تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-018-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٥٨

٧٢٥٣. السّادس والعشرون : في أصابع اليدين العشرة الدّية ، وكذا في العشرة من الرّجلين إجماعا ، واختلف في تقدير كلّ إصبع ، فقيل : في كلّ إصبع من أصابع اليدين عشر الدّية مائة دينار ، وكذا في أصابع الرّجلين. (١) وقيل : في الإبهام ثلث الدّية ، وكذا في إبهام الرجلين ثلث ديتها وباقي الثلثين يقسم على الأصابع (٢) والأوّل أقوى ، لرواية عبد الله بن سنان الصّحيحة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٣) ورواية الحلبي الحسنة عنه عليه‌السلام (٤) وغيرها من الرّوايات.

ودية كلّ إصبع مقسومة على ثلاثة أنامل بالسّوية ، إلّا الإبهام ، فانّها تقسم على اثنين بالسّويّة.

وفي الإصبع الزائدة ثلث دية الأصليّة ، وفي شلل كلّ إصبع ثلثا ديتها ، وفي قطعها بعد الشّلل ثلث ديتها ، سواء كان الشّلل خلقة أو بجناية جان.

وفي الظّفر إذا لم ينبت عشرة دنانير (٥) وكذا لو نبت أسود ، وإن نبت أبيض ، كان فيه خمسة دنانير ، والرّواية وإن كانت ضعيفة إلّا أنّ الشّهرة تعضدها. (٦)

وفي رواية عبد الله بن سنان : في الظّفر خمسة دنانير. (٧)

ولا فرق بين الأظفار ، سواء كانت في اليدين أو في الرّجلين ، ولا بين

__________________

(١) ذهب إليه الشيخ في المبسوط : ٧ / ١٤٣.

(٢) ذهب إليه أبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ٣٩٨ وابن حمزة في الوسيلة : ٤٥٢.

(٣) الوسائل : ١٩ / ٢٦٤ ، الباب ٣٩ من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث ٤.

(٤) الوسائل : ١٩ / ٢٦٤ ، الباب ٣٩ من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث ٣.

(٥) في «أ» : عشرة دينار.

(٦) الوسائل : ١٩ / ٢٦٦ ، الباب ٤١ من أبواب ديات الأعضاء الحديث ١.

(٧) الوسائل : ١٩ / ٢٦٧ ، الباب ٤١ من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث ٢.

٦٠١

أظفار الأصابع من الإبهام والخنصر وغيرهما ، ولا بين ظفر الصّبي الصغير والشيخ الكبير.

٧٢٥٤. السّابع والعشرون : في الأسنان الدّية كاملة إجماعا ، وتقسم على ثمانية وعشرين سنّا اثنا عشر مقاديم ، وستّة عشر مآخير.

فالمقاديم : ثنيّتان ، ورباعيّتان ، ونابان في الأعلى ، وكذا في الأسفل.

والمآخير : ضاحك ، وثلاثة أضراس من كلّ جانب.

ففي كلّ واحد من المقاديم خمسون دينارا ، فذلك ستّمائة دينار.

وفي المآخير في الكلّ أربعمائة دينار حصّة كلّ ضرس خمسة وعشرون دينارا ، فذلك ألف دينار.

ولا فرق بين أن يقلع الجميع دفعة أو على التّعاقب.

ولا فرق بين السنّ البيضاء والسّوداء خلقة ، والصّفراء ، وإن كانت الصّفراء بجناية ، بخلاف السّوداء.

وفيما زاد على ثمانية وعشرين من الأسنان ثلث دية الأصليّة إن قلعت منفردة ، ولو قلعت منضمّة إلى البواقي لم يكن فيها شي‌ء ، وقيل فيها الحكومة لو قلعت منفردة.

وتعتبر الزّائدة بالمحلّ فإن كانت في المقاديم فثلث دية السّنّ من المقاديم وإن كانت من المآخير فثلث دية الضّرس ، فإن اسودّت بالجناية ولم تسقط ، أو تصدعت ولم تسقط فثلثا ديتها ، فإن سقطت بعد ذلك فالثلث الباقي.

٦٠٢

والدّية المقدّرة في كلّ سنّ تامّة أصليّة مثغورة ، ونعني بالمثغورة النابتة بعد سقوط سنّ اللّبن ممّن أبدل أسنانه ، وبلغ حدّا إذا قلعت سنّه لم يعد بدلها ، وقد لا يسقط من اللّبن فيصير أصليّة إذا بلغ الحدّ الّذي يسقط منه السنّ وينبت عوضها.

فأمّا سنّ الصّبيّ الّذي لم يثغر فلا يجب بقلعها في الحال شي‌ء لقضاء العادة بعود سنّه ، لكن ينتظر سنة ، لأنّه الغالب أنّها تنبت ، فإن نبتت عرف أنّ الساقطة من اللّبن فيلزمه الأرش ، وان لم تنبت فدية سنّ المثغر ، وبعض الأصحاب (١) أوجب فيها بعيرا ولم يفصّل والرواية ضعيفة (٢).

