مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ١

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي

مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ١

المؤلف:

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي


المحقق: الشيخ محمّد باقر الخالصي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٠

ومع انقلاب أحدهما فالوجه الوضوء والتيمم

______________________________________________________

ولعلّه وجد المخالف أو أراد القاضي أو العجلي.

وفي «المبسوط (١) والمنتهى (٢) والروض (٣)» أنّه إذا تمكّن من الطهارة بالمزج والتكرير ، فالأحوط المزج ، لمساواة الممزوج المطلق ، ومع وجود المطلق لا يجوز الترديد. واحتمل المصنف في «النهاية» التخيير بينه وبين التكرير (٤).

قال الاستاذ أيّده الله تعالى : والمسألة مبنيّة على أنّ الاحتياط طريق في الاختيار أو أنّه إنّما يسوغ عند الاضطرار (٥).

[فيما لو انقلب أحد الماءين]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (ومع انقلاب أحدهما فالأقرب

__________________

(١) ظاهر عبارة المبسوط في الفرض لزوم التكرار لا المزج. قال في المبسوط ج ١ ص ٨ : إن كان أحدهما ماء والآخر ماء الورد منقطع الرائحة فاشتبها استعمل كلّ واحد منهما منفرداً ، لأنّه يتيقّن عند ذلك حصول الطهارة. انتهى. وأمّا ما حكاه عنه في الشرح من الحكم بالمزج احتياطاً عند التمكّن من الطهارة بالمزج والتكرار ، الظاهر في الاحتياط الوجوبي ، فليس فيه منه عين ولا أثر. نعم ذكر هو رحمه‌الله بعد صفحة فرعاً وهو أنّه : إذا كان معه رطلان من ماء واحتاج في طهارته إلى ثلاثة أرطال ومعه ماء ورد مقدار رطل فإن طرحه فيه لا يغلب عليه ولا يسلبه إطلاق اسم الماء فينبغي أن يجوز استعماله وإن سلبه إطلاق اسم الماء لم يجز استعماله في رفع الأحداث إلّا أنّ هذا وإن كان جائزاً فإنّه لا يجب عليه بل يكون فرضه التيمّم لأنّه ليس معه من الماء ما يكفيه لطهارته انتهى وهذه العبارة كما ترى صريحة في عدم وجوب المزج ولزوم التيمّم فما حكاه عنه في المبسوط غير صحيح.

(٢) ظاهر عبارة المنتهى مع كونه باحثاً في خلاف الفرض هو وجوب المزج وعدم التيمّم من أصله لا وجوب الاحتياط كما هو ظاهر ما حكاه عنه في الشرح راجع المنتهى : ج ١ ص ٢٣.

(٣) ظاهر عبارة الروض كعبارة المنتهى هو الفتوى بالوجوب لا الإحتياط كما حكاه عنه في الشرح راجع الروض : ص ١٣٣ س ٢٦.

(٤) نهاية الإحكام : كتاب الطهارة في المشتبه بالمضاف ج ١ ص ٢٥١.

(٥) لم نعثر على هذا الكلام منه في كتابيه الشرح والحاشية.

٥٤١

______________________________________________________

وجوب الوضوء والتيمّم) كما في «الذكرى (١) وجامع المقاصد (٢) والروض (٣)» وهو الوجه كما في «الإيضاح (٤)» وهو ظاهر «الدلائل» * وعليه الاستاذ (٥) أيّده الله تعالى.

وتأمّل في ذلك في «المدارك (٦)» قال : إنّ الحكم غير واضح مع أنّه ربما لاح منه أنّ هذا الحكم إجماعي.

وفي «نهاية الإحكام (٧)» احتمل وجوب التيمّم خاصّة.

وعلى قول ابن إدريس (٨) والقاضي (٩) في المشتبه يتعيّن التيمّم ، لعدم جريان الأصل ، بل هو جار على العكس ويقين الفراغ حاصل بالتيمّم على هذا الرأي.

قال في «جامع المقاصد» : ولا يخفى أنّه يجب تقديم الوضوء على التيمّم (١٠) انتهى.

__________________

(*) لأنّه ردّ ما استدلّوا به من أنّه كان المطلق موجوداً بيقين فلا يجوز له التيمّم ثمّ قال : والأوجه أن يستدلّ عليه بأن يقال شغل الذمّة إلى آخره (منه طاب ثراه).

__________________

(١) الذكرى : كتاب الصلاة في الماء المشتبه ص ١٢ س ٢٣.

(٢) جامع المقاصد : كتاب الطهارة أحكام المياه ج ١ ص ١٥٢.

(٣) الروض : كتاب الطهارة في الإناءين المشتبهين ص ١٥٦ س ٩.

(٤) الإيضاح : كتاب الطهارة الفصل الخامس في أحكام المياه ج ١ ص ٢٢.

(٥) مصابيح الظلام : كتاب الطهارة ج ١ ص ٥٣٢ س ٢١ (مخطوط مكتبة الگلپايگاني).

(٦) المدارك : كتاب الطهارة حكم الإناءين المشتبهين ج ١ ص ١٠٩.

(٧) نهاية الإحكام : كتاب الطهارة في المشتبه بالمضاف ج ١ ص ٢٥١.

(٨) السرائر : كتاب الطهارة أحكام المياه ج ١ ص ٨٧.

(٩) المهذّب : كتاب الطهارة العلم الإجمالي في الأواني ج ١ ص ٣٩.

(١٠) جامع المقاصد : كتاب الطهارة أحكام المياه ج ١ ص ١٥٢.

٥٤٢

وكذا يصلّي في الباقي من الثوبين وعارياً مع احتمال الثاني خاصّة ،

______________________________________________________

ولعلّه ظاهر الأكثر (١) وهو ظاهر الاستاذ (٢) الشريف أدام الله حراسته ووجّهه بأنّه إذا توضّأ أوّلاً صار فاقداً للماء بيقين.

[فيما لو عدم أحد الثوبين المشتبهين]

قوله قدس‌سره : (فيصلّي في الباقي من الثوبين وعارياً) كما في «نهاية الإحكام (٣) والذكرى (٤)». وربما لاح من «الإيضاح (٥)» اختياره.

وفي «الدروس» لو عدم أحد الثوبين المشتبهين صلّى في الباقي ، قيل : وعارياً (٦).

وفي «جامع المقاصد» أنّ اختيار المصنّف هنا ضعيف (٧).

وفي «الذكرى» : وعلى القول بجواز الصلاة في متيقّن النجاسة تكفيه الصلاة في الباقي (٨).

قوله قدّس الله تعالى روحه : (مع احتمال وجوب الثاني) يعني التيمّم والعراء كما فهمه ولده (٩) والكركي (١٠).

