تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-018-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٥٨

وفيه مقصدان

[المقصد] الأوّل : في مقاديرها

وفيه فصول

[الفصل] الأوّل : في دية النفس

وفيه ستّة عشر بحثا :

٧٢١٢. الأوّل : دية الحرّ المسلم أحد السّتة ، إمّا مائة بعير من مسانّ الإبل ، أو مائتا بقرة ، أو مائتا حلّة ، كلّ حلّة ثوبان من برود اليمن ، أو ألف دينار ، أو ألف شاة ، أو عشرة آلاف درهم.

وهذه السّتّة أصول في نفسها ، وللجاني الخيار في دفع أيّها شاء ، وليس بعضها مشروطا بعدم البعض.

٥٦١

وتتغلّظ هذه الدّية بأمور ثلاثة ، وهي :

الوقوع في حرم الله تعالى ، وحرم رسوله ، أو أحد مشاهد الأئمّة عليهم‌السلام على ما أفتى به الشيخ في النهاية. (١)

ولو رمى في الحلّ إلى الحرم فقتله فيه ، لزم التّغليظ وفي العكس إشكال.

ولو جنى في الحلّ والتجأ إلى الحرم ، لم يقتصّ منه ، فيه ، بل يضيّق عليه في المطعم والمشرب حتّى يخرج.

ولو جنى في الحرم ، اقتصّ منه فيه ، لانتهاكه الحرمة.

الثّاني : الوقوع في الأشهر الحرم وهي : ذو العقدة ، وذو الحجّة ، والمحرّم ورجب.

والتّغليظ في هذين بإلزام دية وثلث للجاني من أيّ الأجناس كان ، والثّلث لمستحقّ الدّية ، ولا تغليظ في الأطراف.

الثالث : كون القتل عمدا أو شبيه عمد (٢) والتّغليظ هنا ليس بزيادة المقدار بل الصّفة والتّأجيل ، ولا تغليظ بالإحرام ولا بذي الرّحم.

٧٢١٣. الثّاني : في أسنان الإبل في دية الخطأ روايتان : إحداهما خمس وعشرون بنت مخاض ، وخمس وعشرون بنت لبون ، وخمس وعشرون حقّة ، وخمس وعشرون جذعة (٣) والثّانية وهي أصحّ طريقا ، عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول :

__________________

(١) النهاية : ٧٥٦.

(٢) في «أ» : أو شبه عمد.

(٣) لاحظ الوسائل : ١٩ / ١٤٥ ، الباب ١ من أبواب ديات النّفس ، الحديث ١٣.

٥٦٢

قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : في الخطأ شبه العمد ان يقتل بالسّوط أو بالعصا أو بالحجر أنّ دية ذلك تغلظ ، وهي مائة من الإبل : منها أربعون خلفة بين ثنيّة إلى بازل عامها ، وثلاثون حقّة ، وثلاثون بنت لبون ، والخطأ يكون فيه ثلاثون حقّة وثلاثون بنت لبون ، وعشرون بنت مخاض ، وعشرون ابن لبون ذكر (١).

٧٢١٤. الثالث : دية العمد كدية الخطأ إلّا أنّ أسنان الإبل فيها أرفع من أسنانها هناك ، وهو مائة بعير من مسانّ الإبل.

وأمّا شبيه العمد فروايتان ، أصحّهما طريقا ما ذكرناه عن عليّ عليه‌السلام أنّها ثلاثون بنت لبون ، وثلاثون حقّة ، وأربعون خلفة ، وهي الحامل ، وفي الأخرى : ثلاث وثلاثون حقّه ، وثلاث وثلاثون جذعة ، وأربع وثلاثون ثنيّة طروقة الفحل.

٧٢١٥. الرابع : دية العمد تستأدى في سنة واحدة من مال الجاني ، مع التراضي بالدّية ، ولا تجب حالة ، ولا يجوز تأخيرها إلى ثلاث سنين.

وأمّا دية الخطأ فتستأدى ثلاث سنين ، سواء كانت [الدّية] تامّة ، أو ناقصة ، أو دية طرف من العاقلة ، فهي مخفّفة في السّنّ والصّفة والاستيفاء ولا يضمن الجاني منها شيئا ، ولا ترجع العاقلة عليه بشي‌ء.

وقال المفيد رضي‌الله‌عنه : إنّ العاقلة ترجع بها على الجاني (٢) وليس بمعتمد.

وأمّا دية شبيه العمد فقال المفيد رضي‌الله‌عنه : تستأدى في سنتين (٣) ، فهي أخفّ

__________________

(١) الوسائل : ١٩ / ١٤٦ ، الباب ٢ من أبواب ديات النّفس ، الحديث ١.

(٢) المقنعة : ٧٣٧.

(٣) المقنعة : ٧٣٦.

٥٦٣

من دية العمد في السّن والاستيفاء ، ويضمنها الجاني في ماله إجماعا.

٧٢١٦. الخامس : للجاني أن يبذل أيّ أصناف الدّيات شاء في الخطأ المحض والشّبيه بالعمد ، وأمّا في العمد فإن وقع الصّلح بينه وبين الوليّ على الدّية مطلقا تخيّر أيضا بين المسانّ من الإبل أو ما ذكر من باقي الأنواع ، وإن تراضيا على ما زاد.

