من هدى القرآن - ج ٧

السيّد محمّد تقي المدرّسي

من هدى القرآن - ج ٧

المؤلف:

السيّد محمّد تقي المدرّسي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار محبّي الحسين عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-5648-10-6
ISBN الدورة:
964-5648-03-3

الصفحات: ٣٩٩

الأمر الثالث : الجمع بين رسالية الإنسان وطبيعته ، فلكي تكون رساليا ليس من الضروري أن تترك طبيعتك ، ومسئوليتك الاجتماعية في الحياة ، بل يمكن أن تكون رساليا ، وفي نفس الوقت أبا أو ابنا أو أما ، وتحتفظ بكل المسؤوليات الاجتماعية التي يقوم بها أي فرد عادي.

بيّنات من الآيات :

(وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) :

[١٢] (يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا)

ولد يحيى وأعطاه الله الرسالة ، وأمره بأن يجعل كل حياته ، وجماع عزمه ، وشدّة بأسه في الالتزام بتبليغ هذه الرسالة ، فقد يأخذ الإنسان شيئا وهو غير مطمئن الى طبيعته أو نتيجته ، بينما يبحث فرد آخر عن نفس الشيء ، ويأخذه بقوة وهو مطمئن به ، مصمّم على الدفاع عنه ، وهكذا أمر الله يحيى بأن يأخذ الرسالة ، ولعلّه لذلك بقي يحيى حصورا فلم يتزوج ، شأنه شأن عيسى (ع) بل أعطى كل حياته للرسالة الالهية ، متحديا الحالة المادية التي طغت على بني إسرائيل ذلك اليوم وانغماسهم في الشهوات العاجلة.

ونتساءل : لما ذا أعطى الله يحيى الحكم صبيا؟ والجواب :

أولا : إكراما لوالده العظيم ولكي يكون آية لبني إسرائيل ، وللناس جميعا ، ولأنه جاء ليصحح مسيرة الأمة بعد انحرافها ، وقد استشهد في سبيل الله ، وكان من الطبيعي أن يكثر الطغاة الدعايات المضلّلة حوله ، فأعطاه الله آية لصدقه.

ثانيا : لأنه منذ نعومة أظافره كان في مستوى تلقّي الوحي ، فقد جاء في حديث مأثور عن أبي الحسن الرضا (ع) :

٢١

«ان الصبيان قالوا ليحيي اذهب بنا نلعب ، قال : ما للعب خلقنا ، فأنزل الله تعالى : (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا)».

(١) حينما طلب زكريا من الله سبحانه وتعالى أن يرزقه وليا فان أقصى ما كان يأمله هو أن يكون إنسانا رساليا ، ولكن الله تفضل عليه ، وفضله على الآخرين ، فأعطاه ولدا يحمل مسئولية الرسالة ، وجعله إماما للناس ، ولمّا يزل صبيا.

وهكذا فلنعلم بأننا إذا أخلصنا لربنا ، ودعوناه دعاء خفيّا ، متضرعين اليه ، آنئذ لا يستجيب الله لنا دعاءنا فقط بل ويعطينا أكثر مما كنّا نأمل.

(وَكانَ تَقِيًّا) :

[١٣] (وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً وَكانَ تَقِيًّا) هذه هي الصفات النفسية التي كانت عند يحيى :

الصفة الأولى : هي أنه كان يحنّ على الناس ، إننا نجد أن أكثر الناس يعيشون لأنفسهم ، وقليل أولئك الذين يعيشون للناس جميعا ، بعيدين عن السجن المحيط بذواتهم ، وهذه هي الصفة الاجتماعية المثلى التي يجب أن يتحلى بها الابن ، وعلى الوالد أن يربّي ابنه على الروح الجماعية ، فلا يقل له : لا تخرج مع أولاد الجيران لأنهم يضربونك ، أو لا تدعهم يرون هذا المتاع عندك لئلا يطلبونه منك ، فهذا مثل للتربية الخاطئة ، بل على العكس من ذلك إذا أعطيت لابنك درهما قل له : إذا اشتريت شيئا تقاسمه مع زملائك ، فيجب أن تربي ابنك منذ نعومة أظفاره على أن يحن على الناس ، ويرى نفسه مسئولة عن الآخرين.

