من هدى القرآن - ج ١٠

السيّد محمّد تقي المدرّسي

من هدى القرآن - ج ١٠

المؤلف:

السيّد محمّد تقي المدرّسي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار محبّي الحسين عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-5648-12-0
ISBN الدورة:
964-5648-03-3

الصفحات: ٥٠٤

بحر المشاكل الحياتية. أليس كذلك؟

بينما المؤمن يرى كل شيء وكأنه ينظر اليه لأول مرة ، فاحساسه المرهف يجعله أبدا كالقائد العسكري الذي يستعرض جيشه اللجب في يوم عيد ، كذلك المؤمن ينظر إلى الطبيعة من حوله وقد سخرت له كما ينظر ذلك القائد إلى جنده العظيم ، انه يعيش أبدا كما لو ولد الآن أو جاء من كوكب بعيد ، قلبه بريء ، ونظراته عميقة ، وفطرته نقية.

أرأيت الذي يزور ـ لاول مرة ـ حديقة الحيوان في لندن أو معرضا الكترونيا في باريس ، أو مصنعا عظيما في اليابان ، أو ناطحة سحاب في شيكاغو أو مترو موسكو ، أو أهرام مصر؟

هكذا حال المؤمن أبدا في الحياة بينما غيره يشبه الذي يزور غرفة نومه لا يرى فيها جديدا.

والسؤال : ما الفرق بينهما؟

الجواب : أولا : قلب المؤمن صاف بينما الناس يعيشون هموما كثيرة ، كما أن أكثرهم يعيش العقد والسلبيات.

ثانيا : المؤمن يعلم ان كل شيء قائم بالله ، ولو لا فضل الله المتوالي ، وعطاؤه المستمر ، وتدبيره وسلطانه لما قام شيء ، ولا بقيت نعمة ، ولا دام نظام ، لذلك فهو يتعامل مع الأشياء وكأنها جديدة ومثله في هذا التعامل مثل من يعطيه الملك كل يوم مأة درهم من دون استحقاق وهو يعيش عليها ، وانه متى ما شاء منعه منه في أي يوم ، فتراه يستلم كل يوم عطاءه بوجد وفرح ، ولعل هذا الإحساس هو مصدر الشكر عند المؤمن فاذا به يسبّح ربه بكرة وعشيا ، وفي المساء وعند الظهيرة ، لان

١٦١

استمرار وجوده أساسا عند هذه الساعات نعمة. أو ليس هناك البعض الذي عاش صباحا وكان عند المساء تحت التراب ، أو امسى حيا ولكنه حرم رؤية الشمس في اليوم التالي وإلى الأبد.

ان المؤمن يملك من الثقة برحمة الله ما يجعله قادرا على التخطيط المستقبلي ، ولكنه في الوقت ذاته ينظر إلى الخليقة نظرة بعيدة عن الجمود والتحجر ، فيخشى زوال النعم في اية لحظة ، ويسعى أبدا لإبقائها ، وقلبه بذلك وصّى لقمان ابنه قائلا له :

«يا بني! خف الله عز وجل خوفا لو أتيت القيامة ببر الثقلين خفت ان يعذبك ، وارج الله رجاء لو وافيت القيامة بإثم الثقلين رجوت ان يغفر الله لك»

«فقال له ابنه : يا ابه! كيف أطيق هذا ولي قلب واحد؟»

«فقال له لقمان : يا بني لو استخرج قلب المؤمن يوجد فيه نوران ، نور للخوف ونور للرجاء ، لو وزنا لما رجح أحدهما على الآخر بمثقال ذرة»

«ثم قال له : يا بني! لا تركن إلى الدنيا ولا تشغل قلبك بها ، فما خلق الله خلقا هو أهون عليه منها ، الا ترى انه لم يجعل نعيمها ثواب المطيعين ، ولم يجعل بلاءها عقوبة للعاصين؟!» (١)

ثالثا : ترى أغلب الناس يلبسون نظارات مختلفة الألوان ، وينظرون من خلالها إلى الأشياء ، فلا يرونها على حقيقتها. ان الثقافات البشرية والتفسيرات المادية التي تبث إلى القلوب هي بمثابة عدسات ملونة لا تدع نور الحقائق يغمر القلب.