ولو عادت قصيرة أو مشوّهة فالحكومة ، لأنّ الظّاهر أنّ ذلك بسبب الجناية ، وكذا إن كان فيها ثلمة لا يمكن تقديرها ، وإن أمكن تقديرها ففيها بقدر ما ذهب منها ، كما لو كسر من سنّة ذلك القدر.

وإن نبتت أطول من أخواتها ، ففيها الحكومة أيضا ، لأنّ ذلك عيب.

وإن نبتت مائلة عن صفّ الأسنان بحيث لا ينتفع بها ، فالأقرب الحكومة ، وكذا إن كان ينتفع بها.

ولو مات الصّبي قبل اليأس من عودها ، احتمل الدّية ، لأنّه قلع سنّا آيس من عودها ، والحكومة لعدم اليأس بالقلع لو بقي.

ولو قلع سنّ مثغر (٣) وجبت ديته في الحال لأن الظّاهر أنّها لا تعود فإن

__________________

(١) هو ابن حمزة في الوسيلة : ٤٤٨.

(٢) لاحظ الوسائل : ١٩ / ٢٥٩ ، الباب ٣٣ من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث ١ و ٢.

(٣) المثغر : من سقطت أسنانه الرواضع الّتي من شأنها السّقوط ونبت مكانها ، مجمع البحرين.

٦٠٣

عادت قال الشيخ رضي‌الله‌عنه : الأقوى عدم استرداد الدّية لأنّ العائدة هبة من الله تعالى مجدّدة. (١)

ولو قلع سنّ من لم يثغر فمضت مدّة يئس من عودها ، وحكم بوجوب الدّية فعادت بعد ذلك ، سقطت الدّية وردّت ، والأقوى أنّها لا تستردّ كما في سنّ الكبير إذا عادت.

ولو قلع سنّا مضطربة لكبر أو مرض ، وكانت منافعها باقية من المضغ ، وضغط الطعام ، والرّيق ، وجبت دية السّنّ كاملة ، وكذا إن ذهب بعض منافعها وبقي البعض ، لأنّ جمالها وبعض منافعها باق ، وإن ذهبت منافعها أجمع ، فهي كاليد الشلّاء فيها ثلث دية السّنّ.

ولو قلع سنّا فيها آكلة أو داء ولم يذهب شي‌ء من أجزائها ، وجب فيها دية السّنّ الصّحيحة ، وإن سقط شي‌ء من أجزائها سقط من الدّية بقدره.

ولو جنى على السّنّ فاضطربت وطالت عن الأسنان ، كان فيها ثلثا دية سقوطها ، ولو قيل : إنّها تعود بعد مدّة ، انتظرت ، فإن ذهبت وسقطت وجبت ديتها ، وإن عادت إلى الصّحة فالحكومة ، وإن بقيت مضطربة فثلثا دية سقوطها.

فإن قلع السّنّ فردّها صاحبها فنبتت في موضعها ، فعليه الدّية ولا يجب قلعها لأنّها ليست نجسة ، فإن قلعها بعد ذلك آخر كان عليه حكومة.

وإن جعل عوضها عظاما طاهرا ، أو ذهبا فنبتت ، فقلعه قالع ، كان عليه الحكومة.

__________________

(١) المبسوط : ٧ / ١٣٩.

٦٠٤

أمّا لو جعل عوضها عظاما نجسا فقلعه قالع لم يجب عليه شي‌ء.

ولو جنى على سنّ فذهبت حدّتها وكلّت ، فعليه حكومة ، فإن قلعها بعد ذلك قالع ، فعليه دية سنّ كاملة ، وإن ذهب منها جزء ففي الذّاهب بقدره ، فإن قلعها بعد ذلك قالع ، نقص من ديتها بقدر الذّاهب.

والدّية في السّنّ المقلوعة مع سنخها (١) وهو النّابت في اللّثة ، ولو كسر البارز منها خاصّة ، ففيه نظر أقربه أنّ فيه دية السنّ فإن كسر الظّاهر ، ثم قلع آخر السّنخ ، فعلى الأوّل دية كاملة للسّنّ ، وعلى الثّاني حكومة للسّنخ.

فإن كسر بعض الظّاهر ففيه من الدية بالنّسبة ، فإن كان نصف الظّاهر فنصف دية السنّ ، وهكذا.

فإن جاء آخر فقلع الباقي من الظّاهر وجميع السّنخ ، احتمل وجوب ما بقي من الدّية من الظّاهر وحكومة في السّنخ.

والأقرب أن يقال : إن قطع نصف الظّاهر طولا وبقي النّصف وكلّ السّنخ فعلى الثّاني نصف الدّية يتبعه ما تحته من السّنخ ، وحكومة فيما بقي من السّنخ ، وإن قطع الأوّل نصفها عرضا ، وقلع الثّاني الباقي مع جميع السّنخ ، فعلى الأوّل نصف دية السّن ، وكذا على الثّاني ، لأنّ السّنخ تابع.

ولو كسر الأوّل الظّاهر من السّنّ ، ثمّ قلع السّنخ ، فعليه دية كاملة للسنّ وحكومة في السّنخ لتعدّد الجناية.

__________________

(١) قال الشيخ في المبسوط : ٧ / ١٣٧ : السنّ ما شاهدته زائدا عن اللّثة ، والسّنخ أصلها المدفون في اللّثة.

