من هدى القرآن - ج ١٠

السيّد محمّد تقي المدرّسي

من هدى القرآن - ج ١٠

المؤلف:

السيّد محمّد تقي المدرّسي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار محبّي الحسين عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-5648-12-0
ISBN الدورة:
964-5648-03-3

الصفحات: ٥٠٤

لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً (٥٣) إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (٥٤)

٣٦١

وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً

هدى من الآيات :

تتناول آيات هذا الدرس الحديث عن العلاقة الزوجية عند الرسول (ص) وبعض محدداتها ، وقبل الدخول في تفاصيل الآيات هناك ملاحظتان :

الأولى : ان وجود آيات في القرآن الحكيم تنهى الرسول عن بعض الأمور دون الآخرين ، أو تفرض عليه واجبات من دونهم ، أو تزجره على بعض أفعاله ، وتكشف بعض ما أخفاه ، كما في زواجه بزينب بنت جحش ، كل ذلك يدل على ان القرآن ليس من عند الرسول نفسه ، وانما هو وحي من الله له ، فلحن القرآن ، يهدينا إلى أن المتكلم غيره ، إذ لو كان هو المتحدث لما تكلم على نفسه بزجر أو نهي.

الثانية : توجد في القرآن كما في الأحاديث بعض الأحكام الخاصة بالرسول ذاته ، كوجوب صلاة الليل عليه ، وجواز زواجه بأكثر من أربع ، وبمن تهب نفسها له ، وخصائص أخرى رفعها بعض العلماء الى أكثر من سبعة عشر خصيصة ، ومع

٣٦٢

ان هذه الأمور لا تنسحب إلى غير الرسول (ص) حتى إذا كان من القيادات الاسلامية ، الا ان ذلك يدل على أن بعض الأمور تخص القائد بصورة مجملة ، وينبغي للجميع معرفتها ومراعاتها ، ومن أهم هذه الأمور هو الوقت الهام عند القيادة.

فبالرغم من أن جميع الأفراد يعتقدون بضرورة القرب من القيادة باعتبارها نقطة الحزم ، وقطب الرحا الاجتماعية ، ألا انهم يجب أن يعرفوا بأن للآخرين من أبناء المجتمع والأقرباء كما القائد نفسه حقا في وقته ، فيجب أن لا يطيلوا الجلوس عنده بعنوان الاستفادة من علمه وتجاربه الا بمقدار الحاجة والضرورة ، وذلك ليتسنى له التفرغ لسائر الأعمال التي تعود على الجميع بالنفع والفائدة.

وتنبع أهمية هذا الأمر من أن القائد الذي يصرف أوقاته في قضايا لا طائل منها سوف لن يجد وقتا يصرفه في الأمور القيادية الهامّة ، كالمطالعة ، والتفكير ، والمبادرة ، ووضع الخطط ، مما يضعف قيادته (قراراته وخططه) الأمر الذي يعود على الجميع بالضرر ، ومن هذا المنطلق نهى الله المؤمنين ان يدخلوا على الرسول الا بإذن مسبق ، ثم إذا جلسوا اليه فواجبهم ان لا يطيلوا استئناسا للحديث معه ، أو انتظارا للطعام ، ومع ذلك لا بد من التأكيد على أهمية الجانب الجماهيري في القيادة ، وانه من الخطأ ان تنفصل عن الناس.

بينات من الآيات :

(٤٩) إذا عقد المؤمن على امرأة ، ثم طلقها من قبل ان يمسها ، فلا تجب عليها العدة ، بل يجوز لها ان تتزوج بعد الطلاق مباشرة ، وإذا كان فرض لها مهرا محددا وجب عليه دفع النصف لها ، وعند كون المهر محدد ، فان لها عليه ان يمتعها بان يدفع لها شيئا من المتاع ذهبا أو مالا أو لباسا مما يجبر كسر شأنها عند قريناتها.

٣٦٣

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلاً)

من دون نزاع أو جدل ، أو تهمة يلقيها كل طرف على الآخر ، تبريرا للفرقة ، أو تشفيا من صاحبه ، وهذا الأمر ينبغي أن ينسحب على جميع العقود والمعاملات الاجتماعية والمالية وغيرهما.

