مستمسك العروة الوثقى - ج ٤

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٤

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٥٠٩

وإذا دار بين الحرير وغير المأكول يقدم الحرير [١] ، وإن كان لا يخلو عن إشكال في صورة الدوران بين الحرير وجلد غير المأكول [٢] ، وإذا دار بين جلد غير المأكول وسائر أجزائه يقدم سائر الأجزاء [٣].

( مسألة ٦ ) : يجوز التكفين بالحرير غير الخالص بشرط أن يكون الخليط أزيد من الإبريسم على الأحوط [٤].

______________________________________________________

لأحدهما والتخيير بينهما ، فيلزم الأخذ بمحتمل التعيين.

[١] كما عن الشهيدين ، وعلله أولهما بجواز صلاة النساء فيه. ورده في جامع المقاصد بأن ذلك لا يقتضي جواز التكفين به ، لعدم الملازمة. ولم يستبعد شيخنا الأعظم (ره) تقديم الحرير للنساء ، وتقديم ما لا يؤكل لحمه للرجال. وكأن الوجه في الأول : ما ذكره الشهيد ، وفي الثاني : الحرمة التكليفية. ولكنه غير ظاهر ما لم يرجع الى احتمال تعين الحرير للنساء وما لا يؤكل لحمه للرجال ، ليرجع فيه الى أصالة التعيين عند الدوران بينه وبين التخيير.

[٢] هذه الصورة أولى بوضوح تقديم الحرير من غيرها ، لاشتمال ، الجلد على مانعين : كونه جلداً ، وكونه من غير مأكول اللحم.

[٣] لصدق الثوب عليها جزماً.

[٤] لرواية ابن راشد المتقدمة (١). وكأن وجه التوقف ظهور كلمات الأصحاب في خلافها ، إذ هم ما بين مقيد للحرير بالمحض ، ومطلق ومعبر عنه بما لا تجوز الصلاة فيه الشامل له ولما لا يؤكل لحمه ، والجميع غير شامل للممزوج بما يعتد به فإنه لا يسمى حريراً محضاً ، ولا حريراً ،

__________________

(١) تقدمت في المسألة الرابعة.

١٦١

( مسألة ٧ ) : إذا تنجس الكفن بنجاسة خارجة ، أو بالخروج من الميت وجب إزالتها [١].

______________________________________________________

ولا مما لا تجوز فيه الصلاة ، فتكون الرواية مهجورة. ولذا ادعى في الجواهر القطع بخلاف مفهوم الرواية في بعض الأفراد.

[١] اتفاقاً ظاهراً كما في الجواهر. نعم عن الوسيلة : أنه عد في المندوبات قرض ما أصاب الكفن من النجاسة. ولعله يريد استحباب خصوص القرض لا نفس الإزالة ، وإلا كان ضعيفاً جداً ، لمخالفته لظهور الاتفاق ، وللنصوص الآمرة بغسل النجاسة الخارجة من الميت (١) بناء على عمومها للكفن ، والأمر بقرض الكفن لو أصابته نجاسة خارجة من الميت (٢) ، واختصاص موردها بالخارجة من الميت لا يقدح في ظهورها في عموم الحكم لغيرها.

ثمَّ إن المنسوب إلى الأكثر وجوب الغسل إلا أن تكون الملاقاة بعد طرحه في القبر فإنها تقرض حينئذ وفي جامع المقاصد : « يجب غسل النجاسة على كل حال وإن وضع في القبر إلا مع التعذر ». واحتمل في الجواهر أن يكون ذلك مراد من أطلق. وكأن وجهه حمل نصوص الغسل على الاختيار ، ونصوص القرض على الاضطرار. وهو غير ظاهر. ولأجل ذلك كان ما عن الشيخ وبني حمزة وسعيد والبراج : وجوب القرض مطلقاً ، أخذاً بنصوص الأمر بالقرض ، بناء منهم على عدم ورود الأمر بالغسل في الكفن ليجب الجمع بينهما بما سبق. وفيه : أنه وإن سلم ذلك إلا أن ظهور نصوص الأمر بالقرض في الوجوب غير ثابت ، لورود الأمر به‌

__________________

(١) راجع الوسائل باب : ٢ من أبواب غسل الميت وغيره.

(٢) راجع الوسائل باب : ٣٢ من أبواب غسل الميت وباب : ٢٤ من أبواب التكفين.

١٦٢

ولو بعد الوضع في القبر [١]. بغسل ، أو بقرض إذا لم يفسد الكفن [٢] ، وإذا لم يمكن وجب تبديله [٣] مع الإمكان.

( مسألة ٨ ) : كفن الزوجة على زوجها [٤]

______________________________________________________

مورد توهم الحظر ، فيتعين الحكم بجواز كل من القرض والغسل ولو مع إمكان الآخر.

[١] لإطلاق النص ، وانصرافه الى ما قبل الوضع في القبر غير ظاهر بنحو يعتد به في رفع اليد عن الإطلاق. نعم لا ينبغي الإشكال في عدم وجوب ذلك بعد الدفن.

[٢] كأنه لدعوى الانصراف ، وإلا فمقتضى نصوص القرض جوازه وإن أفسد الكفن. نعم لا يبعد عدم صدق القرض لو كان موضع النجاسة واسعاً جداً.