٦٠٥

فإن انكشفت اللّثة عن بعض السّنّ ، فالدّية في قدر الظّاهر عادة دون ما انكشف على خلاف العادة.

وإن اختلفا في قدر الظّاهر ، اعتبر ذلك بأخواتها ، فإن لم يكن لها شي‌ء يعتبر به ، ولم يعرفه أهل الخبرة ، فالقول قول الجاني مع يمينه.

ولو اختلف المجنّي عليه والجاني الثّاني فقال الجاني : قطع الأوّل نصفها ، وقال المجنّي عليه قطع ربعها فالقول قول المجنيّ عليه ، لأنّ الأصل سلامة السّنّ.

٧٢٥٥. الثّامن والعشرون : في كلّ ضلع خالط القلب إذا كسر خمسة وعشرون دينارا ، وفي كلّ ضلع يلي العضدين إذا كسر عشرة دنانير.

٧٢٥٦. التّاسع والعشرون : في كسر عظم من عضو خمس دية ذلك العضو فإن صلح على غير عيب فاربعة أخماس دية كسره ، وفي موضحته ربع دية كسره.

وفي رضّه ثلث دية ذلك العضو ، فإن برئ على غير عيب فأربعة أخماس دية رضّه.

وفي فكّه من العضو بحيث يتعطّل العضو ثلثا دية العضو ، فإن صلح على غير عيب فأربعة أخماس دية فكّه.

٧٢٥٧. الثّلاثون : من داس بطن إنسان حتّى أحدث في ثيابه ، ديس بطنه حتّى يحدث في ثيابه ، أو يفتدي ذلك بثلث الدّية ، لرواية السّكوني (١) وفيه ضعف.

__________________

(١) لاحظ الوسائل : ١٩ / ١٣٧ ، الباب ٢٠ من أبواب قصاص الطرف ، الحديث ١.

٦٠٦

ومن ضرب امرأة مستقيمة الحيض على بطنها فارتفع حيضها ، انتظر بها سنة ، فإن رجع طمثها ، فالحكومة ، وإن لم يرجع استحلفت وغرم ثلث ديتها.

الطّرف الثّاني : في إبطال المنافع

وفيه اثنا عشر بحثا :

٧٢٥٨. الأوّل : في العقل الدّية كاملة ، وفي نقصه الأرش بحسب ما يراه الحاكم ، إذا لا تقدير للنّقصان فيه.

وفي المبسوط يقدّر بالزّمان ، فإن جنّ يوما وأفاق يوما ، فالذّاهب النّصف ، فإن جنّ يوما وأفاق يومين ، فالذّاهب الثلث ، وعلى هذا. (١)

ولا قصاص في ذهابه ولا في نقصانه ، لعدم العلم بمحلّه.

ولو شجّه فذهب عقله ، فديتان وإن كان بضربة واحدة.

وفي رواية : ولو ضربه على رأسه فذهب عقله ، انتظر به سنة ، فإن مات فيها فالدّية ، وكذا إن مضت ولم يعد عقله. (٢)

ولو قطع يديه (٣) فزال عقله فديتان ، وإن زال عقله (٤) وأخذت الدّية ثمّ عاد لم ترتجع الدّية لأنّه هبة من الله تعالى مجدّدة.

__________________

(١) المبسوط : ٧ / ١٢٦.

(٢) لاحظ الوسائل : ١٩ / ٢٨١ ، الباب ٧ من أبواب ديات المنافع ، الحديث ١ ومضمون الرواية لا يوافق ما في المتن ، فلاحظ.

(٣) في «أ» يده.

(٤) في «ب» : وإذا زال عقله.

٦٠٧

ولو شككنا في زوال عقله راعيناه في الخلوات ، ولا نحلّفه ، لأنّه يتجانن في الجواب.

ولو صار مدهوشا أو يفزع ممّا لا يفزع منه ، أو يستوحش إذا خلا فقد ذهب عقله.

ولو ذهب بعض عقله ولا يمكن تقديره ففيه حكومة.

ولو جنى عليه فأذهب عقله وسمعه وبصره وكلامه ، فأربع ديات مع أرش الجراح إن حصل جراح أو قطع عضو.

ولو مات بالجناية لم يجب سوى دية واحدة.

٧٢٥٩. الثّاني : في السّمع الدّية كاملة إجماعا ، وفي ذهاب سمع إحدى أذنيه نصف الدّية ، ولو حكم أهل الخبرة بعوده بعد مدّة ، توقّعت ، فإن لم يعد فالدّية ، وإن عاد فالحكومة.

وإذا ادّعى ذهاب سمعه ، فكذّبه الجاني ، أو قال : لا أعلم صدقه ، وحصل شكّ في ذهابه جرّب بصوت منكر بغتة ، واعتبر [حاله] عند الصّوت العظيم ، والرّعد القويّ ، والصياح عند الاستغفال ، فإن علم صدقه ، حكم له بالدّية ، وإلّا أحلف القسامة ، وحكم له إذا ادّعى ذهابه عقيب الجناية ولو قيل (١) : السّمع باق وقد وقع في الطّريق ارتتاق ، فتعطّل المنفعة فهو كزوالها ويحتمل الحكومة.

