من هدى القرآن - ج ١٠

السيّد محمّد تقي المدرّسي

من هدى القرآن - ج ١٠

المؤلف:

السيّد محمّد تقي المدرّسي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار محبّي الحسين عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-5648-12-0
ISBN الدورة:
964-5648-03-3

الصفحات: ٥٠٤

الله ويستهزأ بها؟

والجواب : إنّ للإنسان في داخله قوة تبريرية ، تبرّر لضميره فعل السيئات ، فقد يرى ـ مثلا ـ يتيما يمسك قطعة خبز يأكلها ، فيسلبها منه ، ويأخذها عنوة ، ثم يشعر بوخز الضمير ، وعتاب الوجدان ، فيعمل على تبرير عمله ، بمجموعة من الأعذار المعلّبة ، فيقول مثلا : أولا : أنا جائع واليتيم ليس بجائع ، ثانيا : الناس يعطون اليتيم ولا يعطونني ، ومن الذي يقول بأن اليتيم ليس بسارق للخبزة ، وإلّا لما أكلها بعيدا عن الأنظار؟! وأخيرا : من الذي يدّعي بوجود العطف على اليتيم؟! وشيئا فشيئا تتبدّل قيم هذا الإنسان حتى يصدّق قناعاته الجديدة ، فهذا الذي عمل الذنب بدافع الغريزة ـ الجنس ، الجوع ، الخوف .... ـ يفعل الذنب بعدئذ بدافع التعوّد على الذنب نفسه ، فيصبح مجرما محترفا.

وهكذا كان نمرود وفرعون وسائر المستكبرين ، فهم لم يدّعو الالوهيّة من أوّل يوم ، بل استدرجهم الشيطان حتى أنساهم ذكر الله ، وأصبحوا كذلك يكذّبون بآياته ، ويستهزءون بها .. من هنا يجب على الإنسان أن يحسب حساب الخطوة الأخيرة حينما يقرر اتباع الشيطان في الخطوة الأولى ، يقول الله تعالى :

(ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ)

السوأى : مؤنّث الأسوء ، أي كانت عاقبتهم أسوء عاقبة.

ونعوذ بالله فهذا البشر الضعيف الحقير المستكين المحتاج ليس فقط يكذب بآيات الله ، بل ويستهزأ بها.

٢١

اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١١) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (١٢) وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ (١٣) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (١٤) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (١٥) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ (١٦) فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (١٨)

___________________

١٢ (يُبْلِسُ) : الإبلاس الياس من الخير ، وقيل : هو التحير عند لزوم الحجة.

٢٢

فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ

وَحِينَ تُصْبِحُونَ

هدى من الآيات :

المجرمون لا يعرفون الحقيقة إذ تحتجب عنهم فلا يرونها ، أو لا يرونها بوضوح كاف ، لأنّ قدرة الإنسان التسويليّة ـ حسب تعبير القرآن ـ تظلّ تزيّن له أفعاله السيئة حتى تسلب عقله ولا يكتشف الحقيقة إلّا بعد فوات الأوان ، وعند ما يموتون أو ينزل بهم عذاب حينها يستيقظون من غفلتهم ، ويعرفون أنّه كان بإمكانهم أن يصبحوا من أهل الجنة فصاروا من أهل النار.

وفي ذلك اليوم يتفرّقون ، ويتميّز المؤمنون عن المجرمين ، أمّا المؤمنون فهم في روضات يحبرون ، بينما يلقى المجرمون في النار ، ونتساءل : كيف يمكن للإنسان الخروج من دائرة الجريمة التي يرتكبها ، إما بسبب ضغط شهواته وأهوائه ، أو بضغط الآخرين كالمجتمع والطاغوت ، ويتخلّص من الآثار التي تتحوّل بمرور الوقت إلى حجاب غليظ يحجبه عن الحقيقة.

