله تعالى وملائكته وأوليائه وأهل الكتاب أجمعين.

(عَلِيًّا) : رفيعا شريفا.

٥١ ـ (كانَ مُخْلَصاً) : لتخليص (١) الله إيّاه من القتل والغرق ، وضلالة فرعون ، وجناية القبطيّ.

و (رَسُولاً نَبِيًّا) : على التقديم والتأخير ، لاعتبار نظم الآي ، ومعناه : أنّه كان نبيا مرسلا.

٥٢ ـ (الْأَيْمَنِ) : نعت الجانب.

(وَقَرَّبْناهُ) : بالكرامة. عن عطاء بن السائب (٢) ، عن ميسرة (٣) قال : قرّبه الله وأدناه حتى سمع صرير القلم الذي يكتب له الألواح ، (٤) إنّما داخل في جملة المرسلين لقوله تعالى : (فَأْتِياهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ) [طه : ٤٧].

٥٤ ـ (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ) : قيل : أراد به أشمول (٥) بن هلفانا الذي قال لبني إسرائيل : (إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً) [البقرة : ٢٤٧] ؛ لأنّه ذكر بعد موسى وهارون. وهذا لا يصحّ ؛ لأنّه قد ذكر بعد يحيى وعيسى وإدريس بعد هؤلاء أجمعين ، لأنّ الواو للجمع لا للترتيب ، وهو إسماعيل بن إبراهيم عليهما‌السلام.

وإنّما اختصّ بصفة صدق الوعد لقوله : (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) [الصافات : ١٠٢] عند من جعله الذبيح (٦).

__________________

(١) الأصول المخطوطة : لتخصيص.

(٢) أبو السائب عطاء بن السائب الثقفي مولاهم الكوفي ، الإمام الحافظ محدث الكوفة ، توفي سنة ١٣٦ ه‍. ينظر : الضعفاء الصغير ٨٨ ، مشاهير علماء الأمصار ١٦٧ ، والمختلطين ٨٢.

(٣) أبو جميلة ميسرة بن يعقوب الطّهويّ الكوفي ، كان صاحب راية علي ، توفي سنة ه. ينظر : التاريخ الكبير للبخاري ٧ / ٣٧٤ ، والطبقات الكبرى ٦ / ٢٢٤ ، وتقريب التهذيب ٢ / ٢٩١.

(٤) ينظر : الزهد لهناد ١ / ١١٩ ، وتفسير الطبري ٨ / ٣٥١ ، وتفسير الماوردي ٣ / ٣٧٦ ، والدر المنثور ٥ / ٤٥٣ ، وفي بعض الروايات (صريف القلم) بدلا من (صرير القلم).

(٥) في المعارف لابن قتيبة ٤٤ : أشماويل.

(٦) ذكر بعض المفسرين أن الذبيح هو إسحاق عليه‌السلام ، وهذا ما ألمح إليه المفسر ، بقوله : «عند من جعله الذبيح» وهذا قول مردود ؛ لأن الصحيح هو أن إسماعيل عليه‌السلام هو الذبيح ، أما ما قيل من أن إسحاق هو الذبيح فهذا من الإسرائيليات المخالفة لما في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ، وقد رد عليه الإمام ابن قيم الجوزية رحمه‌الله

٢٧٢

وعن ابن عباس قال : كان ميعاده الذي واعد فيه صاحبه ، فانتظر حتى حال عليه الحول. (١)

٥٦ ـ (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ) : هو أبو جد نوح عليهما‌السلام ، واسمه أخنوخ (٢). وقيل : أنوخ. وسمّي إدريس لكثرة ما يدرس كتب الله وسنن الإسلام ، وأنزل الله عليه ثلاثين صحيفة ، وهو أوّل من خطّ بالقلم (٣) ، ونظر في علم النجوم والحساب (٤) ، وأوّل من خاط الثياب ولبسها ، وكان من قبله يلبسون الجلود (٥) ، واستجاب له ألف إنسان ممّن كان يدعوهم ، فلمّا رفعه الله اختلفوا بعده ، وأحدثوا الأحداث إلى زمن نوح عليه‌السلام ، ورفعه وهو ابن ثلاث مئة وخمس وستين سنة.

