مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ١

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي

مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ١

المؤلف:

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي


المحقق: الشيخ محمّد باقر الخالصي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٠

.................................................................................................

______________________________________________________

أقوال :

الأوّل : التنجيس وهو مذهب الصدوق في «الفقيه (١) والأمالي (٢)» * والمفيد (٣) والسيّد (٤) والشيخ (٥) ** وأبي يعلى (٦) وأبي الصلاح علي (٧) وأبي المكارم حمزة (٨)

__________________

(*) أمّا الهداية فسيأتي نقل عبارتها ان شاء الله (منه).

(**) نسبه إليه الآبي (٩) وأبو العباس (١٠) في الخلاف ولم أجده في تلخيصه (منه).

__________________

(١ و ٢) لم نجد في الفقيه ما يدلّ على اختياره هذا القول صريحاً ، بل ذكر فيه من الرواية ما يدلّ بعضها على وجوب النزح عند التغيّر كما في ج ١ ص ١٩ وبعضها يدلّ على طهارته عند عدم التغيّر كما في ص ١٨ فراجع ص ١٧ ١٩ وامّا ما في أماليه فهو أيضاً ليس بصريح في القول المذكور وانّما يدلّ عليه بالإطلاق الجائز تقييده ، فانه قال فيه : وماء البئر طهورٌ كلّه ما لم يقع فيه شي‌ء ينجّسه. راجع الامالي : ص ٥١٤ المجلس ٩٣ في دين الإماميّة.

(٣) المقنعة : كتاب الطهارة باب تطهير المياه ص ٦٦.

(٤) الناصريات (الجوامع الفقهية) : كتاب الطهارة ص ٢١٤ والانتصار : ص ١١.

(٥) كما في النهاية : ص ٦ (طبع قدس) والمبسوط : ج ١ ص ١١ والجمل والعقود : ص ٥٥ ، وامّا الخلاف فقد حكى عنه الشارح بواسطة الآبى وابو العباس ولكن لم نجده فيه مع انّه صرّح في ج ١ ص ١٩٤ آخر مسألة ١٤٨ بأنا سنبيّن حكم الآبار والظاهر أنّ المسألة المتكفّلة لحكمه أسقطها محققو طبعه الحديث وقد صرّح بذلك بعضهم في مقدمة طبعه الحديث المطبوع باهتمام بنياد المغفور له الحاج محمد حسين الكوشان پور فراجع ، ولا غرو ولا عجب من قانون المكافاة والانتقام الالهي الحاكمة على الكون ، فإنّ الشيخ فعل مثل ذلك برجال الكشي وفعله أيضا بكتابه الخلاف محققو كتابه بعد أكثر من ألف سنة.

(٦) المراسم : في ذكر ما يتطهر به ص ٣٤.

(٧) ظاهر العبارة أن المراد من الرجل المذكور فيها هو الفقيه ابو الحسن علي بن منصور بن أبي الصلاح الحلبي الذي حكى عنه الشهيد في الروض في بحث قضاء الفائتة وهو ممن لم يذكر له كتاب مخصوص إلّا أن يكون لفظ على زائداً كما يدل عليه أن القول بالتنجيس مذكور في الكافي لأبي الصلاح الذي هو جد أبي الحسن المذكور وهذا قرينة على أن المراد هو أبو الصلاح الحلبي المعروف المؤلف للكافي. فراجع الكافي في الفقه ص ١٣٠.

(٨) غنية النزوع (الجوامع الفقهية) : كتاب الطهارة فيما يحصل بالطهارة ص ٤٨٩ السطرين الأخيرين.

(٩) كشف الرّموز : كتاب الطهارة أحكام البئر ج ١ ص ٤٨.

(١٠) المهذّب البارع : كتاب الطهارة منزوحات البئر ج ١ ص ٨٤.

٣٢١

.................................................................................................

______________________________________________________

وعماد الدين بن حمزة (١) وأبي عبد الله محمّد (٢) والمحقّق (٣) وتلميذه اليوسفي (٤) والمصنّف في «التلخيص (٥)» والشهيدين (٦) وأبي العباس في «المهذّب البارع (٧)» وغيرهم (٨). وهو المنقول عن القاضي (٩).

ويظهر من «الأمالي (١٠)» أنّه من دين الإماميّة. وعليه فتوى الفقهاء من زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى يومنا هذا ، كما في «كشف الرموز (١١)» وفي موضع آخر منه : أنّ فتوى فقهائنا اليوم على نجاسته إلّا شاذّ. وفي موضع آخر منه : لو لم ينجس لكان اتّفاقهم من زمنه صلى‌الله‌عليه‌وآله على إلزام المشاق من غير فائدة.

وفي «غاية المراد (١٢)» أنّ عليه عمل الإماميّة في سائر الأعصار والأمصار. وفي «الذكرى (١٣)» يجب النزح للنقل الشائع من الخاصّ والعامّ.

__________________

(١) الوسيلة : كتاب الطهارة أحكام المياه ص ٧٤.

(٢) السرائر : كتاب الطهارة أحكام المياه ج ١ ص ٦٩.

(٣) شرائع الإسلام : كتاب الطهارة ج ١ ص ٥ والمعتبر : ج ١ ص ٥٥.

(٤) كشف الرموز : كتاب الطهارة أحكام المياه ج ١ ص ٤٨ ٤٩.

(٥) تلخيص المرام في معرفة الاحكام : كتاب الطهارة في المياه (سلسلة الينابيع الفقهية) ج ٢٦ ص ٢٧٠.

(٦) الدروس الشرعية : الطهارة درس ١٧ ج ١ ص ١١٩ وروض الجنان : الطهارة ص ١٤٥.

(٧) ليست عبارته في المهذّب البارع صريحة في التنجيس ، بل غاية ما يمكن أن يقال إنّها ظاهرة فيه ، راجع المهذب البارع ج ١ من ص ٨٤ إلى ص ١٠٤. ولا يخفى أنه رحمه‌الله ذكر في المقام عن المحقق في المعتبر ان تأثير النجاسة مختلف بحسب قوتها وضعفها وحمل اختلاف الأخبار على اختلافها وهو قول نادر فتأمّل.

(٨) كالجامع للشرائع : في المياه ص ١٩.

(٩) المهذّب : كتاب الطهارة مياه الآبار ج ١ ص ٢١.

(١٠) الأمالي : ص ٥١٤.

(١١) كشف الرموز : كتاب الطهارة أحكام المياه ج ١ ص ٤٨ ٤٩.

(١٢) غاية المراد : كتاب الطهارة في البئر ص ٦٦ س ٨.

(١٣) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في البئر ومنزوحاته ص ٩ السطور الأخيرة.

٣٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وعليه الإجماع في «الانتصار (١) والغنية (٢)» وفي «الانتصار (٣)» أيضاً لا خلاف بين الصحابة والتابعين في أنّ إخراج بعض ماء البئر يطهّرها وإنّما اختلفوا في مقدار ما ينزح.