وينبغي أن يكون هذا الحنان في اطار توحيد الله سبحانه ، فقد يكون للحنان جانب سلبي ، وهو أن يحن الإنسان على الآخرين فيخضع لهم ، ويخرج عن حدود

__________________

(١) تفسير نور الثقلين ج ٣ ص ٣٢٥.

٢٢

الله ، وهذا خطأ ، انما يجب عليه أن يحن عليهم ، ويخضع لله ، وهكذا كان يحيى ، ولعل الآية تشير الى ذلك.

الصفة الثانية : التقوى. والأحاديث كثيرة عن تقوى يحيى (ع) وكيف كان يخاف الله ويخشاه ، يقال : بأن زكريا كان يمنع ابنه يحيى من أن يحضر مجالسه لأنه لم يكن يحتمل مواعظ والده ، ولكن يحيى جاء واختبأ تحت المنبر ، فصعد زكريا وأخذ يخوف الناس نار جهنم ، وإذا به يجد يحيى من تحت المنبر باكيا ، ويهيم على وجهه في الصحراء ، فأخذ الناس يبحثون عنه في كل مكان ، فلم يجدوه الّا بعد فترة جالسا على ماء ، يبكى بكاء مرّا ، ويناجي ربه ، ويدعوه أن ينجيه من نار جهنم ، وقد ورد في حديث شريف ، عن أبي بعير قال قلت لأبي عبد الله (ع) عن قوله في كتابه «حَناناً مِنْ لَدُنَّا» قال :

«انه كان يحيى إذ قال في دعائه يا رب يا الله! ناداه الله من السماء لبيك يا يحيى سل حاجتك» (١)

[١٤] الصفة الثالثة :

(وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا)

انه كان يحسن معاملة والديه ، ويعتني بهما. ويبدو ان هذه الصفات الثلاث التي وردت في الآية وهي : الحنان ، والتقوى ، والبرّ ، تنبع جميعا من صفة واحدة وهي : العلاقة الايجابية مع أبيه وأمه ومجتمعة.

ان الولد المشاكس يسمّيه القرآن جبارا ، والجبّار هو الذي يعيش لنفسه فقط ، وحسب أهوائه ، ويتصرف حسب بغضه وحبه ، ويرى نفسه أعلى من الآخرين ، ولكن يحيى لم يكن جبارا ، ولم يكن عصيا ، أي لم يكن يهدف العصيان والتمرد

__________________

(١) المصدر ص ٣٢٦.

٢٣

على والديه أو على الناس.

[١٥] (وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا)

ان من الأمور التي كان قد طلبها زكريا هي أنه قال : «وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا» ، وفي هذه الآية نرى استجابة الله تعالى لهذا الطلب ، فقد عاش يحيى سالما ، ومعه السلام ، فالمجتمع أحبّه ، والله أحبّه ، وفي المستقبل ـ بعد موته ـ سوف يحبه الناس.

ان يحيى قد استشهد في سبيل الله ، ولكن الشهادة في نظر الإسلام تعتبر سلاما بالنسبة إلى المؤمن ، فالإنسان إذا كان يجب أن يموت ولا بد! فلتكن ميتته الشهادة ، ليحصل على السلام الذي يعني النجاة والخير ، بلى ان للإنسان ثلاثة مواقع صعبة عليه أن يمرّ بها : يوم يولد ، و(يَوْمَ يَمُوتُ ، وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا) ، وإذا كان في هذه الأيام الثلاثة محاطا من قبل الله بالسلام فانه سعيد حقا ، جاء في حديث مأثور عن الامام الرضا (ع) انه قال :

إن أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاث مواطن ، يوم يولد ويخرج من بطن أمه فيرى الدنيا ، ويوم يموت فيرى الآخرة وأهلها ، ويوم يبعث فيرى أحكاما لم يرها في دار الدنيا ، وقد سلّم الله عز وجل على يحيى في هذه الثلاثة المواطن ، وآمن روعته فقال : «وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا» وقد سلّم عيسى بن مريم على نفسه في هذه الثلاثة المواطن فقال : «وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا» (١)

(وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا) :

[١٦] (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا)

تلك كانت قصة يحيى وأبيه عليهما السلام ، وبعدها يبدأ ربنا سبحانه في سرد

__________________

(١) المصدر ص ٣٢٧.