(٥٠) ثم ينتقل السياق لبيان بعض احكام الزواج بالنسبة للرسول (ص) فالزواج من الشؤون البشرية التي ينبغي للأنبياء الاهتمام بها ، باعتبارهم الأسوة للناس في سائر الجوانب حتى الاجتماعية منها ، فليس من الصحيح ان يجد الرسول غضاضة ولا حرجا في الزواج لكونه نبيّا أو قائدا ، وهذا ما أكدته الآية الكريمة : (ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ) والزواج الذي يحل للرسول (ص) على أنواع ثلاث :

الأول : ما يلتقي فيه مع الناس من جهة ، ويختلف معهم من جهة أخرى ، وهو الزواج العام فتحل المرأة للرسول كما لسائر المؤمنين بعد العقد والمهر ، بينما يختلف الرسول عن غيره في جواز زواجه باي عدد شاء من دونهم ، إذ لا يحل لهم الزواج الدائم بأكثر من اربع نساء.

(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَ)

وعن أبي عبد الله (ع) عن حمادة الحلبي : سألته عن قول الله عز وجل : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ) قلت : كم أحل له من النساء؟ قال : «ما شاء من شيء». (١)

__________________

(١) نور الثقلين / ج (٤) / ص (٢٩١).

٣٦٤

الثاني : ما يتفق فيه مع سائر المؤمنين ، وهو الزواج من الإماء والأقرباء.

(وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ)

والأمة : هي المرأة التي يتملكها الرجل بالأسر أو الشراء ، ولا يكتفي الله بالتعبير (وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ) انما يضيف (مِمَّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ) وذلك ليقول للرسول ولنا أيضا : بان الزواج لا يتم من غير ثمن ، فهو ان لم يكن بالأجر (المهر) فبالأسر ، وكلاهما فيه تعب وصعوبة.

ومما يجوز للرسول الزواج منهن القريبات اللاتي تربطه بهن العلاقة العائلية.

(وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ)

أما التي لا تهاجر مع الرسول (ص) ، وتبقى في مكة فلم يكن جائزا له الزواج منها.

الثالث : ما ينفرد به النبي عن سائر المؤمنين وهي المرأة التي تهب نفسها له ، فانه يجوز له الزواج بها من دون أجر.

(وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ)

وفي تضاعيف الكلام يلاحظ انسجام التعابير مع تخصيص المورد للرسول وحده ، فقد تكررت كلمة «النبي» مرتين في موقع يمكن الاستغناء عن الثانية لو لا هذا الأمر ، ثم أكد ربنا : (خالِصَةً لَكَ) تحديدا للخطاب بأنه يعني الرسول (ص) وحده ، ولم يكتف بذلك انما صرح بانفراده بها ، إذ قال (مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ).

٣٦٥

قال الحلبي : سألت أبا عبد الله (ع) عن المرأة تهب نفسها للرجل ينكحها من غير مهر؟ فقال :

«انما كان هذا للنبي (ص) فاما لغيره فلا يصلح هذا حتى يعوضها شيئا يقدم إليها قبل ان يدخل بها ، قل أو كثر ، ولو ثوب أو درهم وقال : يجزي الدرهم» (٢)

وعن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال :

«جاءت امرأة من الأنصار الى رسول الله (ص) فدخلت عليه وهو في منزل حفصة ، والمرأة متلبسة متمشطة ، فدخلت على رسول الله (ص) فقالت : يا رسول الله! ان المرأة لا تخطب الزوج وانا امرأة أيّم (٣) لا زوج لي منذ دهر ، ولا ولد ، فهل لك من حاجة ، فان تك فقد وهبت نفسي لك ان قبلتني ، فقال لها رسول الله (ص) خيرا ودعا لها ، ثم قال : يا أخت الأنصار جزاكم الله عن رسول الله خيرا ، فقد نصرني رجالكم ، ورغبت فيّ نساؤكم ، فقالت لها حفصة : ما أقل حياؤك واجرأك وانهمك للرجال! فقال رسول الله (ص) : كفّي عنها يا حفصة فانها خير منك ، رغبت في رسول الله فلمتيها وعبتيها ، ثم قال للمرأة : انصرفي رحمك الله فقد أوجب الله لك الجنة لرغبتك فيّ ، وتعرضك لمحبتي وسروري ، وسيأتيك أمري ان شاء الله ، فانزل الله عز وجل : (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) قال : فأحل الله عز وجل هبة المرأة نفسها لرسول الله ولا يحل ذلك لغيره» (٤)

__________________

(٢) المصدر / ص (٢٩١).

