تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-018-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٥٨

المقصد الأوّل : في العمد

ومطالبه أربعة :

[المطلب] الأوّل : في علّة تحقّقه

وفيه فصول :

[الفصل] الأوّل : في تميز المباشر والسّبب والشّرط

وفيه ثمانية مباحث :

٦٩٧٧. الأوّل : العمد يقع إمّا بالمباشرة أو بالتسبيب.

فالمباشرة كالذّبح ، والخنق ، والضرب بالسيف والسكين والمثقّل ، والجرح ولو بغرز الإبرة في المقتل ، كالعين ، والفؤاد ، والخاصرة والصدغ وأصل الأذن ، سواء بالغ في إدخالها في البدن أو لا.

أمّا لو غرز بالإبرة في غير المقتل ، فإن بالغ في إدخالها في البدن ،

٤٢١

فهو كالجرح الكبير ، لأنّه قد يشتدّ ألمه ويفضي إلى الموت ، وإن كان يسيرا ، أو جرحه بالكبير جرحا لطيفا ، كشرطة الحجّام فما دون ، فإن بقي من ذلك ضمنا (١) حتّى مات ، ثبت القود ، وإن مات في الحال ، فالوجه أنّه شبيه العمد ، على ما قلنا ، وروي أنّه يوجب القصاص (٢).

وأمّا السّبب فما له أثر في التّوليد ، كشهادة الزور (٣) ، وتقديم الطعام المسموم إلى الضيف.

٦٩٧٨. الثّاني : الفعل الّذي يحصل الموت عقيبه ، ينقسم إلى شرط وعلّة وسبب.

فالشّرط : هو الّذي يحصل عنده لا به ، كحفر البئر مع التّردية ، فإنّ الموت بالتردية ، لكن الحفر شرط ، وكذا الإمساك مع القتل ، ولا يتعلّق القصاص بالشرط.

والعلّة : ما يولّد الموت إمّا ابتداء بغير واسطة كجزّ الرقبة وامّا بوسائط كالرمي فانّه يولّد الجرح ، والجرح يولّد السّراية ، والسّراية تولّد الموت.

وأمّا السّبب ، فما له أثر في التوليد ، لكنّه يشبه الشرط من وجه كما قلنا في شهادة الزور وشبهها.

٦٩٧٩. الثّالث : لو رماه بسهم فقتله ، أو رماه بحجر يقتل مثله ، أو خنقه بحبل ولم يرخ عنه حتّى مات ، أو أرسله منقطع النفس أو ضمنا حتّى مات ، فهو عمد.

__________________

(١) قال الفيومي : ضمن ضمنا فهو ضمن مثل زمن زمنا فهو زمن وزنا ومعنا. المصباح المنير : ٢ / ١٢.

(٢) لاحظ الوسائل : ١٩ / ٢٦ ، الباب ١١ من أبواب القصاص في النّفس ، الحديث ٨.

(٣) فانّها تولّد في القاضي داعية القتل غالبا.

٤٢٢

أمّا لو حبس نفسه ، يسيرا لا يقتل مثله غالبا ، ثمّ أرسله فمات ، وجب القصاص إن قصد القتل ، والدّية إن لم يقصد أو اشتبه القصد.

٦٩٨٠. الرابع : لو ضربه بعصا ، مكرّرا ما لا يحتمله مثله غالبا بالنسبة إلى بدنه وزمانه ، فمات فهو عمد ، كما لو ضرب المريض ضربا يقتل المريض دون الصّحيح ، ولو ضربه ، ضربا لا يقتل مثله ، فحصل به مرض واستمرّ حتّى مات ، فهو عمد.

ولو حبسه عن الطعام وجوّعه حتّى مات جوعا ، وجب القصاص ، وكذا لو حبسه مدّة عن الشراب لا يحتمل مثله الصبر عنه فمات ، ولو كان به بعض الجوع فحبسه حتّى مات جوعا ، فإن علم جوعه فالقصاص ، كما لو ضرب مريضا ضربا يقتل به المريض ، وإن لم يعلم احتمل القصاص وكلّ الدية والنصف على ضعف.

٦٩٨١. الخامس : لو حصل السّبب وقدر المقصود على دفعه ، فإن كان السّبب مهلكا والدفع غير موثوق به ، فالقصاص على فاعل السّبب ، كما لو جرحه ، وترك معالجة الجرح فمات ، لأنّ السّراية من الجرح المضمون ، لا من ترك المداواة ، ولو فقد معنيان فلا قصاص ، كما لو فصده فلم يعصب حتّى نزف الدّم ، أو ألقاه في ماء قليل فبقي مستلقيا حتّى غرق.

ولو كان السّبب مهلكا لكن الدّفع سهل ، وجب القصاص ، كما لو ألقى العارف بالسّباحة في ماء مغرق فلم يسبح ، لأنّه ربما ذهل عن السباحة ، وكذا لو ألقاه في نار فوقف حتّى احترق ، لأنّ الأعصاب قد تتشنّج بملاقاة النار ، فتعسر الحركة ، ولو عرف أنّه ترك الخروج تخاذلا فلا قود ، لأنّه أعان على نفسه ، والأقرب عدم الدية أيضا لاستقلاله بإتلاف نفسه.

