من هدى القرآن - ج ٧

السيّد محمّد تقي المدرّسي

من هدى القرآن - ج ٧

المؤلف:

السيّد محمّد تقي المدرّسي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار محبّي الحسين عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-5648-10-6
ISBN الدورة:
964-5648-03-3

الصفحات: ٣٩٩

ذلك يقول في نهاية قصصهم «إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ» ، لما ذا؟

لكي يقول لنا بأن هذه المجموعة هي المجموعة «القدوة» وهي المجموعة «الامام» بالنسبة إليكم أيها البشر.

ولتأكيد هذه الفكرة تشير هذه الآيات والتي قبلها الى هؤلاء وتأتي بأسمائهم متتالية بالرغم من إنّهم كانوا في عصور مختلفة وأمصار متفرقة ، حتى إنّ القرآن أتى بأسمائهم بصورة غير مرتبة تاريخيا.

فيذكرنا بموسى ثمّ بإبراهيم ثمّ بنوح ، ثمّ بسليمان وأيوب ، ثمّ بإدريس ، وبين هؤلاء آلاف السنين ، وإن أحدهم قبل أو بعد الآخر ، وذلك لكي لا يقول فرد أو مجتمع ما إنني أتبع النبي الأخير ولا أتبع النبي الأول ، أو إنني أؤمن بالنبي الأوسط أو الأول دون الأخير ، فكلهم نور واحد ، ويجب علينا أن نقتدي بهم جميعا.

والقرآن الحكيم يتبع ببيانه للقصص والأحكام والعبر والأمثال ، خطا واحدا هو خط التوحيد ، والتوحيد هو : صبغة القرآن التي يضعها على كلّ قصة ، وعلى كلّ عبرة ، وكلّ حكم تشريعي ، وكلّ رؤية وبصيرة.

وإنّ لله سبحانه أسماء حسنى ويهدينا الذكر الى أسماء ربنا العزيز ، ومن هنا تجد وكأن كلّ سورة من سور القرآن قد خصصت لبيان اسم من أسماء الله الحسنى ، وهذه السورة بالذات تبين اسم المجيب حيث إنّ الله قريب من الإنسان ، يستجيب له ويسمع نداءه والأنبياء الكرام عليهم الصلاة والسلام بعد أن توكلوا عليه في أشد لحظات حياتهم ، فاذا به يستجيب لهم وينصرهم ، ويعطيهم أكثر مما طلبوا.

٣٦١

وهذه من خصائص فضل الله سبحانه وتعالى ، إذا فتحت أبواب رحمته فانها تفيض من كلّ جانب لكثرتها وتنوعها حتى تكون حياتك أضيق من استيعاب كلّ رحمة الله ، كما إذا فتحتت أبواب السماء بالمطر كيف نرى الأرض عاجزة عن استقبال أمطار السماء حتى أنها تعيد الزائد منها الى البحار مرة أخرى.

بينات من الآيات :

قصة النبي الصابر :

[٨٣] أصيب بالمرض ومات أهله ، ونفذت مواشيه ، وكان عزيزا في قومه فافتقر ، فابتعد عن الناس بسبب فقره ومرضه ، وكانت زوجته الوفية هي التي تخدمه ، وتنفق عليه وذلك بقيامها بالخدمة في بيوت الناس بعد أن كانت ملكة في قريتها ، وحينما يطفح به الكيل يبدأ بالدعاء ، ذلك هو النبي الصابر أيوب عليه السلام ، ولكن انظر كيف يدعو؟

[٨٣] (وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ)

لأنّ الله عالم بما أصاب أيوب ، فلا بدّ أن يكون نداءه استعطافا ودعاء وكأنه يقول يا رب إنّ الضر قد بلغ مني غايته ، ولعلّ التعبير ب (النداء) هنا للدلالة على إنّ الضر قد دفع بأيوب إلى أن يعلو صوته ويصرخ ، مع أنّ الله قريب يناجي وليس ببعيد حتى ينادى.

(وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)

أرحم الراحمين ، فإليك أتوجه بالدعاء لترفع عني هذا الضر.