__________________

(١) نور الثقلين / ج (٤) / ص (١٩٩).

١٦٢

بينما نظرات المؤمن مباشرة لا تمر بقنوات التفسيرات المادية. انه ينظر ببراءة الطفل إلى الحقائق ، ولذلك فان نظراته نافذة إلى العمق ، فاذا نظر إلى حركة الفلك وما في السموات والأرض من نعم نفذت بصيرته إلى الخالق الذي سخرها للإنسان.

وانما يبلغ المؤمن هذه الدرجات بالقرآن. أنظر إلى التعبير القرآني هنا وكيف يجعلنا نرى الخليقة بواقعية :

(أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ)

انها رؤية مباشرة ، وبلا عقد ، ولا جمود ، ولا نظارات من الثقافات الجاهلية.

ثم يقول :

(وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ)

كما يسبغ المقاتل على نفسه درعه المتناسب مع جسمه ، أو يسبغ الواحد منا ثيابه المقدرة له على جسده ، وهكذا النعم تحيط بنا ولكن بقدر ودون زيادة مضرة أو نقصان.

(نِعَمَهُ ظاهِرَةً)

كنعمة الحياة ، ونعمة العافية ، ونعمة الأمن ، ونعمة الطعام.

(وَباطِنَةً)

كنعمة الأعضاء التي لا ترى (القلب الكبد والكلية والاعصاب و. و.) ونعمة الوقاية من أنواع المكاره والاخطار ، ونعمة الهداية إلى الحق ، وولاية أئمة الهدى عليهم السلام.

١٦٣

وهناك حديث مفصل يتلو علينا نعم الرب ، وقد رأينا إثباته هنا لأن هذه السورة هي سورة الشكر فيما يبدو لنا ، وعلينا ان نربي قلوبنا عليه أو ليس الشكر أساس الحكمة؟!

الحديث مأثور عن الامام الباقر (ع) انه قال :

حدثني عبد الله بن عباس ، وجابر بن عبد الله الانصاري قالوا : أتينا رسول الله (ص) في مسجده في رهط من أصحابه فيهم أبو بكر وأبو عبيدة وعمر وعثمان وعبد الرحمن ورجلان من قرّاء الصحابة ـ إلى قوله حاكيا عن رسول الله (ص) ـ وقد أوحى إلى ربّي جل وتعالى أن أذكركم بالنعمة وأنذركم بما اقتص عليكم من كتابه وأملى «وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ» الآية ثم قال لهم : قولوا الآن قولكم ، ما أول نعمة رغبكم الله وبلاكم بها؟ فخاض القوم جميعا ، فذكروا نعم الله التي أنعم عليهم ، وأحسن إليهم بها من المعاش والرياش والذرية والأزواج إلى سائر ما بلاهم الله عز وجل من أنعمه الظاهرة ، فلما أمسك القوم أقبل رسول الله (ص) على عليّ (ع) فقال : يا أبا الحسن قل فقد قال أصحابك ، فقال : وكيف بالقول فداك أبي وأمي وانما هدانا الله بك! قال : ومع ذلك فهات قل ما أول نعمة أبلاك الله عز وجل وأنعم عليك بها؟ قال : ان خلقني جل ثناؤه ولم أك شيئا مذكورا ، قال : صدقت ، فما الثانية؟ قال : ان أحسن بي إذ خلقني فجعلني حيّا لا مواتا ، قال : صدقت ، فما الثالثة؟ قال : ان انشأني ـ فله الحمد ـ في أحسن صورة ، وأعدل تركيب ، قال : صدقت ، فما الرابعة؟ قال : ان جعلني متفكرا ، راعيا ، لابلها ساهيا ، قال : صدقت ، فما الخامسة؟ قال : ان جعل لي سرا عن ادراك (٢) ما ابتغيت بها ، وجعل لي سراجا منيرا ، قال :

__________________

(٢) كذا في النسخ ولا تخلو عن التصحيف وفي البحار (ج (٧٠) ص (٢١)) قال : «ان جعل لي شواعر ادراك ما ابتغيت ..» الحديث.