٢٤

قصّة مريم وابنها عيسى عليهما السلام حيث جلست مريم في مكان شرقي ، في الغرفة التي بنيت في شرق بيت المقدس ، ولعلّ معنى «انتبذت» تنحت عنهم ، تواضعا لله ، وجلست مكانا لا يتردد عليه أحد ، كما ان اختيارها للجانب الشرقي ربما كان لأنه الأقرب الى الطهارة لشروق الشمس عليه.

[١٧] (فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً)

أي جعلت حجابا بينهم وبين نفسها لكي تتفرغ لعبادتها بإخلاص دون أن يشغلها أحد ، ولعل الآية توحي بأن صلاة المرأة في المخدع أفضل من غيره ، وجاء في الحديث :

«مسجد المرأة بيتها».

(فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا)

هنا ارتاعت مريم الصديقة الطاهرة (عليها السلام) فلأول مرة في حياتها ترى بشرا سويّا يأتيها ، ولم تعرف لما ذا أتى؟ وما هو هدفه؟ خصوصا وإنها قد احتجبت عنه ، ومجرد دخوله عليها من دون إذنها كان أمرا عجيبا.

وتمثّل الروح هو ظهوره في هيئة معيّنة ، والهيئة التي أرادها الله لروحه كانت على هيئة بشر سوي ، متكامل ، لعله لامتحان مريم الصديقة العذراء ، باعتبار ان البشر السوي أكثر إثارة لغرائز المرأة.

[١٨] (قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا)

كانت شجاعة ، وكانت مؤمنة ، وعرفت كيف تتعامل في الموقف الصعب ، فتوجهت الى ذلك الرجل قائلة : إنّي أعوذ بالرحمن منك لو كنت تقيّا ، فحذّرته من

٢٥

الله حتى يرتدع عمّا قد يريد من الفاحشة ، والاستعاذة بالله دليل عمق الإيمان ، إذ أن كثيرا من المؤمنين قد تذهلهم المفاجأة عن الركون الى ربهم في الموقف الصعب ، أما مريم فلقد استعاذت منه بالله الرحمن ، فهدفت أمرين :

تقوية ارادتها ، وبعث الرعب في قلب الطرف الآخر ، ثم ذكرته بأن عمله مخالف للتقوى.

[١٩] (قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا)

[٢٠] (قالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا)

هنا نرى ان مريم لا تزال محتفظة بكل أعصابها أمام هذه المفاجأة وهي في سن مبكر فأخذت تحاور الملك ، وتقول : إنّي لست متزوجة ، كما أنّي لست باغية ، فكيف أرزق ولدا!

[٢١] (قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ)

لأن الله قال : بأن ذلك عمل هيّن بالنسبة إليه ، وهدفه من ذلك هو أن يكون هذا الوليد آية له على خلقه ، ويبدو أن الملك العظيم حمّلها مسئولية بهذا القول ، إذ بين لنا أن عليها أن تتحمل صعوبة الحمل والولادة ، وتهم الناس وما أشبه من أجل هداية الناس ، لأن وليدها سوف يصبح آية لله على الناس.

(وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا)

بالاضافة الى ذلك فهو رحمة للناس ، علمه رحمة ، ورسالته رحمة ، واعماله رحمة ، ولعل الملك العظيم هدّأ خاطرها بهذه الكلمة ، فإن آيات الله قد تكون من نوع آخر ، بينما وليدها المنتظر سيكون رحمة للناس ولها أيضا.

