تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٢

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٢

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-66-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٠١

١
٢

٣

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)

التوبة : ١٢٢

٤

المقصد العاشر : في بقيّة أفعال الحجّ

وفيه فصول

[الفصل] الأوّل : في زيارة البيت

وفيه ثمانية مباحث :

٢٢١٥. الأوّل : إذا قضى الحاجّ مناسكه بمنى ، من الرمي والذبح والحلق أو التقصير ، رجع إلى مكّة وطاف طواف الزيارة إمّا يوم النحر أو في غده للمتمتّع ، ولا يجوز له التأخير عن ذلك. ويجوز للقارن والمفرد.

٢٢١٦. الثاني : هذا الطواف ركن في الحجّ يبطل بالإخلال به عمدا ، وله وقتان : وقت فضيلة ، وهو يوم النحر بعد أداء مناسك منى ، ووقت إجزاء ، وآخره اليوم الثاني من أيّام النحر للمتمتّع ، فلا يجوز التأخير عنه ، فلو أخّره عنه أثم ولا كفّارة عليه ، وطوافه صحيح.

ويجوز للقارن والمفرد تأخيره مع السعي إلى آخر ذي الحجّة لكن الأفضل المبادرة كالمتمتّع.

٥

٢٢١٧. الثالث : يستحبّ لمن أراد زيارة البيت أن يفعل كما فعل يوم قدومه ، من الغسل وتقليم الأظفار وأخذ الشارب والدعاء وغير ذلك من الوظائف ، ولا بأس أن يغتسل من منى ، ويطوف بذلك الغسل ، وكذا يغتسل نهارا ويطوف ليلا ، ما لم ينقضه بحدث أو نوم ، فإن نقضه أعاده استحبابا ، ويستحبّ للمرأة الغسل كما يستحب للرجل.

ويدعو عند باب المسجد ، ويأتي الحجر الأسود فيستلمه ويقبّله ، فإن لم يستطع استلمه بيده وقبّل يده ، فإن لم يتمكّن استقبله وكبّر. وقال (١) ما ذكرناه أوّلا ، ثمّ يطوف واجبا سبعة أشواط ، ويبدأ بالحجر ، ويختم به ، ثمّ يصلّي ركعتين في المقام واجبا ، ثمّ يرجع إلى الحجر ، فاستلمه إن استطاع ، وإلّا استقبله وكبّر مستحبا ، ثمّ يخرج إلى الصفا واجبا للسعي ، فيصنع كما صنع يوم دخل مكّة ، ثمّ يسعى سبعة أشواط ، يبدأ بالصفا ، ويختم بالمروة ، فإذا فعل ذلك ، فقد أحلّ من كلّ شي‌ء ، إلّا النساء ، ثمّ يرجع إلى البيت ، فيطوف طواف النساء اسبوعا ، يبدأ بالحجر ويختم به واجبا ، ثمّ يصلّي ركعتيه في المقام واجبا ، وقد حلّ له كلّ شي‌ء.

٢٢١٨. الرابع : يجب في طواف الزيارة النية.

٢٢١٩. الخامس : سعي الحجّ واجب فيه وركن.

٢٢٢٠. السادس : قد بيّنا انّ التحلّل الثاني يقع عند طواف الزيارة ، وهل يشترط فيه السعي؟ الأقرب العدم.

٢٢٢١. السابع : طواف النساء واجب على الرجال والنساء والخناثى

__________________

(١) قال الحاج الدعاء المأثور الّذي تقدم.

٦

والخصيان من البالغين وغيرهم ، العبد والحرّ ، سواء في الحجّ والعمرة المفردة ، فلو ترك طواف النساء ناسيا حرمن عليه ، ووجب عليه العود والطواف مع المكنة ، فإن لم يتمكّن من الرجوع ، أمر من يطوف عنه طواف النساء ، وقد حللن له ، ولو مات ولم يكن قد طاف ، قضاه وليّه عنه.