١٦٤

صدقت ، فما السادسة؟ قال : ان هداني الله لدينه ، ولم يضلّني عن سبيله ، قال : صدقت ، فما السابعة؟ قال : ان جعل لي مردّا في حياة لا انقطاع لها ، قال : صدقت ، فما الثامنة؟ قال : ان جعلني ملكا مالكا لا مملوكا ، قال صدقت ، فما التاسعة؟ قال : ان سخر لي سماءه وأرضه وما فيهما وما بينهما من خلقه ، قال : صدقت ، فما العاشرة؟ قال : ان جعلنا سبحانه ذكرانا قواما على حلائلنا لا إناثا ، قال : صدقت فما بعدها؟ قال : كثرت نعم الله يا نبي الله فطابت «وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها» فتبسم رسول الله (ص) وقال : ليهنئك الحكمة ليهنئك العلم يا أبا الحسن فأنت وارث علمي والمبين لامتي ما اختلفت فيه من بعدي ، من أحبك لدينك وأخذ بسبيلك فهو ممن هدي الى صراط مستقيم ، ومن رغب عن هواك وأبغضك وتخلاك (٣) لقى الله يوم القيامة لا خلاق له (٤)

ويبقى سؤال : لماذا سخر الله كل ذلك للإنسان؟ هل بقوته المادية؟ كلا .. لأن السموات والأرض والجبال أقوى منه.

أم بقوت سمعه؟ كلا .. لأن الكلب أفضل سمعا منه.

أم لحدّة نظره؟ فالصقر أحدّ نظرا منه.

كلا .. ان قوة الإنسان التي جعلها الله يسخر بها ما في السموات والأرض ، تكمن في العقل والعلم الذي أنعم به الله عليه ، فلما ذا اذن نترك العلم الذي يهدينا الى عبادة الله ، ونتبع الجهل الذي يقودنا الى غيره؟!

ان الإنسان مطالب بتلك الصفة التي جعله الله بها يسير المخلوقات بان يكون سيد العابدين ، إلّا أن هناك حجبا تستر عنه نور العقل من بينها :

__________________

(٣) تخلّاه ومنه وعنه : تركه.

(٤) نور الثقلين / ج (٤) / ص (٢١٣ ـ ٢١٤).

١٦٥

١ ـ الجدال : وهو من الناحية اللغوية يعني اللف والدوران ، وفي الاصطلاح : هو الكلام بهدف التهرب من الحقيقة ، والمجادل هو الذي يرى الحقيقة ولكنه لا يريد الخضوع لها.

(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ)

حتى يبلغ الإنسان للحقيقة يجب ان يتبع أحد الطرق الثلاث :

أـ ان يتبع علما كما لو كان يرى مصباحا أمامه ، وهذا هو العلم بالشيء مفصلا.

ب ـ ان يتبع الهدى ومثال ذلك أن يهتدي لوجود المصباح عبر رؤية النور المنبعث منه ، وهذا ما يسمى بالعلم المجمل.

ج ـ ان يتبع الكتاب المنير ، وهو معرفة الحقائق بالواسطة ، كما لو أخبر إنسان آخر بوجود المصباح في مكان ما ، وكان ذلك الإنسان مورد ثقة ، أو أخبره كتاب صدق ، ولأن هؤلاء المجادلين لا يتبعون هذه السبل السليمة فإنهم لا يهتدون للحقيقة.

(٢١) ٢ ـ تقديس الآباء : حيث يترك الإنسان الهدى لأنه يتعارض مع اعتقادات آبائه ويعالج القرآن هذه العقدة النفسية التي تمنع عن الهدى وذلك ببيان واقع اتباع الآباء ، وانه ليس بدافع صالح كما يصوره الشيطان ، حيث يوحى الى أوليائه ان تقديس الآباء نوع من الوفاء لهم ، وأداء لحقهم. كلا .. ان اتباعه ليس سوى ضلالة.