ولو كان أضعاف الدّية ، أو ما نقص أو كان مساويا ، أو مغايرا من الفروض وشبهها ، جاز.

٧٢١٧. السّادس : للجاني أن يبذل من إبل البلد ومن غيرها ، ومن إبله ومن غيرها ، أدون أو أعلى ، إذا لم تكن مراضا ، وكانت بالصّفة المشترطة ، وفي إلزام قبول القيمة السّوقيّة مع وجود الإبل نظر أقربه العدم ، وفي الرّواية الصّحيحة عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام :

قيمة كلّ بعير مائة وعشرون درهما ، أو عشرة دنانير ، ومن الغنم قيمة كلّ ناب من الإبل عشرون شاة. (١)

وفي الصحيح عن الحسين بن سعيد عن معاوية بن وهب قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن دية العمد ، فقال : مائة من فحولة الإبل المسانّ فإن لم يكن إبل فمكان كلّ جمل عشرون من فحولة الغنم. (٢)

والرّواية الأولى تعطي أنّ الدّية من الفضة اثنا عشر ألف درهم وعليه دلّت

__________________

(١) الوسائل : ١٩ / ١٤٦ ، الباب ٢ من أبواب ديات النفس ، الحديث ١.

(٢) الوسائل : ١٩ / ١٤٦ ، الباب ٢ من أبواب ديات النفس ، الحديث ٢.

٥٦٤

رواية الحلبي وعبد الله بن المغيرة ، والنضر بن سويد ، الصّحيحة عن عبد الله بن سنان عن الصادق عليه‌السلام قال : سمعته يقول :

من قتل مؤمنا متعمدا اقيد منه إلّا أن يرضى أولياء المقتول ان يقبلوا الدّية فإن رضوا بالدّية ، وأحبّ ذلك القاتل ، فالدّية اثنا عشر ألفا أو ألف دينار ، أو مائة من الإبل ، وإن كان في أرض فيها الدّنانير ، فألف دينار ، وإن كان في أرض فيها الإبل ، فمائة من الإبل ، وإن كان في أرض فيها الدراهم فدراهم بحساب اثني عشر ألفا. (١)

والمشهور بين علمائنا عشرة آلاف درهم ، لروايات أخرى ، ولا خلاف في تقدير باقي الأصناف.

قال الشيخ رضي‌الله‌عنه : لا يلزم من الدراهم أكثر من عشرة آلاف درهم ، وعليه أكثر الروايات ، ورواية اثني عشر (٢) ذكر الحسين بن سعيد وأحمد بن محمّد بن عيسى معا : «أنّه روى أصحابنا أنّ ذلك من وزن ستّة» ، وإذا كان ذلك كذلك ، فهو يرجع إلى عشرة آلاف ولا تنافي بين الأخبار. (٣)

٧٢١٨. السّابع : الخيرة في أداء إحدى الأصناف الستّة إلى من وجبت عليه من القاتل أو العاقلة ، فأيّها أحضره لزم الوليّ قبوله ، فإن أعوز صنف منها فله العدول إلى غيره سواء كان أعلى قيمة أو أدون ، وكذا لو لم يعوز ، والأقرب أنّه لا تعتبر

__________________

(١) التهذيب : ١٠ / ١٥٩ ، رقم الحديث ٦٣٨ ، ولاحظ الوسائل : ١٩ / ١٤٤ ، الباب ١ من أبواب ديات النّفس ، الحديث ٩ ، وفيه في آخر الحديث «بحساب ذلك ، اثنا عشر ألفا».

(٢) وفي المصدر : فأمّا ما رواه عبد الله بن سنان وعبيد بن زرارة اللّتين تضمّنتا اثني عشر الف درهم فقد ذكر الحسين بن سعيد ...

(٣) التهذيب : ١٠ / ١٦٢ في ذيل الحديث ٦٤٥. قال العلّامة المجلسي في ملاذ الأخيار : ١٦ / ٣٢٨ : وحاصل تأويل الرّاويين الفاضلين هو أنّ الدّراهم كانت في زمن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ستّة دوانيق ، وغيّرت بعد ذلك حتّى استقرّت على خمسة دوانيق ، كما رواه الخاصّ والعامّ.

٥٦٥

قيمة الإبل بل متى وجدت على الصّفة المشروطة أجزأت ، ووجب أخذها ، قلّت قيمتها أو كثرت.

وما روي في الأحاديث من اعتبار قيمة كلّ بعير بمائة وعشرين درهما فمحمول على الغالب لا الواجب ، وكذا البحث في البقر والغنم والحلل.

٧٢١٩. الثّامن : لا يقبل في الإبل المعيب ولا الأعجف ، ويجزئ العراب (١) والبخاتي ، والخلفة في شبه العمد هي الحامل ، وقوله عليه‌السلام : «في بطونها أولادها» (٢) تأكيد وقلّ ما تحمل ثنيّة وهي الّتي لها خمس سنين ودخلت في السّادسة ، وأيّ ناقة حملت فهي خلفة والأقرب اشتراط الثنيّة لقول عليّ عليه‌السلام : «أربعون خلفة من بين ثنيّة إلى بازل عامها» (٣) فإن أحضر خلفة فأسقطت قبل القبض ، وجب الإبدال ، وإن أسقطت بعده أجزأت.