٢٦

(وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا)

وانتهى جبرائيل الملك الذي تمثل لمريم في صورة بشر سويّ من الاجابة على تساؤلات مريم ، وقال : إن ذلك أمر من الله ، أما كيف يحدث هذا؟ ولما ذا يحدث؟ هذا أمر قد قضاه الله سبحانه وتعالى وقدّره.

٢٧

فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا (٢٢) فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا (٢٣) فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (٢٤) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا (٢٥) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (٢٦) فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا (٢٧) يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (٢٨) فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي

______________________

٢٢ [قصيّا] : القصي البعيد ، والقاصي خلاف الداني.

٢٥ [جنيّا] : الجني بمعنى المجني من جني الثمر إذا قطعتها.

٢٧ [فريّا] : عظيما.

٢٨

الْمَهْدِ صَبِيًّا (٢٩) قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (٣٠) وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا (٣١) وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا (٣٢) وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (٣٣)

٢٩

يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا

هدى من الآيات :

تحدثنا في الدرسين الماضيين للسورة عن العلاقة بين الإنسان وبين والده أو والدته ، وانّه يجب أن يكون في إطار التقوى ، ذلك ان المحور الأساسي في حياة البشر ينبغي أن يكون العبودية المطلقة لله سبحانه.

ولكن يطرح هذا السؤال : لما ذا ينبغي أن تكون علاقتنا بأبنائنا ، بل كل علاقاتنا في إطار التقوى وعبودية الله؟

والجواب :

أولا : ان سنّة الحياة وطبيعتها هي : ان كل شيء من الله والى الله : (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) بمعنى أن الحياة الطبيعية والفطرية قائمة بالعبودية المطلقة لله ، إذن يجب أن تكون علاقاتنا انعكاسا للحياة الطبيعية الموجودة في الكون.

من الذي وهب لي ابنا؟

٣٠

ومن الذي قدّر لهذا الابن أن ينمو؟

ومن الذي يسبغ هذه النعم ان شاء ، أو يمنعها ان شاء؟ أو ليس الله؟!

ثانيا : حينما تسوأ علاقتنا بأبنائنا بسبب ظلمهم ، تبقى علاقتنا بالله سليمة ، وإذا اعتمدنا على التقوى آنئذ لا نجد ركنا نلتجئ اليه سوى الله.

ونستوحي من هذه الآيات أيضا معنى الفرج بعد الكرب ، وبالذات في بناء الأسرة الأصعب من كل بناء ، الزواج هو تحمّل مسئولية الحياة بكل أبعادها ، فالزواج والولوج في امتحانات عسيرة ، ومتعددة الجوانب ، ومن دون ثقة كاملة بنصر الله قد تتهاوى ارادة الإنسان وتخور عزائمه ، ولهذا يضرب القرآن هنا مثلا للفرج بعد الكرب الذي أصاب مريم.

بينّات من الآيات :

المخاض الصعب :

[٢٢] (فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا)

حينما أرادت مريم أن تتزهّد لتعبد الله ، انتبذت مكانا شرقيّا ، قريبا ، في بيت المقدس في غرفة فيه ، واتخذت من دونهم حجابا ، وأخذت تتبتل الى ربها ، ولكنها بعد الحمل انتبذت مكانا قصيّا ، أضف الى ذلك أن الحمل كان صعبا ومجهدا ، لأنها لم ترد (عليها السلام) أن يظهر ذلك للناس ، لذلك ابتعدت عنهم.

[٢٣] (فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ)

كم طالت الفترة بين حمل مريم وبين مخاضها؟ هناك أحاديث عديدة : بعضها يقول : ستة أشهر وهو الحديث الأقوى ، وبعضها يقول تسع ساعات ، لأنها حملت في

٣١

بداية النهار ، وفرغت من حملها في نهايته ، وبعضهم يقول ساعتين ـ الله أعلم ـ وانما نحن مع هذه الآية التي تصور لنا حالة صعبة كانت تعيشها مريم (ع) بحيث ان المخاض يجبرها على أن تلتجئ الى جذع النخلة ، فحينما جاءها المخاض ، لم تجد دارا أو بيتا تلتجئ اليه ، وانما وجدت شيئا واحدا وهو جذع نخلة.

(قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا)

فتاة عذراء ، تركت الدنيا ولم تر مسئوليات الحياة ، ـ سواء كانت مسئوليات البيت أو مسئوليات المجتمع ـ لأنها كانت متعبدة ، ومتحررة من علاقات الدنيا ، ويأتيها المخاض ، وهذه أول تجربة لها في الحياة ، فلم تعرف كيف تتصرف تجاهها ، كما انها كانت وحيدة في الصحراء ، ولم تجد من يمد لها يد العون! آنئذ شعرت بمشقة بالغة وكرب عظيم فقالت :

(وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا)

والإنسان يريد الحياة وما فيها من علاقات ليشاع له الذكر الطيّب بين الناس ، ولذلك يتحمل الإنسان كل الصعوبات ، فهو يخوض الحرب مثلا ، ويعرض نفسه للموت من أجل أن يقال : ان فلان بطل شجاع ، ولكن مريم تناست حتى هذه الرغبة في ذاتها ، وتمنت لو انها كانت نسيا منسيا.

والنسي المنسي ، هو الذي نسي ونسي أنه قد نسي ، فصار وكأنه لم يكن أبدا ، فقد ينسى الإنسان شيئا ، ولكنه يتذكر أنه قد نسي شيئا ، فيفكر حتى يتذكر ، أما ان تنسى وتنسى انك قد نسيت ، فهذا هو النسي المنسي ، وكأن مريم (عليها السلام) تمنت لو نسيت ولم يبق لها أي أثر يذكر.

٣٢

الخلف الطيّب :

[٢٤] (فَناداها مِنْ تَحْتِها)

اختلف المفسرون فيمن ناداها؟! هل كان جبرائيل باعتبار ان مريم كانت واقفة على ربوة وجبرائيل كان واقفا تحت الربوة ، لذلك كان هو المنادي ، أو كان عيسى ، وأتصوّر أن المنادي هو عيسى الوليد الجديد ، وهذا ينسجم مع سياق الحديث القرآني ، بينما جبرائيل لم يكن اسمه مذكورا في سياق هذه الآيات.

(أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا)

يبدو أن مريم حينما حملت فكرت في ما بعد الحمل .. ما ذا سيحدث؟ ما ذا سيقول عنها الناس؟ وحينما وضعت تركزت هذه الفكرة في ذهنها فاحتارت ما ذا تفعل؟ والى أين تذهب؟ لذلك فان أول كلمة قالها عيسى لها هي : ألا تحزني ـ أي لا تحملي هموم المستقبل ـ وهكذا يجب أن تكون المرأة بالنسبة الى مسئوليات الحياة الزوجية ، فبعض النساء يقلقن من شؤون الحياة ، ويفكرن كثيرا في مستقبل الطفل ، وهذه الأفكار غير صحيحة ، لأن الذي خلق هذا الطفل ، وقدّر للمرأة أن تكون أمّا سوف يعينها عليه ، وعلينا أن نعيش لحظتنا ، بالرغم من ضرورة التخطيط للمستقبل ، إلّا أن التخطيط عمل الفكر بينما الهم عمل القلب ، وليس من الصحيح أن نتحمل هذه اللحظة خوف همّ المستقبل ، وحزن الماضي ، فتصبح الحياة فيها جحيما ، ويبدو من السياق ان كلمة السريّ أقرب الى مفهوم النهر الرافد ، إذ أنه (ع) أشار إليها بوجود نهر في أسفل الربوة ، هذا من جهة ومن جهة ثانية فقد أشار إليها ما ذا تطعم وقال :

[٢٥] (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا)

٣٣

١ ـ في الأحاديث أن مريم رفعت رأسها الى السماء ـ وقالت يا إلهي في الأيام العادية التي كنت فيها شابة ، ولا أعاني فيها مرض ولا ألم ، كان الطعام ينزل عليّ من السماء بدون صعوبة ، والآن في هذه الحالة عليّ أن أهز جذع النخلة حتى تتساقط عليّ رطبا جنيا؟! لما ذا؟! فجاءها الوحي أو قال لها عيسى ـ لا أعلم بالضبط ـ انه في ذلك اليوم كانت علاقتك فقط بي وما كنتي تعرفين إلّا الله ، أما الآن فقد توزعت علاقتك بين الله وابنك ، ولذلك لا بدّ أن تهزي جذع النخلة.