١٦٦

(وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا)

والملاحظ ان الأجيال اللاحقة تتبع الجوانب السلبية في تراث الأولين ، والقرآن يخالف المقاييس الجاهلية في تقييم الأشياء ، لان الإنسان الذي يتميز بالعقل ينبغي له ان يتبع المقاييس الصحيحة ، وهي العلم أو الهدى أو الكتاب ويستنكر عليهم ذلك قائلا :

(أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ)

فهل تذهب مع الآباء حتى لو كانت طريقتهم تنتهي الى النار؟

(٢٢) قد يشعر الإنسان بنعم الله عليه ، ومن ثم يرى نفسه مسئولا عن أداء الشكر له عليها ، ولكن يقف متسائلا : كيف يمكن لي ذلك؟ ونجيبه عد الى القرآن واقرأ :

(وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ)

بان يخضع له خضوعا مطلقا ، وبكل ما يملكه من الطاقات المادية والمعنوية ، ولكن اي خضوع ذلك الذي تدعو الآية الإنسان اليه هل هو الخضوع الذي يدعوه الى السكون والخمول؟

بالطبع كلا .. انما تدعو إلى ذلك الخضوع المليء بالنشاط والحركة فصاحبه من جانب يتوجه إلى الله بكلّه ، ومن جانب آخر يتفجر إحسانا وعطاء لعباد الله في سبيله.

وإذا وصل الإنسان إلى هذه الدرجة من الكمال ، بأن تصبح علاقته مع الله

١٦٧

علاقة تسليم وخضوع ، ومع الناس علاقة إحسان وعطاء.

(فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى وَإِلَى اللهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ)

فمن جانب يكون هذا الإنسان قد تمسك بخطّ واضح وسليم في الدنيا فحظى بالسعادة ، ومن جانب آخر فانه سيرجع إلى الله ليجازيه على شكره بتسليمه له وإحسانه للعباد.

ولعل تأكيد القرآن في آيات عديدة بان التسليم لله هو التمسك بحبله المتين ، وبالعروة الوثقى يهدف إلى علاج عقدة مستعصية عند البشر هي عقدة الخوف من المخلوقات ، هذا الخوف الذي يدفعه نحو الخضوع للمخلوقين والشرك بالله العظيم ، بينما الرب يؤكد بأن من يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى ، وانه لا أمان للإنسان الا بالتوحيد الخالص.

التسليم لله ـ في الواقع ـ لا يتحقق من دون التسليم للقيادة الشرعية المتمثلة في أئمة الهدى ، والرضا بولاية من أمر الله بولايتهم.

(٢٣) (وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا)

وما دام الأمر كذلك فلما ذا يحزن الإنسان نفسه ، هل لان الآخرين على خطأ؟! وإذ ينهى الله عن هذا الحزن فلأن المؤمن لو ادام حزنه على كفر الكفار فلربما يجره هذا الحزن شيئا فشيئا إلى طريقهم المنحرف ، فلكي لا يقع المؤمن في خطأ فظيع كهذا يوجهه الله إلى ضرورة تجنب الانفعال النفسي كما يفعله الآخرون.

(إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ)

١٦٨

فلا تخفى عليه خافية ، وانما خصص بالذكر «الصدور» بالذات لأن عمل الإنسان يخضع إلى مقياسين :

الاول : مقياس ظاهري مثل كثرة العمل وقلته ، وعظمته وحقارته.

الثاني : مقياس باطني ، وهو نية العمل.

وإذا زعم الإنسان أنه قادر على خداع الناس بظاهر عمله ، فلا يظن بأنه يخفي عن ربه شيئا وهو العليم بذات الصدور.

(٢٤) بلى. هناك بعض المكاسب الظاهرة لمثل هؤلاء ، ولكنهم هم الخاسرون أخيرا لأن عاقبتهم النار.

(نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ)

(٢٥) يتلو علينا القرآن عشرة أسماء لربنا الكريم ، وببلاغة نافذة يستثير الذكر وجدان البشر بذكر الآيات التي تشهد على تلك الأسماء الحسنى.

ولعل مناسبة الحديث عنها التذكرة بمفردات الشكر. أو ليس بداية الشكر معرفة المنعم؟ وكيف نعرف الله أو ليس بأسمائه؟!

