من هدى القرآن - ج ١٠

السيّد محمّد تقي المدرّسي

من هدى القرآن - ج ١٠

المؤلف:

السيّد محمّد تقي المدرّسي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار محبّي الحسين عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-5648-12-0
ISBN الدورة:
964-5648-03-3

الصفحات: ٥٠٤

أما صلاة المؤمنين التي وجبها الرب علينا في صلواتنا ، وندب إليها في كل وقت ، وبالذات عند ذكره ـ صلى الله عليه وآله ـ فهي تعني الدعاء له ، والتقرب الى مقامه الكريم ، ومن أبرز الحكم فيها :

أولا : تصحيح عقيدة المسلم ، ففي الوقت الذي يجب ان يعظم المسلم نبيه (ص) لا يجوز ان يغلو فيه فيمرق من الدين ، بلى. يكرمه من خلال الدعاء الى الله سبحانه لتبقى صلته الاولى بربه ، ومن خلال توحيد الله ، وحبه الشديد يكرم المسلم الرسول ويحبه ، وفي ذات الوقت تبقى علاقته بالرسول وسيلته للتقرب الى الله ، ومن دون التسليم له ولمن أمر الرسول باتباعه ، ومن دون حب الرسول وحب من أمر بحبهم لا يمكن ان يتقرب المسلم الى ربه. هكذا تحمل كلمات الصلاة على الرسول وآله إطار العقيدة الاسلامية ، وتعني المزيد من التقرب الى الله ولكن بالرسول ، والمزيد من حب الرسول ، ولكن في الله.

ثانيا : ان ذلك حق علينا تجاه الرسول الذي أجهد نفسه من أجل البشرية ، وتحمل الأذى في سبيل هدايتها ، حتى قال (ص):

«ما أوذي نبيّ قط بمثل ما أوذيت»

وأبرز شكر نقدمه للنبي (ص) على ما نملك اليوم من الهداية والخير ، اللذان كانا بسببه ، يكون بالصلاة عليه (الدعاء له).

ثالثا : ان صلاتنا عليه يعود علينا بالنفع والخير ، كما جاء في الدعاء للمؤمن ، ففي الحديث قال الامام الصادق (ع):

«دعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب يسوق الرزق ، ويصرف عنه البلاء ، ويقول له الملك : لك مثلاه» (٥)

__________________

(٥) بح ج / (٩٣) / ص (٣٨٨).

٣٨١

وحينما ندعوا الله للرسول ان يرفع درجته من الناحية المعنوية والمادية فانا أيضا ترتفع درجاتنا كتابعين له.

جاء في الحديث المأثور عن الرسول (ص):

«من صلى عليّ صلى الله عليه وملائكته ، فمن شاء فليقل ومن شاء فليكثر» (٦)

ان الرسول هو قائدنا في الدنيا والآخرة ، فكلما ارتفعت درجته ، وعلا مقامه ، فان درجات المؤمنين به ترتفع وتعلوا ، جاء في حديث مأثور عن الامام الصادق (ع):

«ان رجلا أتى النبي فقال : يا رسول الله أجعل لك تلك صلاتي ، لا بل اجعل لك نصف صلاتي ، لا بل أجعلها كلها لك ، فقال رسول الله إذا تكفى مؤنة الدنيا والآخرة» (٧)

وفي رواية :

«ان رسول الله جاء ذات يوم والبشرى ترى في وجهه ، فقال النبي : انه جاءني جبرئيل ، فقال : اما ترضى يا محمد ان لا يصلي عليك أحد من أمّتك صلاة واحدة إلا صليت عليه عشرا ، ولا يسلم أحد من أمتك الا سلمت عليه عشرا» (٨)

وحتى في الدنيا فانه كلما ارتفعت درجته (ص) كلما ارتفع شأن المسلمين جميعا.

__________________

(٦) تفسير البصائر / ج (٣٢) / ص (٦٢٨).

(٧) المصدر.

(٨) المصدر.

٣٨٢

رابعا : ان الصلاة على النبي (ص) من وسائل استجابة الدعاء ، وقد يدعو العبد ربه الف مرة فلا يستجيب له حتى يصلي على محمد (ص) يبدأ بها ويختم.