٤٢٣

٦٩٨٢. السّادس : سراية الجراح عمدا مضمونة ، فلو جرح المكافئ فسرت الجراحة إلى النفس فمات المجروح وجب القود في النفس ، سواء كان الجرح ممّا يقتل غالبا ، أو لا يقتل أصلا ، إذا عرف أنّ الموت حصل بسرايته ، ولو اشتبه فلا قود في النّفس ولا دية بل في الجرح.

ولا اعتبار بقصد الجارح في السّراية ، فلو لم يقصد الإتلاف فحصل به الجرح المقصود وجب القود ، وكذا لو سرت الجراحة إلى غير النفس ، فإنّها مضمونة توجب القصاص في العضو الاخر أو الدية ، سواء كان ممّا لا يمكن مباشرته بالإتلاف ، كما لو هشمه في رأسه فذهب ضوء عينيه ، وجب القصاص فيه إجماعا ، أو يمكن مباشرته بالإتلاف ، كما لو قطع إصبعا فتأكلت أخرى وسقطت من مفصل.

ولو قطع إصبعا فشلّت الأخرى وجب القصاص في المقطوعة والأرش في الشلّاء.

وسراية القود غير مضمونة ، وهي : أن يقطع طرفا فيجب القود فيه ، فاستوفى منه المجنيّ عليه ، ثمّ مات الجاني بسراية الاستيفاء ، لم يلزم المستوفي شي‌ء.

٦٩٨٣. السّابع : لو ألقى نفسه من شاهق على إنسان ، وكان الوقوع ممّا يقتل غالبا أو نادرا مع قصد الملقي نفسه إلى إتلاف الأسفل ، فهلك الأسفل ، وجب على الملقي نفسه القود ، وإن لم يقتل غالبا أو لم يقصد الإتلاف فهو شبيه عمد ، ودم الملقي نفسه هدر.

٦٩٨٤. الثّامن : الّذي اختاره الشيخ رحمه‌الله انّه لا حقيقة للسحر (١) وفي الأحاديث (٢) ما يدلّ على أنّ له حقيقة ، فعلى ما ورد في الأخبار لو سحره

__________________

(١) المبسوط : ٧ / ٢٦٠ ؛ الخلاف : ٥ / ٣٢٧ ـ ٣٢٨ ، المسألة ١٤ من كتاب كفّارة القتل.

(٢) لاحظ بحار الأنوار : ٦٠ / ١ ـ ٤٢.

٤٢٤

فمات بسحره ، ففي القود إشكال ، والأقرب الدّية ، لعدم اليقين بذلك.

ولو أقرّ أنّه قتله بسحره ، فعليه القود عملا بإقراره ، وفي الأحاديث يقتل الساحر (١) قال الشيخ رحمه‌الله في الخلاف : يحمل ذلك على قتله حدّا (٢) ، وعلى قول الشيخ رحمه‌الله لا يثبت على الساحر قصاص ولا دية وإن أقرّ أنّه قتله بسحره.

ولو قال الساحر : إنّ سحره يقتل نادرا ، فلا قصاص إلّا أن يعترف بالقصد إلى القتل.

الفصل الثاني : في اجتماع المباشر والسبب

وهو قسمان :

[القسم] الأوّل : أن يكون السبب أغلب

وفيه سبعة مباحث :

٦٩٨٥. الأوّل : الإكراه يوجب إيجاد داعية في المكره إلى القتل غالبا ، فعندنا القصاص على المكره المباشر دون الامر ، ولا يتحقّق الإكراه في القتل ، بل يجب على المكره تحمّل الضّرر.

ولا يقتل المؤمن المعصوم الدّم ، ولو بلغ الضرر إلى القتل فيقتل هو ولا يقتل غيره ، نعم يخلّد الامر السجن ، وقد روي أنّه يقتل الامر ويحبس القاتل دائما (٣) والمعتمد الأوّل.

__________________

(١) لاحظ الوسائل : ١٨ / ٥٧٦ الباب ١ من أبواب بقية الحدود ، الحديث ١ و ٢.

(٢) الخلاف : ٥ / ٣٣٠ ، المسألة ١٦ من كتاب كفّارة القتل.

(٣) الوسائل : ١٩ / ٣٢ ، الباب ١٣ من أبواب القصاص في النفس ، الحديث ١.

٤٢٥

ولو طلب الوليّ الدّية كانت على المباشر أيضا دون الامر ، ويتحقّق الإكراه فيما عدا القتل.

هذا إذا كان المقهور بالغا عاقلا ، ولو كان غير مميّز ، كالطّفل والمجنون ، فالقصاص على المكره دون المباشر ، لأنّه كالآلة ، سواء في ذلك المباشر الحرّ والعبد ، ولو كان صبيّا غير بالغ إلّا أنّه مميّز ، عارف ، وهو حرّ ، فلا قود ، والدّية على عاقلته ، وإن كان مملوكا ، تعلّقت الجناية برقبته ، ولا قود.

وقال في الخلاف : إن كان المملوك صغيرا أو مجنونا ، فالدية ، ولا قود (١) وليس بمعتمد.