وضعّفه الكركي في «جامع المقاصد (١١)» وفي «حاشية الإرشاد» أنّ الصلاة

__________________

(١) منهم : الشهيد الثاني في الروض : كتاب الطهارة في الماء المشتبه ص ١٥٦ س ٩. والعاملي في المدارك : كتاب الطهارة حكم الإناءين المشتبهين ج ١ ص ١٠٩.

(٢) لم نعثر على هذا البحث في كتابه المصابيح ولعلّه نقله عن مجلس بحثه أو عن غير ذلك من كتبه الّتي لا تكون بأيدينا.

(٣) نهاية الإحكام : كتاب الطهارة في المشتبه بالمضاف ج ١ ص ٢٥١.

(٤ و ٨) الذكرى : كتاب الصلاة أحكام النجاسات ص ١٧ س ١٢.

(٥) الإيضاح : كتاب الطهارة أحكام المياه ج ١ ص ٢٢.

(٦) الدروس : كتاب الطهارة درس ٢١ في الثوب المشتبه ج ١ ص ١٢٧.

(٧ و ١٠ و ١١) جامع المقاصد : كتاب الطهارة في أحكام المياه ج ١ ص ١٥٢.

(٩) الإيضاح : كتاب الطهارة في أحكام المياه ج ١ ص ٢٢.

٥٤٣

ولو اشتبه بالمغصوب وجب اجتنابهما ، فإن تطهّر بهما فالوجه البطلان ،

______________________________________________________

بالثوب النجس أفضل من الصلاة عارياً (١).

وفي «كشف اللثام» أنّ بين تلف أحد الإناءين وتلف أحد الثوبين فرقاً واضحاً ، لوجود الساتر والشكّ في نجاسته في الثاني بخلاف الماء للطهارة فالشكّ في وجود أصله ، ولذا قد يتخيّل الاكتفاء بالصلاة في الثوب الباقي (٢).

وتمام الكلام يأتي في محلّه ان شاء الله تعالى بمحمّد وآله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

[اشتباه المباح بالمغصوب]

قوله قدس‌سره : (فإن تطهّر بهما فالوجه البطلان) كما عليه الأصحاب كما في «الدلائل» والأقوى البطلان كما في «نهاية الإحكام (٣) والمنتهى (٤) والتذكرة (٥) والإيضاح (٦) وجامع المقاصد (٧) وشرح الفاضل (٨)» إلّا أنّه في «التذكرة» : احتمل الصحّة ، لأنّه توضّأ بماء مملوك (٩) ويندفع بما في «نهاية الإحكام» من عدم وقوعه على الوجه المطلوب شرعاً (١٠).

__________________

(١) ويحتمل ان يراد بالحاشية غاية المراد : كتاب الطهارة النظر السادس في ما يتبع الطهارة ج ١ ص ٨٦ ولا يخفى أنّ حاشيته إنّما وردت في الثوب النجس المعلوم وبالأولويّة تشمل المقام فلا تغفل.

(٢) كشف اللثام : كتاب الطهارة أحكام المياه ج ١ ص ٣٧٣.

(٣) نهاية الإحكام : كتاب الطهارة في المشتبه بالمغصوب ج ١ ص ٢٥٠.

(٤) المنتهى : كتاب الطهارة في الأواني ج ١ ص ١٧٩.

(٥) التذكرة : كتاب الطهارة في الأسآر مسألة ١٣ ج ١ ص ٤٤.

(٦) الإيضاح : كتاب الطهارة أحكام المياه ج ١ ص ٢٣.

(٧) جامع المقاصد : كتاب الطهارة أحكام المياه ج ١ ص ١٥٣.

(٨) كشف اللثام : كتاب الطهارة أحكام المياه ص ٣٧٣.

(٩) التذكرة : كتاب الطهارة في الأسآر ج ١ ص ٤٤.

(١٠) نهاية الإحكام : كتاب الطهارة في المشتبه بالمغصوب ج ١ ص ٢٥٠.

٥٤٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي «الدلائل» بعد نسبة الحكم بالفساد إلى الأصحاب نقل عن الكليني ما حاصله : الفرق بين ما ينهى عنه لخصوص العبادة وما ينهى عنه لنفسه من المكان واللباس. ثمّ قال : وعلى قوله يصحّ الوضوء بالمغصوب ، لأنّه منهيّ عنه لنفسه ، وهو قوّي انتهى.

واستشكل في «الذخيرة (١)» نظراً إلى صحيحة عبد الله بن سنان عن الصادق عليه‌السلام : «كل شي‌ء فيه حلال وحرام» الحديث (٢). وقال الاستاذ أيّده الله تعالى : المراد بالخبر غير المحصور أو الجنس ممّا في أفراده الحلال والحرام (٣).

وقال في «الدلائل» لو جهل الغصبيّة ارتفع حدثه بلا خلاف. وهو خيرة الكتاب فيما سيأتي و «التذكرة (٤) ونهاية الإحكام (٥)» وغيرهما (٦).

وفي «الدلائل» أنّه لا يشترط جفاف ما على الأعضاء ، لأنّه كالتالف. قال : ومع النسيان فيه خلاف والأقوى أنّه كجاهل الغصبيّة ما لم يكن متهاوناً ، خلافاً لظاهر «التذكرة» انتهى.

وقال الشيخ نجيب الدين : لو علم بالغصب بعد غسل الأعضاء جاز المسح ببلله لأنّه في حكم التالف (٧).

وفي «التذكرة» أنّ جاهل الحكم كالعالم (٨). وكذا قال في «نهايته» إلّا أنّه قال على إشكال (٩).

__________________

(١) الذخيرة : كتاب الطهارة في المياه ص ١٣٨ س ٤٠.

(٢) وسائل الشيعة : ب ٦١ من أبواب الأطعمة المباحة ح ١ ج ١٧ ص ٩٠.

(٣) لم نعثر على ما حكى عنه في كتابيه الشرح والحاشية ولعلّه مذكور في حاشيته على الذخيرة أو الوافي وهما غير موجودتين.

(٤) التذكرة : كتاب الطهارة الأسآر مسألة ١٣ ج ١ ص ٤٥.

(٥) نهاية الإحكام : كتاب الطهارة في المشتبه بالمغصوب ج ١ ص ٢٥٠.

(٦) التحرير : كتاب الصلاة في أحكام الوضوء ج ١ ص ١١ س ١٠. والحدائق : كتاب الطهارة في الوضوء بالماء المغصوب ج ٢ ص ٣٧٥.

(٧) لا يوجد لدينا كتابه.

(٨) التذكرة : كتاب الطهارة في الأسآر ج ١ ص ٤٥.

(٩) نهاية الإحكام : كتاب الطهارة في المشتبه بالمغصوب ج ١ ص ٢٤٩.