قال الرسول (ص):

«صلاتكم عليّ اجابة لدعائكم ، وزكاة لأعمالكم» (٩)

وقال الامام علي (ع):

«لا يزال الدعاء محجوبا حتى يصلّى على محمد وآل محمد» (١٠)

وقال الامام الصادق (ع):

«من كانت له الى الله عز وجل حاجة فليبدأ بالصلاة على محمد وآله ، ثم يسأل حاجته ، ثم يختم بالصلاة على محمد وآله محمد ، فان الله أكرم من ان يقبل الطرفين ويدع الوسط ، إذ كانت الصلاة على محمد وآل محمد لا تحجب عنه» (١١)

اما عن الهدف المباشر لهذه الصلاة فهو التسليم للرسول ، واتخاذ أسوة وإماما ، وقد أفرد العلامة المجلس في كتابه بحار الأنوار بابا خصصه لتفسير هذه الآية الكريمة. (١٢)

(إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)

__________________

(٩) بح ج / (٩٤) / ص (٥٤).

(١٠) بح ج / (٩٣) / ص (٣١١).

(١١) المصدر / ص (٣١٦).

(١٢) راجع بح ج / (٢) / باب (٢٦) / ص (١٩٩) وما بعدها.

٣٨٣

وكم هو عظيم ان يستجيب العبد المؤمن الى ربه بالصلاة على النبي (ص) لينتمي الى حزب الله الذي يضم الملائكة المقربين ، ولكن ليس كل صلاة تحقق له هذا الانتماء ، انما التي يتلفظها بلسانه ، عارفا بحدودها في عقله ، مسلمة لها نفسه ، خاضعة لها جوارحه ، فإذا سمع الخطيب يقول : قال رسول الله (ص) يجب ان يصلي عليه بلسانه ، ويستوعب الصلاة بمعرفته ، ويستعد لتطبيقها بنفسه ، ثم ينطلق من عنده للعمل وفقها وبما تقتضيه ، ومن الناحية النفسية الذي يدعو لآخر في غيابه فانه سيحبه حتى لو كانت بينهما عداوة ، ذلك ان الدعاء يلين جانب الداعي للطرف الآخر من جهة ، ومن جهة أخرى يشعر المدعو له بالميل ومن ثم المحبة ، حتى ولو لم يفعل شيئا غير الدعاء ، لأن للقلوب عليها شواهد ، ولأن النفوس جنود مجندة ، تتألف غيبيا كما تتألف شهوديا.

ونحن عند ما نصلي على رسول الله فان حبه واحترامه يسمو في قلوبنا إلى ان نصير محبين له ، مما يسهل علينا طاعته ، والتأسي به ، وقد قرأت في علم النفس : انه وبعد التجارب العديدة ثبت ان الحب أقوى عامل للطاعة ، وان الطفل ـ على سبيل المثال ـ أكثر ما يطيع أمه حبا لها ، لا خوفا منها ، وفي المقابل تقدّم الام لطفلها الحنان والعطف والتضحيات لأنها تحبّه.

(٥٧) ان الذي يبتعد عن رسول الله (ص) يبتعد عن رحمة الله وهؤلاء هم الذين يؤذون رسول الله ، سواء بالنيل من شخصيته أو بأذى ذريته أو بمخالفته أو ما أشبه.

وفي أكثر من مناسبة قرنت طاعة الله بطاعة رسوله ، وهنا نجد ان السياق يذكر أذى الله قبل أذى الرسول للتأكيد بأن الموقف من الرسول يحدد الموقف من رب العالمين ، فمن آذى الرسول فقد أذى الله.

(إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ

٣٨٤

وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً)

وهؤلاء بدل الصلاة على النبي وآله المفروضة وآله المفروضة عليهم تراهم يؤذون النبي في نفسه أو في أهل بيته أو في التابعين له ، فتلحقهم لعنة الله في الدنيا بالابتعاد عن بركاته ، وفي الآخرة بالحرمان من شفاعة الرسول (ص).

