مستمسك العروة الوثقى - ج ٤

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٤

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٥٠٩

______________________________________________________

باتفاقنا » ، وفي جامع المقاصد : « والمعتبر في سقوط الغسل موته في المعركة سواء أدرك وبه رمق أم لا ، كما دل عليه إطلاق الأصحاب ، ونقل المصنف (ره) فيه الإجماع في التذكرة ». والمنسوب الى ظاهر المفيد وجماعة : ان المعيار أن لا يدركه المسلمون حياً ، فلو أدركه المسلمون وبه رمق غسل وإن مات في المعركة في حال العراك. وفي مجمع البرهان وغيره : أنه ظاهر الأخبار. وفي الذكرى قال : « وظاهرها ـ يعني مصححة أبان‌ ـ أن المعتبر في غسله إدراك المسلمين له وبه رمق ، وكذا باقي الروايات في التهذيب ».

أقول : نصوص المقام بين ما اشترط فيه السقوط بأن لا يكون به رمق ، كصحيح أبان‌ ومصحح أبي مريم (١) وخبر أبي خالد‌ ، وبين ما اشترط فيه أن لا يدركه المسلمون وبه رمق ، كمصحح أبان‌. والأول : لا مجال للأخذ بإطلاقه لندرة الموت بمجرد عروض السبب ، فلا بد أن يكون المراد أن لا يكون به رمق في وقت خاص كوقت انقضاء الحرب ، أو تفقد المسلمين للقتلى والجرحى ، أو غير ذلك ، فيكون مجملا. وأما الثاني : فلا يبعد أن يكون المراد منه ـ ولا سيما بملاحظة إضافته إلى الجمع المحلى باللام ـ إدراك المسلمين المقاتلين بعد انقضاء الحرب عند تفقد القتلى ، فلا تدل على وجوب تغسيل من أدرك وبه رمق ثمَّ مات قبل انقضاء الحرب. بل لعل ذلك هو الظاهر من خبر أبي خالد حيث جعل فيه أن يكون به رمق مقابلا للقتل بين الصفين المراد منه القتل وقت العراك. نعم مقتضى إطلاق مصحح أبان أن من مات بعد انقضاء الحرب قبل أن يدركه المسلمون لا يجب تغسيله. لكن عن الخلاف : الإجماع على وجوب‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١٤ من أبواب غسل الميت ، حديث : ١.

١٠١

أو بعد إخراجه مع بقاء الحرب وخروج روحه بعد الإخراج بلا فصل [١] ، واما إذا خرجت روحه بعد انقضاء الحرب فيجب تغسيله وتكفينه.

______________________________________________________

تغسيل من مات بعد تقضي الحرب وان لم يدركه المسلمون حياً ، فيحمل المصحح على بيان الحكم الظاهري ، وأنه إذا لم يدركه المسلمون وبه رمق يحكم ظاهراً بموته قبل انقضاء الحرب فلا يغسل وإن احتمل أنه مات بعد انقضائها ، أو على أن المراد من الإدراك : الموت بعد انقضاء الحرب. ولكن الاحتمالين المذكورين بعيدان ، ولا سيما الثاني منهما. ورفع اليد عن الظاهر لأجل دعوى الإجماع المذكورة غير ظاهر بعد ما سبق مما نسب الى المشهور. نعم يعارض المصحح وغيره ما روي عن النبي (ص) ـ كما في المنتهى وغيره كما يأتي (١) ـ الموافق لما ذكره المشهور ، المعتضد بالسيرة ، إذ الظاهر أنه لم يكن من دأب النبي (ص) وأمير المؤمنين (ع) تغسيل من تنقضي الحرب وبه رمق ثمَّ يموت في المعركة وإن أدركه المسلمون وبه رمق. ولعل محمل النصوص المذكورة ما إذا أدركوه ونقلوه من المعركة. فالمسألة من هذه الجهة لا تخلو من إشكال.

[١] هذا خلاف ما ادعي أن نقل الإجماع عليه مستفيض من اعتبار الموت في المعركة. وقد حكي الإجماع عليه عن الخلاف والتذكرة وغيرهما. وفي مجمع البرهان ـ بعد نسبته إلى الأصحاب ـ قال : « فكأنه إجماعي مأخوذ من قولهم (ع) : إلا أن يكون به رمق ، وإلا أن يدركه المسلمون وبه رمق ، وليس بصريح في المطلوب فكأنهم فهموا بقرائن أخر ». وأيضاً هو خلاف ظاهر النص المتضمن انه إذا أدركه المسلمون وبه رمق‌

__________________

(١) في التعليقة اللاحقة.

١٠٢

الثانية : من وجب قتله برجم أو قصاص‌

______________________________________________________

غسل ، لأنه إذا أخرج فقد أدرك وبه رمق. نعم إذا خرج بنفسه ثمَّ مات أمكن أن يدخل في إطلاق النص أنه لا يغسل إذا لم يدركه المسلمون وبه رمق ، وإن كان ثبوت هذا الإطلاق له بعيداً ، لانصرافه الى خصوص الموت في المعركة ، بل هو ظاهر خبر أبي خالد‌ ، فحينئذ لا مجال لرفع اليد عن عموم وجوب تغسيل الميت. ثمَّ إنه لو بني على عدم الدليل على وجوب التغسيل في الفرض لم يكن وجه ظاهر للتقييد بخروج الروح بعد الإخراج بلا فصل كما في المتن.