٥٤٥

ولو غسل ثوبه أو بدنه من النجاسة به أو بالمشتبه به طهر. وهل يقوم ظنّ النجاسة مقام العلم؟ فيه نظر ، أقربه ذلك إن استند إلى سبب وإلّا فلا. ولو شهد عدل بنجاسة الماء لم يجب القبول وإن استند إلى السبب ،

______________________________________________________

وفي «الذكرى» أنّ الماء المستنبط من المغصوبة تابع للأرض في الملك (١). وهو الأصح كما في «النهاية» وفيها : لو ساق المباح إلى المغصوبة لم يكن مغصوباً (٢).

وسيأتي تمام الكلام في آخر بحث الوضوء إن شاء الله تعالى.

قوله قدّس الله تعالى روحه : (ولو غسل ثوبه أو بدنه من النجاسة به أو بالمشتبه به طهر) هذا ممّا لا كلام فيه.

وفي «النهاية (٣)» يجب عليه المثل أو القيمة. وغسل الميّت إن قلنا إنّه عبادة كالوضوء وإلّا فكغسل الثوب.

[في قيام ظنّ النجاسة مقام العلم]

قوله قدس‌سره : (وهل يقوم ظنّ النجاسة مقام العلم؟). القول بالقيام مطلقاً للشيخ في «النهاية» وأبي الصلاح. قال الشيخ : لا تجوز الصلاة في ثوب قد أصابته النجاسة مع العلم بذلك أو غلبة الظن (٤). وقال أبو الصلاح : لأنّ الشرعيّات كلّها ظنيّة (٥).

وردّه في «جامع المقاصد» بأنّ مناط الشرعيّات ظنّ مخصوص أجراه

__________________

(١) الذكرى : كتاب الصلاة غصبيّة الماء ص ١٢ س ١٨.

(٢ و ٣) نهاية الإحكام : كتاب الطهارة في المشتبه بالمغصوب ج ١ ص ٢٥٠.

(٤) النهاية : كتاب الصلاة باب ١٠ ما يجوز الصلاة فيه من الثياب والمكان ج ١ ص ٣٢٥.

(٥) نقله عنه في الإيضاح : كتاب الطهارة أحكام المياه ج ١ ص ٢٣. وفي جامع المقاصد ج ١ ص ١٥٣. وفي كشف الالتباس عن الإيضاح ولم نجده في كافيه المطبوع الموجود لدينا إلّا أنّه حكم بذلك في فروع يفيد مفاد هذا الكلام فراجع الكافي ص ١٤٠ باب طهارة اللباس.

٥٤٦

.................................................................................................

______________________________________________________

الشارع مجرى اليقين لا مطلقاً (١).

وفي «التذكرة» قال بعض علمائنا : إنّ ظنّ النجاسة كاليقين (٢).

وذهب القاضي (٣) وابن إدريس (٤) في باب لباس المصلّي ومكانه إلى أنّه لا يقوم مقام العلم مطلقاً. ونسبه في «المختلف (٥) وكشف الالتباس (٦)» إلى ابن الجنيد. ونسبه في «نهاية الإحكام» إلى الشيخ وابن البرّاج (٧).

والعبارة المنقولة عن أبي علي (٨) والشيخ (٩) تدلّ على عدم قبول العدلين كصريح العبارة المنقولة عن القاضي (١٠).

__________________

(١) جامع المقاصد : كتاب الطهارة أحكام المياه ج ١ ص ١٥٣.

(٢) التذكرة : كتاب الطهارة أحكام النجاسات مسألة ٢٦ ج ١ ص ٩٠.

(٣) ذكره القاضي في المهذّب ج ١ ص ٣٠ في الأواني بمضمونه لا بنصّ عبارته مع أنّ ظاهر العبارة أنّها منصوصة.

(٤) السرائر : كتاب الصلاة في لباس المصلّي ج ١ ص ٢٦٨.

(٥) نسبه في المختلف ج ١ ص ٢٥٠ إلى ابن البرّاج وليس فيه من نسبته إلى ابن الجنيد عين ولا أثر ولعلّه كان منسوباً إليه في نسخة اخرى منه.

(٦) كشف الالتباس (مخطوط مكتبة ملك الرقم ٢٧٣٣) كتاب الطهارة حكم المشتبه ص ٢٠ س ١٠.

(٧) نسبه في نهاية الإحكام إلى الشيخ خاصّة دون ابن البرّاج راجع نهاية الإحكام : ج ١ ص ٢٥٢.

(٨) نقله عنه في كشف الالتباس (مخطوط مكتبة ملك الرقم ٢٧٣٣) كتاب الطهارة حكم المشتبه ص ٢٠ س ١٠.

(٩) عبارة الشيخ رحمه‌الله في كتابيه المبسوط والخلاف تفيد اعتبار العدلين لا سقوط الاعتبار ، راجع المبسوط ج ١ ص ٩ والخلاف ج ١ ص ٢٠١.

(١٠) أراد بذلك أنّ العبارة المنقولة عن القاضي تنفي القبول في نيابة خصوص العدلين لا في مطلق الظنّ إلّا أنّ دلالتها على نفي نيابة مطلق الظنّ مقام العلم إنّما هي بالأولويّة ، حيث إنّه إذا لم تقبل شهادة العدلين الّتي هي من الظنون الخاصّة المعتبرة فعدم قبول نيابة مطلق الظنّ غير المعتبر بطريق أولى ، فراجع المهذّب ج ١ ص ٣٠.

٥٤٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي «المبسوط (١) والخلاف (٢) والمعتبر (٣) والتحرير (٤) والمنتهى (٥) والموجز (٦) وشرحه (٧)» وظاهر «المختلف (٨) والإيضاح (٩) وجامع المقاصد (١٠)» أنّه لا يقبل خبر العدل ، بل في بعضها (١١) : وإن ذكر السبب.

وقال المصنّف هنا : «إنّه يقوم مقام العلم إن استند الظنّ إلى سبب» كخبر العدل. وقال هنا أيضاً : لو شهد عدل بنجاسة الماء لم يجب القبول ، كما ذكر ذلك في موضع من «التذكرة». وقال في موضع آخر منها : ظنّ النجاسة قال بعض علمائنا إنّه كاليقين ، وهو جيّد إن استند إلى سبب كقول العدل. أمّا أثواب مدمن الخمر والقصّابين والصبيان وطين الشوارع والمقابر المنبوشة فالأقرب الطهارة. وللشافعي وجهان (١٢). انتهى.

واحتمل في «نهاية الإحكام» وجوب التحرّز مع إخبار العدل الواحد بنجاسة

__________________

(١) المبسوط : كتاب الطهارة حكم الإناءين المشتبهين ج ١ ص ٨.

(٢) الخلاف : كتاب الطهارة حكم الإناءين المشتبهين مسألة ١٦٠ ج ١ ص ٢٠٠.

(٣) المعتبر : كتاب الطهارة في المياه ج ١ ص ٥٤.

(٤) التحرير : كتاب الطهارة في المياه ج ١ ص ٦ س ٥.