ويرجع في الحمل إلى أهل الخبرة ، فإن قبض الوليّ ثم قال : لم تكن حوامل ، وقد ضمرت أجوافها ، فقال الجاني : بل ولدت عندك ، فإن قبضها بقول أهل الخبرة ، فالقول قول الجاني عملا بظاهر إصابتهم ، وإن قبضها بغير قولهم ، فالقول قوله ، عملا بأصالة عدم الحمل.

٧٢٢٠. التّاسع : تجب دية العمد في آخر الحول ، ودية شبيه العمد في سنتين ، يجب في آخر كلّ حول نصفها ، ودية الخطأ المحض في ثلاث سنين ، في آخر كلّ حول ثلثها.

__________________

(١) نوع من الإبل خلاف البخاتي ، مجمع البحرين.

(٢) لاحظ سنن النسائي : ٨ / ٤٢ وسنن البيهقي : ٨ / ٤٤.

(٣) كذا في المصدر ولكن في النسختين : «ما بين ثنيّة عامها إلى بازل» لاحظ الوسائل : ١٩ / ١٤٦ ، الباب ٢ من أبواب ديات النفس ، الحديث ١.

٥٦٦

ويعتبر ابتداء السنة من حين وجوب الدّية لا من حين حكم الحاكم ، فإن كان الواجب دية نفس ، فابتداء السّنة من حين الموت ، وإن كان دية جرح اندمل من غير سراية ، مثل أن قطع يدا فبرأت بعد مدة ، فابتداء المدّة من حين القطع ، وإن كان ساريا ، مثل أن قطع إصبعه فسرت إلى كفّه ، ثم اندمل ، فالابتداء من حين الاندمال ، لأنّ استقرار الأرش لا يحصل إلّا عنده.

قال الشيخ رضي‌الله‌عنه : ويستأدى الأرش في سنة واحدة عند انسلاخها إذا كان ثلث الدّية فما دون ، لأنّ العاقلة لا تعقل حالّا ، ولو كان دون الثلثين ، حلّ الثّلث الأوّل عند انسلاخ الحول ، والثّاني عند انسلاخ الثّاني.

ولو كان أكثر من الدّية كقطع يدين ورجلين ، وكان لاثنين حلّ لكلّ واحد عند انسلاخ الحول ثلث الدّية.

وإن كان لواحد حلّ له ثلث ، عن كلّ جناية سدس. (١)

وفي جميع ذلك إشكال من حيث احتمال اختصاص التّأجيل بالدّية دون الأرش.

ولو كان الواجب دون الموضحة لم تحمله العاقلة ، لأنّها لا تحمل ما دون الموضحة ، ويجب حالّا كإتلاف المال.

وتجب الدّية النّاقصة ، كدية المرأة والذّمي والعبد في ثلاث سنين.

__________________

(١) المبسوط : ٧ / ١٧٦ وفيه : وإن كان المستحق واحدا لم يجب على العاقلة في كلّ سنة أكثر من ثلث الدية ، لأنّ العاقلة لا تعقل لواحد أكثر من هذا في كلّ حول فيكون الواجب عليهم له سدس من دية العينين ، وسدس من دية اليدين.

٥٦٧

٧٢٢١. العاشر : دية المرأة الحرّة المسلمة على النّصف من دية الرّجل من جميع الأجناس ، ويتساوى جراح المرأة والرّجل وأطرافهما إلى أن يبلغ ثلث الدّية ، فإذا بلغت الثّلث نقصت المرأة إلى النّصف ، وربّما قيل : ما لم يتجاوز الثّلث ، فإذا تجاوزت رجعت إلى النّصف (١) والأوّل أصحّ ، لرواية أبان بن تغلب الصحيحة عن الصادق عليه‌السلام (٢) ورواية جميل بن دراج الصّحيحة عنه عليه‌السلام. (٣)

٧٢٢٢. الحادي عشر : دية الذّمي من اليهود والنّصارى والمجوس ثمانمائة درهم ، وفي رواية : دية المسلم (٤) وفي أخرى : أربعة آلاف درهم (٥) وحملها الشيخ رضي‌الله‌عنه على المعتاد بقتلهم فيغلّظ الإمام بما يراه حسما للجرأة عليهم. (٦)

ودية نسائهم على النّصف وجراحاتهم من دياتهم كجراحات المسلمين من دياتهم ، وفي التّغليظ بما يغلّظ به على المسلم نظر.

والأقرب تساوي ديات الجراح من نساء أهل الكتاب ديات رجالهنّ إلى أن تبلغ الثّلث ، ثمّ تنقص المرأة إلى النّصف.

ولا دية لغير الأصناف الثلاثة من الكفّار ، كعبّاد الأوثان وغيرهم سواء كانوا ذوي عهد أو لا ، وسواء بلغتهم الدّعوة أو لا.

__________________

(١) ذهب إليه الشيخ في النهاية : ٧٤٨.

(٢) الوسائل : ١٩ / ٢٦٨ ، الباب ٤٤ من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث ١.

