تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-018-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٥٨

٦٨٩٦. الرابع : اختلف علماؤنا في حدّ المحارب على قولين : فالمفيد رحمه‌الله (١) وابن إدريس (٢) خيّر الإمام بين القتل ، والصلب ، والقطع مخالفا ، والنّفي مطلقا إلّا أن يقتل ، فيتحتّم القتل.

وقال الشيخ : بالتفصيل (٣) : فإن كان قد قتل ـ ولو عفا وليّ الدم ـ قتله الإمام ، ولو قتل وأخذ المال استعيد منه ، وقطعت يده اليمنى ورجله اليسرى ، ثمّ قتل وصلب ، وإن أخذ المال ولم يقتل ، قطع مخالفا ونفي ، ولو خرج ولم يأخذ المال ، اقتصّ منه ونفي ولو اقتصر على شهر السّلاح والإخافة نفي لا غير ، عملا بروايات (٤) والأصحّ الأوّل ، عملا بنصّ القرآن في التخيير (٥) وبرواية جميل بن درّاج الحسنة عن الصادق عليه‌السلام. (٦)

٦٨٩٧. الخامس : المحارب إن قتل يقتل مطلقا ، سواء كان المقتول مكافئا أو غير مكافئ ، كالمسلم بالكافر ، والحرّ بالعبد ، والأب بالولد ، فإن عفا وليّ الدّم قتل حدّا.

ويصلب المحارب إذا اختار الإمام صلبه حيّا ، على ما ذهبنا إليه من التّخيير ، وعلى قول الشيخ رحمه‌الله يصلبه مقتولا ، ولا يترك على خشبة أكثر من ثلاثة أيّام ، ثمّ ينزّل ويغسّل ، ويكفّن ، ويصلّى عليه ، ويدفن ، ومن لا يصلب إلّا بعد القتل ، يؤمر بالغسل قبل القتل ، ثمّ لا يجب تغسيله ثانيا.

__________________

(١) المقنعة : ٨٠٤.

(٢) السرائر : ٣ / ٥٠٧.

(٣) النهاية : ٧٢٠.

(٤) لاحظ الوسائل : ١٨ / ٥٣٢ ، الباب ١ من أبواب حد المحارب ، الحديث ١ و ٥٤.

(٥) المائدة : ٣٣.

(٦) الوسائل : ١٨ / ٥٣٣ ، الباب ١ من أبواب حد السّرقة ، الحديث ٣.

٣٨١

٦٨٩٨. السّادس : إذا قتل المحارب غيره طلبا للمال ، تحتّم قتله قودا إن كان مكافئا ، وحدّا إن لم يكن مكافئا ، أو عفا وليّ الدّم ، ولو قتل لا لطلب المال فهو كقتل العمد ، أمره إلى الوليّ ، يسقط قتله بعفوه ، ولو جرح طلبا للمال ، فالقصاص إلى الوليّ ، فإن عفا الوليّ ، فالأقرب السقوط.

٦٨٩٩. السّابع : ينفى المحارب عن بلده وعن كلّ بلد يقصده ، ويكتب إلى كلّ بلد يدخله بالمنع من مبايعته ومعاملته إلى أن يتوب ، فإن قصد بلاد الشرك لم يمكّن من الدخول إليها ، فإن مكّنوه قوتلوا حتّى يخرجوه.

٦٩٠٠. الثّامن : إذا تاب المحارب قبل القدرة عليه ، سقط الحدّ دون القصاص في النّفس والجراح ، ودون أخذ المال ، ولو تاب بعد الظّفر به لم يسقط الحدّ ولا القصاص ولا ضمان المال.

٦٩٠١. التاسع : لا يعتبر في قطع المحارب أخذ النّصاب ، خلافا للشيخ في بعض كتبه (١) ولا أخذه من حرز ، وهذا إنّما تظهر فائدته على ما ذهب إليه الشيخ ، أمّا عندنا فلا ، فإنّه يجوز قطعه وإن لم يأخذ المال.

٦٩٠٢. العاشر : يبدأ في قطع المحارب بيده اليمنى ، ثمّ يقطع رجله اليسرى بعد أن تحسم يده ، وتحسم اليسرى أيضا ، ولو لم تحسم في الموضعين جاز ، ويوالى بين القطعين بعد الحسم.

لو فقد أحد العضوين قطعنا الاخر ، ولم ينتقل إلى غيره ، قال الشيخ رحمه‌الله : إذا كان الطرفان معدومين ، قطعنا يده اليسرى ورجله اليمنى. (٢)

__________________

(١) ذهب إليه الشيخ في الخلاف : ٥ / ٤٦٤ ، المسألة ٧ من كتاب قطّاع الطريق.

(٢) المبسوط : ٨ / ٤٩.

٣٨٢

٦٩٠٣. الحادي عشر : لو مات المحارب بعد أن قتل أخذت الدّية من تركته ، وان قتل جماعة اشتركوا في قتله ، فإن قتل بأحدهم كان للآخرين الدّية ، ولو عفا الوليّ على مال ، قتل حدّا ، وأخذت الدّية من تركته إن اختار المحارب الصلح عليها.

والجرح السّاري يوجب قتلا متحتّما (١).

