مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ١

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي

مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ١

المؤلف:

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي


المحقق: الشيخ محمّد باقر الخالصي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٠

.................................................................................................

______________________________________________________

الشيخ نقل عنهم في «الخلاف» خلاف ذلك (١) والصدوق في بعض نسخ «الهداية» مخالف (٢) ، فالقول الأوّل هو المشهور المنصور مضافاً إلى إجماع «الغنية» وقد يظهر من «المعتبر (٣)» أنّ هناك من يدّعي الإجماع حيث قال : ولا تصغ إلى من يدّعي الإجماع.

هذا وليعلم أنّ المصنّف في «المختلف (٤)» اختار هذا القول وقال : إنّ الأرطال العراقية تناسبه والشهيد في «الذكرى (٥)» وافق المشهور على أنّ الكرّ اثنان وأربعون شبرا وسبعة أثمان وقال : بأنّ الرطل العراقي هو المناسب للأشبار دون المدني. والظاهر أنّ بين الكلامين تصادما فإنّ الأرطال العراقية إن ناسبت مذهب القمّيين كما قال في المختلف بعدت عن مناسبة المشهور والتفصّي عن ذلك غير خفي.

ويحكى (٦) عن القطب الراوندي تحديده بما بلغت أبعاده عشرة أشبار ونصفاً ولم يعتبر التكسير. وعن ابن الجنيد ما بلغ تكسيره نحوا من مائة شبر.

هذا وليعلم أنّ حجة المشهور بعد الإجماع خبر أبي بصير (٧) عن الصادق عليه‌السلام

__________________

(١ و ٢) على ما تقدّم حكايته عنه آنفاً.

(٣) نقل الشارح هذه العبارة عن المعتبر ج ١ ص ٤٦ في هذه الصفحة مرّتين ، الأُولى في القول الأوّل وهو ثلاثة أشبار ونصف والثاني في القول الثاني وهو ثلاثة أشبار مجرّداً عن النصف وظاهرها أنّه يريد بها نفي صحة دعوى الإجماع في الثاني والّا فالقول الأوّل قد ادّعى فيه الغنية الاجماع كما حكاه عنه هو نفسه هذا ، ولكن ظاهر عبارة المعتبر انّه يريد بها نفي صحة دعوى الإجماع في الأوّل الّذي حكاه الشارح عن الغنية ، فانّه بعد أن ذكر خبر ابي بصير الدالّ على القول الأوّل ونسبه إلى الشيخ والمرتضى قال : لكن عثمان بن عيسى راوي خبر ابي بصير واقفيّ فروايته ساقطة ولا تصغ إلى من يدّعي الاجماع فانّه يدّعيه في محلّ الخلاف انتهى. وهذه العبارة صريحة في نفي اعتبار الإجماع عن الغنية في القول الأوّل.

(٤) مختلف الشيعة : كتاب الطهارة ج ١ ص ١٨٥.

(٥) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة ص ٨.

(٦) ذكرى الشيعة : ص ٨ وكشف اللثام : ج ١ ص ٢٨ ومدارك الأحكام : ج ١ ص ٥١ ٥٢.

(٧) وسائل الشيعة : ب ١٠ من أبواب الماء المطلق ح ٦ ج ١ ص ١٢٢.

٣٠١

.................................................................................................

______________________________________________________

في الكرّ من الماء كم يكون قدره؟ قال : «إذا كان الماء ثلاثة أشبار ونصفاً في مثله ثلاثة أشبار ونصف في عمقه من الارض» والسند معتبر بلا ريب *.

واعترض في «المدارك (١)» بالسكوت عن العرض وفي «الروض (٢)» المسكوت عنه العمق.

وقال الشيخ البهائي (٣) والخراساني (٤) : بأنّ قوله : «في عمقه» إمّا حال من مثله أو نعت لثلاثة أشبار الّذي هو بدل من مثله ، ولو لا الحمل على هذا لصار قوله : في عمقه ، كلاما متهافتاً منقطعاً.

وبقي شي‌ء وهو أنّه كيف يتصوّر العرض مع موافقته للطول في كمّية الأشبار مع أنّ المتعارف أنّ العرض أقصر من الطول؟ قلت : للعرض تفسير آخر وهو ما اعتبر ثانياً اي بعد اعتبار أوّل إلا أنّه يدخل في الكرّ ما ليس بكرّ على الظاهر كما إذا كان الماء مجتمعاً في كرة طولها ثلاثة أشبار ونصف وعرضها وعمقها كذلك.

وقال الاستاذ دام ظلّه (٥) في «حاشية المدارك» الظاهر من الرواية الشكل المدور بقرينة رواية الحسن (٦) بن صالح الواردة في الركي وهو مدور والكرّ اسم مكيال والظاهر في شكله الاستدارة. وعلى هذا يصير مجموع مكسرها ثلاثة وثلاثين شبراً تقريباً.

__________________

(*) لأنّ يحيى إنّما وجد في التهذيب ولم يوجد في الكافي ولا الاستبصار على أنّه يشبه أن يكون سهواً من قلم الناسخ ، أراد أن يكتب عيسى فكتب يحيى (منه قدس سرّه).

__________________

(١) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة ج ١ ص ٥٠.

(٢) روض الجنان : كتاب الطهارة ص ١٤٠.

(٣) الحبل المتين : كتاب الطهارة في تقدير الكرّ ص ١٠٨.

(٤) ذخيرة المعاد : كتاب الطهارة ص ١٢٢ س ٢٠.

(٥) حاشية المدارك : كتاب الطهارة ص ٢٣ (مخطوط المكتبة الرضوية الرقم ١٤٣٧٥).

(٦) وسائل الشيعة : ب ٩ من ابواب الماء المطلق ح ٨ ج ١ ص ١١٨.

٣٠٢

لا ينجس بملاقاة النجاسة بل بتغيّره بها

______________________________________________________

وفيه تأمّل ظاهر. وقد ذكرنا فيما كتبناه على «الوافي (١)» من إفادات الأستاذ الشريف أيّده الله تعالى أنّ الرواية تحتمل وجوها من التركيب.

ويمكن أن يستدلّ للمشهور بالأصل فيقال : الماء في ذاتِه قابل للانفعال والكريّة مانعة عنه والأصل عدم المانع إلّا مع اليقين أو يقال قد علمنا أنّ الماء ينجس إلى أن يبلغ إلى مرتبة خاصّة والأصل عدم بلوغها.

وأمّا من جانب أهل قم فتقريره ظاهر ، إذ الأصل الطهارة وإنّما علم انفعال ما دون سبعة وعشرين والباقي على الأصل. وممّا يحتجّ به لأهل قم غير ما ذكروا لهم في الاحتجاج ما رواه الصدوق في «الأمالي (٢)» مرسلا : «أنّ الكرّ ثلاثة أشبار طولا في ثلاثة أشبار عرضا في ثلاثة أشبار عمقاً» *.