٣٦٢

[٨٤] (فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ)

هذه عبرة لنا نحن الذين نعبد الله لكي نعلم ، أيّ رب رحيم نعبده ، وكيف إنّه يستجيب دعاءنا ، فلا يكشف السوء عنا فقط ، إنّما ويزيدنا من فضله أيضا.

ويبقى سؤال : لما ذا ابتلى الربّ أيوب وهو النبي العظيم المكرّم عند ربّه؟

وما ذا كانت بليته ، وما الذي نعتبره من قصته؟

للاجابة عن هذه الأسئلة وغيرها أنقل هنا نص حديثين مأثورين عن أئمة الهدى عليهم السلام :

١ ـ الحديث الأول مأثور عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عن أبيه الباقر (ع) يفنّد فيه الإمام المزاعم التي كانت رائجة وتدعي أن أيوب ابتلي بسبب ذنب ارتكبه ، وأنه قد بلغ به البلاء حدا نبذه النّاس ، يقول الامام (ع) : «إنّ أيوب (ع) ابتلي بغير ذنب ، وأن الأنبياء معصومون لا يذنبون ولا يزيغون ولا يرتكبون ذنبا صغيرا ولا كبيرا» وقال (ع) : «إنّ أيوب مع جميع ما ابتلي به لم تنتن له رائحة ، ولا قبحت له صورة ولا خرجت منه مدة من دم ولا قيح ، ولا استقذرة أحد رآه ، ولا استوحش منه أحد شاهده ، ولا تدود شيء من جسده ، وهكذا يصنع الله عز وجل بجميع من يبليه من أنبيائه وأوليائه المكرمين عليه ، وإنما اجتنبه الناس لفقره ، وضعفه في ظاهر أمره ، لجهلهم بما له عند ربه تعالى ذكره من التأييد والفرج (١) ، وقد قال النبي (ص) أعظم الناس بلاء الأنبياء ، ثمّ الأمثل فالأمثل ، وإنّما ابتلاه الله بالبلاء العظيم الذي يهون معه على جميع الناس لئلا يدعوا له معه

__________________

(١) في المصدر (القرح) وأظنه خطأ.

٣٦٣

الربوبية (١) إذا شاهدوا ما أراد الله تعالى ذكره أن يوصله إليه من عظائم نعمه متى شاهدوه ، ليستدلوا بذلك على إنّ الثواب من الله تعالى على ضربين : استحقاق واختصاص ولئلا يحقّروا ضعيفا لضعفه ، ولا فقيرا لفقره ، ولا مريضا لمرضه ، وليعلموا أنّه يسقم من يشاء ويشفي من يشاء ، متى شاء كيف شاء بأيّ شيء شاء ، ويجعل ذلك عبرة لمن يشاء ، وشقاوة لمن يشاء ، وهو عز وجل في جميع ذلك عدل في قضائه ، وحكيم في أفعاله ، لا يفعل بعباده إلّا الأصلح لهم ولا قوة إلّا بالله.

» (٢) هكذا يؤكد هذا الحديث : إن حكمة ابتلاء أيوب (أو لا أقل العبرة التي نستوحيها منه) عدم جعل البلاء في الدنيا دليلا على غضب الله ، بل قد يكون دليلا على قرب صاحبه من الله.

٢ ـ أما الحديث الثاني المروي عن أبي بصير عن الامام الصادق (ع) فانه يفصّل القول في بلاء أيوب كيف كان ، ومتى طفح كيل الصبر عنده :

إنّما كانت بلية أيوب التي ابتلي بها في الدنيا ، لنعمة أنعم الله بها عليه فأدى شكرها ، وكان إبليس في ذلك الزمان لا يحجب دون العرش ، فلما صعد عمل أيوب بأداء شكر النعمة ، حسده إبليس ، فقال : يا رب إن أيوب لم يؤد شكر هذه النعمة إلّا بما أعطيته من الدنيا فلو حلت بينه وبين دنياه ، ما أدى إليك شكر نعمة ، فقال : قد سلطتك على دنياه ، فلم يدع له دنيا ولا ولدا إلّا أهلك كلّ شيء له ، وهو يحمد الله عز وجل ، ثمّ رجع إليه فقال : يا رب إن أيوب يعلم إنّك

__________________

(١) كذا في النص وأظنه خطأ والمعنى لكي لا ينسبوا أيوب الى الربوبية ، هذه الفكرة مذكورة في نصوص أخرى أيضا.