وفي مطاوي مباحث النزح إجماعات مستفيضة كما يأتي إن شاء الله تعالى.

ونفى عنه الخلاف في «التهذيب والاستبصار» كما قيل (٤) و «السرائر (٥) ومصريّات» المحقّق (٦) على ما نقل عنه.

والأظهر بين الأصحاب الفتوى بالنجاسة كما في «المعتبر (٧)» ونقله فيه عن جماعة من الصحابة والتابعين.

وهو المشهور بل كاد يكون إجماعاً كما في «غاية المراد (٨) ايضاً والروضة (٩)» وهو المشهور أو مذهب (ومذهب خ ل) الأكثر كما في «التذكرة (١٠) والمختلف (١١) والإرشاد (١٢) والدروس (١٣) وكشف الالتباس (١٤) ومجمع الفوائد والحاشية الميسية

__________________

(١) الانتصار : كتاب الطهارة في نجاسة البئر ص ١١.

(٢) غنية النزوع (الجوامع الفقهية) : كتاب الطهارة في ما يفعل به الطهارة ص ٤٨٩ و ٤٩٠.

(٣) الانتصار : ص ١١.

(٤) نقله عنهما في كشف اللثام : كتاب الطهارة ماء البئر ج ١ ص ٣٠ س ١٧.

(٥) السرائر : كتاب الطهارة في المياه ج ١ ص ٦٩.

(٦) المسائل المصرية (الرسائل التسع) : المسألة الرابعة ص ٢٢١. ونقله عنه ايضاً في كشف اللثام : ج ١ ص ٣٠.

(٧) المعتبر : كتاب الطهارة في نجاسة البئر ج ١ ص ٥٥.

(٨) غاية المراد : كتاب الطهارة في البئر ج ١ ص ٦٦.

(٩) الروضة البهية : كتاب الطهارة كيفية تطهير البئر ج ١ ص ٢٥٨.

(١٠) تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة الماء المطلق مسألة ٦ ج ١ ص ٢٥.

(١١) مختلف الشيعة : كتاب الطهارة ماء البئر ج ١ ص ١٨٧.

(١٢) إرشاد الاذهان : كتاب الطهارة فيما تحصل به الطهارة ج ١ ص ٢٣٦.

(١٣) الدروس الشرعية : كتاب الطهارة درس ١٧ ج ١ ص ١١٩.

(١٤) كشف الالتباس : كتاب الطهارة في ماء البئر ص ٩ (مخطوط مكتبة ملك الرقم ٢٧٣٣).

٣٢٣

.................................................................................................

______________________________________________________

والمدارك (١) والدلائل والذخيرة (٢) والكفاية (٣) والمفاتيح (٤)» وغيرها (٥) «كحاشية التهذيب (٦)» للمجلسي وغيرها (٧).

وفي «المنتهى (٨)» بعد أن قال إنّه المشهور ثمّ ذكر حجّة الخصم واستدلالهم بأنّه مذهب الأكثر قال * : وكيف يدّعي أنّه مذهب الأكثر والحسن والشيخ في أحد قوليه موافق.

وقال في «الانتصار (٩)» : وهذا ليس بقول لأحد من الفقهاء ، لأنّ من لم يراع في الماء حدّاً إذا بلغ إليه لم ينجس بما يحلّه من النجاسات وهو أبو حنيفة لا يفصّل في هذا الحكم بين البئر وغيره كما فصّلت الإمامية ومن راعى حدّاً في الماء إذا بلغه لم يقبل النجاسة وهو الشافعي في اعتباره القلتين لم يفصّل بين البئر وغيرها. وفصّلت الإمامية وانفردت بذلك من الجماعة.

وقال في «المنتهى (١٠)» ذهب الجمهور إلى التنجيس مع قلّة الماء أو تغيّره. ولم ينسب إليهم فيه تفصيل أصحابنا ، لكن ربما يلوح من عبارة «الانتصار» الّتي نقلناها أوّلاً وعبارة «المعتبر (١١)» أنّ النزح مذهب قدمائهم ، فتأمّل.

__________________

(*) إنّ هذا لعجيب من قلمه الشريف قدس‌سره (بخطه رحمه‌الله).

__________________

(١) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة ماء البئر ج ١ ص ٥٤.

(٢) ذخيرة المعاد : كتاب الطهارة حكم نجاسة البئر ص ١٢٧ س ٧.

(٣) كفاية الأحكام : كتاب الطهارة ماء البئر (القسم الرابع) ص ١٠.

(٤) مفاتيح الشرائع : مفتاح ٩٣ من مفاتيح الصلاة ج ١ ص ٨٣.

(٥) المهذب : ج ١ ص ٢١.

(٦) ملاذ الاخيار : باب ١١ تطهير المياه من النجاسات ، ج ٢ ص ٢٦٦.

(٧) كالمبسوط : كتاب الطهارة أقسام المياه ج ١ ص ١١.

(٨) منتهى المطلب : كتاب الطهارة أحكام البئر ج ١ ص ٥٦ و ٥٧ و ٥٨ و ٦٢.

(٩) الانتصار : كتاب الطهارة في نجاسة البئر ص ١١.

(١٠) منتهى المطلب : كتاب الطهارة أحكام البئر ج ١ ص ٥٦.

(١١) المعتبر : كتاب الطهارة في نجاسة البئر ج ١ ص ٥٥.

٣٢٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وقال الاستاذ (١) : إنّ التنجيس مذهب العامّة بقرينة جواب الإمام عليه‌السلام لابن يقطين وابن بزيع : «فإنّ ذلك يطهّرها (٢)» وهما وزيران ، فتأمّل.

تنبيه :

قال في «المهذّب البارع (٣)» ملاقاة النجاسة لماء البئر مؤثّرة بحسب قوّتها وتطهيره بإخراجه عن حدّ الواقف إلى كونه جارياً جرياً يزيل ذلك التأثير ، فيختلف بحسب اختلاف قوّة النجاسة وضعفها وسعة المجاري وضيقها ، فتارة تقتصر الأئمة صلوات الله وسلامه عليهم على أقلّ ما يحصل به الاستظهار وتارة يستظهر عن ذلك وتارة يأمر بالأفضل فلا تنكر الاختلاف في الأحاديث (٤) ، فما اشتهر بين الأصحاب عليه العمل * وما اختلف فالأقلّ مجز والأوسط مستحبّ والأكثر أفضل. وكذا ذكر غيره (٥).

القول الثاني : البقاء على الطهارة كما في سائر كتب المصنّف (٦) ما عدا التلخيص و «الإيضاح (٧) والموجز (٨) ومجمع الفوائد والمدارك (٩) والدلائل

__________________

(*) وانظر ما اشتهر بين الأصحاب غير مختلف (فافت به خ ل) هكذا في نسختي من المهذّب البارع (مصححه).