وقد خرجنا في المقام عما هو المقصود من هذا الكتاب لأمر اقتضاه الحال.

قوله قدّس الله تعالى روحه : (بل بتغيّره بها) أي بملاقاتها لا بمجاورتها ، وقد تقدّم نقل الإجماعات في ذلك.

__________________

(*) وقد ذكر الفاضل (٣) وجوها في قول الصادق عليه‌السلام في رواية جابر (٤) في الماء الّذي لا ينجسه شي‌ء : «ذراعان عمقه في ذراع وشبر سعته» منها أن يكون كلّ من جهتي الطول والعرض ذراعا وشبرا ، ومنها أن يكون جميعها كذلك ، ومنها أن يكون «شبر» مرفوعا معطوفا على ذراعان أي ذراعان عمقه في ذراع طوله وشبر عرضه. وفيه نظر ظاهر. وقد كتبنا ما أفاد الاستاذ في بيانها ، فليلاحظ ما كتبناه (٥) على الوافي (منه قدس‌سره).

__________________

(١) لم نعثر على ما كتبه على الوافي.

(٢) الأمالي : في دين الإماميّة ص ٥١٤.

(٣) كشف اللثام : كتاب الطهارة في المياه ج ١ ص ٢٨ س ٣٢.

(٤) وسائل الشيعة : ب ٩ من أبواب الماء المطلق ح ٧ ج ١ ص ١١٨.

(٥) لم نعثر على ما كتبه على الوافي.

٣٠٣

في أحد أوصافه وإن نقص عنه نجس بالملاقاة لها

______________________________________________________

قوله قدّس الله تعالى روحه : (في أحد أوصافه) أي الثلاثة دون البواقي وقد مرَّ (١) أنّ الاستاذ نقل على ذلك الإجماع ونفى عنه الفاضل الخلاف وأنّ الجعفي والصدوقين والشهيد في الذكرى لم يذكروا سوى الأغلبية. وقد مرَّ أيضاً أنّ للعامّة (٢) قولاً وهو أنّه لم ينجس بإبقاء قدر النجاسة إن استهلكت وآخر بوجوب التباعد عنها مع قيام عينها بقدر القلتين.

[الماء القليل]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (وإن نقص عنه نجس بالملاقاة لها) أي للنجاسة بالمعنى الأعم فيعمّ المتنجّس.

وهذا الحكم أعني نجاسة الماء القليل بالملاقاة ربما ظهر من الخصال والمجالس أنّه من دين الإماميّة ، قال في «الخصال (٣)» من دين الإماميّة الاقرار بأنّ الماء طاهر حتّى يعلم أنّه قذر ولا يفسد الماء إلّا ما كانت له نفس سائلة وفي «المجالس (٤)» أيضاً من دين الإماميّة عدم نجاسة الماء إذا كان كرّاً.

وقد نقل الإجماع في «الخلاف (٥)» على أصل المسألة في أربعة مواضع اخر : في سؤر الكلب ، وفي ولوغه ، وفي أنّ ولوغ الكلبين كولوغ الكلب ، وفيما إذا كان معه إناءان واشتبها ، إلى غير ذلك ممّا يمكن استنباط الإجماع منه.

ونقله في «الانتصار» في موضعين : في أصل المسألة ، قال : مما شنع به على الإماميّة قوله : إنّ الماء إذا بلغ كرّا لم ينجس بما يحله من النجاسات ، ثمّ نقل

__________________

(١) تقدم في ص ٢٦٨ رقم ١.

(٢) تقدم في ص ٢٩٧ رقم ٢.

(٣) لم نجده فيه على كثرة تفحّصنا ، نعم ذكره عنه في حاشية المدارك (مخطوط المكتبة الرضوية الرقم ١٤٣٧٥) ص ١٤. هذا ولا يخفى أنّ كلامه المنقول هنا لا يؤيّد المدعى وهي انفعال القليل بملاقاة النجاسة الّا بالعموم ، بل يمكن أن يُستفاد منه العكس فتأمّل.

(٤) الأمالي : في دين الإماميّة ص ٥١٤.

(٥) الخلاف : كتاب الطهارة حكم ولوغ الكلب ج ١ ص ١٧٦ و ١٧٧ و ١٩٧ و ١٩٩.

٣٠٤

.................................................................................................

______________________________________________________

الإجماع. وهذا وإن لم يكن صريحاً لكنّه مفهوم ومعلوم من آخر كلامه حيث قال : وإذا كان مذهب أبي حنيفة أنّ النجاسة تنجّس القليل والكثير من الماء فقول الشيعة على كلّ حال أقرب من قول ابن حي الّذي يقول : إنّ الكرّ ما بلغ ثلاثة آلاف رطل. وفي مسألة غسل الإناء من ولوغ الكلب قال : ممّا انفردت به الإماميّة (١) ثمّ نقل الإجماع إلى غير ذلك كمسألة نجاسة البئر وغيرها.

ونقله في «الغنية (٢)» في أصل المسألة وفي غيرها كما يظهر لمن تتّبع.

ونقله في «السرائر (٣)» في ثلاثة مواضع ونفى الخلاف في ثلاثة أُخر : نقله في غسالة الحمّام ومسألة ولوغ الكلب في الإناءين وفي مسألة الغسل بالتراب أنّه مخصوص بولوغ الكلب. وأمّا نفي الخلاف فقد نفاه فيها حيث قال : لو وقعت نجاسة في أحد الإناءين لم يستعملا بغير خلاف. ونفاه أيضاً فيما إذا شهد أحدهما بالولوغ صدر النهار إلى غير ذلك.

وفي «الناصريات (٤)» نقله على أصل المسألة وفي ثلاثة مواضع أُخر يصرّح في الجميع بالإجماع وفي «الاستبصار (٥)» صرّح الشيخ بأن لا مخالف من دون استثناء.

ونقله في ظاهر «المعتبر (٦)» في موضعين : فيما لو نجس أحد الإناءين ذكر أنّه متّفق على وجوب اجتنابهما وقال فيه : إنّ الأصحاب عاملون على مدلول مرسلة ابن أبي عمير (٧) وفي «كشف الرموز (٨)» قال : إنّه ظاهر بين الأصحاب.

وفي «الذكرى (٩)» بعد أنْ ذكر المسألة قال : واستثنى الأصحاب ماء الاستنجاء ،

__________________

(١) الانتصار : كتاب الطهارة ص ٨ ٩ وص ١١.

(٢) الغنية (الجوامع الفقهية) : كتاب الطهارة ص ٤٨٩ و ٤٩٠.

(٣) السرائر : كتاب الطهارة أحكام المياه ج ١ ص ٨٥ و ٨٦ و ٩٠ ٩٣.