٢٢٢٢. الثامن : قد وردت رخصة في جواز تقديم الطواف والسعي على الخروج إلى منى وعرفات.

الفصل الثاني : في الرجوع إلى منى

وفيه خمسة مباحث :

٢٢٢٣. الأوّل : إذا قضى الحاجّ مناسكه بمكّة ، من طواف الحجّ وسعيه وطواف النساء وركعات الطوافين ، وجب عليه العود يوم النحر إلى منى والمبيت بها ليالي التشريق ـ وهي : ليلة الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر ـ ويسقط ليلة الثالث عشر بالنفر يوم الثاني عشر قبل الغروب.

ولو ترك المبيت بمنى وجب عليه عن كلّ ليلة شاة إلّا أن يخرج من منى بعد نصف الليل.

قيل : يشترط أن لا يدخل مكة الّا بعد طلوع الفجر ، أو يبيت بمكّة مشتغلا بالعبادة (١).

__________________

(١) الخلاف : ٢ / ٣٥٨ ، المسألة ١٩٠ من كتاب الحجّ ؛ المبسوط : ١ / ٣٧٨.

٧

٢٢٢٤. الثاني : يجوز النفر في اليوم الثاني من أيّام التشريق ، فلا يجب المبيت ليلة الثالث عشر ، ولا كفّارة لو أخلّ بها ، ولو أخلّ بالمبيت في الليالي الثلاث ، للشيخ قولان : أحدهما وجوب ثلاثة شياه والثاني ، شاتان.

ولو بات بغير مكّة وجبت الكفارة وإن كان مشتغلا بالعبادة ، وكذا لو بات بمكّة غير مشتغل بالعبادة.

٢٢٢٥. الثالث : الواجب الكون بمنى ، ولا يجب عليه في الليل ما يزيد على سائر الأوقات.

٢٢٢٦. الرابع : يجوز له أن يأتي مكّة أيّام منى لزيارة البيت تطوّعا ، وإن كان الأفضل المقام بها إلى انقضاء أيّام التشريق ، وإذا جاء إلى مكّة وجب الرجوع إلى منى للمبيت بها.

٢٢٢٧. الخامس : رخّص للرعاة المبيت في منازلهم ، وترك المبيت بمنى ما لم تغرب الشمس عليهم بمنى ، فانّه يلزمهم المبيت بها ، وكذا يجوز لأهل سقاية العباس ، ترك المبيت بمنى ، وإن غربت الشمس ، وكذا لغيرهم ممّن شاركهم في الضرورة ، كمن له عنده (١) مريض يحتاج إلى المبيت عنده ، أو من له مال يخاف ضياعه بمكّة.

__________________

(١) كذا في النسختين والظاهر زيادة لفظة «عنده».

٨

الفصل الثالث : في الرمي

وفيه أحد عشر بحثا :

٢٢٢٨. الأوّل : يجب عليه أن يرمي في كلّ يوم من أيّام التشريق ، الجمار الثلاث ، كلّ جمرة بسبع حصيات.

وأوّل الرمي يوم النحر ، وهو مختص برمي جمرة العقبة بسبع حصيات ، وفي الحادي عشر وهو أوّل أيّام التشريق يجب رمي الجمار الثلاث ، كلّ جمرة بسبع حصيات وكذا في الثاني عشر والثالث عشر إن لم ينفر في الأوّل.

يبدأ بالرمي من الجمرة الأولى ، وهي أبعد الجمرات من مكّة ، وليرمها (١) عن يسارها من بطن الميل بسبع حصيات يرمهنّ خذفا (٢) يكبّر مع كل حصاة ، ويدعو ، ثمّ يقوم عن يسار الطريق ، ويستقبل القبلة ، ويحمد الله ، ويثني عليه ، ويصلّي على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ ليتقدّم قليلا ، ويدعو ويسأله القبول ، ثم يتقدّم ويرمي الجمرة الثانية ، ويصنع عندها كما صنع أوّلا ، ويقف ويدعو بعد الحصاة السابعة ، ثمّ يمضي إلى الثالثة ، وهي جمرة العقبة ، فيختم به الرمي ، ولا يقف عندها.