ثمَّ إنه قال في المنتهى : « لو جرح في المعركة ومات قبل أن تنقضي الحرب وينقل عنها فهو شهيد ، قاله الشيخ (ره) ، وهو حسن. لما روي عن النبي (ص) انه قال يوم أحد : من ينظر ما فعل بسعد بن الربيع؟ فقال رجل : أنا انظر لك يا رسول الله (ص). فنظر فوجده جريحاً به رمق ، فقال له : إن رسول الله (ص) أمرني ان أنظر في الاحياء أنت أم في الأموات؟ فقال انا في الأموات فأبلغ رسول الله (ص) عني السلام قال : ثمَّ لم أبرح أن مات ، ولم يأمر النبي (ص) بتغسيل أحد منهم » (١) أقول : الظاهر أن مورد الرواية صورة انقضاء الحرب ـ كما أشرنا إليه سابقاً ـ لا قبل انقضائها ، فلا يدل على حكم المقام وكان الأولى الاستدلال له بصحيح أبان‌ ونحوه إن كان المراد صورة ما إذا لم يدركه المسلمون وبه رمق ، وإن كان المراد صورة ما إذا أدركه المسلمون وبه رمق فقد عرفت الكلام فيها. فتأمل جيداً.

[١] إجماعا صريحاً وظاهراً حكاه جماعة. منهم الشيخ في الخلاف. وفي‌

__________________

(١) الفرع السابع من مسألة عدم وجوب تغسيل الشهيد ج : ١.

١٠٣

أو نائبه الخاص أو العام ـ يأمره [١]

______________________________________________________

الذكرى : « لا نعلم فيه مخالفاً من الأصحاب » ، لخبر مسمع كردين عن أبي عبد الله (ع) : « المرجوم والمرجومة يغسلان ويحنطان ويلبسان الكفن قبل ذلك ثمَّ يرجمان ويصلى عليهما ، والمقتص منه بمنزلة ذلك يغسل ويحنط ويلبس الكفن ثمَّ يقاد ويصلى عليه » (١) ، ونحوه مرسل ابن راشد عن مسمع (٢) ، ومرسل الفقيه عن أمير المؤمنين (ع) (٣). وضعفها مجبور بالعمل. ثمَّ إن المصرح به في كلام جماعة عموم الحكم لكل من وجب عليه القتل بهم ـ يعني من وجب عليه الرجم أو القود ـ للمشاركة في السبب » ، لكنه غير ظاهر ، لاختصاص النص بالمرجوم والمقتص منه ، فاللازم الاقتصار عليهما ، كما نسبه في مفتاح الكرامة الى أكثر الأصحاب ، والرجوع في غيرهما الى عموم وجوب التغسيل ، ومجرد المشاركة في القتل غير كافية في التعدي. ومثله في الاشكال ما عن المفيد وسلار من الاقتصار على المقنص منه ، لأنه طرح للنص من غير وجه.

[١] كما في جامع المقاصد ، وعن الروض. ولا يخلو التخصيص بهما من إشكال ، لإطلاق النص ، وكون تولي الحد للإمام أو نائبه لا يقتضي اختصاص الأمر بهما. ولا فرق بين أن يكون قوله (ع) : « يغسلان ويحنطان » من باب الافتعال كما في التهذيب ، أو من التفعيل كما عن الكافي حيث لا ريب في وجوب مباشرتهما لذلك ، فيكون المراد من الهيئة مجرد الأمر ، وحيث أطلق كان واجباً على كل أحد كفاية.

__________________

(١) الوسائل باب : ١٧ من أبواب غسل الميت ، حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ١٧ من أبواب غسل الميت ، ملحق الحديث الأول.

(٣) الوسائل باب : ١٧ من أبواب غسل الميت ، ملحق الحديث الأول.

١٠٤

أن يغتسل غسل الميت [١] مرة بماء السدر ، ومرة بماء الكافور ، ومرة بماء القراح ، ثمَّ يكفن كتكفين الميت إلا أنه يلبس وصلتين [٢] منه وهما المئزر والثوب قبل القتل ، واللفافة بعده ، ويحنط قبل القتل كحنوط الميت ، ثمَّ يقتل فيصلى عليه ويدفن بلا تغسيل.

______________________________________________________

فان قلت : على تقدير كونهما من باب الافتعال فإنما تدل الهيئة على وجوب ذلك على المقتول لا على غيره ، فلا موجب للأمر. قلت : إطلاق الخطاب وعدم توجيهه الى واحد بعينه يقتضي وجوبه كفاية على كل واحد ، والتخصيص به بلا مخصص ، وإن كان الغالب في أمثال هذه الخطابات توجيه الخطاب للفاعل دون غيره ، لكن المقام ليس كذلك ، فتأمل. ثمَّ إن الظاهر أن الغرض من الأمر الفعل فاذا كان المقتول في مقام الفعل لا يجب أمره به ، والا يكن كذلك وجب أمره على ما يستفاد من النص كما عرفت. ومنه يظهر الإشكال في ما ذكره في الذكرى بقوله : « وفي تحتمه نظر. من ظاهر الخبر ، ويمكن تخيير المكلف لقيام الغسل بعده بطريق أولى ». وتبعه عليه في كشف اللثام.

[١] كما صرح به جماعة ، منهم الشهيد في الذكرى ، والمحقق الثاني في جامع المقاصد. وفي القواعد : « فيه إشكال » ، وفي جامع المقاصد قال : « ينشأ من أنه غسل لحي والأمر لا يقتضي التكرار ، ومن أن المأمور به غسل الأموات بقرينة التحنيط ولبس الكفن فلا بد من الغسلات الثلاث وهو الأصح ». وقريب منه ما في كشف اللثام.