ونستوحي من الآية فكرة هامة وهي : ان الأمة التي تؤذي القيادة الرسالية بمخالفتها ، والاستهانة بها تعذب في الدنيا والآخرة ، بينما الأمم التي تعودت على الخضوع لقيادة الحق تكون أعز وأعظم شأنا في الدنيا والآخرة .. وواضح من واقع الامة الاسلامية انها حين التزمت بالطاعة للقيادة الرسالية في مطلع فجرها صارت أعز الأمم وأفضلها ، أما حين نبذت أئمة الحق انحرفت مسيرتها نحو الدمار والتخلف.

(٥٨) ولان ثمة أناس لا يستطيعون النيل من الرسول ، فإنهم يحاولون المس بكرامة المؤمنين ، وقد تعرض السياق لأذى المؤمنين ، مؤكدا بأنه ينتهي الى العذاب أيضا ، ولا ريب ان من يؤذي اتباع الرسول ـ نساء أو رجالا ـ فانه يؤذي نفس النبي ، وبالتالي يؤذي الله.

ولقد ثبت في التاريخ : ان أبا طالب ـ والد الامام علي (ع) ـ كان من أرفع المؤمنين درجة ، وأقربهم الى النبي (ص) وقد سمّى الرسول العام الذي توفي فيه أبو طالب (رض) بعام الأحزان ، وكيف لا وكان له بمنزلة الأب الحنون؟! ولكن أقحمت بعض الروايات الملفقة حوله في كتب التاريخ بهدف إسقاط شخصيته.

وحينما ندرس خلفيات هذه الروايات نجد أن هدفها النيل من بطل الإسلام أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (ع) ذلك ان مروّجيها لم يجدوا نقصا في شخصية

٣٨٥

الامام فانتقصوا والده ، والملاحظ ان هذه المرويات انتشرت أيام بني امية الذين بنوا سلطتهم على الحقد الدفين للإمام علي وأهل بيته عليهم السلام.

(وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا)

انما بالافتراء المحض ، والتهم الكاذبة.

(فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً)

والبهتان هو التهمة التي لا واقع لها ، وإذ يصف القرآن أذاهم بذلك فلكي يرفع التهمة أولا عن المؤمنين ، اما الإثم المبين فهو الذنب التام الذي يمارسه صاحبه عن وعي وعمد ، وجاء في الأثر عن الامام الرضا عليه السلام انه قال :

«من بهت مؤمنا أو مؤمنة ، أو قال فيه ما ليس فيه أقامه الله تعالى يوم القيامة على تل من نار حتى يخرج مما قاله فيه» (١٣)

وروي عن الامام الصادق (ع) انه قال :

«إذا كان يوم القيامة نادى مناد : اين الصدود لاوليائي ، فيقوم قوم ليس على وجوههم لحم ، فيقال : هؤلاء الذين آذوا المؤمنين ، ونصبوا لهم ، وعاندوهم وعنفوهم في دينهم ، ثم يؤمر بهم الى جهنم» (١٤)

(٥٩) (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَ)

__________________

(١٣) تفسير نمونه / ج (١٧) / ص (٤٢٤).

(١٤) نور الثقلين / ج (٤) / ص (٣٠٦).

٣٨٦

والجلباب هو العباءة ، وانما أمر الله المؤمنات بتثبيت العباءة لأنهن وهن يلبسنها قد لا يراعين الألبسة التي تليها ، فقد تكون مما لا يليق ظهوره للآخرين ، ويبين القرآن ان الهدف الأهم من وراء هذا الفرض :

(ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً)

والمعرفة هنا تحتمل أحد تفسيرين :

١ ـ ان يعرفن من بين النساء ، انهن ينتسبن الى رسول الله أو الى فلان من المؤمنين ، فيؤذين إمعانا في الأذى لذلك الطرف ، سواء بالكلام البذيء أو غيره.

٢ ـ ان تعرف مفاتنهن وزينتهن مما يسبب الأذى لهن ، والملاحظ أن قسما من المؤمنات لا يراعين كيفية الحجاب تماما ، ولكن ليس بهدف الإفساد ، انما لعوامل تربوية وثقافية سلبية ، أو لقلة الوعي الديني ، فيؤدّي ذلك الى اثارة بعض أبناء المجتمع ، الذين قد تنتهي اثارتهم الى الاعتداء.