٢٢٢٩. الثاني : وقت الرمي في الأيّام كلّها من طلوع الشمس إلى غروبها ، وفي

__________________

(١) في «ب» : لزمها.

(٢) قال في مجمع البحرين : قد جاء خذف الحصى في الحديث ، والمشهور في تفسيره أن تضع الحصاة على بطن إبهام يدك اليمنى وتدفعها بظفر السبابة.

٩

الخلاف لا يجوز إلّا بعد الزوال (١). وليس بمعتمد ، نعم الأفضل فعله عند الزوال. وقد رخّص للعليل والخائف والرعاة والعبيد الرمي ليلا للضرورة.

ولو نسي رمي بعض الجمرات أو جميعها حتّى غربت الشمس ، قضاه من الغد وجوبا ، ويستحبّ أن يرمي الذي لأمسه بكرة ، والذي ليومه عند الزوال ، ويجب الترتيب بين الفائت والحاضر ، فيرمي ما فاته أوّلا والّذي ليومه بعده ، فلو رمى ما ليومه أوّلا لم يصحّ.

ولو رمى جمرة واحدة بأربع عشرة حصيات (٢). سبعا ليومه وسبعا لأمسه بطلت الأولى وكانت الثانية لأمسه ، ولو فاته رمي يومين قضاه يوم الثالث مرتّبا على ما قلناه ، ولا شي‌ء عليه ، ولو فاته حصاة أو حصاتان أو ثلاث قضاها ، ولو خرجت أيّام التشريق لم يكن عليه شي‌ء وإن قضاها في القابل كان أحوط.

٢٢٣٠. الثالث : الترتيب في الجمرات واجب ، فلو بدأ بجمرة العقبة ثمّ الوسطى ثمّ الأولى ، أعاد على الوسطى ثمّ جمرة العقبة ، وكذا لو بدأ بالوسطى ، ولو بدأ بجمرة العقبة ثمّ الأولى ثمّ الوسطى ، أعاد على جمرة العقبة خاصّة.

٢٢٣١. الرابع : يجب أن يرمي كلّ جمرة بسبع حصيات ، فلو أخلّ بواحدة لم يجز. ولو أخل ناسيا أتمّ الناقص ، ويحصل الترتيب إذا أخلّ بثلاث حصيات فما دون ، ولو أخلّ بأربع فما زاد ، لم يحصل الترتيب (٣) فانّه يجب الإكمال والإعادة على ما بعدها.

__________________

(١) الخلاف : ٢ / ٣٥١ ، المسألة ١٧٦ من كتاب الحجّ.

(٢) كذا في النسختين والصحيح «حصاة».

(٣) في «ب» : بالترتيب.

١٠

ولو رمى ستّ حصيات وضاعت واحدة ، فليعدها وإن كان من الغد ، ولا يسقط وجوبها ولو علم أنّه أخلّ بحصاة ولم يعلم من أيّ الجمار هي ، رمى الثلاث بثلاث حصيات.

ويجب رمي كلّ جمرة بسبع مرّات ، فلو رمى السبع دفعة أو أقلّ من سبع مرّات لم يجز.

٢٢٣٢. الخامس : يجوز الرمي راكبا ، وماشيا أفضل ، ويستحبّ ان يضع الحصى (١) في كفّه ويأخذ منها ، ويرمي ويكبّر عند كل حصاة ويرميها ، والمقام بمنى أيّام التشريق ، وأن يرمي الجمرة الأولى عن يمينه ويقف ويدعو ، وكذا الثانية ، ويستدبر القبلة في الثالثة ويستقبلها ولا يقف عندها.

٢٢٣٣. السادس : يجوز أن يرمى عن العليل والمبطون والمغمى عليه والصبيّ ومن ماثلهم من المعذورين.