ومن استحقّ يساره بالقصاص ، ويمينه بالسرقة ، قدّم القصاص ، ثمّ يمهل حتّى يندمل ، ثمّ يقطع للسّرقة ، ولو استحقّ يمينه للقصاص ، ثمّ قطع الطّريق ، قطعت يمينه للقصاص ، وقطعت رجله من غير مهلة.

٦٩٠٤. الثّاني عشر : إذا اجتمعت حدود مختلفة ، كالقذف ، والقطع ، والقتل ، بدئ بالجلد ، ثمّ القطع ، ثمّ القتل ، ولا يسقط ما دون القتل باستحقاق القتل ، ولو أخّر مستحقّ الطرف حقّه ، استوفي الجلد ، ثمّ قتل.

ولو كانت الحدود لله تعالى بدئ بما لا يفوت معه الاخر.

٦٩٠٥. الثالث عشر : الخنّاق يقتل ويستعاد منه ما أخذ.

ومن بنّج غيره أو أسكره بشي‌ء احتال عليه ، ثمّ أخذ ماله ، عوقب وأدّب ، واستعيد منه ما أخذه ، وإن جنى البنج [أ] والإسكار عليه ضمن الجناية ، ولا قطع عليه.

والمحتال على أموال النّاس بالمكر والخديعة وتزوير الكتب والرسائل

__________________

(١) والمراد أنّه إذا جرح قاطع الطريق جرحا ساريا منتهيا إلى قتل المجروح يحكم عليه بأنّه قاتل.

٣٨٣

الكاذبة وشهادة الزّور وغير ذلك ، يعزّر ويعاقب بما يراه الإمام رادعا ، ويغرم ما أخذه ويشهّر ، ولا قطع عليه.

والمستلب الّذي يسلب الشّي‌ء ظاهرا لا قاهرا من الطّرقات من غير اشتهار سلاح ولا قهر ، يعاقب ويضرب ضربا وجيعا ويستعاد منه ما أخذ ، ولا قطع عليه ، والمختلس كذلك.

٦٩٠٦. الرّابع عشر : لا فرق في السّلاح بين السّيف وغيره ، ولو لم يكن سلاح لم يكن محاربا ، ولو عرض للمارّة بالعصا والحجارة ، فالأقرب أنّه يكون محاربا.

ولو كان المحاربون جماعة ، وفيهم صبيّ أو مجنون أو والد لمن قتلوه ، سقط القتل قصاصا وحدّا عن الصبيّ والمجنون ، وقصاصا خاصّة عن الأب ، ولم يسقط القتل في حقّ الباقين ، ويضمن الصبيّ والمجنون ما أخذاه من المال ، ودية قتلهما على عاقلتهما.

٦٩٠٧. الخامس عشر : للإنسان أن يدفع عن نفسه وحريمه وماله وإن قلّ ، ولو قدر على الدّفع عن غيره ، فالأقوى الوجوب مع أمن الضّرر ، ويجب اعتماد الأسهل ، فإن اندفع الخصم بالكلام اقتصر عليه ، ولو لم يندفع فله ضربه بأسهل ما يعلم أنّه يندفع به ، ويحرم عليه حينئذ التّخطّي إلى الأصعب ، فإذا ذهب مولّيا لم يكن له قتله ولا ضربه ولا اتباعه ، ولو افتقر في الضّرب إلى العصا ساغ له ، فإن لم يكف جاز بالسّلاح ، ويذهب دمه هدرا ، سواء كان جرحا أو قتلا ، وسواء كان الدّافع حرّا أو عبدا ، وكذا المدفوع.

ولو قتل الدافع كان شهيدا وضمنه المدفوع ، ولو ضربه الدّافع فعطّله لم يكن له أن يثني عليه.

٣٨٤

ولا يبدأ الدّافع ما لم يتحقّق قصده إليه ، وله دفعه ما دام مقبلا ، فإذا أدبر كفّ عنه ، ولو ضربه مقبلا فقطع يده ، فلا ضمان عليه في الجراح ولا في السراية ، فان ولى فضربه فقطع رجله ، فالرّجل مضمونة بالقصاص ، أو الدية إن اندملت ، ولو سرت الأولى فلا ضمان فيها ، ولو اندملت الأولى وسرت الثانية ، ثبت القصاص في النفس ، ولو سرتا معا ثبت القصاص بعد ردّ نصف الدّية ، فإن عاد المدفوع بعد قطع العضوين فقطع الدّافع يده الثّانية ، فاليدان غير مضمونتين ، ولو سرى الجميع قال في المبسوط (١) : عليه ثلث الدية إن تراضيا ، وإن اقتصّ الوليّ جاز له ذلك إذا ردّ ثلثي الدّية ، والوجه عندي أنّ عليه نصف الدية ، لأنّ الجرحين من واحد فصار كما لو جرحه واحد مائة والاخر جرحا واحدا ، ثمّ سرى الجميع ، فإنّ الدّية عليهما بالسّوية.

قال الشيخ رحمه‌الله : ولو قطع يده ثمّ رجله مقبلا ويده الأخرى مدبرا ، وسرى الجميع ، فعليه نصف الدية (٢) فإن طلب الوليّ القصاص كان له ذلك بعد ردّ نصف الدية.

