من هدى القرآن - ج ١٠

السيّد محمّد تقي المدرّسي

من هدى القرآن - ج ١٠

المؤلف:

السيّد محمّد تقي المدرّسي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار محبّي الحسين عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-5648-12-0
ISBN الدورة:
964-5648-03-3

الصفحات: ٥٠٤

(٢٣) ومن آياته ـ عزّ وجلّ ـ منامكم بالليل والنهار ، وحسبما أعلم لم يتوصّل العلماء حتى الآن إلى سرّ النوم ، وكيف ينام ، ولماذا عند ما يتعب الإنسان تتراخى أعضاؤه وينام ، ويكون مثله مثل الميت؟

(وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ)

فالإنسان ينام ليلا ، وقد ينام نهارا في القيلولة ، وقد أكدّت بعض الروايات على استحباب نوم النهار إذ أنّه يساعد على قيام الليل ، وقد جاءت بعض الروايات لتوضح حقيقة النوم.

١ ـ عن أمير المؤمنين (ع) قال :

«النوم راحة من ألم ، وملائمة الموت» (٧)

٢ ـ عن أبي عبد الله (ع) قال :

«ان النوم سلطان الدماغ ، وهو قوام الجسد وقوته» (٨)

(وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ)

نهارا.

ما الذي يدفعك إلى الحصول على الرزق ، وبينك وبينه الكثير من العقبات ، إنّك تصل إلى رزقك عبر حاجة غريزية ولو لا تلك الحاجة الملحّة ، ولو لا قدرات الإنسان العقلية والجسدية التي تمكّنه من تحصيل رزقه بتسخير ما في الأرض ، لما

__________________

(٧) غرر الحكم.

(٨) بحار الأنوار / ج (٦٢) / ص (٣١٦).

٤١

بقيت الحياة. أو ليس في ذلك دليلا على حكمة خالقه ولطف عنايته ، ودقة تدبيره؟

ثم إنّ لكلّ شخص رزقه الذي يهديه إليه ربّنا ، ولو أمعنا النظر في أحوال الناس لغمرنا الإيمان بربّنا الذي يهيئ لكلّ واحد منهم طريقا للرزق حتى لا يدع أحدا إلّا ويطعمه من رحمته.

جاء في الدعاء :

(اللهمّ إنّه ليس لي علم بموضع رزقي ، وإنّما أطلبه بخطرات تخطر على قلبي ، فأجول في طلبه البلدان ، فأنا فيما أنا فيه كالحيران ، لا أدري أفي سهل هو أم في جبل ، أم في أرض أم في سماء ، أم في برّ أم في بحر ، وعلى يد من ، ومن قبل من ، وقد علمت أنّ علمه عندك وأسبابه بيدك ، وأنت الّذي تقسمه بلطفك ، وتسبّبه برحمتك ، اللهمّ فصلّ على محمد وآله واجعل يا ربّ رزقك لي واسعا ، ومطلبه سهلا ، ومأخذه قريبا ، ولا تعنّني بطلب ما لم تقدّر لي فيه رزقا ، فإنّك غنيّ عن عذابي وأنا فقير إلى رحمتك ، فصلّ على محمد وآله وجد على عبدك بفضلك إنّك ذو فضل عظيم)

(٩) (٢٤) ومن آياته رزق الإنسان من السماء ، فهو سبحانه يرسل السحاب حاملا معه الخوف والطمع ، ذلك أنّ الإنسان يخشى السحب التي قد تكون نذيرا بالصواعق أو السيول ، ولكنّه يطمع في خيراتها في ذات الوقت.

(وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)

__________________

(٩) مفاتيح الجنان / تعقيب صلاة العشاء.

٤٢

وللبرق قيمة زراعيّة ، إذ أنّه يؤمن الجو فيتكوّن المازوت من اندماج ذرّات الأوكسجين بالهيدروجين بالنيتروجين.