__________________

(١) مصابيح الظلام : كتاب الطهارة ج ١ ص ٥١٦ سطر ١١ (مخطوط مكتبة الگلپايگاني رحمه‌الله).

(٢) وسائل الشيعة : ج ١ ص ١٣٠ ب ١٤ ابواب الماء المطلق ح ٢١ وص ١٣٤ ب ١٧ ح ٢.

(٣) المهذّب البارع : كتاب الطهارة ج ١ ص ٨٧ ولا يخفى أنّ هذه العبارة للمعتبر حكاها عنه في المهذّب البارع مع تصريحه بكونها منه راجع المعتبر ج ١ ص ٥٧.

(٤) راجع الوسائل : ج ١ ص ١٢٥ وص ١٤٤ ب ١٤ وب ٢٣ من ابواب الماء المطلق.

(٥) الحدائق الناضرة كتاب الطهارة في حكم البئر ج ١ ص ٣٧٤.

(٦) تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة الماء المطلق ج ١ ص ٢٥ ومنتهى المطلب : كتاب الطهارة ج ١ ص ٥٦. وإرشاد الاذهان : ج ١ ص ٢٣٦ ومختلف الشيعة : كتاب الطهارة ج ١ ص ١٨٧ ونهاية الإحكام : ج ١ ص ٢٣٥ وتحرير الاحكام : كتاب الطهارة ، في البئر ، ص ٤ س ٢٩.

(٧) إيضاح الفوائد : كتاب الطهارة في المياه ج ١ ص ١٧.

(٨) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : كتاب الطهارة ص ٣٦.

(٩) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة ماء البئر ج ١ ص ٥٥.

٣٢٥

.................................................................................................

______________________________________________________

والكفاية (١) والذخيرة (٢)» وهو الأصحّ في الفتوى كما في «الحاشية الميسية» وقوّاه في «المقتصر (٣)».

قال الشهيد قدّس الله روحه في «غاية المراد» : وهو مذهب العمّاني ونقله السيد الشريف ابو يعلى الجعفري عن ابي عبد الله الحسين الغضائري ونقله شيخنا عميد الدين طاب ثراه في الدرس عن مفيد الدين محمد بن جهم (٤) انتهى.

ونسبه في «المختلف (٥)» إلى الشيخ وفي «المدارك (٦) والدلائل والذخيرة (٧) والمفاتيح (٨)» إلى أكثر المتأخّرين.

وهؤلاء ما عدا المصنّف في المنتهى استحبّوا النزح كما في «المدارك» حيث نسبه إلى الحسن والشيخ والغضائري ومفيد الدين والمصنّف وولده ، ثمّ قال : وإليه ذهب عامّة المتأخرين (٩). وقريب منه ما في «الذخيرة (١٠)» حيث نسبه إلى المصنّف في أكثر كتبه ومن تبعه والمتأخّرين قال : وربما نسب إلى الشيخ.

وفي «الهداية (١١)» ماء البئر واسع لا يفسده شي‌ء ، ثمّ ذكر مقادير النزح من دون تصريح بالنجاسة. قال : وأكثر ما يقع في البئر الإنسان فيموت فينزح منها سبعون دلواً.

القول الثالث : البقاء على الطهارة ووجوب النزح تعبّد. وهذا في الحقيقة راجع

__________________

(١) كفاية الأحكام : كتاب الطهارة القسم الرابع من المياه ص ١٠.

(٢) ذخيرة المعاد : كتاب الطهارة حكم نجاسة البئر بالملاقاة ص ١٢٧ س ١٣.

(٣) المقتصر : كتاب الطهارة ص ٣٣.

(٤) غاية المراد : كتاب الطهارة في البئر ص ٧١.

(٥) مختلف الشيعة : كتاب الطهارة في ماء البئر ج ١ ص ١٨٧.

(٦) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة في ماء البئر ج ١ ص ٥٤.

(٧) ذخيرة المعاد : كتاب الطهارة حكم نجاسة البئر بالملاقاة ص ١٢٧.

(٨) مفاتيح الشرائع : مفتاح ٩٣ ج ١ ص ٨٤.

(٩) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة ماء البئر ج ١ ص ٥٤.

(١٠) ذخيرة المعاد : كتاب الطهارة حكم نجاسة البئر بالملاقاة ص ١٢٧ س ٨.

(١١) الهداية : كتاب الطهارة باب المياه ص ١٤ وفيه ماء النهر واسعٌ ..

٣٢٦

.................................................................................................

______________________________________________________

إلى الثاني. وإليه ذهب المصنّف في «المنتهى (١)» فصرّح بعدم النجاسة وبوجوب النزح قال : ولا يسوغ الاستعمال قبله في آخر البحث ، فيرتفع الإشكال عمن لم يدر ما المراد من التعبّد.

وقد نسب هذا القول إلى الشيخ في «التهذيب» في «المهذّب البارع (٢) والمقتصر (٣) وكشف الالتباس (٤) ومجمع الفوائد وغاية المرام (٥) والمدارك (٦)» * وقوّاه في المقتصر (٧). واستندوا في هذه النسبة إلى حكمه : بعدم جواز الاستعمال وبعدم وجوب إعادة ما استعمل فيه من الوضوء وغسل الثياب.

وردّه الفاضل (٨) وصاحب «الدلائل» بأنّ التهذيب صريح في التنجيس.

قلت : لعلّهما أشارا بذلك إلى ما ذكره في «الزيادات (٩)» فإنّه نقل عنه أنّه صرّح بذلك هناك.

وردّه الأستاذ في حاشية «المدارك (١٠) وغيره (١١)» بأنّ الشيخ ذاهب إلى

__________________

(*) ونقل المحقق الشيخ محمد في شرح الاستبصار (١٢) عن والده أنّه فهم من التهذيب والاستبصار عدم الانفعال ثمّ إنّه تأمّل في كلام والده ثمّ بعد ذلك قطع بأنّ الشيخ قائل بالنجاسة (منه قدس‌سره).

__________________

(١) منتهى المطلب : كتاب الطهارة أحكام البئر ج ١ ص ٥٦ و ٦٢ و ٦٨.

(٢) المهذّب البارع : كتاب الطهارة أحكام البئر ج ١ ص ٨٥.

(٣) المقتصر : كتاب الطهارة ص ٣٣.

(٤) كشف الالتباس : كتاب الطهارة ماء البئر ص ٩ (مخطوط مكتبة ملك الرقم ٢٧٣٣).

(٥) غاية المرام : كتاب الطهارة ص ١ (مخطوط المكتبة الرضوية المرقّم ٥٨).

(٦) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة ماء البئر ج ١ ص ٥٤.

(٧) المقتصر : كتاب الطهارة ص ٣٣.

(٨) كشف اللثام : كتاب الطهارة في ماء البئر ج ١ ص ٣٠.

(٩) التهذيب : باب ٢١ من الزيادات ج ١ ص ٤٠٨.