(٣) الوسائل : ١٩ / ١٢٢ ، الباب ١ من أبواب قصاص الطرف ، الحديث ٣.

(٤) الوسائل : ١٩ / ١٦٣ ، الباب ١٤ من أبواب ديات النّفس ، الحديث ٢.

(٥) الوسائل : ١٩ / ١٦٣ ، الباب ١٤ من أبواب ديات النّفس ، الحديث ٤.

(٦) التهذيب : ١٠ / ١٨٧ في ذيل الحديث ٧٣٧.

٥٦٨

٧٢٢٣. الثاني عشر : ولد الزنا إذا أظهر الإسلام ديته كدية المسلم ، وقيل : دية الذّمي. (١) وليس بمعتمد.

٧٢٢٤. الثالث عشر : دية العبد قيمته ما لم تتجاوز دية الحرّ ، فإن تجاوزت ردّت إليها ، وتؤخذ من الجاني إن كان عمدا أو شبيه عمد ، ومن عاقلته إن كان خطأ.

ودية الأمة قيمتها ما لم تتجاوز دية الحرّة المسلمة ، فتردّ إليها ، ولا تتجاوز قيمة عبد الذّمي دية مولاه ولا قيمة مملوكة الذّمية دية السّيدة ، وفي المسلم عبد الذّمي نظر. (٢)

٧٢٢٥. الرّابع عشر : دية أعضاء العبد والأمة وجراحاتهما معتبرة بدية الحرّ والحرّة فما فيه دية الحرّ ، ففيه من العبد والأمة قيمتهما ، كاللّسان ، والذّكر واليدين والرّجلين ، إلّا أنّه إذا جنى عليه بما فيه كمال قيمته ، لم يكن لمولاه المطالبة بشي‌ء إلّا أن يدفعه إلى الجاني ويأخذ قيمته ، أو يمسكه بغير شي‌ء.

وكلّ ما في الحرّ منه مقدّر فهو في العبد كذلك بالنّسبة إلى قيمته ، ففي اليد نصف القيمة ، وليس للجاني في أخذه ودفع القيمة ، بل للمولى المطالبة بأرش الجناية مهما نقصت عن القيمة ، مع إمساك العبد.

__________________

(١) ذهب إليه السيد المرتضى رضي‌الله‌عنه في الانتصار : ٥٤٤ ، المسألة ٣٠٥ والصدوق رضي‌الله‌عنه في المقنع :

٥٢٠ و ٥٣٠.

(٢) قال المصنف في القواعد : ٣ / ٦٦٩ : ولو كان العبد ذمّيّا أو الأمة كذلك للمسلم فهما كالمسلمين في انّ ديتهما قيمتهما ما لم تتجاوزا دية الحرّ المسلم أو الحرّة المسلمة ... وفي المسلم عبد الذّمّي أو المسلمة جارية الذّمّي إشكال.

٥٦٩

وكلّ ما لا تقدير فيه في الحرّ ، ففيه الأرش ، ويعتبر في العبد (١) فيفرض الحرّ عبدا سليما من الجناية ، ويقوّم ثم يفرض عبدا معيبا بالجناية ، ويقوّم ، وتنسب إحدى القيمتين إلى الأخرى فيؤخذ من الدّية بنسبة التفاوت.

والعبد أصل للحرّ فيما لا تقدير فيه (٢) كما أنّ الحرّ أصل فيما فيه مقدّر.

٧٢٢٦. الخامس عشر : لو جنى العبد على الحرّ خطأ ، لم يضمن المولى ، بل يجب عليه دفع العبد ، أو يفديه بأرش الجناية ، والخيار في ذلك إليه ، وقيل : يفديه بأقلّ الأمرين من قيمة العبد أو أرش الجناية ، (٣) ولا خيار للمجنيّ عليه.

ولو كانت الجناية لا تستوعب القيمة ، تخيّر المولى بين فكّه بأرش الجناية وبين تسليم العبد ليسترقّ منه المجنّي عليه بقدر تلك الجناية.

ولا فرق في ذلك كلّه بين القنّ والمدبّر والمكاتب المشروط والمطلق الّذي لم يؤدّ شيئا ، وأمّ الولد ، والذّكر والأنثى.

٧٢٢٧. السّادس عشر : لو قتل مسلما في دار الحرب على دين الكفّار ، ولم يعلم إسلامه ، فالأقرب الدّية خاصّة دون القصاص ، وكذا لو رمى إلى مرتدّ فأسلم قبل الإصابة ، وكذا في كلّ قتل عمد صدر عن ظنّ في حال المقتول.

والصابئون من النّصارى ، والسّامرة من اليهود ، فإن كانوا معطّلة دينهم فلا دية لهم.

__________________

(١) في «ب» : بالعبد.

(٢) في «ب» : لا مقدّر فيه.

(٣) نسبه الشيخ في المبسوط إلى بعض أهل السّنة ، لاحظ المبسوط : ٧ / ٧.

٥٧٠

الفصل الثاني : فيما دون النفس

وهو إمّا إبانة ، أو إبطال منفعة ، أو جرح.

