مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ١

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي

مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ١

المؤلف:

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي


المحقق: الشيخ محمّد باقر الخالصي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٠

.................................................................................................

______________________________________________________

«غاية المراد (١) والمدارك (٢)» أنّ الأصحاب اختلفوا في المعنى المنقول إليه هل أخذ فيه إزالة الخبث أم لا؟ قال في «البيان» (٣) الّذي استقرّ عليه اصطلاح علماء الخاصّة أنّ الطهارة هي كلّ واحد من الوضوء والغسل والتيمّم إذا أثّر في استباحة الصلاة انتهى.

وهذا ظاهر في دعوى الإجماع على عدم أخذ إزالة الخبث في تعريفها إن كان المراد بالاستباحة ما لا يمكن الدخول في الصلاة إلّا به كما يأتي عن المحقّق. ولقد تتبّعت فما وجدت أحداً أخذ ذلك صريحاً في تعريفها سوى الشيخ المفيد أبي علي في «شرح النهاية» (٤) فإنّه عرّفها بأنّها الطهر من النجاسات ورفع الأحداث وسوى الفاضل العجليّ كما يأتي.

نعم ، وقع ذلك للعامة فعرّفها جماعة (٥) بأنّها رفع مانع الصلاة من حدث أو خبث بماء أو رفع حكم بصعيد ، وآخرون (٦) بأنّها عين اختصت بصفة تقتضي جواز القربان إلى الصلاة.

والأمر في هذا سهل وإنّما الاختلاف الشديد في جواز إطلاقها على الصورة حقيقة أو ظاهراً كوضوء الحائض والمجدّد؟

ومن ثمّ اختلف العلماء في تعريفها. وقد عرّفها المصنّف هنا بأنّها غسل بالماء أو مسح بالتراب الخ.

وقد أورد عليه المحقّق نصير الدين محمّد بن علي القاشانيّ (٧) عشرين إيراداً وقد ردّها الشهيد في «غاية المراد» (٨) إلى سبعة عشر وأجاب عنها كلّها بأجوبة

__________________

(١) غاية المراد : الطهارة ج ١ ص ١٢.

(٢) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة ، ج ١ ص ٦.

(٣) البيان : الطهارة ، ص ٢.

(٤) نقله عنه في غاية المراد : الطهارة ج ١ ص ٢٤.

(٥) نقله عنهم في غاية المراد : الطهارة ج ١ ص ٢٤.

(٦) نقله عنهم في غاية المراد : الطهارة ج ١ ص ٢٤ ، وشرح الكبير هامش المغني لابن قدامة الطهارة ج ١ ص ٥.

(٧) نقله عنه في حاشية القواعد : ص ٢ و ٣ (مخطوط مكتبة المرعشي الرقم ٤٢٤٢).

(٨) غاية المراد : الطهارة ج ١ ص ٢١.

٢١

.................................................................................................

______________________________________________________

لا يخلو بعض منها عن تكلّف. والشهيد الثاني في تعليقه على هذا الكتاب (١) ناقش الشهيد في أجوبته واستجود إيرادات القاشاني وردّها إلى العشرين وزاد عليها ما زاد. ولو لا خوف الإطالة الخالية عن فائدة مهمّة لنقلنا ذلك كلّه.

وبقي هناك إيراد لم يذكراه وهو أنّ ظاهر قوله «مسح بالتراب» أنّه لا يكفي مجرّد الأرض مع أنّه يجوز في الاضطرار ويجوز التيمّم بالغبار من الثياب كذلك.

وقال الشيخ في «النهاية» (٢) والمصنّف في «المنتهى» (٣) الطهارة في الشريعة اسم لما يستباح به الدخول في الصلاة ، ووافقه على ذلك أبو القاسم عبد العزيز بن البراج في «الروضة» (٤) إلّا أنّه زاد : ولم يكن ملبوساً أو ما يجري مجراه ، احترز به عن المأخذ الطردي كما سيأتي. وقريب منهما عبارة «البيان (٥) والألفيّة» (٦).

واعترض على تعريف النهاية الفاضل العجليّ (٧) في طرده بإزالة النجاسة ، إذ هي معتبرة في الاستباحة فلا تسمّى طهارة وفي عكسه بوضوء الحائض فإنّه يسمّى طهارة فلا يستباح به ما ذكر.

وأجاب عنه المحقّق في المسائل المصريّة (٨) أوّلاً : بأنّ هذا تعريف لفظيّ لا حقيقيّ كما يقال : سعدانة نبت ، فصحّ التعريف بالأعمّ. وثانياً : بمنع اعتبار إزالة النجاسة عن الثوب والبدن في الاستباحة ، إذ نعني بالاستباحة ما لا يمكن الدخول

__________________

(١) حاشية القواعد : الطهارة في أسباب الوضوء الورقة ٢٠ سطر ١٩ (مخطوط مكتبة المرعشي الرقم ٤٢٤٢).

(٢) النهاية : كتاب الطهارة ج ١ ص ١٩٦.

(٣) منتهى المطلب : كتاب الطهارة ، ج ١ ص ٤ س ٨.

(٤) لا يوجد لدينا كتابه ووجدنا هذا النقل في المسائل المصريّة (المطبوعة مع النهاية) ج ٣ ص ٥ ونقله أيضاً في السرائر : كتاب الطهارة ج ١ ص ٥٦ عن مختصر بعض الأصحاب.

(٥) البيان : كتاب الطهارة ، ص ٢.

(٦) الألفيّة : الفصل الأوّل ص ٤١.

(٧) السرائر : كتاب الطهارة ، ج ١ ص ٥٦.

(٨) المسائل المصريّة (المطبوعة مع النهاية) ج ٣ ص ٥ ٧. أمّا قوله : «مساميح وأوجههم وضاء» فلم نعثر على هذه الجملة في كلامه ، فإن كانت في كلامه فمعناه : أنّ هذه التعريفات تسامحات ولهم وجوه مستحسنة.

٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

في الصلاة إلّا به وليس كذلك إزالة النجاسة ، إذ قد يجوز في بعض الأحيان الدخول في الصلاة بدون إزالة النجاسة. ووضوء الحائض ليس طهارة شرعيّة ، كيف وقد روى محمد بن مسلم عن الصادق عليه‌السلام الحائض تتطهّر يوم الجمعة وتذكر الله تعالى؟ قال عليه‌السلام : «أمّا الطهر فلا ولكن تتوضّأ وقت كل صلاة» (١). وهذا يدلّ على عدم تسميته طهارة وتسميته وضوءً لا يقتضي تسميته طهارة لجواز إرادة المعنى اللغويّ وهو الوضاءة قال بعضهم مساميح وأوجههم وضاء. انتهى حاصل كلامه.

قلت : قال أبو علي في «شرح النهاية» (٢) لم يقصد بذلك تحديد الوضوء ولا الغسل ولا التيمّم وإنّما قصد أن يكشف عن معنى هذه اللفظة. وهذا يؤيّد ما ذكره المحقّق.