(٢) المصدر / ص ٤٤٧.

٣٦٤

سترد إليه دنياه التي أخذتها منه ، فسلطني على بدنه تعلم إنّه لا يؤدي شكر نعمة ، قال الله عز وجل : قد سلطتك على بدنه ما عدا عينه وقلبه ولسانه وسمعه ، فقال أبو بصير : قال أبو عبد الله (ع) : فانقض مبادرا ، خشية أن تدركه رحمة الله عز وجل فتحول بينه وبينه ، فنفخ في منخريه من نار السموم ، فصار جسده نقطا نقطا (١) ، فلما اشتد به البلاء وكان في آخر بليته جاءه أصحابه فقالوا : يا أيوب ما نعلم أحدا ابتلي بمثل هذه البلية إلّا لسريرة سوء ، فلعلّك أسررت سوء في الذي تبدي لنا ، قال : فعند ذلك ناجي أيوب ربّه عز وجل : رب ابتليتني بهذه البلية وأنت تعلم إنّه لم يعرض لي أمران قط إلّا لزمت أخشنهما على بدني ، ولم آكل أكلة قط إلّا وعلى خواني يتيم ، فلو أن لي منك مقعد الخصم لأدليت بحجتي (٢) قال : فعرضت سحابة فنطق فيها ناطق فقال : يا أيوب أدل بحجتك ، قال : فشد عليه مأزره وجثا على ركبتيه وقال : ابتليتني وأنت تعلم إنّه لم يعرض لي أمران قط إلّا لزمت أخشنهما على بدني ، ولم آكل أكلة من طعام إلّا وعلى خواني يتيم ، قال : فقيل له : يا أيوب من حبب إليك الطاعة؟ قال : فأخذ كفا من تراب فوضعه في فيه ثم قال : أنت يا ربّ.

(٣) ونستوحي من هذه الرواية عدة حقائق :

أـ إنّ شكر أيوب كان عظيما فامتحنه الله سبحانه بأعظم البلاء ليعرف الناس أن الشكر ليس عند الرضاء في منطق الأنبياء ، بل وأيضا عند البلاء ، وإنّ أيوب وسليمان في الشكر سواء.

__________________

(١) الى هنا ينقطع الحديث المأثور عن كتاب علل الشرائع عن أبي بصير ، ويستمر بعدئذ حديث آخر مشابه له مأثور في الإمام موسى بن جعفر (ع). انظر المصدر.

(٢) ادلى لحجته : طرحها وأصبح بها

(٣) المصدر / ص ٤٤٧ ـ ٤٤٨.

٣٦٥

ب ـ إن حكمة النبوة تتنافى مع التغيير ، ولذلك فان الله لا يدع أنبياءه عليهم السلام يتعرضون للشماتة بل يستجيب دعاءهم.

ج ـ إنّ أيوب ذلك العبد الصابر وذلك النبي الكريم عند الله ، تاب الى ربه فور ما صدر منه ما يبدو أنه نوع من الفخر بعلمه ، بالرغم من إنّ صبره وشكره واجتهاده كان كلّ ذلك عظيما غاية العظمة.

صبر الأنبياء :

[٨٥] (وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ)

يذكر الله سبحانه إدريس وذا الكفل وإسماعيل (ع) معا بالرغم من إن ترتيبهم الزمني كان هكذا : إدريس ثم إسماعيل فذا الكفل ، وذلك لكي يبيّن صفة يجب أن نقتدي بهم منها وهي صفة (الصبر).

لقد صبر إدريس على دعوة قومه فلم يستجب له إلّا قليل حتى رفعه الله إليه.

أما إسماعيل فقد ابتلاه الله حين أمر والده بأن يتركه وأمه بواد غير ذي زرع عند بيت الله الحرام ، فذاق العطش والغربة ، وكان فيهما صابرا ، حتى إذا بلغ أشده ، أمر والده بذبحه فأسلم لله صابرا محتسبا.