[٣] لما عرفت من الاتفاق ، وظهور نصوص القرض في اعتبار الطهارة.

[٤] إجماعاً صريحاً كما في الذكرى ، وعن الخلاف ونهاية الأحكام والتنقيح ومجمع البرهان وغيرها. وفي المعتبر والذكرى : نسبته الى فتوى الأصحاب. وعن التذكرة والمنتهى : نسبته إلى علمائنا. ويدل عليه خبر السكوني عن جعفر (ع) عن أبيه (ع) : « أن أمير المؤمنين (ع) قال : على الزوج كفن امرأته إذا ماتت » (١). وعن الفقيه عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) : « قال ثمن الكفن من جميع المال. وقال : كفن المرأة على زوجها إذا ماتت » (٢) فيحتمل أن يكون القول الثاني‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٢ من أبواب التكفين حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ٣١ من أبواب التكفين حديث : ١ ، وفيه نقل القول الأول وينقل القول الثاني في باب : ٣٢ من أبواب التكفين حديث : ١.

١٦٣

ولو مع يسارها [١] ، من غير فرق بين كونها كبيرة [٢] أو صغيرة ، أو مجنونة أو عاقلة ، حرة أو أمة [٣] ، مدخولة أو غير مدخولة ، دائمة أو منقطعة [٤] ، مطيعة أو ناشزة ،

______________________________________________________

من تتمة الصحيح كما جزم به في الوسائل وحكي عن جماعة. ويحتمل ـ كما عن بعض ـ كونه رواية أخرى مرسلة. وعلى كل حال يجب العمل بمضمونها لما عرفت.

[١] نسب الى فتوى الأصحاب كما في المعتبر والذكرى وإلى علمائنا كما عن التذكرة والمنتهى. وفي الذكرى حكي عن الشيخ نقل الإجماع عليه ويقتضيه إطلاق النص ، ولا يعارضه إطلاق ما دل على أن الكفن من جميع المال بالنسبة إلى ذات المال ، لقوة ظهور الأول ، لغلبة وجود المال. ولأن عنوان الزوجية من العناوين الثانوية المقدم دليلها عرفاً على دليل العنوان الأولي. مضافاً الى ما في الفقيه ـ بناء على أنه من تتمة الصحيح ـ إذ لا مجال للتأمل في وجوب تقديمه على الصدر والبناء على كونه من قبيل الاستثناء.

[٢] لإطلاق النص والفتوى في جميع ذلك.

[٣] ربما يتوهم معارضة نص المقام بما دل على أن كفن المملوك على سيده. وفيه : أن ذلك الدليل ليس إلا الإجماع غير الثابت في الزوجة.

[٤] عن الدروس والكفاية : قصر الحكم على الدائمة ، بل عن جماعة كثيرة : قصر الحكم على الدائمة غير الناشزة. وفي جامع المقاصد : أنه ـ يعني : سقوط الكفن ـ في غير الدائمة الممكنة أظهر. وعن التنقيح : التوقف في غيرها. وفي الذكرى : « أما الناشزة فالتعليل بالإنفاق ينفي وجوب الكفن وإطلاق الخبر يشمله. وكذا المتمتع بها ». وربما يوجه‌

١٦٤

بل وكذا المطلقة الرجعية [١] دون البائنة : وكذا في الزوج لا فرق بين الصغير والكبير ، والعاقل والمجنون [٢] ، فيعطي الولي من مال المولى عليه.

( مسألة ٩ ) : يشترط في كون كفن الزوجة على الزوج أمور : أحدها : يساره [٣] بأن يكون له ما يفي به أو ببعضه زائداً‌

______________________________________________________

بدعوى الانصراف إلى الدائمة كما احتمله في المدارك. وفيه : أن الانصراف لو تمَّ في جميع أفراد المنقطعة فهو بدائي لا يعول عليه في رفع اليد عن الإطلاق. نعم لو كان الوجه في وجوب الكفن على الزوج كونه من النفقة الواجبة دار مدار وجوب الإنفاق ، فتخرج الناشزة ، وغير المدخول بها لو قلنا بعدم وجوب الإنفاق عليها ، وحينئذ لا مجال للأخذ بإطلاق الخبر ، لأن دليل سقوط النفقة بالنشوز مقدم على إطلاق وجوب النفقة للزوجة. لكن الوجه المذكور ضعيف. لكنه ليس هو المستند كما عرفت ، وإن كان ظاهر المعتبر والذكرى وجامع المقاصد وغيرها تعليله به. لكنه في غير محله ، لانقطاع الزوجية بالموت ، وعدم كون الكفن من النفقة الواجبة.

[١] لعموم تنزيلها منزلة الزوجة في النص والفتوى.

[٢] لإطلاق النص. ولا مجال لحديث : رفع القلم عن الصبي والمجنون (١) ، لاختصاصه بالتكليف ، فلا يشمل الوضع الذي هو ظاهر النص. ولأجل ذلك يجب على الولي إعطاؤه من مالهما كسائر موارد اشتغال ذمتهما بالمال.

[٣] فيما قطع به الأصحاب كما في المدارك ، ونحوه كلام غيره. واحتمل في المدارك شموله للمعسر لإطلاق النص.