ثمَّ قول الشيخ «اسم» ظاهر في ذلك. وقوله «به» ظاهر في إخراج إزالة النجاسة ، لأنّ الباء للسببيّة ، لكن يبقى عليه خروج التجديد. وحينئذٍ فذكرهم الطهارة من الخبث ومباحث الأواني والأسآر والجلود في كتاب الطهارة استطراد ومناسبة للمعنى اللغويّ.

وفي «المبسوط (٣) والاقتصاد (٤) والسرائر (٥)» إيقاع أفعال في البدن مخصوصة على وجه مخصوص ليستباح به الصلاة إلّا أنّه قال في «السرائر» (٦) لا حاجة إلى ذكر الاستباحة.

قيل (٧) عليه : إنّه في غاية الإبهام وهو منطبق بلفظه على كثير ممّا يفعل في البدن غير الطهارة. ولو زال الطعن عنه بالعناية لأمكن زواله عن تعريف النهاية.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ب ٢٢ من أبواب الحيض ح ٣ ج ٢ ص ٥٦٦ ، وفيه قال : «أمّا الطهر فلا ولكنّها توضّأ في وقت الصلاة» وكيف كان فالمعنى متّحد.

(٢) نقله عنه في غاية المراد : الطهارة ج ١ ص ١٥.

(٣) المبسوط : الطهارة في حقيقة الطهارة ج ١ ص ٤.

(٤) الاقتصاد : في العبادات ص ٢٤٠ و ٢٤١.

(٥) السرائر : الطهارة ج ١ ص ٥٦ و ٥٧.

(٦) السرائر : الطهارة ج ١ ص ٥٧.

(٧) والقائل هو المحقّق في المسائل المصريّة (المطبوعة مع النهاية ونكتها) ج ٣ ص ٦.

٢٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وقال القاضي (١) أيضاً والراوندي (٢) : الطهارة الشرعيّة استعمال الماء أو الصعيد نظافة على وجه يستباح به الصلاة وأكثر العبادات.

قلت : هذا يخرج عنه الوضوء التجديدي.

وقال الفاضل ركن الدين الجرجاني صاحب الرافع والحاوي (٣) : الطهارة ما له صلاحيّة رفع الحدث أو استباحة الصلاة مع بقائه.

قلت : يرد عليه كثير ممّا اورد على تعريف المصنّف هنا.

وقال القاشاني (٤) والشهيد في «اللمعة (٥) والدروس (٦)» استعمال طهور مشروط بالنيّة. وقد ردّه الشهيد في «غاية المراد» (٧) بما ذكره الشهيد الثاني في «الروضة (٨)».

__________________

(١ و ٢) التعريف الّذي في المهذّب هكذا : هي استعمال الماء والصعيد على وجهٍ يستباح به الصلاة ، أو تكون عبادة يختصّ بغيرها. وحكاه المحقق عن الراوندي في المسائل المصرية بحذف كلمة «نظافة» ، فالتعريفان يفترقان عمّا نقله عنهما في المتن. راجع المهذّب : الطهارة ج ١ ص ١٩ ، والمسائل المصرية (النهاية ونكتها) ج ٣ ص ٦.

(٣) نقله عنه في غاية المراد : كتاب الطهارة ج ١ ص ٢٥.

قال في الذريعة ج ٦ ص ٢٣٥ في ترجمة الحاوي بعد نقل عبارة عن الشيخ يوسف البحراني : ثمّ قال البحراني في كشكوله : وعندي نسخة الحاوي هذه ولكنّها منسوبة إلى المولى ركن الدين محمّد بن علي الجرجاني غلطاً كما أنّ نسبتها إلى العلّامة الحلّي أيضاً غلط ، لأنّ الشهيد في شرح الإرشاد نقل عن الحاوي للجرجاني تعريف الطهارة : «بما له صلاحية رفع الحدث واستباحة الصلاة» وذكر في الحاوي الموجود غير هذا التعريف ، فيظهر انّه ليس للجرجاني بل هو للشيخ حسين بن منصور الّذي نسبه اليه الصيمري.

نعم نقل قدس‌سره كتاباً آخر مسمى به للجرجاني المذكور.

ونقل أيضاً كتاباً آخر مسمّى بالحاوي للشيخ رشيد الدين محمد بن علي بن شهرآشوب المازندراني (المتوفّى ٥٨٨) ونقل كتاباً آخر مسمّى بالحاوي للشيخ احمد بن حسن بن منصور المعاصر لكاشف الغطاء. ولكنّ الظاهر أنّ المراد من الحاوي في المتن هو الأوّل بقرينة ذكر التعريف المذكور فيه.

(٤) نقله عنه في غاية المراد : كتاب الطهارة ج ١ ص ٢٣.

(٥) اللمعة الدمشقية : الطهارة ص ١٥.

(٦) الدروس الشرعيّة : الطهارة ج ١ ص ٨٦.

(٧) غاية المراد : الطهارة ج ١ ص ٢٤.

(٨) الروضة البهيّة : الطهارة ج ١ ص ٢٤٧ و ٢٤٨ وما ذكره فيه اعتراضاً على التعريف

٢٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وقال الشيخ نجيب الدين محمد بن أبي غالب في «المنهج الأقصد» (١) إزالة الحدث أو حكمه لتؤثّر في صحّة ما هي شرط فيه.

وفيه : أنّه دوريّ ، لأنّ هي مميّز الطهارة مضافاً إلى أنّه تعريف للازم الطهارة ، ثمّ يرد النقض بالمجدّد.

وقال المحقّق في «المسائل المصريّة» (٢) هي استعمال أحد الطهورين لإزالة الحدث أو لتأكيد الإزالة. وأتى بالتأكيد ليدخل المجدّد. قيل : هو غير منعكس لخروج طهارة المضطر وبأنّه دوريّ. وأجاب بإمكان معرفة طهوريّة الماء بالآية الشريفة والتراب بالحديث النبويّ.

وقال في «المعتبر» (٣) اسم لما يرفع حكم الحدث واعترض عليه بالمجدّد ثم عدل إلى تعريف «الشرائع» (٤).

وعدوله عنه إليه يدلّ على إدخاله الوضوء المجدّد في تعريف الشرائع وهو كذلك ، لأنّه يمكن دخوله بقوله «له تأثير» فإنّه أعمّ من القوّة والفعل ومع الاجتزاء بنيّة القربة كما هو مذهبه يمكن أن يكون له تأثير وعلى هذا فلا يرد النقض على الشرائع بالمجدّد.

وقال في «التذكرة» (٥) هي وضوء أو غسل أو تيمّم يستباح به عبادة شرعيّة.

__________________

المذكور هو اختيار أنّ المراد منها ما هو أعمّ من المُبيح للصّلاة وهو خلاف اصطلاح الأكثرين ومنهم المصنّف في غير هذا الكتاب ، أو ينتقض في طرده بالغُسل المندوب والوضوء غير الرافع منه والتيمّم بدلاً منها إن قيل به ، وينتقض في طرده أيضاً بأبعاض كلّ واحد من الثلاثة مطلقاً ، فإنّه استعمال للطهور مشروط بالنيّة مع أنّه لا يُسمّى طهارة وبما لو نذر تطهير الثياب ونحوه من النجاسة ناوياً فإنّ النذر منعقد لرجحانه.