وأما ذا الكفل فقد كان مرسلا الى قومه يتبع شريعة داود (ع) وقد كفل مجموعة من الأنبياء يقال : إنهم سبعون ، فأطلقهم وبقي مسجونا في بئر عميقة وضع على رأسها صخرة كبيرة ، وظل صابرا ، الى أن أهلك الله الطاغوت فأطلق سراحه بعد ذلك.

٣٦٦

[٨٦] (وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ)

فلأنهم كانوا من الصالحين أدخلهم الله في رحمته ، ونحن أيضا يجب أن نصبح من الصابرين الصالحين حتى يدخلنا الله معهم.

دعاء يونس :

[٨٧] (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً)

إن كلمة «ذا النون» تعني لغويا صاحب الحوت وهي تشير الى نبينا يونس بن متى (ع) ، وقصته تلخص في أنه دعا على قومه حيث لم يستجيبوا للرسالة وذلك قبل أن يكون وقت الدعاء عليهم ، ثمّ خرج من قريته التي تضم حوالي (١٢٠) ألف شخص وهاجر عنها وهو يحسب أنّه خرج من ضيق قومه حيث ابتعد عن الذين أصروا على عدم قبول دعوته ، رغم إنّه بذل في إقناعهم جهودا كبيرة ، ولكنه انتقل من مكان ضيق الى ما هو أضيق منه ، في بطن الحوت ، الذي ابتلعه فمكث هناك وهو في حالة كرب شديدة.

(فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ)

أي اعتقد أنه سيتجه الى الحرية ، بينما كان يتجه الى السجن الرهيب.

ذهب الى شاطئ البحر حيث جاءت سفينة فركب فيها ، وإذا بحوت ضخم يهاجم السفينة ليبتلعها ، فقال أهل السفينة دعونا نقترع فنأخذ واحدا من ركاب السفينة ونلقي به الى الحوت فيترك السفينة تواصل رحلتها ، وهكذا فعلوا فوقعت القرعة عليه كما قال ربّنا سبحانه : «فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ» (الصافات).

٣٦٧

لما اقترعوا ثلاث مرات خرج اسم يونس فيها جميعا ، وهذا كان من تقدير الله سبحانه ، لسجن نبيه عبرة لنا ، فالقى في البحر حيث يسارع ذلك الحوت الى ابتلاعه وغاص به في الأعماق فأصبح يونس في ظلمات متراكمة ، وهنا أدرك خطأه فأخذ يستغفر ربه ويناجيه ، تائبا معتذرا معترفا بكمال الله تعالى وبنقصانه هو :

(فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ)

إن الأنبياء معصومون ، ولكنهم يشعرون أمام الله سبحانه بالذنب والتقصير ، وحتى عبادتهم لا يعتبرونها عبادة لفرط إيمانهم بالله ، وتجلي نور الله في أفئدتهم ، ويعتبرون عبادتهم نوعا من التقصير بحق الله ، لأنها بالتالي عبادات بشر ضعفاء عاجزين لذلك يقول

سبحانك

أنت النزيه المقدس ، أما نحن فبشر نتصف بالنقص والجهل والعجز.

(إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)

لأنني من البشر ، وأنا شخصيا أتحمل مسئولية خطئي ولا أحمله ربّي أو الأقدار.

[٨٨] (فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ)

إن كلمة «نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ» تعطينا الأمل بأننا مهما فرّطنا في جنب الله فان باب الاستغفار مفتوح أمامنا ، ورحمة الله قابلة لأن تسعنا فلا داعي لليأس والقنوط.

٣٦٨

دعاء زكريا :

[٨٩] (وَزَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ)

يقول : يا ربّ أنت الإله ، وأنت الوارث ، ولكني أحتاج الى من يرثني ، وزكريا (ع) لم يكن يطلب من الله وارثا يرث أموره المادية ، إنّما كان يطلب وارثا يرث رسالته ، حسبما يبدو لي.

[٩٠] (فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ)

أي جعلنا له أسرة مثالية.

فيحيى كان نبيا منذ الطفولة ، وزكريا الذي قضى عمرا في تبليغ الرسالة والدعوة إليها ، وكان شيخ المرسلين وكانت زوجته صالحة ، فكوّنوا جميعا تلك الاسرة المتكاملة.

(إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ)

هذه الأسرة قامت على أساس المسارعة في الخيرات ، وإنّ كلّ تجمع يدور حول محور معين ، وذلك المحور يعتبر روح التجمع ، والاسرة الفاضلة هي الأسرة التي تتجمع وتتعاون ويندفع أفرادها الى أعمال الخير التي تعود عليهم وعلى مجتمعهم بالازدهار والتقدم.

(وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً)

والصفة الاخرى لهذه الأسرة هي المزيد من التوجه الى الله سبحانه ، والعمل

٣٦٩

بمنهجه ، والتمسك بروح العبادة وجوهر العبادة ، ولبّ الإيمان وهو الدعاء ، لأنه حبل متصل بين المرء وربّه.

وإذا خافوا من شيء دعوا الله ، وإذا أرادوا شيئا دعوا الله ، ولذلك جاء في محتوى الحديث الذي يخاطب به الله موسى : «ادعني لملح طعامك».

(وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ)

الخشوع : هو صدق التوجه الى الله ، وعميق المعرفة بالنفس وعجزها وتقصيرها.

مريم نموذج المرأة الفاضلة :

[٩١] (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا)

إن الله قد خلق لكلّ الأجيال ولكلّ الأفراد ولكلّ الطبقات ، ولكلّ الحالات البشرية نموذجا يقتدى به ، ومن النماذج المطلوبة في كلّ زمان وخصوصا في وقتنا الحاضر ، «المرأة القدوة» وكانت تلك المرأة القدوة هي (مريم بنت عمران) عليها السلام.

لقد اعتصمت من الرذيلة فأعطاها الله سبحانه عيسى ، وذلك بعد أن نفخ جبرئيل في جيبها فحملت من دون أن يمسها بشر.

(وَجَعَلْناها وَابْنَها آيَةً لِلْعالَمِينَ)

أن تحمل امرأة عذراء لم تتزوج ولم يمسها أيّ بشر ، وتلد طفلا سويا ـ معجزة عظيمة ـ جعلها الله للنّاس في جميع الأجيال آية دالة على هيمنته على الكون وتدبيره المباشر لما يجري فيه من أحداث.

٣٧٠

إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (٩٢) وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنا راجِعُونَ (٩٣) فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كاتِبُونَ (٩٤) وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ (٩٥) حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (٩٦) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يا وَيْلَنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ (٩٧) إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ

______________________

٩٦ [حدب] : أي مرتفع من الأرض ـ كالجبال والآكام ..

٩٧ [شاخصة] : الشاخصة هي العين التي لا تطرف من شدّة الهول.

٣٧١

اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ (٩٨) لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ (٩٩) لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ (١٠٠) إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ (١٠١) لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ (١٠٢) لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (١٠٣) يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ (١٠٤)

______________________

٩٨ [حصب] : الحصب كل حجر يرمى به ، ولذا قيل للأحجار الصغيرة حصباء.

١٠٢ [حسيسها] : صوتها الذي يحسّ به.

١٠٤ [السّجلّ] : السجل هو ما يسجّل فيه.

٣٧٢

الجزاء مصير حتمي

هدى من الآيات :

تذكرنا الآيات بالجزاء ، وإنّ كلّ قرية أهلكت جزاء لأفعالها في الدنيا ، ستعود الى الآخرة لتلقى جزاءها العادل ، متى؟ حين تجيء أشراط الساعة ، فتفتح السبل أمام اجتياح أقوام «يأجوج ومأجوج» حيث يتدفقون من كلّ حدب كالسيل ، هنالك يقترب البعث ذلك الوعد الحق ، فتظل أبصار الكفار شاخصة من هول القيامة ، وهم يقولون : قد كنا في غفلة عن هذا «ثمّ يعترفون بمسؤوليتهم عن هذه الغفلة التي شملتهم بالرغم من النذر المتواترة» فهم كانوا ظالمين. ويأتيهم الجواب : إن جزاءكم اليوم أن تنبذوا في نار جهنم ، أنتم والآلهة التي زعمتم أنها تشفع لكم ، وتخلصكم من الجزاء.