٢٢٣٤. السابع : لو نسي رمي الجمار كلّها في الأيّام بأجمعها حتّى جاء إلى مكّة وجب عليه الرجوع إلى منى وإعادة الرمي إن لم تخرج أيّام التشريق ، وإلّا قضاه من قابل ، أو يأمر من يقضي عنه ، ولا دم عليه ، ولو أخّر رمي جمرة العقبة يوم النحر ، أعادها يوم الثاني من أيام النحر (٢).

٢٢٣٥. الثامن : لو نسي النائب في الرمي كان حكمه حكم المنوب ، ولا يشترط في المريض كونه مأيوسا منه.

ويستحبّ للنائب عن المريض والصّبي وغيرهما أن يستأذنه ، وأن يضع

__________________

(١) في «ب» : الحصاة.

(٢) في «ب» : يوم الثاني من أيّام التشريق.

١١

المنوب الحصى في كفّ النائب ، وله أن يرمي عن المغمى عليه وإن لم يأذن له ، فلو زال عذر هؤلاء والوقت باق لم يجب عليهم الإعادة.

٢٢٣٦. التاسع : وقت قضاء الرمي بعد طلوع الشمس من اليوم الثاني.

٢٢٣٧. العاشر : يستحبّ التكبير بمنى أيّام التشريق عقيب خمس عشرة صلاة

وفي سائر الأمصار عقيب عشر ، أوّل الصلوات الظهر يوم النحر. وأوجبه المرتضى (١) ، ولا يستحبّ عقيب النوافل.

وصورته : الله اكبر الله اكبر (الله اكبر) (٢) لا إله إلّا الله والله أكبر على ما هدانا الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام.

٢٢٣٨. الحادي عشر : يستحبّ للإمام أن يخطب بعد الظهر يوم الثالث من أيّام النحر ، وهو الثاني من أيّام التشريق ، وهو النفر الأوّل ، فيودع الحاجّ ويعلّمهم تسويغ التعجيل لمن اتّقى.

الفصل الرابع : في النفر من منى

وفيه ثمانية مباحث :

٢٢٣٩. الأوّل : إذا رمى الحاج الجمار الثلاث في اليوم الأوّل من أيّام التشريق ، وفي الثاني منها ، جاز أن ينفر من منى ويسقط عنه رمي اليوم الثالث إن كان قد اتّقى النساء والصيد في إحرامه ، فلو جامع في إحرامه أو قتل صيدا فيه ، لم يجز له

__________________

(١) جمل العلم والعمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى : ٣ / ٤٥.

(٢) ما بين القوسين موجود في «أ».

١٢

النفر في الأوّل ، ووجب عليه المقام بمنى والنفر في الثاني.

٢٢٤٠. الثاني : لا فرق في جواز النفر في الأوّل بين أهل مكّة وغيرهم ممّن يريد المقام بمكّة أو لا يريد ، فيجوز للمكّي النفر في الأوّل وإن لم يكن له عذر ، ويجوز لمن أراد المقام بمكّة أن يتعجّل.

٢٢٤١. الثالث : النفر في الأوّل انّما يكون بعد الزوال ، فلا ينفر قبله إلّا لضرورة أو حاجة تدعوه ، ويجوز أن ينفر في الأخير قبل الزوال.

٢٢٤٢. الرابع : لو غربت الشمس في ثاني أيّام التشريق بمنى وجب المبيت بها وإن اتّقى ، أمّا لو دخل عليه وقت العصر فانّه يجوز أن ينفر في الأوّل ، ولو رحل من منى فغربت الشمس وهو راحل قبل انفصاله ، ففي وجوب المقام إشكال.

أمّا لو كان مشغولا بالتأهّب فغربت الشمس فالوجه لزوم المقام.