__________________

(١) أي قال أهل الخبرة : حاسّة السمع باقية في مقرّها ، ولكن ارتتق داخل الأذن بالجناية وامتنع نفوذ الصّوت ولم يتوقّعوا زوال الارتتاق ، فيه وجهان :

١ ـ أنّ تعطل المنفعة كزوالها فتجب الدية بكمالها.

٢ ـ أنّ فيه الحكومة أي الأرش.

٦٠٨

ولو أذهب السّمع فتعطّل النّطق فديتان.

وإذا قطعت الأذنان فذهب السّمع فديتان.

ولو ادّعى نقصان سمعه من أذنيه معا ، اعتبر بضرب الجرس من أربع جهاته ، فإن تساوت المسافات صدق ، وإلّا كذب ، فإذا تساوت قيست إلى من هو في مثل سنّة بقرب المسافة وبعدها ، وأخذ بالنّسبة.

ولو ادّعى نقصان سمع إحداهما قيس إلى الأخرى بأن تسدّ النّاقصة وتطلق الصّحيحة ، ثمّ يصاح به حتّى يقول : لا أسمع ، ثمّ يعاد عليه ثانيا من الجهة الأخرى ، فإن تساوت المسافتان صدّق ، ثمّ يفعل به كذلك في الجهات الأربع ، فإن تساوت المسافات صدّق ، وسدّت الصّحيحة وأطلقت النّاقصة ، ويعتبر بالصّوت حتّى يقول : لا أسمع ، ثمّ تكرّر عليه الاعتبار من جهاته الأربع ، فإن تساوت المسافات صدّق ، ثم تمسح مسافة الصّحيحة والناقصة ، ويلزم [من] الدّية بحساب التّفاوت.

ولا يقاس السمع في يوم ريح ، بل يتوقّع سكون الهواء في المواضع المعتدلة.

٧٢٦٠. الثالث : في الإبصار الدّية كاملة مع إبطاله وبقاء الحدقة ، ويستوي فيه الأعمش والأخفش ، ومن في حدقته بياض لا يمنع أصل البصر.

وفي ضوء إحدى العينين النّصف ولو جنى على رأسه جناية ، فداواها فذهب البصر بالمداواة ، فعليه ديته ، لأنّه ذهب بسبب فعله.

ولو ادّعى ذهاب البصر وشهد به شاهدان من أهل الخبرة ، أو

٦٠٩

رجل وامرأتان ، إن كان خطأ أو شبيه عمد (١) تثبت الدّعوى ، فإن آيس من عوده أو رجا لكن لا في مدّة مضبوطة ، استقرّت الدّية ، وإن رجا عوده بعد مدّة وانقضت ، فلم يعد أو مات قبل المدّة ، فالدّية أيضا ، وإن عاد في المدّة فالأرش.

ولو اختلفا في عوده ، فالقول قول المجنيّ عليه مع يمينه ، وكذا لو مات في مدّة التّربّص ، فادّعى الجاني العود والوليّ عدمه ، فالقول قول الوليّ مع يمينه.

ولو جاء اجنبيّ فقلع عينه في مدّة التربّص ، استقرّ على الأوّل دية البصر كملا أو القصاص ، وعلى الثّاني ثلث دية العين ، فإن ادّعى الأوّل عود ضوئها وأنكر الثّاني ، فالقول قول الثّاني مع اليمين ، فإن صدّق المجنيّ عليه الأوّل سقط حقّه عنه ، ولم يقبل قوله على الثّاني.

ولو عاد وقد رجا عوده لا في مدّة مضبوطة استعيد من الدّية الفاضل عن الحكومة.

وإذا ادّعى ذهاب بصره وعينه قائمة ، أحلف القسامة وقضي له.

وفي رواية يقابل بالشّمس ، فإن بقيتا مفتوحتين صدق. (٢)

ولو ادّعى نقصان ضوء إحدى عينيه ، اعتبر بما اعتبرناه في السّمع ، وأحسن ما قيل فيه ما روى يونس في الحسن عن الصّادق عليه‌السلام (٣) ومحمّد بن قيس في الصّحيح عن الباقر عليه‌السلام قال قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام إذا أصيب الرّجل في إحدى عينيه أن يؤخذ بيضة نعامة ، ويربط على عينه المصابة عصابة ثم يمشي

__________________

(١) في «أ» : شبه عمد.

(٢) الوسائل ١٩ / ٢٧٩ ، الباب ٤ من أبواب ديات المنافع ، الحديث ١.

(٣) بل عن الرّضا عليه‌السلام كما في الوسائل : ١٩ / ٢٨٧ ، الباب ١٢ من أبواب ديات المنافع ، الحديث ١.