هذا التناسب في الكون دليل على أنّ الّذي يقدّر الكون ويديره هو الله سبحانه ، وأنّ هذه الآيات القرآنية المبثوثة في الكون لا يفهمها ولا يستفيد منها إلّا أولئك الذين يفكّرون ويستفيدون من عقولهم.

ذكر الله سبحانه في هذه الآيات أربع جمل عقب كل آية ، ولعلّها تخبر عن مراحل المعرفة ، فقال تعالى :

«إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ»

«إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ»

«إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ»

«إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ»

فنحن بحاجة إلى الفكر والعلم والسماع والعقل.

فنحن نفكّر حتى نحصل على العلم ، والعلم يدعونا للاستفادة من علوم الآخرين عبر سماع علومهم وأخبارهم ، وعند ما نجمع علومنا إلى علومهم آنئذ نعقل ، وعند ما نعقل نصبح مؤمنين بالله عزّ وجلّ ، لأننا نستطيع أن نستوعب آياته ونتوصّل بها إليه.

٤٣

وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (٢٥) وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ (٢٦) وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٧) ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٢٨) بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٢٩) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ

___________________

٢٧ [المثل الأعلى] : الصفات العليا.

٤٤

اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٣٠) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٣١) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٣٢) وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٣٣) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٤)

٤٥

فأقم وجهك للدين حنيفا

هدى من الآيات :

بعد أن أرسى الذكر قاعدة الإيمان في النفس حين ذكر بآيات الله في خلقه البشر شرع في تصفية الإيمان من رواسب الشرك ، تلك العقبة الكأداء في طريق البشر الى ربّه ، والشرك في القرآن الكريم ليس لونا واحدا ، بل لأنّه نقيض الإيمان فهو متعدّد الأبعاد ، والألوان ذلك لأنّ من يترك الحقّ ويتجه إلى الباطل فليس بالضرورة أن يعبد باطلا من نوع واحد ، بل إنّ كلّ كافر قد يعبد باطلا مختلفا عمّن سواه ، فمن اتبع هواه فقد أشرك بالله ، وهكذا من اتبع سلطانا جائرا أو مجتمعا فاسدا أو غنيّا مترفا ، فقد أشرك بالله سبحانه ، وهكذا من فرّق دينه حسب هواه ، وهكذا كلّما لم يكن إيمان المرء خالصا كان مشوبا بالشرك.

وكلّما أردنا معالجة نوع من الانحراف لا بد أن نؤكّد على التوحيد ، لأنّ التوحيد عصمة الإنسان وحصنه من الانحراف ، وكل انحراف عن طريق التوحيد هو بالتالي سقوط في ماديّة الشرك.

٤٦

ويذكّرنا الربّ بنظام السموات والأرض وحسن التدبير في حركتهما ، لعلنا نهتدي الى قدرة المدبّر الحكيم الواسعة والتي تحيط بنا من حولنا ، ونؤمن بيوم النشور حيث يدعونا دعوة واحدة ، فإذا بنا خارجون من القبور بلا تريّث أو تباطؤ.

وما دامت الهيمنة التامّة له فإنّ كلّ شيء مملوك له قانت لأمره ومطيع لسلطانه أو ليس قد بدأ الخلق ، وهو يعيده بأيسر ممّا خلقه ، وإنّه له الأسماء الحسنى التي تهدي إليها آياته في السموات والأرض ، وهو العزيز الحكيم؟ بلى. إذا لا ينبغي الشرك به. أو يجوز أن يشركك فيما تملكه بجهد غيرك ممن لا سلطان له؟ كلا .. إذا حرام أن نشرك بربّنا من خلقه أحدا .. هكذا يبيّن ربّنا آياته بوضوح بالغ لمن يعقل ، أمّا الذين ظلموا فإنّهم لا ينتفعون بعقولهم بل يتبعون أهواءهم بغير علم ولا يهديهم الله. أرأيت من لم يهده الله هل يهديه من بعده أحد؟ أو هل ينصره أحد؟

دين التوحيد فطرة إلهيّة خلق الله الناس عليها ، ولا تبديل لخلق الله وهو دين قيم لا عوج له ولا أمت ، وإنما يخالفه الناس لجهلهم ، فعلينا أن نتبعه طاهرا من الشرك ، ونعود إليه كلّما أبعدتنا عوامل الانحراف ، مستعينين بالصلاة التي هي ركن كيان التوحيد ، فلا نشرك بربّنا أحدا.