(١) نقله عنه في غاية المراد : كتاب الطهارة ج ١ ص ١٨.

(٢) عبارته هكذا : ولو قيل الطهور لا يعرف إلّا بعد معرفة الطهارة فهو دور قلنا : قد يمكن معرفة كون الماء طهوراً بقوله تعالى «وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً» وكون التراب طهوراً بحديث النبوي فراجع المسائل المصريّة (المطبوعة مع النهاية ونكتها) ج ٣ المسألة الاولى ص ٨ و ٩.

(٣) المعتبر : الطهارة ج ١ ص ٣٥.

(٤) شرائع الإسلام : الطهارة ج ١ ص ١١.

(٥) تذكرة الفقهاء الطهارة ج ١ ص ٧.

٢٥

.................................................................................................

______________________________________________________

قلت : فيخرج المجدّد لأنّه غير مبيح ولا صالح لذلك عنده أو يقال المراد بالاستباحة ما يعمّ الحقيقيّة والتقديريّة.

وقال في «التحرير (١) والتلخيص (٢)» الطهارة شرعاً ما له صلاحيّة التأثير في استباحة الصلاة من الوضوء والغسل والتيمّم.

ولو أتى بالعبادة كان أولى. والمراد «بماله صلاحيّة» ما يكون مؤثّراً كالوضوء عن الحدث وما لا يكون مؤثّراً كالوضوء المجدّد فلا يرد عليه ما عساه يقال يخرج ما له تأثير وهو الأهم.

وللشهيد (٣) كلام طويل حاصله : إنّ التعريف إن كان للطهارة المبيحة فاللازم أحد أمرين إمّا إدخال وضوء الحائض والوضوء المجدّد أو إخراجهما وأمّا إدخال المجدّد وإخراج وضوء الحائض فلا معنى له وإن كان التعريف لما يقع عليه لفظ الطهارة صحيحاً أو لا ، مبيحاً أو غيره فلا معنى للتقييد بالمبيح للصلاة أو بالصالح لذلك.

وقال المحقّق : إنّما وقع الاختلاف في عبارات تعريف الطهارة ، لأنّ اللفظ الواقع على المعاني المختلفة بالاشتراك اللفظيّ ، يعسر إيضاحه كلفظ العين الواقعة على معان متعددة ، فإنّه لم يمكن تعريفه إلّا بذكر موضوعاته. وكذلك الطهارة الواقعة على الغسل تارة لاستباحة العبادة وتارة لا لها كالغسل المندوب وكالوضوء ، فإنّه يقع مع إرادة الاستباحة والتجديد والتيمّم كذلك. وليس هنا قدر مشترك بين هذه الحقائق المختلفة ، فمن ثمّ تعذّر تعريفها بتعريف واحد بل إمّا أن يعرّف كلّ فرد من أفرادها أو تعرّف بحسب الإيضاح لمسمّاها (٤).

وهذا منه تصريح بأنّ لفظ الطهارة مشترك لفظيّ في جميع مصاديقه ، لكنّ

__________________

(١) تحرير الأحكام : الطهارة ج ١ ص ٤ س ١٢.

(٢) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهيّة) ج ٢٦ ص ٢٦٣.

(٣) غاية المراد : كتاب الطهارة ج ١ ص ٢٦.

(٤) المسائل المصرية (المطبوعة مع النهاية ونكتها) ج ٣ ص ٨ والعبارة منقولة بالمعنى.

٢٦

.................................................................................................

______________________________________________________

المصنّف رحمه‌الله صرّح في «المنتهى» أنّ لفظ الطهارة مشترك معنوي وأنّ القدر المشترك كونها أفعالاً واقعة في البدن مقترنة بالنيّة (١). وتبعه على ذلك بعض شرّاح الألفيّة (٢) ، والشهيد الثاني في «روض الجنان» فإنّه قرّب مقوليتها على الثلاثة بالتشكيك وعلى الوضوء والغسل بالتواطؤ ، قال : وتظهر الفائدة في نذر الطهارة (٣).

هذا. وقد تحصّل أنّ الأكثر على أخذ الإباحة فيخرج وضوء الحائض وغسل الجمعة والتيمّم للجنازة وغير ذلك ممّا ذكروه عند تقسيمهم الطهارة إلى واجب وندب بل المجدّد أيضاً يخرج عند بعضهم. والتزام كون المقسم أعمّ من المعرّف كما في «غاية المراد (٤) والمدارك (٥)» بعيد ، كما أنّ الاستطراد أيضاً كذلك.

وهذا حديث إجمالي وتفصيل المقال ونقل جميع العبارات وما يرد عليها وما يراد منها يستدعي رسالة على حدة.

__________________

(١) منتهى المطلب : الطهارة ج ١ ص ١٥.

(٢) شرح الألفيّة : (رسائل المحقّق الكركي) ج ٣ ص ١٨٢.

(٣) روض الجنان : الطهارة ص ١٤ س ١٨.

(٤) غاية المراد : ج ١ ص ٥١٨.

(٥) مدارك الأحكام : الطهارة ج ١ ص ٧.

٢٧

فالوضوء يجب للواجب من الصلاة

______________________________________________________

[ما يجب له الوضوء]

قال قدّس الله تعالى روحه : (فالوضوء يجب للواجب من الصّلاة) بالأصل أو بالعارض. واللام للعهد يعني ذات الركوع أو المراد بالواجب الواجب العيني ، فلا تدخل صلاة الجنازة ، أو يقال إنّ إطلاق اسم الصّلاة عليها مجاز ، كما صرّح به جماعة كما في «المسالك (١)».

ووجوبه للصلاة معلوم بالضرورة من الدين ونصّ الكتاب المجيد (٢) والسنّة (٣) الغرّاء ، مضافاً إلى الإجماعات المنقولة في عدّة مواضع (٤).

ووجوبه للصلاة لا لنفسه ثابت بالإجماع المعلوم كما يأتي بيانه ، والمنقول كما في «التذكرة (٥) والذكرى (٦) ومجمع الفوائد (٧)» في مبحث الغسل و «روض

__________________

(١) مسالك الأفهام : الطهارة ج ١ ص ١٠.

(٢ و ٣) وأمّا الكتاب فقوله تعالى : «إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ» المائدة : الآية ٦ ، وأمّا السنّة فراجع الوسائل ج ١ باب ١ من ابواب الوضوء ص ٢٥٦.

(٤) مدارك الأحكام : ج ١ ص ٩ وروض الجنان : ص ١٤ س ٢٤ وذخيرة المعاد : ص ٢ س ١٢.

(٥) تذكرة الفقهاء : الطهارة ج ١ ص ١٤٨.

(٦) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة ، ما يجب له الوضوء ص ٢٣ س ٢٠.

(٧) لم نعثر على الكتاب.