٦١٠

بها وينظر ما تنتهى عينه الصّحيحة ، ثم تغطّى عينه الصّحيحة وينظر ما تنتهي عينه المصابة ، فيعطى ديته من حساب ذلك. (١)

قال المفيد رضي‌الله‌عنه : وطريق ذلك : أن تشدّ عينه الصحيحة ويأخذ الرّجل البيضة ويبعد حتّى يقول : ما بقيت أبصرها ، فيعلم عنده ، ثم يأخذ البيضة ويعتبر الجهات الأربع ، فإن تساوت صدّق ، ثمّ تشدّ المصابة وتطلق الصّحيحة ، ويعتبر في الجهات الأربع ، فإن تساوت صدّق ، وإن اختلفت كذب ، ثم ينظر مع صدقه فيما بين مدى عينه الصّحيحة وعينه المصابة ، فأعطي من ديتها بحساب ذلك. (٢)

ولو ادّعى النّقصان في العينين معا ، اعتبر من الجهات الأربع مدى نظره ، فإن تساوت المسافات صدّق ، وإن اختلفت كذّب ، ثمّ ينظر مع صدقه التّفاوت بين مدى نظره بالمساحة ونظر من هو في أبناء سنّه ، فيعطى بحسبه من الدّية بعد الاستظهار بالأيمان.

ولا تقاس عين في يوم غيم ، ولا في أرض مختلفة الجهات.

ولو ادّعى قالع العين ذهاب بصرها قبل القلع ، وكذّبه المجنيّ عليه ، فالقول قول المجنيّ عليه مع يمينه ، أمّا لو ادّعى الجاني عدم البصر من الأصل ، فالقول قوله مع اليمين.

٧٢٦١. الرابع : في الشّم الدّية كاملة ، ولو ادّعى ذهابه عقيب الجناية ، اعتبر بالأشياء الطّيّبة والمنتنة واستغافل بالروائح الحادّة ، ثم يستظهر عليه بالأيمان ويقضى له به.

__________________

(١) الوسائل : ١٩ / ٢٨٣ ، الباب ٨ من أبواب ديات المنافع ، الحديث ٣ ، نقله بالمعنى.

(٢) المقنعة : ٧٥٨ ـ ٧٥٩ باختلاف قليل.

٦١١

وروي : أنّه يحرق له حراق ، فإن دمعت عيناه ونحّى أنفه ، فهو كاذب ، وإلّا فهو صادق. (١)

ولو ادّعى النقص حلف ، لعسر الامتحان ، وقضى له الحاكم بما يراه.

ولو أخذ دية الشّمّ ثمّ عاد ، لم تعد الدّية.

ولو قطع الأنف ، فذهب الشمّ ، فديتان.

٧٢٦٢. الخامس : في الذّوق الدّية لأنّه منفعة واحدة في الإنسان ، فيدخل تحت عموم قولهم عليهم‌السلام كلّ ما في الإنسان منه واحد ففيه الدّية. (٢)

ويجرّب بالأشياء المرّة المقزّة. (٣)

ويرجع فيه مع الاشتباه عقيب الجناية إلى دعوى المجنيّ عليه مع الاستظهار بالأيمان ، ومع النقصان ، يقضي الحاكم بما يراه تقريبا.

٧٢٦٣. السّادس : في الصوت الدّية ، فإن أبطل معه حركة اللّسان فدية وثلثا دية اللسان إن لحقه حكم الشلل.

٧٢٦٤. السّابع : في المضغ الدّية إذا صلب مغرس لحييه (٤) فإن جنى على سنّه فتعذّر المضغ به ، فكمال الأرش.

٧٢٦٥. الثّامن : لو أصيب فتعذّر عليه الإنزال حالة الجماع ، فالدّية ، وفي

__________________

(١) الوسائل : ١٩ / ٢٧٩ ، الباب ٤ من أبواب ديات المنافع ، الحديث ١.

(٢) لاحظ الوسائل : ١٩ / ٢١٧ ، الباب ١ من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث ١٢.

(٣) في مجمع البحرين : القزّ : إباء النّفس.

(٤) في «أ» : لحيته.

٦١٢

قوّة الإمناء والإحبال كمال الدّية فيهما ، وفي قوّة الإرضاع حكومة ، وفي إبطال الالتذاذ بالجماع أو الطّعام إن أمكن ، كمال الدية ، وكذا لو ارتتق منفذ الطّعام بالجناية على العنق ، وبقي معه قوّة حياة مستقرّة فحزّ (١) غيره رقبته فكمال الدّية.

وفي الإفضاء الدّية من الزوج والزّاني على ما بيّناه ، ولو لم يمكن الوطء إلّا بالإفضاء ، فالوطء غير مستحقّ.

٧٢٦٦. التّاسع : في منفعة البطش والمشي كمال الدّية ، ولو ضرب صلبه فبطل مشيه ، فالدّية ، ولو ذهب مع ذلك جماعه فديتان.

٧٢٦٧. العاشر : في سلس البول الدّية ، وقيل : إن دام إلى اللّيل ففيه الدّية ، وإن كان إلى الظّهر فثلثا الدّية ، وإلى ارتفاع النّهار ثلث الدية. (٢) وروى هذا التفصيل إسحاق بن عمار عن الصادق عليه‌السلام قال :

«إن كان البول يمرّ إلى الليل ، فعليه الدّية ، لأنّه قد منعه المعيشة وإن كان إلى آخر النّهار فعليه الدّية وإن كان إلى نصف النّهار فعليه ثلثا الدّية وإن كان إلى ارتفاع النهار فعلية ثلث الدية. (٣)

وفي إسحاق قول وفي الطريق إليه صالح بن عقبة ، وقد ذكرنا في كتاب «خلاصة الأقوال» (٤) و «الكتاب الكبير في الرّجال» أنّه كذّاب غال لا يلتفت إلى رواياته.