وعن هذه الآية جاء في تفسير القمّي : انه كان سبب نزولها : ان النساء كن يخرجن الى المسجد ويصلين خلف رسول الله (ص) فاذا كان بالليل وخرجن الى صلاة المغرب والعشاء الآخرة ، يقعد الشباب لهن في طريقهن فيؤذنهن ، ويتعرضون لهن. (١٥)

وقد عبر القرآن بكلمة «نساء» في عطفه الحديث عن المؤمنين على أمره رسول الله (ص) دون التعبير ب (زوجات المؤمنين وبناتهم) لما في كلمة نساء من ظلال خاص يشمل من جهة الزوجات والبنات ، ويشير الى الحد الشرعي للحجاب ، فوجوبه على الأنثى لا يكون الا إذا بلغت مبلغ النساء عرفا وشرعا.

__________________

(١٥) نور الثقلين / ج (٤) / ص (٣٠٧).

٣٨٧

(٦٠) ولان مشكلة الحجاب ذات طرفين ، فانا نجد السياق في الوقت الذي يفرضه على النساء يزجر الرجال عن إيذائهن ، لأنه كما يجب على المرأة الحجاب يجب على الرجل غض البصر ، وهنا نجد السياق حادّا مع المنافقين ، والذين في قلوبهم مرض ، والمرجفون (وهم الذين يذيعون في البلد الاشاعات الكاذبة).

يقول تعالى :

(لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ)

وكل هؤلاء تجمعهم السلبية الاجتماعية ، والذاتية ، فالمنافق يعيش بشخصيتين الاولى مع المجتمع والرسالة وهي الظاهرة ، والثانية ضدهما وهي الباطنة ، أما مريض القلب فهو يعيش العقد ، ومختلف الأمراض النفسية ، التي يبحث عن متنفس لها ، ودائما ما يكون تنفيسه هو التشفي من أبناء المجتمع ، اما المرجف فان طبيعته تضعيف النفوس ، وبث الوهن والخوف في صفوف المجتمع ، عبر اشاعة الفواحش والأخبار السلبية فيه ، ويبدو أن هذه الآية تأول معنى الأذى في الآية السابقة ، فهؤلاء هم الذين يؤذون المؤمنين.

ولا بد للمجتمع والقيادة الرسالية من مواجهة هذا القطاع من الناس حتى تستمر مسيرته التصاعدية ، ونهاية هذا الدرس يحدد الموقف السليم من هؤلاء ان لم يرتدعوا بالإنذار.

(لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ)

نحرضك عليهم لإخراجهم من المدينة ، وتطهير المجتمع من رجسهم.

٣٨٨

(ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها)

في المدينة.

(إِلَّا قَلِيلاً)

ان أبعاد هؤلاء عن المجتمع ، وبالتالي عن التأثير فيه أمر مهم ، لأن من طبيعتهم الإفساد ، فلا حلّ معهم الا الاجتثاث الجذري ، حتى لا ينفثوا سمومهم ، أو يتوسعوا ليكوّنوا لهم خطّا انهزاميّا سلبيّا في المجتمع ، ويبدو أن نزول هذه الآية ـ وعموما سورة الأحزاب ـ بعد استئصال الخطر الآتي من مشركي قريش ، ويهود المدينة يدل على ان اهتمام المسلمين انعطف نحو تصفية الحسابات الداخلية ، خصوصا مع المنافقين الذين كانوا يقومون بأدوار خبيثة ضد المجتمع الاسلامي.

ونستوحي من ذلك أمرين :

أولا : حينما تعجز القوى المعادية عن كسر شوكة المسلمين تحاول التأثير عليهم داخليّا بإثارة المنافقين وضعاف النفوس.

ولعل الأعداء فعلوا مثل ذلك بعد انهزامهم في الأحزاب ، مما دفع بالمسلمين لمواجهة الوضع بقوة وحزم.