ولو لم يمكنه الدفع إلّا بالقتل ، أو خاف أن يبدره بالقتل إن لم يقتله ، فله ضربه بما يقتله ، أو يقطع طرفه ، وما أتلفه فهو هدر.

٦٩٠٨. السّادس عشر : كلّ من عرض لإنسان يريد ماله أو نفسه ، فحكمه ما ذكرنا فيمن يريد دخول المنزل في الدفع بالأسهل فالأسهل ، فإن كان بينه وبينهم

__________________

(١) المبسوط : ٨ / ٧٦ ـ كتاب الدفع عن النّفس.

(٢) كذا في الشرائع : ٤ / ١٩٠ ، ولكن في المبسوط : ٨ / ٧٦ «فإن قطع يده مقبلا وأقام على إقباله فقطع الأخرى ، ثمّ ولى فقطع رجله ثمّ سرى إلى نفسه فمات ، كان عليه نصف الدّية».

٣٨٥

نهر كبير أو خندق ، أو حصن ، لا يقدرون على اقتحامه ، لم يكن له رميهم ، ولو لم يمكن إلّا بقتالهم ، فله قتالهم وقتلهم.

٦٩٠٩. السّابع عشر : للمرأة أن تدافع عن نفسها ومالها وفرجها ، وكذا للغلام ، ويجب عليهما الدّفاع عن الجماع ، وألا يمكّنا غيرهما من الفعل بهما ، فإن خافا على أنفسهما القتل ، ولم يندفع الخصم إلّا بالتمكين ، ساغ لهما ذلك ، وكان لهما قتله بعد ذلك.

٦٩١٠. الثّامن عشر : لو وجد مع زوجته أو مملوكته أو غلامه من ينال دون الجماع ، فله دفعه ، فإن امتنع فهو هدر.

ولو وجد رجلا يزني بامرأته ، فله قتلهما ، ولو قتل رجلا وادّعى أنّه وجده مع زوجته ، فأنكر الوليّ ، فالقول قول المنكر مع يمينه ، والأقرب الاكتفاء بالشاهدين ، لأنّ البيّنة تشهد على وجوده مع المرأة لا على الزّنا.

ولو قتل رجلا فادّعى الهجوم على منزله وعدم التمكّن من دفعه إلّا بالقتل ، فعليه القود إلّا مع البيّنة ، فإن شهدت البيّنة أنّهم رأوا المقتول مقبلا إليه بسلاح مشهور فضربه هذا فقد هدر دمه ، وإن شهدوا أنّه كان داخلا داره ولم يذكروا سلاحا ، أو ذكروا سلاحا غير مشهور لم يسقط القود بذلك.

ولو تجارح اثنان وادّعى كلّ منهما دفع صاحبه عن نفسه ، حلف كلّ منهما على إبطال دعوى صاحبه ، وضمن ما جرحه.

٦٩١١. التّاسع عشر : من اطّلع على قوم ، فلهم زجره ، فإن أصرّ كان لهم

٣٨٦

رميه بحصاة أو عود ، فان جنى الرّمي فهدر ، ولو بدروه بالرّمي من غير زجر ، ضمنوه ، وإن كان المطّلع رحما لصاحب المنزل ، كان لهم زجره ، ولو رموه بعد الزّجر ولم ينزجر ضمنوا.

أمّا لو كان بعض النساء مجرّدة ، جاز رميه مع عدم الانزجار بالزجر ، لأنّه ليس للمحرم هذا الاطّلاع.

٦٩١٢. العشرون : لو كان المطّلع أعمى لم يجز رميه ، لأنّه لا يرى شيئا ، ولو كان إنسان عاريا في طريق ، لم يكن له رمي من نظر إليه ، ولو زجره فلم ينزجر ، ففي جواز الرّمي نظر.

ولو كان باب المنزل مفتوحا ، فاطّلع فيه مطّلع ، جاز زجره ، فإن لم ينزجر فلصاحب المنزل رميه ، وكذا لو كان في الباب ثقب أوسع (١).

ولو اطّلع فزجره فلم ينزجر فرماه ، فقال : لم أقصد الاطّلاع ، لم يضمنه ، وليس لصاحب الدّار رمي الناظر بما يقتله.

ولو لم يندفع النّاظر بالرّمي بالشي‌ء اليسير ، انتقل إلى ما هو أكبر منه ، وهكذا حتّى يأتي (٢) على نفسه ، وسواء كان الناظر في الطريق أو ملك نفسه.

٦٩١٣. الواحد والعشرون : للإنسان دفع الدّابّة الصائلة عن نفسه ، فلو تلفت بالدّفع ، فلا ضمان ، فلو لم تندفع إلّا بالقتل ، جاز قتلها ، ولا ضمان ، ولو قتل المحرم صيدا لصيالته لم يضمنه ، ولو قتله ليأكله في المخمصة ، ضمنه.

__________________

(١) في «ب» : نقب أوسع.

(٢) في «ب» : حتّى تأتي.

٣٨٧

ولو قتل الإنسان آخر لصيالته لم يضمنه ، ولو قتله ليأكله في المخمصة وكان محقون الدّم ، فعليه القصاص.