الطّرف الأوّل : في الإبانة

وهو قطع طرف وكلّ عضو لا تقدير فيه ، ففيه الأرش.

والتقدير ورد في ثمانية عشر على المشهور ، وفيه ما قدّره الشّارع.

وكلّ ما في الإنسان منه واحد ، ففيه الدّية كاملة ، وكلّ ما فيه اثنان ، ففيهما الدّية أيضا ، وفي أحدهما النّصف إلّا ما نستثنيه ، وسيأتي تفصيل ذلك كلّه في مباحث ثلاثين.

٧٢٢٨. الأوّل : في الأنف الدّية كاملة إذا استوصل ، وكذا في مارنه ، وهو مالان منه ، قال الشيخ في المبسوط : الدية إنّما هي في المارن وهو ما لان من الأنف دون قصبة الأنف ودون ذلك المنخران والحاجز إلى القصبة ، فإن قطع الأنف والقصبة معا ، فعليه دية وحكومة في الزيادة. (١) وهو الأقرب عندي.

ولو كسره ، ففسد ففيه الدّية ، فإن جبر على غير عيب فمائة دينار. وفي الرّوثة ـ وهي الحاجز بين المنخرين ـ نصف الدّية ، وقال ابن بابويه : هي مجتمع المارن (٢) ، وقال أهل اللّغة : هي طرف المارن (٣).

__________________

(١) المبسوط : ٧ / ١٣١.

(٢) الفقيه : ٤ / ٥٧.

(٣) في مجمع البحرين : الروث طرف الأرنبة ، والأرنبة طرف الأنف.

٥٧١

وفي أحد المنخرين نصف الدّية ، وفي رواية غياث ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في كلّ جانب من الانف ثلث دية الأنف. (١)

وفي غياث ضعف غير أنّ مضمونها : جيّد ، لأنّ المارن يشتمل على ثلاثة أشياء من جنس ، فتوزّعت الدّية عليها أثلاثا.

وفي شلل الأنف ثلثا ديته ، فإن قطع بعد الشلل فالثلث.

فإن نفذت في الأنف نافذة لا تنسدّ ، ففيها ثلث دية النفس فإن صلحت فالخمس ، مائتا دينارا ، ولو كانت النّافذة في أحد المنخرين إلى الحاجز ، فالسّدس إن لم يبرأ ، فإن برأت فالعشر.

فإن قطع بعض الأنف ففيه بقدره من الدّية يمسح ويؤخذ بالنّسبة ، فإن قطع نصفه فالنّصف ، وربعه الرّبع وعلى هذا.

ولو قطع الأنف وما تحته من اللّحم ، ففي الأنف الدّية ، وفي اللحم حكومة.

ولو ضربه فاعوج أو تغيّر لونه فالحكومة ، ولو قطعه إلّا جلدة وبقي معلّقا فلم يلتحم ، واحتيج إلى قطعه ، ففيه الدّية ، لأنّه قطع الجميع بعضه بالمباشرة والباقي بالتّسبيب ، وإن ردّه فالتحم ، ففيه الحكومة ، لأنّه لم يبن ، وإن أبانه فردّه فالتحم ، فالدّية ، لأنّه لا يقرّ على هذا ، والإمام يجبره على الإزالة ، لأنّه نجس (٢).

٧٢٢٩. الثاني : في اللّسان الدّية كاملة إذا استؤصل قطعا وكان صحيحا ،

__________________

(١) الوسائل : ١٩ / ٢٦٨ ـ ٢٦٩ ، الباب ٤٣ من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث ١.

(٢) مشكل بعد الالتحام وصيرورته جزءا من بدن الحيّ.

٥٧٢

وفي لسان الأخرس ثلث الدّية ، وفي لسان الصغير الدّية إن بلغ حدّا ينطق ببعض الحروف ونطق ، أو لم يبلغ لكن ظهر أثر القدرة على النّطق بالتحريك والبكاء ولو بلغ حدّا ينطق فلم ينطق ، فالظّاهر عدم القدرة على الكلام ، فكان فيه ثلث الدّية.

ولو كان صغيرا جدّا ولم يظهر عليه أثر القدرة ولا عدمها ، لطفوليّته ، فالأقرب الدّية ، لأنّ الأصل السّلامة ، ويحتمل الثّلث لأنّه لسان لا كلام فيه ، فكان كالأخرس ، مع عدم تيقّن السّلامة ، فإن كبر فنطق ببعض الحروف علمنا صحّته ، وأوجبنا فيه من الدّية بقدر ما ذهب من الحروف.

ولو بلغ إلى حدّ يتحرّك بالبكاء وغيره فلم يتحرّك (١) فقطعه قاطع ، فثلث الدّية ، لأنّه لو كان صحيحا لتحرّك ، فان قطع بعض الصّحيح اعتبر بحروف المعجم ، وهي ثمانية وعشرون حرفا سوى «لا» (٢).

وتبسط الدّية على الحروف بالسّويّة ، ويؤخذ نصيب ما يعدم منها ، وتتساوى اللّسنيّة وغيرها ، ثقيلها وخفيفها.