ولو رحل قبل الغروب ثمّ عاد لزيارة إنسان أو أخذ متاع ، لم يلزمه المقام ، فلو أقام هذا وبات ، فالأقرب وجوب الرمي عليه (١) ، وإذا نفر في الأوّل بعد الزوال ، جاز أن ينفذ رحله قبله.

٢٢٤٣. الخامس : يجوز لمن نفر في الأوّل إتيان مكّة والمقام بها ، ويستحبّ للإمام إذا نفر في الأخير أن ينفر قبل الزوال ، وأن يصلّي الظهر بمكّة ، ليعلم الناس كيفيّة الوداع.

ويجوز للإنسان المقام بمنى بعد النفر أو يذهب حيث شاء ، لكنّ

__________________

(١) في «ب» : وجوب رمي الثالث عليه.

١٣

المستحبّ العود إلى مكّة للوداع.

٢٢٤٤. السادس : إذا نفر في الأوّل دفن حصى اليوم الثالث بمنى استحبابا.

٢٢٤٥. السابع : يستحبّ للحاجّ أن يصلّي في مسجد الخيف بمنى مدّة مقامه بها ، وكان مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند المنارة الّتي في وسط المسجد ، وفوقها إلى القبلة نحوا من ثلاثين ذراعا ، وعن يمينها ويسارها مثل ذلك ، فمن استطاع أن يكون مصلّاه فيه فليفعل.

ويستحبّ أن يصلّي ستّ ركعات به.

٢٢٤٦. الثامن : يستحبّ لمن نفر في الثاني خاصّة أن يأتي المحصّب ويصلّي في مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ويستريح فيه قليلا ، ويستلقي على قفاه ، وليس للمسجد أثر اليوم ، وانّما المستحبّ النزول بالمحصّب والاستراحة فيه ، وحدّ المحصّب من الأبطح ما بين الجبلين إلى المقبرة ، وسمّي محصّبا لاجتماع الحصى فيه ، وهي الحصى التي يحملها السيل من الجمار إليه.

الفصل الخامس : في طواف الوداع

وفيه ثمانية أبحاث :

٢٢٤٧. الأوّل : إذا قضى الحاجّ مناسكه بمنى استحبّ له العود إلى مكّة لطواف الوداع ، ويستحبّ له دخول الكعبة ، ويتأكّد للصرورة ، ويغتسل لدخولها ، ويتحفّى ، ويدعو ، ويصلّي بين الاسطوانتين على الرخامة الحمراء ركعتين ، يقرأ

١٤

في الأولى منهما حم السجدة ، وفي الثانية عدد آيها ، ثمّ ليصلّي (١) في زوايا الكعبة كلّها ، ثم يقوم فيستقبل الحائط بين الركن اليماني والغربي يرفع يديه عليه ويلتصق به ، ويدعو ، ثمّ يتحوّل إلى الركن اليماني. فيفعل به مثل ذلك ، ثمّ يفعل ذلك بباقي الأركان ، ثم ليخرج.

٢٢٤٨. الثاني : تكره الفريضة جوف الكعبة ، ولا بأس بالنافلة.

٢٢٤٩. الثالث : يستحبّ الدعاء عند الخروج بالمنقول.

٢٢٥٠. الرابع : يستحبّ لمن أراد الخروج من مكة بعد قضاء المناسك طواف الوداع سبعة أشواط وصلاة ركعتين ، ولو نوى الإقامة فالأقرب انّه لا وداع عليه.

٢٢٥١. الخامس : طواف الوداع مستحبّ ، لا يجب بتركه دم ، ووقته بعد الفراغ من جميع حوائجه ، ليكون البيت آخر عهده.

٢٢٥٢. السادس : لو كان منزله في الحرم استحبّ له الوداع ، ولو أخّر طواف الزيارة حتّى يخرج ، لم يسقط استحباب طواف الوداع ، ولو خرج ولم يودّع لم يكن عليه شي‌ء ، فإن رجع للتوديع جاز ، فإن كان قد تجاوز الميقات ، وجب عليه الإحرام إذا وصل إلى الميقات وطواف العمرة لإحرامه وسعيها ، ولا يجب طواف الوداع ، وإن كان قد خرج من الحرم ولم يصل إلى الميقات ، أحرم من موضعه ، وإن لم يخرج من الحرم ، لم يجب عليه العمرة.