٦٩٨٦. الثّاني : لو قال له : اقتلني وإلّا قتلتك ، لم يسغ القتل ، فإنّ التحريم لا يرتفع بالإذن ، فإن قتله ، سقط القصاص ، لأنّه أسقط حقّه بالإذن ، فلا يتسلّط الوارث ، وعندي فيه نظر.

ولو قال : اقتل نفسك ، فإن كان مميّزا فلا شي‌ء على المكره ، وإن كان غير مميّز ، فعلى الامر القود ، وهل يتحقّق إكراه العاقل هنا؟ فيه إشكال. (٢)

٦٩٨٧. الثّالث : يتحقّق الإكراه فيما دون النّفس إجماعا ، فلو قال : اقطع يد هذا ، فالقصاص على الامر دون المباشر ، ولو قال : اقطع يد هذا أو هذا وإلّا قتلتك ، فاختار القاطع يد أحدهما ، احتمل القصاص على المباشر ، لأنّ الإكراه لم يقع

__________________

(١) الخلاف : ٥ / ١٦٨ ـ ١٦٩ ، المسألة ٣٠ من كتاب الجنايات.

(٢) قال الشهيد الثاني في المسالك : في المسألة وجهان وأظهرهما عدم تحقّق الإكراه ، لأنّ المكره من يتخلّص بما أمر به عمّا هو أشدّ عليه ، وهو الّذي خوّفه المكره به ، وهنا المأمور به القتل المخوّف به القتل ، ولا يتخلّص بقتل نفسه عن القتل ، فلا معنى لاقدامه عليه لاحظ المسالك : ١٥ / ٩٠.

٤٢٦

على التّعيين ، فهو مخيّر فيه ، والأقوى أنّه على الامر ، لتحقّق الإكراه وعدم التخلّص إلّا بأحدهما.

٦٩٨٨. الرابع : شهادة الزور تولّد في القاضي داعية القتل ، فهي سبب في الإتلاف على ما تقدّم تعريف السّبب ، فيتعلّق القصاص بالشاهدين مع الحكم والاستيفاء ، ولا ضمان على القاضي ولا الحدّاد.

ولو علم الوليّ التزوير وباشر القصاص ، كان القود عليه ، لوجود المقتضي ، وهو القتل العمد والعدوان قصدا ، مع انتفاء مانعيّة الغرور.

٦٩٨٩. الخامس : لو قدّم إليه طعاما مسموما ، فأكله جاهلا به ، فللوليّ القود ، لانتفاء حكم المباشرة بالغرور ، ولو كان المتناول عالما به وهو مميّز ، فلا قود ولا دية ، ولو لم يكن مميّزا فكالجاهل.

ولو جعل السّم في طعام صاحب المنزل ، فوجده صاحبه [فأكله] فمات ، قال الشيخ رحمه‌الله عليه القود (١) وفيه نظر.

ولو ترك سمّا في طعام نفسه ، وتركه في منزله ، فدخل إنسان فأكله من غير إذنه ، فلا ضمان عليه بقصاص ولا دية ، سواء قصد بذلك قتل الاكل ، مثل أن يعلم أنّ ظالما يريد هجوم داره ، فترك السمّ في الطعام ليقتله ، فكان كما لو حفر بئرا في داره ليقع فيها اللّصّ.

ولو دخل بإذنه ، وأكل الطعام المسموم من غير إذنه ، فلا ضمان أيضا ، ولو كان السمّ ممّا لا يقتل غالبا ، فإن قصد إتلافه بإطعامه إيّاه ، فهو عمد ، وإن أطعمه إيّاه ولم يقصد القتل ، فهو شبيه عمد.

__________________

(١) المبسوط : ٧ / ٤٦ ؛ الخلاف : ٥ / ١٧١ ، المسألة ٣٢ من كتاب الجنايات.

٤٢٧

فإن اختلف فيه هل يقتل مثله غالبا أم لا ، وهناك بيّنة عمل بها ، وإن لم تكن بيّنة ، فالقول قول السّاقي ، لأصالة عدم وجوب القصاص ، فلا يثبت بالشّك.

وإن ثبت أنّه قاتل ، فقال : لم أعلم (١) أنّه قاتل ، احتمل القود ، لأنّ السمّ من جنس ما يقتل غالبا ، فأشبه ما لو جرحه ، وقال : لم أعلم أنّه يموت منه ، وعدمه لجواز خفائه ، فكان شبهة في سقوط القود ، فتجب الدّية.

٦٩٩٠. السّادس : لو حفر بئرا في طريق أو في داره وغطّاها ودعا غيره ، فأجازه عليها ، فوقع فمات ، فعليه القود ، لأنّه ممّا يقتل غالبا وقد قصده.

٦٩٩١. السّابع : لو جرحه مجهزا فداوى نفسه بدواء سمّي فمات ، فالجارح قاتل وعليه القود ، ولو لم يكن الجرح مجهزا ، فإن كان السّم مجهزا ، فالقاتل هو المقتول ، فعلى الجارح القصاص في الجرح خاصّة أو الأرش فيه إن لم يكن فيه قصاص.