على ان القرآن ذاته تذكرة بالله ، ويهدف ترسيخ دعائم الايمان في القلب ، بيد أنه بالاضافة إلى هذا الهدف العام هنالك حكمة خاصة وراء كل ذكر لله ولاسمائه وآياته ، تتعلق بالموضوعية الخاصة ، مثلا : هنا يجري الحديث عن الشكر ، ولا بد ان يجري حديث عن صاحب النعمة ، لأن الشكر لا معنى له من دون معرفة من نشكره ، وهكذا كل الحقائق تتصل مباشرة بمعرفة الله وأول أسمائه تكشف عن أعظم نعمة علينا وهو الخلق.

١٦٩

(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ)

انها الفطرة التي يشترك الناس فيها ، وحتى المشركون يعترفون بان الله خالق كل شيء الا انهم يخشون غيره ، ويشركون به لجهلهم بان الله الفعال لما يريد.

وما دام الجميع يعترفون بأن نعمة الخلق وهي أصل سائر النعم من الله فالحمد كله لله ، وعلينا ان نحمده بكل معاني الحمد.

(قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ)

ولعلنا نستوحي من هذا السياق ان الحمد بداية الشكر ، وأول كلمة في القرآن بعد البسملة هو الحمد ، لقد كان النبيّون والأئمة والصديقون يفتتحون حديثهم بحمد الله والثناء عليه.

(بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ)

فهم يحمدون المربوبين ولا يعلمون ان الحمد كله لله. أو ليست النعم جميعا منه؟! أو ليس الناس انما يعملون الحسنات بحوله وقوته ، فان استحقوا حمدا فبما خوّلهم من نعمه؟!

ويبقى السؤال : لماذا يكفرون بالله وهم يزعمون بأنه خالق السموات والأرض؟

ان هذا التناقض نابع من ذات البشر ، وسبحان الله ان يكون مصدرا لهذا التناقض ، فله الحمد في السموات والأرض ، ومن له الحمد ليس ناقصا البتة. كلا .. فآياته مبثوثة في الأنفس والآفاق ، فلا ينكره من ينكر لقلة الآيات ، ولا حجة لهم عليه فقد أركز في أفئدتهم معرفته بالفطرة.

١٧٠

بلى. ان جهلهم الذاتي ، وظلمهم ، وتراكم العقد النفسية على قلوبهم هو مصدر التناقض بين اعترافهم بالخالق وبين عدم شكرهم له.

(٢٦) لان الله هو الخالق فهو المالك ومن هو أعظم ملكا ممن خلق ولا يزال يتصرف في خلقه بما يشاء ، دون أن يسأله أحد عما يفعل.

(لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)

فهو المالك الحق ، أما الناس فإنهم إنما يملكون الشيء بقدر تمليكه وفي حدود منحهم صلاحية التصرف تكوينا وتشريعا.

(إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)

ومن الناس من يملك ـ بحول الله وقوته ـ ملكية محدودة فيسيء التصرف فيه فهو غني غير حميد ، بينما الله حميد في غناه لأنه يفعل الخير وما يستوجب الحمد والشكر.

والملاحظ : ان خاتمة الآية تكريس لفكرتها ، كما أن فاتحتها شاهدة على خاتمتها. فان من يملك السموات والأرض هو الغني لأنه المالك لهما ، وهو الحميد لأن كل النعم مصدرها السموات والأرض ظاهرا ، فلنحمد خالقهما بدل ان نحمد من يملك جزء منهما.

(٢٧) وربنا العزيز المقتدر ، لأنه السلطان القاهر فوق عباده ، المهيمن على حركة السموات والأرض ، والقائم بنظامهما ، وتصدر كلماته النافذة (كن فيكون) بما لا تحصى عددا في كل ساعة ولحظة ويهبط قضاءه الحتم في كل حدث صغير أو كبير ، حتى الورقة الواحدة التي تسقط في غابة كثيفة أيام الخريف انما

١٧١

تسقط بعلم الله وأمره وكلمته ، وما تزداد الأرحام وما تغيظ انما هو بعلم الله وقضائه وإمضائه ، وحركة جزئيات الذرة داخل عالمها الصغير العظيم ، ومكونات الخلية المتواضعة والعظيمة ، وخلجات الفكر ، ونبضات الاعصاب و. و.

