من هدى القرآن - ج ١٠

السيّد محمّد تقي المدرّسي

من هدى القرآن - ج ١٠

المؤلف:

السيّد محمّد تقي المدرّسي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار محبّي الحسين عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-5648-12-0
ISBN الدورة:
964-5648-03-3

الصفحات: ٥٠٤

فخشية الرسول من تبليغ بعض بنود الرسالة لم تكن على نفسه ، إنّما على الناس ان يكفروا به وبها.

(فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها)

اي لما تمتع بها زيد فترة من الوقت ثم طلقها زوجها الله رسوله. وكانت زينب تفتخر على سائر زوجات الرسول بأنّ الله هو الذي زوجه منها وبنص القرآن ، أمّا الهدف من وراء ذلك فهو كسر العادة الجاهلية ، ورفع الحرج عن المؤمنين في الزواج من مطلقات أبنائهم بالتبني.

(لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً)

ولأنّ البعض ربما يتصور بأنّ هذا القضاء سوف يفشل بسبب تعارضه مع العرف الاجتماعي ، أكّد ربنا بأنّ أمور الحياة بيده وليست بيد الناس ، وأنّه قادر على إجراء ما يريد.

(وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً)

فمع ان بعضا من أمور الحياة خوّلها الله للإنسان ، إلّا أنّ مسيرتها العامة بيده ، يفعل ما يشاء ، ولهذا قال الامام علي (ع):

«عرفت الله سبحانه بفسخ العزائم ، وحلّ العقود ، ونقض الهمم» (٤)

(٣٨) ثم يؤكد القرآن بان القيادة الرسالية ليست هي التي تنسى الدنيا من

__________________

(٤) نهج البلاغة / ص (٥١١) / ج (٢٥٠).

٣٤١

أجل الآخرة ، أو تنسى ضرورات الحياة ، فالرسل ـ وهم قادة الناس ـ بشر فرض الله عليهم أن يعيشوا كسائر البشر حياة تجمع العقل والحاجة ، ولا يمكن لأحد أن يتجاوز هذا الفرض لكونه قائدا ، ثم يدّعي بأنّ ذلك من ضرورات الرسالة ، لأنّ :

«من لا معاش له لا معاد له»

وأئمة المتقين هم الذين يطلبون من الله أن يهبهم أفضل الأزواج والبنين ، في الوقت الذين يطلبون أن يجعلهم أئمة للمتقين (رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً) (٥)

وهذا هو السلوك المتكامل للقيادة ، والذي يجعلها أسوة للآخرين ، وهو سلوك القادة الرساليين من الأنبياء ، والأوصياء ، والأولياء عبر التاريخ ، وهو دليل على نوع الرسالة التي يدعون الناس إليها.

إنّ الحياة الفاضلة هي التي تدعو إليها الآية الكريمة : (وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا) (٦) ولا يمكن للقائد أن يتضخّم فيه جانب على حساب الجانب الآخر ، لأنّ الناس آنئذ لن يتبعوا هذه القيادة ، لأنّ التمتع بالدنيا كما التطلع للآخرة قضية يقرّها العقل البشري.

إذن لا داعي للحرج ، وذلك لأسباب هي :

أوّلا : إنّ زواجه من زينب واجب مفروض عليه من قبل الله ، كما أنّه من نفع الرسول لذلك جاء التعبير ب «له» وليس عليه.

__________________

(٥) الفرقان / (٧٤).

(٦) القصص / (٧٧).

٣٤٢

(ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ)

ثانيا : إنّ التمتع بالدنيا الى جانب السعي للآخرة ليس جديدا على الأنبياء والقيادات الرسالية ، إنما هو سنة جرت بها الحياة.

(سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ)

ثالثا : لا بدّ أن نعتقد ـ نحن المؤمنين ـ بأنّ أوامر الله حكيمة ودقيقة ، وهذا يبعثنا نحو التسليم لقضائه ، وهكذا كان واجبا على الرسول الخضوع لفرض الله عليه. ونهايات الآيات التي هي مفاتيح لمعرفة إطارها العام ، تهدينا إلى حكمة الله وانه جعل كل شيء بقدر وحساب ، ولو أنّ الرسول ترك متع الدنيا التي فرضها الله له ، باعتقاد أنّ الآخرة هي الأهم ، لخرجت حياته من التوازن ، فلا بد أن يستجيب لأوامر الله ، فالدّين ليس شيئا يصنعه الإنسان بفكره البسيط ، إنّما يجب ان يتبعه كما هو ، وفي الحديث :

«إنّ الله يحبّ أن يؤخذ برخصة (المباحات) كما يحبّ أن يؤخذ بعزائمه (الواجبات)» (٧)

وحينما أقسم عثمان بن مظعون أن يصوم الدهر نهره الرسول ، وقال له :

«ولكن صم يوما وأفطر يوما»

(وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً)

(٣٩) ثم إنّ صاحب الرسالة والذي يريد ان يكون مبلّغا لها بين الناس ، يجب أن يضع في حسابه معارضة الناس له ولرسالته ، وبالتالي عليه أن يتجاوزهم ولا

__________________

(٧) مستدرك وسائل الشيعة / ج (١) / ص (١٨).

٣٤٣

يخشاهم ، فيدع ما فرض الله له ، أو يترك واجبا من واجباته خوفا منهم ، كما يجب عليه أن يتوقع الضغط عليه من قبل الآخرين ، ومن ثم يستعد لمواجهة هذه الضغوط التي أهونها الدعايات السيئة والعزلة من قبل المجتمع أو السجن والتعذيب أو التهجير من قبل السلطات الفاسدة ، لأن الاستقامة أمام ذلك سوف تنتهي به في الدنيا الى أهدافه وهي الهداية والتغيير ، وفي الآخرة إلى روضات الجنّات.

(الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ)

أمّا من أين يستمد الإنسان الرسالي روح الاستقامة؟ انما من خشية الله التي يقاوم بها إرهاب الناس وضغوطهم ، وأيضا من التوكل عليه الذي يجبر به ضعفه ، وأهم معاني التوكل على الله ـ والذي هو من جوانب العظمة في الإنسان الرسالي ـ العمل لله وتحمل كل شيء في سبيله ، ثم احتسابه عنده ، فهذا يزيده استقامة ومضيا على طريق الرسالة ، والإمام الحسين (ع) حينما ذبح سهم حرملة ولده علي الأصغر تقوّى على المصاب عند ما أعتبره طريقه لرضى الله قال :

«هون علي ما نزل بي انه بعين الله»

(وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً)

فالمؤمن الحقيقي لا يبحث عن مصالحه ولذاته من الرسالة ، بل يبحث عن طرق تحقيقها حتى لو كلفه ذلك الكثير ، بلى. مستعد لتبليغها ، ولو خسر سمعته ومكانته الاجتماعية والسياسيّة وغيرها.

٣٤٤

ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (٤٠) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً (٤١) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٤٢) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً (٤٣) تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً (٤٤) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (٤٥) وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً (٤٦) وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً (٤٧) وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ وَدَعْ أَذاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (٤٨)

٣٤٥

وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً

هدى من الآيات :

ينقسم السياق في هذا الدرس إلى شطرين ، يدعونا شطره الأول الى ذكر الله وتسبيحه وبالتالي الى المزيد من المعرفة بربنا عز وجل ، ويبين لنا شطره الثاني عبر كلمات بسيطة في ظاهرها ، وعظيمة ومركزة في معناها جانبا من صفات الرسول القائد ، لو تدبرنا فيها لانفتحت لنا أبواب المعرفة بشخصيته العظيمة ، وما أحوجنا نحن المسلمين الى هذه المعرفة.

والعلاقة بين الموضوعين تبينها الآية الكريمة (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ، وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً) فمعرفة الرسول ، والاقتداء به لا يمكن إلّا للإنسان المؤمن والعارف بالله ، لان الرسول جاء من عند الله ، وكلما ازداد الإنسان معرفة بربه ازداد معرفة بنبيه ، وفي الدعاء «اللهم عرفني نفسك فانك إن لم تعرّفني نفسك لم أعرف نبيك ، اللهم عرفني نبيك فانك ان لم

٣٤٦

تعرفني نبيك لم أعرف حجتك ، اللهم عرفني حجتك فانك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني»

اذن معرفة الله مفتاح لكل المعارف الأخرى ، ولعله لذلك جاء في الحديث «أول الدين معرفته» (١)

ولان هذا الدرس يعرفنا بصفات الرسول الأكرم (ص) كان لا بد أن يذكرنا بالله أولا ، لذلك وجدنا أول السياق دعوة إلى ذكر الله وتسبيحه ، بينما يخوض نهايته حديثا عن صفات النبي ، وقد نعته القرآن بأنه شاهد ، فما هو الشاهد؟

كما يتحرك لسان الميزان ليحدد الوزن فان الشاهد هو ميزان المجتمع ، والرسول برسالته وبحياته مقياس يتعرف به الإنسان على ما إذا كان هو على الحق أو على الباطل.