(٤) الناصريات (الجوامع الفقهية) : في الطهارة ص ٢١٤ و ٢١٦ و ٢١٨.

(٥) الاستبصار : باب كمّية الكرّ ج ١ ص ١٢.

(٦) المعتبر : كتاب الطهارة ج ١ ص ١٠٣ و ٤٧.

(٧) وسائل الشيعة : ب ١١ من ابواب الماء المطلق ح ١ ج ١ ص ١٢٣.

(٨) كشف الرموز : كتاب الطهارة أحكام المياه ج ١ ص ٤٦ ٤٧.

(٩) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في المياه ص ٩ س ٨.

٣٠٥

.................................................................................................

______________________________________________________

إلى آخره.

وفي «المهذّب البارع (١)» أجمع أصحابنا وندر الحسن بن أبي عقيل. وفي «المقتصر (٢)» أجمع أصحابنا إلا الحسن بن ابي عقيل. وفي «مجمع الفوائد» هو المعروف من المذهب.

وفي «التنقيح (٣)» مذهب كافّة العلماء سوى ابن أبي عقيل منّا ومالك من العامّة.

وفي «المختلف (٤) والمدارك (٥) والدلائل» أطبق عليه أصحابنا إلّا ابن أبي عقيل وفي «المدارك (٦)» في شرح قول المحقّق : وينجس الماء بموت الحيوان ذي النفس السائلة ، نقل الاتّفاق على نجاسة الماء القليل.

وفي «الروضة (٧)» بعد أن عدّه مشهوراً قال : بل كاد أن يكون إجماعاً.

ونسب إلى المشهور والأكثر في «التذكرة (٨) والروض (٩) والذخيرة (١٠) والكفاية (١١) وشرح الفاضل (١٢)».

والظاهر أنّ هذه لا تنافي الإجماع ، لأنّهم لا يستثنون بعد نقلها سوى ابن أبي عقيل ، فلعلّهم أرادوا الاستفاضة.

وقال صاحب «المعالم (١٣)» والعلّامة المجلسي (١٤) والاستاذ في «حاشية

__________________

(١) المهذّب البارع : كتاب الطهارة ج ١ ص ٧٩.

(٢) المقتصر : كتاب الطهارة ص ٣٢.

(٣) التنقيح الرائع : كتاب الطهارة ج ١ ص ٣٩.

(٤) مختلف الشيعة : كتاب الطهارة في الماء القليل ج ١ ص ١٧٦.

(٥) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة الماء القليل ج ١ ص ٣٨.

(٦) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة في بعض أحكام المياه ج ١ ص ١٣٨.

(٧) الروضة البهية : كتاب الطهارة تطهير المياه ج ١ ص ٣٤ ٣٥.

(٨) تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة الماء المطلق ج ١ ص ٢١.

(٩) روض الجنان : كتاب الطهارة في الماء القليل واحكامه ص ١٥٨ س ١٩.

(١٠) ذخيرة المعاد : كتاب الطهارة ص ١٢٤ و ١٢٥ (الأمر الرابع).

(١١) كفاية الأحكام : كتاب الطهارة في القسم الثاني من المياه ص ١٠ س ١٣.

(١٢) كشف اللثام : كتاب الطهارة في الماء المطلق ج ١ ص ٢٩ س ٢٥.

(١٣) المعالم : كتاب الطهارة (مخطوط مكتبة المرعشي الرقم ٤٥٨٥).

(١٤) مرآة العقول : ج ١٣ ص ٨.

٣٠٦

.................................................................................................

______________________________________________________

المدارك (١)» أنّ الأخبار متواترة معنى في ذلك *. قال الأستاذ : يظهر ذلك من ملاحظة ما ورد في مباحث المياه ومبحث الجاري والحمام والبئر وتعيين الكرّ واشتباه الإناءين والغسالة ومباحث النجاسات وتطهير الأواني سيّما من الولوغ والثياب وإدخال الجنب يده في الماء القليل ومبحث ماء المطر ومبحث الوضوء والغسل وقضاء الصلاة وإعادتها والأطعمة والأشربة إلى غير ذلك.

وقد وافق أبا علي الحسن بن أبي عقيل العماني المعروف باسمه وكنيته ولقبه الفاضل الكاشاني (٢) وتبعهما على ذلك الشيخ الفتوني (٣) والسيد عبد الله الشوشتري (٤).

وفي «الدلائل والذخيرة (٥)» أنّ ما استند اليه الحسن من الأدلّة مشتركة كلّها في الضعف وفي «شرح الفاضل (٦)» ** كلّها ضعيفة إلّا خبراً واحداً ، وعنى صحيح زرارة (٧) في الحبل من شعر الخنزير ثمّ أبطل دلالته من وجوه.

وأمّا أقوال أهل الخلاف فقد وافقنا على ذلك جماعة (٨) منهم ممن اشترط الكرّ.

__________________

(*) الاستاذ الشريف أدام الله حراسته ربما ظهر منه في أثناء تدريسه في الوافي في الطهارة والصلاة أنّ الروايات الواردة في ذلك مما تزيد على ثلاثمائة رواية لأنّه كثيرا ما أبان ذلك في مطاوي التدريس (منه قدس‌سره).

(**) غير مسلّم ، إذ منها الصحيح والحسن بخطه «ره».

__________________

(١) حاشية المدارك : كتاب الطهارة ص ١٤ السطور الأخيرة (مخطوط المكتبة الرضوية الرقم ١٤٣٧٥).

(٢) مفاتيح الشرائع : مفتاح ٩٣ من مفاتيح الصلاة ج ١ ص ٨١.

(٣) لا يوجد لدينا كتابه.

(٤) لا يوجد لدينا كتابه.

(٥) ذخيرة المعاد : كتاب الطهارة في المياه ص ١٢٥ س ٧.

(٦) كشف اللثام : كتاب الطهارة في الماء المطلق ج ١ ص ٢٩ س ١٢.

(٧) وسائل الشيعة : ب ١٤ من ابواب الماء المطلق ح ٢ ج ١ ص ١٢٥.

(٨) ذكرهم في تذكرة الفقهاء : ج ١ ص ٢١.

٣٠٧

وإن بقيت أوصافه سواء قلّت النجاسة كرؤوس الإبر من الدم أو كثرت

______________________________________________________

وقد تقدّم ذكرهم وذهب الحسن البصريّ (١) وإبراهيم النخعيّ ومالك وداود وسعيد بن المسيّب وأبو هريرة والأوزاعيّ والثوريّ وابن أبي ليلى وعكرمة وجابر بن زيد وحذيفة إلى الطهارة ؛ ونقل ذلك عن ابن عبّاس (٢) ، بل نسب القول بالطهارة إلى مشهور قدمائهم.