وآية التوحيد في الواقع وحدة الدين ، وألّا نفرّقه ونكون شيعا متفرقين ، يفرح كل شيعة بما يملكون ، ويتركون ما يؤمنون به من الدين الّذي يوحّدهم.

إنّ ما يملكه كلّ حزب زيف يتلاشى عند ما يمس الناس ضر ، إذ يدعون هنا لك ربهم عائدين اليه ، ولكنّهم إذا أحسّوا برحمة لا يثبتون جميعا على الهدى ، بلى. يشركون بربهم ، وهذا عين الكفر بالنعمة ، ويهددهم الله بزوالها وسوف يعلمون مدى خسارتهم بالشرك.

٤٧

بينات من الآيات :

(٢٥) بين القدر والقضاء ما بين التشريع والتنفيذ ، ولقد سنّ ربّنا للخليقة سننا نسميها بالأنظمة والقوانين ، ولكنّها لا تعني شيئا لو لا إجرائها وإمضائها وتنفيذها والّذي لا يكون إلّا بالقضاء وهو يتجلّى في أمر الله ، فما هو أمر الله؟

لكي نعرف قدرا من ملكوت السموات والأرض يستخدم القرآن ألفاظا تعوّدنا عليها في حياتنا اليومية ، فنحن حينما نريد أن يتحقق شيء نأمر به من هو دوننا ، وعند ما يريد الله شيئا يأمر به ولكن أمره مشيئته التي لا رادّ لها.

والسموات والأرض منظمة بتقديرات إلهية وسنن ثابتة ، ولكن من يطبّق تلك النظم ويجري تلك السنن؟

إنّه ربنا وبماذا؟ بأمره.

إذا أمره مظهر سلطانه الدائم وهيمنته على كلّ صغيرة وكبيرة.

دعنا نضرب مثلا ـ وتعالى الله عن الأمثال ـ :

إنّ الساعة الصغيرة ليس فيها نظام داخلي فحسب ، بل فيها أيضا قوة تجعل هذا النظام يطبّق ، فلو سحبت هذه القوة لتوقّف النظام ، هكذا أمر الله لو انعدم فرضا فان الكون ينتهي ، وذلك لسببين :

أولا : لأنّ النظام يتوقف تماما لعدم وجود ما يقوم به.

ثانيا : لأنّ وجود الخلق ذاته ينتهي ، لأن وجود كلّ شيء قائم بأمر الله سبحانه ، ولعلّ الآية التالية تشير الى كلا السببين :

٤٨

(وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ)

بأمره قامت السموات والأرض ، وكلمة «أمر» توحي بالقدرة التامة ، وبأنّ الفعل لا يكلّف صاحبه عملا ولا يورثه نصبا ، وهو أصدق تعبير عن قيام الخليقة بالله سبحانه جاء في الدعاء :

(وجعلت الشمس والقمر والبرية سراجا وهاجا ، من غير أن تمارس فيما ابتدأت به لغوبا ولا علاجا) (١)

وكلمة القيام توحي بتمام الشيء وكماله فكما إنّ البشر حين يقوم يكون على أتمّ استعداد وفي أفضل حالة ، فكذلك قيام السموات والأرض تعبير عن أفضل حالاتهما ، ومعروف ان تمام الشيء لا يعني مجرد وجوده ، بل وأيضا صلاحه وسلامته كل ذلك يدلّنا على تمام قدرة ربّنا ومطلق سلطانه وانه يقيم الخليقة ب (أمره) فهو إذا يهلكها ب (أمره) ويعيدها ب (امره).