أقول : لا ينبغي التأمل في ظهور النص في غسل الميت بقرينة ما ذكر. ومنه يظهر ما عن المقنعة من انه يغتسل كما يغتسل من الجنابة.

[٢] في الجواهر : « انه لم يعثر على من تعرض لكيفية تكفين من‌

١٠٥

ولا يلزم غسل الدم من كفنه [١]. ولو أحدث قبل القتل لا يلزم إعادة الغسل [٢]. ويلزم أن يكون موته بذلك السبب ، فلو مات أو قتل بسبب آخر يلزم تغسيله [٣]. ونية الغسل من الآمر [٤] ، ولو نوى هو ـ أيضاً ـ صح ، كما أنه لو اغتسل‌

______________________________________________________

يراد منه القصاص ولعله يترك موضع القصاص ظاهراً ». أقول : ظاهر النص ليس تمام الكفن ، فاذا فرض امتناع الحد أو القصاص معه فلينزع المقدار المنافي لهما.

[١] في الجواهر : « لم أجد من تعرض لغسله ». ومقتضى ما يأتي في تكفين غيره وجوبه ، إلا أن إهمال ذلك في النص مع لزومه غالباً شاهد بعدم الوجوب.

[٢] كما صرح به جماعة ، واستظهره في الجواهر ، لعدم الدليل عليه ، وأصالة عدم الانتقاض محكمة. ومنه يظهر أنه لا يقدح تخلل الحدث في أثنائه. واحتمل في الذكرى إلحاقه في ذلك بغسل الجنابة ، لكنه ضعيف لما ذكر.

[٣] أما في الأول : فقطعاً كما في الجواهر ، وبلا إشكال كما في طهارة شيخنا الأعظم (ره) ، لخروجه عن مورد النص ، فالمرجع فيه عموم التجهيز. وأما في الثاني : فكذلك كما في الذكرى وجامع المقاصد ، وعن الروض والحدائق. وكأنه ـ أيضاً ـ لخروجه عن منصرف النص. ولم يستبعد شيخنا الأعظم (ره) الاجتزاء في بعض الفروض. وفي الجواهر : انه الأقوى مطلقاً ، ولا سيما مع اتفاق السببين. وكأنه لمنع الانصراف المعتد به ، ونية المعين لا تعينه.

[٤] كأنه لأجل أن غسل الميت واجب على غير الميت يكون الغسل‌

١٠٦

من غير أمر الإمام (ع) أو نائبه كفى [١] وإن كان الأحوط إعادته.

( مسألة ٦ ) : سقوط الغسل عن الشهيد والمقتول بالرجم أو القصاص من باب العزيمة لا الرخصة [٢] وأما الكفن فان كان الشهيد عارياً وجب تكفينه ، وإن كان عليه ثيابه فلا يبعد جواز تكفينه فوق ثياب الشهادة [٣].

______________________________________________________

الصادر من المقتول بالمباشرة واجباً على الآمر ، فتجب عليه النية كما تجب على المباشر في غير المقام. وفيه : أن الدليل على اعتبار أصل النية ليس إلا الإجماع على كونه عبادياً ، ومقتضى ذلك وجوب النية من الفاعل له ليكون منه عبادة ، ولا وجه للاكتفاء بها من غيره ، وقيام الأمر مقام التغسيل بحيث يؤدي إلى الاكتفاء بنية الآمر كنية الغاسل لا دليل عليه ، مع أنه لو تمَّ لم تكف النية من المقتول.

[١] لتحقق الواجب. واحتمال وجوب الأمر تعبداً شرطاً في صحة الغسل ضعيف كما عرفت آنفاً ، وإن مال إليه في الجواهر ونجاة العباد.

[٢] بلا إشكال ظاهر. ويقتضيه ـ مضافاً الى إطلاق السقوط في كلامهم ـ ظاهر النصوص في المسألتين ، ولا مجال لاحتمال حمل نصوص الشهيد على إرادة نفي الوجوب ، كما يظهر من ملاحظتها.

[٣] إذ ليس في النصوص النهي عن تكفينه ، وإنما فيها أنه يكفن بثيابه ، وذلك لا ينافي تكفينه فوقه. ولعل المراد من قولهم : « لا يكفن » أنه لا يكفن على المتعارف من نزع ثيابه ، لا المنع من مطلق الكفن ولو فوق الثياب. لكن التكفين الزائد بعنوان كونه تكفيناً مشروعاً يحتاج الى دليل مفقود. وإطلاق ما في النص من أنه يكفن بثيابه يقتضي الانحصار بها وانتفاء غيرها.

١٠٧

ولا يجوز نزع ثيابه وتكفينه [١] ويستثنى من عدم جواز نزع ما عليه أشياء يجوز نزعها كالخف والنعل [٢] والحزام إذا كان من الجلد [٣] ، وأسلحة الحرب ، واستثنى بعضهم الفرو [٤] ولا يخلو عن إشكال [٥]. خصوصاً إذا أصابه دم [٦].

______________________________________________________

[١] إجماعاً محققاً ومستفيضاً كما في طهارة شيخنا الأعظم (ره) ، لما في النصوص من الأمر بدفنه بثيابه. ومنه يظهر ضعف ما عن المفيد وابن الجنيد من إيجاب نزع السراويل إلا أن يكون فيها دم. وكأنه للخبر الآتي ، لكنه ضعيف غير مجبور ، فلا يصلح لمعارضة ما دل على وجوب دفنه بثيابه الشاملة للسراويل.