__________________

(١) الوسائل باب : ٤ من أبواب مقدمة العبادات حديث : ١١.

١٦٥

عن مستثنيات الدين ، وإلا فهو أو البعض الباقي في مالها [١].

______________________________________________________

أقول : إطلاق النص إنما يقتضي ثبوته في الذمة ، ولا يقتضي وجوب الأداء ولو بالاستقراض ، وإنما الذي يقتضي ذلك قاعدة وجوب أداء الحق لأهله كقاعدة السلطنة. ولكن ما دل على لزوم انتظار المعسر (١) ، وما دل على عدم لزوم بيع مستثنيات الدين ـ مثل مصحح الحلبي : « لا تباع الدار ولا الجارية في الدين وذلك لأنه لا بد للرجل من ظل يسكنه وخادم يخدمه » (٢) ـ مانع عن العمل به. ودعوى : عدم كون ذلك من الدين ، أو انصرافه عن مثل ذلك مما يعد عرفاً من النفقة. غير ظاهرة. اللهم إلا أن يقال : موضوع تلك الأحكام المال الثابت في الذمة مع قطع النظر عن وجوب الأداء ، وليس المقام منه ، إذ لا اعتبار لاستحقاق الكفن على الزوج مع عدم وجوب بذله ، ولا تجوز مطالبة الوارث به ، إذ لا ينتقل الى الوارث ، فاذا كان ثبوته تابعاً لوجوب بذله فإطلاق دليل ثبوته يقتضي وجوب بذله من دون معارض. ولذلك تمسك في المدارك بإطلاق دليل ثبوته على وجوب بذله ، ولازم ذلك وجوب الاستقراض مع الإمكان. نعم إذا تعذر أو كان حرجياً سقط بذله فبطل ثبوته في الذمة.

[١] لعموم ما دل على أنه في جميع المال ، ولا يعارضه ما دل على أنه على الزوج ، لأن تطبيقه إن كان بلحاظ وجوب البذل فالمفروض انتفاؤه ، وإن كان بلحاظ اشتغال الذمة فيتوقف على اعتباره في الذمة وإن لم يترتب عليه وجوب البذل و. هو منتف كما عرفت. وإذا امتنع تطبيق ما دل على أن كفنها على الزوج وجب الرجوع الى العموم المذكور.

__________________

(١) راجع الوسائل باب : ٢٥ من أبواب الدين.

(٢) الوسائل باب : ١١ من أبواب الدين حديث : ١.

١٦٦

الثاني : عدم تقارن موتهما [١].

الثالث : عدم محجورية الزوج قبل موتها بسبب الفلس [٢].

الرابع : أن لا يتعلق به حق الغير من رهن أو غيره.

الخامس : عدم تعيينها الكفن بالوصية [٣].

______________________________________________________

فما احتمله في الجواهر من دفنها بلا كفن ضعيف. ثمَّ إن الوجه في البناء على التبعيض أن ظاهر ما دل على أنه على الزوج كونه كسائر الحقوق المالية من باب تعدد المطلوب ، فاذا تعذر بعضه وجب عليه الممكن منه ويكون المتعذر من مالها كما سبق.

[١] كما في الذكرى ، وعن جماعة ، كالمقداد والشهيد والمحقق الثانيين ، لظهور الدليل في الزوج الحي حال موتها.

[٢] لأن الحجر موجب لسلب قدرته شرعاً على التصرف في ماله ، والمنع الشرعي كالمنع العقلي. ومنه يظهر الوجه في الشرط الرابع. لكن هذا التعليل إنما يقتضي سقوط الكفن عن الزوج بناء على اعتبار الشرط الأول ، وإلا ففيه إشكال كما عرفت. ويكفي في السقوط تعذر بذل الكفن أو كونه حرجياً.

[٣] كما في المستند وغيره ، لعموم وجوب العمل بالوصية. اللهم إلا أن يقال : مجرد العموم المذكور لا ينافي اشتغال ذمة الزوج بالكفن ، لإمكان اعتبار الاشتغال بلحاظ وجوب التكفين على تقدير عدم عمل الوصي بالوصية ، بل المنافي لاشتغال الذمة نفس العمل ، فلا يسقط الكفن عن الزوج إلا في ظرف العمل بالوصية ، لأن وجوبه عليه بمعنى وجوب صرف الوجود في مقابل كونها عارية ، فإذا كفنت بمقتضى الوصية فقد تحقق الموضوع ، فيكون العمل بالوصية رافعاً لشرط الوجوب ، ولذا لا يتنافى‌

١٦٧

( مسألة ١٠ ) : كفن المحللة على سيدها [١] لا المحلل له.

( مسألة ١١ ) : إذا مات الزوج بعد الزوجة وكان ما يساوي كفن أحدهما قُدم عليها [٢] ، حتى لو كان وضع عليها فينزع منها [٣] ،

______________________________________________________

دليل الوصية ودليل كون الكفن على الزوج. وكذا لو تبرع به متبرع.

[١] على ما يأتي في كفن المملوك ، إذ ليست هي زوجة حتى يكون كفنها من المحلل له ، لأن التحليل ليس تزويجاً ، بل هو من قبيل ملك اليمين.