ولو عضّ يد غيره ، فجذب المعضوض يده فوقعت أسنان العاضّ ، فلا ضمان ، سواء كان المعضوض ظالما أو مظلوما ، لأنّ العضّ محرّم إلّا أن يكون مباحا له ، مثل أن يمسكه في موضع يتضرّر بإمساكه ، أو يعضّ يده ، ونحو ذلك ممّا لا يمكن التخلص من ضرره إلّا بالعضّ ، فيكون الجاذب ضامنا لأسنانه ، ولو عضّ أحدهما يد الاخر وافتقر المعضوض في التخلّص إلى أن يعضّ العاضّ ، فله عضّه ، ويضمن الظّالم منهما ما تلف من المظلوم ، وما تلف من الظّالم كان هدرا ، ويجب على المعضوض تخليص يده بالأسهل ، فإن احتاج إلى الأصعب ، انتقل إليه ، فإن افتقر إلى اللّكم (١) أو الجرح جاز ، ولو تعذّر ذلك ، جاز أن يبعجه (٢) بسكين أو خنجر ، فإن انتقل إلى الأشقّ مع التخليص بالأسهل ، كان ضامنا.

والأقرب جواز جذب يده (٣) وإن سقط الأسنان مطلقا ، لأنّ جذب يده مجرّد تخليص ليده ، وما حصل من سقوط الأسنان حصل ضرورة للتخلّص الجائز. (٤)

__________________

(١) اللّكم : الضرب باليد مجموعة ، وقيل : هو اللّكز في الصّدر والدّفع. لسان العرب : ١٢ / ٣٢٣.

(٢) في مجمع البحرين : بعج بطنه بالسكين بعجا : إذا شقّه.

(٣) في «أ» : تجويز جذب يده.

(٤) في «ب» : ضرورة التّخلص الجائز.

٣٨٨

المقصد السّابع : في حدّ الرّدة

وفيه سبعة وعشرون بحثا :

٦٩١٤. الأوّل : المرتدّ عن الإسلام هو الراجع عنه إلى الكفر ، وهو قسمان :

من ولد على فطرة الإسلام ، وهو المرتدّ عن فطرة ، وهذا لا يستتاب ، ولا تقبل توبته لو تاب ، بل يجب قتله في الحال ، وتبين زوجته حال ارتداده ، وتعتدّ عدّة الوفاة ، وتقسّم أمواله بين ورّاثه (١) وإن التحق بدار الحرب ، أو هرب من الإمام بحيث لا يقدر عليه ، أو اعتصم بما يحول بينه وبينه.

٦٩١٥. الثاني : من أسلم عن كفر ثم ارتدّ ، فهذا يستتاب ، فإن امتنع من العود إلى الإسلام ، قتل ، وتجب استتابته.

وفي قدر استتابته قولان : أحدهما : ثلاثة أيّام ، للرواية (٢) والثاني : القدر الّذي يمكن معه الرجوع (٣) ولا تزول عنه أملاكه بارتداده ، ولا بامتناعه من التّوبة ، ولا بالتحاقه بدار الكفر ، بل بالقتل خاصّة.

__________________

(١) في «أ» : بين وارثه.

(٢) لاحظ الوسائل : ١٨ / ٥٤٨ ، الباب ٣ من أبواب حدّ المرتدّ ، الحديث ٥.

(٣) ذهب إليه الشيخ في المبسوط : ٧ / ٢٨٢ ـ ٢٨٣.

٣٨٩

نعم ينفسخ النّكاح بينه وبين زوجته من حين الارتداد ، وتعتدّ عدّة الطّلاق ، فإن انقضت العدّة ولم يرجع ، بانت منه ، وإن رجع في اثناء العدّة ، فهو أولى بها ، وتقضى ديونه من أمواله ، وتؤدّى الحقوق الواجبة عليه ، كنفقة الزّوجات والأقارب ما دام حيّا ، فإذا قتل سقطت النّفقة ، وقضيت الدّيون الثّابتة عليه.

٦٩١٦. الثاني : يشترط في المرتدّ البلوغ ، والعقل ، والاختيار ، فلا اعتبار بردّة الصبي بل يؤدّب ، ولا المجنون والمغمى عليه ، والسكران كالمجنون ، ولا اعتبار بالمكره ، فلو نطق بالكفر كان لغوا ، ولو ادّعى الإكراه وظهرت الأمارة ، قبل منه.

ولو شهد شاهدان على ردّته ، فقال : كذبا ، لم يسمع ، ولو قال : كنت مكرها ، صدّق مع الأمارات ، ولو نقل الشاهد لفظه فقال : صدق ولكنّي كنت مكرها ، قبل ، إذ لا تكذيب فيه ، بخلاف ما إذا شهد بالرّدّة ، فإنّ الإكراه ينفي (١) الرّدة دون اللّفظ.

٦٩١٧. الثالث : المرتدّة عن الإسلام لا تقتل ، سواء ارتدّت عن فطرة أو لا ، بل تحبس دائما ، وتضرب أوقات الصّلوات ، ولو تابت فالوجه قبول توبتها ، وسقوط ذلك عنها وإن كانت عن فطرة.