[٢] مقتضى الاقتصار في النصوص على الدفن بالثياب جواز نزع غيرها ، كما هو المشهور بين المتأخرين ، كما في الحدائق. بل وجوبه إذا كان دفنه سرفاً وتضييعاً للمال.

[٣] أما إذا كان منسوجاً من القطن أو غيره فربما يدخل في الثياب التي لا يجوز نزعها.

[٤] نسب الى المشهور. وفي الجواهر : الإجماع بقسميه عليه إذا لم يصبه الدم.

[٥] كأنه لاحتمال صدق الثياب عليه ، أو لاحتمال أن يكون المراد من الثياب مطلق اللباس الذي يكون على هيئتها. وكلاهما ضعيف.

[٦] كما عن جماعة ، منهم الحلي. وكأنه لما في بعض النصوص من الأمر بدفنه بدمائه ، أو للخبر الآتي. لكن لا يبعد أن يكون المراد عدم جواز غسلها عن بدنه. أو عما يدفن معه من ثيابه ، لا أنه يجب دفن دمائه ولو كانت على ما لا يدفن معه كسلاحه ودراهمه. وأما الخبر فضعيف.

١٠٨

واستثنى بعضهم مطلق الجلود [١] ، وبعضهم استثنى الخاتم. و‌عن أمير المؤمنين عليه‌السلام [٢] : « ينزع من الشهيد الفرو ، والخف ، والقلنسوة ، والعمامة ، والحزام ، والسراويل » والمشهور لم يعملوا بتمام الخبر [٣] ، والمسألة محل اشكال [٤] ، والأحوط عدم نزع ما يصدق عليه الثوب من المذكورات.

( مسألة ٧ ) : إذا كان ثياب الشهيد للغير ولم يرض بإبقائها تنزع. وكذا إذا كانت للميت لكن كانت مرهونة عند الغير ولم يرض بإبقائها عليه [٥].

( مسألة ٨ ) : إذا وجد في المعركة ميت لم يعلم انه قتل شهيداً أم لا فالأحوط تغسيله وتكفينه ، خصوصاً إذا لم يكن‌

______________________________________________________

[١] نسب الى المشهور لما عرفت. وكذا الخاتم.

[٢] كما في رواية زيد بن علي (ع) : « ينزع من الشهيد الفرو والخف والقلنسوة والعمامة والمنطقة والسراويل إلا أن يكون أصابه دم ، فإن أصابه دم ترك. ولا يترك عليه شي‌ء معقود إلا حُل » (١).

[٣] لما عرفت من بنائهم على دفنه بثيابه أجمع حتى السراويل والعمامة ، وعدم دفنه بالخف والفرو والقلنسوة وإن أصابها الدم. وحيث أن الخبر ضعيف في نفسه لا مجال للعمل به.

[٤] هذا الاشكال من جهة البناء على عموم الثياب وعدم استثنائهم مثل السراويل والعمامة كما في الخبر ، وقد عرفت أنه لا ينبغي الإشكال في ذلك. لظهور النصوص في عموم الثياب ، وضعف الخبر.

[٥] لعدم صلاحية النصوص للترخيص في التصرف بمال الغير أو‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١٤ من أبواب غسل الميت ، حديث : ١٠.

١٠٩

فيه جراحة وإن كان لا يبعد اجراء حكم الشهيد عليه [١].

( مسألة ٩ ) : من أطلق عليه الشهيد في الأخبار من المطعون ، والمبطون ، والغريق ، والمهدوم عليه ، ومن ماتت عند الطلق ، والمدافع عن أهله وماله ، لا يجري عليه حكم الشهيد [٢] ، إذ المراد التنزيل في الثواب.

______________________________________________________

موضوع حقه.

[١] بلا إشكال عند الأصحاب على الظاهر كما في الجواهر ، أو بلا خلاف ظاهر كما في طهارة شيخنا الأعظم (ره) إذا كان قد وجد فيه أثر القتل. ولعله لمراعاة الظاهر. لكن لا دليل على حجية الظهور. اللهم إلا أن يدعى قيام السيرة عليه. وأما إذا لم يوجد فيه أثر القتل فعن الشيخ والفاضلين : ذلك أيضاً ، وعن ابن الجنيد : وجوب تغسيله عملاً بعموم وجوب التجهيز ، لأصالة عدم الشهادة ، وعدم ثبوت السيرة على خلافها. وهو الأقوى كما مال إليه في الجواهر. ثمَّ إن كون الأحوط التغسيل غير ظاهر كلية ، حيث لا يجوز غسل ما على بدن الشهيد من الدم. وأما في التكفين فالأحوط الجمع بين تكفينه بثيابه وغيرها.

[٢] قال في الذكرى : « أطلقت الشهادة في الأخبار على من قتل دون ماله ودون أهله ، وعلى المطعون ، والمبطون ، والغريق. والمهدوم عليه ، والنفساء ، لا بمعنى لحوق أحكام الشهيد ، بل بمعنى المساواة أو المقاربة في الفضيلة » ، ونحوه ما في جامع المقاصد وغيره. ولا إشكال في ذلك ولا خلاف ، كما يظهر من كلماتهم في معنى الشهيد في المقام. وتقتضيه السيرة القطعية ، وقصور نصوص الشهيد عنه. وخبر أبي خالد المتقدم صريح في ذلك. فإطلاق الشهيد عليه في الأخبار محمول على التنزيل في الثواب.