[٢] كما في الجواهر وغيرها ، للنص الآتي الدال على أن الكفن أول شي‌ء يبدأ به.

[٣] اعلم أن قوله (ع) : « كفن المرأة على زوجها » (١) تارة : يكون بمعنى أنها تملك في ذمته عين الكفن كما تملك في حال الحياة النفقة الواجبة من الطعام والكسوة ونحوهما. وأخرى : بمعنى أنها تملك عليه أن يكفنها ، فيكون المملوك لها عليه لفها في الكفن بلا ملك لها لنفس الكفن نظير ملكها عليه الإسكان في حال الحياة من باب النفقة. وعلى الأول : فاما أن يتعين ما في الذمة بمجرد التكفين به نظير قبض الدائن الموجب تعين ما في ذمة المديون في المقبوض ، وإما أن لا يتعين بذلك. وكذا على الثاني إما أن يكون الكفن الموضوع عليها بخصوصيته موضوعاً لحقها فيتعين به موضوع الحق ، وإما أن لا يكون كذلك. فعلى الأول من الأول : لا مجال للإشكال في عدم جواز تكفينه به لخروجه عن ملكه. كما أنه على الثاني منه لا مجال للإشكال في وجوب تكفينه به ، لكون حاله حال سائر متروكاته. وعلى الأول من الثاني : يكون حاله حال سائر متروكاته التي‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٢ من أبواب التكفين حديث : ١.

١٦٨

______________________________________________________

تكون متعلقاً لحق الغير في الاشكال في جواز تكفينه بها ، كما سيأتي في المسألة العشرين. وعلى الثاني منه : لا إشكال في جواز تكفينه به ، لتقديم الكفن على الدين فضلا عن الحق المالي. والظاهر من النص المعنى الأول من المعنيين ، كما يظهر من ملاحظة نظائره ، مثل : « لزيد علي مال » ، ولأجل ذلك قلنا بملك الزوجة على الزوج في النفقة نفس الطعام والكسوة لظهور قوله تعالى ( وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ ) (١) في ذلك ، بخلاف المسكن ، لقصور قوله تعالى ( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ ) (٢) عن إفادة ذلك. وعدم صلاحية الميت للملك غير ثابت. كما أن القطع بجواز التبديل أعم من بقائه على ملكه ، لجواز أن يكون ذلك لولايته على التجهيز. وحينئذ فلا يبعد أن يكون مقتضى الإطلاق المقامي تعينه بوضعه عليها وتكفينها به لأنه نحو من الأداء.

اللهم إلا أن يقال : مجرد تضمن النص لكون الكفن في ذمة الزوج أعم من ملك الزوجة ، إذ على المعنى الثاني ـ أيضاً ـ يكون في ذمة الزوج لأنه يكفي في اشتغال الذمة بالعين كونها موضوعاً لحق الغير ، كما لو أتلف الراهن العين المرهونة فإنه يضمنها مع أنها ملك له. نعم لو تضمن النص أن للزوجة على الزوج كفنها تعين المعنى الأول ، لكن النص خال عن ذلك. وحينئذ فمقتضى أصالة عدم ملك الزوجة الكفن البناء على المعنى الثاني ، ومقتضى الإطلاق المقامي المتقدم البناء على الوجه الأول منه ، وسيأتي في المسألة العشرين أن الحق تقديم الكفن على حق الغير المتعلق بمال الميت.

__________________

(١) البقرة : ٢٣٣.

(٢) الطلاق : ٦.

١٦٩

إلا إذا كان بعد الدفن [١].

( مسألة ١٢ ) : إذا تبرع بكفنها متبرع سقط عن الزوج [٢].

( مسألة ١٣ ) : كفن غير الزوجة من أقارب الشخص ليس عليه وإن كان ممن يجب نفقته عليه [٣] ، بل في مال الميت. وإن لم يكن له مال يدفن عارياً.

( مسألة ١٤ ) : لا يخرج الكفن عن ملك الزوج بتكفين المرأة [٤] ، فلو أكلها السبع أو ذهب بها السيل وبقي الكفن رجع إليه [٥] ولو كان بعد دفنها.

( مسألة ١٥ ) : إذا كان الزوج معسراً كان كفنها في تركتها [٦]. فلو أيسر بعد ذلك ليس للورثة مطالبة قيمته [٧].

______________________________________________________

[١] لما في الجواهر من نفي الإشكال في اختصاصها به. وكأن وجهه قصور نص تقديم الكفن على الحقوق المالية عن شمول الفرض.

[٢] لتحقق الموضوع الواجب عليه كما أشرنا إليه في الشرط الخامس.

[٣] بلا خلاف ظاهر كما في الجواهر وطهارة شيخنا الأعظم (ره). وظاهر محكي الروض كونه مسلماً. ويقتضيه الأصل ، وعدم الدليل عليه وما عن موضع من التذكرة من وجوبه على من تجب عليه نفقته غير ظاهر إلا ما عرفت من كونه من شؤون النفقة الواجبة ، وهو ممنوع صغرى وكبرى.

[٤] تقدم وجهه في المسألة الحادية عشرة.

[٥] لانتفاء الحق بذهاب موضوعه.

[٦] كما سبق في الشرط الأول.