(٣) الأيم : التي لا زوج لها ، بكرا كانت أو ثيّبا.

(٤) المصدر / ص (٢٩٢).

٣٦٦

وتأكيد رابع يضيفه القرآن بان هذا الحكم يخص الرسول وحده حين يقول : بان للمؤمنين احكاما خاصة تختلف عن أحكام النبي في الزواج.

(قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ)

من وجوب المهر ، فلا يمكن لأحد غير النبي ان يتزوج امرأة من دون مهر أبدا ، والسبب أن المهر فرض للمرأة ، ضمانا لها ضد شهوة بعض الرجال ، والرسول معصوم أن يحيف زوجته أو يظلمها ، وإذ ينتهي الحديث لهذه الفكرة فمن أجل رفع الحرج عن النبي (ص) حيث خصّ دون غيره ببعض الأمور ، تبين ذلك الآية الكريمة :

(لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً)

(٥١) وهكذا ينساب السياق مبينا جانبا من حدود العلاقة الزوجية عند الرسول حيث يقول :

(تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَلِيماً)

وقد انقسم المفسرون في هذه الى فريقين :

الاول : ربطها بما قبلها ، وقال ان الآية (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ) يخاطب الرسول : بأنك حرّ ترفض من تهب نفسها إليك ، أو تقبلها وتتزوجها ، واستندوا في رأيهم هذا الى خبر عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) ، قال : قلت : أرأيت قوله : «تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ» قال :

٣٦٧

«من أوى فقد نكح ، ومن أرجى فلم ينكح» (٥)

الثاني : فسرها بحرية الرسول (ص) في تقسيم وقته على زوجاته كيفما يشاء ، وليس كما ترى زوجاته ، أو على أساس قانون معيّن له.

وانسجاما مع هذا الرأي يكون تفسير الآية : انك يا رسول الله تستطيع ان تنام عند من تشاء من زوجاتك ، وتترك الآخريات «تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ» بل أنت حر لو عينت ليلة ما لزوجة ما ثم بدا لك ان تغير الوقت ان تفعل بما تراه «وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ» وهذا الأمر يرفع احتمال النزاع بين زوجات الرسول لعلمهن بأن الأمر بيده لا بأيديهن ، «(ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ) .. إلخ».

(٥٢) وكما كانت الآيات السابقة قد أحلت للرسول بعض الأمور ، جاءت هذه الآية لتحرم عليه أمورا أخرى.

(لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً)

وفي هذه الآية أقوال عديدة :

١ ـ ان الآية جارية على ظاهر لفظها ، ومعنى ذلك : لا يجوز للرسول بعد نزول هذه الآية ان يتزوج غير زوجاته التسع ، ولا ان يطلق إحداهن ليتزوج غيرها ، باستثناء الإماء.

__________________

(٥) نور الثقلين / ج (٤) / ص (٢٩٣).

٣٦٨

٢ ـ وهناك روايات تخالف هذا الرأي ، حيث تستنكر ان يجوز للإنسان العادي استبدال زوجاته ، بينما يحرم ذلك على الرسول (ص) وتفسر الآية بأنها تحرم عليه الزواج من غير النساء اللاتي حددتهن الآية السابقة : (إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ) .. الآية وبناء على المعنى الأول فقد أوقف الله حرية الرسول (ص) في الزواج ، وذلك ليعرفنا ان تزوج النبي لم يكن بهدف الشهوة انما لأهداف نبيلة أخرى ، فمرة يتزوج امرأة بعد ان جربت الحياة الزوجية التي انتهت بالطّلاق عدة مرات من أجل أن يستر عليها ، ويتزوج بثانية لكي يستميل عشيرتها ، وبثالثة من أجل ان ينقض عادة جاهلية قائمة في المجتمع تقضي بحرمة الزواج من مطلّقات الأدعياء.