__________________

(١) في مجمع البحرين : حزّه : قطعه.

(٢) القائل هو الشيخ في النهاية : ٧٦٩.

(٣) الوسائل : ١٩ / ٢٨٥ ، الباب ٩ من أبواب ديات المنافع ، الحديث ٣.

(٤) الخلاصة : ٢٣٠.

٦١٣

٧٢٦٨. الحادي عشر : في صدغ الرّجل إذا أصيب فلم يستطع أن يلتفت إلّا ما انحرف نصف الدّية خمسمائة دينار ، وهي رواية ابن فضّال عن الرّضا عليه‌السلام (١).

٧٢٦٩. الثّاني عشر : في انقطاع النّفس الدّية كاملة ، وفي نقصه بحساب ما يراه الإمام.

الطرف الثالث : في الشّجاج والجراح

كلّ جرح في الرّأس أو الوجه يسمّى شجاجا ، وفي البدن يسمّى جراحا

والشّجاج ثمان : الحارصة ، والدّامية ، والمتلاحمة ، والسّمحاق ، والموضحة ، والهاشمة ، والمنقّلة ، والمأمومة ، فهنا عشرون مباحث.

٧٢٧٠. الأوّل : الحارصة هي الّتي تقطع الجلد ، وفيها بعير ، وهل هي الدّامية؟

قال الشيخ : نعم (٢) والأكثر على أنّ الدّامية مغايرة.

ففي الدّامية إذن بعيران ، وهي الّتي تقطع الجلد وتأخذ في اللّحم يسيرا.

والباضعة وهي الّتي تأخذ في اللّحم كثيرا ، ولا تبلغ السّمحاق ، وفيها ثلاثة أبعرة ، وهي المتلاحمة أيضا ، وعند الشيخ انّهما متغايران. (٣)

ثم السّمحاق ، وهي الّتي تبلغ السّمحاقة الّتي هي الجلدة الرّقيقة المغشية للعظم ، وفيها أربعة أبعرة.

__________________

(١) الفقيه : ٤ / ٢٩٨ برقم ١١٤٨.

(٢) المبسوط : ٧ / ١٢٢ ، النهاية : ٧٧٥ ، الخلاف : ٥ / ١٩١ ، المسألة ٥٧ من كتاب الجنايات.

(٣) المبسوط : ٧ / ١٢٢ قال : في الباضعة بعيران ، وفي المتلاحمة ثلاثة أبعرة.

٦١٤

ثمّ الموضحة وهي الّتي تكشف عن وضح العظم وهو بياضه ، وفيها خمسة أبعرة.

ثمّ الهاشمة وهي الّتي تهشم العظم ، وفيها عشرة أبعرة أرباعا إن كان خطأ ، أو أثلاثا إن كان شبيه العمد ، ولا قصاص فيها.

ثمّ المنقّلة وهي الّتي تحوج إلى نقل العظم ، وفيها خمسة عشر بعيرا.

ثمّ المأمومة ، وهي الّتي تبلغ أمّ الرّأس ، وهي الجلدة الّتي تجمع الدّماغ ، كالخريطة ، وفيها ثلث الدّية ثلاثة وثلاثون بعيرا.

والدّامغة ، وهي الّتي تفتق الخريطة وتبعد معها السّلامة ، ولم يذكر علماؤنا ديتها لبعد السّلامة معها ، فإن فرضت ففيها ما في المأمومة ، والحكومة لخرق جلدة الدّماغ.

وأمّا الجائفة فهي الّتي تصل إلى الجوف من أيّ الجهات كان ، ولو من ثغرة النّحر ، وفيها ثلث الدّية.

٧٢٧١. الثّاني : لا قصاص في الهاشمة والمنقّلة والمأمومة والجائفة ، لما فيها من التّغرير ، وليس له أن يقتصّ في الموضحة بالسّمحاق ويأخذ دية الزائد ، لإمكان القصاص في الجناية ، ولو اتّفقا على ذلك جاز.

٧٢٧٢. الثالث : لو أوضحه اثنتين (١) وجب لكلّ موضحة خمس من الإبل ، فإن وصل الجاني بينهما حتّى صارتا واحدة ، أو سرتا ، فذهب ما بينهما ، فهما موضحة واحدة ، ولا يلزمه أكثر من خمسة أبعرة.

__________________

(١) في «ب» : اثنين.

٦١٥

ولو وصل بينهما غيره ، وجب على الأوّل ديتان ، وعلى الثّاني ثالثة ، ولو وصلهما المجنيّ عليه ، فعلى الأوّل ديتان ، ولا شي‌ء فيما فعله المجنيّ عليه.

فإن ادّعى الجاني أنّه شق بينهما ، وأنكر المجنيّ عليه ، فالقول قول المجنيّ عليه ، لأنّ الدّيتين ثبتتا ، ولم يثبت المسقط ، وكذا لو قطع يديه ورجليه ثمّ مات بعد مدّة يمكن فيها الاندمال واختلف الجاني والوليّ قدّم قول الوليّ مع يمينه.