والاعتبار بما يذهب من الحروف لا بالمقطوع ، فلو قطع نصف لسانه ، فذهب ربع الكلام ، وجب ربع الدّية ، ولو انعكس فالنصف ، هذا هو المشهور ، وفي المبسوط : إن استويا مثل أن يقطع ربع لسانه فيذهب ربع كلامه فالربع بقدر الذاهب منهما ، كما لو قلع إحدى عينيه فذهب بصرها ، وإن ذهب من أحدهما أكثر من الاخر ، بأن قطع ربع لسانه فذهب نصف كلامه أو قطع نصف لسانه

__________________

(١) في «أ» : ولم يتحرك.

(٢) لأنّ مخرجها مركّب من مخرج اللام والألف.

٥٧٣

فذهب ربع كلامه وجب بقدر الأكثر وهو نصف الدّية في الحالين ، لأنّ كلّ واحد من اللسان والكلام مضمون بالدّية منفردا ، فإذا انفرد نصفه بالذّهاب وجب النّصف. (١) وهو الأقرب عندي.

ويؤيّده ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا ضرب الرّجل على رأسه فثقل لسانه ، عرضت عليه حروف المعجم فما لم يفصح به كانت الدّية بالقصاص من ذلك. (٢) وفي الصّحيح عن عبد الله بن سنان (٣) نحو ذلك ، وكذا في خبر سليمان بن خالد عن الصادق عليه‌السلام (٤) وهو يدلّ على أنّ الدية تقسّم على الحروف وإن لم يذهب شي‌ء من اللّسان.

وفي أحاديث أخرى : أنّ في اللّسان الدّية ، فعلمنا أنّه لو ذهب من الكلام نصفه ولم يذهب شي‌ء من اللّسان ، وجب نصف الدّية ، ولو ذهب نصف اللّسان ولم يذهب من الكلام شي‌ء وجب نصف الدّية أيضا فإن ذهبت الحروف أجمع فالدّية كاملة.

وإن (٥) لم يذهب من الحروف شي‌ء لكن صار سريع النطق أو ازداد سرعة ، أو صار ثقيلا ، أو ازداد ثقلا فلا تقدير فيه ، وفيه الحكومة ، وكذا لو نقص ، فصار ينقل الحرف الفاسد إلى الصّحيح.

__________________

(١) المبسوط : ٧ / ١٣٤.

(٢) الوسائل : ١٩ / ٢٧٤ ، الباب ٢ من أبواب ديات المنافع ، الحديث ٣ (وفي النّسختين : كانت الدّية والقصاص من ذلك).

(٣) الوسائل : ١٩ / ٢٧٤ ، الباب ٢ من أبواب ديات المنافع ، الحديث ٢.

(٤) الوسائل : ١٩ / ٢٧٣ ، الباب ٢ من أبواب ديات المنافع ، الحديث ١.

(٥) في «أ» : ولو.

٥٧٤

ولو جنى آخر بعد الأوّل ، اعتبر بما بقي وأخذ بنسبة ما ذهب بعد جناية الأوّل ، ولو أعدم واحد كلامه من غير أن يقطع منه شيئا ، ثمّ قطعه آخر فعلى الأوّل الدّية وعلى الثاني الثّلث ، فعلى هذا إذا قطع ربع اللّسان فذهب نصف الكلام ، وجب نصف الدّية ، فإن قطع آخر بقيّة اللّسان فعلى القول الأوّل عليه نصف الدّية اعتبارا بالباقي من الحروف ، من غير نظر إلى اللّسان ، وعلى ما اختاره الشيخ في المبسوط (١) واخترناه نحن عليه ثلاثة أرباع الدّية ، لأنّه قطع ثلاثة أرباع لسانه.

ولو قطع نصف لسانه فذهب ربع كلامه ، فعلى الأوّل عليه ربع الدّية ، وعلى ما اخترناه النّصف ، فإن قطع آخر باقيه كان عليه ثلاثة أرباع الدية ، لأنّه أذهب ثلاثة أرباع كلامه.

ولو جنى على اللّسان فأذهب الذّوق ، ففيه الدّية وإن لم يقطع من اللّسان شيئا ولا ذهب من نطقه شي‌ء.

ولو قطع لسان الأخرس فذهب ذوقه ، فالدّية ، فإن جنى على لسان ناطق فأذهب كلامه وذوقه ، فديتان ، فإن قطعه فذهبا معا ، ففيه دية واحدة ، لأنّهما يذهبان تبعا لذهابه فتجب ديته خاصّة ، كما لو قتله لم يجب إلّا دية واحدة وإن ذهبت منافعه.

وتبسط الدّية على ثمانية وعشرين حرفا ، ففي الحرف الواحد ربع سبع الدّية ، وفي الحرفين نصف السبع ، وعلى هذا لا فرق بين ما خفّ من الحروف

__________________

(١) المبسوط : ٧ / ١٣٤.

٥٧٥

على اللّسان وما ثقل وكثر هجاؤه ، كالسّين والشّين والصّاد والباء والتّاء. (١)

ولو جنى على شفته فذهب بعض الحروف ، فالوجه أنّه يجب فيه بقدره ، وكذا إن ذهب بعض حروف الحلق بجنايته ، وينبغي أن يحسب تقديره من الثمانية والعشرين.