(٥٣) ثم يبين الله بعد ذلك العلاقة بين الرسول ومن يحضر الى منزله محددا بعض الأحكام والآداب التي تمس هذه العلاقة.

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ)

١ ـ الدخول الى بيت النبي يجب أن يكون مسبقا بإذن.

٢ ـ وعند الدعوة الى الطعام يجب ان لا يدخل مسبقا ، وينتظر أو ان الطعام ، لأن من آداب الأكل في بيوت الآخرين أن يأتي في الوقت المناسب ، وذلك لأن المجيء أول النهار وانتظار الغذاء يسبب الإزعاج لصاحب البيت ، وقد جاء في السيرة : ان رسول الله (ص) أو لم على زينب بتمر وسويق ، وذبح شاة ، فأمر أنسا ان يدعو أصحابه ، فترادفوا أفواجا ، فوج يدخل فيخرج ، ثم يدخل فوج ، الى ان قال : يا نبي الله! قد دعوت حتى ما أجد أحدا أدعوه ، فقال : ارفعوا طعامكم ، وتفرق الناس وبقي ثلاثة نفر يتحدثون فأطالوا ، فقام رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ

٣٦٩

ليخرجوا ، فطاف بالحجرات ، فرجع فاذا الثلاثة جلوس مكانهم ، وكان ـ صلى الله عليه وآله ـ شديد الحياء ، فتولى ، فلما رأوه متوليا خرجوا ونزلت الآية. (٦)

٣ ـ ولكن إذا دعيتم فادخلوا ، ولا يمنعكم الحياء من الاستجابة للرسول.

(فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا)

ولا تطلبوا الجلوس عند النبي حتى لو كان بهدف نبيل ، كالاستفادة من حديثه ، أو حديث بعضكم مع بعض.

(وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ)

ثم يبين القرآن خلفيّة هذا النهي : بأن الجلوس ربما يؤدي إلى احراج الرسول وأذاه ، بما ينتهي اليه من آثار سلبية على برنامج حياته العائلية أو السياسية ... إلخ.

(إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِ)

٤ ـ وعلى الضيف ان يراعي حرمة البيت الذي يحل فيه ، فلو اضطرته الحاجة للتعامل مع أهله من النساء يجب ان يتعامل معهن بأدب ، وبمقدار حاجته ، ومن وراء حجاب ، فبعد نزول هذه الآية صار حراما على المؤمنين التحدث مع نساء الرسول الا بهذه الكيفية.

(وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ)

أما عن حكمة هذا التشريع فهي الوقاية من الذنب ، والتي لا تتم الا بطهارة

__________________

(٦) جوامع الجامع للعلامة الطبري / ج (٢) / ص (٣٣٣).

٣٧٠

القلب ، وهذه الطهارة لا تتأتي الا بابتعاد الإنسان عن أسباب المعصية ، والتي من بينها حديث المرأة مع الرجل وبالذات إذا لم يكن ثمة حجاب بين الطرفين ، ذلك أن من طبيعة المرأة كما من طبيعة الرجل ان يميل أحدهما للآخر بالغريزة ، ولعل الحديث بينهما بغير الصورة التي تهدي لها الآية ينتهي الى المعصية.

(ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَ)

ولأن الرسول كان يدرك هذه الحقيقة لم يكن ليتقبل هذه الحالة ، بل كانت تلحق به الأذى النفسي.

(وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ)

ولكي يقطع الله الطريق على القلوب المريضة ، وبالتالي ينهي هذه المشكلة التي تؤذي الرسول ، حرّم الزواج من نسائه بعده.

(وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ)

ومع ملاحظة ظروف نزول الآية نعرف أن هذا الحكم يختص بنساء النبي اللّاتي تعرضن لأذى المنافقين ، حيث طمع بعضهم في الزواج منهن بعد الرسول ، وصرح بذلك بوقاحة ، فحرم الله ذلك عليهم.

ان احترام بيت الرسالة كان يقتضي عدم ظهور نساء الرسول في المواقع العامة ، وعدم تحدثهن مع الرجال الا من وراء ستر ، بينما يحلّ مثل ذلك لغيرهن إذا حافظن على حدود الستر والعفاف.