والإنسان بين الخليقة يقوم بأمر الله ، ويهلك بأمره ودعوته ، وينشر بأمره ودعوته ، وقد استخدمت هنا كلمة الدعوة لان البشر صاحب عقل ، والعاقل يدعى فيجيب.

وقدرته هي التي تستطيع ان تعيد ما في السموات وما في الأرض الى ما كانت عليه سابقا.

(ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ)

حين يأمر إسرافيل أن ينفخ في الصور فإذا هم قيام ينظرون ، يخرجون من

__________________

(١) مفاتيح الجنان / دعاء الصباح.

٤٩

الأجداث إلى ربّهم ، وكلمة «إذا» تدلّ على المفاجأة.

أي تخرجون كلكم جميعا ، دفعة واحدة ، بمجرد دعوته إليكم دون ان تملكوا قدرة الامتناع والتمرد أو التريث والتباطئ.

(٢٧) والله يبدؤا الخلق بقدرته ، إذا فهو أهون عليه حين يعيده ، وبالنسبة إلى المخلوق فإنّ تقليد شيء مصنوع أسهل من ابتكاره ، أمّا بالنسبة إلى الخالق المبدع فإنّ الأمور لا تقاس بالصعوبة أو بالسهولة ، لأنّ أمره بين الكاف والنون ، (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٢) وإنّما عبّر بأنّه أهون لبيان هذه الحقيقة ، أنّ اعادة الشيء بعد الخلق بذاتها أهون من ابتداع خلقه (حتى ولو كانا بالنسبة إلى قدرة الله سواء) فلما ذا نراهم يؤمنون بأوّل الخلق ، ويكفرون برجعته ، وهي عند الله يسير؟!

ومن هنا قال الحكماء : إنّ الكلمات عاجزة عن التعبير عن ذات الربّ سبحانه ، وإنّما تعبّر عن أسمائه وأفعاله ، وقالوا : خذ الغايات واترك المبادئ ، فإذا قلنا انّ الله رحيم ، فإنّنا لا نعني أنّ لله قلبا ينبض بالحب ، بل انه عند ما يرحم يفعل موجبات الرحمة ، وكذلك عند ما نقول : «هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ» «وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ».

وهو إذ يبدأ الخلق وإذ يعيده هينا لا يمارس لغوبا ولا علاجا ، ولا يحتاج إلى أدوات وآلات ، ولا تجد في خلقه ثغرات أو فطورا ، وكلما مشيت في مناكب أرضه ، وقلّبت وجهك في ملكوت سمواته ، وأنعمت النظر في عظيم تدبيره ، وحسن نظامه ، ومتانة صنعه ، كلّما ازددت بصيرة بأسمائه الحسنى بأنّه الملك القدوس السلام

__________________

(٢) يس / ص (٨٢).

٥٠

المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر ، وبالتالي بأنّ له المثل الأعلى الّذي تشير إليه آيات الجمال والكمال في السموات والأرض.

(وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)

بلى. السموات عظيمة واسعة ، وجميلة ، ورائعة النظام ، وحسنة التدبير ، إذا فهي تهدينا إلى أنّ لربنا المثل الأعلى فهو العظيم الواسع (قدرة) والجميل والمدبر. وفي الأرض آيات الجمال والجلال وهي تهدينا إلى سلطان الربّ وملكوته وسائر أسمائه الحسنى.

ولأنّ لربنا المثل الأعلى فلا يمكن أن نقيس به شيئا فهو الأعلى مما نرى ومما لا نرى في السموات والأرض ، ولا يجوز إذا أن نشبّهه بشيء أو نتوهّمه أو نتصوره سبحانه ، جاء في الحديث المأثور عن الامام الصادق (ع) في تفسير الآية :

«الّذي لا يشبهه شيء ولا يوصف ولا يتوهم فذلك المثل الأعلى» (٣)

(٢٨) يضرب ربنا سبحانه مثلا من واقع الجزيرة العربية ، حيث كانوا يعيشون نظام السادة والعبيد فيخاطبهم : هل يقبلون أن يشاركهم عبد من عبيدهم ما يملكون فهم وإياه سواء ، علما انه وما يملك لهم؟!