ولكن الرسول ليس شاهدا بسلوكه وحسب ، انما يبشر من يعمل الخير بالجزاء الحسن ، كما يحذر الذي يعمل السيئات من عاقبة السوء ، كما انه يدعو الناس إلى ربهم وما يقربهم إليه ، وأكثر من ذلك يوضح لهم الطريق ، ويبرمج لهم الحياة فهو شاهد ، ومبشر ، ونذير ، وداع إلى الله ، وسراج منير.

والذي يجمع هذه الصفات كلها هي استقامة الرسول ، والاستقامة هي عدم الخضوع لأيّ ضغط أو شهوة ، الأمر الذي يصعب على الإنسان بما فيه من جهل وغرائز وشهوات إحرازه لو لا تنزيه الله وعصمته ، ولهذا نقرأ في نهاية الدرس خطاب الله لرسوله : «وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ».

__________________

(١) نهج البلاغة / ج ١ / ص ٣٩

٣٤٧

بينات من الآيات :

(٤٠) من طبيعة الرسالة الالهية انها لا تفرق بين إنسان وآخر إلّا بمقياس التقوى ، ورسول الله يجسد هذه الرسالة ، فهو لا يجعل بينه وبين الآخرين علاقة أرفع من الرسالة ، ومع أن للرسول أولادا هم (قاسم ـ طيّب ـ طاهر ـ إبراهيم) إلّا ان الله ينفي أبوته لاي رجل منهم ، لماذا؟ هل لأنهم (كما ذكر البعض) ماتوا قبل أن يبلغوا مبلغ الرجال ، ولم يكن الحسن والحسين (عليهما السلام) حين نزول الآية ببالغين أيضا ، فلم ينف الذكر سوى أبوته لزيد الذي دعي لوقت أنه ابن محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أم لما هو أشمل من هذا وهو نفي العلاقة المادية بين الرسول وبين أمته كالتي زعمها اليهود في علاقتهم بموسى ، وحسبوا أنها وحدها كافية لشرفهم وكرامتهم عند ربهم ، بل ونجاتهم من جزاء أعمالهم المنكرة ، فجاءت الآية تحصينا للأمة الاسلامية من تسرب هذه الفكرة الشيطانية إلى صفوفهم.

ويبدو ان الاجابة الأولى ظاهر الآية وتفسيرها ، والثانية باطنها وتأويلها ، وكلاهما صحيح ، بلى ان الرسول سمى نفسه أبا لهذه الأمة حين قال : «أنا وعلي أبوا هذه الأمة» (٢) ولكن الواضح ان مراده ليس الأبوة المادية بل المعنوية التي تفوق تلك بدرجات ، ولذلك كان الشطر الثاني من الآية هذه يكرس العلاقة المعنوية بين الرسول وأمته.

وهذا يعني أنّ الصفة الأساسية للرسول ليست أبوته انما رسالته ، فلا يمكن لأحد أن يدّعي بنوّته للرسول وبالتالي تميزه عن الناس بها ، انما يتميز الإنسان بخضوعه للنبي واتباعه لرسالته.

وإذ ننسب فاطمة وأبناءها (عليهم السلام) بأنهم أبناء الرسول وأهل بيته فليس

__________________

(٢) بحار الأنوار / ج ٦٩ / ص ٢٤٣

٣٤٨

ذلك فقط لقرابتهم الاجتماعية منه ، انما لتجسيدهم قيمه ورسالته في الحياة مما جعلهم أبناءه قلبا وقالبا ، روحيّا وجسديّا.

(ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ)

وهذا نفي للعلاقة المادية المجردة ، بينما الشطر الثاني من الآية إثبات للرسالة والعلاقات المنبثقة منها.

(وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ)

وفي تفسير الرسول لهذه الآية : قال جابر بن عبد الله الانصاري ، قال النبي (ص) : «انما مثلي في الأنبياء كمثل رجل بنى دارا فأكملها وحسنها إلّا موضع لبنة ، فكان من دخلها فنظر إليها قال : ما أحسنها إلّا موضع هذه اللبنة!! قال (ص) : فأنا موضع اللبنة ، ختم بي الأنبياء». (٣) وهذا يعني ان الكيان الرسالي غير مكتمل من دون الرسول.

وفي نهاية الآية الكريمة يؤكد الله على احاطته علما بالأشياء ، فما هو معنى ذلك ، وما علاقته بما قبله؟

حينما نراجع آيات القرآن حول الطبيعة نجدها تحدثنا عن النمو والتكامل ، فالسماوات والأرض وعموم الطبيعة انما وصلت لهذه الصورة من الكمال عبر مراحل ، قال تعالى : (اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) (٤) وهذه الآية تكشف لنا طبيعة النمو البشري ، وان البشرية منذ خلق الله آدم عليه السلام ، إلى أن بعث النبي الأكرم (ص) كانت في مسار تكاملي ، وان

__________________

(٣) نور الثقلين / ج ٤ / ص ٢٨٥

(٤) السجدة / ٤

٣٤٩

الرسالات كانت تنسخ بعضها بعضا ، وتهيمن على التي قبلها لأسباب من أهمها التكامل ، حتى جاءت الرسالة المحمدية خاتمة لكل الرسالات ، لأنها في آخر المراحل ـ وهذا من معاني الإحاطة ـ فلم يكن بدعا ، ولا خلافا للحكمة أن يبعث الله رسوله الأكمل في آخر مرحلة.

(وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً)

ولعل خاتمة الآية تشير أيضا إلى أن الله ضمّن رسالته الخاتمة كل ما احتاجته وتحتاجه حياة البشرية حتى قيام الساعة ، وذلك لإحاطته علما بكل ما قد يقع ، وكيف يقع ، وما هي حاجة الناس عند ما تتطور حياتهم. أو ليست البشرية تتطور في اطار سنن الله التي لا تتبدل ولا تتغير ، أو ليس الله عليما بتلك السنن التي أجراها؟! بلى. ولذلك جعل رسالته الخاتمة مهيمنة على تلك السنن.

(٤١) وحتى يعرفنا الله بهذا الرسول العظيم يعرفنا بنفسه أولا ، وذلك حين يدعونا لذكره.

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً)

لان أجل الإنسان مستور عنه ، ولا يعلم أي خاطرة أو كلمة أو حركة تكون هي خاتمة حياته ، فلعل خاطرة الانحراف ، أو كلمة الخبث ، أو حركة السوء تكون نهاية المطاف ، فتهوي به سبعين خريفا في النار ـ كما يقول الرسول (ص) ـ وهكذا يجب عليه أن يستقيم على الحق بقلبه ولسانه وجوارحه وذلك بذكر الله ، الذي يعني اتصال قلب الإنسان بربه عز وجل ، قال الامام الصادق (ع) : «ما ابتلي المؤمن بشيء أشد عليه من ثلاث خصال يحرمها ، قيل وما هي؟ قال : المواساة في ذات يده ، والإنصاف من نفسه ، وذكر الله كثيرا ، أما اني لا أقول : سبحان الله

٣٥٠

والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر ، ولكن ذكر الله عند ما أحل له ، وذكر الله عند ما حرم عليه» (٥)

وما يدري البشر ان فكرة شيطانية واحدة تسبّب دماره. أو ليس إبليس بدأ الكفر بفكرة جالت في خاطره حينما قال : لو انصفني الله لكنت أنا شيخ الملائكة وسيدهم ، فأخرج الله كبره عند ما امتحنه بالسجود لآدم (ع)؟!

وفي خطبة للإمام علي (ع) في المبادرة إلى صالح الأعمال أكّد على هذه الفكرة إذ قال : «فاتقوا الله عباد الله ، وبادروا آجالكم بأعمالكم ، وابتاعوا ما يبقى لكم بما يزول عنكم ، وترحّلوا فقد جدّ بكم ، واستعدوا للموت فقد أظلّكم ، وكونوا قوما صيح بهم فانتبهوا ، وعلموا ان الدنيا ليست لهم بدار فاستبدلوا ، فان الله سبحانه لم يخلقكم عبثا ، ولم يترككم سدى ، وما بين أحدكم وبين الجنة أو النار إلّا الموت أن ينزل به» (٦)

(٤٢) ثمّ تؤكد الآيات على ضرورة استمرار الصلة بين العبد وربه.

(وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً)

ففي كل يوم ينبغي للإنسان أن يفتتح حركته وانطلاقته بذكر ربه ، ويختتمها بذلك أيضا ، ولعل في الآية تأكيد على صلاة الصبح وفرضي المغرب والعشاء ، وان أبرز أهدافها ربط الإنسان في أول اليوم وآخره بخالقه عبر التسبيح.

وإذا كان ظاهر التسبيح هو قول : «سبحان الله» فان باطنه ومحتواه هو ما تهدف إليه هذه الكلمات من رفع الإنسان عن حضيض الشرك إلى سماء التوحيد

__________________

(٥) نور الثقلين / ج ٤ / ص ٢٨٧

(٦) نهج البلاغة / خ ٦٤ / ص ٩٥

٣٥١

والقيم ، فليس صادقا في تسبيحه من يلفظ هذه الكلمات ولكنه يقدّم شهواته على القيم ، أو يطيع الآخرين بمعصية الله ، أو يحاول الخلط بين الحق والباطل ، ضغثا من هذا وضغثا من ذاك.

(٤٣) ولا شك ان ذكر الله وتسبيحه سوف يستتبع جزاء من عند الله (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ) (٧) وهذا الجزاء يتمثل في أعظم صورة في الهداية الإلهية للإنسان من الظلمات إلى النور ، مما يؤكد بأن الهدف من الذكر هو الهداية ، وأنها ـ أي الهداية ـ تحصل من مجموع أمرين هما : سعي الإنسان (ذكره وتسبيحه) وصلة الله له بالتوفيق والرحمة.

(هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً)

والظلمات هي الجهل والعجز وسائر الصفات السلبية ، بينما النور ما يخالفها ، وهذا من رحمة الله بالمؤمنين.

ما هي صلاة الرب؟

ما هي الصلاة؟

قال علماء اللغة : ان لها معنيين : أحدهما النار وما أشبهها من الحمّى ، والآخر جنس من العبادة. (٨)

ولكن يبدو ان هناك علاقة بين الصلاة والصلة في الاشتقاق الكبير ، فيكون الاصطلاء بالنار هو الاقتراب منها أو الاتصال بها ، ومنها قولهم : حليت العود

__________________

(٧) البقرة / ١٥٢

(٨) ابن فارس : معجم مقاييس اللغة / ج ٣ / ص ٣٠٠

٣٥٢

بالنار ، وهكذا يشترك المعنيان ، لان معنى الصلاة يكون التعطف وهو نوع من الصلة بين العبد وربه.

وجاء في تفسير البصائر :

الخامس : قيل : أريد بالصلاة هنا العناية بحال المؤمنين ، وذلك لأن الصلاة في الأصل : التعطف ، لأن المصلي يتعطف في ركوعه وسجوده ، فاستعير لمن يتعطف على غيره حنوّا وترؤفا.

ولذلك قيل : إن الصلاة من الله تعالى الرحمة ، ومن الملائكة الاستغفار ، ومن الناس الدعاء.

ثم أضاف قائلا : وعلى الخامس (وهو ما ذكرنا آنفا) جمهور المفسرين وهو المروي. (٩)

وجاء في الحديث المأثور عن الامام الصادق (عليه السلام) انه قال : «الصلاة من الله عز وجل رحمة ، ومن الملائكة تزكية ، ومن الناس دعاء» (١٠)

وهكذا نستوحي من كلّ ذلك ان لكلمة «الصلاة» معنى واحدا هو الترؤف ، والتعطف ، والمزيد من العناية ، والتوجّه.

وهذا المعنى مشترك بين العبد وربه ، فالله سبحانه يتعطف على المؤمنين بالمزيد من الرحمة ، وعلى العباد أن يتعطفوا على رسولهم بطلب التعطف من الله له (وهو الدعاء) أما الملائكة فهم من جهة يستغفرون ربهم للمؤمنين ، ومن جهة ثانية يقومون

__________________

(٩) تفسير البصائر / ج ٣٢ / ص ٢٢٨

(١٠) نور الثقلين / ج ٤ / ص ٣٠٣

٣٥٣

بدور مباشر في نشر رحمة الله لهم.