(٥) المنتهى : كتاب الطهارة في المياه ج ١ ص ٥٥.

(٦) الموجز (الرسائل العشر لابن فهد) : كتاب الطهارة ص ٣٨.

(٧) عبارة شرح الموجز لا تدلّ على أنّه اختاره لا صريحاً ولا ظاهراً وإنّما نقله عن العلّامة وولده فخر الدين قدس‌سرهما. راجع كشف الالتباس (مخطوط مكتبة ملك الرقم ٢٧٣٣) كتاب الطهارة في المياه ، ص ٢٠.

(٨) المختلف : كتاب الطهارة حكم الإناءين المشتبهين ج ١ ص ٢٥٠.

(٩) الإيضاح : كتاب الطهارة أحكام المياه ج ١ ص ٢٣.

(١٠) جامع المقاصد : كتاب الطهارة أحكام المياه ج ١ ص ١٥٤.

(١١) هذه العبارة مذكورة في جميع الكتب المزبورة إلّا المختلف وجامع المقاصد راجع المصادر السابقة.

(١٢) التذكرة : كتاب الطهارة أحكام الماء المطلق ج ١ ص ٢٤. وأحكام النجاسات ج ١ ص ٩٠.

٥٤٨

ويجب قبول العدلين

______________________________________________________

إناء بعينه (١). انتهى. وهو مختار الشافعي (٢).

هذا ، وفي «جامع المقاصد» أنّ نظم العبارة غير حسن (٣). وهو حقّ. وتأوّلها في «كشف اللثام (٤)» بأنّ المراد بالسبب الأوّل في قوله : أقربه ذلك إن استند إلى سبب ، شهادة العدلين لا شهادة العدل الواحد كما في «التذكرة» وبالسبب الثاني ذكره فتأمّل.

وقال في «الخلاف (٥) والمبسوط (٦)» إنّه لو نجس أحد الإناءين واشتبه ثمّ أخبره عدل بنجاسة أحدهما لم يقبل ، قال في «الخلاف» : لإجماع الفرقة على وجوب الاجتناب ، فإيجاب القبول من العدل يحتاج إلى دليل (٧). انتهى. وفي «الذكرى» أنّه يقبل (٨). وكذا مقتضى ما مرّ عن «التذكرة (٩)» القبول.

[في قبول شهادة العدلين بالنجاسة]

قوله قدس‌سره : (ويجب شهادة عدلين) أي بالنجاسة.

__________________

(١) نهاية الإحكام : كتاب الطهارة في الماء المشتبه ج ١ ص ٢٥٢.

(٢) المجموع : كتاب الطهارة في الإناء المشتبه ج ١ ص ١٧٧.

(٣) جامع المقاصد : كتاب الطهارة أحكام المياه ج ١ ص ١٥٤.

(٤) كشف اللثام : كتاب الطهارة أحكام المياه ج ١ ص ٣٧٥.

(٥ و ٧) الخلاف : كتاب الطهارة أحكام المياه مسألة ١٦٠ في الإناءين المشتبهين ج ١ ص ٢٠٠.

(٦) المبسوط : حكم الإناءين المشتبهين ج ١ ص ٨.

(٨) الذكرى : كتاب الصلاة في الماء المشتبه ص ١٢ س ٢٣.

(٩) التذكرة : كتاب الطهارة أحكام النجاسات ج ١ ص ٩٠.

٥٤٩

فإن عارضهما مثلهما فالوجه إلحاقه بالمشتبه

______________________________________________________

وقد أطلق المصنّف هنا كما في «المبسوط (١) والمعتبر (٢) والمختلف (٣)» ومواضع من «السرائر (٤)» وفي «التذكرة» اشترط الاستناد إلى سبب قال : إذ لو لم يبيّنه لربما كان ممّن يقول بنجاسة المسوخ (٥). وتبعه على ذلك أبو العباس (٦) والصيمري (٧) في «الموجز وشرحه». وربما لاح ذلك من «التحرير (٨) والمنتهى (٩)» لأنّه قال فيهما : الواحد وإن ذكر السبب ، معقّباً له بذكر العدلين. وفي ذلك إيماء إلى اعتبار ذكره فيهما ، فتأمّل.

وفي «الذخيرة» وربما نقل عن بعض الأصحاب اشتراط القبول في العدلين بتبيين السبب (١٠). انتهى.

وقد عرفت ما ذكرناه عن الشيخ والقاضي والكاتب.

[في تعارض البيّنتين]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (فإن عارضهما مثلهما فالوجه الحاقه بالمشتبه) إذا تعارضت البيّنتان بحيث لا يمكن الجمع :

__________________

(١) المبسوط : كتاب الطهارة حكم الإناءين المشتبهين ج ١ ص ٩.

(٢) المعتبر : كتاب الطهارة حكم الإناءين المشتبهين ج ١ ص ٥٤.

(٣) المختلف : كتاب الطهارة حكم الإناءين المشتبهين ج ١ ص ٢٥٠.

(٤) السرائر : كتاب الطهارة حكم الإناءين المشتبهين ج ١ ص ٨٦.

(٥) التذكرة : كتاب الطهارة أحكام النجاسات ج ١ ص ٩٣.

(٦) الموجز الحاوي (الرسائل العشر لابن فهد) : كتاب الطهارة ص ٣٨.

(٧) كشف الالتباس (مخطوط مكتبة ملك الرقم ٢٧٣٣) كتاب الطهارة ص ٢٠.

(٨) التحرير : كتاب الطهارة في المياه ج ١ ص ٦ س ٥.

(٩) المنتهى : كتاب الطهارة في المياه ج ١ ص ٥٥.

(١٠) الذخيرة : كتاب الطهارة أحكام المياه ص ١٣٩ س ٧.

٥٥٠

.................................................................................................

______________________________________________________

فإن كان التعارض في إناءين ، ففي «السرائر (١)» بعد إمعان النظر كرّة بعد اولى «والمعتبر (٢) والتحرير (٣) والإيضاح (٤) وجامع المقاصد (٥)» إلحاقه بالمشتبه. ونسب إلى «المنتهى (٦)» ولم أجده تعرّض له ونقله في «المعالم (٧)» عن والده في بعض فوائده.

وفي «الخلاف (٨) والمختلف (٩)» طهارة الماءين ، لأنّ التعارض يسقط البيّنتين فيبقى أصل طهارتهما.

وردّه في «جامع المقاصد (١٠)» بأنّهما إنّما تعارضا في تعيين النجس لا في حصول النجاسة.

ونسب هذا القول إلى «المبسوط في كشف اللثام» قال : وهو قويّ لا يندفع بما قيل : من حصول العلم بنجاسة أحدهما في الجملة بالشهادتين ، فإنّه إنّما يحصل لو لم يختلفا في المشهود به. قال : وفي الخلاف الطهارة وإن لم تتناف الشهادتان بناء على اعتبار أصل الطهارة وعدم سماع الشهادة بالنجاسة. وهو أحد وجهي المبسوط (١١).