الجواب نجده في الحديث المروي عن أمير المؤمنين (ع) حيث قال وهو يوصي

٢٣

أصحابه بالصلاة :

«أرأيتم إلى الحمّة تكون على باب الرجل فهو يغتسل منها في اليوم والليلة خمس مرّات ، فما عسى أن يبقى عليه من الدرن؟!» (١)

فالصلاة تغسل ذنوب البشر ، ولهذا السبب يذكّرنا ربّنا سبحانه في آخر هذا الدرس بأوقات الصلاة.

بينات من الآيات :

(١١) لكي لا يسترسل الإنسان في ارتكاب السيئات فتنتهي به إلى العاقبة السوءى يذكّره الربّ سبحانه بالساعة ، حين يقدم الناس للحساب بين يدي الله العليم القدير.

وبإيجاز بليغ يبيّن السياق الحجّة على الساعة : أو ليس الله قد بدأ الخلق؟ فهو إذا يعيده كما بدأه ، وهنا لك يرجع الناس اليه للحساب.

(اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ)

أي يعيد الخلق بعد الفناء.

(إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)

يعني حين تعودون فإنّكم تعودون إليه.

ويحتمل أن يكون معنى «ثم يعيده» أي يطويه بالفناء ، كما نشره بالخلق ، ثم اليه يرجعون بالخلق من جديد.

__________________

(١) نهج البلاغة / ج (١٩٩) / ص (٣١٦ ـ ٣١٧).

٢٤

(١٢) وحين الرجوع إلى الله ماذا سيكون مصير المجرمين؟

في ذلك اليوم يلوذ المجرمون ـ الذين طالما برّروا بألسنتهم الحادّة جرائمهم ـ إلى الصمت البائس ، لأنّ الحزن الناشئ من اليأس قد أحاط بقلوبهم.

(وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ)

جاء في القاموس : أنّ المبلس من لا خير عنده أو عنده بلاس ، وفي مفردات الراغب : الإبلاس الحزن المعترض من شدّة اليأس ، ولمّا كان المبلس كثيرا ما يلزم السكوت ، وينسى ما يعنيه ، قيل : أبلس فلان إذا سكت ، وإذا انقطعت حجّته.

وربما السبب في سكوت المجرمين الناشئ من حزنهم ويأسهم هو : إنّ الله لا يترك لأحد حجّة يوم القيامة ، وقد بيّنت الأحاديث التالية جانبا من احتجاج الربّ لعباده يوم القيامة ، مما يفحم المجرمين والمذنبين.

١ ـ عن المفيد ، عن ابن قولويه ، عن محمد الحميري ، عن أبيه ، عن هارون ، عن ابن زياد قال : سمعت جعفر بن محمد (ع) ـ وقد سئل عن قوله تعالى : «فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ» ـ فقال :

«إنّ الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة ، عبدي أكنت عالما؟ فإن قال : نعم ، قال له : أفلا عملت بما عملت؟ وإن قال : كنت جاهلا ، قال له : أفلا تعلمت حتى تعمل؟ فيخصم ، فتلك الحجة لله عز وجل على خلقه» (٢)

٢ ـ وروى معاوية بن عمار قال : سمعت أبا عبد الله (ع) يقول :

إنّ الرجل منكم ليكون في المحلّة فيحتج الله يوم القيامة على جيرانه فيقال لهم : ألم يكن فلان بينكم؟ ألم تسمعوا كلامه؟ ألم تسمعوا بكاءه في الليل؟

__________________

(٢) بحار الأنوار / ج (٧) / ص (٢٨٥ ـ ٢٨٦).

٢٥

فيكون حجة الله عليهم (٣)

٣ ـ وروى عبد الأعلى مولى آل سام قال : سمعت أبا عبد الله (ع) يقول :

«يؤتى بالمرأة الحسناء يوم القيامة التي قد افتتنت في حسنها فتقول : يا ربّ حسّنت خلقي حتى لقيت ما لقيت ، فيجاء بمريم (ع) فيقال : أنت أحسن أو هذه؟ قد حسّناها فلم تفتتن ، ويجاء بالرجل الحسن الذي قد افتتن في حسنه ، فيقول : يا ربّ حسنت خلقي حتى لقيت من النساء ما لقيت ، فيجاء بيوسف (ع) فيقال : أنت أحسن أو هذا؟ قد حسّنّاه فلم يفتتن ، ويجاء بصاحب البلاء الذي قد أصابته الفتنة في بلائه فيقول : يا ربّ شددت عليّ البلاء حتى افتتنت ، فيجاء بأيوب (ع) فيقال : أبليّتك أشد أو بلية هذا؟ فقد ابتلي فلم يفتتن» (٤)