٢ ـ وهناك تفسير آخر لهذه الآية وهو : أنّ على الإنسان أن يتحمل صعوبات الحياة ، ومن دون التعب لا يحصل الإنسان على شيء ، فقسم من التعب عليك ، والقسم الآخر الله سبحانه هو الذي يدبره ويقدره.

(تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا)

في الأحاديث (إن أفضل ما تطعم النفساء من الأطعمة الرطب) لأن الرطب يحتوي على كل المواد التي يحتاجها الجسم ، وبنسبة احتياج الجسم ، يقول بعض العلماء ان في التمر ١٣ مادة حياتية وخمسة أنواع من الفيتامين ، لهذا تطعم المرأة الواضع في بعض الدول التمر لمدّة أربعين يوما.

[٢٦] (فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً)

لا تفكري بهذا الولد كيف يصبح في المستقبل؟ انه سوف يصبح قرة عين لك.

(فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا)

لقد بدأت مساعدة عيسى لوالدته من تلك اللحظات الأولى ، والسبب هو ان

٣٤

عيسى كان معجزة في الحياة ، أما في سائر الحالات الطبيعية ، فان على الولد أن يساعد أمه متى كبر واشتدّ عوده ، ويجب أن تفكر الأم وهي تخوض غمرات الحياة الصعبة أن مستقبلها سيكون مضمونا بسبب هذا الولد ، وان بعد العسر يأتي اليسر ، والعبرة التي نستلهمها هي : ان الصيام في الشرائع السابقة كان مقرونا بعدم التكلم ، فعيسى أشار لمريم بأن تقول للناس : انني صائمة من دون أن تقول كلاما ، لأنها إذا تكلمت بطل صومها ، وبالرغم من انّ هذا النوع من الصوم قد نسخ في شريعة النبي محمد (صلى الله عليه وآله) الّا ان بعض ايجابياته لا تزال باقية حيث جاء في رواية مأثورة عن الامام الصادق (ع) :

ان الصوم ليس من الطعام والشراب وحده ، ان مريم قالت : «إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً» ـ أي صمتا ـ فاحفظوا ألسنتكم ، وغضوا أبصاركم ، ولا تحاسدوا ولا تنازعوا (١)

وانما تستعمل الاشارة بدليل الآيات التالية التي تفيد بأن مريم أشارت بيدها الى ولدها ليعلم القوم انها لا تتكلّم.

التهمة المفتراة :

[٢٧] (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ)

امرأة عذراء ، غير متزوجة ، صغيرة السن ، تحمل ولدا رضيعا!!

(قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا)

أي عظيما عجيبا.

__________________

(١) وسائل الشيعة ج ٧ ص ٣٩٠.

٣٥

ويبدو أنّهم في البداية لم يتهموها بالفاحشة ، ولكنّهم شيئا فشيئا اتهموها بها بصورة غير مباشرة :

[٢٨] (يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا)

لقد ذكّروها بأنها أخت هارون ، والواقع ان مريم لم تكن أختا لهارون ، وانما كانت من عائلة زكية طاهرة نقية يقف في رأسها هارون أخو موسى (عليه الصلاة والسلام) ومن المعروف انه حينما كانوا يريدون أن ينسبوا أحدا الى عائلة كانوا ينسبونه الى عشيرته ، ولأن هارون كان مشهورا بالتقوى والطهارة ، لذلك قالوا لمريم : «يا أخت هارون» وهذا الأسلوب معروفا أيضا في اللغة العربية ، حيث ان العرب حينما كانوا يريدون أن ينسبوا شخصا الى عشيرته يقولون له : يا أخا فلان.