(١٠) حاشية المدارك : كتاب الطهارة في البئر ص ٢٥ (مخطوط مكتبة الرضوي الرقم ١٤٣٧٥).

(١١) مصابيح الظلام : كتاب الطهارة في البئر ص ٥١٥ س ٧ (مخطوط مكتبة الگلپايگاني).

(١٢) لم نعثر عليه.

٣٢٧

.................................................................................................

______________________________________________________

عدم النجاسة ولكنّه يفرق كما في «الاستبصار (١)» بين المستعمل جهلا فيصحّ وضوؤه لعدم توجّه النهي اليه وعمداً فيفسد لتوجهه. وقال الأستاذ في «حاشية المدارك (٢)» لعلّه أراد بالنجاسة في الزيادات ، المنع من الاستعمال قبل النزح. وفي «المدارك (٣)» عن جدّه في رسالة له أنّه فهم من الشيخ القول بالنجاسة وعدم وجوب الإعادة.

القول الرابع : اعتبار الكرّيّة في عدم التنجيس ، نقله في «غاية المراد (٤)» عن الشيخ أبي الحسن محمد بن محمد البصروي. وهو لازم للمصنّف حيث اشترط الكرّية في الجاري فهنا أولى كما في «المدارك (٥)».

وعن الفقه (٦) الرضوي في «حاشية المدارك» أنّ كل بئر عمق مائها ثلاثة أشبار ونصف في مثلها فسبيلها سبيل الجاري إلا أن يتغيّر (٧). وفي «مجمع الفوائد» هذان القولان نادران.

القول الخامس : ما نقله في «الذكرى (٨)» عن الجعفي وهو أنّه يعتبر فيها ذراعان في الأبعاد الثلاثة ، فلا تنجس ثمّ حكم بالنزح. هذه عبارة الذكرى.

__________________

(١) الاستبصار : كتاب الطهارة في البئر ج ١ ص ٣٢.

(٢) حاشية المدارك : كتاب الطهارة في البئر ص ٢٥ (مخطوط المكتبة الرضوية الرقم ١٤٣٧٥).

(٣) المدارك : كتاب الطهارة في البئر ج ١ ص ٥٤.

(٤) غاية المراد : كتاب الطهارة في البئر ص ٧٢.

(٥) المدارك : كتاب الطهارة في البئر ج ١ ص ٥٤ فيه : والبئر من انواعه.

(٦) الفقه الرضوي : باب المياه .. ص ٩١.

(٧) حاشية المدارك : كتاب الطهارة في البئر ص ٢٦ السطر الأوّل (مخطوط المكتبة الرضوية الرقم ١٤٣٧٥).

(٨) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في المياه ص ٩ السطر ما قبل الأخير.

٣٢٨

الفصل الثاني في المضاف والأسآر.

المضاف : هو ما لا يصدق إطلاق اسم الماء عليه ويمكن سلبه عنه كالمعتصر من الأجسام والممتزج بها مزجا يخرجه عن الإطلاق ، وهو طاهر غير مطهّر لا من الحدث ولا من الخبث ، فإن وقعت فيه نجاسة فهو نجس قليلا كان أو كثيراً

______________________________________________________

[الماء المضاف]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (وهو طاهر غير مطهّر لا من الحدث ولا من الخبث) قد نشرنا الأقوال في المسألة في أوّل المقصد الثاني.

قوله قدس‌سره : (فهو نجس قليلا كان أو كثيراً) إجماعاً كما في «المعتبر (١) والمنتهى (٢) والتذكرة (٣) والذكرى (٤) والروضة (٥) وكشف الالتباس (٦) والدلائل». وفي «السرائر (٧)» نفى الخلاف.

وظاهر إطلاق هذه الإجماعات أنّه لا فرق في ذلك بين استواء السطوح وعدمه. وقد قطع في «المدارك (٨)» بعدم سراية النجاسة من الأسفل إلى الأعلى وفي «الدلائل» لو قيل بعدم سراية النجاسة فيه مع اختلاف السطوح كان حسناً. انتهى.

قال الاستاذ أيّده الله تعالى : الأولى بناء المسألة على مسألة السراية هل هي على الأصل وإنّما يستثنى المتنجّسات الرطبة الغير المائعة بالإجماع أو على

__________________

(١) المعتبر : كتاب الطهارة في المضاف ج ١ ص ٨٤.

(٢) منتهى المطلب : كتاب الطهارة في المضاف ج ١ ص ١٢٧.

(٣) التذكرة : كتاب الطهارة في المضاف ج ١ ص ٣٣.

(٤) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في المضاف ص ٧ السطر الاخير.

(٥) الروضة : كتاب الطهارة في المضاف ج ١ ص ٢٧٩.

(٦) كشف الالتباس : كتاب الطهارة في المضاف ص ١٦ (مخطوط مكتبة ملك الرقم ٢٧٣٣).

(٧) السرائر : كتاب الطهارة في المياه ج ١ ص ٥٩.

(٨) المدارك : كتاب الطهارة في المياه ج ١ ص ١١٤.

٣٢٩

.................................................................................................

______________________________________________________

خلاف الأصل؟ فعلى الأوّل يقوى القول بانفعال العالي بما أصاب السافل وعلى الثاني ينعكس الحكم. ولعلّ الأوّل لا يخلو عن قوّة (١).

قلت : الحق أنّها على الأصل فالطهارة تسري وإلّا لوجب الامتزاج والدفعة في تطهير المياه وهو خلاف المختار ، والنجاسة تسري وإلّا لكانت المتنجّسات غير منجّسة ، خرج عن هذا الأصل الجامد الرطب غير المتقاطر وكلّ مائع وارد على النجاسة ، ماءً كان أو غيره. ونقول في تطهير الإناء الضيق الرأس بالماء القليل أنّ الماء وارد ، ولا نشترط استيعاب الورود لجميع النجاسة كما في الثوب الغليظ ، أو نقول في الإناء المذكور وغسل الثوب في المركن وكلّ نجاسة وردت على الماء إن قصد التطهير بالماء القليل طهر ولا سراية وإلّا كان نجساً ونشترط القصد في مثل هذا دون ما ظهر ورود الماء على النجاسة وإلّا فلا نظن أنهم يحكمون بطهارة الإناء إذا صبّ فيه الماء لا بقصد التطهير كأن يصبّ فيه بعض الماء أو يصيبه بعض الماء ويبقى فيه يوماً أو يومين فإنّا نستبعد أنّهم يقولون إنّه يطهر إذا خضخضنا فيه ذلك الماء وأفرغناه منه مرّة واحدة على القول الأصح في الاكتفاء بها. ومنه يتّضح الحال في خبر المركن (٢). وإن أبيت عن ذلك كلّه قلنا : إنّ خبر المركن مؤوّل بتأويلات كثيرة أو شاذّ وتطهير الإناء لمكان الورود في أوّل الأمر. وينبغي على هذا إنّا لو وضعنا رأس الإناء الضيق الرأس في ماء قليل وأخذنا برأسهِ منه أنّه لا يطهر بذلك وأنّه لا بدّ من الصبّ فيه والاستعلاء عليه كما هو صريح الخبر الوارد في الباب قال عليه‌السلام : «يصبّ فيه الماء ثمّ يحرّك» (٣).