قال علي بن إبراهيم : لما انزل الله : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) وحرم الله نساء النبي على المسلمين ، غضب طلحة فقال : يحرم محمد علينا

٣٧١

نساءه ، ويتزوج هو نساءنا؟! لئن أمات الله عز وجل محمدا لنركضن بين خلاخيل نسائه كما ركض هو بين خلاخيل نسائنا ، فانزل الله عز وجل : (وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ) ... الآية (٧)

وربما كان هدف هؤلاء المنافقين هو إيذاء الرسول الا انهم يخفون هذه النوايا ببعض التبريرات كقولهم : لماذا يتزوج هو بنسائنا ، ولا يصح لنا العكس ، فهددهم الله من طرف خفي إذ قال :

(إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً)

وهناك حكمة أخرى لهذا التشريع الالهي يذكره بعض المفسرين : ان مركز نساء النبي العظيم كان يستهوي الطامعين في السلطة أو الشهرة ، وكان أمثال هؤلاء يمنّون أنفسهم بنكاح أزواج النبي من بعده للحصول على مكانة اجتماعية تستغل لأطماع سياسية ، ولعل بعضهم كان ينوي نشر أفكاره من خلال ذلك بادعاء أنّه أضحى من أهل البيت وهم أدرى بما في البيت.

ولعل الآية تشير ـ من طرف خفيّ ـ الى عدم جواز استغلال مكانة أزواج النبي للوصول الى مراكز سياسية أو اجتماعية كما حصل فعلا ـ ومع الأسف ـ بين المسلمين من بعد رحيل الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ.

(٥٤) ثم كشف هذا الواقع ، وأكد للمنافقين أنه يعلم به.

(إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً)

بالتصريح به.

__________________

(٧) نور الثقلين / ج (٤) / ص (٢٩٨).

٣٧٢

(أَوْ تُخْفُوهُ)

بمختلف المظاهر والتبريرات التي تخدعون بها الناس الذين لا يعلمون إلا الظاهر.

(فَإِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً)

وأخيرا :

فان هذه الآية الكريمة ـ وكما أشرنا في بدايات الدرس ـ تصلح أن تكون نبراسا للمسلمين في كل مكان في علاقتهم مع قيادتهم ، فيحترمونها ، ويفرضون على أنفسهم حقوقا لها ، لكي يستطيع القائد تقديم أكبر قدر من الخدمة للأمة ، ولمبادئها واهدافها.

٣٧٣

لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ وَلا أَبْنائِهِنَّ وَلا إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ وَلا نِسائِهِنَّ وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللهَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً (٥٥) إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (٥٦) إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً (٥٧) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (٥٨) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (٥٩) لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ

___________________

٥٥ [جناح] : ذنب.

٥٩ [يدنين عليهن] : يقربن ويغطين.

[جلابيبهن] : الجلباب خمار المرأة الذي يغطي رأسها ووجهها.

٣٧٤

فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلاَّ قَلِيلاً (٦٠) مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً (٦١) سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً (٦٢)

___________________

٦٠ [والمرجفون] : الإرجاف إشاعة الباطل والأخبار الكاذبة.

[لنغرينك بهم] : الإغراء الدعاء الى تناول الشيء بالتحريض عليه ، والمراد تسلطك يا رسول الله عليهم.

٣٧٥

صلّوا عليه وسلّموا تسليما

هدى من الآيات :

يتابع السياق في هذا الدرس حديثه عن نساء النبي ، وضرورة احتجابهن عن الأجانب من الرجال والنساء الا ما استثني ، وإذ يفرض عليهن الحجاب تجاه غير المؤمنات من النساء ، فلأنّهن قد يصبحن نافذة للأجانب من الرجال على المرأة المؤمنة ، ويصفن جمال المؤمنات لهم ، حيث لا يملكن رادعا دينيا عن القيام بهذا العمل.