١١٠

( مسألة ١٠ ) : إذا اشتبه المسلم بالكافر فان كان مع العلم الإجمالي بوجود مسلم في البين وجب الاحتياط [١] بالتغسيل والتكفين وغيرهما للجميع ، وإن لم يعلم ذلك لا يجب شي‌ء من ذلك [٢]. وفي رواية [٣] ، يميز بين المسلم والكافر بصغر الآلة وكبرها ، ولا بأس بالعمل بها في غير صورة العلم الإجمالي [٤] والأحوط إجراء أحكام المسلم مطلقاً بعنوان الاحتمال وبرجاء كونه مسلماً.

( مسألة ١١ ) : مس الشهيد والمقتول بالقصاص بعد العمل بالكيفية السابقة لا يوجب الغسل [٥].

______________________________________________________

[١] عملا بالعلم الإجمالي.

[٢] لأصالة البراءة. والعموم لو ثبت لا يصلح للمرجعية لأن الشبهة مصداقية ، وأصالة عدم الكافر لا أصل لها.

[٣] وهي مصححة حماد بن عيسى عن أبي عبد الله (ع) : « قال رسول الله (ص) يوم بدر : لا تواروا إلا من كان كميشاً يعني : من كان ذكره صغيراً ، وقال : لا يكون ذلك إلا في كرام الناس » (١). وعن جماعة ، منهم الفاضلان والشهيد : العمل بها. وموردها وإن كان واقعة بدر لكن التعليل في ذيلها يقتضي عموم الحكم. اللهم إلا أن يكون المقصود منه بيان وجه المناسبة ورفع الاستيحاش ، لا التعليل للحكم.

[٤] لموافقته للأصل ، ففي الحقيقة يكون العمل به لا بها ، إذ لو كان بها لوجب تجهيز كميش الذكر الذي هو خلاف الأصل.

[٥] كما تقدم في غسل المس.

__________________

(١) الوسائل باب : ٦٥ من أبواب الجهاد حديث : ١. وبهذا المضمون حديث : ٣ من باب : ٣٩ من أبواب الدفن فلاحظه.

١١١

( مسألة ١٢ ) : القطعة المبانة من الميت إن لم يكن فيها عظم لا يجب غسلها ولا غيره [١] ، بل تلف في خرقة [٢] وتدفن [٣] ، وإن كان فيها عظم وكان غير الصدر تغسل [٤]

______________________________________________________

[١] إجماعاً حكاه غير واحد. ولعله بذلك يخرج عن قاعدة الميسور مع أن في حجيتها في نفسها ، وصحة تطبيقها في بعض الفروض إشكالا. وكذا يخرج عن استصحاب وجوب الغسل أو غيره الثابت للقطعة قبل الانفصال ، مع أنه قد يشكل صدق البقاء في بعض الفروض أيضاً.

[٢] كما عن المشهور ، وليس عليه دليل ظاهر. وقاعدة الميسور والاستصحاب قد عرفت الاشكال فيهما ، مع أن مقتضاهما المحافظة على الخصوصيات المعتبرة في الكفن ، وهو خلاف ظاهرهم. ولذا اختار في المعتبر وغيره : العدم. بل ظاهر نسبة الأول إلى سلار انحصار المخالف فيه.

[٣] إجماعاً.

[٤] إجماعاً كما عن الخلاف والغنية : وفي المنتهى : نفي الخلاف فيه بين علمائنا. وفي جامع المقاصد : نسبته إلى الأصحاب. واحتج عليه في الخلاف بإجماعنا. مضافاً الى مرسل أيوب بن نوح عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا قطع من الرجل قطعة فهي ميتة ، فإذا مسه إنسان فكلما كان فيه عظم فقد وجب على من يمسه الغسل » (١) ، فان مورده وإن كان الحي لكن يتعدى الى الميت بالأولوية. نعم يتوقف الاستدلال على ثبوت الملازمة بين وجوب الغسل بمسها ووجوب تغسيلها كما استظهره في الذكرى ، أو على أن مقتضى إطلاق الحكم بأنها ميتة أنها كذلك في جميع الأحكام حتى وجوب التغسيل ، وإن كانا معاً ـ ولا سيما الأول ـ

__________________

(١) الوسائل باب : ٢ من أبواب غسل المس ، حديث : ١.

١١٢

______________________________________________________

محل تأمل. وأما قاعدة الميسور والاستصحاب فقد عرفت إشكالهما. واستدل له ـ أيضاً ـ في المنتهى وغيره بصحيح علي بن جعفر (ع) عن أخيه (ع) : « عن الرجل يأكله السبع أو الطير فتبقى عظامه بغير لحم كيف يصنع به؟ قال (ع) : يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن » (١) ، لصدق العظام على التامة والناقصة كما في الذكرى ، ولا سيما بملاحظة أن أكيل السبع لا يبقى تمام عظامه غالباً. واستدل له في الخلاف والمنتهى وغيرهما بتغسيل أهل مكة يد عبد الرحمن بن عتاب ، ألقاها طائر من وقعة الجمل عرفت بنقش خاتمه ، وكان قاطعها الأشتر ثمَّ قتله ، فحمل يده عقاب أو نسر. هذا ولكن العمل ليس بحجة ، والعظام غير العظم.