ثانيا : حينما ينتصر المسلمون في جبهة خارجية عليهم أن يستثمروا انتصارهم في تقوية جبهتهم الداخلية ، وتطهير صفوفهم من المنافقين ، ولكن بعد الإنذار وفتح المجال للتوبة أمامهم.

(٦١) وحينما يبعد هؤلاء الى مدينة أخرى يفقدون حماية المسلمين ، فيحيط بهم الخطر.

٣٨٩

(مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً)

وهنا حكمان حكم بالابعاد ، وآخر بالقتل ، واختلف المفسرون فيها ، ولعل الإبعاد هو مقدمة قتلهم ، وقال البعض ان القتل يشمل من لم يخرج منهم.

(٦٢) وهذا القضاء قانون الهي لا بد من تطبيقه في كل مكان وزمان ، لأنه يرتبط بثوابت الحياة وقوانينها العامة ، وهذا الفريق من الناس ـ هو الآخر ـ لا يختص بعهد رسول الله (ص) وحسب ، انما وجد في العهود السابقة وسيبقى سنة جارية في اللّاحقة أيضا.

(سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً)

وفي الحديث عن علي ابن إبراهيم : انها نزلت في قوم منافقين كانوا في المدينة يرجفون برسول الله (ص) إذا خرج في بعض غزواته يقولون : قتل وأسر ، فيغتم المسلمون لذلك ، ويشكون الى رسول الله (ص) فانزل الله عز وجل في ذلك : (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) اي شك (وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلَّا قَلِيلاً) اي نأمرك بإخراجهم من المدينة الا قليلا. (١٦)

__________________

(١٦) نور الثقلين / ج (٤) / ص (٣٠٧).

٣٩٠

يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً (٦٣) إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً (٦٤) خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (٦٥) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا (٦٦) وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا (٦٧) رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً (٦٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً (٦٩) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً (٧١) إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا

___________________

٧٢ [وأشفقن] : خفن أن يحملوها خوف الخيانة فيها.

٣٩١

الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً (٧٢) لِيُعَذِّبَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (٧٣))

٣٩٢

إنّا عرضنا الأمانة

على السموات والأرض

هدى من الآيات :

في نهاية هذه السورة وبعد بيان ضرورة الطاعة للقيادة الرسالية ، وأنها فرص الهي ، يبين لنا القرآن الآثار السلبية لرفضها ، فقد توعد الله المنافقين بالنفي ، وإعلان الحرب ضدهم ، كما حذر الكفار بأن كفرهم سيؤدي بهم الى الخلود في السعير ، أما متى يحين ميعاد هذا الجزاء؟ فقد تجاوز السياق الاجابة عن ذلك ، مكتفيا بالتأكيد على حتمية وقوعه ، وان تبرير الكفر بطاعة الكبراء لن يغني عن العذاب شيئا.

ثم يوضح ربنا وجاهة النبي (ص) عنده ، ناهيا المؤمنين عن التشبه ببني إسرائيل الذين آذوا موسى (ع) حيث اتهموه بقتل هارون ، وبالبرص ، كما ادعى عليه قارون ـ بالتعاون مع فاجرة من بني إسرائيل ـ انه زنى بها ، لكن الله برأه من كل ذلك ، وفي هذا اشارة الى ان أراجيف المنافقين سوف تذهب سدى بقدرة الله ، وفي الأثناء يدعو الله المؤمنين للتقوى ، ذلك انها أساس المنطق السليم ، فهي تبعد

٣٩٣

الإنسان عن الكذب والتهمة ، وتدعوه للتثبت في منطقه ، كما تصلح سعيه في الحياة ، وتمحو اخطاءه ، ولان التقوى لا تتم الا بطاعة الله والقيادة الرسالية ، وجدنا الآية تصفها بالفوز العظيم.