٦٩١٨. الرابع : المرتدّ عن غير فطرة إذا قتل أو مات ، كانت تركته لورثته المسلمين ، فإن لم يكن له وراث مسلم ، فهو للإمام ، وأولاده الأصاغر ، بحكم المسلمين ، فإن بلغوا مسلمين فلا بحث ، وإن اختاروا الكفر استتيبوا ، فإن تابوا ، وإلّا قتلوا ، سواء ولّدهم قبل الإسلام أو بعده ، أمّا لو ولّدهم حال ارتداده ، فإن

__________________

(١) في «أ» : ينافي.

٣٩٠

كانت الأمّ مسلمة ، كانوا بحكمها ، كما قلنا في الأب ، وإن كانت مرتدّة أو كافرة ، والحمل بعد ارتدادهما ، فالاولاد بحكمهما.

وهل يجوز استرقاقهم؟ تردّد الشّيخ ، فتارة جوّزه ، لأنّهم كفرة ولدوا بين كافرين (١) وتارة منع ، لأنّ الأب لا يسترقّ للحرمة بالإسلام فكذا الولد. (٢)

٦٩١٩. الخامس : إذا ولد للمرتدّ عن غير فطرة ولد ، وكان الحمل به حال ارتداد أبويه ، فقد قلنا انّه كافر ، فإن قتله قاتل مسلم ، لم يقتل به ، أمّا لو ولد الولد حال إسلام الأب أو قبله ، أو كانت الأمّ مسلمة ، فإنّ الولد كالمسلم ، فإن قتله مسلم قبل وصفه الكفر ، قتل به ، سواء قتله قبل بلوغه أو بعده.

٦٩٢٠. السّادس : يحجر الحاكم على أموال المرتدّ عن غير فطرة ، لئلّا يتصرّف فيها بالإتلاف ، فإن رجع فهو أحقّ بها ، وإن التحق بدار الحرب ، بقيت محفوظة ، أو بيع ما يخشى تلفه ، فإن رجع إلى الاسلام فهو أحقّ بها ، وإن مات انتقلت إلى ورثته المسلمين ، ولا تقسّم بينهم ما دام الأب باقيا.

وهل يحصل الحجر بمجرّد الرّدة أو بضرب الحاكم؟ فيه نظر.

٦٩٢١. السّابع : إذا تكرّر الارتداد عن غير فطرة ، قال الشيخ رحمه‌الله : يقتل في الرابعة ، قال : وروى أصحابنا أنّه يقتل في الثالثة. (٣)

__________________

(١) ذهب إليه الشيخ في الخلاف : ٥ / ٣٦٠ ، المسألة ١١ من كتاب المرتدّ ؛ والمبسوط : ٧ / ٢٨٦.

(٢) واختاره الشيخ في المبسوط أيضا : ٨ / ٧١ ـ كتاب قتال أهل الرّدة ـ ولا يخفى أنّ للشيخ قولا ثالثا في كتاب قتال أهل الرّدة من الخلاف : ٥ / ٥٠١ ، المسألة ١.

(٣) المبسوط : ٨ / ٧٤ ، ويريد من الرواية إمّا صحيحة يونس (الوسائل : ١٨ / ٣١٣ ، الباب ٥ من أبواب مقدّمات الحدود ، الحديث ١) ، أو رواية جميل بن درّاج (الوسائل : ١٨ / ٥٤٧ ، الباب ٣ من أبواب حدّ المرتدّ ، الحديث ٣) وتمام الحديث في التهذيب : ١٠ / ١٣٧ برقم ٥٤٤.

٣٩١

٦٩٢٢. الثّامن : الزّنديق ـ وهو الّذي يظهر الإيمان ويبطن الكفر ـ يقتل بالإجماع.

٦٩٢٣. التّاسع : الكافر إذا أكره على الإسلام حكم بصحّة إسلامه إن كان ممّن لا يقرّ على دينه ، وإن كان ممّن يقرّ على دينه ، لم يصحّ إسلامه مكرها.

٦٩٢٤. العاشر : قال الشيخ رحمه‌الله في المبسوط : السّكران يحكم بإسلامه وارتداده (١) ففيه نظر ، والأقرب المنع إذا لم يكن مميّزا ، وهو (٢) اختياره في الخلاف (٣).

ولو جنّ بعد ردّته لم يقتل ، لأنّ جواز القتل مشروط بامتناع قبوله من التوبة ، ولا حكم لامتناع المجنون ، أمّا لو كان الارتداد عن فطرة ، فإنّ الوجه أنّه يقتل.

٦٩٢٥. الحادي عشر : المرتدّ إذا أتلف على مسلم مالا في دار الحرب أو دار الإسلام حالة الحرب أو بعد انقضائها ، ضمن ، والوجه أنّ الحربيّ كذلك.

ولو قتل المرتدّ مسلما عمدا ، فللوليّ قتله قصاصا ، ويسقط قتل الرّدّة ، وإن عفا على مال أو عفا مطلقا ، قتل بالرّدة.

ولو قتل خطأ ، كانت الدّية في ماله مخفّفة مؤجّلة ، لأنّه لا عاقلة له ، فإن قتل أو مات حلّت ، كالدّين المؤجّل.