٢٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الجنان (١)» وظاهر «السرائر (٢)» في مبحث الغسل وهو ظاهر «الأمالي (٣)» وظاهر «آيات أحكام الجواد (٤)» حيث قال : صدر الآية يدلّ على الوجوب لغيره وعجزها كذلك إجماعاً ، بل ربما لاح من «البيان» حيث قال : والأكثر على انحصار وجوب الطهارة في هذه الامور حيث تجب ، واستثنى بعضهم غسل الجنابة من البين وهو تحكّم ظاهر وفرّعوا على ذلك الإيقاع قبل هذه الأسباب بنيّة الوجوب أو الندب مع اتّفاقهم على أنّ الوجوب موسّع وأنّ تضييقه تابع لتضييق هذه الغايات (٥).

وقال الفاضل فيض الله (٦) : نفى الشهيد الثاني في «شرح الإرشاد» (٧) الخلاف بين الأصحاب في غير غسل الجنابة. وربما لاح نقل الاجماع من «قواعد الشهيد» أيضاً حيث قال : الستر والقبلة والطهارة معدودة من الواجبات في الصلاة مع الاتّفاق على جواز فعلها قبل الوقت والاتّفاق على أنّ غير الواجب لا يجزي عن الواجب (٨). والاستاذ المولى محمّد باقر (٩) أدام الله تعالى حراسته قال : إنّ الشهيد نقل الإجماع في غير الذكرى. ولعلّه أشار إلى البيان (١٠) والقواعد (١١). ونقل حكايته في «الكفاية (١٢)» عن جماعة.

__________________

(١) روض الجنان : كتاب الطهارة ، في غسل الجنابة ص ٥١ س ١٧ و ١٨.

(٢) السرائر : كتاب الطهارة ، أحكام الجنابة ج ١ ص ١٣٢.

(٣) الأمالي للصدوق المجلس الثالث والتسعون ، ص ٥١١ يمكن استفادته من عبارته حيث لم يعدّه واجباً مستقلًّا بل عدّه من فرائض الصلاة فراجع.

(٤) مسالك الأفهام للكاظمى : كتاب الطهارة ، ج ١ ص ٦٢.

(٥) البيان : كتاب الطهارة ، ص ٣.

(٦) الأنوار القمرية : في غسل الجنابة مخطوط مكتبة المرعشي الرقم ٤٩٧٨. وفي تلك النسخة تسميته ب «النور القمريّة».

(٧) روض الجنان : كتاب الطهارة في غسل الجنابة ص ٥١ س ١١.

(٨) القواعد والفوائد : قاعدة ١٦٥ ج ٢ ص ٦٣.

(٩) حاشية المدارك : الطهارة ص ٣ س ٣ مخطوطة مكتبة الرضوية الرقم ١٤٣٧٥.

(١٠) البيان : كتاب الطهارة ، ص ٣.

(١١) القواعد والفوائد قاعدة ١٦٥ ج ٢ ص ٦٣.

(١٢) كفاية الأحكام : كتاب الطهارة ، ص ٢.

٢٩

.................................................................................................

______________________________________________________

وهو المعروف من مذهب الأصحاب كما في «المدارك (١)» وهو المشهور كما في «الذخيرة (٢) والكفاية (٣) والمفاتيح (٤) وشرح الإثني عشرية (٥)» بل قد ادّعى الإجماع جماعة (٦) على عدم وجوب التيمّم بخصوصه. وهو مؤيّد لعدم وجوب الوضوء أيضاً لمكانة عموم البدليّة كما يأتي إن شاء الله تعالى ، بل الإجماع ظاهر «المجمع» حيث قال بعد قول المصنّف في «الارشاد» فالوضوء يجب للصلاة والطواف الواجبين : دليل الأوّل الكتاب والسنّة والإجماع ودليل الثاني الإجماع والأخبار (٧). ومثله صنع صاحب القمريّة (٨) وقريب منه ما في «المهذّب البارع (٩)» حيث استدلّ بالإجماع على الطهارة من الحدث والخبث للصلاة.

وأمّا العلم بالإجماع فيحصل من استمرار طريقة فقهاء الشيعة بل وغيرهم في كلّ عصر ومصر على عدم الالتزام والإلزام برفع الحدث الأصغر عند ظنّ الوفاة وعدم أمرهم بالوضوء للمقاربين للاحتضار من المرضى مع المكنة أو التيمّم مع عدمها وكذا المشرفون على الجهاد والقتل ونحو ذلك مع ذكرهم الوصيّة وحسن الظنّ بالله سبحانه وتعالى والتلقين ونحو ذلك من آداب ظنّ الوفاة ، ولو كان الوضوء واجباً لنفسه لكان ذكره أهمّ ، مضافاً إلى خلوّ الأخبار عن الإشارة إلى ذلك ، وفهمه من مجرّد الأمر بالوضوء ممّا لا يكاد يتفطّن به الحذّاق الماهرون فضلاً عن العوام ، لأنّه من المستبعد جدّاً أن يراد بأوامر الشرع بالوضوء التكليف

__________________

(١) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة ، ج ١ ص ٩.

(٢) ذخيرة المعاد : كتاب الطهارة ، ص ١ السطر الأخير.

(٣) كفاية الأحكام : كتاب الطهارة ، ص ٢.

(٤) مفاتيح الشرائع : مفتاح ٤٠ ج ١ ص ٣٨.

(٥) الأنوار القمريّة : الطهارة في غسل الجنابة (مخطوط مكتبة المرعشي رحمه‌الله الرقم ٤٩٧٨) وفي تلك النسخة تسميته ب «النور القمرية».

(٦) منهم السيد المرتضى رحمه‌الله في الانتصار : الطهارة في التيمّم ص ٣٢ والمفاتيح : مفتاح ٧٠ جواز التيمّم مع السعة ج ١ ص ٦٣.

(٧) مجمع الفائدة والبرهان : كتاب الطهارة ج ١ ص ٦٥.

(٨) الأنوار القمرية : الطهارة في الوضوء (مخطوط مكتبة المرعشي الرقم ٤٩٧٨).

(٩) المهذّب البارع : كتاب الطهارة ج ١ ص ٧٨.

٣٠

.................................................................................................

______________________________________________________

عند ظنّ الوفاة بل سنذكر بطلان الفهم.

ثم إنّ سيرة الفقهاء على خرط الطهارة في سلك شرائط الصلاة دون الواجبات الأصليّة بل العوام لا يعرفون إلّا أنّ الوضوء واجب للصلاة وأنّه من شرائطها ، هذا كلّه مضافاً إلى الإجماعات المنقولة وعدم العثور على المخالف في المسألة سوى ما نقل عن بعض العامة (١) وأشار إلى ذلك الشهيد في «الذكرى» بعد أن اختار في الغسل الوجوب الغيري بقوله : وربما قيل بطرد الخلاف في كلّ الطهارات لأنّ الحكمة ظاهرة في شرعيّتها مستقلّة (٢).

ويحتمل أن يكون ذلك احتمالاً منه ، لأنّي قد تتبّعت فلم أعثر على هذا القول للعامّة أيضاً.