( تنبيه ) : قال في المعتبر : « بعض المتأخرين عاب على الشيخ (ره) حكاية إلقاء يد عبد الرحمن بن عتاب بمكة ، وقال : قد ذكر البلاذري أنها وقعت باليمامة. وهي الصحيح ، فإن البلاذري أبصر بهذا الشأن. وهو إقدام على شيخنا أبي جعفر (ره) وجرأة من غير تحقيق ، فانا لا نسلم أن البلاذري أبصر منه بل لا يصل غايته. والشافعي ذكر أنها ألقيت بمكة ، واحتج لمذهبه بالصلاة عليها بمحضر الصحابة ، ولا يقول أحد أن البلاذري أبصر من الشافعي في النقل. وشيخنا أورد منقول الشافعي فلا مأخذ عليه. نعم يمكن أن يقال للشافعي : كما روي أنها ألقيت بمكة فقد روي أنها ألقيت باليمامة ، ولا حجة في فعل أهل اليمامة ، ومع اختلاف النقل يخرج عن كونه حجة. ولو سلمنا وقوعها بمكة لم تكن الصلاة عليها حجة ، لأنه لم يبق بها بعد خروج الجيش مع علي من يعتد بفعله. على أنه يحتمل أن يكون الذي صلى عليها ممن يرى الصلاة على الغائب ،

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٨ من أبواب صلاة الجنازة حديث : ١.

١١٣

وتلف في خرقة [١] وتدفن [٢] ، وإن كان الأحوط تكفينها بقدر ما بقي من محل القطعات الثلاث [٣] ، وكذا إن كان عظماً مجرداً [٤]. وأما إذا كانت مشتملة على الصدر ، وكذا الصدر وحده‌

______________________________________________________

وسنين ضعفه ».

[١] كذا في عبارة جماعة. وفي عبارة آخرين : أنها تكفن. وجعله في كشف اللثام هو الظاهر. وكأنه لأن العمدة في دليله الإجماع ، ولأجله كان الواجب مجرد اللف لأنه المتيقن. نعم لو تمت دلالة النصوص المتقدمة كان الواجب التكفين المعهود للميت التام ، فتكفن بثلاثة أثواب. وربما احتمل أن ذلك إذا كان الجزء محلا للأثواب الثلاثة ، فإن كان محلا للاثنين كفن بهما ، وإن كان محل واحد كفن بواحد ، بناء على أن التنزيل في المرسل ملحوظ فيه الجزئية. وكذا لو تمت قاعدة الميسور والاستصحاب.

[٢] إجماعا.

[٣] قد عرفت وجهه ، وأحوط منه التكفين بثلاثة أثواب مطلقاً.

[٤] كما عن الإسكافي والشهيد والمحقق الثاني في حاشية الشرائع ، فإن مقتضى ما دل على طهارة ما لا تحله الحياة وإن كان عدم وجوب تغسيل العظام ، إلا أن النصوص الدالة على وجوب تغسيل عظام من أكله الطير أو السبع تقتضي وجوب الخروج عنها ووجوب غسل العظم ، بضميمة قاعدة الميسور أو استصحاب وجوب الغسل قبل الانفصال. لكن عرفت الاشكال فيهما ، مع أن مقتضاهما وجوب الصلاة أيضاً ، مضافا الى إمكان منع ظهور تلك النصوص في العظام المجردة من اللحم أصلا كما قيل. ولأجله كان ظاهر جماعة : العدم. وقواه شيخنا الأعظم (ره). وهو في محله.

١١٤

فتغسل وتكفن ويصلى عليها وتدفن [١].

______________________________________________________

[١] على المشهور. وفي المنتهى : نفى وجدان الخلاف المحقق بين المتقدمين والمتأخرين فيه. وعن الخلاف والتذكرة والنهاية : الاتفاق على وجوب الصلاة. وصريح غير واحد استلزام ذلك لوجوب الغسل والكفن ، بل لعل ظاهر الكتب المذكورة ذلك. واستدل له ـ مضافاً الى الاستصحاب وقاعدة الميسور ـ بمصحح الفضل بن عثمان الأعور عن الصادق (ع) عن أبيه (ع) : « في الرجل يقتل فيوجد رأسه في قبيلة ، ووسطه وصدره ويداه في قبيلة ، والباقي منه في قبيلة. قال (ع) : ديته على من وجد في قبيلته صدره ويداه والصلاة عليه » (١) بناء على أن ذكر اليدين في الجواب لذكرهما في السؤال لا لخصوصية لهما ، ومرفوع البزنطي قال : « المقتول إذا قطع أعضاؤه يصلى على العضو الذي فيه القلب » (٢) بناء على أن المراد نفس العضو الذي هو مستقر القلب ـ أعني : الصدر ـ بلا اعتبار لوجود القلب فعلا.

ولكن كلا المبنيين غير ظاهر. ولذا قال في المعتبر : « والذي يظهر لي أنه لا تجب الصلاة إلا أن يوجد ما فيه القلب ، أو الصدر واليدان ، أو عظام الميت » ، ثمَّ استدل للأخير بصحيح علي بن جعفر (ع) المتقدم الوارد في أكيل السبع. فلم يجعل الموضوع الصدر كما نسب الى المشهور ، بل جعل الموضوع أحد العناوين الثلاثة : ما فيه القلب كما في المرفوع ، والصدر واليدان كما في المصحح ، وعظام الميت كما في صحيح ابن جعفر (ع) وغيره كما يأتي. ولعل التأمل يقضي برجوع الثاني إلى الأول ، لأن الظاهر‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٨ من أبواب صلاة الجنازة حديث : ٤. وفي نسخة المؤلف ـ دام ظله ـ المصححة أشير الى عدم وجود لفظ ( يداه ) ولفظ ( والباقي منه في قبيلة ) في التهذيب.