إذا كانوا لا يوافقون على هذا الاقتراح. فكيف يجعلون لله أندادا؟!

(ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ)

متساوون في الشركة ، وأكثر من ذلك ...

__________________

(٣) نور الثقلين / ج (٤) / ص (١٨٠).

٥١

(تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ)

كما هي عادة الشركاء يخاف بعضهم من بعض ، فهل تخافون عبيدكم؟ كلّا ..

(كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)

لأنّه لا يعقل آيات الله إلّا ذوي الألباب.

(٢٩) والحقيقة هي : إنّ الذين يشركون ليس يتبعون شريكا كرها ، ولا يضلّون عن الحق لغموضه أو لعدم قدرتهم على معرفته ، بل لاتباعهم الهوى.

(بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ)

وعبادة الهوى هو جوهر الشرك ، لأنّ المشرك إنّما يتبع طاغوته خوف الذبح ، ولا يخضع المشرك للغني إلّا طمعا في ماله ، فالمشكلة بالنسبة إلى المشرك هي حبّ الخلود والراحة.

والآية تذكّرنا بأنّ الظلم أساس اتباع الهوى ، وهو بدوره سبب الضلالة ، ولعلّ ذلك يهدينا إلى دور الفساد في العلاقات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ودوره في ضلالة الإنسان.

فإذا كانت العلاقات القائمة بين أبناء البشر سليمة ، ولم يكن بعضهم يظلم بعضا ، لم تكن حاجة إلى اتباع الهوى.

كما تذكّرنا الآية انّ الهوى والعلم ضدّان ، فمن اتبع هواه رحل عنه العلم ، ومن خالف هواه استضاء بنور العلم ، والّذي يتبع هواه بغير علم سوف يضله الله.

٥٢

(فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ)

إنّ الله يضل الإنسان ، ويسلب منه علمه إذا لم يعمل بذلك العلم ، وترك علمه إلى جهله ، واتبع هواه ، ولا يجد إذا من يهديه من دون الله.

ثم إنّ الإنسان يتبع هواه ، ويطيع الأنداد ، طمعا في نصرتهم ، وبحثا عن القوة عندهم ، ولكنّ الله يذكّرهم بأنهم لا ينتصرون له إذا جاءه عذاب الله ، إذ لا يقدرون على ذلك.

(وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ)

في الدنيا والآخرة من الذين عبدوهم ، وما لهم من شافعين.

وهذا يعني أنّ الإنسان يحتاج في حياته إلى شيئين : عقل يهديه ، وقوة تنصره ، فمن اتبع هواه فقد خسر العقل والقوة معا.

(٣٠) ثم يقول الله للإنسان : إذا أردت أن تعبد الله حقّا ، عليك أن تنحرف عن كل الضغوط ، وبتعبير آخر عليك ان تكون حنيفا عن الشرك طاهرا نظيفا.

(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً)

الوجه أظهر شيء عند الإنسان ، ولذلك يعبّر به عن مواقفه وجهة سيره فيقال : توجّهات فلان أي طريقته وسلوكه.

والقيام بمعنى الكمال ، لأنّ الإنسان يكون في أفضل حالاته عند القيام ، ولذلك يقول الذكر : «أَقِمِ الصَّلاةَ» تعبيرا عن إتيانها بالوجه الكامل.

ويعبّر الذكر هنا عن خلوص العمل بالدين عن شوائب الشرك ب «أَقِمْ وَجْهَكَ

٥٣

لِلدِّينِ» لأنّ مجرد قبول الدين لا يكفي ، بل ينبغي تطبيق كل المواقف والسلوكيات والتوجهات مع شرائعه ، ويؤكد ذلك قوله سبحانه «حنيفا» أي طاهرا من رجس الشرك ، ودنس الرذائل.