ولو ذهب حرف فعجز عن كلمة ، مثل أن أعدم الحاء فصار مكان «محمّد» «ممّد» ومكان «أحمد» «أمد» لم يجب سوى أرش الحروف.

وإن ذهب حرف فأبدل مكانه [حرفا] آخر ، مثل أن يقول في درهم : «دلهم» وفي أودعهم : «أوديهم» فعليه ضمان [الحرف] الذّاهب فإن جنى عليه ثانيا فأذهب البدل ، وجبت ديته أيضا.

ولو حصل في كلامه تمتمة ، أو فأفأة ، أو سرعة ، فعليه حكومة ، فإن جنى عليه آخر فأذهب كلامه ففيه الدّية كاملة ، كمن جنى على عين فعمشت ، ثمّ جنى [عليها] آخر فذهب ضوؤها.

ولو كان ألثغ من غير جناية [عليه] ، فذهب إنسان بكلامه أجمع ، فإن كان مأيوسا من زوال لثغته ، ففيه يقسط ما ذهب من الحروف ، وإن كان غير مأيوس من زوالها ، كالصّبي أو الكبير إذا أمكن إزالة لثغته بالتعليم ، ففيه الدّية كاملة ، لأنّ الظاهر زوالها.

ولو قطع بعض اللّسان عمدا ، ثبت فيه القصاص ، ويعتبر فيه بالأجزاء لا بالمساحة ، فإن كان قد قطع نصف اللّسان مساحة ، قطع نصف لسانه بالمساحة ،

__________________

(١) في «ب» : «والباء والثاء» وفي المبسوط : ٧ / ١٣٣ «والتاء والثاء».

٥٧٦

وإن قطع الثّلث فالثلث ، وعلى هذا فإن اقتصّ [المجنيّ عليه] فذهب من كلام الجاني مثل ما ذهب من كلامه المجنيّ عليه أو أكثر ، فقد استوفى حقّه ولا شي‌ء في الزّائد ، لأنّه من سراية القود ، وهي غير مضمونة ، وإن ذهب أقلّ فللمقتصّ دية ما بقي لأنّه لم يستوف بدله.

ولو قطع لسانه فنبت وعاد ، لم يجب ردّ ما أخذ من الدّية ، لأنّه هبة من الله تعالى مجدّدة ، فإنّ العادة جارية بأنّ اللّسان إذا قطع لا يعود ، فالعائد ليس هو الذّاهب.

وأمّا إن جنى عليه فذهب بكلامه من غير أن يقطع شيئا من اللّسان ، فأخذ الدّية ثم عاد كلامه ، استعيد منه الدّية ، لأنّه لو ذهب كلامه لما عاد ، فلمّا رجع علم أنّه لم يذهب قاله في المبسوط (١) وقال في الخلاف : لا تستردّ. (٢) وهو حسن.

ولو قطع نصف لسانه فذهب كلامه أجمع ، وجبت الدّية ، فإن قطع آخر باقيه فعاد كلامه ، لم يجب ردّ الدّية ، لأنّ الكلام الصّادر عن اللّسان قد ذهب ولم يعد إلى اللّسان ، وإنّما عاد في محلّ آخر ، بخلاف المسألة الاولى.

ولو قطع لسانه وذهب (٣) كلامه ، فدية واحدة ، فإن عاد اللّسان دون الكلام لم تردّ الدّية ، وكذا إن عاد كلامه دون لسانه.

ولو كان للّسان طرفان فقطع أحدهما فذهب كلامه أجمع ، ففيه الدّية ، وإن لم يذهب شي‌ء من الكلام فهو زيادة ففيه حكومة ، وإن ذهب بعض الكلام ، فإن

__________________

(١) المبسوط : ٧ / ١٣٦.

(٢) الخلاف : ٥ / ٢٤٢ ، المسألة ٣٧ من كتاب الدّيات.

(٣) في «ب» : فذهب.

٥٧٧

تساوى الطّرفان ، وكان ما قطعه بقدر ما ذهب من الكلام ، وجب ، وإن كان أحدهما أكثر وجب بقدر الأكثر على ما اعتبرناه نحن أوّلا ، وإن كان أحدهما منحرفا عن سمت اللّسان ، فهو زيادة ، وفيه حكومة.

ولو ادّعى الصّحيح ذهاب نطقه عند الجناية ، صدّق مع القسامة ، لتعذّر البيّنة ، وفي رواية عن عليّ عليه‌السلام : يضرب لسانه بإبرة ، فإن خرج الدّم أسود صدق ، وإن خرج أحمر كذب. (١)

ولو ادّعى الجاني بعد القطع بكمه ، وادّعى الصحّة قدّم قول الجاني مع يمينه ، لإمكان إقامة البيّنة على الصّحة ، فإنّه من الأعضاء الظّاهرة.

ولو سلم الجاني أنّه كان صحيحا ثمّ خرس ، وقطعه بعده ، وادّعى المجنيّ عليه‌السلامة ، قال الشيخ رضي‌الله‌عنه : الأقوى تقديم قول المجنيّ عليه مع اليمين.

٧٢٣٠. الثالث : في الذّكر الدّية كاملة إذا كان صحيحا ، سواء كان دقيقا أو غليظا ، طويلا أو قصيرا ، لشاب أو شيخ أو طفل صغير ، أو من سلّت خصيتاه وسواء قدر به على الجماع أو لم يقدر.