ولو كان السمّ غير مجهز ، والغالب معه السلامة ، وحصل الموت بفعل الجارح والمجروح ، فيسقط ما قابل فعل نفسه ، ويقتصّ من الجارح في النّفس بعد ردّ نصف الدّية ، وكذا لو كان السمّ غير مجهز ، وكان الغالب معه التلف ، وكذا لو خاط المجروح جرحه في لحم حيّ (٢) فسرى منهما ، فعلى الجارح القصاص في النّفس بعد ردّ نصف ديته.

__________________

(١) في «ب» : لا أعلم.

(٢) بعبارة أخرى : خاط جرحه فصادف اللّحم الحيّ.

٤٢٨

القسم الثاني : ألا يكون السّبب أغلب

وفيه ستة مباحث :

٦٩٩٢. الأوّل : السّبب قد يصير مغلوبا ، كما لو ألقاه من شاهق فتلقّاه إنسان بسيفه وقطعه بنصفين ، فالحوالة في القصاص على المباشر ، ولا شي‌ء على الملقي ، سواء عرف ذلك أو لم يعرف ، أمّا لو ألقاه في ماء مغرق ، فالتقمه الحوت ، فالقصاص على الملقي ، لأنّ فعل الحوت لا يعتبر ، فهو كنصل منصوب في عمق البئر ، ويحتمل عدم القصاص ، لأنّه لم يقصد إتلافه بهذا النوع ، واجتياز الحيوان شبهة فتجب الدّية ، أمّا لو ألقاه إلى الحوت فالتقمه ، فعليه القود ، لأنّه ممّا يقتل مثله بالطبع ، فصار كالآلة.

٦٩٩٣. الثّاني : قد يعتدل السّبب والمباشر كالإكراه على القتل ، فالقصاص على المباشر دون المكره ، وعليه الكفّارة أيضا ، وحرمان الميراث متعلّق به أيضا دون الامر ، ولو أكره إنسانا على أن يرمي إنسانا ظنّه الرّامي جرثومة ، فلا قصاص على الرّامي لجهالته ، وهل يثبت على الامر؟ فيه نظر ، فإن أوجبناه عليه ، فلا شي‌ء على المباشر ، وإن أخرجناه عن الفعل بالكليّة ، فعلى عاقلة المباشر الدّية ، لأنّه بالنّسبة إليه خطأ.

ولو أكره صغيرا غير مميّز على القتل ، فالحوالة في القصاص هنا على الامر ، لأنّ الصّغير كالآلة.

ولو أمسكه واحد وقتله آخر ، قتل القاتل وحبس الممسك دائما ، ولو نظر لهما ثالث سملت عيناه ، ولا يرجع أحدهم على الوليّ بشي‌ء.

٦٩٩٤ الثّالث : لو أكرهه على صعود نخلة فزلقت رجله فمات ، فالقصاص

٤٢٩

على المكره على إشكال ، والأقرب وجوب الدّية عليه ، أمّا لو أكرهه على قتل نفسه ، فلا قصاص على المكره ، إذ لا معنى لهذا الإكراه.

ولو أمره بالنّزول إلى بئر فمات ، فهو كما لو أمره بالصّعود على الشجرة ، يضمن الدّية ، ولو كان ذلك لمصلحة عامّة كانت الدّية من بيت المال (١) ولو أمره من غير إكراه ، فلا دية ولا قود.

وأمر المتغلّب المعلوم من عادته السّطوة عند المخالفة كالإكراه ، ولو أمره سلطان واجب الطّاعة بقتل من علم المأمور أنّه مظلوم ، إمّا لمعرفته بفسق الشاهدين ، أو بنحو ذلك ، لم يعذر ، نعم لو قال : انّ الخروج عن طاعة نائب الإمام فساد ، وظننت ذلك مبيحا ، فالوجه أنّه شبهة يسقط بها القصاص ، وتثبت الدّية عليه.

ويباح بالإكراه كلّ شي‌ء من الزّنا ، وشرب الخمر ، والإفطار ، وإتلاف مال الغير ، وكلمة الرّدة ، وغير ذلك ، إلّا القتل.

والأقرب وجوب هذه الأشياء معه.

٦٩٩٥. الرابع : لو أنهشه حيّة (٢) يقتل مثلها غالبا ، وجب عليه القصاص ، ولو كان يقتل نادرا ، فإن قصد القتل فهو عمد ، وإلّا فهو شبيه كالإبرة (٣) ولو ألقى عليه حيّة قاتلة فنهشته فهلك ، فالقود عليه ، لجريان العادة بالتلف معه ، ولو جمع بينهما في بيت واحد ، فالأشبه ذلك.

__________________

(١) في «ب» : في بيت المال.

(٢) قال في المسالك : المراد بكونه أنهشه الحيّة أنّه قبضها وأنهشها بدنه. مسالك الأفهام : ١٥ / ٨٢.

(٣) في «أ» : فهو شبيهة كالإبرة.

٤٣٠

٦٩٩٦. الخامس : لو أغرى به كلبا عقورا فقتله ، فالقود عليه ، لأنّه كالآلة ، وكذا لو ألقاه إلى أسد فافترسه ، سواء كان في مضيق أو برّيّة إذا لم يمكنه الاعتصام منه.