وهذه هي العزة. أو ليست العزة هي تجليات القدرة ، وتطبيقات المالكية؟! ان التصوير القرآني للعزة الالهية بالغ الروعة ، ورائع البلاغة ، ولعمري ان هذا التصوير ذاته تجلّ لعزته بما يحمل من شواهد تطبيق القدرة ، وتجليات تحقيق الهيمنة في عالم الكلمة المقروءة.

تدبر في هذه الكلمات وفكر. أليس الأمر كذلك؟!

(وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ)

لا تحضرني الآن احصائية تقريبية لعدد أشجار الأرض المنتشرة في الغابات الكثيفة والحقول الواسعة في أنحاء الأرض ، ولكن لا ريب انها هائلة العدد ، وإذا عرفنا أن الشجرة الواحدة تصبح مئات الألوف من الأقلام ، وأن القلم لا يستهلك بسهولة عند الكتابة ، لعرفنا ماذا تعني هذه الأقلام من العدد.

(وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ)

اي تكون بحار الأرض التي تتصل ببعضها حتى تصبح بحرا واحدا تغمس فيه تلك الأقلام ثم يكتب ببلله مدادا.

(مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ)

والسبعة تعبير عن الكثرة ، والسؤال إذا كانت ثلاثة أرباع الكرة مغطاة بالبحار التي سماها الرب بحرا واحدا فكم هي سعة الأبحر السبعة الاخرى؟!

١٧٢

(ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ)

وكيف تنفذ كلمات الله التي لا تحصى ، والتصوير القرآني أهمل ذكر الدفاتر لعله لان أفق تفكيرنا يعجز عن تصور القرطاس الذي يمكنه ان يستوعب ما يمده البحر ، ويكتبه هذا العدد الضخم من الاعداد ، أليس كذلك؟!

(إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ)

وكيف لا يكون عزيزا من لا يستوعب ذلك الحشد من الأقلام كلماته (أو قضاؤه وإمضاؤه).

وقد ذهب بعض المفسرين إلى ان معنى الكلمات العلوم ، والواقع ان علم الله ليس مما يخضع للاحصاء فانه قديم لا يعزب عنه مثقال ذرة ، ولكن المعلومات هي التي تعد والكلمات هي المعلومات.

وخاتمة الآية تشهد بالتفسير الذي اخترناه للكلمات.

(حَكِيمٌ)

فعزة الله المتجلية في سلطانه ، وسعة أبعاد قضائه وإمضائه تتّصف بالحكمة ، حيث انه سبحانه يحكم بالعدل ويقضي بالحق ، ولا يتخذ من لدنه لعبا ولا لهوا ، بل لكل كلمة يلقيها هدف معلوم ، وأجل مسمى.

١٧٣

ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ واحِدَةٍ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٢٨) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٢٩) ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٣٠) أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آياتِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٣١) وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ

___________________

٢٩ [يولج] : ينقص من النهار ليزيد على الليل أو يدخل ليلة كل يوم في نهاره.

٣٢ [غشيهم] : علاهم وغطّاهم.

[كالظلل] : الظلل جمع ظلّة ، وهو ما أظلك كالسحاب والجبال.

١٧٤

فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (٣٢) يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ (٣٣) إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (٣٤))

___________________

[مقتصد] : عدل في الوفاء في البر عما عاهد الله عليه في البحر.

[ختّار كفور] : الختر أقبح الغدر.

١٧٥

إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ

هدى من الآيات :

هل أن الأصل في الحياة الكمال أم النقص؟ العدم أم الوجود؟ فإذا كان الأصل هو الكمال ، فان كل نقص يطرأ على الكون يخالف انتظارنا وتوقفنا ، وإذا كان العكس ، فان من واجبنا الشكر لله على كل اضافة جديدة.

حسبنا عودة إلى الوراء توضح لنا الأمر ، حيث أننا لم نكن شيئا مذكورا بالأمس ، وأن الكمالات قد أضيفت لنا شيئا فشيئا ، فصرنا إلى القوة بعد الضعف بقدرة الله ، وبعد الجهل إلى المعرفة برحمته.