عن الكلبيّ ، عن زيد بن أسلم ، عن رسول الله : «أنّ إدريس جدّ أبي نوح ، وكان أهل الأرض بعضهم يومئذ كافرا ، وبعضهم مؤمنا ، وكان يصعد لإدريس من العمل مثل ما يصعد لجميع (٦) بني آدم ، فأحبّه ملك الموت ، فاستأذن الله تعالى في خلّته ، فأذن له ، فهبط إليه في صورة غير صورته ، صورة آدميّ مثله لكيلا يعرفه (٧) ، فقال : يا إدريس ، إنّي أحبّ أن أصحبك ، وأكون معك ، فقال له إدريس : إنّك لا تطيق ذلك ، قال : بلى ، أرجو أن يقويني الله على ذلك ، فكان معه يصحبه (٨) ، فكان إدريس يسيح النهار كلّه صائما ، فإذا جنّه الليل أتاه رزقه حيث يمشي ، فيفطر عليه ، ثمّ يحيي الليل كلّه ، قال : فساحا النهار كلّه صائمين حتى إذا أمسيا أتى إدريس رزقه ، فجلس يفطر ، فدعا الآخر ، فقال : والذي جعلك بشرا لا أشتهيه ، فطعم إدريس ، ثمّ استقبل الليل كلّه بالصلاة ، فإدريس تناله الفترة والسآمة من الليل ، والآخر لا يسأم ، فجعل إدريس (٢٠٨ ظ) يتعجّب منه ، ثمّ أصبحا صائمين ، فساحا حتى إذا أجنّهما من الليل ، أتى إدريس رزقه ، فجعل يطعم ، ودعا الآخر ، فقال : لا ، والذي جعلك بشرا لا (٩) أشتهيه ، فطعم إدريس ، ثمّ استقبل الليل كلّه بالصلاة ، فإدريس تناله السآمة والفترة ، والآخر لا يسأم ولا يفتر ،

__________________

بعشرة وجوه في كتابه إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان ٣٥٤ ـ ٣٥٧ ، آخرها نص قول النبي عليه‌السلام : «أنا ابن الذبيحين» ، يقصد أباه عبد الله وجده إسماعيل عليه‌السلام.

(١) ينظر : تفسير الماوردي ٣ / ٣٧٦ ، وزاد المسير ٥ / ١٧٨ ، ومجمع البيان ٦ / ٣٤٠ ، وفتح البيان ٨ / ١٧٠.

(٢) البدء والتاريخ ٣ / ١١ ، والمنتظم ٢ / ١٤٢ ، وشذرات الذهب ٢ / ١٠٨.

(٣) ينظر : البدء والتاريخ ٣ / ١١ و ١٣ ، محاضرة الأوائل ٢٧ ، عن أبي ذر الغفاري.

(٤) (ونظر في علم النجوم والحساب) ، ساقطة من أ.

(٥) ينظر : البدء والتاريخ ٣ / ١١ ، ومحاضرة الأوائل ٨٣.

(٦) ساقطة من ع.

(٧) مكررة في أ.

(٨) الأصول المخطوطة : يصحب.

(٩) ساقطة من أ.