ولا يكون ذلك إلّا بتحدي الضغوط.

فالحنيفية حقّا أن تقدم ومنذ البداية على مخالفة المشركين ، انك ان تتبع الذين يضلونك بغير علم فأنت لست على طريق مستقيم ، يجب ان تشق طريقك بنفسك ، الى حيث ..

(فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها)

حيث الاستقامة. وهذا يعني أنّك إذا كنت تواجه ضغوطا خارجية تدعوك لاتباع الطريق المنحرف فإنّ هناك ضغطا معا كسا في ذاتك يدعوك لاتباع الطريق المستقيم ، وهي الفطرة التي فطر الناس عليها ، حيث قال الله : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ* أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ) (٤)

وأصل الفطرة الشق ، وسمّي الخلق فطرة ربما لأنّ الخلق يتم عادة بانشقاق شيء عن شيء ، ومعنى فطرة الله هنا : الوحدانية ، حيث انها جزء من خلق الناس جميعا (وليس المؤمنون منهم فقط).

(لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ)

__________________

(٤) الأعراف / (١٧٢ ـ ١٧٣).

٥٤

لعل معناها ان الإنسان لا يمكن ان يغير فطرته بالتربية أو التوجيه ، وحتى الأعمال السيئة لا تغير فطرة البشر.

فأنت ومن يعاقر الخمر أو يقتل الآدميين في الفطرة سواء ، صحيح ان الفطرة تنتكس ، وتغطّى بالذنوب الا ان المذنب يشعر بذنبه ، والكاذب يشعر بكذبه ، والضال يعلم بخطئه ، ولكن فطرتهم ضعيفة.

وهذه الفطرة الالهية الثابتة أفضل دين يلتزم به البشر ، ويتبعه ، ويرى شخصيته فيه لأنه قيم لا عوج فيه ، وتستقيم معه شخصية الإنسان وحياته ومجتمعة ، بينما تتطرف سائر الأديان يمينا وشمالا ، وتفسد ضمير البشر ، وتمسخ شخصيته وتضيّع حياته.

ونستوحي من هذه الكلمة ان الدين ضرورة انسانية ، يشعر القلب من دونه بفراغ كبير ، الا ان أغلب الناس يخطئون في نوع الدين الّذي يعتنقونه.

(ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ)

ونستنتج من هذه الآية ان طريق معرفة الدين الصحيح يتلخص في دليلين : الاول : هدى الله حيث يقول : «فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً» والثاني : الوجدان.

(وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)

مشكلة الناس انهم لا يستفيدون من علمهم ، لأنهم يتبعون أهواءهم ، وعلينا الّا توحشنا قلة الدّيانين بدين الحق ، أو كثرة الميالين إلى سبل الشيطان ، ذلك لأن أكثر الناس هم الذين لا يعلمون.

(٣١) وليس هيّنا الاستقامة على الدين الحق ، لأنّ دواعي الشهوة ، ووساوس

٥٥

الشيطان ، وضغوط المجتمع تميل بالإنسان عن طريق الحق ، فلا بد إذا من الإنابة الى الله دائما ، فكلما مالت أسباب الانحراف به شرقا أو غربا أناب إلى ربه ، والتزم التقوى بتطبيق كافة الشرائع التي هي حصن التوحيد ، وسور المعرفة ، ومن أبرز معاني التقوى إقامة الصلاة ، تلك الحصن المنيعة للإيمان ، والسور الرفيع لعرفان الرب.

(مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ)

والفرق بين هذه الآية وما قبلها ان ما قبلها تأتى بصورة مفردة بتعبير «فأقم» بينما في هذه الآية تأتي بصورة جمع ، وذلك لأن الإنسان واحد في مقام المسؤولية ، ولكن في مقام العمل يعمل مع الآخرين ، فالإنسان مسئول أمام الله لوحده ، وكل نفس مسئولة عن نفسها.