وهذه العبارة هي التي استند اليها صاحب «الذخيرة (٣) والكفاية» (٤) وصاحب «المفاتيح (٥)» في عدّ الوجوب الغيري مشهوراً والنفسي قولاً. وصاحب «المدارك (٦)» تنحّى عن ذلك فنسب حكاية القول إلى الذكرى لكنّه مال إليه وأخذ يستدلّ عليه بما لا ينهض بالدلالة على ذلك.

وممّا يشير إلى مذهب الأصحاب من الأخبار قوله عليه‌السلام : «يكفيك التراب عشر سنين» (٧). فإنّ كفاية التراب عشر سنين ، ظاهرة في رفع ما يجب مطلقاً فمع

__________________

(١) الذي يظهر من كتب القوم فيما تتبّعنا هو عدم وجدان هذا القول كما ذكره الشهيد إلّا أنّ المحكيّ عن المالكيّة والحنفيّة هو جواز الوضوء قبل الوقت لمن علم بتعذّره عليه بعد الوقت وهذا يدلّ على نوع من شرعيّته المطلقة ويدلّ عليه ما حكي عن الحنفيّة في الفقه على المذاهب الاربعة ج ١ ص ١٥١.

(٢) ذكرى الشيعة : الصلاة الفصل الثالث ص ٢٣.

(٣) ذخيرة المعاد : الطهارة ص ٢ س ١٢.

(٤) كفاية الأحكام : الطهارة ص ٢.

(٥) مفاتيح الشرائع : مفتاح ٤٠ من مفاتيح الصلاة ج ١ ص ٣٨.

(٦) مدارك الأحكام : الطهارة ج ١ ص ١٠.

(٧) وسائل الشيعة : ب ١٤ من ابواب التيمّم ج ٢ ح ١٢ ص ٩٨٤ ومستدرك الوسائل : ج ٢ ص ٥٤١ والّذي ورد في كتب الحديث هو قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : «يكفيك الصعيد» بدلاً عن «التراب» ولم يرو هذا الخبر عن غيره فيما تتبّعنا. وغير خفي أنّ النقلين مختلفان معنىً كما أنّهما مختلفان لفظاً لأنّ الصعيد مردّد بين وجه الأرض والتراب ، والتراب لا ترديد فيه.

٣١

.................................................................................................

______________________________________________________

كونه واجبا موسّعا إذا تعذّر الماء في غير وقت الفريضة لم يمكن تحصيل هذا الواجب. وما يستنبط من الأخبار من أنّ الوضوء من الامور المرغّب فيها كمن توضّأ وبات بمنزلة من بات مصلّياً (١). وما دلّ على تهنية من توضّأ ودخل المسجد (٢). وما دلّ على أنّ من أحدث ولم يتوضّأ فقد جفى الله تعالى (٣). وما دلّ على أنّ من مات على وضوء مات شهيداً (٤). وما دلّ على ارتباط الوضوء بالصلاة ، كما ورد أنّ الصادق عليه‌السلام إذا جامع وأراد العود توضّأ للصلاة ثم إذا أراد العود توضّأ للصلاة (٥). ومثل ذلك ممّا يدلّ على استحضار الصلاة عند ذكر الوضوء ، كما أجاب الصادق عليه‌السلام من سأل عن رجل رعف وهو على وضوء : بأنّه «يغسل آثار الدم ويصلّي» (٦). ونحو ذلك.

هذا كلّه مضافاً إلى الأصل ، وقوله تعالى : «إِذا قُمْتُمْ» حيث دلّ على تعليق أصل الوجوب ، لبعد تعليق الفوريّة على القيام إلى الصلاة ، ومفهوم الشرط حجّة. ولا فرق بين أن يراد القيام عن النوم كما نقل عليه الإجماع في «المنتهى (٧) والبيان (٨)» ودلّت عليه موثّقة ابن بكير (٩) ، أو يراد بالقيام ، الإرادة مجازاً ، لأنّه ظاهر في أنّ المراد أنّ الوجوب مشروط بالصلاة ، وإدخال القيد في المنطوق لينفي في المفهوم فنقول : المراد فاغسلوا للصلاة حتى يكون المفهوم لا تغسلوا للصلاة يمنعه ظاهر العرف واللغة. ودعوى أنّ المراد من الآية مجرّد الشرط كما تقول إن زرت

__________________

(١) وسائل الشيعة : ب ٩ من أبواب الوضوء ج ١ ص ٢٦٥.

(٢) وسائل الشيعة : ب ١٠ من أبواب الوضوء ج ١ ص ٢٦٦.

(٣) وسائل الشيعة : ب ١١ من أبواب الوضوء ح ٢ ج ١ ص ٢٦٨.

(٤) وسائل الشيعة : ب ١١ من ابواب الوضوء ح ٣ ج ١ ص ٢٦٨.

(٥) وسائل الشيعة : ب ١٣ من أبواب الوضوء ح ٢ ج ١ ص ٢٧٠.

(٦) وسائل الشيعة : ب ٧ من ابواب نواقض الوضوء ح ٧ ج ١ ص ١٨٨.

(٧) منتهى المطلب : الطهارة كيفية الوضوء ج ١ ص ١٩٥.

(٨) لم نجد فيه اجماعاً محكياً على ما ادعاه في المتن.

(٩) وسائل الشيعة : ب ٣ من ابواب نواقض الوضوء ح ٧ ج ١ ص ١٨٠.

٣٢

والطواف

______________________________________________________

الإمام فكن عارفا بحقّه ظاهرة البطلان. وعموم المفهوم ممّا يحكم به العرف ، فدعوى أنّ المفهوم عند عدم القيام لا وجوب ولو في بعض الأحيان ويراد من كان متطهّراً ، غلط محض.

وصحيحة زرارة : «اذا دخل الوقت وجب الطهور والصلاة» (١). والظاهر التعليق في الجميع لا المجموع كما هو حق الواو النائبة عن العامل ، وأيضاً يصير الحديث لو لم يرتبط وجوب الوضوء بالوقت ، بمنزلة قولنا إذا دخل الوقت وجب الحجّ ، على أنّه على إرادة المجموع يلزم أنّ المتوضّي قبل الشروع في الصلاة لم يكن آتياً بشي‌ء من أفراد الواجب بل بجزئه.

ويؤيّده ما رواه الكليني فيما فرض على اليدين إلى أن قال : «والوضوء للصلاة» (٢). ثمّ الأخبار (٣) الدالّة على أنّ وجوب الغسل لغيره ، لأنّ الأصغر داخل في الأكبر مع زيادة في الأكبر ، فتدلّ عليه بطريق أولى ولذا كلّ من قال بالوجوب الغيري في الغسل قال هنا دون العكس إن كان هناك قائل. ويشعر بذلك ما دلّ أنّ مضمضة وضوء النافلة ينقص ماؤها الوضوء دون مضمضة وضوء الفريضة (٤) ، إلى غير ذلك.

قوله قدّس الله تعالى روحه : (والطواف) هذا ممّا لم يذكر فيه خلاف

__________________

(١) وسائل الشيعة : ب ٤ من ابواب الوضوء ح ١ ج ١ ص ٢٦١.

(٢) الكافي : ج ٢ ص ٣٦ باب في أنّ الايمان لجوارح البدن كلّها وفيه : «والطهور للصلاة».