هكذا كان العدم مهيمنا علينا من كل جانب وصوب ، فمنّ علينا ربنا بنعمة الخلق ، وأسبغ علينا من نعمه الظاهرة والباطنة ، حتى أن كل ذرأت كياننا المادي والمعنوي هي نعم إلهية علينا ، فلما ذا نكفر ونتكبر ونطغى ونحن نعلم بأن هذه النعم لن تكون الا إلى فترة يسيرة ، وانها عرضية تزول عند ما يقرر الإنسان ان لا يشكر ربه

١٧٦

عليها ، أو حينما يكتب الله لها الزوال.

ويتجلى الفرق بين الإنسان الذي يتصور بان الكمال هو الأصل في ذاته ، وبين الآخر الذي يعرف انه لم يكن شيئا ، انما خلقه الله شيئا ثم أضاف اليه من نعمه ، يتجلى الفرق في الصفات بين الصبّار الشكور والختار الكفور ، لأن كلا هذين الموقفين منطلق من إحدى النظرتين السابقتين ، فمن يتصور بأن الأصل هو الكمال لا يرى ضرورة للشكر أو الصبر ، لأنه سيعتبر ذهاب النعمة من بين يديه شذوذا لا يطاق ، بينما يشكر الآخر ـ الذي يعتقد بان الأصل هو النقص والعدم ـ عند النعم ، ويستفيد منها في تكامله ، ويصبر عند البلاء لأنه يعتبر النعمة حينذاك أمانة استرجعها الله ، وهذا الايمان يجعله يحير في مهرجان الرضا بقضاء الله والتسليم بقدره ، أما الكفور فاذا مسه الخير تراه منوعا ، أما إذا مسه الشر فهو جزوع ، يدفعه شعوره الدائم بالنقص (الحقارة) الى التفتيش عن إضافات توصله إلى الكمال ، دون التفكير في الوسيلة السليمة ودون معرفة.

ومن أجل ان نخلق في أنفسنا صفة الصبر والشكر ، يدعونا القرآن إلى التفكر في أنفسنا في الكون ، بحثا عن الحقيقة العظمى فيه ، وهي معرفة الله ، والإنسان غالبا ما يفكر في مخلوقات الله بذاتها ، دون ان يقوده تفكره فيها إلى معرفة ربه وهذا منهج خاطئ ، والقرآن الكريم يوسع أفقنا ويأخذ بأذهاننا إلى ما وراء الحياة الدنيا ، ويعطي لنا منهجا ينتهي في كل اتجاه إلى معرفة الله ، ذلك أن هذه المعرفة تعطي الإنسان نظرة سليمة إلى هذه الحياة ، في سرائها وضرائها ، وفي ظاهرها وباطنها.

بينات من الآيات :

(٢٨) ويمضي السياق قدما في تذكرة المؤمنين بأسماء ربهم وإتمام الحجة على الناس جميعا ، ويبين لهم جانبا من قدرة الله ، بعد أن صوّر لهم جانبا من عزته

١٧٧

وحكمته ، وذلك ببلاغة نافذة ، أرأيت كيف هدانا إلى عظيم عزته بأن كلماته لا تحصى؟ هكذا يهدينا إلى قدرته ولطف تدبيره بأنه يخلق الناس جميعا كما لو يخلق نفسا واحدة ، ثم يبعثهم كما لو يبعث نفسا واحدة. أرأيت كيف يقرب إلينا حقيقة قدرته ولطفه واحاطته بالأشياء خبرا!

(ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ)

ثم يذكرنا بضرورة خشيته ويقول :

(إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)

يسمع ما نقوله ، ويرى ما نصنعه ، وهذا يدعونا إلى تحمل مسئولية كلامنا وأعمالنا.

(٢٩) ان الله جعل الشمس والأرض في حركة دائمة ، من خلالها يحدث الليل والنهار وتتغير الفصول.