وللُاستاذ الشريف (٤) أيّده الله تعالى تحقيق في بيان السراية لا بأس بذكره ، قال : الذي ظهر لي من تتبّع الأخبار أنّه لا سراية في الجسم المتّصل قبل وقوع

__________________

(١) لم نظفر على عبارته المحكيّة في كتابيه : مصابيح الظلام ، وحاشية المدارك.

(٢) وسائل الشيعة : ج ٢ ص ١٠٠٢ ب ٢ من ابواب النجاسات ح ٢.

(٣) وسائل الشيعة : باب ٥٣ من أبواب النجاسات ح ١ ج ٢ ص ١٠٧٦.

(٤) لم نعثر على ما حكاه عن الاستاذ الشريف رحمه‌الله في مصابيحه ولعلّه كان في غيره.

٣٣٠

فإن مزج طاهره بالمطلق فإن بقي الإطلاق فهو مطلق وإلا فمضاف.

______________________________________________________

النجاسة وإن كان لا يخلو عن رطوبة ، كما في الدهن الجامد إذا وقعت فيه نجاسة ، فإنّه يجب الحكم بنجاسة الملاقي دون ما تحته وما لاصقه من الجوانب. أمّا لو لاقى ذلك الدهن النجس بملاقاة النجاسة دهنا آخر مثله في الجمود ، فإنّه ينجّسه ، لأنّه اتّصل به بعد الملاقاة. ويظهر منه أنّ النجاسة الحاصلة من الاتّصال الحاصل بعد وقوع النجاسة من باب الملاقاة لا من بابِ السراية. قال : هذا كلّه في غير المائعات وأمّا فيها فإنّ مجرّد الملاقاة منجّسة للكلّ مطلقاً ، كذا أفاد في الدرس حين الكلام على الخبر الذي فيه : «أنّ طين المطر يصيب الثوب فيه البول والعذرة والدم» (١) الحديث.

وكذا الظاهر من إطلاقهم أن لا فرق في نجاسة المضاف بين الورودين ، وعلى قول المرتضى (٢) من إزالة الخبث به يلزمه الفرق بين الورودين كالمطلق عنده.

والفرق بين الجامد والمائع أنّ ما يتقاطر عن الاصبع بعد وضعها فيه مائع والجامد بخلافه.

قوله قدّس الله روحه : (فإن مزج طاهره بالمطلق) «الخ» قد سمعت فيما مرَّ ما حكيناه عن المبسوط والمهذّب والمختلف والذكرى فتذكّر.

__________________

(١) وسائل الشيعة : باب ٦ من أبواب الماء المطلق ح ٧ ج ١ ص ١١٠.

(٢) الناصريات (الجوامع الفقهية) : ص ٢١٩.

٣٣١

وسؤر كل حيوان طاهرٍ طاهرٌ

______________________________________________________

[الآسار]

[سؤر الحيوان الطاهر]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (وسؤر كلّ حيوان طاهرٍ طاهرٌ).

قال في «الصحاح (١) والمغرب (٢) والنهاية (٣) ومجمع البحرين (٤)» السؤر : ما يبقى بعد الشرب. وقال في «القاموس» السؤر : البقية والفضلة (٥). وفي «المسالك (٦) والروض (٧) والذخيرة (٨)» السؤر : لغة ما يبقى بعد الشرب وشرعاً كذا وكذا كما يأتي.

هذا ما يتعلق باللغة وأمّا الفقهاء : فالشهيدان (٩) والفاضل الميسي : الماء القليل الذي باشره جسم حيوان. وهو ظاهر «الوسيلة (١٠) والمراسم (١١)» وغيرهما (١٢) ،

__________________

(١) الصحّاح : باب الرّاء فصل السين ج ٢ ص ٦٧٥.

(٢) المغرب : لا يوجد لدينا.

(٣) النهاية : باب السين مع الهمزة ج ٢ ص ٣٢٧.

(٤) مجمع البحرين : باب السين مع الهمزة ج ٣ ص ٣٢٢.

(٥) القاموس : باب الراء فصل السين ج ٢ ص ٤٣.

(٦) المسالك : كتاب الطهارة في الأسآر ج ١ ص ٢٣.

(٧) الروض : كتاب الطهارة في أسآر الحيوان ص ١٥٧ س ٢٣.

(٨) الذخيرة : كتاب الطهارة في أسآر الحيوان ص ١٤١ س ١٣.

(٩) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة ص ١٢ والمسالك : كتاب الطهارة في الأسآر ج ١ ص ٢٣.

(١٠) الوسيلة : كتاب الطهارة فصل في بيان أحكام المياه ص ٧٦.

(١١) المراسم : كتاب الطهارة ذكر المياه ص ٣٧.

(١٢) الجامع للشرائع : في الأسآر ص ٢٠.

٣٣٢

.................................................................................................

______________________________________________________

لأنّهم يذكرون سؤر الحائض. ونسبه في «المدارك (١)» إلى الشهيد ومن تأخّر عنه * وقال الأستاذان (٢) ** : هذا هو الظاهر من الفقهاء ، يظهر ذلك من فتاواهم واستدلالاتهم كموثّقة عيص (٣) بن القاسم الواردة في سؤر الحائض وغيرها.

وفي «السرائر (٤)» ما شرب منه الحيوان أو باشره بجسمه من المياه وسائر المائعات.

وفي «المعتبر (٥) والمهذّب (٦) والمقتصر (٧) وغاية المرام (٨) وكشف الالتباس (٩)»

__________________

(*) وفي «المسالك (١٠) والروض (١١)» جعل ذلك معناه شرعاً ، لأنّه بعد أن ذكر معناه لغة كما عرفت قال : وشرعاً الخ (منهُ طاب ثراه).

(**) المراد بالأُستاذان هنا الآقا والسيّد أدام الله حراستهما (منه قدس‌سره).

__________________

(١) المدارك : كتاب الطهارة في الأسآر ج ١ ص ١٢٨.

(٢) العبارة مشتبهة فان من المحتمل رجوع ضمير الإشارة إلى اصل الفتوى بطهارة سؤر كل حيوان طاهر كما أنّ من المحتمل ايضاً رجوعه إلى ما حكاه عن الشهيدين والفاضل الميسي وكيف كان فلم نجد المحكي عنه في مصابيحه وانّما المذكور منه هو نسبة المسألة إلى ظاهر الأدلّة لا إلى ظاهر الفقهاء كما هو المحكي عنه نعم صرح الآقا في حاشيته على المدارك (ص ٤٣ مخطوط رقم ١٤٣٧٥) بنسبة الظاهر إلى كلمات الفقهاء في كون السؤر هو كل ماء قليل باشر جسم حيوان وهذا يوافق ان مرجع ضمير الإشارة المذكور في الكلام هو ما حكاه عن الشهيدين والفاضل لا اصل المسألة المعنونة في المتن.