قوله قدّس الله تعالى روحه : (سواء قلّت النجاسة كرؤوس الإبر من الدم أو كثرت) نبّه بذلك على خلاف الشيخ في «الاستبصار (٣) والمبسوط (٤)».

قال في «الاستبصار» إنّ ما لا يدركه الطرف من الدم مثل رؤوس الإبر إذا وقع في الماء القليل لم ينجّسه. وقد نسبه في «غاية المراد (٥)» في آخر باب الطهارة إلى كثير من الناس وفي «المبسوط (٦)» قال : من الدم وغيره.

وإلى ما في الاستبصار جنح صاحب «المدارك (٧)» * فرجّح جانب الطهارة ، ثمّ قال : إلا أنّ القول بالنجاسة أحوط. وهو خلاف المشهور كما صرّح به هو في «المدارك (٨)» وغيره (٩).

__________________

(*) لو تمّ ما رجّحه صاحب المدارك بطل ما حقّقه أوّلا فليلحظ كلامه (منه قدس‌سره).

__________________

(١ و ٢) تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة في الماء المطلق ج ١ ص ٢٢ ، والمجموع : ج ١ ص ١١٣ ، والمغني : ج ١ ص ٥٤ ، والتفسير الكبير : ج ٢٤ ص ٩٤ ، ونيل الأوطار : ج ١ ص ٣٦ ، وبداية المجتهد : ج ١ ص ٢٤.

(٣) الاستبصار : باب ١٠ من أبواب المياه ج ١ ص ٢٣.

(٤) المبسوط : كتاب الطهارة تحديد الكرّ ج ١ ص ٧.

(٥) غاية المراد : كتاب الطهارة ص ٨ س ١٤ (مخطوط المكتبة الرضوية الرقم ٢٤٩).

(٦) المبسوط : ج ١ ص ٧.

(٧ و ٨) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة أحكام المياه ج ١ ص ١٣٩ ١٤٠.

(٩) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في المياه ص ٩ س ١١.

٣٠٨

وسواء كان ماء غدير أو آنية أو حوض أو غيرها

______________________________________________________

وفي «الذكرى (١)» بعد أن حكم بالنجاسة قال : مورد الرواية الأنف ويمكن العموم في الدم لعدم الفارق ويمكن إخراج الدماء الثلاثة لغلظ نجاستها.

قوله قدّس الله تعالى روحه : (وسواء كان ماء غدير أو آنية أو حوض أو غيرها) نسبه إلى المشهور في «الذخيرة (٢) وشرح الفاضل (٣)» وفي «الدلائل» ما يظهر منه دعوى الإجماع حيث قال : وفي المنتهى أنّ مخالفة من نسب إليهما الخلاف غير معلومة انتهى.

وفي «التنقيح (٤)» نسب استثناء الآنية إلى المفيد وسلّار ، قال : والباقون على خلافه.

وخالف المفيد في «المقنعة (٥)» فنجس ما في الحياض والأواني وإن كثر. وهو ظاهر «النهاية (٦)» في الأواني ، لأنّه أوّلاً قسم المياه ثلاثة أقسام : مياه غدران ومصانع وقلبان ، ومياه أواني محصورة ، ومياه آبار ، ثمّ قال : وأمّا مياه الأواني المحصورة فإن وقع فيها شي‌ء من النجاسة أفسدها ولم يجز استعمالها. ويظهر ذلك من المراسم (٧) ، قال : ولا تنجس الغدران إذا بلغت الكرّ وما لا يزول حكم نجاسته فهو ماء الأواني والحياض فإنّه يجب إهراقه وإن كثر.

وفي «المنتهى (٨)» قال : الحقّ أنّ مرادهما (أي المفيد وسلار) بالكثرة هنا

__________________

(١) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في المياه ص ٩ س ١١.

(٢) ذخيرة المعاد : كتاب الطهارة في المياه ص ١٢٥.

(٣) كشف اللثام : كتاب الطهارة في الماء المطلق ج ١ ص ٢٩ وفيه وفاقاً للأكثر.

(٤) التنقيح الرائع : كتاب الطهارة في تقدير الكثرة ج ١ ص ٤٢.

(٥) المقنعة : كتاب الطهارة في المياه ص ٦٤.

(٦) النهاية : كتاب الطهارة في المياه ج ١ ص ٢٠٠ ٢٠٢.

(٧) المراسم : كتاب الطهارة في المياه ص ٣٦.

(٨) منتهى المطلب : كتاب الطهارة أحكام المياه ج ١ ص ٥٣.

٣٠٩

.................................................................................................

______________________________________________________

الكثرة العرفيّة بالنسبة إلى الأواني والحياض الّتي يستسقى منها الدوابّ وهي غالباً تقصر عن الكرّ. وأشار إليه في «التذكرة (١)» أيضا. وفي «المدارك (٢)» نعم ما قال في المنتهى.

وفي «الوسيلة (٣)» جعل المياه ثلاثة أقسام كالنهاية ثمّ قال : إنّ ماء المصانع إن بلغ كرّا لم ينجس وإلّا نجس لكنّه يطهّر بإكثار الماء الطاهر عليه ثمّ قال : إنّ مياه الحياض والأواني إن بلغ كرّا فحكمه عدم النجاسة وإلا نجس ، لكنّه لم يمكن تطهيره إلّا بإخراجه من موضعه وغسل الموضع ، لأنّ غسل الحياض والأواني غير متعذّر وغسل المصانع والغدران والقلبان متعذّر فخفّف فيه. وقريب منه ما في «الغنية (٤)».

هذا ، وقال المرتضى (٥) في شرح قول الناصر : إنّه لا فرق في نجاسة القليل بين ورود الماء على النجاسة وورودها عليه ، ما نصّه : لا أعرف لأصحابنا هنا نصّاً ، والشافعي فرّق فاعتبر القلتين في ورود النجاسة على الماء لا في ورود الماء على النجاسة وخالفه سائر الفقهاء. والّذي يقوى عندي عاجلا إلى ان يقع التأمّل صحّة قول الشافعي. وقد قطع به المصنّف في آخر الفصل الثاني في أحكام إزالة النجاسة كما سيأتي إن شاء الله تعالى وفي «المنتهى (٦) ونهاية الإحكام». (٧)

__________________

(١) تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة الماء المطلق ج ١ ص ٢٠.

(٢) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة مقدار الكرّ ج ١ ص ٥٢.

(٣) الوسيلة : فصل في أحكام المياه ص ٧٢ ٧٣.

(٤) الغنية (الجوامع الفقهية) : كتاب الطهارة ص ٤٩٠ س ١ ٣.

(٥) الناصريات (الجوامع الفقهية) : كتاب الطهارة ص ٢١٥ (المسألة الثالثة).