٢٢٥٣. السابع : الحائض والنفساء لا وداع عليهما ، ولا فدية عنه ، بل يستحبّ لها أن تودّع من أدنى باب من أبواب المسجد ، ولا تدخله إجماعا ، ويستحبّ

__________________

(١) في «ب» : ليقبل.

١٥

للمستحاضة ، ولو عدمت الماء تيمّمت وطافت كما تفعل في الصلاة.

٢٢٥٤. الثامن : يستحبّ له أن يشرب من زمزم ، وأن يشتري بدرهم تمرا ، ويتصدق به كفّارة لما دخل عليه (١) في حال الإحرام من فعل محرّم أو مكروه.

__________________

(١) في «أ» : «لمن دخل عليه» والصحيح ما في المتن.

١٦

المقصد الحادي عشر : في تروك الإحرام

وفيه فصول

[الفصل] الأوّل : في ما يجب اجتنابه

يجب على المحرم اجتناب عشرين شيئا :

صيد البرّ ، والنساء ، والطيب ، ولبس المخيط للرجال ، والاكتحال بالسواد وبما فيه طيب ، والنظر في المرآة ، ولبس الخفين وما يستر ظهر القدم ، والفسوق وهو الكذب ، والجدال وهو قول : لا والله وبلى والله ، وقتل هوامّ الجسد ، ولبس الخاتم للزينة ، ولبس المرأة الحلّي للزينة وما لم يعتدّ لبسه منه ، واستعمال دهن فيه طيب ، وإزالة الشعر ، وتغطية الرأس ، والتظليل سائرا ، وإخراج الدم ، وقصّ الأظفار ، وقطع الشجر والحشيش ، وتغسيل المحرم الميت بالكافور ، ولبس السلاح.

١٧

الأوّل : الصيد

وفيه أربعة وعشرون بحثا :

٢٢٥٥. الأوّل : الصيد حرام على المحرم (١) في حجّ كان أو في عمرة ، واجبين كانا أو نفلين ، صحيحين كانا أو فاسدين.

٢٢٥٦. الثاني : صيد الحرم حرام على المحلّ والمحرم ، وصيد الحلّ حرام على المحرم خاصّة.

٢٢٥٧. الثالث : المراد بالصيد الحيوان الممتنع ، وقيل : بشرط أن يكون حلالا (٢).

٢٢٥٨. الرابع : يضمن المحرم الصيد ، سواء كان في الحل أو الحرم ، وكذا المحلّ يضمنه في الحرم ، وكلّ ما يحرم ويضمن في الإحرام يحرم ويضمن في الحرم للمحلّ إلّا القمّل والبراغيث ، فإنّ قتلهما حال الإحرام حرام ولا يحرم على المحلّ في الحرم.

٢٢٥٩. الخامس : لا يحرم شي‌ء من الحيوان الأهلي في الحرم ، لا للمحلّ ولا للمحرم ، ولا الدجاج وإن كان حبشيا.

٢٢٦٠. السادس : لا كفّارة في قتل السباع ، طائرة كانت كالبازي والصقر ، أو ماشية كالفهد والنمر ، إلّا الأسد ، فانّ أصحابنا رووا انّ في قتله كبشا إذا لم يرده ولو أراده فلا شي‌ء (٣).

__________________

(١) في «ب» : على كل محرم.

(٢) أي مأكولا كما في المغني لابن قدامة : ٣ / ٢٨٤.

(٣) لاحظ التهذيب : ٥ / ٣٦٦ ، رقم الحديث : ١٢٧٥.