٢٧٣

فجعل إدريس يتعجّب منه ، ثمّ أصبحا يوم الثالث صائمين ، فساحا ، فمرّا على كرم قد أينع وطاب (١) ، فقال : يا إدريس ، لو أخذنا من الكرم فأكلنا ، قال له إدريس : ما أرى صاحبه هاهنا لأشتري منه ، وإنّي لأكره أن آخذ بغير ثمن ، قال : فمضيا على مراعي غنم ، فقال : يا إدريس ، لو أخذنا من هذا الغنم شاة ، فأكلنا من لحمها ، قال له إدريس : فما أرى صاحبها فأشتري منه ، وإنّي لأكره أن آخذ شيئا بغير ثمن ، وإنّك معي منذ ثلاثة أيّام ما تطعم شيئا ، لو كنت لطعمت ، وإنّي لأدعوك إلى الحلال كلّ ليلة ، فتأباه ، فكيف تدعوني إلى الحرام (٢) ، فيملح ما بيني وبينك؟ ألا نبّأتني من أنت؟ قال : إنك ستعلم ، قال : لتخبرنّي من أنت؟ قال : أنا ملك الموت ، والملح في كلام العرب هي الصحبة ، قال : ففزع حيث قال : أنا ملك الموت ، قال : فإنّي أسالك حاجة ، فقال : وما هي؟ قال : تذيقني الموت ، قال : ما إليّ من ذلك شيء ، وليس لك بدّ من أن تذوقه ، قال : بلى ، فإنّه قد بلغني عنه شدّة ، فلعلّي أعلم ما شدّته ، فأكون له أشدّ استعدادا ، وأكثر له عملا وحذرا ، قال : فأوحى الله إليه أن يقبض روحه ساعة ثمّ يرسله ، قال : فقبض نفسه ساعة ، ثمّ أرسله ، فقال : كيف رأيت؟ قال : لقد بلغني عنه شدّة ، ولقد كان أشدّ ممّا بلغني منه ، قال له ملك الموت : ما أحببت أن يصيبك هذا في صحبتي ، ولكنّك سألتني فأحببت أن أسعفك ، قال : فإنّي أسالك حاجة أخرى ، قال : ما هي؟ قال : أحبّ أن تريني النار ، قال : ما إليّ من ذلك شيء ، ولكنّي سأطلب ، فإن قدرت عليه ، ففعلت ، فبسط جناحه ، فحمله عليه حتى صعد به إلى السماء ، فانتهى إلى باب من أبواب النار ، فدقّه ، فقيل له : من هذا؟ قال : أنا ملك الموت ، قالوا : مرحبا بأمين الله ، هل أمرت فينا بشيء؟ قال : لو أمرت فيكم بشيء لم أناظركم ، هذا إدريس استأذنت الله في خلته ، فأذن لي ، فسألني أن أريه النار ، فأحبّ أن تروها إيّاه ، قال : ففتح منها شيء ، قال : فجاءت بأمر عظيم ، وخرّ إدريس مغشيا عليه ، قال : فحمله ملك الموت ، فأجلسه في ناحية حتى أفاق ، وقد ذبل واصفرّ ، فقال له ملك الموت : ما أحببت أن يصيبك هذا في صحبتي ، ولكنّك سألتني فأحببت أن (٢٠٩ و) أسعفك ، قال : فإنّي أسألك حاجة غيرها ، قال : ما هي؟ قال : أحبّ أن تريني الجنّة ، قال : ما إليّ من ذلك شيء ، ولكني سأطلب ، فإن قدرت عليه فعلت ، فانطلق به إلى خزنة الجنّة ، فدقّ بابا من أبوابها ، فقيل : من هذا؟ قال : أنا ملك الموت ، قالوا : مرحبا بأمين الله ، هل أمرت فينا بشيء؟ قال : لو أمرت فيكم بشيء لم أناظركم ، ولكن هذا إدريس سألني أن أريه الجنّة ، فأحبّ أن تروها إيّاه ، قال : ففتح له الباب ، فدخل فيها ، فنظر إلى

__________________

(١) أ : خطاب.

(٢) الحرام أن آخذ.

٢٧٤

شيء لم ينظر إلى مثله ، فطاف فيها ساعة ، ثمّ قال له ملك الموت : انطلق بنا فلنخرج (١) ، قال : فينطلق (٢) إلى شجرة ، فيتعلّق بها ، ثمّ يقول (٣) : والله لا أخرج حتى يكون الله هو يخرجني ، قال له ملك الموت : إنّه ليس بحينها ولا زمانها ، وإنّما طلبت إليهم لترى ، فانطلق بنا ، فأبى (٤) ، قال : فقيّض الله له ملكا من الملائكة ، قال له ملك الموت : اجعل هذا الملك بيني وبينك ، قال : نعم ، قال : ما تقول يا ملك الموت؟ قال : أقول : إنّي استأذنت الله في خلّة إدريس ، فأذن لي ، فهبطت ، فكنت معه حينا ، ثمّ سألني أن أذيقه الموت ، فأذقته ، فأصابه من شدّته ، ثمّ سألني أن أريه النار ، فأري ، فأصابه من شدّتها ، ثمّ سألني أن أريه الجنة ، فطلبت له ، فأري ، فدخلها ، وإنّه أبى أن يخرج ، فأخبرته أنّه ليس بحينها ولا زمانها ، قال : ما تقول يا إدريس؟ قال : أقول : إنّ الله تعالى قال : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) [آل عمران : ١٨٥] وقد ذقته ، ويقول الله : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) [مريم : ٧١] ، أي : النار ، وقد وردتها ، ويقول الله لأهل الجنة : (وَما هُمْ مِنْها (٥) بِمُخْرَجِينَ) [الحجر : ٤٨] ، فو الله لا أخرج منها أبدا حتى يكون الله يخرجني منها ، فسمع هاتفا من فوقه : بأمري دخل ، وبأمري فعل ، فخلّ سبيله ، فذلك قوله : (وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا).

