فأنت هو ، فكشف ثوبه فإذا بالشامة في كتفه على ما ذكرت ، فاستبشر بذلك ومن معه.
ومن تاريخ ابن حيّان : لما حرّض يليان النصراني صاحب سبتة للأمر الذي وقع بينه وبين صاحب الأندلس موسى بن نصير على غزو الأندلس جهّز لها مولاه طارقا المذكور في سبعة آلاف من المسلمين ، جلّهم البربر ، في أربع سفن ، وحطّ بجبل طارق المنسوب إليه يوم السبت في شعبان سنة اثنتين وتسعين ، ولم تزل المراكب تعود حتى توافى جميع أصحابه عنده بالجبل ، قال : ووقع على لذريق صاحب الأندلس الخبر ، وأنّ يليان السبب فيه ، وكان يومئذ غازيا في جهة البشكنس ، فبادر في جموعه وهم نحو مائة ألف ذوي عدّة وعدد (١) ، وكتب طارق إلى موسى بأنه قد زحف عليه لذريق بما لا طاقة له به ، وكان عمل من السفن عدّة ، فجهّز له فيها خمسة آلاف من المسلمين ، فكملوا بمن تقدّم اثني عشر ألفا ، ومعهم يليان صاحب سبتة في حشده يدلّهم على العورات ، ويتجسّس لهم الأخبار ، وأقبل نحوهم لذريق ومعه خيار العجم وأملاكها وفرسانها ، وقلوبهم عليه ، فتلاقوا فيما بينهم ، وقالوا ؛ إن هذا الخبيث غلب على سلطاننا ، وليس من بيت الملك ، وإنّما كان من أتباعنا ، ولسنا نعدم من سيرته خبالا واضطرابا ، وهؤلاء القوم الذين طرقوا لا حاجة لهم في إيطان بلدنا ، وإنّما مرادهم أن يملئوا أيديهم من الغنائم ويخرجوا عنّا ، فهلمّ فلننهزم بابن الخبيثة إذا نحن لقينا القوم ، فلعلّهم يكفوننا أمره ، فإذا هم انصرفوا عنّا أقعدنا في ملكنا من يستحقه ، فأجمعوا على ذلك ، انتهى.
وقال ابن خلدون : بعد ذكره أن القوطيين كان لهم ملك الأندلس ، وأن ملكهم لعهد الفتح يسمّى لذريق. ما نصّه : «وكانت لهم خطوة وراء البحر في هذه العدوة الجنوبية خطوها من فرضة المجاز بطنجة ، ومن زقاق البحر إلى بلاد البربر ، واستعبدوهم. وكان ملك البربر بذلك القطر الذي هو اليوم جبال غمارة يسمى يليان ، فكان يدين بطاعتهم وبملّتهم ، وموسى بن نصير أمير المغرب إذ ذاك عامل على إفريقية من قبل الوليد بن عبد الملك ، ومنزله بالقيروان. وكان قد أغزى لذلك العهد عساكر المسلمين بلاد المغرب الأقصى ، ودوّخ أقطاره ، وأثخن في جبال طنجة هذه حتى وصل خليج الزّقاق ، واستنزل يليان لطاعة الإسلام ، وخلّف مولاه طارق بن زياد الليثي واليا بطنجة ، وكان يليان ينقم على لذريق ملك القوط لعهده بالأندلس فعلة فعلها زعموا بابنته الناشئة في داره على عادتهم في بنات بطارقتهم ، فغضب لذلك ، وأجاز إلى لذريق ، وأخذ ابنته منه. ثم لحق بطارق فكشف للعرب عورة القوط ودلّهم على عورة فيهم
__________________
(١) في ب : عدد وعدّة.