ولو كتّفه (١) وألقاه في أرض مسبعة ، فافترسه الأسد اتّفاقا ، فلا قصاص ، وعليه الدية.

والمجنون الضّاري كالسبع.

٦٩٩٧. السّادس : لو حفر بئرا في الطريق المسلوك ، فدفع إنسان غيره فيها ، فالحوالة في القصاص على الدافع دون الحافر ، ولو لم يدفعه احد فالدية على الحافر.

الفصل الثالث : في طريان المباشرة على المباشرة

وفيه سبعة مباحث :

٦٩٩٨. الأوّل : لو جرحه ثمّ عضّه الأسد وسرتا ، وجب على الجارح القود بعد أن يردّ عليه المقتصّ نصف الدّية.

٦٩٩٩. الثّاني : إذا كان أحد المباشرين أقوى قدّم ، فلو جرحه الأوّل وحياته مستقرّة بعد الجرح ، وقطع الثاني رأسه ، فالقود على الثاني ، سواء كان جرح الأوّل ممّا يقضى معه بالموت (٢) غالبا ، كشقّ الجوف والمأمومة ، أو لا يقضى به ، كقطع الأنملة ، ويقتصّ من الأوّل في الجراح.

__________________

(١) كتفه كتفا من باب ضرب : شدّد يده إلى خلف بحبل ونحوه. والتشديد مبالغة. لاحظ مجمع البحرين.

(٢) أي كان الجرح ـ لو لا قطع الثاني رأسه ـ ممّا يفضي إلى الموت.

٤٣١

ولو صيّره الأوّل في حكم المذبوح ، بحيث لا تبقى حياته مستقرّة ، فقدّه الثاني بنصفين ، فالقصاص على الأوّل ، ويعزّر الثاني ، ولا يقتصّ منه ، والأولى إلحاق فعله بالجاني على الأموات.

٧٠٠٠. الثالث : لو قطع واحد يده من الكوع ، ثمّ قطعها الثاني من المرفق ، ثمّ مات ، فإن كانت جراحة الأوّل برأت قبل قطع الثاني ، فالقاتل الثاني خاصّة ، وعلى الأوّل القصاص في يده ، ولو لم يبرأ منهما فهما قاتلان ، ويجب القصاص على الأوّل والثّاني بعد ردّ الدية عليهما بالسّوية ، ولا تنقطع سراية الأوّل ، لأنّ الألم الحاصل بفعله لم يزل ، بل انضمّ إليه الألم الثّاني ، فضعفت النفس عن احتمالهما فزهقت بهما ، بخلاف ما لو قطع واحد يده ثمّ قتله آخر ، لانقطاع السراية بالتعجيل ، وفي الأوّل نظر.

ولا فرق بين أن يقطعه الثّاني عقيب قطع الأوّل أو بعده بحيث يأكل ويشرب ، ثمّ يقطعه الثّاني ، وكذا لو عاش بعدهما معا ، وأكل وشرب.

٧٠٠١. الرابع : لو قطع واحد يده وآخر رجله ، فاندمل أحدهما وسرى الاخر ، فمن اندمل قطعه فهو جارح ، والاخر قاتل يقتصّ منه ، بعد ردّ دية الجرح المندمل.

ولو قطع أحد الثلاثة يده ، والثاني رجله ، وأوضحه الثالث ، ثمّ سرى الجميع ، فللوليّ قتل الثلاثة بعد ردّ ديتين عليهم ، وله قتل واحد ، ويردّ الآخران على ورثته ثلثي ديته ، وله قتل اثنين ويردّ الاخر عليهما ثلث الدية ، ويردّ وليّ المجنيّ عليه ثلثي الدّية.

٤٣٢

ولو برأت جراحة أحدهم ، ومات من الآخرين ، اقتصّ الوليّ من الّذي برأ جرحه في الجرح ، وقتل الآخرين بعد أن يردّ عليهما دية كاملة يقتسمانها ، أو يقتل أحدهما ويردّ الاخر عليه نصف الدية (١) فلو ادّعى الموضح انّ جرحه برأ وكذّبه الآخران ، فإن صدّقه الوليّ سقط عنه القصاص وثلث الدية ، وطالبه بالقصاص في الموضحة أو ديتها.

ولا يقبل قول الوليّ في حقّ الشريكين ، لكن إن طلب القود كان له قتلهما بعد أن يردّ عليهما الدّية ، ولو طلب الدّية لم يكن له إلزامهما بأكثر من الثلثين ، وإن كذّبه الوليّ حلف ، وله القصاص أو المطالبة بثلث الدّية.

وإن شهد الشريكان بالاندمال لزمتهما الدّية كاملة ، وللوليّ أخذها منهما إن صدّقهما ، وإن لم يصدّقهما وعفا إلى الدّية لم يكن له أكثر من ثلثيها ، لأنّه لا يدّعي أكثر من ذلك ، وتقبل شهادتهما إن كانا قد تابا وعدلا ، فيسقط عنه القصاص وما زاد عن أرش الموضحة.