وهكذا نجد ان خاتمة الآية تدل على معنى الصلاة من الله على المؤمنين.

(لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ)

من شحّ الذات ، والجهل ، والعجز ، والسلبيّة ، والحقد ، والبغضاء إلى رحاب الحق ، والمعرفة ، والإرادة ، والأمل ، والمحبّة ، والسلام.

(وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً)

(٤٤) هذا عن رحمة الله بالمؤمنين في الدنيا ، أما في الآخرة فان أبرز تجليات رحمة الله بهم تكون في أمرين :

الأول : السلامة ، تحيّة من الله لهم ، (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) (١١). وقال تعالى : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ) (١٢) وهذه التحية بالاضافة إلى معناها الظاهر وهو قول : (السلام عليكم) فانها تعني السلامة الجسدية من النقص العضوي والصحي ، والسلامة الروحية من الرذيلة والصفات السلبية ، والسلامة الاجتماعية ، والاقتصادية وهكذا ، وبالتالي الكمال في سائر جوانب الحياة ، ذلك ان التحية هي طلب الحياة ، ويتبادل المؤمنون التحية بالسلام ، اشارة إلى طهارة القلوب وصفائها.

(تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ)

الثاني : الجزاء الكريم.

__________________

(١١) الرعد / ٢٣ ـ ٢٤

(١٢) الحجر / ٤٥ ـ ٤٦

٣٥٤

(وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً)

لماذا يقول الله : (وَأَعَدَّ لَهُمْ)؟

لعل حكمة ذلك تكمن في أن الإعداد يدل على التدرج ، مرحلة بعد مرحلة ، وشيئا بعد شيء ، مما يوحي على أن هذا الأجر نتيجة لأعمال المؤمنين الصالحة التي هي الأخرى صارت بالتدريج ، فكلما عمل الإنسان خيرا أضاف إلى رصيده وزنا بقدره ونوعيته ، ويصف الرب الأجر بأنه كريم والكريم يعني أمرين :

الأول / ان الأجر جزيل جدّا ، لأن المعطي كريم ، ومن صفات الكريم انه يعطي الأجر أكثر مما هو مستحق ، فكيف إذا كان المعطي هو الله وهو أكرم الأكرمين؟

الثاني / ان هذا الأجر يكون خالصا من الإذلال الذي يمسّ بكرامة الإنسان.

(٤٥) ثمّ يؤكد القرآن للرسول دوره في الحياة ، وما دام القرآن وفي هذه السورة بالذات أكّد كون الرسول أسوة حسنة للمؤمنين فإننا نستوحي من هذه الآية دور المؤمنين أيضا.

(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً)

والشاهد : هو الدليل عليه ، فشاهد القول : الدليل عليه ، وشاهد القضاء : هو الدليل على الحادثة ، وحينما يسمي القرآن الرسول شاهدا فذلك يعني أنه (ص) دليل وميزان بسلوكه الحسن ، يهدي الإنسان إلى معرفة نفسه وموقعه من الحق.

(وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً)

٣٥٥

مبشرا للمؤمنين بالجنة ، ومنذرا للعاصين بالنار.

(٤٦) ولكن الرسول لا يكتفي بذلك وحسب ، انما يسعى وبشتّى الوسائل الشرعية الممكنة لدعوتهم للحق.

(وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ)

ولا يمكن لأحد أن يسمي نفسه داعيا إلى الله إلّا إذا أكمل نفسه ، وصيرها من حزب الله ، ثمّ اذن الله له في ذلك إذنا مباشرا عبر الوحي كالأنبياء والأوصياء ، أو غير مباشر من خلال القيم الإلهية ، فربما يتصور الإنسان انه يدعو الناس إلى الله ، ولكنه في الواقع يدعوهم إلى الشيطان.

وعن رسول الله (ص) لما سئل عن سبب بعض تسمياته قال : «أما الداعي فاني ادعو الناس إلى دين ربي عز وجل ، وأما النذير فاني أنذر بالناس من عصاني ، وأما البشير فاني أبشر بالجنة من أطاعني» (١٣)

والرسول كما الشمس في المنظومة ، يمثل مركز الإشعاع المعنوي عبر الأجيال. أو ليس ينبعث منه نور الوحي إلى الحياة؟!