وعن الكلبيّ ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس قال : إنّ إدريس كان يصعد له من العمل كلّ يوم مثل ما يصعد لجميع (٦) الناس ، فطلب ملك الموت إلى ربّه ، فهبط إليه ، قال : فلمّا كلّمه إدريس ، قال : اصعد بي إلى السماء ، فأصعده (٧) معه ، فلما انتهى إلى السماء السادسة مرّ به ملك ، فقال الملك لملك الموت : أين تريد؟ قد بعث إلى رجل من بني آدم أن تقبض روحه في السماء السادسة ، فالتفت إلى إدريس ، وقبض روحه في السماء السادسة.

ويجوز أن يكون المراد ب (المكان العليّ) : الرتبة العليّة.

٥٨ ـ (مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ) : وجده شيث وإدريس.

(وَمِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ) : ابنه الأكبر (٢٠٩ ظ) سام ، والأنبياء من ذريّة سام : هود وصالح وشعيب ولوط وأيوب ، والله أعلم بغيره من المحمولين كيافث وحام وغيرهما.

__________________

(١) ع : فلنخرج.

(٢) ع : فانطلق.

(٣) ع : قال.

(٤) ساقطة من ع.

(٥) الأصل وك وأ : عنا ، وهذا من ع.

(٦) أ : بجميع.

(٧) ع : فأصعد.

٢٧٥

(وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ) : إسماعيل وإسحاق ومحمد عليهم‌السلام. وروي : خالد بن سنان أيضا. (١)

(٢) ومن ذريّة إسرائيل أنبياء بني إسرائيل.

(وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا) : ومن جملة هؤلاء الخضر إن لم يكن من ذريّة سام.

ووصف سعيد بن المسيّب لقمان الحكيم بالنبوّة ، وكان من ولد حام ، فإنّه كان حبشيا ، وهو روميّ ، والروم من ولد يافث. وعن النبيّ عليه‌السلام أنّه قال : «سام (٣) أبو العرب ، وحام أبو الحبش ، ويافث أبو الروم». (٤) قال الأمير : وظنّي بجرجيس عليه‌السلام أنّه من جملة هؤلاء ، ولم يكن من بني إسرائيل. وزعم القتيبي (٥) : أنّ الأنبياء كلّهم عربيّهم وعجميّهم من ولد سام بن نوح عليه‌السلام.

قالوا : وفي قوله : (وَمِمَّنْ هَدَيْنا) يجوز أنّ [الواو](٦) للعطف على ذريّة آدم ، أو على ذريّة المحمول مع نوح ، أو على ذريّة إبراهيم وإسرائيل ، ويجوز للاستئناف جملة ، والتقدير : ممّن هدينا واجتبينا قوم.

عن مجاهد قال : ما رأى إبليس أحدا ساجدا إلا التطم ، ودعا بالويل ، قال : أمر هذا بالسجود فسجد ، فله (٧) الجنّة ، وأمرت فلم أسجد فلي النار. وعن أبي هريرة ، عنه عليه‌السلام قال : «إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد ، اعتزل الشيطان يبكي ويقول : أمر ابن آدم بالسجود فسجد ، فله الجنّة ، وأمرت بالسجود فعصيت فلي (٨) النار». (٩)

٥٩ ـ (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ) : الخلف ضدّ الخلف ، يقال : خلف سوء ، وخلف صدق.