٧٠٠٢. الخامس : لو اتّحد القاطع فقطع يد رجل ، ثم قطع رجله ، ثمّ سرت الجراحتان قتل ، وهل يدخل قصاص الطرف في قصاص النفس؟ قال في المبسوط والخلاف : نعم مطلقا (٢) وهي رواية أبي عبيدة عن الباقر عليه‌السلام (٣) وفي النهاية : إن فرّق ذلك لم يدخل ، ويقتصّ منه في الطّرف والنفس ، وإن ضربه

__________________

(١) في «ب» : «ويردّ الاخر عليه الدّية» والصّحيح ما في المتن.

(٢) المبسوط : ٧ / ٢٢ ؛ الخلاف : ٥ / ١٦٣ ، المسألة ٢٣ من كتاب الجنايات.

(٣) الوسائل : ١٩ / ٢٨١ ، الباب ٧ من أبواب ديات المنافع ، الحديث ١.

٤٣٣

[ضربة] واحدة فجنت جنايتين ، لم يكن عليه أكثر من القتل. (١) وهو المعتمد.

ولو قطع يده فسرت إلى نفسه ، فالقصاص في النفس لا في الطّرف ، لأنّ السّراية تتمّة الجناية ، وقد اتّفق علماؤنا على أنّ دية الطرف تدخل في دية النّفس ، وإن اختلفوا في القصاص على ما تقدّم.

٧٠٠٣. السّادس : لو قتل مريضا مشرفا ، وجب القود ، وكذا لو قتل من نزع احشاؤه وهو يموت بعد يومين أو ثلاثة قطعا ، لأنّه أزهق حياة مستقرّة بخلاف حركة المذبوح.

٧٠٠٤. السّابع : ظنّ الإباحة شبهة في سقوط القود ، فلو قتل رجلا في دار الحرب بظنّ كفره فبان إسلامه ، وجبت الكفّارة والدّية ، ولو قتل من عهده مرتدّا ، فظهر رجوعه ، ففي القود إشكال ، ينشأ من عدم القصد إلى قتل المسلم ، ومن رجوع ولاية قتل المرتدّ إلى الإمام ، فيكون عاديا بقتله ، والأقرب الدّية.

ولو قتل من ظنّه (٢) أنّه قاتل أبيه ، فخرج بري‌ء العهدة ، ففي القود إشكال.

ولو ضرب مريضا ظنّه صحيحا ، ضربا يهلك المريض ، وجب القود ، فإنّ ظنّ الصّحّة لا يبيح الضّرب. (٣)

__________________

(١) النهاية : ٧٧١.

قال الشهيد الثاني رحمه‌الله في المسالك : اختلف الأصحاب في دخول قصاص الطرف والشجاج في قصاص النفس إذا اجتمعا على أقوال ثلاثة كلها للشيخ رحمه‌الله.

أحدها : عدم الدّخول مطلقا ذهب إليه في المبسوط والخلاف.

والثاني : ضدّه وهو دخول الأضعف في الأقوى مطلقا ، ذهب إليه في الكتابين المذكورين أيضا.

والثالث : التفصيل ، وهو التداخل ان اتّحد الضّرب ، وعدمه مع تعدّده ، ذهب إليه الشيخ في النهاية.

لاحظ المسالك : ١٥ / ٩٧ ـ ٩٨.

(٢) في «ب» : من ظنّ.

(٣) في «أ» : «لا يبيح الضّرر» ولعلّه مصحّف.

٤٣٤

الفصل الرابع : في الاشتراك

وفيه عشرة مباحث :

٧٠٠٥. الأوّل : إذا اشترك جماعة في قتل واحد ، قتلوا أجمع به ، إن اختار الوليّ ذلك بعد أن يردّ عليهم ما فضل عن دية المقتول ، فيأخذ كلّ منهم ما فضل من ديته عن جنايته ، وإن اختار قتل واحد منهم ، قتله وأدّى الباقون إلى ورثته قدر جنايتهم ، وله قتل أكثر من واحد ، ويؤدّي إليهم الباقون قدر جنايتهم وما فضل يؤدّيه الوليّ.

فلو قتل ثلاثة واحدا ، واختار الولي قتلهم ، أدّى إليهم ديتين يقتسمونها بينهم بالسّوية.

ولو قتل اثنين أدّى الثالث ثلث الدّية إليهما ، ويردّ الوليّ ثلثي الدّية.

ولو قتل واحدا أدّى الباقيان إلى ورثته ثلثي الدية ، ولا شي‌ء على الوليّ.

ولو طلب الدّية كانت عليهم بالسّوية إن اتّفقوا على أدائها.

٧٠٠٦. الثاني : تتحقّق الشركة بأن يفعل كلّ منهم ما يقتل لو انفرد ، أو ما يكون له شركة في السراية مع القصد إلى الجناية ، وليس التّساوي في السّبب شرطا ، فلو جرح أحدهما مائة جرح والاخر جرحا واحدا ، وسرى الجميع إلى النّفس ، تساويا في القصاص ، فلو قتلهما الوليّ ردّ إلى ورثتهما دية كاملة ، بينهما بالسّوية.

ولو قتل أحدهما ردّ الاخر على ورثته نصف الدّية.