ثم ينتقل السياق الى الحديث عن الرسول (ص) بعد الحديث عن نسائه ، وقد سبق القول : بان العلاقة بين أسرة الرسول والرسول نفسه ، اي النواحي القيادية فيه لهي علاقة وثيقة ، لأنها العلاقة بين مركز الإنسان الذي منه ينطلق ويتقدم ، وبين اهدافه ووسائل تحركه في الحياة ، فلا ريب أن البيت الصالح والذي يكون أهله في مستوى المسؤولية سوف يساعد الإنسان على القيام بمهامه ، وإذا كان المثل الشائع يقول : (وراء كل رجل عظيم امرأة) فانا نقول : (وراء كل رجل عظيم بيت

٣٧٦

مبارك) ولهذا كان من أهم تطلعات عباد الرحمن الذين تحدّثنا عنهم سورة الفرقان هو البيت الصالح ، وإمامة المتقين. لأنهم يدركون أهمية هذا الأمر في تحقيق طموحهم الأسمى وهو قيادة المجتمع (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً) (١) ومن أجل أن يطمئن قلب الإنسان ، وينطلق لقيادة المجتمع ، لا يكفي ان تكون زوجته وحدها صالحة لأن للأولاد وعموم أفراد الأسرة أثرا بالغا على شخصية القائد ، وهنا يجب أن نؤكّد على ضرورة التفات المرأة الى موقعها في حياة زوجها ، فان طبيعة سلوكها معه سوف تؤثر في حياته ، فعليها إذن أن تسعى لتنظيم حياتها وأسرتها معه.

من هنا نجد الامتزاج والاختلاط بين شطري السياق واضحا في تمام السورة ، يلتقيان تارة وينفصلان أخرى ليلتقيا من جديد وهكذا ، وهذان الشطران هما بعد القيادة في البيت ، وبعدها في المجتمع.

ثم يدعونا القرآن للصلاة على النبي (ص) الذي يصلي عليه الله وملائكته وينتهي السياق بالاشارة الى أذى المنافقين للرسول (ص) في حياته وبعد وفاته ، المتمثل في عدم تطبيق مناهجه ، وعدم القيام بمسؤولياتهم تجاهه كقائد ، وأعظم من ذلك محاولتهم الحط من شأنه ، والذي يناقض صلاة المؤمنين عليه وتسليمهم له ، وينذرهم القرآن بالطرد من المدينة ، واجتثاث جذورهم منها إذا ما استمروا في عملهم هذا ، كما نجد في ـ البين ـ توصية للمؤمنات بضرورة الحجاب ، وقاية لهم من أذى المنافقين ، وأصحاب القلوب المريضة ، والمرجفين.

بينات من الآيات :

(٥٥) تحدثنا هذه الآية عن بعض حدود الحجاب الاجتماعية ، وبيان من

__________________

(١) الفرقان / (٧٤).

٣٧٧

يستثني من هذا الحكم ممن يمكن لنساء النبي عدم التحجب معهم.

(لا جُناحَ عَلَيْهِنَ)

اي لا عتب ولا ذنب على نساء النبي ، لو لم يتحجبن عمن تشير إليهم الآية وهم :

(فِي آبائِهِنَّ وَلا أَبْنائِهِنَّ وَلا إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَ)

ان يتحدثن معهم من دون حجاب ، ثم تضيف الآية :

(وَلا نِسائِهِنَ)

اي النساء اللواتي يتحدث معهن في الدين ، ثم يستثني القرآن الاخريات من النساء في وضع خاص ، وذلك إذا كنّ إماء تحت أيديهن.

(وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَ)

من غير نسائهن (المؤمنات) فعموم النساء غير المؤمنات يجب التحجب عنهن الّا الإماء ، وذلك للحرج والوقوع فيما لا يطاق ، ولأنّ الأمة مقطوعة عن مجتمعها الكافر فهي لا تكون نافذة عليه ، وفي الآية التفاتة لطيفة يتعرض لها المفسرون وهي سكوتها عن الخال والعم ، ويرجعون ذلك لحرمة جلوس نساء النبي لهذين الاثنين من غير حجاب ، والسبب ان أبناء العم والخال يجوز لهم الزواج من أبناء العمة والخالة ، فمن الممكن ان يحكي العم والخال لأولادهم حال بنت أخوهما أو أختهما ، مما يمكنهما تشجيعهم على الزواج منها بعد طلاقها أو وفاة زوجها ، بينما يحرم ذلك بقاعدة خاصة على المؤمنين جميعا من نساء النبي (ص) فوجب عليهن