__________________

(١) ينظر : البدء والتاريخ ٣ / ٦ ، والكامل ١ / ٢٩١ ، ويروى في ذلك حديث عن ابن عباس : أنه جاءت بنت خالد بن سنان إلى النبي عليه‌السلام ، فبسط لها ثوبه ، وقال : «بنت نبي ضيّعه قومه». ينظر : مصنف ابن أبي شيبة ٦ / ٤١٣ ، والطبقات الكبرى ١ / ٢٩٦ والمعجم الكبير للطبراني (١٢٢٥٠) ، ومعجم السفر ٣٥٤.

(٢) في الآية نفسها : (وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ وَإِسْرائِيلَ).

(٣) الأصول المخطوطة زيادة كلمة : ولد ، وهي غير موجودة في كتب التخريج.

(٤) أخرجه أحمد في المسند ٥ / ٩ ، والطبراني في الكبير (٧٠٣٣) عن سمرة بن جندب ، وابن عدي في الكامل ٧ / ٢٧١ عن أبي هريرة.

(٥) ساقطة من ع.

(٦) زيادة يقتضيها السياق.

(٧) الأصل وك وأ : له.

(٨) أ : ولي.

(٩) أخرجه ابن المبارك في الزهد (٩٨١) ، ومسلم في الصحيح (٨١) ، وابن ماجه في السنن (٢٧٥٩) ، وابن خزيمة في الصحيح (٥٤٩).

٢٧٦

(أَضاعُوا الصَّلاةَ) : اشتغلوا بما يلهي عنها من لعب ولهو.

(فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) : غيّهم الذي أسلفوه وقدّموه ، كقوله : (وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) [الزلزلة : ٨]. وقيل : الغيّ : اسم واد في جهنّم. (١) وقيل : مأخوذ من الغياية ، وهي الظّلّة والسحابة. وعن كعب وأصحابه قال : صفة المنافقين : شاربون للقهوات ، لعّانون (٢) بالكعبات ، ركّابون للشهوات ، تاركون للجماعات ، راقدون عن العتمات ، مفرّطون في الغدوات ، ثم تلا : (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ) الآية [مريم : ٥٩]. (٣)

٦١ ـ (وَعْدُهُ مَأْتِيًّا) : هو القول المفعول. وقيل : أراد الآتي. (٤)

٦٢ ـ (إِلَّا سَلاماً) : قيل : استثناء منقطع. (٥) وقيل : متّصل ؛ لأنّ السّلام في دار السّلام من جنس اللغو ؛ لأنّه كلام غير محتاج إليه بخلاف الحمد والتسبيح اللذين هما من أهل الإيمان بمنزلة التنفيس من الحيوان. (٦)

(بُكْرَةً) : أي : ابتداء الحالة الممتدّة التي هي لملاقاة الإخوان.

(وَعَشِيًّا) : الساعة التي هي قبيل الحالة الممتدّة ، التي هي للخلوة مع النسوان. قال قتادة : كانت العرب إذا أصاب أحدهم الغداء والعشاء يعجبه ذلك ، فأخبرهم أنّ لهم في الجنّة (٢١٠ و) هذه الحالة التي تعجبهم في الدنيا. (٧)

٦٣ ـ (تِلْكَ الْجَنَّةُ) : خبر ، ويجوز أنّها اسم جنس ولي اسم الإشارة ، والخبر ما بعدها (٨) ، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف ، التقدير : هذه الجنة التي ذكرنا.

(تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا) : والتقيّ ينطلق على كلّ مؤمن.

٦٤ ـ (وَما نَتَنَزَّلُ) : عن ابن عباس قال : قال النبيّ عليه‌السلام : «يا جبريل ، مالك لا

__________________

(١) ينظر : تفسير الماوردي ٣ / ٣٨٠ عن عائشة وابن مسعود ، والمستدرك للحاكم ٢ / ٣٧٤ ، والحلية ٤ / ٢٠٧ ، والحاكم ٢ / ٣٧٤ ، وبصائر ذوي التمييز ٤ / ١٥٥ من غير نسبة.