(٦ و ٧) ظاهر عبارة المنتهى في ج ١ ص ٦٨ خلاف المحكيّ عنه في المقام ، وأصرح منه في الخلاف عبارته في بحث المضاف حيث صرّح بعدم الفرق بين ورود الماء على النجاسة وورودها عليه راجع ص ١٤١ وكذا عبارة النهاية لا دلالة فيها على ما هو المنسوب إليه في المقام راجع النهاية ج ١ ص ٢٣١ ، الفصل الثالث.

٣١٠

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي «الدروس (١)» يشترط ورود الماء حيث يمكن. واشترطه في «البيان (٢)» إلّا في الإناء وفي «الذكرى (٣)» اشترط ورود الماء على النجاسة إلى أن قال : وهذا ممكن في غير الإناء إلا أن يكتفى بأوّل وروده مع أنّ عدم اعتباره مطلقاً متوجّه ، لأنّ امتزاج الماء بالنجاسة حاصل على كلّ تقدير والورود لا يخرجه عن كونه ملاقياً. قال : وفي خبر الحسن (٤) بن محبوب عن أبي الحسن عليه‌السلام في الجصّ يوقد عليه بالعذرة وعظام الموتى : «أنّ الماء والنّار قد طهراه» تنبيه عليه.

وردّه الكركي (٥) بأنّه لا يراد بالورود أكثر من أوّل الورود وإلّا لم يتحقّق الورود في شي‌ء مما يحتاج انفصال الغسالة فيه إلى أمر آخر.

قال الأستاذ (٦) : وخبر الحسن مؤوّل بإرادة معنى النزاهة وكون العذرة والعظام يابسين ولو لا ذلك لزم القول بطهارة ما يرسب فيه الغسالة كالأرض الرخوة وفي «شرح» الأستاذ (٧) : أنّ المشهور عدم اعتبار الورود. وكأنّه أخذه من اطلاق الفقهاء وإلا فقد اعتبره جماعة كما سيأتي.

واستحسنه في «السرائر (٨) * والذخيرة (٩)» وقرّبه في «الكفاية (١٠)» وحقّقه في

__________________

(*) في السرائر قبل (بعد خ ل) أن نقل عبارة الناصريات ذهب إلى نجاسة

__________________

(١) الدروس الشرعيّة : كتاب الطهارة في المطهّرات ج ١ ص ١٢٦.

(٢) البيان : كتاب الطهارة ص ٤١.

(٣) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة حكم النجاسات والمطهرات ص ١٥ السطور الأخيرة.

(٤) التهذيب : ج ٢ ص ٢٣٥ ح ٩٢٨.

(٥) جامع المقاصد : كتاب الطهارة احكام النجاسات ج ١ ص ١٨٦.

(٦) لم نعثر عليه في كتابيه الشرح والحاشية ولعله في غيرهما.

(٧) مصابيح الظلام : ج ١ ص ٤٧٢ (مخطوط مكتبة الگلپايگاني).

(٨) السرائر : كتاب الطهارة أحكام النجاسات ج ١ ص ١٨١ ، بل كلامه صريح في صحة قول السيّد واختياره حيث قال : ما قوى في نفس السيّد صحيحٌ مستمر على أصل المذهب وفتاوى الأصحاب ، فراجع.

(٩) ذخيرة المعاد : كتاب الطهارة ص ١٢٥ الأمر الثالث.

(١٠) كفاية الأحكام : كتاب الطهارة الفصل الخامس في المياه ص ١١ س ١٦.

٣١١

.................................................................................................

______________________________________________________

«الدلائل» واستوجهه في «المدارك (١)» في موضع ونفى عنه البأس في آخر. وفي «شرح الالفية (٢)» يدلّ عليه من جهة النقل قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «اذا استيقظ أحدكم فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها» إذ لو لم يشترط ورود الماء لم يكن للنهي معنى ، بل قال في «المدارك (٣)» ما نصه : ذكر جماعة من الأصحاب أنّ من قال بطهارة الغسالة اعتبر فيها ورود الماء على النجاسة وهو الّذي صرّح به المرتضى إلى أن قال : وربما ظهر من كلام الشهيد في «الذكرى» عدم اعتبار ذلك ، فإنّه مال إلى الطهارة مطلقا واستوجه عدم اعتبار الورود في التطهير ، وهو مشكل ، لنجاسة الماء بورود النجاسة عليه انتهى. وفي «الدلائل» وحديث (٤) : «اغسله في المركن» لا يدلّ على عدم اعتبار الورود ، إذ لعلّ الغسل في المركن الوضع فيه وصبّ الماء عليه.

قلت : إذا كان كلّ من قال بطهارة الغسالة اعتبر فيها الورود عليها يكون القائل بذلك جماعة كثيرين وذلك لأنّ الشيخ ذهب إلى الطهارة في موضع * من

__________________

الغسالة الأُولى والسيّد في الناصريات لم يذكر إلّا الفرق بين الورودين ، ثمّ استدلّ بأنّا لو حكمنا بنجاسة الماء القليل الوارد على النجاسة لأدّى إلى أنّ الثوب لا يطهّر من النجاسة إلّا بإيراد كرّ من الماء عليه. وجماعة من الناس فهموا منه طهارة الغسالة قالوا فلا ينجس وهو في المحلّ فعند الانفصال أولى. وفيه نظر ظاهر ، اذ لعلّ السيّد يقول إنّه عند الانفصال ماء وردت عليه النجاسة. والحاصل إنّا نحن ما نسبنا إليه إلّا الفرق بين الورودين (منه قدس‌سره).

(*) في غسالة الولوغ في فصل تطهير الثياب والأبدان إلا أنّه احتاط (منه قدس‌سره).

__________________

(١) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة الماء القليل ج ١ ص ٤٠ والماء المستعمل ص ١٢٢.

(٢) لم نجده في النسخة المطبوعة التي بأيدينا.

(٣) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة الماء المستعمل ج ١ ص ١٢٢.

(٤) وسائل الشيعة : ب ٢ من ابواب النجاسات ح ١ ج ٢ ص ١٠٠٢.

٣١٢

.................................................................................................

______________________________________________________

«المبسوط (١)» وموضعين من «الخلاف (٢)» ووافقه على ذلك صاحب «الوسيلة (٣)» فجعله كالمستعمل في الكبرى ووافقه على ذلك أيضاً الشهيدان في «غاية المراد (٤)» في مبحث النزح و «الروض (٥)» ونسب ذلك إلى المحقّق الثاني (٦) في بعض فوائده وعزي إلى جماعة (٧) من متقدّمي الأصحاب منهم الحسن بناء على أصله وقال في «مجمع الفوائد» : وأكثر المتقدّمين على أنّه كالمستعمل في الكبرى وعزاه بعد ذلك إلى السيّد والشيخ في المبسوط وابن إدريس. وفي «شرح الموجز (٨)» أنّ عليه فتوى شيوخ المذهب كالسيّد والشيخ في المبسوط وأبناء إدريس وحمزة وعقيل ، لكن السيّد وابن إدريس لم يظهر منهما طهارة الغسالة ، بل صرّح في «السرائر (٩)» بنجاسة الغسلة الاولى من الولوغ.