(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ)

والتعبير القرآني «يولج» دقيق جدا من الناحية العلمية ، إذ يشير إلى الحركة الفصلية على مدار السنة ، فاذا ولج الليل في النهار ـ دخل فيه وأخذ منه ـ حتى إذا تعادلا صار الربيع ، وهكذا يستمر دخوله في النهار حتى يصير أطول منه فيحيل الفصل شتاء ، ثم يمتد النهار شيئا فشيئا ـ يلج في الليل وينتقص منه ـ الى ان يصير أطول منه فيكون الفصل صيفا.

وكما أن للإنسان وسائر المخلوقات أجلا مسمى ، فان للشمس والقمر أجلا مسمّى ، مما يدل على ان الشمس والقمر لم يكونا شيئا في يوم من الأيام ـ تماما

١٧٨

كالإنسان ـ وهذا يهدينا إلى انهما يجريان إلى نقطة الصفر في النهاية ، وإلى وجود خطة وتدبير لهما من قبل الله عز وجل.

(وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى)

عند الله ، وقد ثبت في العلم الحديث أن الشمس والقمر وسائر الكواكب والنجوم الاخرى في طريقها إلى الانتهاء.

(وَأَنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)

(٣٠) ما ذا ترى حولك في الخلق ، أو لست ترى سماء مبنية بغير عمد ، محبوكة من دون اي فطور ، وأرضا مدحية ، والليل والنهار يختلفان عليها ، وكل شيء فيها بمقدار ، فالى ما تهديك كل تلك الحقائق؟ أو ليس إلى رب مقتدر دائم الملك ، دائم القدرة ، لا يحد علمه شيء ، ولا يبلي سلطانه الزمن ، ولا يزيل عزته تنافس ، ولا يمتنع عن قهره أحد ـ سبحانه ـ ذلك هو الله الحق ، الثابت بلا تغيير ، الدائم بلا زوال ، المعطي بلا نفاد ، القاهر بلا نصب.

(ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُ)

اما الآلهة التي تعبد من دون الله فهي الزائلة. أرأيت كيف تغيب الشمس ، ويأفل القمر ، وينفجر النجم ، أو ما تبصر اختلاف الليل والنهار وكيف يبليان كل جديد ، ويقضيان على كل سلطان؟! فمن أراد أن يتمسك بالعروة الوثقى ، ويعتمد على السند القوي ، ويدخل في حصن منيع فعليه بتوحيد الله الحق.

(وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ)

الذي لا ثبات له ولا استمرار.

١٧٩

(وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُ)

الذي تعالى عن صفات المخلوقين ، فلا زوال ولا اضمحلال ، ولا نفاد ولا تحديد ، ولا نقص ولا عجز ، ولا سنة ولا نوم سبحانه.

(الْكَبِيرُ)

قدرته واسعة ، وعلمه محيط ، ورحمته شاملة ، ومنّه قديم ، وفضله عميم ، وآياته في كل أفق ، وشهادته أكبر شهادة. فلا شيء في الحياة الا بتدبير منه سبحانه.

وهناك علاقة بين دعوة الله لنا في أول الآيات إلى النظر في الكون ، ودعوته لنا في آخرها إلى النظر في سلوكنا ، عند ما يخبرنا بأنه محاط بعلم الله ، وتحت سمعه وبصره ، وتتلخص هذه العلاقة في ضرورة انعكاس نظرتنا إلى الكون على سلوكنا في الحياة ، كما تسوقنا الآية إلى حقيقة التوحيد في هذا الكون ، إذ تهدينا إلى أن الرب الذي يولج الليل في النهار ، والذي سخر الشمس والقمر هو الذي يدبر الإنسان ويرعاه ، فيعلم ما يعمل ، ويحاسبه ويجازيه عليه.

(٣١) (أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللهِ)

الفلك هي السفن التي كانت تحركها الرياح ، وذلك بنعمة الله ورحمته ، إذ بعث هذه الرياح واجرى السفن التي عبرها جعلت الرياح في خدمة الإنسان.

وبما أن الهدف الأسمى من نعم الله على الإنسان تكامل روحه ومعنوياته ، فقد قال الرب :

(لِيُرِيَكُمْ مِنْ آياتِهِ)

١٨٠