وتختم السورة آياتها بالحديث عن امانة عرضها الرب على السموات والأرض والجبال ، فرفضتها خوفا من عدم تحملها ، وبالتالي من العذاب والغضب الإلهي المترتب على ذلك ، بينما تحملها الإنسان ، فخانها المنافقون والكفار بظلمهم وجهلهم ، فما هي هذه الامانة؟

من ناحية السياق ، جاءت الكلمة بعد الحديث عن الطاعة ، مما يوحي بأنها تعني الطاعة لله وللرسول ، وبالذات لرسول الله ، لما في طاعته من خروج من سجن الذات ، الأمر الذي يستصعبه البشر ، فقد يكون سهلا عليه الاستجابة للقيادة في الأمور العادية كالصلاة ، والزكاة ، والحج ، ولكن من الصعب عليه الخضوع لإنسان مثله في الظاهر لو نصبه الرسول قائدا له.

وهناك أقوال أخرى حول الامانة تبناها بعض المفسرين ، فقال بعضهم انها الامانة المتعارفة ، كما لو أعطاك شخص ما ماله لتحفظه له فان ذلك مما يصعب على الإنسان رعايته وأداؤه ، وقال آخرون : انها العقل والعلم والارادة والحرية ، ومثلوا على ذلك بان الله وهب العقل للإنسان من دون المخلوقات الاخرى كالحيوانات ، ووهبه الارادة والاختيار دون الملائكة الذين جردهم عن الشهوة الدافعة لهم باتجاه الشر والفساد ، وقد وصفهم عز وجل بقوله : (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) (١) وكل هذا صحيح ولكن التجربة الحقيقية للإنسان بعقله وعلمه واختياره انما تكون في طاعة الرسول بتمام المعنى ، التي تعتبر أصعب

__________________

(١) الأنبياء / (٢٦ ـ ٢٧).

٣٩٤

تجليات الاختيار في حياة البشر ، فلا معارضة اذن بين القول بأن الامانة هي العقل ، وبين القول بأنها الطاعة للرسول بدلالة السياق القرآني.

بينات من الآيات :

]٦٣[(يَسْئلُكَ الناسَ عَنِ السَاعَةِ)

تقف وراء هذا السؤال فكرتان :

الأولى : استبعاد الإنسان بطبعه للجزاء ، بالتسويف تارة ، وبطول الأمل أخرى ، فاذا بالشباب يتصور الموت بعيدا عنه ، والشيخ يطول أمله بالبقاء أضعاف عمره ، وربما مات الواحد بعد هذه التصورات بلحظة ، فقامت قيامته (٢) وما دام الأمر كذلك ، والإنسان يجهل لحظة موته ، فعليه ان لا يغتر بنفسه ، وبماله ، وعشيرته ، لأنهم لا يغنون عنه شيئا يوم القيامة ، ولا يدفعون عنه الموت في الدنيا ، يقول أمير المؤمنين (ع):

«فاتقى عبد ربه ، نصح نفسه ، وقدم توبته ، وغلب شهوته ، فإنّ أجله مستور عنه ، وأمله خادع له ، والشيطان موكّل به ، يزين له المعصية ليركبها ، ويمنّيه التوبة ليسوفها ، إذا هجمت منيّته عليه أغفل ما يكون عنها ، فيا لها حسرة على كل ذي غفلة ، ان يكون عمره عليه حجّة ، وان تؤديه أيّامه الى الشقوة» (٣)

وأسباب الموت كثيرة جدّا ، ومهما أبعدت أسبابا منها عنك فان غيرها يلزمك ولأنه سنة جارية على الخلق.

الثانية : الزعم الخاطئ بان على القيادة ان تعرف كل شيء ، وكأنها المسؤول

__________________

(٢) اشارة للحديث الشريف :

إذا مات أبن آدم قامت قيامته.

(٣) نهج البلاغة / خ (٦٤) / ص (٩٥).

٣٩٥

المباشر عن كل جزء من الدعوة ، والواقع أنها تنتهي مسئوليتها بإبلاغ الرسالة لتبدأ مسئولية الناس ، أما متى تكون الساعة ، فليست الإجابة على ذلك من ضروريات القيادة ، ولا من مسئولياتها ، ذلك انه يكفي للإنسان العلم بحصولها لكي تبدأ مسئوليته تجاهها ، كما يكفي الرسول والقائد مسئولية بيان ذلك للناس ، ثم إن علم الساعة مما يختص به الله عز وجل.

(قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً)

ولعل : تفيد الترجي ، مما يدل على كفاية الاحتمال بقرب الساعة موعظة للإنسان ، حتى يعمل بما يقتضيه هذا العلم ، ايمانا وعملا وتسليما للقيادة.

(٦٤) ولكن الكافرين يبحثون عن مبرر لكفرهم بالساعة ، مهما كان سخيفا وخارجا عن حدود الموضوعية ، ولكن هل يدفع ذلك العذاب عنهم؟ كلا .. فقد أبعدهم الله عن رحمته ، وأعدّ لهم سعيرا.

(إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً)

ولنستمع شيئا عن هذا السعير ، فقد جاء في تفسير علي بن إبراهيم عن أبي بصير (رض) قال : قلت لابي عبد الله (ع) : يا ابن رسول الله خوفني فان قلبي قد قسى ، قال

«يا محمد! استعد للحياة الطويلة ، فان جبرئيل جاء الى النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ وهو قاطب ، وقد كان قبل ذلك يجيء وهو مبتسم ، فقال رسول الله (ص) : يا جبرئيل! جئتني اليوم قاطبا؟! فقال : يا محمد! قد وضعت منافخ النار ، فقال وما منافخ النار يا جبرئيل؟ فقال : يا محمد! إن الله عز وجل أمر بالنار فنفخ عليها الف عام حتى ابيضت ، ثم نفخ عليها الف عام حتى احمرت ،

٣٩٦

ثم نفخ عليها الف عام حتى اسودت ، فهي سوداء مظلمة ، لو أنّ قطرة من الضريع قطرت في شراب أهل الدنيا لمات أهلها من نتنها ، ولو ان حلقة واحدة من السلسلة التي طولها سبعون ذراعا وضعت على الدنيا لذابت من حرها ، ولو ان سربالا من سرابيل أهل النار علق بين السماء والأرض لمات أهل الدنيا من ريحه»

الى ان يقول الامام (ع):

«فما رأى رسول الله (ص) جبرئيل مبتسما بعد ذلك» (٤)

(٦٥) وأعظم ما في العذاب الذي ينال الكافرين ، خلودهم الأبدي فيه ، بين الموت والحياة (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ) (٥)

ثم ان علاقاتهم السلبية بالقيادات المنحرفة من الطواغيت وأصحاب المال والوجاهة لن تنفعهم ، لأن الذي ينفع هنالك علاقة الإنسان بربه ، وبالقيادة الرسالية التي يرتضيها.

(خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً)

(٦٦) ومن صور العذاب الظاهر لهؤلاء في جهنم تقليب وجوههم فيها.

(يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ)

ولهذه معنيان : الأول : ان تقليب الوجه هو تبدله من حال الى حال ، ومن صورة الى أخرى ، والثاني : هو أنها تقلب في النار على كل جانب لكي تنالها من جميع الجهات ، كما يقلب اللحم في الافران لتنضجه من جميع نواحيه.

__________________

(٤) تسلية الفؤاد / ص (٢٤٠).

(٥) النساء / (٥٦).

٣٩٧

وعند مشاهدة هذه الألوان من العذاب يتمنى الكفار والمنافقون لو انهم استجابوا لله وأطاعوا الرسول ، واني ينفع الكلام في دار الجزاء ، وقد أضاعوا على أنفسهم فرصة العمل في الحياة الدنيا؟!

(يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا)

بينما كانوا يعتذرون عن الاستجابة للحق ، والتسليم لقيادة الرسول في الدنيا ، وهذا مما يدل على ارتفاع الحجب والتبريرات يوم القيامة ، وأن تبريرهم لكفرهم بأنهم لا يعلمون بميعاد الساعة إنما كان للتملص من مسئولية الإيمان والطاعة لا أكثر.