(١٣) (وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ)

يشفعون لهم حيث تسقط آنئذ تلك التصوّرات بأنّ الشركاء سيشفعون لهم. والشريك هو الذي يظن البشر أنّه كما الله قادر عليم وغير ذلك ، بيد أنه عند ما يشرك الإنسان بالله فمن الطبيعي أن يتشبّث بالشركاء ، لأنه لا يترك ربّه الا بضغط من الشركاء ، سواء كان الطاغوت أم الهوى أم المجتمع ، وعموما كلّ من يستمدّ منهم الإنسان التشريعات ، فيحلّون له ويحرمون بغير هدى من الله.

ولكن ماذا عسى أن ينفعه الشركاء؟!

في ذلك اليوم الرهيب لا يقف أحد من الشركاء إلى جانب المجرمين للدفاع عنهم والشفاعة لهم.

__________________

(٣ ، ٤) بحار الأنوار / ج (٧) / ص (٢٨٥ ـ ٢٨٦).

٢٦

والواقع : إنّ فطرة الإنسان تهديه إلى أنّه ضعيف عاجز وبحاجة إلى من يركن إليه ، والشيطان يضلّه عن ربّه ، ويغويه إلى الشركاء ، ويزعم له أنّهم هم الركن الذي يمكنه الاعتماد عليهم ، فيحجبه بذلك عن ربّه ، وإذا سقط الشركاء عن عينه ، وعرف أنهم لا يضرّون ولا ينفعون سقط عنها حجاب كثيف كان يمنعه عن رؤية الحقّ ومعرفة الربّ.

وفي يوم القيامة يتبيّن للمشركين مدى ضلالة الاعتماد على الشركاء ، حيث لا يشفعون لهم ولا ينصرون.

وليس فقط لا ينفعونهم ، بل ويتبرّءون منهم ، وآنئذ فقط يعرفون أنّ ضغط الهوى والمجتمع والطاغوت لم يكن حقيقة بل وهما.

(وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ)

(١٤) (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ)

فريقان ، بعكس ما كانوا في الدنيا مختلطين.

(١٥) فريق في الجنة :

(فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ)

الروضة : هي المكان الذي تكثر خضرته وطيبه.

ويحبرون : (من أصل حبر) بمعنى نضرة النعيم في وجوههم. أو ليس تغمرهم حالة الرضا ، وتحيط بهم ألوان النعم ، فتنعكس على وجوههم انبساطا وبشرا؟!

وقد أوّلت الكلمة هذه بأمرين :

٢٧

الأول : الإكرام ، كما جاء في تفسير علي بن إبراهيم.

الثاني : التلذذ بالسماع ، كما روي عن رسول الله (ص) أنّه قال :

«ما من عبد يدخل الجنة إلّا ويجلس عند رأسه وعند رجليه ثنتان من الحور العين تغنيان بأحسن صوت سمعه الإنس والجن ، وليس بمزمار الشيطان ، ولكن بتمجيد الله وتقديسه» (٥)

وعن أبي الدرداء قال : كان رسول الله (ص) يذكّر الناس ، فذكر الجنة وما فيها من الأزواج والنعيم ، وفي القوم أعرابيّ فجثا لركبته وقال : يا رسول الله هل في الجنة من سماع؟ فقال (ص):

«نعم يا أعرابي ، إنّ في الجنة نهرا حافتاه الأبكار من كلّ بيضاء يتغنّين بأصوات لم تسمع الخلائق بمثلها قط ، فذلك أفضل نعم الجنة» (٦)