قالوا لها : نحن نعرف أباك ، فلم يكن سيء الخلق ، وأمك لم تكن بغيّا ، فمن أين هذا الطفل؟! ومن هذه الآية نستطيع أن نستوحي مدى تأثير الوراثة والتربية في حياة الإنسان ، لأنهم عرفوا ان العائلة الزكية يجب أن تخرج منها امرأة زكية ، والعكس صحيح غالبا ، فمن عائلة غير شريفة لا يستبعد أن تخرج منها امرأة غير شريفة.

[٢٩] (فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا)

كيف نكلم من لم يزل في المهد طفلا؟! فظنّوا ان مريم انما تستهزئ بهم ، ولكن لم يلبث عيسى أن نطق بكلام فصيح ، وبيّن :

أولا : ثلاث صفات أساسية لنفسه : عبوديته لله ـ وهي أصل كل خير ـ وانه يحمل كتابا ، وهو نبي.

ثانيا : ثلاث قيم لرسالته ودعوته : (البركة ، والصلاة ، والزكاة).

٣٦

ثالثا : ثلاث سمات ، لسلوكه وأخلاقه (وَبَرًّا بِوالِدَتِي ، وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً ، شَقِيًّا)

رابعا : ثلاث نتائج له ولمن يتبعه (وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ ، وَيَوْمَ أَمُوتُ ، وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا).

من هو عيسى بن مريم :

[٣٠] (قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا)

ولد عيسى بن مريم (عليه السلام) وهو يحمل الصفات المثلى ، وبالتالي كان قدوة لنا ، وانما نلقي على هذه الآية الضوء لكي نقتدي بما يمكن أن نقتدي به من ، صفاته (عليه السلام) ، فما هي تلك الصفات؟ في البداية قال : إنّي عبد الله ليؤكد صفة العبودية في نفسه ، وبالتالي ينسف قاعدة عبادة البشر ، تلك القاعدة التي كانت من الممكن أن تترسخ في ذهنية بني إسرائيل بسبب الولادة المعجزة أولا ، وتكلّمه في المهد ثانيا ، ومعرفته بالكتاب صبيّا ثالثا.

وقد يتساءل البعض كيف نقتدي بعيسى (عليه السلام) في هذه الصفات ، وهل على الأم مثلا أن تبحث عن رسالة لابنها حتى يصبح نبيا؟ الجواب : كلّا .. ان ذلك ليس مهمة الأم ، ولكن على الأم أن تربي ابنها لكي يصبح مبلّغا ، داعيا الى الله مثلما كانت امرأة عمران ، عند ما نذرت ما في بطنها محررا ، فلما ذا لا تفكّر كل امرأة حامل منذ البدء أن تجعل ابنها محررا عاملا في سبيل الله؟!

ان المرأة إذا فكرت منذ البدء أن يكون ابنها الذي لا يزال في رحمها عاملا في سبيل الله ، وداعيا الى الحق ، فان الله سبحانه وتعالى يبارك لها في هذا الولد.

قالوا لأم الشيخ الأنصاري (وهو أحد كبار علمائنا الزاهدين) : ان ابنك قد

٣٧

أصبح مرجعا دينيا كبيرا!! فلم تتعجب وقالت : لقد كنت أتوقع ذلك ، فقالوا لها : كيف؟ فقالت : لأني لم أكن أرضعه إلا وأنا على وضوء ، حتى أنه في منتصف الليل عند ما كان يستيقظ طالبا الحليب ، كنت أنهض من الفراش لأتوضأ ثم ألقمه ثديي.

ان هذه الأم كانت منذ البداية تنشد لابنها ذلك المقام الأسمى ، فأعطاها الله ما طلبت بفضله.

رسالته؟

[٣١] (وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ)

لقد كان عيسى يشع بالخير ، ويتفجر المعروف من جوانبه كما العين المعطاء.