ان الله طلب منا الالتزام بالصراط المستقيم عبر اقامة الوجه لدينه ، واتباع فطرته التي غرسها فينا ، ولكن كيف يتم ذلك ، وكيف نحافظ عليهما؟ يقول ربنا سبحانه : (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ).

فأنت مؤمن بدينك وبدافع فطرتك ، انك عند ما تذهب إلى المسجد مثلا تجد هناك أمثالك ، فأنت وهم تكوّنون مجتمعا ، فأنيبوا إلى الله ، وهناك نظرية تقول : ان الايمان يتبلور في مجتمع ، وليس الفرد بوحده قادر على ان يترجم دين ربه لوحده ، فالله يدفع الناس بعضهم ببعض كي يحوطون هذا الدين.

والانابة إلى الله ، وتقواه ، واقامة الصلاة كعجلة القيادة التي لا تدع السيارة تنحرف لو أمسكنا بها في طريق مثلج ، فالمجتمع يسحبنا يمينا ويسارا ، ولكن الإنابة إلى الله وتقواه ، واقامة الصلاة تجعلها على الطريق المستقيم.

٥٦

وهناك فرق بين اقامة الصلاة وبين الإتيان بالصلاة ، فإقامة الصلاة هو الالتزام بحدودها.

عن أبي عبد الله الحسين (ع) انه قال :

«وحق الصلاة ان تعلم انه وفادة إلى الله ـ عز وجل ـ وانك فيها قائم بين يدي الله ـ عز وجل ـ فإذا علمت ذلك قمت مقام الذليل الحقير ، الراغب الراهب ، الرّاجي الخائف ، المستكين المتضرّع ، المعظم لمن كان بين يديه بالسكون والوقار ، وتقبل عليها بقلبك وتقيمها بحدودها ، وحقوقها» (٥)

وعن أبي عبد الله الصادق (ع) انه قال : «إذا استقبلت القبلة فانس الدنيا وما فيها ، والخلق وما هم فيه ، واستفرغ قلبك عن كل شاغل يشغلك عن الله ، وعاين بسرك عظمة الله ، واذكر وقوفك بين يديه يوم تبلو كل نفس ما أسلفت ، وردوا إلى الله مولاهم الحق ، وقف على قدم الخوف والرجاء.

فإذا كبرت فاستصغر ما بين السموات العلى والثرى دون كبريائه ، فان الله تعالى إذا اطلع على قلب العبد وهو يكبر وفي قلبه عارض عن حقيقة تكبيره قال : يا كاذب أتخدعني؟! وعزتي وجلالي لأحرمنك حلاوة ذكري ، ولأحجبنك عن قربي ، والمسارة بمناجاتي.

واعلم انه غير محتاج إلى خدمتك وهو غني عن عبادتك ودعائك ، وانما دعاك بفضله ليرحمك ويبعّدك من عقوبته» (٦)

__________________

(٥) بحار الأنوار / ج (٨٤) / ص (٢٤٨).

(٦) المصدر / ص (٢٣٠).

٥٧

وفي بعض الأحاديث ان للصلاة حدودا.

عن زكريا بن آدم ، عن الرضا (ع) قال : سمعته يقول :

«الصلاة لها اربعة آلاف باب» (٧)

وعن أبي عبد الله الصادق (ع) قال :

«للصلاة اربعة آلاف حدود» (٨)

(وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)

[٣٢] من أجل الاستقامة على الدين الحنيف ، والطهارة من رجس الشرك ، لا بد من الإنابة ، والتقوى ، واقامة الصلاة هنالك يدخل المؤمن في حصن التوحيد ، ويتقى مظاهر الشرك ومن أبرزها الاختلاف في الدين شيعا وأحزابا.

(مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ)

اي اختلفوا عن الطريق الذي رسمه الله لهم ، فلم توحدهم مناهج الشريعة ، ولعل (الشّيع) تعني اتباع الشخص بينما الحزب هو التقاء مجموعة من الناس في الأفكار.