٧٢٧٣. الرابع : يجب أرش الموضحة في الصّغيرة والكبيرة ، والبارزة والمستورة بالشّعر ، فإنّ الموضحة ما أفضى إلى العظم ولو بقدر إبرة.

ولو شجّه واحدة ، واختلفت مقاديرها ، أخذ دية الأبلغ ، لأنّها لو كانت كذلك كلّها لم تزد على دية الموضحة.

ولو شجّه شجّة بعضها موضحة وبعضها دونها ، لم يلزمه أكثر من دية الموضحة.

٧٢٧٤. الخامس : لو شجّه في عضوين ، فلكلّ عضو دية على انفراده ولو اتّحدت الضّربة.

ولو شجّه في رأسه وجبهته ، فالأقرب أنّها واحدة لأنّهما (١) عضو واحد.

ولو أوضحه في رأسه من أوّله إلى آخره ، ثم جرّ السّكين إلى قفاه ، وجب في الموضحة أرشها ، والحكومة في جرح القفا.

٧٢٧٥. السّادس : لو جرحه موضحتين ثمّ برأت إحداهما ثمّ زال الحاجز بفعل الجاني أو بالسّراية ، فعليه أرش موضحتين ، وكذا لو أوضحه ثمّ جرحه موضحة

__________________

(١) في «أ» : انّهما.

٦١٦

متّصلة بالأولى قبل اندمالها وجبت دية موضحة واحدة ، أمّا لو اندملت الأولى وجبت ديتان.

ولو أوضحه موضحتين ، ثمّ قطع اللّحم الّذي بينهما في الباطن ، وترك الجلد الّذي فوقها ، احتمل تعدّد الأرش ، لانفصالهما ظاهرا ، وعدمه لاتّصالهما باطنا.

ولو جرحه جرحا واحدا ، ثمّ أوضحه في طرفيه وما بينهما دون الموضحة ، ففيه أرش موضحتين ، لأنّ ما بينهما ليس بموضحة.

٧٢٧٦. السّابع : يعني بالبعير في الحارصة عشر عشر الدّية ، وكذا بالبعيرين في الدّامية خمس العشر وكذا فيما عداهما.

٧٢٧٧. الثّامن : لو وسّع إنسان موضحة غيره ظاهرا وباطنا ، فعلى كلّ واحد دية موضحة ، ولو وسّعها الجاني لم يجب عليه أكثر من واحدة.

ولو أوضحه موضحة (١) بعضها عمد وبعضها خطأ ، أو بعضها قصاص وبعضها عدوان ، ففي تعدّدهما احتمال أقربه التعدّد.

٧٢٧٨. التّاسع : حكم الهشم يتعلّق في الهاشمة بالكسر وإن لم يكن جرح ،

__________________

(١) أشار المصنّف في كلامه هذا إلى صورتين :

تارة يكون الفاعل متعدّدا كما إذا وسّع إنسان موضحة غيره ، وإليه أشار المصنّف في صدر المسألة. وأخرى يكون الفاعل واحدا والعمل واحدا لكن يختلف حكمه ، كأن أوضح موضحة واحدة هو في بعضها مخطئ وفي بعضها متعمّد ، أو أوضح موضحة ، هو في بعضها مقتص وفي بعضها متعمّد فهل يحسب العمل الواحد صورة ، عملين في الواقع أو لا؟ واستغرب المصنّف التعدّد.

٦١٧

ولو أوضحه اثنتين ، وهشمه فيهما ، واتّصل الهشم باطنا قال الشيخ في المبسوط : هما هاشمتان (١) لأنّ الهشم إنّما يكون تبعا للإيضاح فإذا كانتا موضحتين ، كان الهشم هاشمتين بخلاف الموضحة ، فإنّها ليست تبعا لغيرها وفيه نظر.

ولو هشم هاشمتين وبينهما حاجز فهما هاشمتان.

٧٢٧٩. العاشر : لو أوضحه فأتمّها آخر هاشمة ، وثالث منقّلة ، ورابع مأمومة (٢) ، فعلى الأوّل خمسة وعلى الثّاني ما بين الموضحة والهاشمة خمسة أيضا ، وهو ينافي ما قدّمناه ، من أنّ الحكم يتعلّق بالهشم وإن لم يكن هناك جرح.

ولو قيل : إنّ الهشم إذا لم يكن معه جرح لم تجب دية الهاشمة كان وجها ، حينئذ ويحتمل أن يقال : تجب خمسة أبعرة ، لأنّ في الموضحة خمسة وفي الهاشمة التّابعة عشرة فينفرد الهشم بخمسة ، ويحتمل الحكومة ، (٣) وعلى الثالث

__________________

(١) المبسوط : ٧ / ١٢١.

(٢) إن جنى جناية واحدة ذات أبعاض تصدّى لكلّ بعض شخص ، فأوضح واحد ، وهشم آخر ، ونقل ثالث وأمّ رابع.

(٣) قال المحقّق الأردبيلي (قدس‌سره الشريف) في مجمع الفائدة : ١٤ / ٤٦٤ : لو شجّ شخص موضحة فعليه خمس إبل ، ثمّ جعل آخر تلك الموضحة هاشمة ـ فكأنّما فعلاها معا ـ فديتهما عليهما معا ، فعلى كلّ واحد نصف ، وعلى الثّاني أيضا خمس إبل.