__________________

(١) السرائر : كتاب الطهارة أحكام المياه ج ١ ص ٨٨.

(٢) المعتبر : كتاب الطهارة أحكام المياه ج ١ ص ٥٤.

(٣) التحرير : كتاب الطهارة حكم الإناءين المشتبهين ج ١ ص ٦ س ٢٥.

(٤) الإيضاح : كتاب الطهارة حكم الإناءين المشتبهين ص ٢٤.

(٥) جامع المقاصد : كتاب الطهارة حكم الإناءين المشتبهين ج ١ ص ١٥٥.

(٦) ولا يخفى أنّ ما ذكره الشارح من عدم تعرّض المنتهى للمسألة خلاف ما نجده فيه بل هو رحمه‌الله تعرض للمسألة مفصّلاً وصرّح بإلحاق المتعارضين بالمشتبه الّذي حكمه الاجتناب كما صرّح به قبل ذلك فإنّه قال فيه : والوجه فيه وجوب الاجتناب منهما والحكم بنجاسة أحدهما لا بعينه انتهى موضع الحاجة فراجع المنتهى : ج ١ ص ٥٥.

(٧) معالم الدين : كتاب الطهارة في الماء المشتبه (مخطوط مكتبة المرعشي الرقم ٤٥٨٥).

(٨) الخلاف : كتاب الطهارة في الإناء المشتبه مسألة ١٦٢ ج ١ ص ٢٠١.

(٩) المختلف : كتاب الطهارة في الإناء المشتبه ج ١ ص ٢٥١.

(١٠) جامع المقاصد : كتاب الطهارة في الإناء المشتبه ج ١ ص ١٥٥.

(١١) كشف اللثام : كتاب الطهارة في الإناء المشتبه ج ١ ص ٣٧٧.

٥٥١

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي «التحرير» : أنّه في المبسوط إنّما تعرّض لإمكان الجمع ولم يَتعرّض للنقيض وهو عدم إمكان التوفيق (١).

وعبارة «المبسوط» هكذا : وإذا شهد شاهدان بالنجاسة في أحد الإناءين وشهد آخران أنّه وقع في الآخر على وجه يمكن الجمع بينهما أو لا يمكن لا يجب القبول منهما ، والماء على أصل الطهارة أو النجاسة ، فأيّهما كان معلوماً عمل عليه. وإن قلنا : إذا أمكن الجمع بينهما قبل شهادتهما وحكم بنجاسة الإناءين ، كان قويّاً (٢) ، انتهى.

وفي «الذكرى» وتعارض البيّنتين في إناءين اشتباه والقرعة * ونجاستهما وطرح الشهادة ضعيفة (٣).

وفي «السرائر» أدخلها في القرعة أوّلاً ثمّ استبعد وحكم بالطهارة ثمّ حكم بالنجاسة ، ثمّ حكم بالاشتباه (٤).

وذكر في «جامع المقاصد» أنّ هناك قولاً بالنجاسة وردّه (٥). ولعلّه أراد ابن إدريس.

__________________

(*) أي ويحتمل القرعة (منه).

__________________

(١) التحرير : كتاب الطهارة في الإناء المشتبه ج ١ ص ٦ س ٢٥.

(٢) المبسوط : كتاب الطهارة حكم الإناء المشتبه ج ١ ص ٨.

(٣) الذكرى : كتاب الصلاة في الماء المشتبه ص ١٢ س ٢١.

(٤) لم نعثر في السرائر المطبوع على حكمه بالاشتباه وإنما الموجود فيه هو الحكم بالقرعة ثم الحكم بالطهارة ثم الحكم بالنجاسة فراجع السرائر : ج ١ ص ٨٦ ٨٨.

(٥) ظاهر العبارة المحكيّة عن جامع المقاصد في المقام سابقاً وآنفاً التخالف والتهافت ، فإنّ العبارة المحكيّة الاولى منه تفيد اختيار القول بالنجاسة وظاهر العبارة المحكيّة الثانية تفيد القول بالطهارة إلّا أنّ مراد المحقّق من العبارتين المذكورتين بقرينة كلامه في جامع المقاصد هو ردّ القولين من حيث الدليل ثمّ اختيار إلحاق المقام أي مورد تعارض البيّنتين بالمشتبه أي اختيار النجاسة حكماً. راجع جامع المقاصد ج ١ ص ٥٥.

٥٥٢

ولو أخبر الفاسق بنجاسة مائه أو طهارته قبل

______________________________________________________

والشافعي حكم بنجاستهما على تفصيل ذكره في «الخلاف (١)».

وإن كان التعارض في الإناء الواحد فأقوال :

الأوّل : الطهارة للترجيح بالأصل أو للتساقط. ونسب هذا إلى الشيخ الفخر في «الإيضاح (٢)» وقوّى التساقط في «البيان (٣)» بعد أن قال إنّ الأقرب أنّه كالاشتباه. وقال في «الإيضاح» وعلى التساقط لو شهدت بيّنة اخرى بالنجاسة عمل بالنجاسة وعلى الأوّل يعمل بالطهارة (٤) ، انتهى. فتأمّل. وقوّى القول بالطهارة في «الدلائل».

الثاني : النجاسة ترجيحاً للناقل على المقرّر. وهذا نسبه في «الإيضاح (٥)» إلى ابن إدريس.

الثالث : إلحاقه بالمشتبه. وهذا خيرة «التذكرة (٦)». وفي «البيان (٧)» جعله أقرب كما مرَّ. وهو المنقول عن الشهيد الثاني (٨) وظاهر «شرح الفاضل (٩)» وفي «جامع المقاصد» أنّه أحوط ، قال : وإن كان القول بالطهارة لا يخلو من وجه (١٠). ولم يرجّح واحداً في «الإيضاح (١١)».

[في إخبار الفاسق بنجاسة مائه أو طهارته]

قوله قدّس الله روحه : (ولو أخبر الفاسق بنجاسة مائه أو

__________________

(١) الخلاف : كتاب الطهارة مسألة ١٦٢ ج ١ ص ٢٠١.

(٢ و ٤ و ٥) الإيضاح : كتاب الطهارة حكم المشتبه ج ١ ص ٢٤.

(٣ و ٧) البيان : كتاب الطهارة أحكام المياه ص ٤٨.

(٦) التذكرة : كتاب الطهارة الماء المطلق مسألة ٥ ج ١ ص ٢٤.

(٨) فوائد القواعد ص ١٨ س ١٤ (مخطوط مكتبة المرعشي رحمه‌الله الرقم ٤٢٤٢).

(٩) كشف اللثام : كتاب الطهارة أحكام المياه ج ١ ص ٣٧٧.

(١٠) جامع المقاصد : كتاب الطهارة أحكام المياه ج ١ ص ١٥٥.