أمّا ذكر العنّين ففيه ثلث الدية ، وكذا الأشل ، ولو قطع الفحل ذكر الخصيّ عمدا ، اقتصّ منه ، وتثبت الدّية في الحشفة فما زاد ، وإن استؤصل.

ولو قطع الحشفة فقطع آخر الزّائد ، فعلى الأوّل الدّية كملا ، وعلى الثّاني حكومة.

ولو قطع الحشفة وبعض العصبة ، فالدّية خاصّة ، كما لو قطع الذّكر أجمع ،

__________________

(١) الوسائل : ١٩ / ٢٧٩ ، الباب ٤ من أبواب ديات المنافع ، الحديث ١.

٥٧٨

ولو قطع بعض الحشفة فعليه ديته خاصّة ، ويعتبر بالمساحة بالنّسبة إلى الحشفة خاصّة ، لا من جميع الذّكر.

ولو قطع بعض ذكر العنّين ، اعتبر بحسابه ويؤخذ بنسبة مساحة المقطوع إلى جميع الذّكر ، سواء الحشفة وبعضها وما زاد عليها ، ولا يعتبر بعض الحشفة فيه بالنّسبة إلى الحشفة بل إلى الجميع (١) وكذا الحشفة أجمع لا يجب فيها الثلث ، بل يعتبر مساحتها بالنّسبة إلى أصل الذكر ويؤخذ بتلك النّسبة.

فإن جنى على ذكر الصّحيح فصار أشلّ ، فعليه ثلثا الدّية ، فإن قطعه آخر بعد الشلل فعليه الثلث ، فإن جنى عليه فعاب فصار به دمل أو برص أو جراح أو تعرّض (٢) رأسه ، ففيه حكومة ، فإن قطع آخر هذا المعيب ، فالدّية كاليد العثماء (٣).

فإن قطع بعضه طولا ، مثل أن يشقّه باثنين ويقطعه ، فعليه ما يخصّه من الدّية ، وهو النصف.

ولو قطع منه قطعة دون الحشفة ، فإن كان البول يخرج من مكان الجرح ، فعليه أكثر الأمرين من الحكومة أو بقدره من الدّية ، فإن بقي البول يخرج بحاله وجب بقدر القطعة من جميع الذكر ، فإن أجافه فاندمل ففيه حكومة.

__________________

(١) في «أ» : بل إلى جميع الذّكر سواء.

(٢) تعرّض : تعوّج ، وفي المبسوط : ٧ / ١٥١ «تغوص» من الغوص ، وما في المتن هو المناسب لتشبيهه باليد العثماء.

(٣) في مجمع البحرين : عثم العظم المكسور : إذا انجبر من غير استواء.

٥٧٩

ولو قطع نصفه طولا ، فعليه النّصف ، فإن ذهب الجماع به ، فالدّية كملا ، وكذا لو جنى عليه بغير القطع فذهب جماعه.

ولو ذهب الجماع بالقطع تداخلت الدّية.

ولو ثقب ذكره فيما دون الحشفة فصار البول يخرج من الثّقب فالحكومة.

٧٢٣١. الرابع : في شعر الرّأس إذا لم ينبت الدّية كاملة ، وكذا اللّحية ، سواء كانا خفيفين أو كثيفين ، وسواء كان ذلك لشابّ أو شيخ ، فإن نبتا ففي اللّحية الثّلث أفتى به الشيخ رضي‌الله‌عنه (١) وابن إدريس (٢) وهي رواية عن عليّ عليه‌السلام ضعيفة السند (٣) وفي شعر الرأس إذا نبت الأرش (٤) والأقوى عندي في اللّحية ذلك أيضا.

وقال المفيد رضي‌الله‌عنه : في شعر الرأس إن لم ينبت مائة دينار وكذا اللّحية (٥) والمعتمد الأوّل.

وفي شعر المرأة إذا لم ينبت ديتها ، فإن نبت فمهر نسائها ، ومتى تؤخذ الدّية ويعلم عدم الإنبات؟ الظّاهر أنّه سنة ، رواه الشّيخ عن ابن أبي نصر ، عن عيسى بن مهران ، عن أبي غانم ، عن منهال بن خليل ، عن ثلمة بن تمام ، قال :

«أهرق رجل قدرا فيها مرق على رأس رجل فذهب شعره ، فاختصموا في ذلك إلى عليّ عليه‌السلام فأجّله سنة فجاء فلم ينبت شعره ، فقضى عليه بالدية». (٦)

__________________

(١) الخلاف : ٥ / ٢١١ ، المسألة ٩١ من كتاب الجنايات.

(٢) السرائر : ٣ / ٣٧٧.

(٣) الوسائل : ١٩ / ٢٦٠ ، الباب ٣٧ من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث ١.

(٤) لاحظ النهاية : ٧٦٤ ؛ والسرائر : ٣ / ٣٧٧.

(٥) المقنعة : ٧٥٦.

(٦) الوسائل : ١٩ / ٢٦١ ، الباب ٣٧ من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث ٣.

٥٨٠