ولو جعلها ثالث منقلة فديتها خمسة عشر إبلا ، فيعطي الثالث خمسة مثلها لما مرّ.

وإن جعلها رابع مأمومة فعليه ثمانية عشر بعيرا ، وهي تتمّة دية المأمومة ، لأنّ ديتها الزائدة على المنقّلة ثلاثة وثلاثون بعيرا ، فالثلاثة الأوّل متساويات في الجناية ، وجناية الرّابعة زائدة ، فإنّه أوصل المنقّلة إلى المأمومة ، فعليه زيادة دية المنقلة على دية المأمومة.

ولكن في بعض هذه الأمثلة مناقشة ، إذ قد يقال : الهاشمة موجبة لعشر إبل وإن لم يكن معها موضحة ، فيمكن أن يكون على جانيها عشرة كاملة ، وكذا في المنقّلة.

٦١٨

ما بين الهاشمة والمنقّلة خمسة أيضا ، وعلى الرّابع تمام دية المأمومة ثمانية عشر بعيرا.

٧٢٨٠. الحادي عشر : لو جرح في عضو ثم أجاف ، لزمته دية الجرح ودية الجائفة مثل أن يشقّ الكتف حتّى يحاذي الجنب ، ثمّ يجيفه وتتحقّق الجائفة بالوصول إلى الجوف ولو بغرز إبرة.

ولو خرق شدقه فوصل إلى باطن الفم ، فليس بجائفة ، لأنّ داخل الفم كالظاهر ، وكذا لو طعنه في وجنته فكسر العظم ووصل إلى فيه.

ولو جرحه في ذكره فوصل إلى مجرى البول من الذّكر فليس بجائفة.

٧٢٨١. الثّاني عشر : لو أجافه جائفتين بينهما حاجز ، فعليه ثلثا الدّية ، ولو خرق الجاني [ما] بينهما أو سرى إلى الحاجز فهما واحدة ، ولو خرق أجنبيّ [ما] بينهما أو المجنيّ عليه ، وجب على الأوّل ديتان وعلى الثّاني دية أخرى ، ولا شي‌ء في فعل المجنيّ عليه.

ولو أجافه [رجل] فأوسعها آخر ، فعلى كلّ واحد دية جائفة ، وإن وسّعها الثّاني ظاهرا أو باطنا ، فعليه الحكومة.

ولو أدخل السّكين وأخرجها من غير جرح ، عزّر ولا شي‌ء عليه.

ولو خاطها ففتقها الثّاني قبل أن تلتئم ولم يحصل بالفتق جناية ، قال الشيخ : يعزّر ولا أرش (١) والأقرب الأرش ، لما فيه من الألم وعليه أرش الخيوط وأجرة الخياطة.

__________________

(١) المبسوط : ٧ / ١٢٤.

٦١٩

ولو فعل ذلك بعد التحامها فعليه أرش الجائفة وثمن الخيوط.

وإن التحم بعضها ففتقه فعليه أرش جائفة ، وإن فتق غير الملتحم فعليه أرشه لا دية الجائفة.

ولو فتق بعض ما التحم في الظّاهر دون الباطن ، أو بالعكس ، فالحكومة.

ولو طعنه في جوفه فخرج من ظهره ، قال في المبسوط : هما جائفة واحدة (١) وفي الخلاف اثنتان. (٢) وهو أقوى.

٧٢٨٢. الثّالث عشر : قيل ـ في النافذة في شي‌ء من أطراف الرّجل ـ : مائة دينار (٣).

وفي كتاب ظريف : في الخدّ إذا كانت فيه نافذة يرى منها جوف الضم ، فديتها مائة دينار ، فإن دووي فبرأ والتأم وبه أثر بيّن وشين فاحش (٤) فديته خمسون دينارا ، فإن كانت نافذة في الخدّين كليهما ، فديتها مائة دينار ، وذلك نصف دية الّتي يرى منها الفم ، فإن كانت رمية بنصل يثبت في العظم حتّى ينفذ إلى الحنك ، فديتها مائة وخمسون دينارا جعل منها خمسون دينارا لموضحتها ، فإن كانت ثاقبة ولم تنفذ (فيها) (٥) فديتها مائة دينار. (٦)

__________________

(١) المبسوط : ٧ / ١٢٥.

(٢) الخلاف : ٥ / ٢٣٢ ، المسألة ١٥ من كتاب الدّيات.

(٣) نسب الشهيد في المسالك هذا القول إلى الشيخ وأتباعه لاحظ مسالك الأفهام : ١٥ / ٤٦٤ ، وقال في مفتاح الكرامة : ١٠ / ٤٨٩ «لم نجد ذلك للشيخ ، نعم هو قول ظريف في كتابه». لاحظ الوسائل : ١٩ / ٢٩٠ ـ ٢٩١ ، الباب ٢ من أبواب ديات الشجاج والجراح ، الحديث ٣.

(٤) في المصدر : وشتر فاحش.

(٥) ما بين القوسين يوجد في المصدر.

(٦) الوسائل : ١٩ / ٢٢٢ ـ ٢٢٣ ، الباب ٦ من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث ١.

٦٢٠