[٧] لعدم ثبوت كونه ملكاً للزوجة ليكون إرثاً. مع أنه ـ لو سلم ذلك ـ لا دليل على كونه موروثاً ، لاختصاص أدلة الإرث بما كان ملكاً‌

١٧٠

( مسألة ١٦ ) : إذا كفنها الزوج فسرقه سارق وجب عليه مرة أخرى [١] ، بل وكذا إذا كان بعد الدفن على الأحوط [٢].

( مسألة ١٧ ) : ما عدا الكفن من مؤن تجهيز الزوجة ليس على الزوج على الأقوى وإن كان أحوط [٣].

______________________________________________________

في حال الحياة. وثبوته في غير ذلك ـ كالدية أو غيرها ـ لا يقتضي الثبوت في المقام.

[١] لأن الكفن الواجب بذله على الزوج هو ما يجب على المكلفين لفه به. وكما يجب اللف بالكفن الى أن يدفن كذلك يجب بذله على الزوج فاذا فقد ما بذله أولا قبل الدفن وجب عليه بذله ثانياً.

[٢] فإنه مقتضى استصحاب وجوب تكفينها عليه ، ولولاه لجاز استرجاعه بعد الدفن.

[٣] بل عن المبسوط ، والسرائر ، ونهاية الأحكام ، والذكرى ، والدروس ، والبيان ، والموجز الحاوي ، والتنقيح ، وجامع المقاصد ، والمسالك ، وغيرها : الجزم به ، ونسب إلى الأكثر ، بل في الجواهر : « لا أجد فيه خلافاً ». وليس له وجه ظاهر إلا دعوى وجوبها من باب الإنفاق ، وفيها ما عرفت من الاشكال صغرى وكبرى. أو كون ذكر الكفن في النص من باب كونه أهم شؤون التجهيز لا لخصوصية فيه كما يؤيده الاقتصار عليه فيما يدل على خروجه من أصل المال ، وأنه مقدم على الدين. مع الإنفاق منهم على عموم ذلك لسائر مؤن التجهيز ، وفي معقد الإجماع المحكي عن غير واحد على كون تجهيز المملوك على سيده. ولا يبعد حينئذ أن يكون المراد من الكفن في معقد إجماعات المقام ما يعم‌

١٧١

( مسألة ١٨ ) : كفن المملوك على سيده [١] وكذا سائر مؤن تجهيزه [٢] ، إلا إذا كانت مملوكة مزوجة فعلى زوجها كما مرَّ. ولا فرق بين أقسام المملوك. وفي المبعض يبعَّض [٣] ، وفي المشترك يشترك [٤].

( مسألة ١٩ ) : القدر الواجب من الكفن يؤخذ من أصل التركة [٥]

______________________________________________________

سائر مؤن التجهيز ، كما يقتضيه إرسال غير واحد له إرسال المسلمات. لكن في كفاية هذا المقدار في الجزم تأملاً. ولذا توقف فيه في المدارك ، وحكي عن الأردبيلي وغيره. ومنه يظهر أنه يصعب الجزم بخلافه كما صدر من المصنف وغيره ، ولا سيما بملاحظة ما في كلام بعض من دعوى عدم الفصل بين الكفن وغيره.

[١] إجماعاً كما عن المعتبر والتذكرة والذكرى والروض والمدارك والمستند وغيرها ، وهو العمدة فيه.

[٢] إجماعاً كما في المستند ، ولعله المراد من الإجماعات السابقة نظير ما تقدم.

[٣] كما صرح به في الذكرى وغيرها ، بل استظهر في الجواهر من الذكرى وغيرها : الإجماع عليه.

[٤] لأن الشركاء مولى.

[٥] إجماعاً كما عن الخلاف والمعتبر والتذكرة ونهاية الأحكام والروض وكشف اللثام وغيرها. ويدل عليه صحيح ابن سنان المتقدم : « ثمن الكفن من جميع المال » (١). وغيره مما يأتي.

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٢ من أبواب التكفين حديث : ١.

١٧٢

ـ في غير الزوجة والمملوك ـ مقدماً على الديون والوصايا [١] : وكذا القدر الواجب من سائر المؤن [٢] من السدر والكافور وماء الغسل وقيمة الأرض ، بل وما يؤخذ من الدفن في الأرض المباحة [٣] وأجرة الحمال والحفار ونحوها في صورة الحاجة الى المال. وأما الزائد عن القدر الواجب في جميع ذلك فموقوف‌

______________________________________________________

[١] إجماعاً صريحاً كما في الذكرى ، وعن الروض وكشف اللثام وشرح الجعفرية ، وظاهراً كما عن غيرها. ويدل عليه خبر السكوني عن أبي عبد الله (ع) : « أول شي‌ء يبدأ به من المال الكفن ثمَّ الدين ثمَّ الوصية ثمَّ الميراث » (١) ومصحح زرارة عن أبي عبد الله (ع) قال : « سألته عن رجل مات وعليه دين بقدر ثمن كفنه. قال (ع) : يجعل ما ترك في ثمن كفنه ، إلا أن يتجر عليه بعض الناس فيكفنونه ويقضى ما عليه مما ترك » (٢) بضميمة ما دل على تأخر الوصية عن الدين وتقدمها على الميراث مما هو مذكور في محله من كتاب الوصايا.