ثمّ تقول : إن كانت تلك آلهة فعلا إذا ما دخلت النار! بلى الكل في النار خالدا فيها ، لهم فيها زفير من شدة العذاب وهم فيها لا يسمعون.

٣٧٣

بينما الذين هداهم الله بعيدون عنها ، الى درجة أنهم لا يسمعون حتى حسيسها ، وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون!

لا يخشون من الفزع الأكبر ، حيث تتلقاهم الملائكة بالبشرى والترحاب قائلة : (هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ).

وفي ذلك اليوم الرهيب يطوي الربّ السماء ، كما يطوي الكتاب الأوراق ، كذلك يعيد الله الخلق كما بدأه ، إنّه وعد الله الذي ألزم به نفسه سبحانه.

وحدة الرسالات والأنبياء

بينات من الآيات :

[٩٢] بالرغم من ان الناس يختلفون في انتماءاتهم ، وولائهم ـ كلّ يدعي انتماء لرسول وولاء لإمام ـ فان المهم في الملأ الأعلى ، ليست هذه الانتماءات النظرية والولاءات الصورية ، وانما المهم هو العمل الصالح الذي يكون خالصا لوجه الله سبحانه وتعالى ، تحت ظل الانتماء والولاء المشروع. إنّ العمل هو الذي يفرق بين أخوين ، كما يجمع بين رجلين غريبين ، يختلف كلّ شيء في حياتهما باستثناء (العمل الصالح).

فالصبر يجمع بين إسماعيل وإدريس وذي الكفل ـ كما بينّا في الدرس السابق ـ بالرغم من إنّ إدريس في بلد آخر ، وربما في عصر ما قبل التاريخ المكتوب ، بينما ذو الكفل كان في عصر متأخر ، وفي بلد ثان.

ويعود القرآن الى التأكيد على فكرة المسؤولية ، وتحطيم الأصنام النفسية ، التي تحول دون إيمان الإنسان بمسؤوليته ، ومن تلك الأصنام (صنم الطائفية).

٣٧٤

بعض الناس يتهربون من مسئولياتهم في الحياة ، اعتقادا بأن دينهم الذي يلتزمون به ويتمسكون بعقائده أفضل من دين الآخرين ومن عقائدهم ، وأن نبيّهم أفضل من سائر الأنبياء ، وأن إمامهم أفضل من سائر الأئمة ، ويحسبون أن ذلك يغنيهم عن العمل ، وعن تحمل مسئوليتهم الجدّية في الحياة ، ويأتي القرآن ، ليهدم هذه العقدة النفسية ، ويبين بأن الأنبياء هم أمة واحدة ويشكلون القدوة الحسنة للبشرية. فاذن ، لا مجال هناك لإيجاد خلاف بين الأنبياء ، لكي نقول : إنّا ننتمي الى هذا فنحن أفضل منكم. كلّا! إنّ الذي ينتمي الى محمد (ص) ينتمي الى عيسى (ع) وموسى (ع) وإبراهيم (ع) وإدريس (ع) ونوح (ع) ، وجميع الأنبياء والصديقين عليهم الصلاة والسلام ، ومن ينتمي إليهم صادقا فهو ينتمي الى محمد (ص) ، والانتماء الحقيقي هو العمل الصالح ، لذلك يربط القرآن بين فكرة وحدة الأنبياء وفكرة الجزاء ، وفور ما يحدثنا عن وحدة الأنبياء ، يقول الله تعالى :

(إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)

ويحدثنا في آيات تالية عن الآخرة ، وعن أشراط الساعة ، لان الاقتصار على الولاء النظري الجامد إنّما هو صنمية يجب أن تحطم في نفوس البشر لكي لا يلجأ إليها الإنسان خشية تحمله المسؤولية ، ذلك لأن القرآن يعالج الفكرة الخاطئة بأمرين :

أولا : يكشف القرآن الحكيم زيف الفكرة التي يعتمد عليها البشر ، ويبرّر بها لا مسئوليته ، ولا جدّيته في الحياة.

فمثلا يقول : إن الهروب الى ظل التفرقة الطائفية والمذهبية ، للتخلص من ثقل المسؤولية خطأ ، ذلك لان الرسالات الالهية إنّما هي واحدة.