ولو تراضوا بالدّية كانت عليهما بالسّوية ، وكذا لو كان الجرحان

٤٣٥

خطأ ، كانت الدية عليهما نصفين ، وكذا لو جرحه أحدهما موضحة والاخر مأمومة (١) أو جائفة فمات من الجرحين.

٧٠٠٧. الثالث : لو اشترك الجماعة في الجناية على الطّرف ، اقتصّ منهم ، وردّ المجنيّ عليه ما فضل لكلّ واحد منهم عن جنايته ، فلو قطع ثلاثة يد واحد كان للمجنيّ عليه قطع يد الثلاثة ، ويردّ عليهم دية يدين يقتسمونها بينهم بالسّوية ، وله قطع يد اثنين ، ويردّ الثّالث عليهما ثلث دية اليد ، ويردّ المجنيّ عليه عليهما ثلثي دية يد ، وله قطع يد واحدة ، ويردّ الآخران على المقتصّ منه ثلثي دية يده.

ولو طلب المجنيّ عليه الدّية كانت عليهم أثلاثا ، وكذا البحث لو كان الجاني أكثر من ثلاثة.

وتتحقّق الشّركة بصدور الفعل عنهم أجمع ، إمّا بأن يشهدوا عليه بما يوجب قطع يده ثمّ يرجعوا ، أو يكرهوا إنسانا على قطعه ، أو يلقوا صخرة على طرفه فتقطعه ، أو يضعوا حديدة على المفصل ويعتمدوا عليها جميعا ، أو يمدّوها فتبين.

ولو قطع كل واحد منهم جزءا من يده ، لم يقطع يد أحدهم ، وكذا لو قطع كلّ واحد منهم من جانب ، أو جعل أحدهم آلته فوق يده ، والاخر تحت يده ، واعتمدا حتّى التقتا ، فلا قطع على واحد منهما ، بل على كلّ واحد القصاص في جنايته ، لانفراد كلّ واحد منهما بجنايته.

وكذا لو وضعوا منشارا على مفصله ثمّ مدّه كلّ واحد مرّة بانت اليد ، لأنّ

__________________

(١) في «ب» : والاخر دامية.

٤٣٦

كلّ واحد لم يقطع اليد ، ولم يشارك في قطع الجميع ، وكلّ موضع يمكن الاقتصاص منهم بمفرده وجب.

٧٠٠٨. الرابع : لو اشترك الأب والأجنبيّ في قتل الولد ، وجب القصاص على الأجنبيّ دون الأب ، ولا يسقط القود عن الأجنبيّ لمشاركة الأب ، ثمّ يردّ الأب على الأجنبيّ نصف الدّية ، وكذا لو اشترك الصبيّ والبالغ والمجنون والعاقل والحرّ والعبد في قتل العبد ، فإنّ القصاص لا يسقط عن البالغ ولا عن العاقل ولا عن العبد بمشاركة الصّبيّ أو المجنون أو الحرّ ، ويضمن هؤلاء الثّلاثة نصف الدّية يؤدّونها إلى المقتول قصاصا.

ولو عفا الوليّ عن أحد القاتلين إمّا على الدية (١) أو مطلقا لم يسقط القصاص عن الاخر ، وكذا لو قتله اثنان أحدهما تعمّدا والاخر خطأ ، فإنّ القصاص يجب على العامد ، ويؤدّي عاقلة المخطئ إليه نصف الدّية.

ويقتل شريك نفسه وشريك السّبع بعد أن يردّ عليه نصف الدّية.

٧٠٠٩. الخامس : لو اشترك في قتل الرّجل امرأتان ، قتلتا به ، ولا ردّ ، إذ لا فاضل لهما عن ديته ، ولو قتله أكثر من اثنتين قتلن به جمع وردّ الوليّ إليهنّ فاضل دياتهنّ عن دية المقتول ، فلو كان القاتل ثلاث نسوة ، فاختار الوليّ قتل الجميع ، قتلهنّ وأدّى إليهنّ دية امرأة بينهنّ بالسّوية ، وله قتل اثنتين ، فتؤدّي الثالثة إليهما ثلث دية الرّجل ، وله قتل واحدة وتردّ على ورثتها الباقيتان ثلث ديتها ، ويرجع الوليّ عليهما بنصف دية الرّجل.

__________________

(١) في «ب» : إمّا إلى الدّية.

٤٣٧

ولو تفاوتت النّسوة في الدية وقتلهنّ الوليّ ، أكمل لكلّ واحدة ديتها بعد وضع أرش جنايتها.

٧٠١٠. السّادس : لو اشترك رجل وامرأة في قتل رجل ، فللوليّ قتلهما معا ، ويؤدّي إلى ورثة الرّجل نصف ديته ، ولو قتل الرّجل خاصّة ، فتؤدّي المرأة إلى ورثته ديتها ، وله قتل المرأة ، ويأخذ من الرّجل نصف ديته ، ولو اصطلحوا على الدّية ، كانت على الرّجل والمرأة نصفين.

قال المفيد رحمه‌الله لو قتلهما الوليّ ردّ نصف دية الرّجل على أولياء الرّجل وأولياء المرأة أثلاثا (١) ، وقال الشيخ رحمه‌الله : إذا قتلوا الرّجل خاصّة ، ردّت المرأة عليه نصف ديتها ، ألفين وخمسمائة درهم (٢) وكلاهما غير معتمد.