[٢] كما عن جماعة التصريح به ، بل عن الخلاف ، وفي المدارك : الإجماع عليه. ولعله المراد من الكفن في النص ومعاقد الإجماعات على استثنائه ، وهذا هو العمدة فيه ، وإلا فليس له شاهد من النصوص ظاهر.

[٣] كما يقتضيه إطلاق المؤنة في معقد إجماعي الخلاف والمدارك. نعم قد يستشكل في استثناء المؤن التي تحصل بسبب مخالفة الشارع ، مثل ما يأخذه الظالم من دفن الميت في الأرض المباحة. بل قوى في الجواهر‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٨ من أبواب كتاب الوصايا حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٢٧ من أبواب كتاب الوصايا حديث : ٢.

١٧٣

على إجازة الكبار من الورثة في حصتهم [١] ، إلا مع وصية الميت بالزائد [٢] مع خروجه من الثلث ، أو وصيته بالثلث من دون تعيين المصرف كلًّا أو بعضاً ، فيجوز صرفه في الزائد من القدر الواجب [٣].

______________________________________________________

عدم أخذها من أصل المال ، للأصل مع عدم الدليل عليه ، وإطلاق المؤنة في معقد الإجماع منصرف عنها. وفيه : منع الانصراف المعتد به ، مع أن عدم أخذها من أصل المال يقتضي عدم أخذها من مال غير الميت بطريق أولى ، ولازمه بقاء الميت بلا دفن حتى يتلاشى بدنه ويضمحل ، وهو مقطوع بخلافه. فتأمل.

[١] كما في جامع المقاصد ، إما لخروج المندوب عن الكفن فلا دليل على استثنائه ، أو لأنه وإن كان جزءاً من الكفن الأفضل ـ بأن يكون الكفن الواجب ذا فردين أفضل ومفضول ـ إلا أن ثبوت الجامع بين الفردين في التركة يقتضي جواز اقتصار الوارث على دفع أقلهما. ومجرد خطاب الولي بأخذ الجامع لا يكفي في جواز أخذه الفرد الأفضل ، وإنما المقتضي لذلك جعل ولاية تعيين الجامع له ، والدليل قاصر عنه ، فمطالبة الولي للوارث في الفرد الأفضل خلاف سلطنته على ماله. وأما الأمر بالتكفين بالكفن الأفضل فإنما يقتضي رجحانه فقط ، ولا يقتضي جواز التصرف في التركة بدون رضى الوارث ، كما لا يقتضي جواز التصرف في غيرها من الأموال.

[٢] وحينئذ يجب عملا بعموم نفوذ الوصية ، ويكون مخرجه الثلث كسائر الوصايا ، ولا دخل فيه لما دل على أن الكفن من جميع المال.

[٣] إذا كان الوصي يرى ذلك ، لأن أمر الثلث راجع إليه.

١٧٤

( مسألة ٢٠ ) : الأحوط الاقتصار في القدر الواجب على ما هو أقل قيمة [١] فلو أرادوا ما هو أغلى قيمة يحتاج الزائد إلى إمضاء الكبار في حصتهم. وكذا في سائر المؤن ، فلو كان هناك مكان مباح لا يحتاج إلى بذل مال أو يحتاج إلى قليل لا يجوز اختيار الأرض التي مصرفها أزيد إلا بامضائهم ، إلا أن يكون ما هو الأقل قيمة أو مصرفاً هتكاً لحرمة الميت ، فحينئذ لا يبعد خروجه من أصل التركة [٢]. وكذا بالنسبة إلى مستحبات الكفن ، فلو فرضنا أن الاقتصار على أقل الواجب هتك لحرمة الميت يؤخذ المستحبات ـ أيضاً ـ من أصل التركة.

( مسألة ٢١ ) : إذا كان تركة الميت متعلقاً لحق الغير مثل حق الغرماء في الفلس ، وحق الرهانة ، وحق الجناية ـ

______________________________________________________

[١] الفرق بين هذه المسألة وما قبلها : أن ما قبلها كان في المندوب الذي يكون وجوداً زائداً على الواجب كالعمامة ، وهذه المسألة فيما لو كان المندوب خصوصية في الواجب مثل كون الثوب قطناً أو حبرة ، وعليه فما سبق في وجه اعتبار رضى الورثة من قصور الدليل عن إثبات ولاية تعيين الواجب للولي جار هنا أيضاً. ومنه يظهر أن الوجه في جزم المصنف في المسألة السابقة باعتبار رضي الورثة بناؤه على خروج المستحبات عن الكفن أصلا ، لا جزءاً من ماهيته ، ولا من فرده.

[٢] كأنه لدعوى انصراف الدليل عما يوجب الهتك ، وإلا فمجرد حرمته هتك الميت لا تقتضي تعين الكفن الثابت في التركة في خصوص الفرد الآخر الذي لا يلزم من التكفين به الهتك. وكذا الحال بالنسبة إلى مستحبات الكفن.

١٧٥

ففي تقديمه أو تقديم الكفن إشكال [١] ، فلا يترك مراعاة الاحتياط.