(٣) وسائل الشيعة : كتاب الطهارة باب ٧ من أبواب الأسآر ح ١ ج ١ ص ١٦٨.

(٤) السرائر : أحكام المياه ج ١ ص ٨٥.

(٥) المعتبر : كتاب الطهارة الأسآر ج ١ ص ٩٣.

(٦) المهذّب : كتاب الطهارة أسآر الحيوان ج ١ ص ٢٥.

(٧) المقتصر : كتاب الطهارة أسآر الحيوان ص ٤٥.

(٨) غاية المرام : (مخطوط الرقم ٥٨) كتاب الطهارة الأسآر ورقة ٣ الصفحة اليسرى سطر ٢١.

(٩) كشف الالتباس : (مخطوط مكتبة ملك الرقم ٢٧٣٣) في السؤر ص ١٧ س ٣.

(١٠) المسالك : كتاب الطهارة الأسآر ج ١ ص ٢٣.

(١١) الروض : كتاب الطهارة الأسآر ص ١٥٧ س ٢٣.

٣٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ما بقي بعد الشرب. ومثله ما في «المدارك (١) * والذخيرة (٢)» من أنّ المبحوث في هذا الباب ماء قليل لاقاه فم حيوان.

وفي «شرح الفاضل» أنّه في اللغة : هو البقيّة من كلّ شي‌ء أو ما يبقيه المتناول من الطعام والشراب أو من الماء خاصّة. والقلّة معتبرة فيه ، فلا يقال لما بقي في الآبار والحياض الكبار. والمراد هنا إمّا بقية المتناول أو ما يعمّه وما في حكمه من كلّ طاهر أو ماء قليل طاهر باشره جسم حيوان خال موضع مباشرته من نجاسة خارجة سواء كانت المباشرة بالشرب أو غيره (٣) انتهى.

وصريح «التذكرة (٤)» وظاهر «الهداية (٥)» أنّ السؤر يصدق على الكثير. قال في التذكرة : الأسآر كلّها طاهرة ، لأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله سئل عن الحياض يشرب بها السباع والدواب فقال : «لها ما حملت في بطونها وما بقي فهو لنا شراب وطهور». قال : ولم يفرق بين القليل والكثير. وبه استدل في الهداية.

__________________

(*) وقد اعترض في «المدارك (٦)» على الشهيد رحمه‌الله. وأجاب (٧) عنه الاستاذ واعترض على تعريف المدارك بوجوه خمسة نقلناها فيما كتبناه على الوافي (٨) من إفاداته حرسه الله تعالى. ويظهر منه الميل إلى أنّه حقيقة شرعية في المائع (منه طاب ثراه).

__________________

(١) المدارك : كتاب الطهارة الأسآر ج ١ ص ١٢٨.

(٢) الذخيرة : كتاب الطهارة في الأسآر ص ١٤١ س ١٣.

(٣) كشف اللثام : كتاب الطهارة في الأسآر ج ١ ص ٣٩.

(٤) التذكرة : كتاب الطهارة في الأسآر ج ١ ص ٣٩.

(٥) الهداية : باب ١١ المياه ص ١٤.

(٦) المدارك : كتاب الطهارة الأسآر ج ١ ص ١٢٨.

(٧) ظاهر العبارة يُعطي أنّ الوجوه الخمسة الّتي ذكرها الشارح إنّما هي الّتي أفاده استاذه مشافهة في محفل إفاداته ولذا لم نجده في حاشية المدارك.

(٨) لا يوجد لدينا.

٣٣٤

.................................................................................................

______________________________________________________

والظاهر من الفقهاء قصر السؤر على المائع وظاهر الأكثر قصره على الماء كما عرفت. وأمّا اشتراط الأقليّة فالظاهر عدمه كما نبّه عليه الاستاذ (١).

وقد نقل في «الغنية (٢)» الإجماع على طهارة سؤر الحيوان الطاهر. وعليه المتأخّرون وأكثر المتقدّمين كما في «كشف الالتباس (٣)» وعليه عامّة المتأخّرين كما في «المدارك (٤)» وهو الأشهر والمشهور كما في «التذكرة (٥) والذخيرة (٦)».

ومنع في «المبسوط (٧) والمهذّب (٨)» على ما نقل عنه من سؤر ما لا يؤكل لحمه من حيوان الحضر غير الآدمي والطيور إلّا ما لا يمكن التحرّز عنه كالهرّة والفأرة والحيّة ونحوه في «التهذيب (٩)» إلا أنّه استثنى الطيور والسِنَّور فقط من غير فرق بين حيوان الحضر والبرّ. ونحوه في «الاستبصار (١٠)» إلّا أنّ مكان السنَّور فيه الفأرة ، لكن يظهر من تعليله في الاستبصار : إباحة سؤر الفأرة بعدم إمكان التحرَّز ومشقّته ، العموم * لكلّ ما يشقّ الاحتراز عنه ، فيكون موافقا للمبسوط.

ويظهر منه في «التهذيب (١١)» من إيراد أخبار علّلت سؤر السِنَّور بكونه سبعا عموم الإباحة لأسآر السباع.

__________________

(*) فاعل يظهر (منه).

__________________

(١) حاشية المدارك : كتاب الطهارة في الأسآر ص ٤٣ (مخطوط رقم ١٤٣٧٥).

(٢) الغنية (الجوامع الفقهية) : كتاب الطهارة ص ٤٨٩ س ٢٠.

(٣) كشف الالتباس : (مخطوط مكتبة ملك الرقم ٢٧٣٣) كتاب الطهارة في المياه ص ١٧ س ٦.

(٤) المدارك : كتاب الطهارة الأسآر ج ١ ص ١٣٢.

(٥) التذكرة : كتاب الطهارة الأسآر ج ١ ص ٣٩.

(٦) ذخيرة المعاد : كتاب الطهارة الأسآر ص ١٤١ س ٢٠. وفيه : ذهب أكثر الأصحاب ..

(٧) المبسوط : كتاب الطهارة الأسآر ج ١ ص ١٠.

(٨) المهذب : كتاب الطهارة أسآر الحيوان ج ١ ص ٢٥.

(٩) التهذيب : كتاب الطهارة في المياه ج ١ ص ٢٢٤.

(١٠) الإستبصار : كتاب الطهارة ١٢ باب سؤر ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل لحمه ج ١ ص ٢٥ و ٢٦.

(١١) التهذيب : كتاب الطّهارة ، في المياه وأحكامها ، ج ١ ص ٢٢٥ ح ٢٧.