والغناء إشباع لحاجة الإنسان الروحيّة ، فبالإضافة إلى النعم المادية التي يتمتّع بها المؤمنون في الجنة كالأكل والشرب ، هناك نعمة معنوية وهي إشباع القلب ذكرا لله ومعرفة به وحبّا له ، وبالرغم من أنّ الصوت الحسن ليس كل اللّذة الروحيّة ، إلّا أنّه لو كان يحمل للإنسان فكرا وعلما ، وتذكيرا بالله ، وهدى يبلور القيم الحق ، آنئذ يكون لذة جسميّة ومعنويّة في نفس الوقت ، ولذلك جاء في الحديث السابق : أنّ السماع أفضل نعم الجنة حين تمجّد الحور الله وتقدّسنه.

وهكذا كانت أعظم لذات المؤمن في الدنيا الصلاة ومناجاة الله سبحانه ، يقول رسول الله (ص):

__________________

(٥) تفسير نور الثقلين / ج (٤) / ص (١٧١).

(٦) المصدر.

٢٨

«حبّب إليّ من الدنيا النساء والطيب ، وقرة عيني الصلاة» (٧)

وكان يقول (ص) لبلال حين يحين وقت الصلاة :

«أرحنا بالصلاة يا بلال»

وفي مناجات العارفين للإمام السجّاد (ع) يقول :

«إلهي فاجعلنا من الذين ترسّخت أشجار الشوق إليك في حدائق صدورهم ، وأخذت لوعة محبّتك بمجامع قلوبهم ، فهم إلى أوكار الأفكار يأوون ، وفي رياض القرب والمكاشفة يرتعون ، ومن حياض المحبّة بكأس الملاطفة يكرعون ، وشرايع المصافات يردون ، قد كشف الغطاء عن أبصارهم ، وانجلت ظلمة الريب عن عقائدهم ، وانتفت مخالجة الشك عن قلوبهم وسرائرهم ، وانشرحت بتحقيق المعرفة صدورهم ، وعلت لسبق السعادة في الزهادة هممهم ، وعذب في معين المعاملة شربهم ، وطاب في مجلس الأنس سرّهم» (٨)

(١٦) هذا عن حال المؤمنين في الجنة ، فما هو حال الذين كفروا؟!

(وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ)

فالمؤمنون يذهبون سراعا إلى الجنة ، أمّا الكافرون فإنّهم يساقون إلى النار سوقا ، ولأنّ الجنة تزلف إلى أهلها فهي أمامهم ، بينما تقرّب النار إلى الكافرين ، ويساقون إليها في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا.

__________________

(٧) الخصال / الشيخ الصدوق / ص (١٦٥).

(٨) الصحيفة السجادية المناجاة الثانية عشر.

٢٩

ولعلّ الآية تعالج مرضا روحيّا ، وتبريرا طالما يأوي إليه الجاحدون ، ألا وهو تكذيب لقاء الله ، حيث يزعم الكفّار أنّه بمجرّد تكذيب الساعة تسقط عنهم المسؤولية ، بينما القرآن يؤكّد أنّ هذا التكذيب بذاته جريمة يعاقب عليها الجاحدون ، فلم يوضع الحساب فقط لمن آمن بالساعة ، بل وأيضا لمن كذّب بها ، حيث أنّه ينال جزاء تكذيبه كما ينال جزاء جرائمه.

(١٧) (فَسُبْحانَ اللهِ)

إن أردت أن تكون من أصحاب الجنة ، لا من أهل النار ، فسبّح الله واحمده آناء الليل وأطراف النهار.

(حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ)

حين غروب الشمس وحين طلوعها.

(١٨) (وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)

ونحمده لما نرى من آياته في السموات والأرض.

(وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ)

عشيّا عند صلاة العصر ، وعند الزوال وقت صلاة الظهر ، وهذه مواقيت الصلوات الخمس التي ذكرت جميعا إلّا صلاة العشاء لقربها إلى ميعاد صلاة المغرب.