٣٧٥

ثانيا : يقتلع الجذر النفسي الذي تعتمد عليه هذه الفكرة.

لما ذا يهرب الإنسان الى ظل الطائفية ، والمذهبية؟ ولما ذا يريد أن يفرق بين الله ورسله؟ لأنه لم يستوعب حقيقة الجزاء بصورة جدّية.

فاذا عرف الإنسان : إنّ عمله سوف يجازى عليه جزاء حقيقيا مؤكدا وإنه لا يستطيع أن يهرب من جدّية الحياة وتحمل مسئولياتها فانه لا يبرر تقاعسه بهذه الأفكار الخاطئة ، وهكذا استخدم السياق القرآني هذين الاسلوبين كما سوف نرى.

والآية تدعو الى وحدة الأمة الإسلامية ، أما ما نراه اليوم من تعدد الدول الإسلامية وتعدد الأنظمة الحاكمة فيها فهو خلاف المنهج القرآني القويم وهو السر في تخلفنا وشقائنا.

(وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ)

بدل أن يقول القرآن وتقطعوا رسالاتهم قال : (وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ) ، لعلّه لكي يوضح بأنّه حتى ولو اختلف الناس في الدين ، فان الدين لا يختلف لأنه واحد ، وعند ما يتقطع الناس أمرهم ، ويختلفون في الرسالات والرسل ، انطلاقا من أهوائهم ومصالحهم المادية في الدنيا ، فهذا سيضعهم أمام مسئولية خطيرة بين يدي الله سبحانه وتعالى يوم القيامة.

(كُلٌّ إِلَيْنا راجِعُونَ)

الجميع يعودون إلينا ، ولكن لا نقيسهم بأمرهم ، إنّما نقيسهم بأمرنا (أي برسالاتنا) ورسالاتنا واحدة ، وحكمنا واحد.

٣٧٦

[٩٤] وحينما يقول الإنسان : أنا مسلم ، نسأله أولا : ما هو عملك؟ ، أو يقول : أنا أنتمي الى السيد المسيح (ع) ، نقول له : المسيح يجازى بعمله وأنت تجازى بعملك وحدك.

(فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ)

اعمل أيّ شيء من الصالحات قليلا كان أو كثيرا فانك ستراه وستشكر على سعيك ، وتعطى عليه الجزاء المناسب ، إن كنت مؤمنا.

(وَإِنَّا لَهُ كاتِبُونَ)

ما دام القلم بيد الله ، والسجل بيده ، فهو لا ينسى عملك ، فلا تقل : إن هذا العمل لا أحد يعلم به ، فما الفائدة من القيام به؟ ، ونجد في كلمة «من الصالحات» إشارة الى إن على الإنسان أن لا يستصغر أيّ عمل يكون فيه خير ، لأنّ أعمال الخير الصغيرة عند ما تتجمع فانها ستكون أعمالا عظيمة ، يظهر أثرها في المجتمع على المدى القريب أو البعيد.

دع هذا الاحساس ينمو عندك : بأن الله يراقبك ويسجل كلّ كبيرة وصغيرة من أعمالك الحسنة ، آنئذ تندفع الى العمل بروح عالية وأمل مشرق.

[٩٥] (وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ)

إن تلك القرى (أي الأمم والمجتمعات التي يدمّرها الله بسبب كفرها وأعمالها المنحرفة) لن تعود الى الحياة أبدا ، وهذا ما يؤيده حديث منقول عن الامام أبي جعفر الباقر (ع) حول القيامة الصغرى (١) ، وهناك معنى آخر للآية الكريمة قاله بعض

__________________

(١) راجع تفسير نور الثقلين / ج ٣ ـ ص ٤٦٠.

٣٧٧

المفسرين :

إن القرية التي تهلك تعود الى الجزاء ، وهذا المعنى يفهم من سائر الآيات القرآنية أيضا ، فتكون الآية مشيرة الى أنّ هناك ساعتي هلاك للأمم الظالمة : ساعة خاصة بها ، وساعة للكون كله ، وهي الساعة العظمى والقيامة الكبرى.