٣٧٨

التحجب عن أخوالهن واعمامهن من دون سائر المؤمنات. (٢)

والذي يؤيد هذا الرأي ان ما تعرضت لهم الآية من الذكور لا يجوز لهم الزواج من نساء النبي وان نزلوا ، وهناك رأي آخر يقول : ان ترك الخال والعم كان لدلالة السياق عليهما ذلك ان الآية ذكرت أبناء الاخوان وأبناء الأخوات ، وهم الذين تصبح المرأة بالنسبة إليهم عمّة أو خالة ، فدل على حرمة العم والخال لأنها ذات العلاقة ، ولا فرق بين العم والعمة والخال والخالة. (٣)

ولم تذكر الآية أيضا والد الزوج أو ابنه لأنهما ـ بالنسبة الى نساء النبي ـ لم يكونا موجودين عملا.

وبعد هذه المجموعة من الأحكام المتقدمة يحث القرآن نساء النبي على التقوى قائلا :

(وَاتَّقِينَ اللهَ)

وهذا التأكيد على التقوى لسببين :

الاول : حتى لا تزعم اي زوجة للرسول ان مجرد انتمائها اليه يعفيها عن المسؤوليات الدينية ، أو يجعلها أرفع درجة من غيرها. كلا .. بل الأهم من الانتماء الظاهري انتماؤها الواقعي للنبي بالتقوى.

الثاني : لان التقوى أفضل وازع نفسي عن تعدي حدود الشريعة ، وما لم يسع المؤمن نحو إيجاد روح التقوى في نفسه فانه لن يستطيع الالتزام بكثير من الأحكام ،

__________________

(٢) تفسير مجمع البيان / ج (٨) / ص (٣٦٨) / عن الشعبي وعكرمة.

(٣) تفسير نمونه / ج (١٧) / ص (٤١٢).

٣٧٩

ذلك أن من طبيعة البشر أنه يريد ان يكون مطلقا كما يهوى ، وليس من شيء يواجه هذه الطبيعة كالتقوى لما توجده من إحساس بالرقابة الالهية الدائمة وجاء في أحد التفاسير : «وَاتَّقِينَ اللهَ» في نقل الكلام من الغيبة الى الخطاب دلالة على فضل تشديد فيما أمرن به من الاحتجاب والاستتار ، أي واسلكن طريق التقوى فيما امرتن به ، واحتطن فيه. (٤)

(إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً)

الصلاة على النبي :

(٥٦) في سياق الحديث عن عظمة الرسول والأحكام التي يتميز بها يدعوا الله المؤمنين الى الصلاة عليه ، والتسليم لقيادته ، فلا يكتمل علاج المحيط الاجتماعي الا من خلال الصلاة على الرسول (ص) والتسلم له ، فما هو معنى الصلاة على النبي؟

لعل أصل معنى الصلاة هو التعطف والترؤف ـ كما ذكرنا آنفا ـ أما الصلاة على النبي فهي الدعاء الى الله بأن يرحمه ، ويرفع درجته ، ويبلغه المقام المحمود الذي وعده ، أما صلاة الله على نبيه ، فبالنسبة الى الله تأخذ الكلمات غاياتها وتترك مبادئها ، فحينما نقول بان الله يحب ، ويبغض ، وينتقم ، فليس المعنى انه تطرأ عليه هذه الحالات ـ سبحانه ـ فتغير فيه شيئا كما تغير في نفوسنا وأجسامنا ، انما تصدق على الله الغايات منها ، فعطفه على الإنسان هو هدايته له ، وانعامه عليه ، وصلاته على نبيّه ، انه يستجيب الدعاء في حقه ، وبسببه.

وصلاة الملائكة على الرسول (ص) تعني الدعاء له عند ربهم ، وتأييد تابعية ،

__________________

(٤) تفسير جوامع الجامع / ص (٣٧٧).

٣٨٠