بلى. حين يتنفّس الصباح أو تودّع آخر أشعة الشمس الروابي ، وعند ما ينتصف النهار وفي وقت العشية ، تحدث تطوّرات على الطبيعة ، وفي نفس البشر ،

٣٠

تقتضي تسبيح الربّ ، لكي يطمئنّ الإنسان إلى خالقه الذي جلّ عن التغيّر ، والذي يهيمن على اختلاف الزمن.

إنّ تسبيح الله وحمده طرفي الليل ووسط النهار يمنع النفس من تقديس الطبيعة التي تعكس في هذه الحالات هيبتها عليها ، ومن الناس من يعبّر عن ذلك بالسجود للشمس والقمر ، وتقديس الأشجار والأحجار .. وإنّ تسبيح الله وحمده يتسع مع آفاق الخليقة حتى يشمل السموات والأرض ، فلا ينظر العارف بربّه إلى شيء إلّا ويتجلّى له الربّ بجلاله وجماله فيتوهّج فؤاده تقديسا وحمدا.

وقد عبرت الآيات هنا عن اتساع تسبيح الله وحمده عبر آنات الزمان وآفاق المكان ببيان رائع وإيجاز بليغ فقال : فسبحان الله ، وقال : وله الحمد. هكذا بصفة عامة دون أن يذكر ذاكر التسبيح وقائل الحمد ، لان كل شيء يسبّح له ويحمده ، وتسبيح الله وحمده هو مقتضى تحوّل الحالات بتدبير حكيم ، ذلك أنّ انتقال الوقت من المساء إلى النهار ومن النهار إلى المساء يعني وجود نقصا في الطبيعة ، فالطبيعة ليست ثابتة ، وإنّما هي متغيّرة ، فنستدلّ بهذا النقص على أنّ ربّها ومقدّرها ليس بناقص ، ولأنّ لكل متحرك ثابتا يحركه ، لذلك كل ما نرى في الطبيعة من نقص نسبح الله ، فالنقص في الطبيعة أمر حق ، وقد كان القدماء يستدلّون على الله بأنّ العالم متغيّر ، وكل متغيّر حادث ، وكل حادث يحتاج إلى محدث ، والمحدث هو الله. وجوهر هذا الاستدلال صحيح.

فالطبيعة أعجز من أن تخلق نفسها ، أو تديرها ، فلا بد لها من خالق مدبّر ، وهكذا استدلّ إبراهيم (ع) لما رأى أقول كلّ من الشمس والقمر والكوكب.

ونستوحي من الآية أنّ مواعيد الصلاة مرتبطة بتغيّرات الطبيعة لا بحسب الساعات ، كالساعة العاشرة مثلا ، لأنّ الساعة العاشرة ليست حدثا في الكون ،

٣١

ولكنّ الأوقات التي رسمها الله للصلوات مرتبطة بالظواهر الطبيعية التي تنعكس على النفس ، وتحتاج إلى رؤية سليمة للتعامل معها.

وكلمة أخيرة : إنّ لهذه الآيات فضلا كبيرا لما فيها من التسبيح والحمد لله ، ولذلك جاء في الحديث المأثور عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال :

«من قال ـ حين يمسى ـ ثلاث مرات : (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ)» لم يفته خير يكون في تلك الليلة ، وصرف عنه جميع شرّها ، ومن قال ذلك حين يصبح لم يفته خير يكون ذلك اليوم وصرف عنه جميع شره (٩)

__________________

(٩) نور الثقلين / ج (٤) / ص (١٧٢).

٣٢

يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ (١٩) وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (٢٠) وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٢١) وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ (٢٢) وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٢٣) وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٢٤)

٣٣

وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ

هدى من الآيات :

ذكرنا السياق بآيات الحمد والتقديس التي ترتسم على محيّا الخليقة مساء وصباحا ، وأنّى قلّبت وجهك في السموات والأرض بصرت تسبيحا لله وسمعت حمدا. وتأتي آيات هذا الدرس تبيانا لتلك الحقيقة من خلال واقع الإنسان نفسه ، حيث يخرج الله الحيّ من الميت والميّت من الحي ، ونرى من حولنا تقلّب الأشياء بين الحياة والموت ، لنهتدي إلى قدرة الربّ الواسعة ، ونؤمن بيوم البعث.