(٢) أ : نكابون.

(٣) ينظر : تفسير ابن أبي حاتم ٧ / ٢٤١٢ ، والفردوس بمأثور الخطاب ٣ / ٣٦.

(٤) ينظر : زاد المسير ٥ / ١٨٢ ، وابن كثير ٣ / ١٧٥.

(٥) ينظر : الكشاف ٣ / ٩٢ ، وابن عطية ٩ / ٤٩٦ ، والفريد في إعراب القرآن المجيد ٣ / ٤٠٨ ، والبحر المحيط ٧ / ٢٧٩.

(٦) ينظر : الزمخشري ٣ / ٩٢ ، واللباب ١٣ / ٩٥ ، وحاشية القونوي ١٢ / ٢٥٩.

(٧) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ٣٥٨ ، وتفسير الماوردي ٣ / ٣٨١ ، وزاد المسير ٥ / ١٨٣.

(٨) أ : بعدهما.

٢٧٧

تزورنا أكثر ممّا تزورنا» ، فأنزل الله. (١)

قال الكلبيّ : (ما بَيْنَ أَيْدِينا) : الآخرة ، (وَما خَلْفَنا) : الدنيا. (٢) وقال الفراء : (ما بَيْنَ أَيْدِينا) : الدنيا ، (وَما خَلْفَنا) : الآخرة ، (وَما بَيْنَ ذلِكَ) : ما بين النفختين ، وبينهما أربعون سنة يلقّنها جبريل من الله تعالى. (٣) وقيل (٤) : مقدّر في ابتدائها. (٥)

(نَسِيًّا) : ناسيا ، فكأنّ جبريل قال : لم ينسنا الله تعالى ولم ينسك ، فلو شاء لأذن لنا في النزول إليك أكثر ممّا نتنزّل.

٦٥ ـ (رَبُّ السَّماواتِ) : أي : هو ربّ السماوات. وقيل : بدل من قوله : (رَبِّكَ) [مريم : ٦٤]. (٦)

(وَاصْطَبِرْ) : افتعال من الصّبر.

(سَمِيًّا) : مجانسا ، وهذا يدلّ على أنّ الاسم الحقيقيّ معنى ذووي.

٦٦ ـ (وَيَقُولُ الْإِنْسانُ) : قال خبّاب : جئت العاص بن وائل السهميّ أتقاضى بمالي عنده ، فقال : لا أعطيك حتى تكفر بمحمد عليه‌السلام ، فقلت : لا ، حتى تموت ثمّ تبعث ، فقال : وإنّي لميّت ثمّ مبعوث؟ قال : نعم ، قال : إنّ لي هناك مالا أقتضيكه ، فنزل : (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا) الآية [مريم : ٧٧]. (٧)

وفي الآية دلالة على أنّ الآية في العاص.

(أَإِذا ما مِتُّ) : ما : صلة ، كقول امرؤ القيس (٨) [البحر الطويل] :

إذا ما بكى من خلفها انصرفت ...

٦٧ ـ (أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ) : نسيانه.

٦٨ ـ (وَالشَّياطِينَ) : جمع (٩) الشيطان.

__________________

(١) أخرجه أحمد في المسند ١ / ٢٣٣ ، والبخاري في الصحيح (٧٠١٧) ، والترمذي في السنن (٣١٥٨) ، والنسائي في الكبرى (١١٣١٩).

(٢) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ٣٦٠ ، وزاد المسير ٥ / ١٨٥.

(٣) ينظر : معاني القرآن للفراء ٢ / ١٧٠.

(٤) الأصل وك وأ : قال.

(٥) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ٣٦٠ ، وزاد المسير ٥ / ١٨٥ عن الأخفش ، والبحر المحيط ٧ / ٢٨٢.

(٦) ينظر : الكشاف ٣ / ٣١ ، وتفسير البيضاوي ٢ / ١٥ ، والبحر المحيط ٧ / ٢٨٣ ، والقونوي ١٢ / ٢٦٣.

(٧) أخرجه البخاري (٤٧٣٢) ، والترمذي في السنن (٣١٦٢) ، والشاشي في مسنده ٢ / ٤١٠ والطبراني في الكبير (٣٦٥٠).