(٦٧) ومما يقدمه أهل النار لتبرير كفرهم بالقيادة الرسالية أنهم انخدعوا بالقيادات الضالة ، ووقعوا تحت تأثيرها. وكل ذلك مرفوض عند الله ، لأن الإنسان متصرف وعاقل ، وليس آلة جامدة تحركها الأيدي كيف تشاء ، فهو اذن مسئول عن قراراته وأعماله وسلوكياته ، وقد حمله الله هذه المسؤولية التي رفض حملها كل الخلائق ، وإذا ضيعها فانما بجهله وظلمه ، ومن يقول : ان الأوامر تأتي من فوق ، أو أنني جندي مأمور لا ترتفع عنه المسؤولية.

(وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا)

السادة : فهم كالحاكم والقائد السياسي ، والعسكري ، أو النظام الاقتصادي ، وسائر الجهات التي يعود عصيانها بالأذى على الناس ، اما الكبراء فهم أصحاب الوجاهة الاجتماعية ، أو الاقتصادية ، وعموم الجهات التي يتبعها الإنسان لمصلحة معيّنة بإرادته المجردة وليس للخوف منها ، وكان من الحريّ بهم الطاعة لله ولرسوله ، خوفا من عذاب الله ، ورغبة في ثوابه ورضاه.

٣٩٨

ونستوحي من هذه الآية بالاضافة الى سابقتها : ان السبيل يعني القيادة الرسالية ، ذلك ان القيادات المنحرفة ليس تضل الإنسان عن المنهج السليم وحسب ، بل وتضله عن القيادة الصالحة.

قال أمير المؤمنين (ع) في خطبة له يوم الغدير :

وتقربوا الى الله بتوحيده ، وطاعة من أمركم أن تطيعوه ، ولا تمسكوا بعصم الكوافر ، ولا يخلج بكم الغي فتضلوا عن سبيل الرشاد باتباع أولئك الذين ضلوا وأضلوا ، قال ـ عزّ من قائل ـ في طائفة ذكرهم بالذم في كتابه : «إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا» (٦)

وقال علي بن إبراهيم في تفسيره : «فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا» اي طريق الجنة ، والسبيل أمير المؤمنين صلوات الله عليه. (٧)

(٦٨) وعادة ما يبحث المضلّلون عن أعذار ترفع عنهم مسئولية الانحراف ، وتلقيها على كاهل السادة والكبراء منهم ، وقد يستطيعون خداع الناس في الدنيا بسببها ، ولكن انى لهم خداع الله؟!

(رَبَّنا آتِهِمْ)

السادة والكبراء.

(ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً)

والله سوف يعذب هؤلاء ضعف الآخرين وأكثر ، الا ان ذلك لن يرفع عن

__________________

(٦) نور الثقلين / ج (٤) / ص (٣٠٨).

(٧) المصدر والصفحة.

٣٩٩

أولئك العذاب ، انما سيمكثون في السعير (خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً)

(٦٩) ثم يحذر الله المؤمنين مباشرة بعد تحذيرهم الضمني بالتعرض الى حال المضلّلين في الآخرة من الصبر الذي انتهى اليه أولئك باتباعهم القيادات المضلة ، فهي دوما تسعى لإشاعة الأفكار الخاطئة ، والأراجيف والدعايات الباطلة حول قيادة الحق لفض الناس من حولها ، وجرهم نحوهم عن طريق الاعلام.

يقولون : لا تنصاعوا لهذه القيادة فانها تورطكم ، وتعرضكم للسجن والقتل والتشريد.

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا)

ما تثيره القيادات المضلة من شائعات حول القيادة الرسالية سوف تنفضح ، لأن حكمة الله وبالتالي قوانين الحياة وسننها قائمة على نصرة الحق وأهله.

(وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً)

(٧٠) ولان الشائعات الباطلة قد تتلاقفها الألسن دعا الله المؤمنين الى الكلمة الصالحة ، والى تحمل مسئولية الكلام ، ولا يتم ذلك الا بالتفكير والاستقراء المنطقي ، وقبل ذلك كله بتقوى الله ، ذلك ان التقوى تصنع في النفس نوعا من الرقابة الذاتية والمحاسبة ، فالمتقي يخشى من اتهام الآخرين ، ومن المشي بالغيبة والنميمة ، وهذه الأمور من مقومات الاعلام المنحرف ، والشائعات.

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً)

٤٠٠