هذا ، والظاهر من إطلاقات الأصحاب وإطلاقات إجماعاتهم عدم الفرق بين

__________________

(١) المبسوط : كتاب الطهارة في تطهير الثياب و.. ج ١ ص ٣٦.

(٢) ان الشيخ وإن حكم في المسألة الخامسة والثلاثين والمائة من خلافه بطهارة الغسلة الثانية المصبوب ماؤها على الثوب النجس ، الّا أنّ ظاهره في مسألة الأربعين والمائة عدم تأثير الورود ، بل حكم فيها بنجاسة الوارد وبقاء المورود عليه على نجاسته ، راجع الخلاف ج ١ ص ٥ و ١٧٩ ١٨٤.

(٣) عبارات الوسيلة مع اختلافها وتعدّدها لا تدلّ على ما نسبه إليه المصنّف رحمه‌الله ، بل بعضها كعبارته في ص ٧٣ في ماء المصانع يدلّ على نجاسة القليل مطلقاً وبعضها كعبارته في ص ٧٩ يدلّ على الفرق بين النجاسة المرئيّة وغير المرئيّة ولم نجد فيه ما يدلّ على ما حكاه عنه المصنّف رحمه‌الله في المقام ، نعم حكم بطهارة المستعمل في الصغرى دون المستعمل في الكبرى في ص ٧٤ ، فراجع الوسيلة.

(٤) غاية المراد : كتاب الطهارة ص ٧ س ١١ (مخطوط المكتبة الرضوية الرقم ٢٤٩).

(٥) روض الجنان : كتاب الطهارة ص ١٥٩.

(٦) نسبه إليه في حاشية المدارك : كتاب الطهارة ص ٤١ (مخطوط المكتبة الرضوية ١٤٣٧٥).

(٧) نقل النسبة في حاشية المدارك : كتاب الطهارة ص ٤١ (مخطوط المكتبة الرضوية الرقم ١٤٣٧٥).

(٨) كشف الالتباس : كتاب الطهارة ص ١٨ س ٢ (مخطوط مكتبة ملك الرقم ٢٧٣٣).

(٩) السرائر : كتاب الطهارة أحكام النجاسات ج ١ ص ١٨٠.

٣١٣

والحوالة في الأشبار على المعتاد والتقدير تحقيق لا تقريب

______________________________________________________

الورودين * والمشهور بينهم أنّ الغسالة نجسة ، وقد نقل الشهرة على ذلك الفاضل الميسي والاستاذ في شرحه (١) وفي «مجمع الفوائد» نقل الشهرة بين المتأخّرين وفي «الروض (٢)» هي أشهر الأقوال خصوصاً بين المتأخّرين. وفي «التحرير» إذا كان على بدن الجنب والحائض نجاسة كان المستعمل نجسا إجماعا (٣). لكنّهم في ذلك على أربعة أقوال : فبعض قال : بالنجاسة حين الإصابة والانفصال وبعض قال : بالطهارة حين الإصابة فقط وقيل : باختلاف الورود وقيل : باختلاف الغسلات. ونشر الأقوال يأتي عن قريب ** إن شاء الله تعالى.

هذا ، وفي «المدارك (٤)» بعد أن ردّ على الحسن قال : وليس في الروايات ما يدلّ على انفعال القليل بكلّ ما يرد عليه من النجاسات. وقد ردّه الاستاذ في «حاشية المدارك (٥)» بالإجماع والضرورة وإلا لبطل الفقه من أصله.

قوله قدّس الله تعالى روحه : (والتقدير تحقيق لا تقريب) جعله

__________________

(*) لعدم اطّراده في الظروف ، مضافا إلى أنّ الورود في غير صورة التطهير لم يمنع من نجاسة الوارد القليل (منه).

(**) ليعلم أنّ المقدّس (٦) والخونساري (٧) والسبزواري (٨) ما حكموا بالنجاسة حين الملاقاة وإن كان مطهّراً كحجر الاستنجاء ونقل عليه الشهرة (٩) (منه طاب ثراه).

__________________

(١) مصابيح الظلام : ج ١ ص ٤٧٣ س ١٨ من مخطوطات مكتبة آية الله الگلپايگاني قدس‌سره.

(٢) روض الجنان : كتاب الطهارة في الماء المستعمل ص ١٥٨ س ١٩.

(٣) تحرير الأحكام : كتاب الطهارة في المياه ج ١ ص ٦ س ٨.

(٤) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة الماء القليل ج ١ ص ٤٠.

(٥) حاشية المدارك : كتاب الطهارة في المياه ص ١٦ س ١٣ (مخطوط المكتبة الرضوية الرقم ١٤٣٧٥).

(٦) مجمع الفائدة والبرهان : كتاب الطهارة ج ١ ص ٢٨٧.

(٧) مشارق الشموس : كتاب الطهارة الماء المستعمل ص ٢٥٦ س ٢٥.

(٨) كفاية الأحكام : كتاب الطهارة الماء المستعمل ص ١١ س ١٦.

(٩) لم نظفر على ناقلها فراجع.

٣١٤

(فروع)

الأول : لو تغيّر بعض الزائد على الكرّ فإن كان الباقي كرّاً فصاعدا اختصّ المتغيّر بالتنجيس وإلّا عمّ الجميع.

______________________________________________________

في «المعتبر (١)» أشبه وفي «التذكرة (٢)» نسب الخلاف إلى بعض الشافعيّة. ويظهر من أبي علي (٣) أنّه تقريبي حيث قال : ما يبلغ نحواً من مائة شبر.

وأورد في «مجمع الفوائد» أنّ الأشبار متفاوتة وأنّ الوزن والمساحة لا ينطبقان. وأجاب عن الأوّل بأنّه ليس المراد التقدير حقيقة حتى لا يتفاوت أصلا وإلّا فالموازين تتفاوت ، فالمراد عدم جواز نقصان شي‌ء مما جعل حداً بعد تعيينه وعلى التقريب يجوز وعن الثاني إنّ اختلاف الحدين لاختلاف المياه في الوزن والصفاء فربما بلغ مقدار من ماء مخصوص الكريّة بأحدهما دون الآخر ومع الاستواء فالحدّ الحقيقي هو الأقلّ والزائد منزل على الاستحباب انتهى واعترضه في «الدلائل» بأنّه يلزم ثبوت الكريّة وعدمها في الماء الواحد.

وأجاب الاستاذ (٤) دام ظلّه أنّ الكرّ واحد لا يختلف وإنّما الاختلاف في التطبيق على الموضوع كما هو الشأن في القبلة لو كانت عين الكعبة انتهى فتأمّل فيه جيّداً.