٦٩٢٦. الثاني عشر : لو تزوّج المرتدّ لم يصحّ ، سواء تزوّج بمسلمة أو كافرة ، وتسقط ولايته في النكاح ، فلو زوّج ابنته المسلمة لم يصحّ ، وفي سقوط

__________________

(١) المبسوط : ٨ / ٧٤.

(٢) أي المنع.

(٣) الخلاف : ٥ / ٥٠٤ ، المسألة ٥ من كتاب قتال أهل الرّدّة.

٣٩٢

ولايته عن تزويج أمته نظر ، أقربه عدم السّقوط ، فله أن يزوّجها ، وإن كانت مسلمة على إشكال.

وإذا دخل بزوجته المسلمة بعد أن تزوّجها مرتدّا ، فإن كانت عالمة بالتحريم ، فلا مهر لها ، وإلّا ثبت لها المهر ، وفرّق بينهما.

٦٩٢٧. الثالث عشر : لو تاب المرتدّ ، فقتله من يعتقد بقاءه على الرّدّة ، قال الشيخ : يثبت القود ، لوجود المقتضي وهو قتل المسلم ظلما (١) وفيه إشكال من حيث عدم القصد إلى قتل المسلم.

٦٩٢٨. الرّابع عشر : إذا نقض الذّمي العهد ، ولحق بدار الحرب ، فأمواله باقية على الأمان ، فإن قتل أو مات ورثه الكافر الذّمّي والحربيّ ، فإن كان الوارث ذميّا فماله باق على الأمان ، وإن كان حربيّا زال الأمان عنه.

وأولاده الصّغار باقون على الذّمّة ، فإذا بلغوا خيّروا بين عقد الجزية لهم ، وبين الانصراف إلى مأمنهم ، ثمّ يصيرون حربا. (٢)

٦٩٢٩. الخامس عشر : كلمة الإسلام [أن يقول :] أشهد ألا إله إلّا الله ، وأنّ محمّدا رسول الله ، ولا تجب زيادة «أبرأ (٣) من كلّ دين غير الإسلام» لأنّه تأكيد.

ولو كان مقرّا بالله سبحانه وبالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لكن اعتقد عدم عموم نبوّته ، أو أنّه لم يوجد بعد ، بيّن له وأرشد إلى أن يظهر له الحقّ.

٦٩٣٠. السّادس عشر : لو ارتدّ المجنون لم يكن لارتداده حكم ، بل هو باق على إسلامه ، فلو قتله مسلم ضمنه.

__________________

(١) المبسوط : ٨ / ٧٢ ؛ الخلاف : ٥ / ٥٠٣ ، المسألة ٣ من كتاب قتال أهل الرّدّة.

(٢) في أكثر النسخ : «حربيّا» وفي لسان العرب : ٣ / ١٠٠ «ذهب بعضهم إلى انّه [يعني لفظة حرب] جمع حارب أو محارب ، على حذف الزائد».

(٣) في «ب» : إبراء.

٣٩٣

٦٩٣١. السّابع عشر : يقتل المرتدّ بالسيف ، ولا يجب إحراقه بالنار ، والقتل إلى الإمام ، والأقرب أنّ للمولى قتل عبده بالرّدّة ، ولو قتله مسلم أخطأ ولا قود عليه ولا دية.

٦٩٣٢. الثّامن عشر : تصرّفات المرتدّ عن فطرة في ماله بالبيع والهبة والعتق والتدبير باطلة ، أمّا المرتدّ عن غير فطرة ، فالأقرب أنّه موقوف ، فإن رجع إلى الإسلام تبيّنّا الصحّة ، وإن قتل أو مات بطل تصرّفه ، أمّا لو تصرّف بعد حجر الحاكم عليه ، فإنّه باطل.

ولو وجد للمرتد عن غير فطرة سبب يقتضي الملك كالصّيد والاحتشاش والاتّهاب وإيجار نفسه ، خاصّة او مشتركة ، ثبت الملك له.

وأمّا المرتدّ عن فطرة ، فالوجه أنّه لا يدخل في ملكه ، ويحتمل الدّخول ، ثم ينتقل إلى الوارث.

٦٩٣٣. التاسع عشر : الرّدّة قطع الإسلام من المكلّف ، إمّا بالفعل كالسّجود للصّنم ، وعبادة الشّمس ، وإلقاء المصحف في القاذورات ، وكلّ فعل صريح في الاستهزاء ، وإمّا بالقول عنادا أو استهزاء أو اعتقادا.

وكلّ من اعتقد حلّ شي‌ء أجمع على تحريمه من غير شبهة ، فهو مرتدّ.

أمّا الجاهل فلا يحكم بارتداده حتّى يعرف ذلك ويزول عنه الشبهة ، ويستحلّه بعد ذلك ، فإن تاب ، وإلّا ضربت عنقه ، أمّا لو أكل لحم خنزير ، أو ميتة ، أو شرب الخمر لم يحكم بارتداده بمجرّد ذلك ، لإمكان أن يفعل محرّما.

٦٩٣٤. العشرون : لو صلّى بعد ارتداده ، لم يحكم بعوده إلى الإسلام بمجرّد

٣٩٤

ذلك ، سواء فعل ذلك في دار الحرب أو دار الإسلام ، وسواء صلّى جماعة أو فرادى.