وحياة الإنسان ابتدأت بخلقه من التراب ، وانتشاره ـ بإذن الله ـ في الأرض ، وأعظم ما حفظ الله به نسل البشر الزواج حيث خلق الزوجين وجعل بينهما مودة ورحمة ، ومن أبرز سنن الحكمة التي نظّم بها حياة البشر فوق هذا الكوكب اختلاف السنة الناس وألوانهم (حسب الحاجات المتباينة والتي تتكامل في وحدة منسقة) ليتعارفوا ، ومن أهمّ النظم الحياتية التي أجراها الربّ لحفظ البشر المنام بالليل والنشاط من أجل الرزق (فسكون الليل يمهّد لحركة النهار ، والله يبارك

٣٤

فيها للبشر) ، ومن أعظم نعم الله على البشر التي حفظ بها حياته على البسيطة نعمة الماء الذي ينزله من السماء ، فيحيي به الأرض .. أو ليس كلّ ذلك آيات تهدينا إلى أسماء ربّنا الحسنى وإلى قدرته ورحمته وحسن تدبيره؟ بلى. ولكنّنا بحاجة إلى التفكّر والعلم والسماع والعقل حتى نهتدي بهذه الآيات إلى معرفة الربّ وصفاته.

بينات من الآيات :

(١٩) (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ)

آية الحياة أعظم آية يتعرف عليها الإنسان ، حيث أنّ الحياة تنبعث من الأشياء الميتة ، وربما تشير الآية الكريمة إلى حقيقة مهمّة يغفل عنها الإنسان عادة : فالحياة موجودة سواء في النطفة ، أو في الحبة الصغيرة ، ولكنّها من مجموعة أشياء ميّتة تنبعث وتتكامل ، فالأرض ميتة ، والاوكسجين ميّت ، والمواد الكيمائيّة ميّتة ، بل والغذاء من الأرض بالنسبة للنبتة أو من مجموع عدّة أشياء بالنسبة للحي ميّت أيضا.

كلّ هذه الأشياء الميتة تحيط بالنواة الحية داخل حبة الحنطة ـ مثلا ـ فتخرج منها نبتة كبيرة حيّة ، فربّنا سبحانه يخرج هذا الحي من الميّت ، والعكس صحيح ، فعند ما يموت الإنسان الحي هل تنتهي حياته؟ كلّا .. بل تبقى ، ولكن تنفصل الحياة عن الأجزاء الميّتة التي كانت حيّة بحياته ، وتبقى تلك النطفة الحيّة ، ونستطيع أن نشبّه تمدّد الحياة في الأشياء الميتة والعكس بمصباح كهربائي تضيؤه في غرفة حيث إنّنا نجد أنّ الأشياء في الغرفة قد أضيئت بالمصباح ، ولا يعني أنّ الضوء قد انتهى لو وضعنا ذات المصباح في صندوق. إنّ الأشياء في الغرفة لمّا أضيء المصباح أصبحت اضاءتها غيريّة ، لا ذاتيّة ، أي إنّ الأشياء لم تتحوّل إلى مادة النور .. ، وهكذا تمدّد الحياة في الجمادات.

والإنسان كان نطفة حيّة في أصلاب آبائه جمعت حولها الأجزاء الميتة بإرادة

٣٥

الله ، حتى صار إنسانا سويّا ، فأخرجه الله من الميّت ، ثم يعود كما كان عند ما يموت ، فتبقى الحياة في القبر ولكن في حالة هجعة ، ثمّ تنمو مرة أخرى في يوم القيامة ، ويعود كما كان خلقا آخر ، فيكون المعنى كالتالي : يخرج الله الحي من الأشياء الميتة ، ويخرج الميت من الحي حين تتحلل الأشياء الميتة ـ أصلا ـ عن الحي ، وتبقى نطفته الأساس.