فاذا أردتم ان تعرفوا هل أنتم على شرك أم على بصيرة من ربكم فانظروا هل عندكم خلافات تنبع من أهوائكم ، فالمجتمع الّذي يتبع الله لا يختلف لان افراده جميعا يتبعون شخصا واحدا ، يقودهم الى الله ، ولكن لماذا يسمّي الله الذين فرقوا

__________________

(٧ ، ٨) المصدر / ج (٨٢) / ص (٣٠٣).

٥٨

دينهم مشركين؟

الجواب أحد احتمالين :

١ ـ اما انهم متبعون أهواءهم ، حيث قال ربنا : «بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ».

٢ ـ أو لأنهم اتبعوا اشخاصا بعينهم شذوا بهم عن سبيل الله.

والمشكلة الأهم ليس تفرقهم فحسب ، بل هم مغرورون بمكتسباتهم ، وكل حزب فرح بما حقق من مكتسبات وانتصارات.

وهذه الآية تكشف طبيعة التحزب الّذي هو الغرور بما يملكه الشخص أو التجمع من حطام الدنيا ، دون التوكل على الله ، والفرح بما يؤتيه عباده الصالحين من فضله.

وحين يعتمد البشر على غير الله يكله الله الى نفسه فيخسر الدارين أرأيت كيف أخذ يقلب كفيه على ما أنفق على حقوله الزراعية ، ذلك المغرور الّذي نصحه صاحبه ان يقول ما شاء الله ، فرفض ، أو رأيت قارون حين أبى نصيحة قومه إذ قالوا له : لا تفرح ، كيف خسف الله به وبداره الأرض؟!

كذلك الذين يفرحون بما لديهم من اموال وأنصار فيفرّقهم هذا الغرور عن بعضهم ، ويبعدهم عن دينهم ، ويلحقهم بالمشركين وهم يحسبون ان مكتسباتهم الدنيوية دليل صدقهم ، بينما هم الأخسرون أعمالا.

[٣٣] متى يعرف البشر انه على حق ، أم على باطل؟

ان ربنا يعطينا مقياسا وجدانيا ذاتيا ، ففي حالات الضر والاضطرار هنالك

٥٩

ينسى كل الآلهة المزيفة التي كان يعبدها ، ينسى هواه ويتجه بقلبه الى ربه.

(وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ)

ولكن ..

(ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ)

وهذه مشكلة الإنسان انه ينسى ساعات الحرج التي مربها ، ولا عذر للإنسان ان يقول : لم اعرف الله. بلى. قد عرفت حين الحاجة ، فقد توجهت آنذاك الى الله.

ونجد في الآية التعبير ب «مسّ» و «أذاقهم» وهما يدلان على أدنى الاحساس ، ويعكسان بالتالي طبيعة البشر الجزوع ، وكيف انه بمجرد ان يمسه ضر يجأر الى ربه ، ثم بمجرد ان يذيقه طعم رحمته ينكفئ ويشرك به.

والمفهوم من الآية ان الناس جميعا يتوجهون الى ربهم عند ما يحسون خطرا ، بينما بعضهم فقط يشركون بربهم عند النعمة.

وفي الآية هذه علاج حالة التحزب ، حيث ان الذين فرقوا دينهم إنما فرحوا بما لديهم ، واغتروا بما يملكون من ثروة أو سلطان ناسين نعم الله عليهم ، وكيف انه سبحانه ملجأهم الأخير حين تتقطع بهم السبل ، وتضيق عليهم مذاهب الدنيا ، هنالك ينسون محاورهم الحزبية ، وانتماءاتهم المختلفة ، ويتجهون الى ربهم العزيز المقتدر.

(٣٤) وهؤلاء الذين يشركون فور إحساسهم بالنعمة ، ويفرحون بما لديهم من نعم ظاهرة فيتبعون الأنداد ، ويتحزبون لبعضهم غرورا بما يملكون ، انهم يكفرون

٦٠