فروع :

قوله قدّس الله سرّه : (اختصّ المتغيّر بالتنجيس) المخالف بعض الشافعيّة (٥) حيث نجس الجميع بتغيّر الزائد وإن كان الباقي كرّاً.

__________________

(١) المعتبر : كتاب الطهارة الفرع الثاني من مبحث تقدير الكرّ ج ١ ص ٤٧.

(٢) تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة الماء المطلق ج ١ ص ٢٠.

(٣) نقله عنه في مختلف الشيعة : كتاب الطهارة في حدّ الكر ج ١ ص ١٨٣ والمدارك : ج ١ ص ٥٢.

(٤) لم نعثر عليه في كتابيه مصابيح الظلام ، وحاشية المدارك في الطهارة.

(٥) تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة ج ١ ص ٢١.

٣١٥

الثاني : لو اغترف ماء من الكرّ المتّصل بالنجاسة المتميّزة كان المأخوذ طاهرا والباقي نجساً ولو لم يتميّز كان الباقي طاهرا ايضاً.

الثالث : لو وجد نجاسة في الكرّ وشكّ في وقوعها قبل بلوغ الكريّة أو بعدها فهو طاهر ولو شكّ في بلوغ الكريّة فهو نجس

______________________________________________________

قوله قدّس الله سرّه : (كان المأخوذ طاهراً) قال في «الذكرى (١)» تجنّبه أولى.

قوله قدّس الله روحه : (والباقي نجسا) وكذا ظاهر الإناء.

ولو دخلت النجاسة الإناء مع بعض الماء نجس ذلك وبقي ظاهر الإناء على الطهارة كما نصّ عليه في «النهاية (٢)».

قوله قدّس الله سرّه : (ولو شكّ في بلوغ الكريّة فهو نجس) كما في «التذكرة (٣) والنهاية (٤) والتحرير (٥) والمعتبر (٦) والدلائل ومجمع الفوائد» لكنّه قال في «المجمع» إنّ الحكم بالنجاسة هنا مطلقا مشكل ، لوجوب اعتبار هذا الماء إذا تعيّن للاستعمال ، لأنّه إذا توقّف تحصيل الماء الطاهر على الاختبار والاعتبار وجب الاعتبار ولم يجز التيمّم ولا الصلاة بالنجاسة من دونه ، فيمكن حمل ذلك على ما إذا تعذّر اعتبار الماء.

وفي «الذخيرة» نسبه إلى الفاضل وأتباعه ، قال : ولم أر تصريحا بخلافه وذكر أنّ حكمهم معلّل بأنّ المقتضي وهو النجاسة موجود والمانع وهو الكريّة مشكوك

__________________

(١) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في المياه ص ٨ س ٣٣.

(٢) نهاية الإحكام : كتاب الطهارة في الماء الكثير ج ١ ص ٢٣٤.

(٣) تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة الماء المطلق ج ١ ص ٢٤.

(٤) نهاية الإحكام : كتاب الطهارة في الماء القليل ج ١ ص ٢٣٢.

(٥) تحرير الأحكام : كتاب الطهارة في المياه ج ١ ص ٦ س ٧.

(٦) المعتبر : كتاب الطهارة في المياه ج ١ ص ٥٤.

٣١٦

الثالث : ماء البئر إن غيّرت النجاسة أحد أوصافه

______________________________________________________

فيه والأصل عدمه. قال : وعندي أنّ هذا التعليل في غاية الضعف لبنائه على حجيّة الاستصحاب في الأُمور الواقعية * مع أنّه يعارضه أصل الطهارة (لا يعارض أصل الطهارة خ ل) وبالجملة سبب الحكم بالنجاسة الملاقاة مع قلّة الماء وهو مشكوك فيه ، فمقتضى قول الصادق عليه‌السلام : «الماء كلّه طاهر حتّى تعلم أنّه قذر» الطهارة ، فتدبر انتهى (١).

[ماء البئر]

قولهُ قدّس الله تعالى روحه : (الثالث : ماء البئر). عرّفه في «غاية المراد (٢)» بأنّه مجمع ماء نابع من الأرض لا يتعدّاها غالبا ولا يخرج عن مسمّاها عرفاً. وتبعه على ذلك صاحب «كشف الالتباس (٣)» وصاحب «الروضة (٤)».

واعترضه في «مجمع الفوائد» بأنّ القيد الأخير موجب لإجمال التعريف ، لأنّ العرف الواقع لا يعلم أيّ عرف هو ، أعرفه صلى‌الله‌عليه‌وآله أو عرف غيره؟ وعلى الثاني هل

__________________

(*) منعه حجيّة الاستصحاب في الأُمور الواقعية خروج عن أدلّة الاستصحاب العقلية والنقلية وأصل الطهارة قد قطع بحصول العلم الشرعي بالنجاسة الحاصل من الاستصحاب الواردة على أصل الطهارة القاطع له على أنّ هذا الأصل متعلق بموضوع الحكم وأصل الطهارة والحكم تابع للموضوع وقوله عليه‌السلام : «حتى تعلم» ليس منافيا إذ ليس المراد سوى العلم الشرعي وهو حاصل بالاستصحاب (منه رحمه‌الله).

__________________

(١) ذخيرة المعاد : كتاب الطهارة في المياه ص ١٢٦ في الفرع الخامس.

(٢) غاية المراد : كتاب الطهارة في المياه ص ٦٥.

(٣) كشف الالتباس : كتاب الطهارة في المياه ص ٩ س ٢ (مخطوط مكتبة ملك الرقم ٢٧٣٣).

(٤) الروضة البهية : كتاب الطهارة في المياه ج ١ ص ٢٥٧.

٣١٧

.................................................................................................

______________________________________________________

هو العامّ أو الخاصّ؟ ثمّ يشكل إرادة عرف غيره وإلّا لزم تبدّل الحكم بتبدّل الاسم ، فلو سمّيت البئر عيناً خرجت عن حكم البئر أو العين بئراً الحقت بالبئر ، فالمدار على ما يسمّى بئراً في زمنه أو زمن أوصيائه صلّى الله عليه وعليهم أجمعين كالّتي في العراق والحجاز ، فثبوت الحكم له واضح وما وقع فيه الشكّ فالأصل عدم تعلق أحكام البئر به وإن كان العمل بالاحتياط أولى.

وفي «المدارك (١) والدلائل والذخيرة (٢)» أنّ هذا الإيراد باطل ، فإنّ المراد العرف العامّ ، لأنّه المتبادر وإرادة الشرعي موقوفة على ثبوته وليس بثابت فيرجع إلى العرف العامّ انتهى.