وكما يحيي الله الأرض بالمطر ، كذلك يحيي الإنسان في الآخرة فيقول سبحانه : «وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً» (١)

وفي الروايات عن جعفر بن محمد الصادق (ع) قال :

«إذا أراد الله عز وجل أن يبعث الخلق أمطر السماء أربعين صباحا ، فاجتمعت الأوصال ونبتت اللحوم» (٢)

وهناك تفسير آخر للآية يقول : إنّ الله يخرج الحياة من الأشياء الميّتة كما خلق الإنسان من التراب ، ويخرج الشيء الميّت من الحي كما يميت الإنسان.

ولكن يبدو لي أنّ التعبير القرآني لا يتناسب وهذا التفسير ، كما أنّه لا يتناسب ومعلوماتنا الحديثة عن الحياة والموت.

ثم قال ربّنا :

(وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها)

إنّ منظر الحياة تدبّ في الأرض الموات يبعث البهجة في القلب ، ويهدينا إلى

__________________

(١) نوح / (١٧).

(٢) بحار الأنوار / ج (٧) / ص (٣٣).

٣٦

جلال خالقنا العظيم ، كما يهدينا إلى قدرته الواسعة التي يخرج بها الناس من قبورهم كما يخرج الخبأ من رحم الأرض.

(وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ)

وإنّ للآية تأويلا بيّنته

الرواية المأثورة عن الإمام الكاظم (ع) قال : «ليس يحيها بالقطر ، ولكن يبعث الله رجالا فيحيون بالعدل ، فتحيي الأرض لإحياء العدل ، ولإقامة العدل فيه أنفع في الأرض من القطر أربعين صباحا» (٣)

كلما أمعن النظر البصير في تقلب الأشياء بين الموت والحياة كلما ازداد معرفة بقدرة ربه ، وانه يبعث الناس بعد الموت.

(٢٠) ومن آياته سبحانه خلق الإنسان من التراب في عالم الذر ، ثم أودعه في أصلاب الرجال وأرحام النساء.

(وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ)

قال العلامة الطبرسي في قوله : (خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ) أي خلق آدم الذي هو أبوكم وأصلكم (مِنْ تُرابٍ) ثم خلقكم منه وذلك قوله : ثم إذا أنتم تنتشرون (٤) ولكن يبدو أنّ التفسير المناسب وأحاديث المعصومين هو انّ الله خلقنا جميعا ذرا من التراب ، ثم أودعنا صلب أبينا آدم (ع) ثم نشرنا بقدرته.

(٢١) ومن آياته سبحانه الحاجة إلى الجنس الآخر ، تلك الحاجة التي تتجاوز

__________________

(٣) نور الثقلين / ج (٤) / ص (١٧٣).

(٤) تفسير مجمع البيان / ج (٨) / ص (٢٩٩).

٣٧

الجسد لتتصل بالروح ، وتنتهي حالة التوتّر لدى الطرفين بالزواج.

إنّ حالة التوتّر الموجودة لدى الطرفين تدلّ على أنّ خلق الإنسان لم يكن عضويا ، فالله عزّ وجلّ جعل نظام الكون قائما على أساس الزوجيّة في كلّ شيء قال تعالى : (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ) (٥) وهو سبحانه الذي خلق الزوجين الذكر والأنثى.

ولم لم يكن الإنسان ليجوع لما شعر بلذّة الطعام ، كذلك لو لم يتوتّر لما شعر بلذّة الزواج ، وهذا دليل التقدير في الحياة.

(وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها)

إنّ الله جعل استمرار حياة نوع البشر عبر التقاء الذكر بالأنثى ، ولكن هذا الالتقاء لا يتمّ قسرا ، إنّما يتمّ برغبة الطرفين ، فيبحث الرجل عن أنثاه ، وقد يلقي بنفسه إلى التهلكة حتى يجدها ، ولو لا هذه الرغبة الجامحة للزواج لتخلّى عن الزواج رأسا ، لما فيه من مسئوليات كبيرة ، ولكنّ الله الذي جعل خلقة الإنسان عن طريق الزواج هو الذي جعل فيه حاجة نفسية لا تتحقق إلّا به فقال :

(وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً)

الزوجان اللذان لم يعرفا بعضهما حتى لحظة الزواج يندمجان معا ، وكأنّهما روح واحدة تقمّصت بدنين.