(٣) وسائل الشيعة : باب ١٤ من ابواب الجنابة ج ١ ص ٤٨٣.

(٤) يمكن توجيه العبارة على ما في الشرح بأنّ المراد أنّ الماء الّذي يتمضمض به في وضوء النافلة ينقص ثواب الوضوء إذا توضّأ به بخلاف ما يتمضمض به في وضوء الفريضة. ويمكن أن تكون كلمة الوضوء مصحفةً من كلمة الصوم وعليه يكون المعنى : أنّ ماء مضمضة وضوء النافلة إذا دخل في الحلق ينقض الصوم بخلاف ماء مضمضة وضوء الفريضة فإنه إذا دخل في الحلق لا ينقضه ويؤيّده ما ورد في ذلك من الأخبار : راجع الوسائل ج ٧ ص ٤٩ باب ٢٣ من ابواب ما يمسك عنه الصائم.

٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ولا وجدت فيه مخالفاً بل الإجماع عليه منقول في حجّ «الخلاف (١) والغنية (٢) وإحقاق الحقّ (٣) والتذكرة (٤) والمنتهى (٥) والمسالك (٦) والكفاية (٧) وطهارة البيان (٨) والمجمع (٩) والمفاتيح (١٠)» وظاهر «الذكرى (١١)» حيث قال : ويجب الوضوء للصلاة الواجبة للآية والخبر والإجماع والطواف الواجب كذلك ، وصريح «شرح الإثنى عشرية (١٢)» للفاضل فيض الله بن عبد القاهر بن أبي المعالي وظاهره نقل الإجماع من جماعة أيضاً. وفي «المدارك» هذا الحكم إجماعي على ما نقله جماعة (١٣). ونقل دعوى الإجماع عن «دلائل الأحكام».

فقد تحصّل أنّ الإجماع منقول في خمسة عشر موضعاً ويكفينا ذلك عن نقل فتاوى الفقهاء بل الإجماع معلوم قطعاً.

ويدلّ عليه بعد ذلك الأخبار الكثيرة كصحيح محمّد (١٤) وقوله عليه‌السلام : «الطواف

__________________

(١) الخلاف : كتاب الحج ، مسألة ١٢٩ ج ٢ ص ٣٢٢.

(٢) غنية النزوع (الجوامع الفقهية) كتاب الحج ص ٥١٦ س ٩.

(٣) إحقاق الحقّ : في الحج (مخطوط مكتبة المرعشي الرقم ١٢٢١) وفيه : قال المصنف رحمه‌الله ذهبت الاماميّة إلى أنّ الطواف من شرطه الطهارة.

(٤) تذكرة الفقهاء : كتاب الحج ، في الطواف ، ج ١ ص ٣٦١ س ٨.

(٥) منتهى المطلب : كتاب الحج ، في الطواف ، ج ٢ ص ٦٩٠ س ٥.

(٦) مسالك الأفهام : كتاب الحج في الطواف ، ج ١ ص ١٢٠ س ١٣.

(٧) كفاية الأحكام : كتاب الحج في الطواف ، ص ٦٦ س ٨.

(٨) البيان : كتاب الطهارة ص ٣.

(٩) مجمع الفائدة والبرهان : كتاب الطهارة ج ١ ص ٦٥.

(١٠) مفاتيح الشرائع : كتاب الحج ، مفتاح ٤٠٨ في ما يشترط في الطواف الواجب ج ١ ص ٣٦٧.

(١١) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في المستعمل له الوضوء ص ٢٣ س ٢٠.

(١٢) الأنوار القمرية : الطهارة في الوضوء (مخطوط مكتبة المرعشي الرقم ٤٩٧٨). وفي تلك النسخة تسميته ب «النور القمرية».

(١٣) مدارك الاحكام : كتاب الطهارة ، ج ١ ص ١١.

(١٤) وسائل الشيعة : كتاب الحج باب ٣٨ من ابواب الطواف ح ٣ ج ٩ ص ٤٤٤.

٣٤

ومسّ كتابة القرآن

______________________________________________________

بالبيت صلاة» (١) ، لمكان التشبيه البليغ الّذي هو كعموم المنزلة. والسند منجبر بعمل الأصحاب والأخبار المعتبرة ، فبطل ما في «المدارك» (٢) من أنّ سنده قاصر ومتنه مجمل. وسيأتي بتوفيق الله تعالى الكلام في اعتبار الطهارة الاضطراريّة كطهارة المستحاضة وذي السلس ونحوهما في محلّه.

قوله قدس‌سره (ومسّ * كتابة القرآن) كما في «الفقيه (٣) والتهذيب (٤) ومجمع البيان (٥) والتبيان (٦) وأحكام الراوندي (٧) ودلائل الأحكام (٨)» على ما نقل عن الأربعة «والخلاف (٩) وكافي (١٠)» أبي الصلاح و «الشرائع (١١) والنافع (١٢) والمعتبر (١٣)

__________________

(*) اعلم أنّ المسّ قد يجب للإصلاح وضمّ المنتثر والرفع من أرض نجسة والإنقاذ من يد غاصب أو كافر وبالنذر وشبهه لرجحانه كما نصّ عليه جماعة منهم المصنّف في «النهاية» في وجه (منه قدس‌سره).

__________________

(١) عوالي اللآلي : باب الطهارة ، ج ٢ ص ١٦٧.

(٢) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة ج ١ ص ١٢.

(٣) من لا يحضره الفقيه : صفة غسل الجنابة ، ج ١ ص ٨٧.

(٤) تهذيب الأحكام : في أحكام الجنابة ، ج ١ ص ١٢٦.

(٥) مجمع البيان : ج ٩ ص ٢٢٦ سورة الواقعة ذيل الآية ٧٩.

(٦) التبيان : ج ٩ ذيل آية «لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ» سورة الواقعة ، ص ٥١٠.

(٧) فقه القرآن : فصل من باب احكام الطهارة ج ١ ص ٥٠ و ٥١.

(٨) لا يوجد لدينا.

(٩) الخلاف : كتاب الطهارة ، مسألة ٤٦ ج ١ ص ٩٩.

(١٠) الكافي في الفقه : كتاب الصلاة ، ص ١٢٦.

(١١) شرائع الإسلام : الطهارة ، ج ١ ٢ ص ١١.

(١٢) مختصر النافع : كتاب الطهارة ص ٧.

(١٣) المعتبر : الطهارة ج ١ ص ١٧٥.

٣٥

.................................................................................................

______________________________________________________

وكشف الرموز (١) والتذكرة (٢) والمنتهى (٣) والتحرير (٤) والإرشاد (٥) ونهاية الإحكام (٦) والتبصرة (٧) والدروس (٨) والذكرى (٩) والألفيّة (١٠) والبيان (١١) والمقتصر (١٢) والموجز الحاوي (١٣) والتنقيح (١٤) والمفاتيح (١٥) والمسالك (١٦)» على الظاهر و «آيات أحكام الجواد» (١٧) على ما نقل وعليه الاستاذ الآقا في «شرح المفاتيح» (١٨) وقد نقل عليه الإجماع في «الخلاف (١٩)» وظاهر «البيان (٢٠) والتبيان (٢١)» حيث قال فيهما : عندنا أنّ الضمير في «يمسّه» راجع إلى القرآن فلا يجوز لغير الطاهر مسّه. وفي

__________________

(١) كشف الرموز : كتاب الطهارة ، في الوضوء ج ١ ص ٧٠.