______________________________________________________

[١] ينشأ من أن مقتضى إطلاق دليل الحق عدم جواز التصرف بالتركة بنحو ينافيه. ومن أن الحق إنما يتعلق بالتركة إذا وجب وفاء الدين فاذا فرض عدم وجوب وفائه لما دل على وجوب تقديم الكفن وجب البناء على سقوطه ، فلا مانع من صرف التركة في التكفين ، ولا سيما بملاحظة إطلاق النص والفتوى بخروج الكفن من أصل المال. وما في الجواهر من نفي معرفة الخلاف في تقديم الكفن على حق الغرماء.

اللهم إلا أن يقال : ثبوت الحق إنما يتبع نفس الدين ، لأن العين إنما كانت رهناً عليه ، فما دام الدين موجوداً يكون الحق كذلك. ودليل تقديم الكفن لا يسقط الدين ، ولا يوجب براءة ذمة الميت. وحينئذ يكون إطلاق البدأة بالكفن معارضاً لما دل على ثبوت الحق تعارض العامين من وجه ، فيكون المرجع ـ بعد التساقط ـ أصالة بقاء الحق ، فيقدم على الكفن لحرمة التصرف في حق الغير ، ولا يصلح دليل وجوب التكفين للترخيص في التصرف فيه كما لا يخفى. وكأنه لذلك قال في محكي البيان وحواشي القواعد : « إن المرتهن والمجني عليه يقدمان » ، وكذلك ما عن الموجز الحاوي. وفي الذكرى : قدم المرتهن بخلاف غرماء المفلس. ولكن لم يتضح الفرق بينهما في ذلك مع أن حق الغرماء نظير حق الرهن ، وأما حق الجناية فأولى منهما في التقديم لعدم ثبوت الدين فيه ليجي‌ء ما سبق من تأخر الدين عن الكفن. وفي جامع المقاصد : « يمكن الفرق بين المرهون والجاني ، لأن المرتهن إنما يستحق من قيمته ولا يستقل بالأخذ ، بخلاف الجاني ، ويمكن الفرق بين الجناية خطأ وعمداً. والحكم موضع تردد ، وإن كنت لا أستبعد تقديم الكفن في الرهن ». والأظهر ما ذكره ، فإن‌

١٧٦

( مسألة ٢٢ ) : إذا لم يكن للميت تركة بمقدار الكفن فالظاهر عدم وجوبه على المسلمين [١] ، لأن الواجب الكفائي هو التكفين لا إعطاء الكفن ، لكنه أحوط.

______________________________________________________

تخصيص ما دل على ثبوت الحق أهون من تخصيص ما دل على أن الكفن مقدَّم على الدين ، فيكون أظهر منه في مورد الاجتماع. ولذا يظهر منهم التسالم على تقديم الكفن على حق غرماء المفلس.

وأما حق الجناية فالظاهر تقديمه على الكفن ، لما عرفت من عدم صلاحية أدلة تقديم الكفن على الدين لمزاحمته. وكذا دليل وجوب التكفين من أصل المال ، فإنه لا يصلح لمزاحمة حقوق الناس. ومنه يظهر ضعف ما قد يقال من أن مقتضى رواية السكوني تقدم الكفن على كل شي‌ء ، فيكون حال الجاني حال غيره ، لا التقدم على خصوص الدين ، ليفرق بين ما يكون فيه دين وما لا يكون.

[١] هذا مما لا خلاف فيه بين العلماء كما في المدارك ، أو بلا خلاف ظاهر كما عن الذخيرة ، أو إجماعاً كما عن اللوامع وشرح الوسائل والرياض بل عن نهاية الأحكام أيضاً. وعن كشف اللثام : الإجماع على استحباب بذل الكفن ، وهذا هو العمدة فيه. مضافاً الى أن إطلاق وجوب التكفين ـ بعد قيام الدليل على أن الكفن من جميع المال ـ لا بد من حمله على إرادة وجوب اللف بالكفن المفروض ، لا وجوب التكفين مطلقاً ولو ببذل الكفن ، فان ذلك خلاف مقتضى الجمع العرفي بين المطلق والمقيد. وقد يشير الى نفي الوجوب صحيح سعد : « من كفن مؤمناً فكأنما ضمن كسوته الى يوم القيامة » (١) ، وخبر الفضل بن يونس : « سأل أبا الحسن (ع) في رجل من أصحابنا يموت ولم يترك ما يكفن به أشتري له كفنه من الزكاة؟

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٦ من أبواب التكفين حديث : ١.

١٧٧

وإذا كان هناك من سهم سبيل الله من الزكاة فالأحوط صرفه فيه [١]. والأولى بل الأحوط أن يعطى لورثته [٢] حتى يكفنوه من مالهم إذا كان تكفين الغير لميتهم صعباً عليهم.

( مسألة ٢٣ ) : تكفين المحرم كغيره فلا بأس بتغطية رأسه ووجهه [٣] ، فليس حالهما حال الطيب في حرمة تقريبه إلى الميت المحرم.