وإذا ثبتت ردّته بالبيّنة أو غيرها فشهد الشهادتين ، كفى في إسلامه.

ولو كان كفره بعموم البعثة ، لم يثبت إسلامه حتّى يشهد أنّ محمّدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى جميع الخلائق (١) أو يتبرّأ من كلّ دين غير الإسلام.

وإن اعتقد أنّ محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مبعوث لكن زعم أنّه غير النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لزمه مع كلمة الشهادتين الإقرار بأنّ هذا المبعوث هو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإن كفر بجحود فرض ، لم يحكم بإسلامه حتّى يقرّ بما جحده ، والأقرب عدم وجوب إعادة الشّهادتين.

وكذا إن جحد نبيّا من أنبياء الله تعالى الّذين أخبر الله تعالى عنهم ، أو كتابا من كتبه ، أو ملكا من ملائكته ، أو استباح محرّما ، فلا بدّ في رجوعه من الإقرار بما جحده.

وأمّا الكافر بجحد (٢) الدّين من أصله ، فإنّ إسلامه يحصل بالشّهادتين ، ولو لم يعتقد التّوحيد افتقر إلى الشّهادة به ، وإن اعتقده كفاه الشّهادة بالرّسالة.

ولو قال الكافر : أنا مسلم أو مؤمن ، فالأقرب الاكتفاء بذلك ، ولو شهد الكافر بالشّهادتين ، ثمّ قال : لم أرد الإسلام ، فقد صار مرتدّا ، ويجبر على الإسلام ، ويحتمل عدم الإجبار.

٦٩٣٥. الحادي والعشرون : لو أكره المسلم على الكفر فأتى بكلمة الكفر ،

__________________

(١) في «ب» : إلى جميع الخلق.

(٢) في النسختين : «يجحد». والصحيح ما أثبتناه.

٣٩٥

لم يحكم بكفره ، ولا تبين منه امرأته ، ويغسّل لو مات ، ويصلّى عليه (١) ، فإذا زال الإكراه عنه ، فالوجه عدم تكليفه بإظهار إسلامه.

ولو أظهر الكفر بعد زوال الإكراه عنه ، فالوجه أنّه يحكم بكفره حين زوال الإكراه.

٦٩٣٦. الثّاني والعشرون : لو وجب على المسلم حدّ ، ثمّ ارتدّ ، ثمّ أسلم ، لم يسقط عنه الحدّ ، وكذا جميع الحقوق والجنايات تثبت عليه ، سواء لحق بدار الكفر أو لا ، وسواء أسلم أو لا.

٦٩٣٧. الثّالث والعشرون : من سبّ الله تعالى كفر ، وكذا من استهزأ بالله تعالى ، أو بآياته ، أو برسله ، أو كتبه ، سواء فعل ذلك على سبيل الجدّ أو الهزل ، وكذا من سبّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو أحد الائمّة عليهم‌السلام ، وجاز لسامعه قتله ما لم يخف الضّرر على نفسه أو ماله أو بعض المؤمنين.

٦٩٣٨. الرّابع والعشرون : من ادّعى النبوّة ، وجب قتله ، وكذا من صدّق من ادّعاها ، وكذا من قال : لا أدري محمّد بن عبد الله صادق أو لا ، وكان على ظاهر الإسلام.

٦٩٣٩. الخامس والعشرون : السّحر عقد ورقى وكلام يتكلّم به ، أو يعمل شيئا يؤثّر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة [له] ، وقد يحصل به القتل ، والمرض ، والتفريق بين الرّجل والمرأة ، وبغض أحدهما لصاحبه ، ومحبّة أحد الشخصين للآخر.

__________________

(١) ناظر إلى ردّ فتوى محمد بن الحسن الشيباني حيث قال : هو كافر في الظاهر تبين منه امرأته ولا يغسّل ولا يصلّى عليه. لاحظ المغني لابن قدامة : ١٠ / ١٠٥.

٣٩٦

وهل له حقيقة أم لا؟ فيه نظر ، فمن عمل بالسحر قتل إن كان مسلما ، وأدّب إن كان كافرا من غير أن يقتل ، والأقرب أنّه لا يكفر بتعلّمه وتعليمه محرّما ، ولو استحلّه فالوجه الكفر.

والسّحر الّذي يجب به القتل هو ما يعدّ في العرف سحرا ، كما نقل الأموي (١) في مغازيه : أنّ النّجاشي دعا السواحر فنفخن في إحليل عمارة بن الوليد فهام مع الوحش ، فلم يزل معها إلى إمارة عمر بن الخطاب فأمسكه إنسان ، فقال : خلّني وإلّا متّ ، فلم يخلّه فمات من ساعته ، وقيل : إنّ ساحرة أخذها بعض الأمراء ، فجاء زوجها كالهائم فقال : قولوا لها تحلّ عنّي ، فقالت : ائتوني بخيوط وباب فأتوها بذلك ، فجلست على الباب ، وجعلت تعقد ، فطار بها الباب فلم يقدروا عليها (٢) وأمثال ذلك.