(١١) ما حكاه عن الإيضاح إنّما هو بناء على نسخة وأمّا بناء على النسخة الاخرى فظاهره ترجيح الإلحاق بالمشتبه حيث قال بناء على ما في تلك النسخة : د (الوجه الرابع) إلحاقه بالمشتبه لصدق إحداهما لا بعينها وهو الأولى. راجع الإيضاح ج ١ ص ٢٤.

٥٥٣

.................................................................................................

______________________________________________________

طهارته قبل).

هذا هو المشهور بين المتأخّرين كما في «الذخيرة (١)» وهو المنقول عن الكركي حيث قال : إنّ قول ذي اليد مساوٍ لشهادة العدلين في المقبولية ولم أجده في «جامع المقاصد (٢)». وبه قطع في «الموجز (٣) وشرحه (٤)» ، بل زاد في الشرح : سواء كان فاسقاً أو عبداً أو امرأة لا صبيّاً ، لأنّه لا يقبل قوله إلّا في إيصال الهدية وفتح الباب.

وقطع في «التذكرة (٥) ونهاية الإحكام (٦)» بالقبول في الطهارة. واستقرب القبول في النجاسة في «التذكرة (٧) والمنتهى (٨)» ، واستشكله في «النهاية (٩)» وجعل القبول في الطهارة في «المنتهى (١٠)» هو الوجه.

ونصّ في «التذكرة (١١)» على أنّ إخباره بالنجاسة إن كان قبل الاستعمال قبل وإلّا فلا ، لأنّه إخبار عن نجاسة الغير ، كما لا يلتفت إلى قول البائع بعد البيع لو قال : إنّ المبيع مستحق للغير.

وفي «الدلائل» استند إلى أنّ حكم المالك بالنجاسة يقتضي منع الغير عن

__________________

(١) الذخيرة : كتاب الطهارة أحكام المياه ص ١٣٩ س ٥.

(٢) ما ذكره قدس‌سره من عدم وجدانه صحيح إن كان المراد هو عين العبارة المحكيّة بلفظها وأمّا إن كان المراد عدم وجوده من رأسه فغير صحيح لأنّ المحقّق رحمه‌الله صرّح في جامع المقاصد : ج ١ ص ١٥٤ بمضمون ما حكاه فإنّه قال : ومثله (شهادة العدلين) إخبار المالك ، فإنّ المراد من المالك هو المالك ذو اليد خاصّة لا مطلق المالك. ويمكن أن تكون نسخته خالية عن ذكر المسألة من رأسه.

(٣) الموجز (الرسائل العشر لابن فهد) : كتاب الطهارة في المياه ص ٣٨.

(٤) كشف الالتباس (مخطوط مكتبة ملك الرقم ٢٧٣٣) كتاب الطهارة في المياه ص ٢٠ س ١٤.

(٥ و ٧ و ١١) التذكرة : كتاب الطهارة الماء المطلق ج ١ ص ٢٤ ولكن تتمة العبارة المحكيّة لم تكن فيها.

(٦ و ٩) نهاية الإحكام : كتاب الطهارة في الماء المشتبه ج ١ ص ٢٥٣.

(٨ و ١٠) المنتهى : كتاب الطهارة أحكام المياه ج ١ ص ٥٦.

٥٥٤

.................................................................................................

______________________________________________________

الاستعمال ، وللمالك أن يمنع عن ماله. وهو كما ترى.

وقد يفهم (١) أنّ المراد بالطهارة الطهارة الأصلية لا الطهارة بعد النجاسة. وهو بعيد.

وقال الاستاذ (٢) : لا ينبغي الشكّ في مقبوليّة قول المالك في الطهارة والنجاسة كمقبوليته في الإباحة والحضر وغيرهما من الأحكام مع قيام أدلّة اشتراط العلم فيها.

ونصّ في «الموجز (٣) وشرحه (٤)» على أنّه يستناب في التطهير وإن كان امرأة ، بل في «كشف الالتباس» وإن كان الفاسق امرأة (٥).

وقال الاستاذ : هذا الحكم معلوم من السيرة ، فإنّ عادة الناس ولا سيّما الأجلّاء لا يباشرون غسل ثيابهم وأوانيهم وغيرها مع أنّ الصحّة أصل في أفعال المسلمين والمسألة غنيّة عن البيان (٦) ، انتهى كلامه أدام الله تعالى حراسته.

وقال المحقّق الثاني (٧) والشهيد الثاني (٨) وصاحب «المدارك (٩) والمعالم (١٠)» إنّه

__________________

(١) كشف اللثام : كتاب الطهارة أحكام المياه ج ١ ص ٣٧٨.

(٢) لم نعثر على عبارة منه رحمه‌الله تدلّ على ذلك في المسألة بل ظاهر عبارته في الشرح في مسألة أصالة الطهارة في الأشياء ردّ شهادة ذي اليد والمالك بالنجاسة. راجع المصابيح ج ١ ص ٤٥٥ ٤٥٦ (مخطوط مكتبة الگلپايگاني).

(٣) الموجز (الرسائل العشر لابن فهد) : كتاب الطهارة الباب الأول ص ٣٨.

(٤ و ٥) كشف الالتباس (مخطوط مكتبة ملك الرقم ٢٧٣٣) كتاب الطهارة الباب الأول ص ٢٠ س ١٧.

(٦) لم نعثر على كلام منه رحمه‌الله في المسألة بهذه الصراحة وبهذه الألفاظ. نعم له عبارة في مسألة كفاية الغيبة في الحكم بالطهارة تدلّ على أكثر ما ذكر في المقام بمضمونها. راجع المصابيح ج ١ ص ٤٨٢ (مخطوط مكتبة الگلپايگاني).

(٧) فوائد الشرائع (مخطوط مكتبة المرعشي الرقم ١١٥٥) : كتاب الصلاة في المكان ص ٤٣.

(٨) الروض : كتاب الصلاة في المكان ص ٢٢٥ س ٣.

(٩) المدارك : كتاب الطهارة في الإناءين المشتبهين ج ١ ص ١٠٨.

(١٠) معالم الدين كتاب الطهارة في النجاسات (مخطوط مكتبة المرعشي الرقم ٤٥٨٥).

٥٥٥

.................................................................................................

______________________________________________________

لو أصاب أحد الإناءين المشتبهين جسماً طاهراً لم تزل طهارته كما هو أحد وجهي الشافعية (١) ، استناداً إلى استصحاب طهارته وإلى أنّ الإصابة إنّما تفيد شكّ النجاسة ، ولا تعويل على الشكّ فيها قولاً واحداً.

وألحقه في «المنتهى» بالمشتبه في لزوم الاجتناب ، ونقل عن الحنابلة قولاً بأنّه لا يجب غسله ، لأنّ المحلّ طاهر بيقين ، فلا يزول بشكّ النجاسة. وأجاب : بأنّه لا تفاوت بين علم النجاسة وشكّها هنا بخلاف غيره (٢) ، انتهى.