٣٣٥

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي «الحاشية على المدارك» نظر في أن يكون ذلك مذهباً للشيخ في التهذيب والاستبصار بعد ظهور خلاف ذلك منه في مواضع متعدّدة. ثمّ قال : هذا بعد تسليم أن يكون يظهر منه في أمثال هذه المواضع مذهب (١) ، انتهى. فتأمّل.

وفي «السرائر» صرّح بنجاسة سؤر ما لا يؤكل لحمه من حيوان الحضر واستثنى الطيور مطلقا ، جلّالة وغيرها ، بريّة أو حضريّة وما لا يمكن التحرّز عنه (٢). ولعلّه أراد ما في المبسوط والمهذّب من المنع من استعماله. وصرّح بطهارة حيوانات البرّ جميعها حتّى السبع والمسخ ما عدا الكلب والخنزير.

ويلزم الكاتب وسلّار وعماد الدين بن حمزة والشيخ القول بنجاسة سؤر المسوخ ، حيث حكموا بنجاستها ، لكن الشيخ في «الاقتصاد» حكم بأنّها مباحة السؤر نجسة الحكم (٣) ، فما في «المبسوط (٤)» من أنّها نجسة * وما في بيوع «الخلاف (٥)» وأطعمته (٦) من أنّها نجسة وأنّه لا يجوز بيع القرد إجماعا يمكن أن يكون أراد بذلك نجاسة حكمها لا سؤرها كما في الاقتصاد كما عرفت. ويؤيّد ذلك حكمه في «الخلاف» بجواز التمشّط بالعاج واستعمال المداهن منه ودعواه الإجماع على ذلك (٧).

__________________

(*) قال في «المبسوط (٨)» لا يجوز بيع الأعيان النجسة كالكلب والخنزير وجميع المسوخ (منه قدس‌سره)

__________________

(١) حاشية المدارك : كتاب الطهارة في الأسآر ص ٤٤ (مخطوط الرقم ١٤٣٧٥).

(٢) السرائر : كتاب الطهارة أحكام المياه ج ١ ص ٨٤ و ٨٥.

(٣) الاقتصاد : كتاب الطهارة في ذكر النجاسات ص ٢٥٤.

(٤) المبسوط : كتاب البيع في حكم ما يصحّ بيعه وما لا يصحّ ج ٢ ص ١٦٥ ١٦٦.

(٥) الخلاف : كتاب البيع مسألة ٣٠٨ ج ٣ ص ١٨٤.

(٦) الخلاف (طبع دار الكتب اسماعيليان) : كتاب الأطعمة مسألة ٢ ج ٣ ص ٢٦٤.

(٧) الخلاف : كتاب الطهارة مسألة ١٤ في جواز استعمال العاج ج ١ ص ٦٧.

(٨) المبسوط : ج ٢ ص ١٦٥ ١٦٦.

٣٣٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ومنع الشيخ في «المبسوط (١)» من سؤر الجلّال. وكذا السيّد (٢) والكاتب (٣) والقاضي (٤) على ما نقل عنهم. وقد يظهر ذلك من «النهاية (٥)» * ولعلّه يلزم المفيد (٦) والمصنّف في «المنتهى (٧)» حيث حكما بنجاسة عرقها كالشيخ (٨) والقاضي (٩) والسيّد حمزة (١٠) ، بل ظاهره (١١) دعوى الإجماع على ذلك. ومتى نجس العرق نجست سائر الرطوبات ، فتأمّل.

__________________

(*) حيث قال : ولا بأس باستعمال سؤر كلّما يؤكل لحمه من سائر الحيوان (منه).

__________________

(١) المبسوط : كتاب الطهارة في الأسآر ج ١ ص ١٠.

(٢) نقله عن المصباح في المعتبر : كتاب الطهارة في الأسآر ج ١ ص ٩٧.

(٣) حكاه عنه في الحدائق : ج ١ ص ٤٢٩ ونقله عنه أيضاً في الجواهر : ج ١ ص ٣٧٩ ٣٨٠ ونقل عنه ايضاً : في كشف اللثام : ج ١ ص ٣١.

(٤) المهذّب : كتاب الطهارة أسآر الحيوان ج ١ ص ٢٥ وشرح جمل العلم والعمل : كتاب الطهارة أحكام المياه ص ٥٧.

(٥) النهاية : كتاب الطهارة في الأسآر ج ١ ص ٢٠٣.

(٦) ما حكاه عنه الشارح خلاف ما نجده في المقنعة ، فإنّه حكم في باب الأسآر ص ٦٥ بكراهة سؤر آكل الجيف مع أنّه صرّح في باب النجاسات ص ٧١ بنجاسة عرق إبل الجلّالة ، فلا تصحّ الملازمة الّتي استفادها المصنّف رحمه‌الله هنا اصلاً.

(٧) ما نجده في المنتهى أيضاً خلاف ما نسبه إليه الشارح ، فإنّه صرّح بطهارة سؤر آكل الجيف من الطيور في ص ٢٧ ج ١ وأيضاً صرّح بطهارة عرق الإبل الجلّالة في ص ١٧٠ من المنتهى الرحلية ، ولذا صرّح بحمل خبري حفص وهشام الواردين في الجلّال على الاستحباب أو التعبّد ، نعم قال بعد ذلك : والحديثان قويّان ولأجل ذلك حرّم الشيخ في المبسوط ، فأوجب إزالة عرقها وجعل إزالة عرق الجنب رواية. وعليه أعمل انتهى والظاهر بقرينة فتواه بالطهارة صريحاً أنّ مراده من العمل هو العمل احتياطاً لا وجوباً.

(٨) المبسوط : كتاب الطهارة في تطهير الثياب والأبدان من النجاسات ج ١ ص ٣٨.

(٩) شرح جمل العلم والعمل : كتاب الطهارة أحكام المياه ص ٥٦.

(١٠ و ١١) الغنية (الجوامع الفقهية) : كتاب الطهارة في الطهارة عن النجس ص ٤٨٩ س ٢٦.

٣٣٧

وسؤر النجس وهو الكلب والخنزير والكافر نجس ويكره سؤر الجلّال

______________________________________________________

ويلزم الصدوق (١) والسيّد (٢) والعجلي (٣) نجاسة سؤر ولد الزنا ، لأنّه نجس عندهم. وربما ظهر في التهذيب (٤) عدم جواز استعمال سؤر المتهمة. وربما نزل (٥) على الكراهة. وظاهر «المقنع (٦)» المنع من الوضوء والشرب من سؤرها مطلقا.

[سؤر الكلب والخنزير والكافر]

قوله قدّس الله روحه : (وسؤر النجس وهو الكلب والخنزير والكافر نجس) إجماعاً حكاه جماعة (٧).