٧٠١١. السّابع : لو اشترك حرّ وعبد في قتل حرّ ، كان للوليّ قتلهما معا ، ثمّ إن كانت قيمة العبد أكثر من نصف الدية ، ردّ أولياء المقتول إلى مولاه الفاضل ما لم تتجاوز قيمته دية الحرّ فيردّ إليها ، ويردّون إلى أولياء الحرّ نصف ديته.

ولو قتلوا الحرّ خاصّة أدّى مولى العبد إلى ورثته نصف ديته ، أو يسلّم من العبد إليهم بقدر جنايته ، ويشترك ورثة الحرّ ومولاه فيه ، وليس لورثة الحرّ قتله.

ولو قتلوا العبد خاصّة ، كان على الحرّ نصف الدّية ، يأخذ منهما المولى ما فضل له من قيمة عبده عن أرش جنايته ، والباقي إن فضل فضل للوليّ ، وإن كانت قيمة العبد أقلّ من أرش جنايته ، وهو نصف الدّية أو بقدره ، ثمّ اختار وليّ

__________________

(١) المقنعة : ٧٥٢.

(٢) النهاية : ٧٤٥.

٤٣٨

المقتول قتلهما قتلهما وأدّى إلى ورثة الحرّ نصف ديته ، وليس له الرّجوع على مولى العبد بالتفاوت من قيمته وأرش جنايته لو كانت القيمة أقلّ.

ولو قتل الوليّ الحرّ تخيّر المولى بين فكّ العبد بأرش جنايته يسلّمه إلى ورثة الحرّ ، وبين دفع العبد إلى ورثة الحرّ ليسترقّوه.

وإن قتل الوليّ العبد خاصّة ، رجع على ورثة الحرّ بنصف الدّية إن رضي الجاني بالدّية ، هذا أجود ما قيل في هذا الباب.

وقال في النهاية : لو اختار الوليّ قتلهما قتلهما وأدّى إلى سيّد العبد ثمنه ، وإن قتل العبد لم يكن لمولاه على الحرّ سبيل. (١)

٧٠١٢. الثّامن : لو اشترك عبد وامرأة في قتل حرّ فللوليّ قتلهما ، ثمّ إن زادت قيمة العبد على نصف الدّية ، ردّ الوليّ الزائد إلى مولاه ما لم يتجاوز دية الحرّ فيردّ إليها ، وإن لم تزد قيمة العبد على النصف لم يكن لمولاه شي‌ء ولا لورثة المرأة.

ولو قتل المرأة الوليّ ، استرقّ العبد إن ساوت قيمته أرش الجناية ، أو استرقّ ما يساوي القيمة.

ولو قتل العبد ، فإن كانت قيمته نصف الدّية أو أقلّ ، لم يكن لمولاه شي‌ء ، ويرجع الوليّ على المرأة بنصف الدّية إن رضيت بأدائها ، وإن كانت قيمة العبد أكثر من نصف الدّية ، ردّت المرأة على مولاه الفاضل ما لم يتجاوز دية الحرّ فيردّ إليها ، ولو فضل من أرش جنايته عن قيمته شي‌ء كان الفاضل للوليّ.

__________________

(١) النهاية : ٧٤٥.

٤٣٩

٧٠١٣. التاسع : كلّ موضع يجب الردّ على الوليّ فإنّه يقدّم على الاستيفاء.

٧٠١٤. العاشر : لو قتل جماعة من العبيد رجلا حرّا عمدا ، تخيّر الوليّ في القتل والاسترقاق ، فإن قتل الجميع ، وفضلت قيمتهم عن ديته ، ردّ الفاضل ، فإن تساووا في القيم تساووا في الرّد ، وإن تفاضلوا ردّ على كلّ واحد منهم ما فضل من قيمته عن أرش جنايته ، ولو فضل لبعض اختصّ بالردّ دون الباقي.

ولو استرقّ الجميع ولم يكن هناك فضل ، فلا شي‌ء لمواليهم ، وإلّا كان لصاحب الفضل من عبده بقدر ما فضل من قيمته عن أرش جنايته ، وكذا التفصيل لو قتلوا امرأة أو عبدا.

وللوليّ قتل البعض ، فإن تساوت قيمتهم دية الحرّ أو دية المرأة أو قيمة العبد ، كان لمواليهم الرّجوع إلى موالي المعفوّ عنهم بقدر نصيبهم من الأرش ، أو يسلّموا العبيد إليهم.

وإن قتلوا من قيمته أكثر من الدّية ردّ الولي الفاضل على مواليهم ، وكان لمواليهم الرجوع على الموالي الآخر بقدر جنايات عبيدهم ، أو يسلّمونهم ، أو ما يقوم مقام أرش جناياتهم (١) للاسترقاق.

وإن قتلوا من قيمته أقلّ ، كان لهم الرّجوع بالباقي من الدّية على موالي الباقين ، أو يدفعون العبيد أو ما يساوي الباقي من الدّية إليهم.

__________________

(١) في «أ» : جنايتهم.

٤٤٠