______________________________________________________

فقال (ع) : أعط عياله من الزكاة قدر ما يجهزونه فيكونون هم الذين يجهزونه. قلت : فان لم يكن له ولد ولا أحد يقوم بأمره فأجهزه أنا من الزكاة؟ قال (ع) : كان أبي (ع) يقول : إن حرمة بدن المؤمن ميتاً كحرمته حياً ، فوار بدنه وعورته ، وجهزه ، وكفّنه ، وحنطه ، واحتسب بذلك من الزكاة ، وشيع جنازته. قلت : فان اتجر عليه بعض إخوانه بكفن آخر وكان عليه دين أيكفن بواحد ويقضي دينه بالآخر؟ قال (ع) : لا ، ليس هذا ميراثاً ، إنما هذا شي‌ء صار إليهم بعد وفاته فليكفنوه بالذي اتجر عليه ويكون الآخر لهم يصلحون به شأنهم » (١).

[١] بل وجوبه محكي عن المنتهى والذكرى وجامع المقاصد والروض ومجمع الفائدة ، للخبر المتقدم. وفي دلالته نظر لعدم ظهور السؤال في كونه سؤالا عن الوجوب ، ولاستدلاله بقول أبيه (ع) الظاهر في الاستحباب ، ولا سيما بملاحظة عدم وجوب كسوة الحي.

[٢] للأمر به في الخبر ، لكنه محمول على الاستحباب ، لعدم القول بوجوبه كما عن الروض. ولعل حكمته رفع المهانة عنهم كما أشار إليه في المتن ، ولذلك قيده به.

[٣] عن المختلف : أنه المشهور. وعن الخلاف : الإجماع في الأول‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٣ من أبواب التكفين حديث : ١.

١٧٨

فصل في مستحبات الكفن

وهي أمور :

أحدها : العمامة للرجل. ويكفي فيها المسمى طولاً وعرضاً والأولى أن تكون بمقدار يدار على رأسه ويجعل طرفاها تحت حنكه على صدره ، الأيمن على الأيسر ، والأيسر على الأيمن من الصدر.

الثاني : المقنعة للامرأة بدل العمامة. ويكفي فيها ـ أيضاً ـ المسمى.

______________________________________________________

للنصوص الحاكية لتجهيز عبد الرحمن بن الحسن (ع) إذ مات بالأبواء مع الحسين (ع) المتضمن جملة منها أنه صنع به كما يصنع بالميت ، وأنه غطى وجهه ورأسه (١). وفي موثق سماعة : « في المحرم يموت قال (ع) يغطى وجهه ويصنع به كما يصنع بالمحل غير أنه لا يمس الطيب » (٢). ونحوه صحيح ابن مسلم (٣). ومن جميع ذلك يظهر ضعف ما عن السيد وابن أبي عقيل والجعفي من انه لا يغطى وجهه ورأسه ، للنهي عن تطييبه الدال على بقائه محرماً. ولما عن الصادق (ع) : « من مات محرماً بعثه الله ملبياً » (٤) ، وللخبر : « لا تخمروا رأسه ، (٥). والجميع ـ كما ترى ـ قاصر في نفسه ، غير صالح لمعارضة ما عرفت. والله سبحانه أعلم.

__________________

(١) الوسائل باب : ١٣ من أبواب غسل الميت حديث : ١ و ٣ و ٥ و ٨.

(٢) الوسائل باب : ١٣ من أبواب غسل الميت حديث : ٢.

(٣) الوسائل باب : ١٣ من أبواب غسل الميت حديث : ٤.

(٤) الوسائل باب : ١٣ من أبواب غسل الميت حديث : ٦.

(٥) مستدرك الوسائل باب : ١٣ من أبواب غسل الميت حديث : ٥.

١٧٩

______________________________________________________

الثالث : لفافة لثدييها يشدان بها الى ظهرها.

الرابع : خرقة يعصب بها وسطه رجلا كان أو امرأة.

الخامس : خرقة أخرى للفخذين تلف عليهما. والأولى أن يكون طولها ثلاثة أذرع ونصفاً وعرضها شبراً أو أزيد ، تشد من الحقوين ، ثمَّ تلف على فخذيه لفاً شديداً على وجه لا يظهر منهما شي‌ء إلى الركبتين ، ثمَّ يخرج رأسها من تحت رجليه إلى جانب الأيمن.

السادس : لفافة أخرى فوق اللفافة الواجبة. والأولى كونها برداً يمانياً. بل يستحب لفافة ثالثة أيضاً ، خصوصاً في الامرأة.

السابع : أن يجعل شي‌ء من القطن أو نحوه بين رجليه بحيث يستر العورتين ، ويوضع عليه شي‌ء من الحنوط. وإن خيف خروج شي‌ء من دبره يجعل فيه شي‌ء من القطن. وكذا لو خيف خروج الدم من منخريه. وكذا بالنسبة إلى قُبل الامرأة. وكذا ما أشبه ذلك ،

فصل في بقية المستحبات

وهي ـ أيضاً ـ أمور :

الأول : إجادة الكفن ، فان الأموات يتباهون يوم القيامة بأكفانهم ويحشرون بها ، وقد كفن موسى بن جعفر (ع) بكفن قيمته ألفا دينار وكان تمام القرآن مكتوباً عليه (١).

__________________

(١) المنقول في الوسائل عنه (ع) : ان كفنه كان بقيمة ألفي دينار وخمسمائة راجع باب : ٣٠ من أبواب التكفين حديث : ١. ولا يوجد فيها روايته بما في المتن.

١٨٠