(٢) الوسائل باب : ٣٨ من أبواب صلاة الجنازة حديث : ١٢.

١١٥

______________________________________________________

من مورد السؤال في المصحح هو ما اشتمل على القلب ، فالحكم في الجواب بوجوب الصلاة عليه لا إطلاق فيه يشمل صورة وجود الصدر واليدين مجردة عما عداهما. فيكون المستفاد من النصوص أن موضوع وجوب الصلاة أحد عنوانين : ما فيه القلب ، وعظام الميت. ويشير إلى الأول ما في صحيح ابن جعفر (ع) : « فاذا كان الميت نصفين صلي على النصف الذي فيه قلبه » (١) ، ونحوه مرسل عبد الله بن الحسين (٢) ولا يعارض ذلك‌ خبر طلحة عن أبي عبد الله (ع) : « لا يصلى على عضو رجل من رجل أو يد أو رأس منفرداً ، فاذا كان البدن فصل عليه وإن كان ناقصاً من الرأس ، واليد ، والرجل » (٣). لإمكان كون الشرطية مسوقة في قبال نفي الصلاة على الرجل واليد والرأس لا إرادة اشتراط الصلاة بوجود البدن.

وأما ما في مرسل محمد بن البرقي عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا وجد الرجل قتيلا فان وجد له عضو تام صلي عليه ودفن ، وإن لم يوجد له عضو تام لم يصل عليه ودفن » (٤) ، ونحوه ما عن ابن المغيرة : « أنه قال بلغني عن أبي جعفر (ع) أنه يصلى على كل عضو رجلا كان أو يداً أو الرأس جزءاً فما زاد ، فاذا نقص عن رأس أو يد أو رجل لم يصل عليه » (٥) ، فمع الضعف في السند ، والمعارضة بخبر طلحة ، بل وبصحيح ابن جعفر (ع) وغيره ، لم يعرف قائل بمضمونهما عدا الإسكافي على ما حكي عنه ، فطرحهما أو حملهما على‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٨ من أبواب صلاة الجنازة حديث : ٧.

(٢) الوسائل باب : ٣٨ من أبواب صلاة الجنازة حديث : ١١.

(٣) الوسائل باب : ٣٨ من أبواب صلاة الجنازة حديث : ٨.

(٤) الوسائل باب : ٣٨ من أبواب صلاة الجنازة حديث : ١٠.

(٥) الوسائل باب : ٣٨ من أبواب صلاة الجنازة حديث : ١٣.

١١٦

وكذا بعض الصدر إذا كان مشتملا على القلب [١] ، بل وكذا عظم الصدر وإن لم يكن معه لحم [٢]. وفي الكفن يجوز الاقتصار على الثوب واللفافة [٣] ، إلا إذا كان بعض محل المئزر أيضاً موجوداً ، والأحوط القطعات الثلاث [٤] مطلقاً. ويجب حنوطها أيضاً [٥].

( مسألة ١٣ ) : إذا بقي جميع عظام الميت بلا لحم وجب اجراء جميع الأعمال [٦].

______________________________________________________

الاستحباب متعين.

فالعمدة إذن في وجوب الصلاة على الصدر المجرد عن القلب هو استصحاب الوجوب النفسي الضمني الثابت له قبل الانفصال ، بناء على صدق البقاء عرفا معه. أما قاعدة الميسور فيشكل جريانها ، لعدم كون الصلاة على الصدر بعضاً من الصلاة على الكل. فلاحظ.

[١] لما عرفت.

[٢] بناء على ما عرفت من عدم النص على موضوعية الصدر لم يكن فرق بين عظم الصدر وعظم غيره الذي تقدم حكمه.

[٣] لأنهما الثابتان قبل الانفصال.

[٤] كما نسب الى ظاهر الأصحاب. ووجهه : ما أشرنا إليه في عظم الصدر.

[٥] كما عن الشيخ وسلار وغيرهما. وهو في محله إن كان المحل باقياً أما إذا لم يكن باقياً فوجوبه غير ظاهر. وعن الشهيد وجماعة : لا إشكال في عدمه مع عدم بقاء محله.

[٦] كما تقدم عن المحقق. ويشهد له صحيح ابن جعفر المتقدم (١)

__________________

(١) تقدم ذكره في المسألة الثانية عشرة من الفصل السابق.

١١٧

( مسألة ١٤ ) : إذا كانت القطعة مشتبهة بين الذكر والأنثى الأحوط أن يغسلها كل من الرجل والمرأة [١].

فصل في كيفية غسل الميت

يجب تغسيله ثلاثة أغسال [٢] : « الأول » : بماء السدر ، « الثاني » : بماء الكافور [٣] ، « الثالث » : بالماء القراح ،

______________________________________________________

ونحوه خبر خالد القلانسي عن أبي جعفر (ع) (١).

[١] تقدم هذا في المسألة الثانية من الفصل السابق مع اختلاف في المتن بين المقامين. فلاحظ.

فصل في كيفية غسل الميت‌

[٢] هو مذهب الأصحاب عدا سلار كما في المعتبر ، وعن كشف الرموز والمدارك والذخيرة. وعن الخلاف ، والغنية : الإجماع عليه. ويدل عليه الأمر به في جملة من النصوص (٢). ولأجله يضعف ما عن سلار من وجوب الواحد بالقراح ، للأصل ، ولما دل على أنه كغسل الجنابة (٣) ولما ورد في الميت الجنب من أنه يغسل غسلا واحدا (٤) إذ الأول لا مجال له مع الدليل ، والثاني محمول على إرادة التشبيه بالكيفية ، والثالث على إرادة التداخل ، بل لعله هو الظاهر منه.