وأيّده بعضهم (٣) : بأنّه لو لم يلزم الاجتناب لزم فكّ المتلازمين ، فإنّه لو توضّأ لزمنا الحكم بطهارة اليد وهو لازم لطهارة الماء اللازم لصحّة الوضوء ، فتأمّل.

قلت : قد يؤيّد (٤) بأنّه لو كان هناك ثوبان أصابت أحدهما قطرة بول ، ثمّ

__________________

(١) لم نجد هذا القول في المسألة من الشافعيّ صريحاً وإنّما يمكن استفادته من قوله المحكيّ عنه في المجموع ج ١ ص ١٨٠ : الثالث يجوز استعمال أحدهما بلا اجتهاد ولا ظنّ ، لأنّ الأصل طهارته ، انتهى. فإنّه إذا كان الأصل في أحد المشتبهين جارياً فهو في ملاقيه أولى بالجريان ، فتأمّل جيّداً.

(٢) ظاهر المنتهى في المقام الحكم بلزوم الاجتناب وتطهيره كالنجس لا إلحاقه بالمشتبه قال في المنتهى ج ١ ص ١٧٨ : وكذا لو استعمل أحدهما وصلّى به لم تصحّ صلاته ووجب عليه غسل ما أصابه المشتبه بماء متيقّن الطهارة كالنجس ، انتهى. وهو يفيد الحكم منه بأنّه نجس يجب الاجتناب عنه كوجوب الاجتناب عن كلّ نجس. ولعلّ وجهه ما هو المشهور من أنّ العلم الإجمالي كالعلم التفصيلي في التنجّز. فالحاصل أنّ ما حكاه عنه الشارح لا يوافق ما في المنتهى فتدبّر.

(٣) الظاهر أنّ المراد من هذا البعض هو صاحب الحدائق ج ١ ص ٥١٣. وكلامه وإن لم يكن بهذه الألفاظ المحكيّة عنه في الشرح إلّا أنّ مضمون كلامه في الحدائق هو مفاد هذا الكلام المحكيّ عنه بعينه فراجع. ويدلّ عليه تعبير شيخنا المرتضى رحمه‌الله في كتاب الطهارة ، حيث إنّه بعد أن نقل كلام العلّامة في المنتهى بتفصيله وردّه قال : وانتصر صاحب الحدائق لما في المنتهى بأنّ .. فإن تعبيره عن كلام الحدائق بالانتصار هو عين ما عبّر عنه في الشرح بالتأييد ، فتأمّل.

(٤) مجمع الفائدة والبرهان : كتاب الصلاة في مكان المصلّي ج ٢ ص ١٢٥.

٥٥٦

.................................................................................................

______________________________________________________

اشتبه بالآخر ، ثمّ وضعنا الثوبين في ماء قليل إلّا مقدار ما وقعت عليه القطرة فإنّ الحكم بطهارة الماء مع الظنّ الغالب بالنجاسة بعيد.

وقد يجاب (١) : بأنّ هذا الظنّ لا منشأ له عند التحقيق.

وفي «مجمع البرهان» في بحث ما يسجد عليه : أنّه إذا كان سبب وجوب الاجتناب هو النجاسة والاشتباه كان حكم الملاقي حكم أحدهما ، نعم لو كان الاجتناب على خلاف الأصل لا يتعدّى إلى غيرهما (٢) ، انتهى.

وفيه نظر ظاهر يعلم ممّا ذكر من حجّة القائلين بالبقاء على الطهارة.

وقال الاستاذ : وقول المنتهى لا يخلو من قوّة ، لأنّه من البعيد عدم الحكم بطهارة أحد الماءين مع الحكم بطهارة الظرفين والاحتياط لازم والاستصحاب إنّما يقضي بطهارة المصاب وهو لا ينافي عدم جواز الاستعمال ، ثمّ إنّه لو فرض إصابة الإناءين لثوبين جرى فيهما مسألة وجوب المقدّمة وقضية الترجيح بلا مرجّح مع أنّ شغل الذمّة بالصلاة يقينيّ ، فالشكّ في الفراغ كافٍ في لزوم الاجتناب (٣). انتهى.

ومثله ما إذا كان على ثوبه نجاسة وغسلها بكلّ من الإناءين على التعاقب فإنّ احتمال طهارة الثوب لتيقّن إزالة النجاسة بعيد جداً ، لاستلزامه الترجيح بلا مرجّح مع شغل الذمّة بالصلاة ، فشأن أحد الإناءين كالسمّ كما بيّنه الاستاذ في «حاشية المدارك (٤)» ، فليتأمّل جيّداً.

__________________

(١) لم نعثر على هذا الجواب في كتب الأعلام الباحثين عن هذه المسألة ، نعم لهم الحكم بعدم اعتبار الظنّ غير المستند إلى مدرك شرعيّ في غالب كلماتهم إلّا أنّ هذا غير ما حكى الشارح عنهم في المقام فتدبر تعرف.

(٢) مجمع الفائدة والبرهان : كتاب الصلاة في مكان المصلّي ج ٢ ص ١٢٤ ١٢٥.

(٣) لم نجد عين هذه العبارة في كتابيه الشرح والحاشية إلّا أنّ مضمونها موجود فيهما فراجع مصابيح الظلام ج ١ ص ٤٨٦ وحاشية المدارك (مخطوط المكتبة الرضوية الرقم ١٤٣٧٥ ص ٣٨).

(٤) حاشية المدارك (مخطوط المكتبة الرضوية الرقم ١٤٣٧٥) كتاب الطهارة حكم الإناءين المشتبهين ص ٣٨ س ٦.

٥٥٧

ولو علم بالنجاسة بعد الطهارة وشكّ في سبقها عليها فالأصل الصحّة ، ولو علم سبقها وشكّ في بلوغ الكريّة أعاد ،

______________________________________________________

[فيما لو شك في سبق النجاسة والطهارة]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (ولو علم بالنجاسة بعد فعل الطهارة وشكّ في سبقها عليها فالأصل الصحّة). كما في «المعتبر (١) والتحرير (٢) ونهاية الإحكام (٣)» وغيرها (٤) ، لأصل تأخّر الحادث. وقد تقدّم في مسألة الشكّ في سبق جيفة البئر ما ينفع في المقام.

قوله قدّس الله تعالى روحه : (ولو علم سبقها وشكّ في بلوغ الكريّة أعاد) كما في «المعتبر (٥) ونهاية الإحكام (٦) والتحرير (٧)» وغيرها (٨).

واحتمل في «المنتهى» عدم الإعادة ، لأصل طهارة الماء (٩) وعموم النصّ والفتوى على أنّ كلّ ماء طاهر حتى يعلم ، والأصل براءة الذمّة من الإعادة ، ولأنّه شكّ بعد الفراغ.