(٨) ديوانه ١٢ ، ورصف المباني ٣٨٢ : انحرفت ، وتكملته :

 ... له

بشق وشقّ عندنا لم يحوّل.

(٩) الأصول المخطوطة : مع.

٢٧٨

(جِثِيًّا) : جلوسا على الركب ، قربت من الجثوم.

٦٩ ـ (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ) : لنميزنّ. وقيل : لنقولنّ.

(أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا) : فليخرج ، ويحتمل : أيّهم كان أشدّ ، ويحتمل : أشدّهم. فالأول : تخصيص الوصف بما مضى ، والثاني : إخلاص الوصف للحال.

٧٠ ـ (ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ) : علم الله تعالى الذي تفرّد به علم الأعيان ، فأمّا علم الأوصاف فقد رزقنا حيث أخبر أنّ الكبائر (١) هي الموجبات للنار ، فمن كاد يرتكب الكبائر كاد يصلى النار ، ومن كان أقدم على اقتحام الفواحش كان أولى وقودا ، ومن كان أشدّ إصرارا كان (٢) أحرى خلودا.

٧١ ـ (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) : ابن عباس ، عن كعب قال : ترفع جهنّم يوم القيامة كأنّها متن إهالة ، وتستوي أقدام الخلائق ، فينادي مناد (٣) : أن خذي أصحابك ودعي أصحابي ، فتخسف بهم ، ولهي أعرف بهم من الوالدة بولدها ، وتمرّ أولياء الله تندى ثيابهم. (٤)

وعن ابن مسعود قال : قال رسول الله عليه‌السلام : (٢١٠ ظ) «يرد (٥) الناس النار ، ثمّ يصدرون عنها بأعمالهم ، فأوّلهم كلمح البرق ، ثمّ كالريح ، ثمّ كحضر الفرس ، ثم كالراكب في رحله ، ثمّ كشدّ الرحل ، ثمّ كمشيه». (٦) وعن عبد الله قال : الأرض نار كلّها يوم القيامة ، والجنّة من ورائها ، يرون كواعبها وأكوابها (٧) ، والذي نفس عبد الله في يده ، إنّ الرجل في الأرض يوم القيامة حتى يبلغ أنفه ، ثمّ يرتفع ، ثمّ يسوخ ، وما مسّه الحساب ، فقلنا : وبم ذلك يا أبا عبد الرحمن؟ قال : ممّا يرى الناس يلقون.

وعن عكرمة ، عن ابن عباس قال : إنّ للقيامة أحوالا وأهوالا وزلازل وشدائد وظلماء ، إذا انشقّت السماء ، وتناثرت النجوم ، وذهب ضوء الشمس والقمر ، وتقلّعت الأشجار ، وتدكدك الاكام ، وغارت العيون ، ونصبت الموازين ، ونشرت الدواوين ، وجيء بجهنّم تقاد بسبعين ألف زمام من حديد ، كلّ زمام (٨) أخذ به سبعون ألف ملك ، كلّ ملك أعظم ما بين المشرق والمغرب ، يجرّونها جرّا حتى إذا كانت من الموقف مسيرة مئة زفرت زفرة لا يبقى ملك مقرّب ، ولا نبيّ

__________________

(١) أ : البكاير.

(٢) ك : فهو.

(٣) الأصول المخطوطة : منادي.

(٤) ينظر : شعب الإيمان (٣٧٢ و ٣٧٣) ، وحلية الأولياء ٥ / ٣٦٧ ، والتمهيد لابن عبد البر ٦ / ٣٥٦ ، التخويف من النار ١ / ١٨٢.

(٥) ك : يرون.

(٦) أخرجه الترمذي (٣١٦٠) ، والدارمي في السنن ٢ / ٤٢٤ ، والحاكم في المستدرك ٢ / ٤٠٧ ، والتخويف من النار ١ / ١٧٩.

(٧) ساقطة من أ.

(٨) ع : يوم.