١٨

ولا كفارة في الضبع ولا المتولّد منه ومن الذئب ، ويراعى في المتولّد بين الوحشي والإنسي الاسم. ويرمي الغراب رميا ، وكذا الحدأة (١) والزنبور. لا كفّارة في قتله خطاء ، وفي العمد يتصدّق بشي‌ء من الطعام ، ويجوز إخراج ما أدخله إلى الحرم أسيرا من السباع.

٢٢٦١. السابع : الجراد من صيد البرّ يحرم قتله على المحرم مطلقا

والمحلّ في الحرم.

٢٢٦٢. الثامن : انّما يحرم صيد البرّ خاصّة ، أمّا صيد البحر فإنّه حلال ولا فدية في أكله بالإجماع ، والمراد بصيد البحر ، ما يعيش في الماء ، ويبيض فيه ، ويفرخ ، كالسمك ممّا يحلّ ، والسلحفاة والسرطان ونحوهما ممّا يحرم.

ولو كان ممّا يعيش في البرّ والبحر ، اعتبر بالبيض والفرخ ، فإن كان يبيض ويفرخ في الماء ، فهو بحريّ ، وإلّا فبرّيّ. وأمّا طير الماء كالبط وشبهه ، فإنّه برّيّ ، لأنّه يبيض ويفرخ فيه ، ولو كان لجنس من الحيوان نوعان برّيّ وبحريّ ، فلكلّ نوع حكم نفسه.

٢٢٦٣. التاسع : صيد البرّ حرام اصطياده وذبحه والأكل منه والإشارة إليه والدلالة والإغلاق عليه ، وكذا فرخه وبيضه ، ولا يحلّ الإعانة على الصيد ، ولو تشارك محرمان وجب على كلّ منهما جزاء كامل.

ولو دلّ المحرم عليه فقتل ضمنه أجمع وإن كان القاتل محلّا ، ولا فرق بين كون المدلول عليه ظاهرا أو خفيّا ، أمّا لو رأى المدلول الصيد قبل الدلالة أو

__________________

(١) في مجمع البحرين : الحدأة ـ كعنبة ـ : طائر خبيث.

١٩

الإشارة ، فالأقرب عدم تعلّق الضمان به ، وكذا لو فعل فعلا عند رؤية الصيد ، كما لو ضحك أو أشرف (١) على الصيد ، فرآه غيره وفطن للصيد فصاده.

٢٢٦٤. العاشر : لو كان الدالّ محرما والمدلول محلّا في الحلّ ، فالجزاء كلّه على المحرم ، ولو كان في الحرم فعلى كلّ منهما جزاء كامل ، ولو كان الدالّ محلّا والمدلول محرما أو محلّا في الحرم ، ضمنه المدلول كملا ، وهل يضمن الدالّ؟ فيه نظر.

ولو كان الدالّ محلّا والمدلول محرما في الحلّ ، ضمنه المحرم ، وفي ضمان الدالّ إشكال.

٢٢٦٥. الحادي عشر : لو أعار قاتل الصيد سلاحا ، فقتله به ، قال الشيخ رحمه‌الله : لا نصّ لأصحابنا فيه (٢).

والأقرب عندي عدم الضمان إن أعاره ما هو مستغن عنه ، كأن يعيره رمحا ومعه رمح ، والضمان إن أعاره ما لا يتمّ القتل إلّا به.

ولو أعاره آلة ليستعملها في غير الصيد فصاد بها ، فلا ضمان على المعير قطعا.

٢٢٦٦. الثاني عشر : صيد الحرم يضمن بالدلالة والإشارة كصيد الإحرام ، سواء كان في الحلّ أو في الحرم.

٢٢٦٧. الثالث عشر : لو صاد المحرم صيدا ، لم يملكه إجماعا ، ولو كان

__________________

(١) في «ب» : أو يشرف.

(٢) الخلاف : ٢ / ٤٠٦ ، المسألة ٢٧٥ من كتاب الحجّ.

٢٠