(وَسِراجاً مُنِيراً)

كما ينبعث إلى كلّ أفق ، كذلك تشمل معارف القرآن ، وأحكام الشرع ، وتعاليم الرسول كلّ نواحي الحياة ، ومن هنا نستوحي من كلمتي (سِراجاً مُنِيراً) المناهج المفصلة في رسالة النبي وسيرته.

فالرسول ليس يدعو إلى الله ، ويبشر وينذر فحسب ، انما يضع أمامنا المناهج

__________________

(١٣) علل الشرائع / ج ١ / ص ١٢٧

٣٥٦

التفصيلية التي تقربنا إلى الله ، وتنتهي بنا إلى الجنة ، وتبعدنا عن النار.

والسؤال : لماذا لم يكتف السياق بكلمة سراج ، بل قال : (سِراجاً مُنِيراً)؟

انما قال ذلك ليؤكد صفة الإشعاع المستمر في شخصية الرسول ، فقد يكون السراج متقدا ، وقد ينطفئ ، بينما النبي يبقى منيرا يضيء أبدا حتى بعد وفاته ، لأن إشعاعه إنما هو برسالته وسيرته وهما باقيتان عبر الدهور.

(٤٧) وتجاه هذه الرسالة التي يحملها الرسول ومن يتبعه إلى الناس هناك موقفان :

الأول : الايمان والتسليم والذي ينتهي بأصحابه إلى الفلاح في الدنيا والآخرة ، ولا بدّ للرسالي أن يبشر من حوله بهذه النتيجة.

(وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً)

(٤٨) الثاني : العصيان بالكفر والنفاق ، وتجاه هؤلاء يجب على الرسول الاستقامة أمام ضغوطهم ، بل يجب عليه أن لا يغضب عليهم ، أو يحمل في نفسه الحقد ضدهم ، ذلك أنه ينبغي للرسالي أن يكون قلبه قطعة من الرحمة والنور حتى مع أعدائه.

وهذا نبي الرحمة (ص) وقد طرده الكفار والمشركون من بكّة ، وبعدها من الطائف يقف وقد أدمت الأحجار قدميه ، فيجول ببصره إلى السماء ثمّ يقول : «اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون» ثمّ لما عاد إلى مكة منتصرا لم يفكر في الانتقام ، بل قال كلمته المشهورة : «اذهبوا فأنتم الطلقاء» وهذه هي الاستقامة الحقيقية ، أن يستقيم الإنسان حتى في عاطفته.

٣٥٧

(وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ وَدَعْ أَذاهُمْ)

أما من أين يستمد الرسالي روح الاستقامة؟ فذلك من توكله على الله ، أما لو اعتمد على نفسه أو على الآخرين فانه لن يستطيع ذلك.

ومن الملاحظ : ان القرآن يأمر بالتوكل عند ما يأمر بالسلم مع الأعداء ، أو الصبر عليهم ، أو ترك أذاهم ، أو ما أشبه ، كقوله تعالى : (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ).

ولعل السبب هو ان المبادرة بالاعتداء على الآخرين تأتي ـ عادة ـ من الخوف منهم ، ومن يتوكل على الله لا يخاف ، ولذلك لا يعتدي على أحد ، بل لا ينتقم منهم حتى لا يشكلوا خطرا حقيقيّا عليه.

(وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً)

وعند ما يدعو القرآن الرسول إلى التوكل على الله لا يكتفي بالقول : «وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ» إنما يتبع ذلك بقوله : «وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً» وذلك حتى لا نعتقد بامكانية الخلط في التوكل بين الله والآخرين ، ففي الوقت الذي نرفع فيه شعار الإسلام نعتمد على الغرب أو الشرق ، كلا .. ففي الله الكفاية.

٣٥٨

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلاً (٤٩) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللاَّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللاَّتِي هاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (٥٠) تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ

___________________

٥٠ [أفاء الله عليك] : أعطاك من الغنيمة والأنفال.

٣٥٩

مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَلِيماً (٥١) لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً (٥٢) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَما كانَ

___________________

٥١ [ترجي] : الإرجاء هو التأخير والمراد منه تبعد عن نفسك من تشاء من أزواجك.

[وتؤوي] : الإيواء ضم القادر غيره ، والمراد منه بأن تقربها إلى نفسك.

٥٣ [غير ناظرين إناه] : أنى الطعام يأني إذا بلغ درجة النضج أي غير منتظرين نضجه وطبخه.

٣٦٠