وقوّى الأوّل الاستاذ ، لأنّه إذا انتفت الكريّة ثبتت الإعادة ، والأُصول المذكورة مبنيّة على الكريّة (١٠).

__________________

(١ و ٥) المعتبر : كتاب الطهارة في المياه ج ١ ص ٥٤.

(٢) التحرير : كتاب الطهارة في المياه ج ١ ص ٦ س ٦.

(٣ و ٦) نهاية الإحكام : كتاب الطهارة حكم الماء المشتبه ج ١ ص ٢٥٦.

(٤) كشف اللثام : كتاب الطهارة أحكام الماء المشتبه ج ١ ص ٣٧٨.

(٧) التحرير : كتاب الطهارة احكام المياه والأواني ج ١ ص ٦ س ٧.

(٨) كشف اللثام : كتاب الطهارة أحكام الماء المشتبه ج ١ ص ٣٧٨.

(٩) ظاهر العبارة المحكيّة عن المنتهى يوهم أنّ عبارته هي ما بين قوله : لأصل طهارة الماء وبين قوله : وبعد الفراغ إلّا أنّ الأمر ليس كذلك ، فإنّ عبارة المنتهى هي الأوّل وأمّا قوله : وعموم النصّ إلى قوله بعد الفراغ فإنّما هو من عبارة كشف اللثام الّذي هو الحاكي لاحتماله الواردة في المنتهى أيضاً فراجع المنتهى ج ١ ص ٥٤ وكشف اللثام ج ١ ص ٣٧٨.

(١٠) لم نعثر على هذا الكلام في كتابيه الشرح والحاشية ولعلّه في غيرهما من كتبه غير الموجودة.

٥٥٨

ولو شكّ في نجاسة الواقع بنى على الطهارة وينجس القليل بموت ذي النفس السائلة فيه دون غيره وإن كان من حيوان الماء كالتمساح. ولو اشتبه استناد موت الصيد في القليل إلى الجرح أو الماء احتمل العمل بالأصلين ،

______________________________________________________

قوله قدّس الله تعالى روحه : (ولو شكّ في نجاسة الواقع بنى على الطهارة) كما في «المعتبر (١) والتحرير (٢)» وغيرهما (٣).

قوله رحمه‌الله : (دون غيره) ردّ به على الشافعي (٤). في أحد قوليه فإنّه يرى : أنّ ما لا نفس له ينجّس الماء بموته فيه.

قوله رحمه‌الله : (وإن كان حيوان الماء كالتمساح) الّذي له نفس سائلة ، وردّ بذلك على أبي حنيفة (٥) ، فإنّه لا ينجس الماء بموت ما يعيش فيه وإن كان له نفس سائلة. وهو ظاهر «الخلاف (٦)» فليلحظ.

[في اشتباه استناد موت الصيد إلى الجرح أو الماء]

قوله رحمه‌الله : (ولو اشتبه استناد موت الصيد إلى الجرح أو الماء احتمل العمل بالأصلين) فيحرم الصيد ويكون الماء طاهراً ، كما في «جامع المقاصد (٧) والذخيرة (٨) والدلائل».

__________________

(١) المعتبر : كتاب الطهارة أحكام المياه المشتبهة ج ١ ص ٥٤.

(٢) التحرير : كتاب الطهارة أحكام الماء المشتبه ج ١ ص ٦ س ٧.

(٣) كذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في الاشتباه ص ١٢ س ٢٥ وذخيرة المعاد : ص ١٣٨ س ٤٦.

(٤) المغني (لابن قدامة) : ج ١ ص ٣٩ والامّ : ج ١ ص ٥ ونقل عنه في المنتهى : ج ١ ص ١٦٦.

(٥) المبسوط (للسرخسي) : ج ١ ص ٥٧ ونقل عنه أيضاً في المنتهى : ج ١ ص ١٦٩.

(٦) الخلاف : كتاب الطهارة مسألة ١٤٦ ج ١ ص ١٨٩.

(٧) جامع المقاصد : كتاب الطهارة أحكام المياه ج ١ ص ١٥٦.

(٨) ذخيرة المعاد : كتاب الطهارة أحكام المياه ص ١٤٠ السطر الأوّل.

٥٥٩

والوجه المنع

______________________________________________________

وإليه ذهب السيد صدر الدين في «شرح الوافية (١)» وقوّاه في «التحرير (٢)» بعد اختيار التنجيس.

وقال في «المنتهى (٣)» إنّ الشيخ اختاره في بعض كتبه ، ثمّ قال : وليس بجيّد ، لأنّ العمل بالأصلين مشروط بعدم لزوم التنافي ، والتنافي هنا حاصل.

وفي «الدلائل» أنّ غير معلوم التذكية هل هو نجس أو غير نجس؟ وإنّما منع الشارع من استعماله والانتفاع ، والأقوى الثاني. فترجع المسألة إلى مسألة الشكّ في نجاسة الواقع.

قوله قدّس الله روحه : (والوجه المنع) من العمل بهما ، فيحكم بنجاسة الماء كما في «المنتهى (٤) والتحرير (٥) والإيضاح (٦) والذكرى (٧) والبيان (٨)» ؛ وعليه ثاني الشهيدين (٩) والشارح الفاضل (١٠).

__________________

(١) شرح الوافية للسيّد صدر الدين : في شروط العمل بالاستصحاب ص ١٢٩ (مخطوط مكتبة المرعشي الرقم ٢٦٥٦).

(٢) تحرير الأحكام : كتاب الطهارة في المياه ج ١ ص ٦.

(٣) ليس في المنتهى المطبوع جديداً ولا قديماً ذكر من اختيار الشيخ رحمه‌الله القول المزبور في بعض كتبه وإنّما الّذي فيه بعد نقله القول المذكور عن القيل قوله : واخترناه في بعض كتبنا. والظاهر أنّ المراد من بعض كتبه هو التحرير. ومن المحتمل أنّ النسخة الّتي كانت بيده رحمه‌الله مكتوب فيها بعد نقله القول المذكور عن القيل قوله : وأنّ الشيخ اختاره في بعض كتبه.

(٤) منتهى المطلب : كتاب الطهارة في الأسآر ج ١ ص ١٧٢.

(٥) تحرير الأحكام : كتاب الطهارة في المياه ج ١ ص ٦.

(٦) الإيضاح : كتاب الطهارة في أحكام المياه ج ١ ص ٢٥.

(٧) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في الاشتباه ص ١٢.

(٨) البيان : كتاب الطهارة في أحكام المياه ص ٤٧.

(٩) فوائد القواعد ص ١٨ س ١٥ (مخطوط الرقم ٤٢٤٢).

(١٠) كشف اللثام : كتاب الطهارة أحكام المياه ج ١ ص ٣٧٩.

٥٦٠