نهاية الحضارات :

[٩٦] (حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ)

أي إنّ الطريق أمام يأجوج ومأجوج قد انفتح ، فيندفعون مسرعين من الأماكن المرتفعة ليغزوا بلدان العالم ـ أما ذلك السد الذي ذكره القرآن في سورة الكهف ـ فيكون آنذاك قد أنهار ، ويأجوج ومأجوج الذين هم رمز الخراب يكونون قد جاؤوا ، يقول بعض علماء الحضارة : بأن الحضارة أشبه ما تكون بشجرة إذا مرّ عليها الزمان تتسوّس من داخلها ولكنها تبقى قائمة الى أن يأتي من الخارج من يقوم بتحريكها حركة بسيطة فتقع على الأرض ، وهكذا الحضارات يعيث بداخلها الفساد ولكنها تبقى الى أن تأتي موجة بربرية من أطرافها فتقضي عليها قضاء نهائيا ، وهذه نهاية كلّ الحضارات في التاريخ.

ولعلّ هذه الآية تلمح الى إنّ نهاية الحضارات البشرية تجري هكذا ، باعتبار إنّ يأجوج ومأجوج قوم برابرة همجيون ، يهجمون على هذه المجتمعات وينهونها.

ويبدو إنّه قبل قيام الساعة ستكون هناك موجة بربرية ، وإنّ الله سبحانه شاء أن ينهي حياة الإنسان بيد الإنسان نفسه ، أو ليس الظالم سيفه ينتقم به ، وينتقم منه.

٣٧٨

الوعد الحقّ :

[٩٧] (وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُ)

إذا جاء هؤلاء فاعلم بأن الساعة باتت قريبة ، وإذا جاءت الساعة فالإنسان لا يعرف ما ذا يعمل ، انه يفقد إرادته ويسيطر عليه الخوف ، وترى عينه قد وقفت في اتجاه محدد لا تتحول عنه يمنة أو يسرة من هول الموقف وشدة الرعب ، لذا يقول القرآن :

(فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يا وَيْلَنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا)

ترى هؤلاء يقولون : إنهم كانوا غافلين عن هذا ، ولكنهم سرعان ما يتذكرون إن غفلتهم كانت منهم أنفسهم ، ولذلك لا تكون مبررة لرفع المسؤولية عنهم ، فقالوا :

(بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ)

[٩٨] وهذه الأصنام التي تعبد من دون الله ، ويعتقد الإنسان انها تكفيه المسؤولية ، هي والذين يعبدونها سوف يصبحون وقود جهنم ، ويخلدون فيها مهانين ، فكيف تعبد أيها الإنسان هذا الصنم الذي ينبذ في الجحيم ، ويحترق في النار ، وتعتقد أنه سوف ينصرك من دون الله؟!

(إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ)

[٩٩] (لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها)

٣٧٩

لأنّ الآلهة لا يعقل أن تدخل جهنم.

(وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ)

الذين عبدوا والذين عبدوا من دون الله راضين بذلك.

والولاءات التي يعتقد الإنسان انها تكفيه مسئوليته في الحياة نوعان :

١ ـ الولاء للصالحين ولكن بصورة خاطئة اتخاذ هذا الولاء بديلا عن العمل ، فمن يوالي رسول الله محمد (ص) ولا يعمل بسنته وتعاليمه ، فانه لن يستفيد شيئا من ولائه.

٢ ـ الولاءات المنحرفة من أساسها ، كالولاء لرئيس العشيرة ، لرئيس التجمع ، للطاغوت ، لصاحب المال ، لصاحب الجاه ، من دون تقوى.

هذه الولاءات خاطئة من أساسها ، لأنّ الله سبحانه لم يأذن للإنسان باتباع أحد ، إلّا أولئك الذين عينهم في القرآن الكريم أو عرفهم عبر بصائر الذكر الحكيم.

[١٠٠] (لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ)

إنّهم لا يملكون سوى الصراخ ، ولكنهم من شدة العذاب والألم لا يسمعون صراخ بعضهم.

الذين سبقت لهم الحسنى :

[١٠١] إن المؤمنين الصادقين بعيدون عن نار جهنم ، وهم في شغل فاكهون يتنعمون في الجنة ، بينما هناك أناس يحترقون بالنيران الملتهبة ، وقد صمّت آذانهم

٣٨٠