[سؤر الجلّال]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويكره سؤر الجلّال) قال في «الصحاح (٨) والقاموس (٩)» الجلّالة : البقرة الّتي تتبع النجاسات. وفي «النهاية» الجلّالة : من الحيوان الّتي تأكل العذرة والجلّة البعر (١٠). وفي «المجمع» الجلّال : من الحيوان الّذي يكون غذاؤه عذرة الحيوان محضا (١١). وفي «السرائر» سمّي جلّالاً ،

__________________

(١) الهداية : باب ١١ المياه ص ١٤.

(٢) الانتصار : الحدود ص ٢٧٣.

(٣) السرائر : أحكام صلاة الميت ج ١ ص ٣٥٧.

(٤) التهذيب : كتاب الطهارة في المياه ج ١ ص ٢٢٢.

(٥) هو الفاضل في كشف اللثام ج ١ ص ٣١ ونسب إلى المصنف في القواعد والنهاية والوسيلة والسرائر.

(٦) المقنع : كتاب الطهارة باب الوضوء ص ٦.

(٧) كشف اللثام : كتاب الطهارة في الأسآر ج ١ ص ٣١ س ١٠. المعتبر : كتاب الطهارة في الأسآر ج ١ ص ٩٦.

(٨) الصحاح : باب اللام الجلل ج ٤ ص ١٦٥٨.

(٩) القاموس : باب اللام فصل الجيم ج ٣ ص ٣٥٠.

(١٠) النهاية : باب الجيم جلل ج ١ ص ٢٨٨.

(١١) مجمع البحرين : كتاب اللام باب ما أوّله الجيم جلل ج ٥ ص ٣٤٠.

٣٣٨

.................................................................................................

______________________________________________________

لأكله الجلّة إلّا أنّه صار في العرف أنّه هو الّذي يأكل عذرة بني آدم دون غيرها من الأبعار والأرواث النجسات (١) ، انتهى.

والمشهور بين الأصحاب أنّه المتغذّي بعذرة الإنسان حتّى يسمّى في العرف جلّالا.

وفي «الخلاف (٢) والمبسوط (٣)» الحيوان الّذي يكون غالب غذائه العذرة.

وفي «الدلائل» أنّ بعضهم اكتفى باليوم والليلة كالرضاع.

وأبو الصلاح (٤) : ألحق بالعذرة سائر النجاسات.

وقد صرّح بالكراهة في «المراسم (٥) والشرائع (٦) والمعتبر (٧) والتذكرة (٨) والتحرير (٩) والدروس (١٠) واللمعة (١١)» وغيرها (١٢). وقد سمعت المنع عن جماعة وتفصيل السرائر وفي «جمل السيّد» : ويكره سؤر الجلّال من البهائم (١٣).

__________________

(١) السرائر : كتاب الطهارة أحكام المياه ج ١ ص ٨٠.

(٢) الخلاف : (طبع دار الكتب اسماعيليان) كتاب الأطعمة معنى الجلال وما يزول به حكم الجلل منه مسألة ١٦ ج ٣ ص ٢٦٧. ليس في عبارته لفظ الغالب وانّما ورد فيها لفظ الأكثر ، فإن حسبه الشارح غالباً تسامحاً فهو وإلّا فالفرق بين التعبيرين واضح.

(٣) المبسوط : كتاب الأطعمة ج ٦ ص ٢٨٢. ليس في عبارته لفظ الغالب وانّما ورد فيها لفظ الأكثر.

(٤) الكافي في الفقه : باب تعيين المحرمات ص ٢٧٨.

(٥) المراسم : ذكر ما يتطهّر به ص ٣٧.

(٦) الشرائع : كتاب الطهارة في الأسآر ج ١ ص ١٦.

(٧) المعتبر : كتاب الطهارة في الأسآر ج ١ ص ٩٧.

(٨) التذكرة : كتاب الطهارة في الأسآر ج ١ ص ٤٢.

(٩) التحرير : كتاب الطهارة في الأسآر ج ١ ص ٥ س ٢٣.

(١٠) الدروس : كتاب الطهارة درس ١٨ في الأسآر ج ١ ص ١٢٥.

(١١) اللمعة : كتاب الطهارة ص ٣.

(١٢) المدارك : كتاب الطهارة الأسآر ج ١ ص ١٣٠.

(١٣) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى) : في أحكام المياه ج ٣ ص ٢٣.

٣٣٩

وآكل الجِيَفْ مع طهارة الفم

______________________________________________________

[سؤر آكل الجيف]

قوله قدّس سره : (وآكل الجِيَفْ) كما في «المقنعة (١) والمراسم (٢) والمعتبر (٣) والشرائع (٤) والتحرير (٥) والدروس (٦) واللمعة (٧)» وغيرها (٨).

وفي «النهاية (٩) والتذكرة (١٠)» يكره سؤر آكل الجِيَفْ من الطيور. وكأنّه أراد بيان عدم كراهة سؤر السِنَّور.

وفي «المدارك (١١) وشرح الفاضل (١٢)» عدم العثور على دليل الكراهة في الجلّال وآكل الجِيَفْ.

وفي «حاشية المدارك» يؤيّد خبر الوشاء (١٣) ما رواه الكليني بسند صحيح أو كالصحيح عن الصادق عليه‌السلام : «لا بأس أن يتوضّأ مما يشرب منه ما يؤكل لحمه (١٤)» وما رواه في الموثّق عن سماعة قال : سألته هل يشرب من سؤر شي‌ء من الدوابّ

__________________

(١) المقنعة : كتاب الطهارة الأسآر ص ٦٥.

(٢) المراسم : كتاب الطهارة الأسآر ص ٣٧.

(٣) المعتبر : كتاب الطهارة الأسآر ج ١ ص ٩٨.

(٤) الشرائع : كتاب الطهارة الأسآر ج ١ ص ١٦.

(٥) التحرير : كتاب الطهارة الأسآر ج ١ ص ٥ س ٢٣.

(٦) الدروس : كتاب الطهارة درس ١٨ في الأسآر ج ١ ص ١٢٣.

(٧) اللمعة : كتاب الطهارة في الأسآر ص ٣.

(٨) المهذّب : كتاب الطهارة أسآر الحيوان ج ١ ص ٢٥.

(٩) نهاية الاحكام : كتاب الطهارة في الأسآر ج ١ ص ٢٣٩.

(١٠) التذكرة : كتاب الطهارة في الأسآر ج ١ ص ٤٢.

(١١) المدارك : كتاب الطهارة في الأسآر ج ١ ص ١٣١.

(١٢) كشف اللثام : كتاب الطهارة في الأسآر ج ١ ص ٣١ س ١٣.

(١٣) في وسائل الشيعة : عن الوشاء عمّن ذكره عن أبي عبد الله عليه‌السلام : أنّه كان يكره سؤر كلّ شي‌ء لا يؤكل لحمه. كتاب الطهارة باب ٥ من أبواب الأسآر ح ٢ ج ١ ص ١٦٧.

(١٤) الكافي : كتاب الطهارة باب الوضوء من سؤر الدوابّ ح ١ ج ٣ ص ٩.

٣٤٠