[٣] كما هو المشهور. وعن الخلاف والغنية : الإجماع عليه. ويقتضيه‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٨ من أبواب صلاة الجنازة حديث : ٦.

(٢) راجع الوسائل باب : ٢ من أبواب غسل الميت.

(٣) راجع الوسائل باب : ٣ من أبواب غسل الميت.

(٤) راجع الوسائل باب : ٣١ من أبواب غسل الميت.

١١٨

ويجب على هذا الترتيب [١] ، ولو خولف أعيد على وجه يحصل الترتيب [٢] وكيفية كل من الأغسال المذكورة كما ذكر في الجنابة ، فيجب أولا غسل الرأس والرقبة ، وبعده الطرف الأيمن ، وبعده الأيسر [٣]. والعورة تنصف أو تغسل مع كل‌

______________________________________________________

الأمر بذلك في جملة من النصوص كصحيح ابن مسكان عن أبي عبد الله (ع) : « سألته عن غسل الميت ، فقال (ع) : اغسله بماء وسدر ثمَّ اغسله على أثر ذلك غسلة أخرى بماء وكافور وذريرة ـ إن كانت ـ واغسله الثالثة بماء قراح. قلت : ثلاث غسلات لجسده كله؟ قال : نعم » (١) ونحوه غيره. ولأجله يضعف ما عن ابني حمزة وسعيد من نفي اعتبار الخليطين. وكأنه لإطلاق ما دل على أنه كغسل الجنابة ، وقد عرفت إشكاله.

[١] على المشهور المعروف ويقتضيه ظاهر النصوص المتقدمة وغيرها وربما نسب الى ابن حمزة نفي اعتباره. وكأنه لإطلاق بعض النصوص كخبر الحلبي : « قال أبو عبد الله (ع) : يغسل الميت ثلاث غسلات : مرة بالسدر ، ومرة بالماء يطرح فيه الكافور ، ومرة أخرى بالماء القراح » (٢) وفيه : أنه على تقدير إطلاقه مقيد بغيره.

[٢] لفوات الشرط الموجب لفوات المشروط ، وعن التذكرة والنهاية : فيه وجهان من حصول الإنقاء ، ومن مخالفة الأمر. وضعفه ظاهر.

[٣] بلا خلاف كما عن كشف الالتباس ، ومذهب علمائنا كما عن التذكرة والمدارك ، واتفاق فقهاء أهل البيت (ع) كما في المعتبر ، وإجماعاً كما عن الانتصار والخلاف والذكرى. ويشهد به ما في موثق عمار عن

__________________

(١) الوسائل باب : ٢ من أبواب غسل الميت ، حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٢ من أبواب غسل الميت ، حديث : ٤.

١١٩

من الطرفين ، وكذا السرة. ولا يكفي الارتماس [١] ـ على الأحوط ـ في الأغسال الثلاثة مع التمكن من الترتيب.

______________________________________________________

أبي عبد الله (ع) : « ثمَّ تبدأ فنغسل الرأس واللحية بسدر حتى تنقيه ثمَّ تبدأ بشقه الأيمن ، ثمَّ بشقه الأيسر .. ( الى أن قال ) : يجعل في الجرة من الكافور نصف حبة ، ثمَّ تغسل رأسه ولحيته ، ثمَّ شقه الأيمن ، ثمَّ شقه الأيسر .. » (١) ، وما في مصحح الحلبي عن أبي عبد الله (ع) : « ثمَّ تبدأ بكفيه ورأسه ثلاث مرات بالسدر ، ثمَّ سائر جسده ، وابدأ بشقه الأيمن » (٢) وفي المرسل عن يونس : « ثمَّ اغسل رأسه بالرغوة .. ( الى أن قال ) : ثمَّ أضجعه على جانبه الأيسر وصب الماء من نصف رأسه الى قدميه .. ( الى أن قال ) : ثمَّ أضجعه على جانبه الأيمن وافعل به مثل ذلك » (٣) وفي خبر الكاهلي عن أبي عبد الله (ع) : « ثمَّ تحول الى رأسه وابدأ بشقه الأيمن من لحيته ورأسه ، ثمَّ وثن بشقه الأيسر من رأسه ولحيته ووجهه .. ( الى أن قال ) : ثمَّ أضجعه على شقه الأيسر ليبدو لك الأيمن ثمَّ اغسله من قرنه الى قدمه .. ( الى أن قال ) : ثمَّ رده على جانبه الأيمن ليبدو لك الأيسر فاغسله بماء من قرنه الى قدميه » (٤). وما فيهما من غسل الرأس مع البدن زائداً على غسل الرأس أولا ، وما في الأخير من الترتيب بين جانبي الرأس ، محمول على الفضل بقرينة ما سبق ، وإن حكي عن الفقيه والمبسوط : وجوب الأول.

[١] خلافا لما عن العلامة وولده والشهيدين والمحقق الثاني وغيرهم ،

__________________

(١) الوسائل باب : ٢ من أبواب غسل الميت ، حديث ١٠.

(٢) الوسائل باب : ٢ من أبواب غسل الميت ، حديث : ٢.

(٣) الوسائل باب : ٢ من أبواب غسل الميت حديث : ٣.

(٤) الوسائل باب : ٢ من أبواب غسل الميت حديث : ٦.

١٢٠