٢٧٩

مرسل إلا يخرّ جاثيا لركبتيه ، ينادي على حياله : نفسي نفسي ، ثمّ تزفر أخرى ، فلا يبقى في عين أحد قطرة من الدموع إلّا بدرت ، ثمّ تزفر أخرى فتعلو بياض العيون سوادها ، وتشخص الأبصار ، فلا ينطق أحد ، ولا يطرف ، ولا يعقل ، ثمّ يضرب الصراط على متن (١) جهنّم ، طوله مسيرة ثلاثة آلاف سنة : ألف سنة صعود ، وألف سنة هبوط ، وألف سنة سهولة ، بين حائطين من نار ، عرض كلّ حائط مسيرة ثلاث ليال ، على حافّتيه الزبانية ، معهم الحسك والكلاليب ، فقام رجل من الأزد ، يقال له : جندب بن زهير (٢) ، إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمّي ، إنّي لأرجع من عندك إلى منزلي فما تقرّ عيني في مال ولا ولد حتى أرجع ، فأنظر إليك (٣) ، فأنّى لي بك في غمار القيامة؟ قال : يا جندب ، انظرني عند عقر حوضي ، فإن لم تلقني ، فانظرني في مقام الشفاعة ، فإن لم تلقني فانظرني على شفير جهنّم والخلائق يمرّون ، وأنا أنادي : يا ربّ سلّم سلّم ، وجبريل ينادي : يا ربّ سلّم سلّم ، وألف ألف وأربع مئة ألف نبيّ من ولد يعقوب ينادون : اللهمّ بشرف محمد سلّم ، أي جندب بن زهير ، فكم من مخدّش مرسل؟ وكم من مختطف هاو ومكردس في النار؟ وخزّان الجنّة على أبواب الجنّة معهم الحليّ والحلل والتيجان من ألوان الجوهر ينتظرون أولياء الله ، ثمّ ذكر باقي الحديث ، والجمع بين هذا الحديث وبين قوله : (لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها) [الأنبياء : ١٠٢] ، يعني : لا يسمعون بعد دخول الجنّة ، فأمّا ما قبله فالأمر على ما تضمّنه الحديث.

(حَتْماً مَقْضِيًّا) : واجبا لازما ، (٢١١ و) وإيجاب الله على نفسه مجاز ، وحقيقة وجوب وعده ، وتأكّد قضائه ، وصدق قوله ، وانبرام حكمه على وجه لا يليق بربوبيته غيره.

وقيل : الورود غير الدخول ، كقوله : (وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ) [القصص : ٢٣]. (٤) وعن أمّ مبشّر ، امرأة زيد بن حارثة (٥) قالت : كان النبيّ عليه‌السلام في بيت حفصة (٦) وقال : «لن يدخل النار ، إن شاء الله ، أحد (٧) شهد بدرا والحديبية» ، فقالت : ألا تسمع إلى قول الله تعالى : (وَإِنْ مِنْكُمْ

__________________

(١) ك : سنن.

(٢) جندب بن زهير بن الحارث الأزدي الغامدي. ينظر : تاريخ دمشق ١١ / ٣؟؟؟ والإصابة ١ / ٢٤٨.

(٣) ساقطة من ع.

(٤) ينظر : تفسير الماوردي ٣ / ٣٨٥ عن ابن مسعود ، وزاد المسير ٥ / ١٩٠ عنه وغيره.

(٥) وقيل : أم بشر بنت البراء بن معرور ، ينظر : رجال مسلم ٢ / ٤٢٠ ، والمقتنى في سرد الكنى ٢ / ١٧١. وزيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي المحمدي ، سيد الموالي ، مولى رسول الله عليه‌السلام ، الأمير الشهيد ، المسمى في سورة الأحزاب ، استشهد يوم مؤتة سنة ٨ ه‍. ينظر : الاستيعاب ٢ / ٥٤٢ ، وصفة الصفوة ١ / ٣٧٨ ، وسير أعلام النبلاء ١ / ٢٢٠.

(٦) أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب العدوية القرشية ، توفيت سنة ٤٥ ه‍. ينظر : المنتخب من كتاب أزواج النبي ٣٩ ، والطبقات الكبرى ٨ / ٨١ ، والإصابة ٤ / ٢٧٣.

(٧) ك : أحدا.

٢٨٠