(٢) تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة ، ج ١ ص ٨.

(٣) منتهى المطلب : كتاب الطهارة ، ج ١ ص ٤ س ٢١.

(٤) تحرير الأحكام : كتاب الطهارة ج ١ ص ٤.

(٥) إرشاد الأذهان : كتاب الطهارة ، في أقسامها ج ١ ص ٢٢٠.

(٦) نهاية الإحكام : كتاب الطهارة ، ج ١ ص ١٩.

(٧) تبصرة المتعلّمين : كتاب الطهارة ، في الوضوء ص ٧٥.

(٨) الدروس الشرعية : كتاب الطهارة ، ج ١ ص ٨٦.

(٩) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة ، ما يجب له الوضوء ص ٢٣ س ٢١.

(١٠) الألفيّة : الفصل الأوّل ، ص ٤٢.

(١١) البيان : كتاب الطهارة ، ص ٣.

(١٢) المقتصر : كتاب الطهارة ، ص ٤٨.

(١٣) الموجز الحاوي : (ضمن الرسائل العشر لابن فهد) كتاب الطهارة ، ص ٤٢.

(١٤) التنقيح الرائع : كتاب الطهارة ، ج ١ ص ٩١.

(١٥) مفاتيح الشرائع : مفتاح ٤٠ من مفاتيح الصلاة ج ١ ص ٣٨.

(١٦) مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام : ج ١ ص ١٠.

(١٧) مسالك الأفهام للكاظمي : كتاب الطهارة ، في عدم جواز مسّ القرآن للمُحدث ج ١ ص ٨٣.

(١٨) مصابيح الظلام : ج ١ مفتاح ٤٠ ص ٢٢٢ (مخطوط مكتبة الگلپايگاني).

(١٩) الخلاف : كتاب الطهارة ، مسألة ٤٦ ج ١ ص ٩٩ و ١٠٠.

(٢٠) ومن المحتمل قويّاً انّه مجمع البيان بقرينة ذكر التبيان بعده ويدلّ عليه أيضا التقارن بينهما بعد ذلك حيث قال : لما عرفته مما نقل عن مجمع البيان والتبيان. راجع مجمع البيان ج ٩ ص ٢٢٦.

(٢١) التبيان : ج ٩ ص ٥١٠ سورة الواقعة ذيل الآية ٧٩.

٣٦

.................................................................................................

______________________________________________________

«كشف الرموز (١)» انّه الظاهر بين الطائفة. ونسبه إلى المشهور في «المعتبر (٢) والمقتصر (٣) والذخيرة (٤) والكفاية (٥) والمفاتيح (٦)» ونقلت حكايتها عن «آيات الجواد (٧) ودلائل الأحكام».

وخالف في «المبسوط (٨) والسرائر (٩) والمجمع (١٠) وآيات أحكام الأردبيلي (١١)» وقد يلوح من «المدارك (١٢)» وهو المنقول عن القاضي (١٣). ويلزم ذلك من كلام أبي علي (١٤) حيث كرهه للجنب فيما نقل. ولم يتعرّض له في المقنعة والنهاية والمراسم والغنية والهداية.

وبالأوّل قال الشافعي وأحمد ومالك وأصحاب الرأي ورووه عن علي عليه‌السلام وابن عمر وعطاء والحسن وطاووس والشعبي والقاسم بن محمد (١٥) وبالثاني داود (١٦) فحكم بالكراهة للأصل.

__________________

(١) كشف الرموز : كتاب الطهارة ، في الوضوء ج ١ ص ٧٠.

(٢) المعتبر : كتاب الطهارة ، ج ١ ص ١٧٥ و ١٧٦.

(٣) المقتصر : كتاب الطهارة ، ص ٤٨.

(٤) ذخيرة المعاد : كتاب الطهارة ، في الوضوء ص ٣ س ١.

(٥) كفاية الأحكام : كتاب الطهارة ص ٢.

(٦) مفاتيح الشرائع : مفتاح ٤٠ من مفاتيح الصلاة ، ج ١ ص ٣٨.

(٧) مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام : كتاب الطهارة ، ج ١ ص ٨٣.

(٨) المبسوط : كتاب الطهارة ، في كيفيّة الوضوء ج ١ ص ٢٣.

(٩) السرائر : كتاب الطهارة ، ج ١ ص ٥٧.

(١٠) مجمع الفائدة والبرهان : كتاب الطهارة ، في الوضوء ج ١ ص ٦٦.

(١١) زبدة البيان في أحكام القرآن : كتاب الطهارة ، ص ٢٩.

(١٢) مدارك الأحكام : كتاب الطهارة ، في أحكام الجُنب ، ج ١ ص ٢٧٩.

(١٣) المهذّب : كتاب الطهارة ، باب أقسام الطهارة ، ج ١ ص ٣٢.

(١٤) نقله عنه في الذكرى : كتاب الصلاة ص ٣٣.

(١٥) المغني لابن قدامة : الطهارة ج ١ ص ١٣٧ ، والمجموع : ج ٢ ص ٧٢ ، والفقه على المذاهب الأربعة : كتاب الطهارة في مباحث الوضوء ج ١ ص ٤٧ ٤٨.

(١٦) المجموع : ج ٢ ص ٧٢.

٣٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ويدلّ على الأوّل صحيحة حريز (١) ومعتبرة أبي بصير (٢) ورواية إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن عليه‌السلام (٣). ويؤيّده صحيحة (٤) علي بن جعفر عليه‌السلام التي تضمّنت النهي عن الكتابة لعدم انفكاكها عن المسّ غالباً ، لعدم القائل بالنهي عن الكتابة. ويؤيّده أيضا قويّة ابراهيم بن عبد الحميد التي تضمّنت النهي عن المسّ والتعليق ومسّ الخيط (٥) ، فيعمل ببعض ويعرض عن بعض. هذا كلّه مضافاً إلى الإجماعات المنقولة والآية الكريمة الظاهرة في النهي ، إذ لا يمكن إبقاء النفي على حاله ، لأنّه يلزم خلاف الواقع. والحمل (٦) على أنّ المراد بالمطهّرين الملائكة بعيد جدّاً كإرادة اللوح من الضمير دون القرآن ، لما عرفته ممّا نقل عن «مجمع البيان والتبيان».

وفي «الفقيه» لا تمسّ القرآن اذا كنت جنباً أو على غير وضوء (٧).

وما في بعض الأخبار من ضعف في السند تجبره الشهرة المستفيضة مع أنّ في واحد منها ومن الإجماعات بلاغاً ، مع ما في ذلك من الاحتياط والتعظيم.