وقال الاستاذ أدام الله حراسته في «حاشية المدارك (٣)» إنّ ما ذكروه لا ينفع لدفع الإيراد على التعريف ، لأنّ ما ذكروه إنّما هو لفهم كلام الشارع والإيراد إنّما هو على التعريف وهو غير كلام الشارع ، بل وليس تعريفاً لفهم كلام الشارع ، بل تعريف لكلام الفقيه وكون اصطلاحهما واحداً محلّ تأمّل * إلا أن يقال الأصل الموافقة إلّا أن تظهر المخالفة ، لكن كان التعريف على ذلك هو أنّ المراد من البئر المعنى العرفي ولا حاجة إلى التطويل. فالأولى في الجواب أن يقال : إنّ المتبادر

__________________

(*) وجه التأمّل (٤) أنّ منكر الحقيقة الشرعيّة عدم الاتحاد عنده ظاهر وأمّا من قال بها فإنّ اصطلاح الفقهاء لا يلزم عنده أن يكون حقيقة عند الشارع كاصطلاحهم في العقود والإيقاعات (حاشية).

__________________

(١) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة في ماء البئر ج ١ ص ٥٣.

(٢) ذخيرة المعاد : كتاب الطهارة في المياه الرابع ماء البئر ص ١٢٦.

(٣) حاشية المدارك : كتاب الطهارة تعريف البئر ص ١٥ ١٦ (مخطوط المكتبة الرضوية الرقم ١٤٧٩٩).

(٤) ما ذكره في وجه التأمل المذكور في كلام استاذه موجود بمضمونه في حاشية المدارك وانما افترقت العبارتان في بعض الالفاظ وهذا يدل على انه لم يذكره الا اعتماداً على صحة الوجه لا نقلا لما افاده استاذه.

٣١٨

نجس إجماعا وإن لاقته من غير تغيير

______________________________________________________

من لفظ العرف مطلقاً وبلا ضميمة هو العرف العامّ كما لا يخفى على المطّلع على رواية القوم والتطويل لدفع التوهّم وذلك لأنّه لما كان يطلق في الشام والمشهد الغروي على مشرفه السلام على آبارهم لفظ البئر فلعلّه يتوهم متوهّم جريان أحكام الفقهاء فيها أيضاً فقيّد لإخراج ذلك بقوله : مجمع بئر نابع لا يتعدّاها غالباً ، فدعا ذلك إلى القيد الآخر أيضا ، إذ لعلّه يتوهم متوهّم أنّ اصطلاح الفقهاء في البئر غير اصطلاح العرف لكون العيون الّتي لا تجري غالباً عندهم من افراد بئرهم بل يمكن أن يقال إنّه لما كان في الظاهر أنّ مثل هذه العيون لا تسمّى بئراً في عرف قال عرفاً من غير تعيين فعلى هذا يكون كل واحد من القيود الثلاثة لا بدّ منه في التعريف انتهى كلامه.

واحتمل المقدّس في «المجمع» إجراء أحكام البئر فيما يقال له ذلك عرفاً مطلقاً من غير تقييد بنبع وعدم جري ثمّ إنّه عرّفه بأنّه مجمع ماء تحت الأرض ذي نبع بحيث يصعب الوصول إليه غالباً عرفاً وعلى حسب العادة ، قال : وغير ذلك إما جارياً أو راكداً (١).

وفي «المدارك (٢)» ما يخالف ما في مجمع الفوائد لأنّه قال في «المدارك» إنه يجب الحمل على الحقيقة العرفيّة العامّة في غير ما علم عدم اطلاق ذلك اللفظ عليه في عرفهم عليهم‌السلام انتهى. وهذا يشمل صورة الشكّ ولعلّه أوفق بالقواعد فتأمّل.

قوله قدّس الله تعالى روحه : (نجس إجماعاً) من العلماء كافّة كما في «المنتهى (٣)» ومن علماء الإسلام كما في «المدارك (٤)» ومن الطائفة كما في

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان : كتاب الطهارة في ماء البئر ج ١ ص ٢٦٥ ٢٦٦.

(٢) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة ماء البئر ج ١ ص ٥٣.

(٣) منتهى المطلب : كتاب الطهارة في أحكام البئر ج ١ ص ٥٦.

(٤) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة ماء البئر ج ١ ص ٥٣.

٣١٩

فقولان أقربهما البقاء على الطهارة

______________________________________________________

«الغنية (١)» وقد نقل الإجماع أيضا في «النهاية (٢) والتذكرة (٣) والمختلف (٤) والروض (٥) والذخيرة (٦)» ونفى عنه الخلاف في «السرائر (٧) والتحرير (٨)».

وكذا لو فصل المتغيّر بين السالم وبين النبع وكان السالم دون كرّ. ولو ساوى كرّاً ففيه وجهان إلحاقه * بماء البئر وعدمه ، كذا أفاد الاستاذ (٩) أدام الله حراسته.

ولو اختصّ البعض مع عدم الانفصال فالمتغيّر نجس إجماعا كما في «شرح الفاضل (١٠)» ** ، وغيره *** مبنيّ على الخلاف الآتي.

قوله ره : (فقولان أقواهما (١١) البقاء على الطهارة) في المسألة

__________________

(*) الأولى عدم الإلحاق لأنّ هذا المركّب حقيقة في المتّصل ومجاز في المنفصل وحنث الحالف على عدم الشرب من ماء البئر بشربه من الجرة لأنّه عين المعنى المجازي والقرينة معه الشرب لأنّه لا يكون غالباً إلّا مع الاتصال (منه قدس‌سره).

(**) في اطلاق عبارة الفاضل في المقام حزازة ظاهرة يعرفها من لحظ ما نقلناه عن الاستاذ (منه قدس‌سره).

(***) أي غير المغير (منه).

__________________

(١) غنية النزوع : (الجوامع الفقهية) كتاب الطهارة ما به يفعل الطهارة ص ٤٨٩.

(٢) نهاية الإحكام : كتاب الطهارة ماء البئر ج ١ ص ٢٣٥.

(٣) تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة الماء المطلق ج ١ ص ٢٥.

(٤) مختلف الشيعة : كتاب الطهارة في ماء البئر ج ١ ص ١٨٧.

(٥) روض الجنان : كتاب الطهارة في ماء البئر ص ١٤٣.

(٦) ذخيرة المعاد : كتاب الطهارة الرابع في ماء البئر ص ١٢٦ س ١٩.

(٧) السرائر : كتاب الطهارة في أحكام المياه ج ١ ص ٦٩.

(٨) تحرير الأحكام : كتاب الطهارة في المياه ج ١ ص ٤ س ٣٠.

(٩) لم نعثر عليه.

(١٠) كشف اللثام : كتاب الطهارة ج ١ ص ٣٠.

(١١) في المتن المطبوع : اقربهما فالصحيح هو المتن المندرج في الشرح وذلك لان الماتن صرح باختيار الطهارة في سائر كتبه فراجع كتبه.

٣٢٠