فأمّا الّذي يعزم على المصروع ، ويزعم أنّه يجمع الجنّ ويأمرها فتطيعه ، فلا يتعلّق به حكم السّاحر ، والّذي يحلّ السّحر بشي‌ء من القرآن أو الذّكر والإقسام ، فلا بأس به ، وإن كان بالسّحر حرم على إشكال.

٦٩٤٠. السّادس والعشرون : تثبت الردّة بشهادة شاهدين عدلين ذكرين ، أو الإقرار مرّة ولا تثبت بشهادة النّساء انضممن أو انفردن.

وينبغي للحاكم أن يستظهر في سماع الشّهادة ، فلا يقبل فيها الإطلاق ، بل لا بدّ من التفصيل ، لاختلاف المذاهب في التكفير.

__________________

(١) الظاهر انّه الوليد بن مسلم الأموي الدمشقي ولد سنة ١١٩ وتوفي سنة ١٩٥ ه‍ ونقل انّ له سبعين تصنيفا في الحديث والتاريخ والسنن ومنها «المغازي» لاحظ الأعلام للزّركلي : ٨ / ١٢٢.

(٢) لاحظ المغني لابن قدامة : ١٠ / ١١٧.

٣٩٧

٦٩٤١. السّابع والعشرون : كلّ من فعل محرّما ، أو ترك واجبا ، فللإمام تعزيره بما لا يبلغ الحدّ ، وكميّته منوطة بنظر الإمام ، ويختلف باختلاف أحوال الجناة ، ولا يبلغ حدّ الحرّ في الحرّ ، ولا حدّ العبد في العبد ، ففي الحرّ من سوط إلى تسعة وتسعين ، وفي العبد إلى تسعة وأربعين.

وكلّما فيه التعزير من حقوق الله تعالى يثبت بشاهدين أو الإقرار مرّتين ، ويعزّر من قذف أمته أو عبده كالأجنبيّ.

ويكره أن يزاد في تأديب الصّبي على عشرة أسواط ، وكذا المملوك ، فإن ضرب عبده في غير حدّ حدّا استحبّ له عتقه.

٣٩٨

المقصد الثامن : في حدّ القذف

وفيه مطالب :

[المطلب] الأوّل : [في] القذف

وفيه تسعة مباحث :

٦٩٤٢. الأوّل : القذف الموجب للحدّ هو الرّمي بالزنا ، أو اللّواط ، أو النيك ، أو إيلاج الحشفة ، مع الوصف بالتحريم ، مثل : أنت زان ، أو لائط ، أو زنيت ، أو ليط بك ، أو زنيت أو لطت ، أو يا زان ، أو يا لائط أو يا منكوحا في دبره ، وما يؤدّي هذا المعنى صريحا ، مع معرفة القائل بموضوع اللفظ بأيّ لغة كان.

٦٩٤٣. الثاني : لو قال لولده الّذي اعترف به : لست ولدي ، وجب عليه حدّ القذف ، وكذا [لو قال] : لست لأبيك ، أو زنت بك أمّك ، أو ابن الزانية.

ولا حدّ بالتعريض والكناية ، كقوله للقرشي : يا نبطيّ ، ولو أراد به الزّنا ، فهو قذف ، ويصدّق في قصده ويعزّر ، وكذا لو قال : يا ابن الحلال أو أنا لست بزان.

٣٩٩

٦٩٤٤. الثّالث : لو قال : زنى فرجك ، فهو قذف ، ولو قال لامرأته : زنيت بك ، فهو إقرار وقذف أما الإقرار فإن أكمله أربعا حدّ وإلّا عزّر ، وأمّا القذف فيوجب الحدّ بأوّل مرّة وإن كان يحتمل غير القذف ، لإمكان تفسيره بالإكراه ، لكنّ الظّاهر القذف.

ولو قال لزوجته : يا زانية ، فقالت : زنيت بك ، فإن أرادت زنا قبل النكاح ، سقط حدّ القذف عن الزّوج ، ووجب عليها حدّ القذف له وحدّ الزّنا إن أقرّت أربعا ، وإن قالت : قصدت نفي الزّنا ، قبل قولها وحدّ الزّوج للقذف.

٦٩٤٥. الرابع : لو قال : يا زانية ، فقالت : أنت أزنى منّي ، فهو قاذف ، وفي طرفها احتمال.

ولو قال للولد المنفيّ باللّعان : لست من الملاعن ، فهو قاذف إن أراد تصديق الزّوج ، وإن أراد النفي الشرعيّ ، فليس بقاذف.

ولو قال للقرشيّ : لست من قريش ، ثمّ قال : أردت أنّ واحدة من أمّهاته زنت ، فليس بقاذف ، لأنّه لم يعيّن تلك الواحدة ، بل يجب به التّعزير.

٦٩٤٦. الخامس : لو قال : زنت بك أمّك ، أو يا ابن الزانية ، فهو قذف للأمّ ، ولو قال : زنى بك أبوك ، أو يا ابن الزاني ، فهو قذف لأبيه.

ولو قال : يا ابن الزّانيين ، فهو قذف للأبوين.

ولو قال : ولدت من الزّنا ، قال الشيخ : يكون قذفا للأمّ (١) وفيه

__________________

(١) النهاية : ٧٢٣.

٤٠٠