إنّ الصلة التي يمتّن ربنا أصرتها بين الزوجين ومن خلالهما بين سائر أبناء المجتمع تتجاوز المودّة الماديّة القائمة على أساس المصالح المشتركة والخدمات المتبادلة

__________________

(٥) الذاريات / (٤٩).

٣٨

لتصبح صلّة روحية يفكّر كلّ طرف في مدى عطائه قبل أن يبحث عمّا يأخذه ، وقد يضحي بنفسه من أجل المحافظة على قرينه أو قريبه.

وبتعبير آخر : ينطلق التقاء الزوجين من أرض الشهوة الجنسية ، والحاجة إلى إشباع الحاجات المادية المختلفة ، ولكنه لا يقف عند هذا الحد ، بل يمضي قدما حتى يصبح حبّا عميقا ، يقوم على أساس الإيثار والعطاء ، ويصل إلى حدّ الفداء والتضحية.

وهكذا تكون العلاقة في البداية «المودة» ، ولكنها لا تلبث حتى تصبح «رحمة»

(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)

وهدف التفكّر هو إثارة المعلومات الظاهرة وتقليبها على بعضها للحصول على معلومات جديدة ، وحين يتفكّر الإنسان في ظواهر الحياة المحيطة به والتي قد يستخف بها لأنها أصبحت جدّا واضحة ، فإنّه يبلغ غور المعرفة ويفهم حكمة الحياة.

(٢٢) ومن آياته سبحانه خلق السموات والأرض ، واختلاف ألوان الناس وألسنتهم ذلك الاختلاف الواسع.

(وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ)

يبدو أنّ هناك علاقة بين خلق السموات والأرض ، وبين اختلاف اللّون واللّسان ، وربما تكون هذه العلاقة موجودة ، ففي المناطق الإستوائية لون البشرة سمراء ، وتقلّ السمرة كلّما ابتعدنا عن خط الإستواء ، حتى تتحوّل الألوان من

٣٩

الأسمر حتى الأبيض فالأصفر ، وهذا الاختلاف يسهّل التعارف الذي هو أساس تنظيم الحياة البشريّة. والحديث التالي يبيّن كيف أنّ طبائع الأرض ذات أثر في اختلاف البشر ، وما هي حكمة هذا الاختلاف : يسأل رسول الله (ص) عبد الله بن يزيد بن سلام فيقول : فأخبرني عن آدم لم سمّي آدم؟ قال :

«لأنه من طين الأرض وأديمها»

قال : فآدم خلق من الطين كلّه أو من طين واحد؟ قال :

«بل من الطين كلّه ، ولو خلق من طين واحد لما عرف الناس بعضهم بعضا ، وكانوا على صورة واحدة»

قال : فلهم في الدنيا مثل؟ قال :

«التراب فيه أبيض وفيه أخضر وفيه أشقر وفيه أغبر وفيه أحمر وفيه أزرق وفيه عذب وفيه ملح وفيه خشن وفيه لين وفيه أصهب ، فلذلك صار الناس فيهم لين وفيهم خشن وفيهم أبيض وفيهم أصفر وأحمر وأصهب وأسود على ألوان التراب» (٦)

أمّا اختلاف اللسان فهو خاضع للظروف والبيئة المحيطة بالإنسان.

وهذا الاختلاف دليل الحكمة ، ذلك لأنّ كلّ نوع يتناسب ومحيطه ، كما لو رأينا اختلاف أجهزة الطيّارة ومختلف أجزاءها ، وعرفنا كيف أنّ كلّ جهاز يقوم بدور وهو مناسب لدوره ولو بدلنا جهازا أو جزء من جهاز يجهاز آخر أو جزء ثان لما تكاملت الطيارة ونهتدي من وراء ذلك إلى كلمة صانع الطيّارة.

__________________

(٦) نور الثقلين / ج (٤) / ص (١٧٧).

٤٠