وكتابة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المشركين : «قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ» لم تثبت. سلّمنا ولكن لعلّ المراد بالكتابة أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله أرسل ذلك مع رسوله (رسول خ ل) فلا يلزم من المكاتبة مسّ الكتابة ، إذ لعلّه أمر الرسول بإبقاء الكتابة معه. وفي «المنتهى» انّه عليه‌السلام لم يقصد القرآن بل المراسلة (٨).

هذا وقد أطلق المسّ في الكتب الّتي ذكرناها ما عدا «التذكرة (٩) والمهذّب

__________________

(١) وسائل الشيعة : ب ١٢ من ابواب الوضوء ح ٢ ج ١ ص ٢٦٩.

(٢) وسائل الشيعة : ب ١٢ من ابواب الوضوء ح ١ ج ١ ص ٢٦٩.

(٣) وسائل الشيعة : ب ١٢ من أبواب الوضوء ح ٣ ج ١ ص ٢٦٩.

(٤) وسائل الشيعة : ب ١٢ من أبواب الوضوء ح ٤ ج ١ ص ٢٧٠.

(٥) وسائل الشيعة : ب ١٢ من ابواب الوضوء ح ٣ ج ١ ص ٢٦٩ في المصدر : «لا تمس خطّه».

(٦) الدر المنثور : سورة الواقعة ذيل الآية ٧٩ ج ٦ ص ١٦٣.

(٧) من لا يحضره الفقيه : كتاب الطهارة ، باب صفة غسل الجنابة ، ج ١ ص ٨٧.

(٨) منتهى المطلب : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج ١ ص ٧٦.

(٩) تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة أحكام المحدث ج ١ ص ١٣٦.

٣٨

.................................................................................................

______________________________________________________

البارع (١)» فإنّ فيهما : هل يختصّ المسّ بباطن الكفّ أو يعمّ أجزاء البدن؟ إشكال.

قلت : الحقّ الثاني وقوفاً ، مع ظواهر الأخبار والأصحاب مع مناسبة التعظيم ، إمّا لصدق المسّ عرفاً أو جرياً على حقيقة اللغة (٢) أو للتنقيح (٣). وقوله عليه‌السلام في الحائض : «لا تصيبه بيدها» (٤) ورد مورد الغالب.

وقال في «المنتهى» قيل : إنّ اللمس يختصّ بالملاقاة بباطن الكفّ وقيل : هو اسم للملاقاة مطلقاً ، وهو الأقرب من حيث اللغة (٥) انتهى. ويأتي في بحث مسّ الميّت بالشعر والظفر ما له نفع في المقام وكذا يأتي في بحث الوضوء ما له نفع.

وفيما لا تحلّه الحياة احتمالان أقواهما عدم الإلحاق في الشعر لعدم لزوم غسله في غسل الجنابة.

وهناك فروع ذكرها في «التذكرة (٦) والمنتهى (٧)» وغيرهما.

__________________

(١) المهذّب البارع : كتاب الطهارة ج ١ ص ١٣٨.

(٢) في مجمع البحرين ج ٤ ص ١٠٧ : المسّ هو اللمس باليد وقال مَسَسْتَه إذا لاقيته بأحد جوارحك. وفي تاج العروس ج ٤ ص ٢٤٧ : مسسته أي لمسته. وفي لسان العرب ج ٦ ص ٢١٨ : مسست الشي‌ء إذا لمسته بيدك. وفي مفردات الراغب ص ٤٦٧ : المسّ كاللمس لكن اللمس قد يقال لطلب الشي‌ء وإن لم يوجد والمسّ يقال فيما يكون معه إدراك بحاسّة اللمس وكُنّي به عن النكاح. وهذه العبارات من أهل اللغة تنادي بعدم اعتبار تماس بطن الكف بل يكفي تماس مطلق ظاهر الجلد. ويضاف إلى ذلك أنّا لم نجد في اللغة التي بأيدينا ما يدلّ على ذلك.

(٣) أي أنّ المناط في عدم جواز تماس البدن غير الطّاهر هو تعظيم القرآن وحفظ حرمته ، لأنّه كلام الله وهذا المناط موجود في تماس مطلق جلد البدن سواء كان باطن الكفّ أو ظاهره وسواء كان الماسّ هو اليد أو غيرها من الجوارح.

(٤) وسائل الشيعة : ب ٣٧ من أبواب الحيض ح ١ ج ٢ ص ٥٨٥ والظاهر أنّ الخبر المومى إليه هو ما رواه الكليني عن داود بن فرقد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سألته عن التعويذ يعلّق على الحائض؟ قال : «نعم لا بأس» وقال : «تقرؤه وتكتبه ولا تصيبه يدها». ولكنّ الخبر كما ترى أعمّ من مورد البحث فإنّ التعويذ يمكن بالقرآن وغيره ممّا فيه اسم الله جلّ شأنه أو الأنبياء أو الحجج المعصومين عليهم‌السلام فلا تغفل.

(٥) منتهى المطلب : كتاب الطهارة ، ج ١ ص ٧٦ س ٣٤.

(٦) تذكرة الفقهاء : الطهارة ج ١ ص ١٣٥.

(٧) منتهى المطلب : الطهارة ج ١ ص ٣٦.

٣٩

ويستحبّ للصلاة والطواف المندوبين

______________________________________________________

[ما يستحبّ له الوضوء]

قوله قدّس الله روحه : (ويستحبّ للصلاة والطواف المندوبين) استحباب الوضوء للصلاة المندوبة وشرطيّته مما لا كلام فيه لأحد. ومن أطلق عليه لها مندوبة اسم الوجوب الشرطي أراد المجاز وعبّر بالوجوب عن اللزوم بشرط الوصف ولا ضرر في ذلك. وفي «المجمع» أنّه يصحّ فعل الوضوء بنيّة الوجوب للصلاة المندوبة إمّا بمعنى الشرطيّة أو الوجوب الشرطي أو مطلقاً ما لم يقصد به معنى لم يكن ، مثل حصول الذمّ والعقاب بتركه بخصوصه من غير فعل ما يشترط (١) انتهى. فتأمّل فيه.

وأمّا استحبابه للطواف المندوب فمحلّ وفاق. وأمّا كونه على جهة الندب فلا أجد فيه مخالفاً سوى التقيّ (٢) والمصنّف في «المنتهى (٣)». ولعلّ من ذكر الخلاف في الطواف كما في حاشية هذا الكتاب لبعض الأصحاب (٤) ، أشار إلى هذين الفاضلين المعروفين اسماً ونسباً عند من يشترط ذلك في تحصيل الإجماع. ولعلّهما استندا إلى عموم المنزلة وإطلاق الروايات.

__________________

(١) مجمع الفائدة : الطهارة ج ١ ص ٦٧.

(٢) الكافي في الفقه : الحجّ ص ١٩٥.

(٣) ما وجدنا فيه خلاف ما نسبه اليه في الشرح ، فإنّه صرّح في الموضعين بأنّ الطهارة ليست شرطاً في طواف الندب راجع المنتهى : ج ٢ ص ٦٩٠ س ١٨ وص ٦٩٧ س ١٥.

(٤) لم نعثر عليه.

٤٠