وهكذا يجب أن يربي الإنسان أولاده على حب الخير ، والعمل للآخرين وان يكونوا أبدا مركز الحب وينبوع البركة ، أينما حلوا حلت معهم البركة.

واننا نقرأ في التاريخ ان فاطمة الزهراء (ع) وقفت في محرابها ذات ليلة تصلي وتدعو حتى مطلع الفجر فدعت الله لكلّ الناس باستثناء نفسها وأولادها ، وكان ابنها الحسين (ع) وهو صبي الى جنبها فقال لها :

«يا أماه دعوت لكل الناس ما عدانا؟ قالت : نعم يا بني .. الجار ثم الدار»

انظروا الى تربية فاطمة الزهراء (ع) لابنها ، انها منذ البدء ربّت أبناءها على حب الآخرين ، وفعل الخير الى الناس جميعا ، وهكذا كان عيسى (ع) مباركا ، أينما كان ، يفعل الخير ، ويدعو اليه.

(وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا)

٣٨

والصلاة والزكاة هما أسمى ركيزتين بعد عبادة الله وحده وتوحيده ، وقد استدل عيسى على صدق رسالته بهاتين الركيزتين ، حيث ان اقامة الصلاة وإيتاء الزّكاة فريضتان معروفتان.

أخلاقه؟

[٣٢] (وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا)

الجبار هو الذي لا يرى لأحد حقا عليه ، بينما يفرض على الناس حقوقه ، أما الشقي فهو الذي يسبب لنفسه البلاء ، والصفات الثلاث التي هي سلوك النبي عيسى (عليه السلام) تعود في الواقع الى جذر واحد ، وهو الخروج عن شح الذات الى أفق الحق ، والعيش للناس وليس للذات ، وجعل الحق وليس النفس واهوائها محورا.

وإنّ في هذه الآية تأكيد على دور الأم وضرورة البر بها ، وقد وصّى أنبياء الله جميعا بها خيرا ، والبرّ بها دليل الايمان ووسيلة الزلفى الى الله ، وقد أكد الإسلام على دورها ، وضرورة البر بها ، فهذا النبي محمد (صلى الله عليه وآله) يسأله رجل :

«من أحق الناس عليّ؟ قال : أمك ، قال : ثم من؟ قال : أمك ، قال : ثم من؟ قال : أباك» (١)

ومرة جاءت أم سلمة الى رسول الله تشكو اليه حالة بنات جنسها وتقول : ان كل الفخر للرجال ، فيقول لها الرسول (ص):

«بلى .. إذا حملت المرأة كانت بمنزلة الصائم ، القائم ، المجاهد بنفسه وماله في سبيل الله ، فاذا وضعت كان لها من الأجر ما لا يدري أحد ما هو لعظمه ، فاذا

__________________

(١) وسائل الشيعة ج ١٥ ص ٢٧٠.

٣٩

أرضعت كان لها بكل مصة تعدل محرر من ولد إسماعيل ، فاذا فرغت من رضاعه ضرب ملك كريم على جنبها وقال : استأنفي العمل فقد غفر لك» (١)

[٣٣] (وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا)

فحقيقة السعادة أو الشقاء تتجسد منذ لحظة الولادة.

وإنّه بعد ما وضح عيسى (عليه السلام) أهداف ومحتوى رسالته المبدئية ، أراد ان يكمل هذه الاهداف بتوضيح الإطار الاجتماعي لرسالته ، بأنه لم يرسل جبارا ، فيعثى في الأرض فسادا ، بل أرسل رحمة الى الناس وسلاما ، يحمل السلام إليهم منذ لحظة ولادته ، الى لحظة بعثه للحياة مرة اخرى.

وكلمة اخيرة : ان هذا الدرس يلخّص قيم الرسالة فيما يرتبط بدور الام ، وكيفية تربيتها لوليدها.

وان وراء كل قصة في القرآن قيمة حضارية.

__________________

(١) جامع السعادات ج ٢ ص ٢٦١.

٤٠